ستيفانيك الطموحة تراجعت عن مواقفها المعتدلة لأجل طموحاتها السياسية

كمالا هاريس (آ ب)
كمالا هاريس (آ ب)
TT

ستيفانيك الطموحة تراجعت عن مواقفها المعتدلة لأجل طموحاتها السياسية

كمالا هاريس (آ ب)
كمالا هاريس (آ ب)

مواقف النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك من إسرائيل، ولا سيما بعد «هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)» عزّزت تحوّلها إلى شخصية مفضّلة عند الرئيس السابق دونالد ترمب، غير أن قدرتها على نشر الأخبار حول القضايا الرئيسة التي يروّج لها ترمب في حملته الانتخابية لعبت أيضاً دوراً كبيراً في صعودها السياسي.

اليوم، يرى البعض أن اختيار ترمب امرأة لشغل منصب نائب الرئيس قد يكون أمراً محتملاً بمواجهة نائبة الرئيس الحالية كمالا هاريس. فخيار كهذا يمكن أن يعزّز شعبيته في أوساط النساء اللواتي يشكلن أكبر كتلة تصويتية ملتزمة، وتقليل الأخطار التي ترتّبت عن إلغاء الحق في الإجهاض، الذي يعد واحداً من أبرز القضايا التي يحرّض عليها الديمقراطيون.

موقف ستيفانيك من هذه القضية يتطابق إلى حد كبير مع موقف ترمب. فهي تعارض الإجهاض، لكنها تقول إن على الحزب الجمهوري أن يكون أكثر تفهماً للمواقف الأخرى بشأن هذه القضية. وهي تعارض تمويل دافعي الضرائب للإجهاض، وتؤيد مطالبة خطط التأمين الصحي بالكشف عما إذا كانت تغطيه أم لا. وهي كذلك تدعم التشريعات التي من شأنها حظر الإجهاض بعد 15 أسبوعاً من الحمل مع استثناءات للاغتصاب وسفاح القربى أو لحماية حياة المرأة الحامل.

تاكر كارلسون (آ ب)

من جهة ثانية، كانت ستيفانيك قد جذبت الانتباه خلال مقابلة تلفزيونية عندما رددت ادعاءات ترمب الذي دعا إلى إعادة إجراء انتخابات الرئاسة في يناير (كانون الثاني) 2021. وبعد فوز بايدن، ورفض ترمب التنازل وتقديمه ادعاءات بالاحتيال، ساعدته ستيفانيك في جهوده لإلغاء نتائج الانتخابات. وقدّمت ادعاءات كاذبة عن الاحتيال، زاعمة من بين أمور أخرى أن «أكثر من 140 ألف صوت جاءت من ناخبين دون السن القانونية والمتوفين والناخبين غير المصرح لهم» في مقاطعة فولتون بولاية جورجيا.

أيضاً أعربت ستيفانيك عن «مخاوفها» في قضية أجهزة التصويت التي تقدّمها شركة «دومينيون»، والتي فازت فيها الشركة بتعويضات ضخمة، أبرزها من محطة «فوكس نيوز»، والتي روّج لها خصوصاً تاكر كارلسون، ما تسبّب في إقالته من المحطة.

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2020، أيّدت ستيفانيك الدعوى القضائية التي رفعتها ولاية تكساس ضد ولاية بنسلفانيا، في محاولة لعكس خسارة ترمب، من خلال تقديم التماس إلى المحكمة العليا الأميركية لرفض النتائج المعتمدة في ولايات ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن وجورجيا.

وبعدما اقتحم حشد من أنصار ترمب مبنى الكابيتول، أدانت ستيفانيك أعمال العنف، لكنها رفضت فكرة أن ترمب كان مخطئاً، وروّجت لـ«نظريات المؤامرة» حول «الانتخابات المسروقة»، وصوّتت ضد قبول أصوات بنسلفانيا الانتخابية. وفي وقت لاحق، أعربت عن معارضتها لعزل ترمب بسبب دوره المزعوم في التحريض على اقتحام مبنى الكابيتول، وصوّتت ضد إقالته الثانية في 13 يناير.

ولاء ستيفانيك الشديد ظهر أيضاً عندما نقلت المعركة إلى القضاة والمدّعين العامين الذين يلاحقون ترمب في قاعات المحاكم في القضايا الجنائية الأربع. إذ طاردت النائبة الجمهورية البارزة خلال الأشهر الأخيرة القاضي الفيدرالي الذي أشرف على هيئة المحلفين الكبرى وترأس قضية الاحتيال المدني في نيويورك، التي صدر الحكم فيها أخيراً ضد ترمب، ورفعت دعوى ضده. وأيضاً دعت وزير العدل ميريك غارلاند إلى التحقيق مع مايكل كوهين، مساعد ترمب السابق والشاهد الأبرز في القضية التي عرفت بـ«أموال الصمت» التي دفعت لممثلة أفلام إباحية.

مايكل كوهين (آ ب)

المراقبون يرون عروض الولاء هذه - بما في ذلك رفضها المصادقة على انتخابات رئاسية «غير دستورية» في عام 2020، و«ربما» في عام 2024، بحسب قولها - هي التي تُظهر مهارة ستيفانيك في اغتنام اللحظات لتعزيز مصالح ترمب والقضاء على أعدائه، ويبدو أنها اقتربت من تحقيقها قبل الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. أضف إلى ما سبق أن ثمة احتمالاً بأن تكون جذورها في ولاية نيويورك ونجاحها في الفوز في منطقة صوتت مرتين لباراك أوباما، عامل جذب آخر... بينما يتطلع ترمب إلى استغلال تراجع شعبية بايدن لدى بعض الناخبين في هذه الولاية «الزرقاء» (أي الديمقراطية) تقليدياً.


مقالات ذات صلة

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

حصاد الأسبوع من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع دوما بوكو

دوما بوكو... رئيس بوتسوانا «العنيد» يواجه تحديات «البطالة والتمرد»

لا يختلف متابعو ملفات انتقال السلطة في أفريقيا، على أن العناد مفتاح سحري لشخصية المحامي والحقوقي اليساري دوما بوكو (54 سنة)، الذي أصبح رئيساً لبوتسوانا،

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

خطفت بوتسوانا (بتشوانالاند سابقاً) أنظار العالم منذ أشهر باكتشاف ثاني أكبر ماسة في العالم، بيد أن أنظار المراقبين تخاطفت الإعجاب مبكراً بتلك الدولة الأفريقية

«الشرق الأوسط» ( القاهرة)
حصاد الأسبوع الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

ضاعف الرئيس التونسي قيس سعيّد فور أداء اليمين بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية، الاهتمام بالملفات الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية والتحذير من «المخاطر

كمال بن يونس (تونس)
حصاد الأسبوع جنود فرنسيون  في مالي (سلاح الجو الأميركي)

إضاءة على تراجع تأثير سياسة فرنسا الخارجية

بعد عقود من الحضور القوي للدبلوماسية الفرنسية في العالم، ورؤية استراتيجية وُصفت «بالتميز» و«الانفرادية»، بدأ الحديث عن تراجع في النفوذ

أنيسة مخالدي (باريس)

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها
TT

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

خطفت بوتسوانا (بتشوانالاند سابقاً) أنظار العالم منذ أشهر باكتشاف ثاني أكبر ماسة في العالم، بيد أن أنظار المراقبين تخاطفت الإعجاب مبكراً بتلك الدولة الأفريقية الحبيسة، بفضل نموذجها الديمقراطي النادر في قارتها، وأدائها الاقتصادي الصاعد.

قد يكون هذا الإعجاب سجل خفوتاً في مؤشراته، خصوصاً مع موجة ركود وبطالة اجتاحت البلاد منذ سنوات قليلة، إلا أنه يبحث عن استعادة البريق مع رئيس جديد منتخب ديمقراطياً.

على عكس الكثير من دول «القارة السمراء»، لم تودّع بوتسوانا حقبة الاستعمار عام 1966 بمتوالية ديكتاتوريات وانقلابات عسكرية، بل اختارت صندوق الاقتراع ليفرز برلماناً تختار أغلبيته الرئيس. وأظهر أربعة من زعماء بوتسوانا التزاماً نادراً بالتنحي عن السلطة بمجرد استكمال مدّد ولايتهم المنصوص عليها دستورياً، بدءاً من كيتوميلي ماسيري، الذي خلف «السير» سيريتسي خاما عند وفاته في منصبه بصفته أول رئيس لبوتسوانا. وهذا التقليد الذي يصفه «مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية» بأنه «مثير للإعجاب»، جنت بوتسوانا ثماره أخيراً بانتقال سلمي للسلطة إلى الحقوقي والمحامي اليساري المعارض دوما بوكو.

انتصار بوكو جاء بعد معركة شرسة مع الرئيس السابق موكغويتسي ماسيسي ومن خلفه الحزب الديمقراطي... الذي حكم البلاد لمدة قاربت ستة عقود.

ويبدو أن تجربة تأسيس الحزب الديمقراطي من زعماء قبائل ونُخَب أوروبية كانت العلامة الأهم في رسم المسار الديمقراطي لبوتسوانا، عبر ما يعرف بـ«الإدماج الناعم» لهؤلاء الزعماء القبليين في بنية الدولة. لكن المفارقة كانت «الدور الإيجابي للاستعمار في هذا الشأن»، وفق كلام كايلو موليفي مُستشار الديمقراطية في مكتب رئيس بوتسوانا السابق للإذاعة السويسرية. وتكمن كلمة السر هنا في «كغوتلا»، فبحسب موليفي، اختار البريطانيون الحُكم غير المُباشر، عبر تَرك السلطة للقادة القبليين لتسيير شؤون شعبهم، من دون التدخل بهياكل الحكم التقليدية القائمة.

نظام «كغوتلا» يقوم على «مجلس اجتماعي»، ويحق بموجبه لكل فرد التعبير عن نفسه، بينما يناط إلى زعيم القبيلة مسؤولية التوصل إلى القرارات المُجتمعية بتوافق الآراء. ووفق هذا التقدير، قاد التحالف البلاد إلى استقرار سياسي، مع أنه تعيش في بوتسوانا 4 قبائل أكبرها «التسوانا» - التي تشكل 80 في المائة من السكان وهي التي أعطت البلاد اسمها -، بجانب «الكالانغا» و«الباسار» و«الهرو».

وإلى جانب البنية الديمقراطية ودور القبيلة، كان للنشأة الحديثة للجيش البوتسواني في حضن الديمقراطية دور مؤثر في قطع الطريق أمام شهوة السلطة ورغباتها الانقلابية، بفضل تأسيسه في عام 1977 وإفلاته من صراعات مع الجيران في جنوب أفريقيا وزيمبابوي وناميبيا.

على الصعيد الاقتصادي، كان الاستعمار البريطاني سخياً – على نحو غير مقصود – مع بوتسوانا في تجربة الحكم، إلا أنه تركها 1966 سابع أفقر دولة بناتج محلي ضئيل وبنية تحتية متهالكة، أو قل شبه معدومة في بعض القطاعات.

مع هذا، انعكس التأسيس الديمقراطي، وفق محللين، على تجربة رئيسها الأول «السير» سيريتسي خاما؛ إذ مضى عكس اتجاه الرياح الأفريقية، منتهجاً نظام «رأسمالية الدولة»، واقتصاد السوق، إلى جانب حرب شنَّها ضد الفساد الإداري.

على صعيد موازٍ، أنعشت التجربة البوتسوانية تصدير اللحوم، كما عزّز اكتشاف احتياطيات مهمة من المعادن - لا سيما النحاس والماس - الاقتصاد البوتسواني؛ إذ تحتضن بلدة أورابا أكبر منجم للماس في العالم.

ثم إنه، خلال العقدين الأخيرين، جنت بوتسوانا - التي تغطي صحرء كالاهاري 70 في المائة من أرضها - ثمار سياسات اقتصادية واعدة؛ إذ قفز متوسط الدخل السنوي للمواطن البوتسواني إلى 16 ألف دولار أميركي مقابل 20 دولاراً، بإجمالي ناتج محلي بلغ 19.3 مليار دولار، وفق أرقام البنك الدولي. كذلك حازت مراكز متقدمة في محاربة الفساد بشهادة «منظمة الشفافية العالمية». ومع أن الرئيس البوتسواني المنتخب تسلم مهام منصبه هذا الأسبوع في ظل مستويات بطالة مرتفعة، وانكماش النشاط الاقتصادي المدفوع بانخفاض الطلب الخارجي على الماس، إلا أن رهان المتابعين يبقى قائماً على استعادة الماسة البوتسوانية بريقها.