أبعاد جيوسياسية لميناء تشابَهار والاتفاق الهندي ـ الإيراني

وسط اعتبارات المنافسة الصينية ومخاوف العقوبات الأميركية

ميناء تشابهار الإيراني محور التلاقي الهندي - الإيراني (كيهان لندن)
ميناء تشابهار الإيراني محور التلاقي الهندي - الإيراني (كيهان لندن)
TT

أبعاد جيوسياسية لميناء تشابَهار والاتفاق الهندي ـ الإيراني

ميناء تشابهار الإيراني محور التلاقي الهندي - الإيراني (كيهان لندن)
ميناء تشابهار الإيراني محور التلاقي الهندي - الإيراني (كيهان لندن)

بمواجهة الخوف من التعرض لعقوبات أميركية، وبعد سنوات من المفاوضات والانتكاسات، وقّعت الهند، أخيراً، اتفاقية طويلة الأمد مع إيران بخصوص تشغيل وإدارة ميناء تشابهار الإيراني ذي الأهمية الاستراتيجية. ولفتت الصفقة الأنظار على مستوى العالم، خاصة وأنها جاءت في توقيت حسّاس في غرب آسيا، مع استمرار الحرب في غزة دونما هوادة، وكذلك استمرار التوترات، بدرجة خطيرة، بين إسرائيل وإيران، ومقتل الرئيس الإيراني ووزير الخارجية في حادث طائرة مروحيّة؛ ما خلق تحديات على صعيد السياسة الداخلية الإيرانية. في الوقت ذاته، من الواضح أن تشابهار أكثر عن مجرد «ميناء اتصال» للهند، بل يحمل إمكانات تجارية واستراتيجية كبيرة. وقبل أسابيع قليلة، تعاونت كل من شركة «الهند للموانئ العالمية المحدودة» Indian Ports Global Limited و«منظمة الموانئ والملاحة البحرية» الإيرانية؛ لتمكين تشغيل ميناء شهيد بهشتي، في إطار مشروع تطوير ميناء تشابهار لمدة 10 سنوات. وهذه هي المرة الأولى التي تتولّى فيها الهند إدارة ميناء خارج أراضيها.

صورة أرشيفية لقاء الرئيسين الهندي أتال بيهاري فاجبايي والإيراني محمد خاتمي عام 2003 (غيتي)

يعود تاريخ بدء مشاركة الهند في تطوير ميناء تشابَهار الإيراني، الواقع عند مدخل خليج عُمان، وهو ميناء المياه العميقة الأول بإيران، إلى عام 2002. وفي العام التالي، زار الرئيس الإيراني (آنذاك) محمد خاتمي، نيودلهي ووقّع «خريطة طريق» للتعاون الاستراتيجي الثنائي مع نظيره الهندي أتال بيهاري فاجبايي. وبعد «الاتفاق الثلاثي» عام 2016 بين الهند وإيران وأفغانستان لتطوير ممر تجاري دولي يتضمّن تشابهار كنقطة عبور مركزية، كثّفت نيودلهي جهودها لتطوير الميناء. إلا أن ثمة عوامل جيوسياسية أدّت إلى تأخير تطوير الميناء، كان أبرزها توتّر العلاقات الإيرانية - الأميركية، والعقوبات الأميركية ضد طهران.

ولكن عبر الجهود الدبلوماسية، نجحت نيودلهي باقتناص استثناء من واشنطن يتيح لها تطوير تشابهار، وتنفيذ بضعة مشاريع بنى تحتية أخرى عام 2018. وبالفعل، أصدرت إدارة ترمب استثناءً عام 2018 يعفي التطوير من العقوبات الأميركية تسهيلاً للجهود الرامية إلى استخدام الميناء في جهود إعادة الإعمار بأفغانستان.

بعدها، عزّزت الهند التزامها تجاه تشابهار عبر مضاعفة ميزانية تطوير الميناء من 5.5 مليون دولار أميركي في 2020 - 2021 إلى 12.3 مليون دولار في 2022 - 2023. وفي تلميح إلى الصين، لاحظ الصحافي الهندي مانيش فايد أن الميناء «لا يقف فقط دليلاً على العلاقة التكافلية بين الهند وإيران، بل يُعد ايضاَ عنصراً مهماً في استراتيجية الهند الجيوسياسية والاقتصادية إقليمياً. إذ تسهم الاستراتيجية في تعزيز تواصل الهند مع الدول الأخرى وتجارتها ونفوذها، وتكون أيضاً ثقلاً موازناً للوجود المتزايد لقوى إقليمية وعالمية أخرى في المحيط الهندي وآسيا الوسطى».

«بوابة» أفغانستان وآسيا الوسطى

وحقاً، تتيح مشاركة الهند في تشابهار لها نفوذاً جيوسياسياً كبيراً؛ إذ يمكّن ميناؤها نيودلهي من التعامل مع إيران وأفغانستان ودول آسيا الوسطى، ودعم حساباتها للاستقرار الإقليمي.

كذلك يوفّر الميناء طريقاً تجارية بديلة وأكثر مباشرة للمنطقة، مقارنة بالطرق التقليدية المارّة عبر باكستان؛ ما يُعد أمراً حيوياً لمصالح الهند الاقتصادية والاستراتيجية في المنطقة. فمن تشابهار، تصل شبكة طرق إلى زرنج في أفغانستان. ومن هناك ستبلغ طريق زرنج – ديلارام (طولها 218 كلم) الذي شاركت نيودلهي بشقها أربع مدن أفغانية كبرى هي هراة، وقندهار، وكابُل ومزار الشريف. وكانت نُقلت صادرات من أفغانستان إلى الهند عبر الميناء، للمرة الأولى، عام 2019.

عموماً، تمرّ أسهل الطرق للهند إلى آسيا الوسطى عبر باكستان وأفغانستان. والطريق الأفضل التالي يمرّ عبر إيران التي تشترك في حدودها مع آسيا الوسطى وبحر قزوين. وحتى عندما سعت الهند إلى الوصول إلى أفغانستان، كانت تدرس كذلك ما يسمى «ممرّ النقل الدولي بين الشمال والجنوب»، الذي يصل بروسيا ومناطق أوروبية، كما يشرح الصحافي الهندي البارز في. راجا موهان.

ويضيف موهان أن تشابهار «يمكن أن يساعد إيران في التعامل مع تداعيات العقوبات الغربية، ناهيك عن مساعدة أفغانستان - غير المطلّة على البحار - في الحد من اعتمادها على باكستان للوصول إلى المحيط الهندي». وكان أحد الجوانب الحاسمة في اتفاق تشابهار لعام 2016، منح أفغانستان «إمكانية الوصول إلى البحار المفتوحة»، متجاوزة ميناءي كراتشي وغوادار الباكستانيين.

جدير بالذكر أنه تاريخياً، اعتمدت أفغانستان بشكل كبير على الموانئ الباكستانية في وارداتها وصادراتها. وبالتالي، يتيح ميناء تشابهار أمام أفغانستان إمكانية التنويع وتقليل الاعتماد على باكستان، ولا سيما في ضوء العلاقات المتوترة راهناً بين أفغانستان وباكستان. والملاحظ هنا أنه في الأشهر القليلة الماضية، ازداد تقارب نيودلهي من حركة «طالبان» بالتزامن مع تدهور العلاقات بين كابُل وإسلام آباد، وأيضاً اضطراب العلاقات بين طهران وإسلام آباد. وخلال الاجتماع الذي عُقد في مارس (آذار) 2024، بين أمير خان متقّي، وزير خارجية «طالبان»، والدبلوماسي الهندي جيه. بي. سينغ، تطرقت وزارة خارجية «طالبان»، تحديداً، عن «دعم الهند لتعزيز التجارة بين البلدين، عبر تشابهار». وأعلنت «طالبان» خطتها لاستثمار نحو 35 مليون دولار في الميناء.

ومن ثم، يمكن اليوم تصوّر حرص نيودلهي وطهران وكابُل على تنفيذ خطة تنمية تشابهار... وإذا استلزم الأمر المضي قُدماً من دون موافقة صريحة من واشنطن.

ممرّ بين الشمال والجنوب

في سياق متّصل، وسط التنافس الجيوسياسي العالمي والقلق المتزايد في البحر الأحمر، يرى مراقبون أن تشابهار قد يحقّق تكاملاً مع «ممرّ النقل الدولي» بين الشمال والجنوب - أي «طريق النقل المتعدد الوسائط» - الذي يربط المحيط الهندي والخليج العربي ببحر قزوين عبر إيران، ثم إلى شمال أوروبا عبر سانت بطرسبرغ في روسيا. ويتضمن هذا «الممرّ» تعاوناً بين الهند وروسيا وإيران ودول أخرى، منها أذربيجان، وأرمينيا، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وتركيا، وأوكرانيا، وسوريا، وبيلاروسيا وعُمان.

ويجمع هذا «الممّر» أيضاً النقل بالسكك الحديدية والنقل البحري؛ ما يشكّل بديلاً لمبادرة «الحزام والطريق» الصينية و«الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني». وهنا يعلّق المسؤول السابق بالبحرية الهندية والمحلل الجيوسياسي، القائد داوان، بأن «الصين ستبذل قصارى جهدها لتخريب أي مشروع يهدد استثماراتها. وأعتقد أنا وكثرة من الخبراء أن الفوضى السائدة في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط لها هدف ثانوي يرتبط بهذه الاستراتيجية الكبرى. ومن ناحيتها، تدرك واشنطن تماماً أن الهند الدولة الوحيدة القادرة على مواجهة الصين في عموم منطقة المحيطين الهندي والهادي، لكن نيودلهي ستفعل ذلك بشروطها. ولذا؛ على واشنطن أن تدرك أنه إذا ما تخلّت الهند عن ميناء تشابهار، فإنه سيقع بقبضة الصين». ثم يتابع: «مع أن طهران حليف وثيق لبكين، فإنها ليست حمقاء. لذا؛ فهي لا ترغب في وضع البيض كله في سلة واحدة، ونيودلهي، من جهتها، تؤمّن لها هذه الفرصة».

نفوذ وثقل استراتيجيان

من جهة ثانية، يتجلّى السباق الاستراتيجي بين الهند والصين، في جهود تطوير ميناءي تشابهار (الإيراني) وغوادار (الباكستاني)، وربطهما بطرق التجارة المؤدية إلى آسيا الوسطى والشرق الأوسط، وصولاً إلى أوروبا وروسيا. والميناءان مهمان جداً بفضل موقعيهما الجغرافيين باعتبارهما «ميناءي مياه دافئة عميقين» مطلين على بحر العرب يخدمان القوتين الصاعدتين: الهند والصين. ولقد عبّر محللون عن اعتقادهم بأن النهج الاستباقي الذي تتبعه نيودلهي تجاه تشابهار، يعكس تحرّكاً محسوباً لتأكيد وجودها الإقليمي، والعمل بمثابة ثقل استراتيجي موازن أمام النفوذ الصيني.

ومن جانبها، استثمرت الصين المليارات في مشاريع البنية التحتية لطرق التجارة المعروفة باسم «الممرّ الاقتصادي الصيني - الباكستاني». وفي إطار مبادرة «الحزام والطريق»، تستثمر الصين في ميناء غوادار ليغدو «بوابة بكين» إلى أسواق العالم عبر المحيط الهندي. ولكن بسبب الصراع الطويل بين الهند وباكستان، واجهت الهند صعوبة في إنشاء طريق عبور آمنة إلى الأسواق في إيران وأفغانستان وآسيا الوسطى ومنطقة الخليج. وبالمقابل، وقّعت باكستان والصين اتفاقاً عام 2002 لبناء ميناء عميق في غوادار، وأبرمتا اتفاقاً للسيطرة التشغيلية على مينائها لمدة 40 سنة.

وهنا، يرى أنيل تريجونايات، الدبلوماسي السابق والكاتب المهتم بالشأن العالمي، «أن تشابهار أكثر عن مجرّد ميناء... إنه خطوة مضادّة من جانب الهند لصدّ التقدّم البحري الصيني في غوادار الباكستانية. وعبر الالتفاف على باكستان، التي فرضت تاريخياً قيوداً على تجارة الهند مع أفغانستان وآسيا الوسطى، يعمل ميناء تشابهار على تنويع طرق التجارة أمام الهند. ويقلل ذلك من اعتماد الهند على ممر واحد، ويعزز مرونتها التجارية. كما أنه يتصدّى لمحاولات الصين توسيع نفوذها في المحيط الهندي».

ميناء غوادار الباكستاني ضمن اهتمامات الصين (رويترز)

حسابات الجغرافيا والطاقة

من ناحية ثانية، يحمل تطوير تشابهار أهمية بالغة لضمان استقرار إمدادات الطاقة إلى الهند. فقبل إعادة فرض العقوبات الأميركية عام 2018، كانت إيران مصدراً رئيسياً للنفط الخام للهند. وراهناً تواصل نيودلهي الامتناع عن استيراد النفط الإيراني، امتثالاً لعقوبات واشنطن. ومع ذلك، فإن ميناء تشابهار يؤمّن للهند طريقاً بحرية مباشرة من إيران لاستيراد النفط والغاز، والالتفاف على مضيق هرمز المضطرب سياسياً، والذي يشكل نقطة مرور بالغة الأهمية لإمدادات النفط العالمية. بجانب ذلك، قد يمهّد تطوير تشابهار الطريق لمشاريع خطوط الأنابيب المستقبلية، كخط الأنابيب البحري المقترح بين إيران والهند، الذي سيمكن الأخيرة من الحصول على الغاز الطبيعي مباشرة من إيران وآسيا الوسطى. وأيضاً يمكن أن يلعب ميناء تشابهار دوراً مفيداً في الشحن البحري إلى القارة الأفريقية - الشريك الطبيعي للهند، وتسهم كل هذه العوامل في تعزيز البعد الاستراتيجي للميناء.

هاجس العقوبات الأميركية

توازياً، في ظل العقوبات الأميركية والتحديات الاقتصادية التي تواجهها إيران على المشهد العام، قد يعيد مصير تشابهار تشكيل الديناميكيات الإقليمية. وفي ردّها على الاتفاق، أطلقت واشنطن طلقة تحذير، مهددة بأن الشركة الهندية «آي بي جي إل» عُرضة للعقوبات إذا مضت قدماً في المشروع. وهنا يقول الصحافي الهندي راجا موهان: «لقد تغيرت الاعتبارات الأميركية بشأن تشابهار منذ انسحاب واشنطن من أفغانستان في أغسطس (آب) 2021... ولكن تظل نيودلهي شريكاً مهماً لواشنطن، في خضم التنافس الأميركي - الصيني المحتدم». ويضيف: «على ما يبدو، ستتجنب واشنطن اتخاذ إجراءات قاسية، خاصة في سنة انتخابات. والأهم، أنه في وقت تغيّر الولاءات والتحالفات الإقليمية، على نيودلهي وواشنطن اجتياز تضاريس إقليمية معقدة وصعبة، بينما يتطلعان نحو سبل بناء شراكة استراتيجية أقوى بينهما. فعلى واشنطن أن تعي أن العقوبات محدودة التأثير، كما أن العقوبات المفروضة على الشركاء الاستراتيجيين مثل الهند تشكل عامل تثبيط أكبر، وتدفع الدولة الصديقة بعيداً عن واشنطن. وبالفعل، لعقود تسبب سيف العقوبات في إقصاء الشركات والبنوك الهندية عن تشابهار؛ ما حرمه من تحقيق إمكاناته الكاملة».

من جهتها، نقلت صحيفة «إنديان إكسبريس» عن علي أوميدي وجوري نولكار أوك، من جامعة أصفهان الإيرانية، ما ورد في ورقة بحثية لهما بعنوان «الأهمية الجيوسياسية لميناء تشابهار لإيران والهند وأفغانستان»، من أن «مشروع تشابهار لا يخلو من تحديات، على رأسها التعرض لعقوبات وضغوط أميركية، والتقلبات والشكوك المستمرة في أفغانستان، والتنافر الظاهري مع مبادرة الحزام والطريق. ومع ذلك، عبر الدبلوماسية النشطة والحكيمة والتنفيذ الفعال وعمليات المشروع، يمكن لإيران والهند التغلب على هذه التحديات، وينبغي لهما الحفاظ على مشروع جابهار كمركز عبور ورابط قابل للحياة».

حكاية ميناءين... وصراع القوى

يقع ميناء المياه العميقة تشابهار الإيراني (المؤهل للتعامل مع السفن الضخمة وذات الحمولات الثقيلة) على ساحل إقليم مكران في محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية. وهو يُطل عملياً على خليج عُمان، وتحديداً عند مدخل مضيق هرمز، وهو طريق ملاحية حيوية تربط الشرق الأوسط بالأسواق في آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية. وبجانب ذلك، فإن تشابهار يُعد الميناء الإيراني الوحيد الذي يحظى بإمكانية الوصول المباشر إلى المحيط الهندي. وهنا نشير إلى أن المسافة بين الميناء الإيراني وميناء كندلا في ولاية غُجرات الهندية أقصر من المسافة بين مدينتي نيودلهي ومُومباي الهنديتين.في المقابل، يقع ميناء غوادار الباكستاني، حيث استثمرت الصين بكثافة، على مسافة 170 كيلومتراً فقط شرقي تشابهار. ومعلوم أنه يخالج الهند شعور بالقلق إزاء مبادرة «الحزام والطريق»، التي أعلنت عنها بكين عام 2013. وتعني هذه «المبادرة» التي شاركت فيها أكثر من 100 دولة، تشييد مشاريع كبرى في دول مجاورة للهند، مثل باكستان، وسريلانكا، وبنغلاديش وجزر المالديف.ولذا؛ تحتاج الهند - المعادية تقليدياً لباكستان والصين - إلى مواصلة الترويج لتشابهار من منطلق أنه يحقّق سهولة التجارة، ويلبي أيضاً «احتياجات الهند الأمنية» إقليمياً. إذ تعتبر نيودلهي موقعه الاستراتيجي - إلى الغرب من حدود إيران مع باكستان، وعلى مقربة من ميناء غوادار الباكستاني المنافس - ذا ثقل استراتيجي موازٍ للنفوذ الصيني في جنوب آسيا ومنطقة المحيط الهندي، الذي تخدمه الاستثمارات الصينية ضمن «الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني» كجزء من مبادرة «الحزام والطريق».


مقالات ذات صلة

موسكو تعوّل على «إعادة ترتيب» أوروبا

حصاد الأسبوع بوتين جاهز للقاء ترمب (آ ف ب)

موسكو تعوّل على «إعادة ترتيب» أوروبا

> غياب الانتقادات المباشرة في روسيا لأي خطوة يقوم بها الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب لا يعكس فقط رغبة الكرملين في التريث لحين إطلاق الحوار المباشر ووضع.

حصاد الأسبوع هربرت كيكل

هربرت كيكل... زعيم اليمين النمساوي المتطرف ينتظر فرصته لإحداث تغييرات سياسية جذرية

لا يحمل تاريخ نشأة هيربرت كيكل المكلّف تشكيل الحكومة العتيدة في النمسا، ارتباطاً باليمين المتطرف أو النازية، كأسلافه الذين قادوا حزب الحرية قبله. ولكن مع هذا قد يكون الزعيم الأكثر تطرفاً الذي ترأس الحزب خلال العقود الأخيرة. ذلك أن كيكل غالباً ما يكرر تعابير استخدمها النازيون، ومنذ تكليفه تشكيل الحكومة مطلع العام، بدأ يلقب نفسه بـ«مستشار الشعب»، وهو اللقب الذي كان يستخدمه هتلر لوصف نفسه. وبالتالي، في حال نجح كيكل بتشكيل الحكومة، سيكون المستشار الأول للنمسا الذي ينتمي إلى حزب متطرف أسسه عام 1955 أعضاء في «قوات الأمن الخاصة النازية» المعروفة اختصاراً بالـ«إس إس». الحزب اليوم معادٍ للاتحاد الأوروبي ومقرّب من روسيا، ومع أنه شارك في حكومات ائتلافية نمساوية في السابق، إلا أنه لم يقُد أياً منها بعد. وراهناً، رغم تكليف كيكل - بعدما تصدّر حزبه انتخابات سبتمبر (أيلول) الماضي بحصده نسبة 29 في المائة من الأصوات، ما زال من غير الواضح ما إذا كان سينجح فعلاً بالمهمة الموكلة إليه «اضطراراً». فالرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلن فضّل بدايةً تكليف زعيم حزب الشعب (محافظ)، الذي حل ثانياً بنسبة 26 في المائة من الأصوات، تشكيل الحكومة، مع أن في هذا مخالفة للأعراف. وبرّر الرئيس قراره يومذاك بأن كل الأحزاب الأخرى ترفض التحالف مع حزب الحرية من دون تحييد كيكل. وبالفعل، اشترط حزب الشعب تنازل كيكل عن قيادة الحكومة شرطاً للتفاوض معه، وهو ما رفضه الأخير. بيد أن زعيم حزب الشعب كارل نيهامر أخفق بتشكيل حكومة ثلاثية الأطراف مع حزبين آخرين، فاستقال من زعامة حزبه، وبالتالي، عادت الكرة إلى ملعب كيكل.

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع شتراخه (رويترز)

حزب الحرية النمساوي المتطرف... لمحة تاريخية وسياسية

أُسس حزب الحرية النمساوي عام 1956، وكان زعيمه الأول، أنتون راينتالرو، ضابطاً سابقاً في قوات الأمن الخاصة النازية. لكن، رغم ذلك، تجنّب الحزب في بداياته الترويج.

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع قناة بنما (آ ب)

ترمب يسجّل «انتصارات» سريعة في القارة الأميركية... ويستغلها ضد خصومه في الداخل

منذ وصول دونالد ترمب للمرة الأولى إلى البيت الأبيض، تبيّن أن استحالة التنبؤ بقراراته وخطواته هي من أمضى الأسلحة في ترسانته الدبلوماسية، وأن فاعلية التهديدات التي يطلقها في كل الجهات وعلى جميع الجبهات تكمن في كونها قابلة للتنفيذ فوراً. لكن، بينما بقيت تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية على الصين وأوروبا إبان ولايته الأولى مجرّد تصريحات لم تبلغ أبداً مرحلة التنفيذ، اختلف الأمر هذه المرة. فمنذ بداية هذه الولاية الثانية وصلت دبلوماسية الابتزاز التي انتهجها الرئيس الأميركي العائد إلى أبعد الحدود الممكنة، واستطاع خلال أقل من أسبوعين أن يحصل على تنازلات من المكسيك وكندا وكولومبيا وبنما وفنزويلا، غير آبه بالاضطرابات والخضّات التي أحدثتها في الأسواق المالية والاقتصادية هذه الحرب التجارية التي أطلقها، والتي وصفتها صحيفة «وول ستريت جورنال» بأنها الأكثر حُمقاً في التاريخ.

شوقي الريّس (مدريد)
حصاد الأسبوع جبل راشمور (آ ف ب)

كولومبيا وفنزويلا والإكوادور نماذج لتعامل واشنطن الجديد مع أنظمة أميركا الجنوبية

>على صعيد دول النصف الجنوبي من القارة الأميركية، يرى مراقبون أن الجولة الأولى من «حرب» دونالد ترمب المفتوحة على كل الجبهات، التي يرى كثيرون أن ترمب كسبها بالضرب


خطط ترمب التوسعية «استفزاز» يهدد «الناتو»... ويمنح بوتين أوراقاً إضافية

كيف ستتعامل موسكو مع موضوع ضم ترمب لجزيرة غرينلاند (ناسا)
كيف ستتعامل موسكو مع موضوع ضم ترمب لجزيرة غرينلاند (ناسا)
TT

خطط ترمب التوسعية «استفزاز» يهدد «الناتو»... ويمنح بوتين أوراقاً إضافية

كيف ستتعامل موسكو مع موضوع ضم ترمب لجزيرة غرينلاند (ناسا)
كيف ستتعامل موسكو مع موضوع ضم ترمب لجزيرة غرينلاند (ناسا)

تراقب موسكو خطوات الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب بمزيج من الترقّب لردّات الفعل في مناطق مختلفة من العالم، وحساب معدلات الربح والخسارة، لا سيما في إطار انعكاسات تصرفات الرئيس الأميركي على تماسك المواقف الأوروبية ووحدة حلف شمال الأطلسي «ناتو» وسياساتها تجاه روسيا... ولكن بالدرجة الأولى، بطبيعة الحال، على التوقعات المتعلقة بآليات تسوية الصراع حول أوكرانيا.

تحريك قنوات الاتصال

مع تكرار الإعلان في موسكو عن استعداد مباشر للجلوس إلى طاولة مفاوضات شاملة مع فريق ترمب، تبحث كل الملفات المتراكمة بين الطرفين، وتتوّج تفاهمات على القضايا الرئيسية، فضّل الكرملين تجنب التعليق مباشرة على كثير من التحركات الصارخة للرئيس الأميركي، في مسعى لتقدير آفاق تطورها أولاً، وأيضاً معرفة مستوى وآليات ردات الفعل عليها.

لكن في الشأن الأوكراني بدا أن الأسابيع الأخيرة شهدت تحريك قنوات الاتصال بشكل قوي ومتسارع بين موسكو وواشنطن. وبعد مرور ساعات فقط على إعلان ترمب أن الاتصالات مع الكرملين «تجري بنشاط»، ووصفها بأنها «مفاوضات بناءة»، أكّد الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف استئناف عمل قنوات حوار على مستويات عدة، لتشكل هذه الخطوة الأولى العملية التي يجري تنفيذها على أرض الواقع، وكانت متوقعة منذ فوز ترمب في الانتخابات.

بيسكوف قال إن «الاتصالات بين روسيا والولايات المتحدة عبر الوزارات المختلفة قد تكثفت». ومن دون أن يعطي تقييمه لسير المفاوضات، قال الناطق إن الحوارات تجري على مستويات عدة. ومع التأكيد على أن الحوار الجاري مع واشنطن لا ينعكس حتى الآن على استعداد موسكو لفتح قنوات للتفاوض مباشرة مع أوكرانيا، فأكد أن «ديناميكيات العملية (العسكرية) الخاصة تظهر أن الاهتمام بالحوار السلمي يجب أن يأتي من جانب كييف».

الاشتراطات الروسية

هنا بدا أن أول الاشتراطات الروسية لإحراز تقدُّم يفضي إلى إحياء العملية السلمية حول أوكرانيا ينطلق من حسم الوضع حول «شرعية» الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لإدارة المفاوضات. ومعلوم هنا أن موسكو تصرّ على أن زيلينسكي «لم يعد رئيساً شرعياً، وأنه وقّع في وقت سابق مرسوماً بحظر التفاوض مع موسكو. وهو ما يعني أنه يجب حل هذا الموضوع بظهور إدارة أوكرانية جديدة تتمتع بالشرعية، وتلغي المرسوم السابق قبل إطلاق عملية التفاوض. يكتسب هذا الجدل أهمية إضافية على ضوء تلميحات بعض أركان الإدارة الأميركية بضرورة إجراء انتخابات جديدة في أوكرانيا قبل نهاية العام الحالي، ومثل تلك التصريحات صدرت عن قيادة حلف «ناتو» أيضاً.

ويبدو على هذه الخلفية أن الاتصالات الأولى بين الإدارة الأميركية وموسكو لا تتناول قضايا مثل ترتيب قمة قريباً، وأجندتها المحتملة، بل تتطرق أيضاً إلى بعض الجوانب التفصيلية المتعلقة بمساعي إعادة إطلاق مسار سلمي ينهي الحرب في أوكرانيا.

مستقبل أوكرانيا على الطاولة

العنصر الثاني المتعلق بأوكرانيا، الذي يبدو أنه يشكل مادة للنقاش في المرحلة التي تسبق لقاء ترمب الأول منذ عودته إلى البيت الأبيض مع الرئيس فلاديمير بوتين، يتبلور - كما يبدو - من خلال السعي إلى تحديد سقف مصالح واشنطن في الصراع المستمر منذ نحو 3 سنوات.

اللافت هنا أن التصريحات الأولى الصادرة عن البيت الأبيض لم تتكلّم عن الأراضي الأوكرانية «المحتلة»، ومعلوم أن موسكو تسيطر راهناً على نحو خُمس أراضي أوكرانيا. ويشترط الكرملين لأي تسوية أن يحصل على إقرار أوكراني وغربي بقرارات ضم مقاطعات أوكرانيا إلى روسيا. واستمرار الصمت الأميركي حيال هذا الملف يوجّه رسالة مريحة لموسكو حالياً.

غير أن إشارات ترمب الأولى اتجهت نحو ملف مختلف تماماً؛ ذلك أنه تطرّق إلى امتلاك أوكرانيا ثروات مهمة من المعادن النادرة، ورأى أن بوسع واشنطن مواصلة حماية أوكرانيا إذا حصلت على حقوق استثمار هذه الثروات الضخمة.

في هذا الملف ركّزت التعليقات الروسية على فكرة تحوّل الإدارة الأميركية من الكلام عن قضايا تتعلق بالأمن الاستراتيجي للولايات المتحدة ولأوروبا، وعن فكرة «العدوان الروسي» لتغدو منحصرة أكثر في «المصالح التجارية المباشرة» للانخراط في هذا الصراع. وكانت ماريا زاخاروفا، الناطقة باسم «الخارجية الروسية»، قد أعربت عن أنها «غير مندهشة» من طلب مجلس الأمن القومي الأميركي الحصول على المعادن من أوكرانيا تعويضاً عن الدعم المالي الذي قدمته واشنطن لكييف.

زاخاروفا رأت أن هذا المسار «طبيعي»، وأنه «يجب أن يتحقق المرء من سعر الوجبة قبل أن يأكلها». بينما رأى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن مثل هذا الاقتراح سيعني أن كييف مستعدة لتسليم جميع الموارد الطبيعية الأوكرانية إلى «ملكية أسيادها الغربيين». أما بيسكوف فرأى أن خطط ترمب بشأن المعادن الأرضية النادرة تمثل عرضاً تجارياً «لشراء المساعدة»... وأن «أفضل شيء بالنسبة لواشنطن سيكون عدم مساعدة كييف على الإطلاق، ومن ثم المساهمة في إنهاء النزاع». والملاحَظ في التعليقات الروسية أنها لا تنتقد ترمب، بل وجهت سهامها إلى زيلينسكي «المستعد لبيع ثروات بلاده للغرب».

بنما وكندا ... بعيدتان جداً

في المستوى نفسه من تعمّد تحاشي توجيه انتقادات إلى الإدارة الأميركية في خطواتها المتسارعة التي شكلت استفزازاً لعدد من الأطراف في العالم، تجاهل الكرملين عمداً إعلانات ترمب الصارخة تجاه كندا وقناة بنما.

بل حتى وسائل الإعلام الحكومية الروسية تعاملت مع الموضوع من زاويته الخبرية من دون إبداء رأي في تأثيراته المحتملة. ونشرت بكثافة الخرائط التي وضعها ترمب على منصات التواصل الاجتماعي، وتظهر فيها كندا ملونة بألوان العلم الأميركي وتحتها عبارة الرئيس: «أوه كندا». ولقد قال خبراء روس إن كندا وبنما «بعيدتان جداً»، ومن المهم لموسكو أن تراقب فقط ما يجري.

أما موضوع قناة بنما فيبدو بالنسبة إلى موسكو «خلافاً تجارياً» تكلم عنه ترمب من خلال استنكاره «التعريفات الجمركية المُبالغ فيها» التي تفرضها بنما على عبور القناة. وللعلم، هذا أمر يخص الولايات المتحدة التي توفر أكثر من 72 في المائة من عائدات الممرّات عبر القناة.

وتقريباً التعاطي نفسه ملحوظ إزاء التهديدات تجاه المكسيك، وبملف العلاقة مع كندا. واللافت أن وسائل الإعلام الروسية شاركت الملياردير إيلون ماسك تهكّمه على رئيس وزراء كندا جاستن ترودو، الذي أعلن استقالته، الشهر الماضي ثم غرّد معارضاً خطط ترمب. ولكن من دون صدور أي تعليق رسمي، بدا أن موسكو تراقب بارتياح المشكلات الداخلية في الغرب. ولا تخفي أوساط روسية «شماتةً» بالسلطات في كندا التي كانت بين أوائل الداعمين لأوكرانيا في الحرب.

غرينلاند... التهديد الروسي

الأمر مختلف قليلاً مع التلويح الأميركي بضم غرينلاند... فهنا يظهر مباشرة نوع من التهديد المستقبلي على الأمن الروسي.

وعموماً، فإن ما وُصف بأنه التهديد المحتمل من جانب روسيا والصين هو على وجه التحديد ما أشار إليه ترمب أكثر من مرة عندما ناقش فكرته للاستيلاء على غرينلاند، وفي إطار تكراره الحديث عن رغبته في جعل أميركا «عظيمة مرة أخرى».

ذلك أنه منذ عام 2019، قال ترمب بضرورة ضم غرينلاند إلى الولايات المتحدة، لكن الدنمارك التي تمتلك الأراضي حالياً عارضت بيع الجزيرة. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2024، أثار ترمب المسألة مرة أخرى، وقال: «نحن بحاجة إلى غرينلاند لأغراض الأمن القومي. لقد قيل لي ذلك قبل فترة طويلة من ترشّحي». وهنا يعتقد الرئيس الأميركي الجمهوري أن غرينلاند كجزء من الولايات المتحدة يمكن أن تساعد في تجنب «التهديد الذي تشكله روسيا على العالم أجمع». وبحسب قوله فإن «روسيا والصين تزيدان من وجودهما في منطقة القطب الشمالي»، وهو يخشى من ذلك. وأضاف أن ابنه دونالد ترمب «الابن» سيزور غرينلاند شخصياً.

هنا أيضا لم تعلّق موسكو رسمياً على الحدث مع أنه يتعلق مباشرة بما وُصف بـ«التهديد الروسي»، إلا أن تعليقات برلمانيين روس أظهرت وجود نوع من القلق لدى أوساط روسية. وقال أندريه كارتابولوف، رئيس لجنة الدفاع بمجلس الدوما (النواب) إن «ضم غرينلاند للولايات المتحدة يشكل تهديداً عسكرياً لروسيا، لأن لدى الجزيرة إمكانية أن تصبح قاعدة استراتيجية لواشنطن في حالة نشوب صراع عابر للقارات».

ورأى البرلماني الروسي أيضاً أن السيطرة على الجزيرة التي تحتل مساحة كبيرة جداً في منطقة القطب الشمالي، «ليست الخيار الأفضل بالنسبة إلى روسيا... وبما أنه لا يوجد شيء مستحيل في العالم، وفي أي صدام قاري افتراضي مستقبلي، فإن هذا يشكل نقطة انطلاق جيدة لأميركا».

مع هذا، اللافت أن تعليقات المحللين ذهبت ليس باتجاه فحص الانعكاسات على روسيا وأمنها في حال فرض ترمب فعلاً السيطرة الأميركية على الجزيرة القطبية، بل باتجاه تأثيرات تحركات ترمب على مصير «ناتو» ككتلة متماسكة.

ورأى محللون أن استيلاء ترمب على المنطقة إذا كُتب له النجاح، سيكون «بمثابة نهاية للحلف» ليس فقط لكون الدنمارك، التي تعارض خطط ترمب بشدة عضواً فيه، بل أيضاً لأن أعضاء التكتل الآخرين سيدركون على الفور أنهم «جميعاً تحت التهديد». وهنا استعاد البعض مقولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما دعا أوروبا إلى «الاستيقاظ وتعزيز أمنها بشكل أكثر نشاطاً».

اتفاق على عالم متعدد

في المقابل، بدا أن بعض الأفكار التي تطرحها الإدارة الأميركية الجديدة تحظى بقبول عند الكرملين. ولقد امتدح الناطق الرئاسي بيسكوف تصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بشأن التعددية القطبية، قائلاً إن تلك العبارة «تتوافق مع رؤية موسكو، وروسيا ترحب بذلك بالطبع». كما وصف حديث روبيو بشأن الاعتراف بالتعددية القطبية في العالم بأنه «مثير للاهتمام». وأيضاً في هذا السياق نفسه، لم تُخْف موسكو ارتياحها لقرار إدارة ترمب تقليص نشاط «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»، التي تتهمها موسكو بدعم «الثورات الملونة» وبمحاولة التأثير أكثر من مرة على الحياة السياسية والاجتماعية داخل روسياً. وللعلم، هذه الوكالة حالياً من المنظمات الأجنبية المحظورة في روسيا.

ورأى مسؤولون روس أن خطوات ترمب لتفكيك الوكالة تحظى بترحيب في مناطق عدة في العالم، كون الوكالة، بحسب الناطقة باسم «الخارجية» ماريا زاخاروفا «تروّج للثورات، وتتحدى القيم المجتمعية، وتعمل على نشر الشذوذ الجنسي، والدفاع عن حقوق المثليين».

وهذا الموضوع يفسر أيضاَ «الارتياح» الروسي للتخلص من وكالة أنفقت ملايين الدولارات في روسيا التي تنتهج خطاً محافظاً اجتماعياً لنشر أفكار وُصفت بأنها «معادية للمجتمع الروسي». ركّزت التعليقات الروسية على تحوّل الإدارة الأميركية من الكلام عن قضايا الأمن إلى «المصالح التجارية»