كيف يقرأ الإعلام الفرنسي شخصية بارديلا؟https://aawsat.com/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82/%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D9%88%D8%B9/5031013-%D9%83%D9%8A%D9%81-%D9%8A%D9%82%D8%B1%D8%A3-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D9%8A-%D8%B4%D8%AE%D8%B5%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%9F
الصحافي بيار ستيفان فور كشف في كتابه «البديل الكبير... أو الوجه الخفي لبارديلا»، بعد بحث استغرق سنة كاملة وخصّص لتأليف هذه السيرة الشخصية لجوردان بارديلا، عن أن رئيس «التجمع الوطني» لم يحتفظ بخط واضح في عدد من القضايا، كما كانت مواقفه متغيّرة ومتناقضة باستمرار؛ إذ كتب: «في بداياته كان بارديلا من المطالبين بالـ(فريكسيت) (مغادرة فرنسا الاتحاد الأوروبي)، وبانتهاج سياسة تغييرية في الضواحي، والتركيز على الإشكاليات الاجتماعية، وكان على نفس خط فلوريان فيليبو، الذي كلّفه قيادة ائتلاف (وطنيي الضواحي). بيد أنه انقلب على قناعاته الأولى في أعقاب عزل فيليبو، وتبّنى اتجاهاً أكثر تعصّباً يجسده الرقم اثنين في الحزب فيليب أولفييه».
ومن جهتها، أشارت مجلة «لوبوان» في عددها الخاص عن بارديلا أيضاً إلى العلاقات الوطيدة بين السياسي الشاب وجماعة ضغط سياسية موالية لبوتين، تسمى «بوشكين»، كان مواظباً على ندواتها لسنوات. ولقد نقلت شهادة أحد زملائه الذي أكد أن بارديلا كان من أشدّ المعجبين بشخصية بوتين رغم أحداث غزو القرم، لكنه فجأة غيّر موقفه في 2023 حين ندّد من خلال عمود نشر في صحيفة «لوفيغارو» بغزو أوكرانيا؛ ما أغضب مارين لوبان التي تعتبر بوتين صديقاً لها، وعلى الرغم من تصريحات بارديلا، تظل الأفعال أهم، وفي هذا السّجل نلاحظ أنه مستمر ومنذ خمس سنوات بالتصويت ضد القوانين التي تنّدد بسياسة بوتين.
سعادة مناصري اليمين الفرنسي (رويترز)
أيضاً في كتابه «البديل الكبير... أو الوجه الخفي لبرديلا» وصف بيار ستيفان فور، القيادي الشاب بأنه «كسول»، وتابع «السيد بارديلا نائب لا يعمل كثيراً، فهو غائب بمعدل 70 في المائة عن جلسات البرلمان، ولا يحضر إلا ثلاثة أيام في الشهر وأحياناً أقل، وهي تصادف الأيام التي تحضر فيها كاميرات الصحافيين... ثم أنه عضو في لجنة تسمى (لجنة العرائض) بيد أنه طوال السنوات الخمس التي صادفت نشاطه كنائب لم يكتب أي تقرير واحد، ولم يقدم سوى عشرين اقتراح تعديل، مع العلم، أنه عادة ما يكون النواب الأوروبيون أعضاء في أكثر من لجنة، على الأقل ثلاثة لمناقشة إشكاليات عدة كالزراعة البيئة والشؤون الخارجية... إلخ. السيد بارديلا عضو في لجنة واحدة هي التي تسمى في كواليس البرلمان الأوروبي (لجنة الكُسالى)، ومع ذلك يتلقى مقابل ذلك أجراً يصل إلى 7500 يورو من الأموال العامة».
أضف إلى ما سبق، ادعى برنامج التحقيقات الذي تبثه قناة «فرنس 2» العامة بعنوان «لمزيد من التحقيق» (كومبليمون دونكات) أن رئيس حزب «التجمع الوطني» كان وراء حساب سرّي على منصّة «إكس» (تويتر سابقاً) بين 2015 و2017 نشر فيه رسائل وتعليقات عنصرية إسلاموفوبية ومعادية للسامية، شديدة اللّهجة. وعلى الرغم من نفي هذا الأخير أي صلّة بهذا الحساب السّري، فإن فريق الصحافيين الذي حقّق في الموضوع قال إنه متأكد من المصادر بما ليس فيه مجال للشّك.
في خضم تصاعد غير مسبوق للتوترات الجيوسياسية وتزايد المخاوف الأمنية، تجد القارة الأوروبية نفسها أمام تحدٍ وجودي يفرض عليها إعادة تعريف أسس منظومتها الدفاعية.
رغم أن وزير الخزانة الأميركي يعد الخامس على خط الخلافة الرئاسية في حالات الطوارئ، لكن نادراً ما كان من بين الشخصيات السياسية البارزة التي تحظى بالأضواء،
من القواعد غير المكتوبة، أن يتجنّب وزراء الخزانة الأميركيون التدخل في عمل الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، الذي يُعتبَر مؤسسة مستقلة. ويؤمن معظم
أثار تطور الأوضاع السياسية في السودان مخاوف واسعة، أولاً من خطوة تحالف «تأسيس» المؤيد لـ«قوات الدعم السريع» بإعلان هيكله القيادي، وقرب تشكيله «حكومة» في مناطق
متعهداً بـ«تنمية اقتصاد بلاده»، أعلن رئيس أوغندا يويري موسيفيني، البالغ من العمر 81 سنة، اعتزامه الترشح لولاية رئاسية سابعة، مستكملاً مسيرة بلغت نحو أربعة عقود
فتحية الدخاخني ( القاهرة)
الاتحاد الأوروبي أمام تحدي بناء استراتيجية دفاعية جديدةhttps://aawsat.com/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82/%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D9%88%D8%B9/5163883-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A-%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%AF%D9%81%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9
الاتحاد الأوروبي أمام تحدي بناء استراتيجية دفاعية جديدة
مقر حلف شمال الأطلسي «ناتو» في بروكسل (آ ب)
في خضم تصاعد غير مسبوق للتوترات الجيوسياسية وتزايد المخاوف الأمنية، تجد القارة الأوروبية نفسها أمام تحدٍ وجودي يفرض عليها إعادة تعريف أسس منظومتها الدفاعية. فبعد سنوات من الاعتماد على مظلّة حلف شمال الأطلسي (ناتو) والدعم الأميركي، دفعت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتكررة حول إمكانية انسحاب الولايات المتحدة من الحلف، القادة الأوروبيين إلى استشعار الخطر الداهم. هذه التهديدات لم تعُد مجرد مناورات دبلوماسية، بل تحولت هاجساً استراتيجياً يدفع العواصم الأوروبية نحو سباق محموم لضمان أمنها القومي والجماعي، في مسعى حثيث نحو استقلالية دفاعية طال انتظارها.
منذ تأسيس حلف شمال الأطلسي (ناتو) عام 1949، لعبت الولايات المتحدة دور القائد الفعلي للحلف، ليس فقط من خلال المساهمة المالية والعسكرية الضخمة، بل من خلال توفير المظلة النووية والقيادة الاستراتيجية.
على مدى عقود، تحمَّلت واشنطن نحو 70 في المائة من إجمالي الإنفاق الدفاعي للحلف؛ ما جعلها القوة المهيمنة في صنع القرارات الأمنية الأوروبية. وحقاً، إبان الحرب الباردة، كانت المساهمة الأميركية واضحة وحاسمة؛ إذ نشرت واشنطن مئات الآلاف من جنودها في أوروبا، وأنشأت قواعد عسكرية استراتيجية في كل من ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، ووفّرت أنظمة دفاع صاروخي متطورة.
هذا الحضور العسكري الكثيف ما كان مجرد التزام دفاعي، بل كان أداة لضمان النفوذ الأميركي في القارة الأوروبية. إذ تشير الإحصائيات إلى أن الولايات المتحدة تنفق سنوياً نحو 750 مليار دولار على الدفاع، أي ما يمثل 3.5 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي، مقارنة بمتوسط 1.6 في المائة للدول الأوروبية الأعضاء في «ناتو». وبالتالي، منح هذا التفاوت الصارخ في الإنفاق واشنطن نفوذاً هائلاً في تحديد أولويات الحلف واستراتيجياته. بيد أن الأمر لا يقتصر على الأرقام المطلقة. ذلك أن الولايات المتحدة تساهم بنحو 22 في المائة من الميزانية التشغيلية لـ«ناتو»، بينما تغطي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا مجتمعة نحو 35 في المائة فقط؛ ما جعل هذا التوزيع غير المتكافئ للأعباء المالية محور انتقادات مستمرة من الإدارات الأميركية المتعاقبة.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع مارك روته أمين عام «ناتو» (آ ب)
من الحماية إلى المطالبة
منذ تولي دونالد ترمب سدّة الحكم في واشنطن فإنه لم يتأخر في توجيه سهام النقد لحلفائه الأوروبيين، متهماً إياهم بالتقاعس عن الوفاء بالتزاماتهم المالية تجاه «ناتو»، والاعتماد المفرط على الحماية الأميركية، بل والتطفل عليها، وفق تعبيره الصريح خلال حملته الانتخابية لعام 2024.
ثم مع عودته إلى البيت الأبيض، تصاعدت لهجته بشكل لافت، مطالباً الأوروبيين برفع إنفاقهم الدفاعي إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو سقف غير مسبوق يتجاوز حتى الإنفاق الأميركي نفسه. ولعل أبرز ما قاله ترمب في هذا السياق كان خلال تجمّع انتخابي في ولاية أوهايو تساءل فيه: «لماذا ندافع عن بلدان لا تدفع ما عليها؟ إذا لم يدفعوا، فليحموا أنفسهم!». وبدت هذه العبارة إعلاناً غير مباشر «لانقلاب» في عقيدة الأمن الأطلسي.
مطالب ترمب، وإن بدت مبالَغاً فيها، أثارت قلقاً عميقاً في العواصم الأوروبية، خاصةً في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا وازدياد التهديدات الروسية؛ الأمر الذي أعاد إلى الواجهة السؤال القديم: هل تستطيع أوروبا أن تحمي نفسها بنفسها؟
لعل أبرز دليل على هذا التحوّل كان كلام كبار المسؤولين الأوروبيين الذي يدعم «الاستقلالية الاستراتيجية». وفي لقاءات ومؤتمرات صحافية، غدت هذه العبارة تتصدر الأجندات السياسية لتشكل محور النقاشات حول مستقبل الأمن الأوروبي. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال في حوار مع صحيفة الـ«فاينانشال تايمز»: «إن المبادرة التي اتخذها الرئيس ترمب وقراره بفصل أوروبا عن المظلة الأميركية، يمثلان صدمة كهربائية إيجابية تدفع الاتحاد الأوروبي إلى تسريع تحوله نحو مزيد من الاستقلالية الاستراتيجية... ما يقوله ترمب لأوروبا هو عليكم تحمل العبء بأنفسكم وأنا أقول فلنتحمل المسؤولية».
اللهجة نفسها اعتمدها المستشار الألماني أولاف شولتس بقوله خلال زيارته لباريس يوم 22 يناير (كانون الثاني) 2025: «واضح أن رئاسة ترمب ستكون تحدياً تجب مواجهته، أوروبا لن تتراجع ولن تختبئ، بل ستكون شريكاً بنّاءً واثقاً من نفسه».
وفي المؤتمر الصحافي الذي نظمته أورسولا فو دير لاين بمناسبة مرور 100 يوم على توليّها رئاسة المفوضية الأوروبية، أقّرت هذه الاخيرة بأن «على أوروبا أن تؤدي واجبها وتتحمل مسؤولية الدفاع عن نفسها من دون الاعتماد على واشنطن. ثمة مطلب متكرر من ترمب... أن نكون حلفاء لا يعني أن يكون هناك اختلال في المسؤوليات أو الأعباء المشتركة».
مبادرات وطنية ... لتعزيز القوة
أمام هذا الواقع الجديد، سارعت الدول الأوروبية، كلاً على حدة، إلى تعزيز قدراتها الدفاعية بشكل غير مسبوق، مع السعي المتزامن لتنسيق الجهود على المستوى القاري.
فرنسا، مثلاً، تواصل بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون، دفع خطتها الطموح للتحديث العسكري بقيمة 413 مليار يورو حتى عام 2030. وتركّز هذه الخطة على تطوير القدرات النووية، والدفاع السيبراني، والصناعات العسكرية المتقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري. أيضاً، تقود باريس مشاريع كبرى مثل الطائرة القتالية الأوروبية المستقبلية «سكاف» (SCAF) والدبابة القتالية الرئيسة الجديدة «إم جي سي إس» (MGCS) بالتعاون مع ألمانيا. وفي خطوة لافتة، أعلنت فرنسا أخيراً خططاً لتعزيز وحدات الدفاع الجوي والصاروخي لديها، وذلك في ضوء الدروس المستفادة من الصراع في أوكرانيا.
أما ألمانيا، فقد خصصت مبلغ 100 مليار يورو لصندوق تحديث الجيش الألماني (البوندسفير)، مع استثمارات كبيرة في أنظمة الدفاع الجوي، بالإضافة إلى التسلح الحديث والمشاركة الفاعلة في المشاريع الأوروبية المشتركة. والملاحظ أن برلين باشرت بالفعل تسريع وتيرة الإنفاق الدفاعي بعد سنوات من التقشف.
من جهة أخرى، اتجهت بولندا ودول البلطيق، التي تشعر بتهديد مباشر من روسيا، إلى إعادة التسلح بشكل مكثف. إذ عقدت بولندا صفقات ضخمة لشراء أنظمة أميركية متطوّرة، بما في ذلك دبابات «أبرامز» وطائرات «إف - 35» وصواريخ «باتريوت»، بالإضافة إلى استثمارها في تعزيز الدفاعات الحدودية والبنية التحتية العسكرية؛ تحسباً لأي طارئ. وفي السياق عينه، تهتم كل من إيطاليا وإسبانيا والدول الإسكندينافية بتحديث قواتها البحرية والجوية، والمشاركة في برامج أوروبية متعددة كالطائرات من دون طيار (Eurodrone) وتطوير القدرات السيبرانية. وأخيراً لا آخراً، تحاول دول أخرى كفنلندا والسويد تسريع عملية اندماجهما في «ناتو» بعد تخلٍ تاريخي عن الحياد، وبالعكس، تبدي دول كالمجر والنمسا تحفظاً عن التضامن الأوروبي الكامل؛ ما يعكس تبايناً في الرؤى داخل الاتحاد.
شراكات أمنية جديدة
في خضم هذه التحوّلات وعلى ضوء توتر العلاقات الأميركية، ظهر تقارب واضح بين الاتحاد الأوروبي وكندا قائم على رؤية مشتركة لأمن متعدد الأطراف. وغدا من مصلحة أوروبا وكندا توحيد صفوفهما لمواجهة التأثير المستمر لسياسات الرئيس ترمب. وفي هذا الإطار، وقّع الطرفان في مايو (أيار) 2025 «خطة العمل الأوروبية - الكندية للتعاون الأمني والدفاعي»، وهي تنصّ على تعزيز التدريبات العسكرية المشتركة، وتطوير نظم مراقبة الساحل الأطلسي، وتنسيق الجهود في مكافحة التهديدات السيبرانية. وقال رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني خلال مؤتمر أمني مشترك في بروكسل: «نحن شركاء طبيعيون. كندا تؤمن بأن أمن أوروبا هو أيضاً من أمن شمال الأطلسي، ونرفض ترك حلفائنا أمام مصيرهم».
أما على صعيد العلاقة مع بريطانيا، التي غادرت الاتحاد الأوروبي لكنها لم تغادر جغرافيا القارة، بل شهدت العلاقات الدفاعية طفرة جديدة بعد التوتّرات الطويلة التي أعقبت «بريكست». ففي مارس (آذار) 2025، أعلنت كل من لندن وبروكسل عن تأسيس «مجلس أوروبي - بريطاني للأمن والدفاع» لتنسيق السياسات الأمنية بشكل منتظم. وأكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر: «قد نكون غادرنا الاتحاد، لكننا لم نغادر أوروبا. التحديات الأمنية الراهنة تُحتّم علينا الوقوف معاً... بريطانيا ستظل قوة موازنة في القارة».