الانتخابات الهندية ودلالاتها الجيوسياسية داخل النظام العالمي

أمام خلفية الفوز شبه المؤكد لليمين القومي الهندوسي

مودي يشارك في احتفال تدشين المعبد الهندوسي الذي شيد على انقاض المسجد الببري في آيوديا بشمال الهند (رويترز)
مودي يشارك في احتفال تدشين المعبد الهندوسي الذي شيد على انقاض المسجد الببري في آيوديا بشمال الهند (رويترز)
TT

الانتخابات الهندية ودلالاتها الجيوسياسية داخل النظام العالمي

مودي يشارك في احتفال تدشين المعبد الهندوسي الذي شيد على انقاض المسجد الببري في آيوديا بشمال الهند (رويترز)
مودي يشارك في احتفال تدشين المعبد الهندوسي الذي شيد على انقاض المسجد الببري في آيوديا بشمال الهند (رويترز)

تمتد التبعات الجيوسياسية للانتخابات الهندية، التي هي الأكبر على الإطلاق في العالم، إلى ما وراء حدود الهند. ومع اقتراب فترة ولاية ثالثة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي، تستحوذ هذه الانتخابات على اهتمام دبلوماسي عالمي؛ نظراً لتداعياتها على الاستقرار الإقليمي والعالمي. وكذلك تزداد أهمية نتائجها في ضوء إلى النفوذ الهندي المتنامي على الساحة الدولية. ولكون الهند الدولة الأولى من حيث عدد السكان في العالم، وواحدة من أكبر أسواقه الاستهلاكية، يرى الخبراء المراقبون أنه عندما يتعلق الأمر بالتحديات الكبرى التي يواجهها العالم كالحرب الروسية - الأوكرانية، وأوضاع الشرق الأوسط الساخنة، وملف الصين وتايوان، بجانب التغييرات المناخية والإرهاب والاقتصاد العالمي، يبدو من الصعب التفكير في حلول لأي من هذه القضايا العابرة للحدود من دون مشاركة فاعلة من الهند.

الانتخابات الهندية 2024 آفاقيبدو فوز رئيس الوزراء الهندي اليميني ناريندرا مودي شبه مؤكد بولاية ثالثة، وهذا الأمر يستوجب فهماً أعمق لأهداف السياسة الخارجية لنيودلهي في الفترة المقبلة، وكيف ترغب في تشكيل العلاقات الدولية وكذلك التحولات الدبلوماسية المحتملة.

وبما يخصّ الحرب الروسية - الأوكرانية ظهر جانبان من مواقف مودي أثناء حملته الانتخابية الأخيرة أمام رئيسي روسيا فلاديمير بوتين وأوكرانيا فولوديمير زيلينسكي. الأول - كما نشر الزعيم الهندي على موقع «إكس» - أنه ناقش موضوع تعزيز شراكة الهند مع البلدين. أما الآخر، فكان عملياً طمأنة الزعيمين إلى أن نيودلهي لا تزال ملتزمة بمساعدة موسكو وكييف على إيجاد حل سلمي للصراع بينهما.

وعلى صعيد الشرق الأوسط، أرسل مودي مستشاره للأمن الوطني، أجيت دوفال، إلى إسرائيل ليبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بأنه لا ينبغي له أن يعتبر دعم الهند له أمراً مفروغاً منه، وناشده ألا يتجاهل الاحتجاجات الدولية المتزايدة على الحملة العسكرية الإسرائيلية المتواصلة في غزة. وهنا، عبّر المحلل السياسي الهندي ناريش كوشيك، عن اعتقاده بأن مودي، عبْر تناوله صراعين عالميين رئيسيين، «حتى أثناء انخراطه بعمق في حملة الانتخابات العامة في الداخل، يظهر للجميع أنه يتعامل بجدية مع مسؤولية الهند على الساحة الدولية. والأهم من ذلك، أنه يكشف عن أن العالم هو الآخر، يأخذه على محمل الجد، وأن الهند تحت قيادته أصبحت لاعباً عالمياً مهماً».

الجدير بالذكر، هنا، أن الهند كانت القوة الكبرى الوحيدة، التي حافظت على حيادها منذ الغزو الروسي لأوكرانيا قبل سنتين. وعلى الرغم من العلاقات التاريخية الوثيقة التي لنيودلهي بموسكو، تكلم مودي بنبرة حازمة إلى بوتين في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخبره أن الوقت ليس مناسباً للحرب؛ الأمر الذي حظي إشادة القوى الغربية على نطاق واسع. وأيضاً، تحترم القيادة الإسرائيلية، آراء مودي، لا سيما وأنه كان أول زعيم غير غربي يدين هجوم جماعة «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ويعتبره «عملاً إرهابياً».

من جهة ثانية، بفضل تمتع الهند باقتصاد أقوى، أتيحت فرص جديدة ليس فقط لها، بل كذلك للدول الأخرى الراغبة في الاستفادة من سوقها الضخمة. وهذا يتطلّب بالضرورة مناخاً سياسياً مستقراً وصديقاً للأعمال. ولقد وفّر الزعيم الهندي اليميني ذلك. واليوم يُعد الاقتصاد الهندي سبباً بارزاً آخر يدفع العالم لأن يولي اهتماماً وثيقاً بالبلاد. والحقيقة، أن الأمر لا يتعلق بحجم الهند فحسب، بل أيضاً لكون اقتصادها الأسرع نمواً بين اقتصادات الدول الكبرى. ومعلومٌ، أن الحرب في أوكرانيا أثرت سلباً على معظم الاقتصادات الأوروبية، في حين يعاني الاقتصاد الصيني - ثاني أكبر اقتصادات العالم - من تداعيات جائحة «كوفيد - 19».

تنافس موسكو وواشنطن

ناريش كوشيك يرى أن الخلاف الأخير بين الولايات المتحدة وروسيا حول الانتخابات الهندية، «يُعد مؤشراً واضحاً على الأهمية الجيوسياسية لهذه الانتخابات». وكانت واشنطن قد اضطرت أخيراً إلى إعلان رفضها الرسمي كلام الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، بشأن تدخل اميركي مزعوم في الانتخابات الهندية. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميللر، في توضيح للموقف: «لا، بالطبع، نحن لا نقحم أنفسنا في الانتخابات بالهند... كما أننا لا نقحم أنفسنا في الانتخابات بأي مكان في العالم». إلا أن السؤال هنا، هو إذا كان من المتوقع على نطاق واسع أن يفوز مودي، وحزبه «بهاراتيا جاناتا» القومي الهندوسي، بالانتخابات، فلماذا تستحوذ الانتخابات الهندية على اهتمام دولي واسع النطاق؟

لقد حافظت الهند على صفتها كدولة ديمقراطية منذ الانتخابات الأولى التي شهدتها في الفترة 1951 - 1952، في وجه التحديات الكثيرة التي واجهتها. ومع أن تجربتها ليست خالية من العيوب، فإن الحكومات على مستوى الولايات الهندي، وأيضاً على المستوى المركزي، يجري تغييرها عن طريق الاقتراع. وبناءً عليه؛ تعد الهند الديمقراطية الوحيدة غير الغربية التي أنجزت ذلك مراراً وتكراراً على مر السنين. وعلى الرغم من الانتقادات المتزايدة، لا يزال الدستور في الهند يحظى بالاحترام على نطاق واسع، وتتولى سلطة قضائية مستقلة حماية مواده بقوة.

التحديات أمام مودي في جنوب الهندلقد فرض رئيس الوزراء ناريندرا مودي سيطرة شبه كاملة على الساحة السياسية الهندية منذ صعوده إلى السلطة قبل عشر سنوات، مع استثناء واحد يتمثل بفشل في الفوز في ولايات الجنوب، الأكثر ثراءً في البلاد، التي كانت معقلاً لأحزاب إقليمية أو حزب «المؤتمر». وللعلم، فإن أكبر المكوّنات العرقية - اللغوية في ولايات الجنوب الخمس ذات الغالبية العرقية الدرافيدية، هي: التيلوغو (ولايتا أندرا براديش وتيلانغانا) والتاميل (ولاية تاميل نادو مع أقليات في ولايات مجاورة) والكانادا (ولاية كارناتاكا) والمالايالام (ولاية كيرالا ومقاطعتا لاخشاذويب وبونديشيري).

في ظل هذا الوضع، يواجه حزب «بهاراتيا جاناتا»، الممثل الرئيسي للعرقية الهندية الهندوسية المتركّزة في ولايات ما يسمى «الحزام الهندي»، صعوبات في اختراق معظم الولايات الجنوبية. واليوم يلاحَظ أن حركة «هندوتفا» القومية الهندوسية الهندية - التي تشكّل صلب تأييد حزب «بهاراتيا جانا» - تحاول التخفيف من غلوّ خطابها القومية العرقية الهندية وحدّته - بأمل جذب جمهور أوسع. وفعلاً، ركز مودي اهتمامه وأنظار تحالفه (التحالف الوطني الديمقراطي)، الذي يشكل «بهاراتيا جاناتا» حزبه الأكبر، في هذه الانتخابات... على محاولة اختراق الولايات الجنوبية، ما يشير إلى تحوّل استراتيجي في التواصل السياسي وأولويات الحكم.

والواقع، أن ولايات جنوب الهند الدرافيدية الخمس تشكّل معاً نحو 20 في المائة من إجمالي سكان البلاد، وفيها 30 في المائة من اقتصادها. وهي تعدّ القلب النابض لقطاعي التصنيع والتكنولوجيا الفائقة في الهند (بالأخص مدينتا بنغالور وحيدر آباد). كما تحظى المرأة فيها بتمكين على مستوى فرص التعليم والتوظيف، ولديها تاريخ طويل من السياسات التقدمية، وبالذات ولاية كيرالا.

وفي هذا الصدد، قال الصحافي مونيش شاندرا باندي: «الاندفاع نحو الجنوب لا يقتصر على السياسة الداخلية، بل يحمل كذلك أهمية جيوسياسية. فمع تزايد نفوذ الصين في منطقة المحيط الهندي، يكتسب الخط الساحلي الجنوبي أهمية استراتيجية متزايدة. وبالتالي، من شأن تعزيز النفوذ داخل الولايات الجنوبية، خاصة تاميل نادو، منح الهند ميزة استراتيجية في مجالي الأمن البحري والتعاون الإقليمي». وفعلاً، خلال الحملة الانتخابية، زار مودي أكثر من 12 مرة ولايات الجنوب خلال الأسابيع القليلة الماضية، في محاولة لتحسين حظوظ حزب «بهاراتيا جاناتا» في الجنوب، حيث تعرّض هذا الحزب لتجاهل كبير حتى عام 2019، عندما تجاوز حاجز 300 في الـ«لوك سابها» (مجلس النواب). مع ذلك، فإن جهود رئيس الوزراء لاختراق الجنوب لا تخلو من تحديات ومصاعب. ولا شك، أن التنوع اللغوي والثقافي، والهويات الإقليمية الراسخة، والانتماءات السياسية التاريخية، عقبات جّديّة أمام طموحات حزب عرقي هندوسي متشدد مثل «بهاراتيا جاناتا». ثم أن معالجة القضايا والحساسيات الخاصة في كل ولاية تتطلب اتباع نهج دقيق ومرن.

قادة حزب المؤتمر المعارض (من الشمال إلى اليمين) سونيا غاندي وماليكارجون خارج وراهول غاندي يحملون بيانات انتخابية (آ ب)

الجغرافيا السياسية لسياسة «هندوتفا»

راهناً، يُنظر إلى ناريندرا مودي، على نطاق واسع، باعتباره رمز «هندوتفا» في الهند، خاصةً أن سياساته تهدف إلى تعزيز مكانة الغالبية الهندوسية في بلد تشكّل فيه نحو 80 في المائة من السكان. إذ يقول منتقدو مودي وحزبه إن حكمه عزّز عودة ظهور «هندوتفا»، تلك الآيديولوجية القومية المتشددة التي تقوم على الإيمان بوجوب أن يكون للهندوس السيطرة الكاملة على الهند. واليوم، تدخل الهند هذه الانتخابات في ظل حالة من الاستقطاب والانقسام العميقين.

وما يُذكر أنه في وقت سابق من السنة، دشّن مودي معبد «هندو رام» في مدينة أيوديا، في الموقع حيث كان يقوم المسجد البابري التاريخي، ولقد شكّل هذا الحدث المستفز لمشاعر الأقلية المسلمة الانطلاقة غير الرسمية لحملة الانتخابات العامة لـ«بهاراتيا جاناتا»؛ إذ ألهب بناء المعبد على أنقاض المسجد المشاعر القومية الهندوسية في جميع أنحاء البلاد... وطبعاً قاد «بهاراتيا جاناتا» الاحتفالات. وفي المقابل، قاطع حزب المعارضة الرئيسي، حزب «المؤتمر الوطني الهندي»، الاحتفال، متهماً «بهاراتيا جاناتا» بتسييس الدين، علماً بأن نحو 200 مليون مسلم يعتبرون الهند وطنهم، وهؤلاء يشكلون ثالث أكبر مجتمع من المسلمين في العالم، وتحمل رفاهيتهم واهتماماتهم تبعات جيوسياسية.

دور مودي... شخصياً

وفي تجمع انتخابي عُقد في فترة قريبة، أشار مودي إلى المسلمين باعتبارهم «متسللين» و«أولئك الذين لديهم عدد أكبر من الأطفال»، كما حذّر من أن حزب «المؤتمر» المعارض سيعيد توزيع ثروة البلاد على المسلمين. وفي سياق التحريض العدائي المكشوف، نشر «بهاراتيا جاناتا» ايضاً مقطع فيديو بالرسوم المتحركة يزعم أن حزب «المؤتمر» سينتزع ثروات غير المسلمين ويوزّعها على المسلمين، الذين شبّههم بـ«الغزاة والإرهابيين واللصوص». وبعد أيام، اتهم مودي حزب «المؤتمر» بالدعوة إلى «جهاد التصويت»، وهي «نظرية مؤامرة» قديمة لطالما روّج لها القوميون الهندوس. وعليه، تقدمت أحزاب المعارضة بشكوى ضد مودي، لدى لجنة الانتخابات الهندية. وبالفعل، أزيل الفيديو.

هذا، ويقول زعماء بالمعارضة ومعلقون سياسيون إن رئيس الوزراء مودي ومعه ساسة من حزبه يواصلون نشر الكراهية الصارخة للإسلام والمسلمين. وقد انتقدوا لجنة الانتخابات صراحة لتأخرها باتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم. ومن جانبهم، يشعر زعماء مسلمون بالقلق إزاء المسلمين بتمثيل كافٍ داخل البرلمان الهندي. وتكشف الأرقام عن أن هناك 27 نائباً مسلماً فقط في مجلس النواب المؤلف من 543 مقعداً في البرلمان، وليس بين هؤلاء أي نائب من نواب «بهاراتيا جاناتا» البالغ عددهم 310 نواب.في هذا الصدد، قال ضياء الإسلام، وهو مؤلّف كتاب عن المسلمين في الهند، إن المسلمين «وضعوا ثقتهم على مدى عقود في الأحزاب العلمانية؛ ما أسفر عن غياب حاد للقيادة الإسلامية». وفي ظل رئاسة مودي للوزراء، أصبحت سياسة «هندوتفا» جزءاً لا يتجزأ من النظام الاجتماعي - القانوني - السياسي في الهند. وعلى المستوى الوطني، تضمن ذلك إلغاء وضع الولاية لكشمير، التي كانت سابقاً الولاية الوحيدة ذات الغالبية المسلمة في الهند. وكذلك طبّقت الحكومة قانون الجنسية المثير للجدل، الذي يتهمه معنيون بحقوق الإنسان بالتمييز ضد المسلمين، وهو يمنع المسلمين المضطهدين (وحدهم بين الأقليات الدينية الأخرى، بما فيها الأقليات المسيحية) في البلدان المجاورة من طلب اللجوء في الهند. وقد أثار هذا في السابق احتجاجات على مستوى البلاد عام 2019.

فرض ناريندرا مودي سيطرة شبه كاملة على الساحة السياسية الهندية

منذ صعوده إلى السلطة قبل عشر سنوات

مع استثناء واحد يتمثل في فشله بالفوز

في ولايات الجنوب

طابور ناخبين أمام أحد مراكز الاقتراع (آ ف ب)

تأثير الشتات الهندي على الانتخابات

> مع وجود نحو 18 مليون هندي يعيشون في الخارج، فإن الهند لديها أكبر جالية خارج أراضيها في العالم. ويعتبر الهنود غير المقيمين - أولئك الذين ما زالوا يحملون جوازات سفر هندية، لكنهم يعيشون في الخارج - مؤهلين للتصويت في الانتخابات. وكشفت تقارير إعلامية، عن أن كثيرين منهم سافروا جواً إلى الهند للتصويت؛ لأن التصويت الإلكتروني أو التصويت بالوكالة لم يُتح لهم بعد. وبشكل عام، تتمتع قوة الشتات الهندية الضخمة بأهمية جيوسياسية كبيرة في الانتخابات. وحسب المحلل السياسي مانيش شيبر، فإن «الشتات الهندي يمثل مجتمعاً كبيراً، ويشكل قوة متنامية لحشد الدعم في الداخل والخارج. وتنخرط الغالبية في أربعة مواضيع واسعة عندما يتعلق الأمر بالحملات الانتخابية: جمع الأموال للأحزاب السياسية، وتوفير الخدمات الفنية حول كيفية إدارة حملة فعالة، والتطوع لحملات التعبئة على الأرض في الهند، وممارسة الضغط. وخبرتهم تعني أنهم قادرون على توفير دفعة إضافية للحملات الانتخابية». مثلما كانت الحال داخل الهند، كان حزب «بهاراتيا جاناتا» الأكثر منهجية ونجاحاً هنا مقارنة بمنافسيه. ولذا؛ يعتبر هذا الشتات بمثابة سلاح سرّي لمودي، وإذا فاز بولاية ثالثة - كما يبدو مرجّحاً - فإن جزءاً من الفضل وراء ذلك سيعود إلى الشتات. والملاحظ أنه على امتداد السنوات العشر الماضية، حرص مودي على التودّد إلى المغتربين الهنود، وعقد تجمّعات حاشدة في دول منها الولايات المتحدة، وبريطانيا وأستراليا والعديد من الدول الأوروبية وشرق الأوسطية، حضرها الهنود بكثافة.ويعتقد عدد من محللي استطلاعات الرأي أنه خلال الفترة التي سبقت الانتخابات العامة لعام 2024، عاد ما يقدر بنحو 10 آلاف من مجموعة «أصدقاء حزب بهاراتيا جاناتا» في الخارج إلى الهند، للمشاركة في حملات على الأرض.

 

مودي أمام التداعيات الجيوسياسية لقمع المعارضة

> خلال في الفترة السابقة للانتخابات، اعتقل المسؤول الأول عن دلهي، أرفيند كيجريوال، على خلفية قضية تتعلق بالمشروبات الكحولية. وبعد أسابيع من الاعتقال، أمرت المحكمة العليا بإطلاق سراحه بكفالة. ولقد اتهم حزب «المؤتمر» المعارض، حكومة مودي اليمينية بتدمير قدرته على تنظيم حملات انتخابية، بسبب تجميد حساباته المصرفية في خضم نزاع ضريبي يعود للعام 2018 - 2019. واليوم، يمثّل حزبا «آم أدامي» و«المؤتمر» جزءاً من كتلة المعارضة الرئيسية في البلاد، في مواجهة مودي و«التحالف الوطني الديمقراطي» الذي يقوده. وأيضاً ألقت مديرية الإنفاذ القبض على هيمانت سورين، المسؤول الأول السابق عن ولاية جهارخاند، وعضو حزب المعارضة «جهارخاند موكتي مورتشا»، بناءً على اتهامات بموجب قانون مكافحة غسل الأموال، ولا يزال في السجن. وفي ضوء ذلك، انتقدت الولايات المتحدة وألمانيا الحكومة الهندية بسبب «قمع المعارضة». كذلك تناولت الأمم المتحدة عبر تصريحات مسؤوليها هذه الحملة ضد المعارضة.ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، قال إن الوزارة تتابع عن قرب التقارير الواردة عن اعتقال كيجريوال. وأكد، رداً على استفسار عبر البريد الإلكتروني حول هذه القضية: «نحن نشجع على إجراء عملية قانونية عادلة وشفافة وفي الوقت المناسب لكيجريوال». وجاءت التصريحات الأميركية بعدما أثارت تصريحات مماثلة من ألمانيا انتقادات من نيودلهي، التي استدعت مبعوث ألمانيا للاحتجاج على تصريحات حكومته.أما وزارة الخارجية الهندية، فادعت أن «العمليات القانونية في الهند تقوم على سلطة قضائية مستقلة ملتزمة بالنتائج الموضوعية وفي الوقت المناسب». وتابعت: «في الدبلوماسية، يُتوقع من الدول أن تحترم سيادة الدول الأخرى وشؤونها الداخلية. وتتجلّى هذه المسؤولية بشكل أكبر في حالة الديمقراطيات الشقيقة. وإلا قد ينتهي الأمر إلى إرساء سوابق غير صحية».


مقالات ذات صلة

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)
حصاد الأسبوع يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا

عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو»... دبلوماسي يقود «أرض الصومال» في «توقيت مصيري»

حياة مغلفة بـ«هم الاستقلال»، سواءً عن المستعمر القديم في السنوات الأولى، أو تشكيل «الدولة المستقلة» طوال فترتَي الشباب والشيخوخة، لم تثنِ عبد الرحمن محمد عبد

محمد الريس (القاهرة)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».