بسيرو ديوماي فاي «صديق عثمان سونكو»... الذي يسعى إلى تغيير وجه السنغال

تحوّلات دراماتيكية حملته من السجن إلى قصر الرئاسة

بسيرو ديوماي فاي «صديق عثمان سونكو»... الذي يسعى إلى تغيير وجه السنغال
TT

بسيرو ديوماي فاي «صديق عثمان سونكو»... الذي يسعى إلى تغيير وجه السنغال

بسيرو ديوماي فاي «صديق عثمان سونكو»... الذي يسعى إلى تغيير وجه السنغال

عندما وقف السياسي الشاب بسيرو (بشير) ديوماي فاي، ليؤدي اليمين الدستورية رئيساً جديداً للسنغال مطلع الشهر الحالي، لم يكن يتصور أنه قبل سنة واحدة فقط كان يقف في مكان وظروف مختلفة تماماً، ففي أبريل (نيسان) من العام الماضي لم يكن فاي سوى سجين متهم بالتشهير والقيام بأعمال من شأنها «تعريض السلام العام للخطر». ولكن ما بين أبريل 2023، وأبريل 2024 جرت في نهر الحياة السياسية السنغالية مياه كثيرة، قادت سفينة مفتش الضرائب السابق، الآتي من إحدى القرى النائية بريف السنغال، إلى قصر الرئاسة، لتدور حياة فاي في بضعة أيام دورة كاملة.

قبل 10 أيام فقط من انطلاق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية السنغالية لم يكن ذلك، بسيرو (بشير) ديوماي فاي، السياسي ابن الـ44 سنة، سوى سجين يترقب مصيره خلف الأسوار، فإذا به يخرج من السجن ليتصدر قائمة المرشحين، ويحظى بفوز حاسم من الجولة الأولى في مواجهة مرشح الائتلاف الحاكم. ولقد جاء هذا الفوز بمثابة لحظة فارقة في تاريخ السنغال، ليس بوصول أصغر رئيس في تاريخ البلاد إلى القصر الرئاسي فقط، أو لأنه آتٍ من صفوف المعارضة، بل باعتبار ما حدث تحولاً جوهرياً للإرث السياسي للبلاد الذي استقر طيلة 6 عقود.

فاي عام 1980 في قرية ندياجانياو، وهي قرية زراعية صغيرة في غرب السنغال، تتبع إقليم تييس، ثاني أكبر أقاليم البلاد، وموطن رئيسها الأول ليوبولد سيدار سونغور، في هذه المنطقة الفقيرة، عاش جزءاً من طفولته ومراهقته، قبل أن يحصل على الثانوية العامة (البكالوريا) عام 2000، بعد صعوبات تعليمية ومجموع متوسط مكّنه من الالتحاق بـ«المدرسة الوطنية للإدارة» في جامعة الشيخ أنتا جوب بالعاصمة داكار، حيث تخرّج عام 2007، حاصلاً على «المتريز» (الإجازة) في القانون. بعدها انضم إلى الإدارة العامة للضرائب والممتلكات، وعمل مفتشاً للضرائب. غير أن تلك الوظيفة شكّلت نقطة تحول حقيقية في حياة ذلك الشاب الذي لم يكن حتى تلك اللحظة لديه طموحات سياسية كبيرة، بل ربما اقتصر الأمر على رغبته في الترقي المهني.

التعرّف إلى سونكو

تمثلت نقطة التحوّل في لقاء فاي بشاب يكبره بـ5 سنوات، لكنه كان شغوفاً بالسياسة، ومفعماً بأحلام التغيير، وسيصبح لاحقاً صديق عمره وقائده في دروب العمل السياسي. ذلك الشاب هو عثمان سونكو، الذي كان يتردد على النادي الرياضي نفسه الذي كان يتردد عليه فاي. وكذلك، عمل أيضاً مفتشاً للضرائب في تلك الفترة.

وهكذا، انطلقت رحلة صعود الصديقين، سونكو وفاي، من رحم المعاناة المهنية. إذ سعى الأول إلى تأسيس نقابة للوكلاء الضريبيين والماليين، لينضم إليه الأخير ويتشاركا العمل على كشف التجاوزات وسوء الإدارة في كثير من مجالات العمل الحكومي بالبلاد. لكن يبدو أن العمل في الضرائب ما كان كافياً لإشباع تطلّعات الشابين الطامحين للتغيير، فخلال عام 2014 شارك فاي رفيق رحلة الكفاح سونكو في تأسيس «حزب الوطنيين الأفارقة السنغاليين من أجل العمل والأخلاق والأخوة» - أو «الحزب الوطني السنغالي» - في قاعة صغيرة بجامعة داكار، وهو الحزب الذي ترأسه عثمان سونكو، وأصبح فاي أمينه العام في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2022.

برزت قدرات فاي في إطار التنظيم الحزبي الجديد، عندما تحوّل إلى «العقل المدبّر» لتوسع الحزب في الخارج، ولا سيما أوروبا. في حين صار سونكو، بخطابه الراديكالي، مصدر إزعاج للسلطات الحاكمة، التي لم تحاول فقط تقليص نشاط السياسي الشاب، عبر سجنه، بل سعت إلى حرمانه من المنصة السياسية التي ينطلق منها، أي الحزب الذي يتزعمه. وهكذا، جاء قرار حلّ الحزب في يوليو (تموز) 2023 تالياً لاعتقال عدد من قياداته، ومنهم فاي يوم 14 أبريل من العام ذاته بتهم الإساءة إلى قاضٍ، والتشهير، وارتكاب أعمال من شأنها تعريض السلام العام للخطر. كل هذا، لانتقاده عبر منشور على صفحته بموقع «فيسبوك» طريقة تعامل القضاء مع قضية عثمان سونكو الذي سبقه إلى السجن، ومُنع من الترشح لانتخابات الرئاسة، فاختار فاي بديلاً له ليخوض الانتخابات التي كادت تتحول إلى نهاية للديمقراطية السنغالية.

من السجن إلى القصر

لقد تضاعفت المخاوف من أن تنجرف السنغال إلى المسار «الانقلابي» عندما أعلن الرئيس المنتهية ولايته ماكي سال، يوم 3 فبراير (شباط) الماضي، تأجيل الانتخابات التي كانت مقرّرة في 25 من الشهر ذاته. إذ انفجر الشارع السنغالي غضباً، ووقعت صدامات في الشارع راح ضحيتها قتلى ومصابون، وقاطع معظم الأحزاب السياسية والمرشحون الـ19 لتلك الانتخابات دعوات الرئيس سال للحوار.

عندها، تراجع الرئيس رغم موافقة البرلمان الذي تسيطر عليه غالبية من الائتلاف الحاكم على قرار التأجيل، لكن «المجلس الدستوري» (أعلى سلطة قانونية في السنغال) أبطل تلك القرارات، ودعا إلى إجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن، وهنا أيضاً اضطر الرئيس سال إلى إعلان إجراء الانتخابات في 24 مارس (آذار) الماضي.

في هذه الأثناء، كان الصديقان سونكو وفاي لا يزالان خلف أسوار السجن، وإن بدا الأخير في وضع أفضل نسبياً. إذ غاب اسم رئيس الحزب السجين عثمان سونكو عن قائمة مرشحي الرئاسة التي أعلنها «المجلس الدستوري» يوم 13 يناير (كانون الثاني) الماضي، رغم كل التقديرات التي كانت تشير إلى أنه أبرز المرشحين المؤهلين لمنافسة أمادو با، المرشح المدعوم من الرئيس ماكي سال، بينما استطاع فاي دخول القائمة، كمرشح بديل. أما السبب فهو أن سونكو المحكوم قضائياً بالسجن لمدة سنتين لا يحق له خوض الانتخابات، في حين لم يخضع فاي للمحاكمة، وبالتالي، لم يصدر ضده أي حكم قضائي.

لعبت الأقدار إذاً لعبتها، وأصبح فاي مرشحاً للانتخابات الرئاسية رغم كونه موقوفاً في سجن كاب مانويل، بضواحي العاصمة داكار، من دون محاكمة. وللعلم، لم تكن أكثر التوقعات تفاؤلاً ترشّحه للفوز من الجولة الأولى، لكن قبل 10 أيام من الانتخابات الرئاسية تبدّلت الأمور، وأطلق سراح كل من فاي وسونكو بموجب قانون عفو.

لم يكن أمام الصديقين فسحة من الوقت لتنظيم حملة انتخابية بالمعايير المعتادة، لمنافسة مرشحين ينتمون إلى أحزاب معارضة أخرى، وفي مواجهة قوى الائتلاف الحاكم، التي كان يمثلها المرشح الذي اختاره الرئيس سال ليخلفه، أي أمادو با، الذي شغل كثيراً من المناصب الوزارية ويتمتع بخبرة طويلة في دهاليز السياسة والحكم.

استفاد فاي من حالة التعاطف الشعبي التي تسببت فيها فترة سجنه لمدة سنة من دون محاكمة، إضافة إلى تركيز خطاباته على مشكلات الطبقات الهشة والمهمشة

توظيف الغضب

استعان تحالف سونكو وفاي، بما برع فيه الصديقان منذ دخولهما عالم السياسة، وهو اللعب على مشاعر الغضب والإحباط المتراكمة لدى قطاعات واسعة من الشباب السنغالي، كما استطاعا توظيف غضب المجتمع السنغالي جراء ارتفاع الأسعار، وتدني فرص التشغيل، واختلال سياسات التوازن الاقتصادي.

أيضاً، استفاد فاي من حالة التعاطف الشعبي التي تسببت فيها فترة سجنه لمدة سنة من دون محاكمة، إضافة إلى تركيز خطاباته على مشكلات الطبقات الهشة والمهمشة. ومن ناحية أخرى، استفاد من دعم المرشح المُستبعد كريم واد، نجل الرئيس السنغالي الأسبق عبد الله واد، المدعوم من عدد من الأحزاب السياسية. وبالنهاية، استطاع الشاب الذي لم يتولّ أي منصب رسمي في البلاد، الفوز في الانتخابات حاصلاً على أكثر من 54 في المائة من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، مقابل 35 في المائة لمرشح الائتلاف الحاكم أمادو با ، ليغدو الرئيس الخامس في سلسلة رؤساء السنغال منذ الاستقلال، والأصغر سناً على الإطلاق.

ما يعرف عن الرئيس الجديد أنه لا يفصح بشكل علني عن تبنيه آيديولوجيا سياسية محددة، بل يركز في معظم خطبه على قضايا اجتماعية ورغبة عميقة في تأكيد الاستقلال عن الهيمنة الفرنسية، بجانب التركيز على قضايا الإصلاح والحريات. إلا أن كثيراً من التقارير تشير إلى أنه كان مقرباً خلال دراسته الجامعية من الحركات الطلابية ذات النزعة الإسلاموية والمرتبطة بجماعة «عباد الرحمن»، وهي حركة سنغالية تتبنى فكر تنظيم «الإخوان المسلمين»، وأسست في أواخر سبعينات القرن الماضي. ولعل ذلك ما دفع صحيفة «لوموند» الفرنسية إلى نشر تقرير عن «فاي» ادعت فيه أنه «امتداد لـ(الإخوان المسلمين)، وسيشكل قطيعة مع ما درج عليه النظام السياسي في السنغال». ومع أن الرئيس الجديد لم يُبد انحيازاً واضحاً لتيار سياسي محدد، نجد أن كثيرين من المراقبين يرون أن عثمان سونكو «جزء من الظاهرة الإسلاموية» التي تتمدد في السنغال.

 

وعود بإدارة «أخلاقية»

في أي حال، يراهن فاي على أنه سيقدم وجها مختلفاً للحاكم القادم من مقاعد المعارضة، إذ تعهد عقب إعلان فوزه بأن «السنغال ستكون بلد الأمل والسلام، مع نظام قضائي مستقل وديمقراطية أقوى»، كما وعد بإدارة الأمور بـ«طريقة أخلاقية» وبناء الاقتصاد.

وخلال حملته الانتخابية قال فاي أنه «مرشح تغيير النظام» و«الوحدة الإفريقية»، ووعد بمكافحة الفساد وتوزيع الثروات بصورة أفضل ومعاودة التفاوض بشأن اتفاقات المناجم والغاز والنفط المبرمة مع الشركات الأجنبية. وأيضاً، تعهد بـ«تطهير الطبقة السياسية من خلال إبعاد المفسدين من السلطة واستعادة سيادة السنغال»، وفق تعبيره.

طموحات فاي تبدو عالية السقف، فهي تتراوح من مراجعة اتفاقيات الصيد مع الدول المجاورة، حيث تتضاءل الموارد السمكية التي تدعم نحو 600 ألف أسرة سنغالية، لتصل إلى مراجعة اتفاقيات الدفاع مع فرنسا بهدف «استعادة السيادة»، وهو التعبير الذي استخدمه ما لا يقل عن 18 مرة في خطاب الفوز بالانتخابات. لكن هذه الوعود الصاخبة التي قد تستهوي الناخبين وتجتذب الأصوات، غالباً ما تخبو عندما تصطدم بحقائق الواقع، فضلاً عما يمكن أن تثيره من مخاوف ما يسمى بمؤسسات «الدولة العميقة» التي غالباً ما تنظر بقلق إلى شعارات كـ«التطهير» و«إعادة بناء المؤسسات».

ثم إن التحديات التي سيواجهها الرئيس السنغالي الجديد لا تقتصر على الإصلاح السياسي فقط. إذ إن النمو السكاني السريع في السنغال يشكل تحدياً كبيراً للحكومة، فنحو 20 في المائة من الشباب عاطلون عن العمل، ويشكل الفقر نسبة 36.6 في المائة من إجمالي تعداد السكان البالغ 18 مليون نسمة. ومع أن السنغال تمتلك أراضي زراعية شاسعة، فإنها تستورد 70 في المائة من احتياجاتها الغذائية، ولا تزال الزراعة تعتمد على الطرق البدائية، وبحسب «الأمم المتحدة»، تصنف البلاد كواحدة من أقل الدول نمواً، رغم الخطوات التي قامت بها لتحقيق التنمية الاقتصادية. وبالتالي، سيكون على فاي أن يتعامل مع تحديات اقتصادية متراكمة مع تجاوز حجم الدين الخارجي للسنغال 13.5 مليار دولار، وذهاب 36 في المائة من صادرات البلاد لسداد الديون. وأيضاً، هناك واقع اعتماد الدولة السنغالية على القروض والمنح، ما يبقيها رهينة لضغوط قوية من الشركاء الخارجيين، وقد تجد صعوبات في تمويل الوعود الانتخابية الطموحة التي أطلقها فاي خلال حملته الرئاسية.

تحديات... بالجملة

الواقع أن التحديات لا تقتصر على الداخل السنغالي، بل تمتد إلى خارج الحدود. فعدد من مواقف فاي وتصريحاته لا تبدو ودية تجاه فرنسا، المستعمر القديم للبلاد، وصاحبة النفوذ التاريخي في منطقة الغرب الأفريقي، وتعهده بإصدار عملة وطنية للبلاد بديلاً عن «الفرنك الأفريقي» لن يكون موضع ترحيب من جانب باريس، التي يتهاوى نفوذها في المنطقة، نتيجة صعود نخب شابة إلى الحكم في كثير من مستعمرات فرنسا القديمة.

ورغم اختلاف مسارات وصول «الحكام الجدد» إلى السلطة، سواء عبر انقلابات عسكرية - كحال كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر وغينيا والغابون - أو من خلال صناديق الاقتراع كالسنغال، فإن النخب الجديدة تتشارك عداءً واضحاً تجاه الهيمنة الفرنسية.

ولن تكون فرنسا وحدها من يترقب سياسات الرئيس السنغالي الجديد، بل سيكون على الجيران في موريتانيا أيضاً متابعة نيات فاي، وبخاصة ما يتعلق بمراجعة اتفاقيات الغاز المشترك بين البلدين، وهو المطلب الذي طالما كرّره عثمان سونكو، الذي يرى أن رؤساء السنغال تنازلوا لموريتانيا عن أراضٍ ومصالح سنغالية متعددة. هذا الأمر يثير مخاوف عميقة في نواكشوط، خاصة أن الجارين اختبرا على مدى عقود تقلبات العلاقة من الحرب إلى السلام ومن التوتر إلى التقارب، كما توجد في موريتانيا جالية سنغالية كبيرة، معظم أبنائها من الصيادين والعمال اليدويين. ولقد تسجّل 27 ألف ناخب سنغالي في نواكشوط عام 2024... صوّت منهم قرابة 10 آلاف شخص، وحصد منها فاي نسبة 55 في المائة.


مقالات ذات صلة

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

حصاد الأسبوع من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع دوما بوكو

دوما بوكو... رئيس بوتسوانا «العنيد» يواجه تحديات «البطالة والتمرد»

لا يختلف متابعو ملفات انتقال السلطة في أفريقيا، على أن العناد مفتاح سحري لشخصية المحامي والحقوقي اليساري دوما بوكو (54 سنة)، الذي أصبح رئيساً لبوتسوانا،

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

خطفت بوتسوانا (بتشوانالاند سابقاً) أنظار العالم منذ أشهر باكتشاف ثاني أكبر ماسة في العالم، بيد أن أنظار المراقبين تخاطفت الإعجاب مبكراً بتلك الدولة الأفريقية

«الشرق الأوسط» ( القاهرة)
حصاد الأسبوع الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

ضاعف الرئيس التونسي قيس سعيّد فور أداء اليمين بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية، الاهتمام بالملفات الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية والتحذير من «المخاطر

كمال بن يونس (تونس)
حصاد الأسبوع جنود فرنسيون  في مالي (سلاح الجو الأميركي)

إضاءة على تراجع تأثير سياسة فرنسا الخارجية

بعد عقود من الحضور القوي للدبلوماسية الفرنسية في العالم، ورؤية استراتيجية وُصفت «بالتميز» و«الانفرادية»، بدأ الحديث عن تراجع في النفوذ

أنيسة مخالدي (باريس)

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
TT

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)

ضاعف الرئيس التونسي قيس سعيّد فور أداء اليمين بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية، الاهتمام بالملفات الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية والتحذير من «المخاطر والمؤامرات» و«المتآمرين» على أمن الدولة. كما كثف سعيّد لقاءاته بمسؤولي وزارتي الدفاع والداخلية وأعضاء مجلس الأمن القومي الذي يضم كذلك أكبر قيادات القوات المسلحة العسكرية والمدنية إلى جانب رئيسَي الحكومة والبرلمان ووزراء السيادة وكبار مستشاري القصر الرئاسي. وزاد الاهتمام بزيادة تفعيل دور القوات المسلحة و«تصدرها المشهد السياسي» بمناسبة مناقشة مشروع ميزانية الدولة للعام الجديد أمام البرلمان بعد تصريحات غير مسبوقة لوزير الدفاع الوطني السفير السابق خالد السهيلي عن «مخاطر» تهدد أمن البلاد الداخلي والخارجي.

تصريحات وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي تزامنت مع تصريحات أخرى صدرت عن وزير الداخلية خالد النوري وعن وزير الدولة للأمن القاضي سفيان بالصادق وعن الرئيس قيس سعيّد شخصياً. وهي كلها حذّرت من مخاطر الإرهاب والتهريب والمتفجرات والهجرة غير النظامية، ونبّهت إلى وجود «محاولات للنيل من سيادة تونس على كامل ترابها الوطني ومياهها الإقليمية» وعن «خلافات» لم تُحسم بعد و«غموض» نسبي في العلاقات مع بعض دول المنطقة.

وهنا نشير إلى أن اللافت في هذه التصريحات والمواقف كونها تأتي مع بدء الولاية الرئاسية الثانية للرئيس قيس سعيّد، ومع مصادقة البرلمان على مشروع الحكومة لموازنة عام 2025... وسط تحذيرات من خطر أن تشهد تونس خلال العام أزمات أمنية وسياسية واقتصادية اجتماعية خطيرة.

أكثر من هذا، يتساءل البعض عن مبرّر إثارة القضايا الخلافية مع ليبيا، والمخاطر الأمنية من قِبل كبار المسؤولين عن القوات المسلحة، في مرحلة تعذّر فيها مجدداً عقد «القمة المغاربية المصغرة التونسية - الليبية - الجزائرية»... التي سبق أن تأجلت مرات عدة منذ شهر يوليو (تموز) الماضي.

كلام السهيلي... وزيارة سعيّد للجزائركلام السهيلي، وزير الدفاع، جاء أمام البرلمان بعد نحو أسبوع من زيارة الرئيس قيس سعيّد إلى الجزائر، وحضوره هناك الاستعراض العسكري الضخم الذي نُظّم بمناسبة الذكرى السبعين لانفجار الثورة الجزائرية المسلحة. وما قاله الوزير التونسي أن «الوضع الأمني في البلاد يستدعي البقاء على درجة من اليقظة والحذر»، وقوله أيضاً إن «المجهودات العسكرية الأمنية متضافرة للتصدّي للتهديدات الإرهابية وتعقّب العناصر المشبوهة في المناطق المعزولة». إلى جانب إشارته إلى أن تونس «لن تتنازل عن أي شبر من أرضها» مذكراً - في هذا الإطار - بملف الخلافات الحدودية مع ليبيا.

من جهة ثانية، مع أن الوزير السهيلي ذكر أن الوضع الأمني بالبلاد خلال هذا العام يتسم بـ«الهدوء الحذر»، فإنه أفاد في المقابل بأنه جرى تنفيذ 990 عملية في «المناطق المشبوهة» - على حد تعبيره - شارك فيها أكثر من 19 ألفاً و500 عسكري. وأنجز هؤلاء خلال العمليات تفكيك 62 لغماً يدوي الصنع، وأوقفوا آلاف المهرّبين والمهاجرين غير النظاميين قرب الحدود مع ليبيا والجزائر، وحجزوا أكبر من 365 ألف قرص من المخدرات.

بالتوازي، كشف وزير الدفاع لأول مرة عن تسخير الدولة ألفي عسكري لتأمين مواقع إنتاج المحروقات بعد سنوات من الاضطرابات وتعطيل الإنتاج والتصدير في المحافظات الصحراوية المتاخمة لليبيا والجزائر.

مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه اوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

تفعيل دور «القوات المسلحة»

تصريحات الوزير السهيلي لقيت أصداء كبيرة، محلياً وخارجياً، في حين اعترض على جانب منها سياسيون وإعلاميون ليبيون بارزون.

بيد أن الأمر الأهم، وفق البشير الجويني، الخبير التونسي في العلاقات بين الدول المغاربية والدبلوماسي السابق لدى ليبيا، أنها تزامنت مع «تأجيل» انعقاد القمة المغاربية التونسية - الليبية - الجزائرية التي سبق الإعلان أنه تقرر تنظيمها في النصف الأول من الشهر الأول في ليبيا، وذلك في أعقاب تأخير موعدها غير مرة بسبب انشغال كل من الجزائر وتونس بالانتخابات الرئاسية، واستفحال الأزمات السياسية الأمنية والاقتصادية البنكية في ليبيا من جديد.

والحال، أن الجويني يربط بين هذه العوامل والخطوات الجديدة التي قام بها الرئيس سعيّد وفريقه في اتجاه «مزيد من تفعيل دور القوات المسلحة العسكرية والمدنية» وسلسلة اجتماعاته مع وزيري الداخلية والدفاع ومع وزير الدولة للأمن الوطني، فضلاً عن زياراته المتعاقبة لمقر وزارة الداخلية والإشراف على جلسات عمل مع كبار كوادرها ومع أعضاء «مجلس الأمن القومي» في قصر الرئاسة بقرطاج. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه إذ يسند الدستور إلى رئيس الدولة صفة «القائد العام للقوات المسلحة»، فإن الرئيس سعيّد حمّل مراراً المؤسستين العسكرية والأمنية مسؤولية «التصدي للخطر الداهم» ولمحاولات «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي».

واعتبر سعيّد خلال زيارات عمل قام بها إلى مؤسسات عمومية موسومة بأنه «انتشر فيها الفساد» - بينها مؤسسات زراعية وخدماتية عملاقة - أن البلاد تواجه «متآمرين من الداخل والخارج» وأنها في مرحلة «كفاح جديد من أجل التحرر الوطني»، ومن ثم، أعلن إسناده إلى القوات المسلّحة مسؤولية تتبع المشتبه فيهم في قضايا «التآمر والفساد» والتحقيق معهم وإحالتهم على القضاء.

المسار نفسه اعتمده، في الواقع، عدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين التونسيين بينهم وزير الصحة والوزير المستشار السابق في قصر قرطاج الجنرال مصطفى الفرجاني، الذي أعلن بدوره عن إحالة مسؤولين متهمين بـ«شبهة الفساد» في قطاع الصحة على النيابة العمومية والوحدات الأمنية المركزية المكلّفة «الملفات السياسية والاقتصادية الخطيرة»، وبين هذه الملفات الإرهاب وسوء التصرّف المالي والإداري في أموال الدولة ومؤسساتها.

متغيرات في العلاقات مع ليبيا والجزائر وملفَي الإرهاب والهجرة

القمة المغاربية الأخيرة التي استضافتها الجزائر (لانا)

حملات غير مسبوقة

وفعلاً، كانت من أبرز نتائج «التفعيل الجديد» للدور الوطني للمؤسستين العسكرية والأمنية، وتصدّرهما المشهد السياسي الوطني التونسي، أن نظّمت النيابة العمومية وقوات الأمن والجيش حملات غير مسبوقة شملت «كبار الحيتان» في مجالات تهريب المخدرات والممنوعات، وتهريب عشرات آلاف المهاجرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء سنوياً نحو تونس، عبر الحدود الليبية والجزائرية تمهيداً لترحيلهم بحراً نحو أوروبا عبر إيطاليا.

وحسب المعلومات التي ساقها كل من وزيري الدفاع والداخلية، وأيضاً رئاسة الحرس الوطني، تمكنت القوات العسكرية والأمنية لأول مرة من أن تحجز مئات الكيلوغرامات من الكوكايين إلى جانب «كميات هائلة من الحشيش» والأقراص المخدرة.

وفي الحصيلة، أدّت تلك العمليات إلى إيقاف عدد من كبار المهرّبين ومن رؤوس تجار المخدرات «بقرار رئاسي»، بعدما أثبتت دراسات وتقارير عدة أن مئات الآلاف من أطفال المدارس، وشباب الجامعات، وأبناء الأحياء الشعبية، تورّطوا في «الإدمان» والجريمة المنظمة. وجاء هذا الإنجاز بعد عقود من «تتبّع صغار المهرّبين والمستهلكين للمخدرات وغضّ الطرف عن كبار المافيات»، على حد تعبير الخبير الأمني والإعلامي علي الزرمديني في تصريح لـ«الشرق الأوسط».

تحرّكات أمنية عسكرية دوليةعلى صعيد آخر، جاء تصدّر القوات المسلحة العسكرية والأمنية التونسية المشهدين السياسي متلازماً زمنياً مع ترفيع التنسيقين الأمني والعسكري مع عواصم وتكتلات عسكرية دولية، بينها حلف شمال الأطلسي (ناتو) وقيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم). وما يُذكر هنا أنه في ظل عودة التوترات السياسية في ليبيا، وتفاقم الخلافات داخلها بين حلفاء روسيا وتركيا والعواصم الغربية، تزايدت الاهتمامات الأميركية والأوروبية والأطلسية بـ«ترفيع الشراكة الأمنية والعسكرية مع تونس».

أيضاً، ورغم الحملات الإعلامية الواسعة في تونس ضد الإدارة الأميركية وحلفائها منذ عملية «طوفان الأقصى»؛ بسبب انحيازها لإسرائيل ودعمها حكومة بنيامين نتنياهو، كثّفت واشنطن - عبر بعثاتها في المنطقة - دعمها التدريبات العسكرية والأمنية المشتركة مع قوات الجيش والأمن التونسية.

بل، لقد أعلن جوي هود، السفير الأميركي لدى تونس، عن برامج واسعة لترفيع دور «الشراكة» العسكرية والأمنية الأميركية - التونسية، وبخاصة في المحافظات التونسية الحدودية مع كل من ليبيا والجزائر، وأيضاً في ميناء بنزرت العسكري (شمال تونس) ومنطقة النفيضة (100 كلم جنوب شرقي العاصمة تونس).

وإضافة إلى ما سبق، أعلنت مصادر رسمية تونسية وأميركية عن مشاركة قوات تونسية ومغاربية أخيراً في مناورات عسكرية بحرية أميركية دولية نُظمت في سواحل تونس. وجاءت هذه المناورات بعد مشاركة الجيش التونسي، للعام الثالث على التوالي، في مناورات «الأسد الأفريقي» الدولية المتعددة الأطراف... التي نُظم جانب منها في تونس برعاية القوات الأميركية.

وحول هذا الأمر، أكد وزير الداخلية التونسي خالد النوري، قبل أيام في البرلمان، أن من بين أولويات وزارته عام 2025 «بناء أكاديمية الشرطة للعلوم الأمنية» في منطقة النفيضة من محافظة سوسة، وأخرى لحرس السواحل، وهذا فضلاً عن توسيع الكثير من الثكنات ومراكز الأمن والحرس الوطنيين وتهيئة مقر المدرسة الوطنية للحماية المدنية.

أبعاد التنسيقين الأمني والعسكري مع واشنطنوحقاً، أكد تصريح الوزير النوري ما سبق أن أعلن عنه السفير الأميركي هود عن «وجود فرصة لتصبح تونس ومؤسّساتها الأمنية والعسكرية نقطة تصدير للأمن وللتجارب الأمنية في أفريقيا وفي كامل المنطقة».

وفي هذا الكلام إشارة واضحة إلى أن بعض مؤسسات التدريب التي يدعمها «البنتاغون» (وزارة الدفاع الأميركية)، وحلفاء واشنطن في «ناتو»، معنية في وقت واحد بأن تكون تونس طرفاً في «شراكة أمنية عسكرية أكثر تطوراً» مع ليبيا وبلدان الساحل والصحراء الأفريقية والبلدان العربية.

وزير الداخلية خالد النوري نوّه أيضاً بكون جهود تطوير القدرات الأمنية لتونس «تتزامن مع بدء العهدتين الثانيتين للرئيس قيس سعيّد وأخيه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون».

وفي السياق ذاته، نوّه عزوز باعلال، سفير الجزائر لدى تونس، بالشراكة الاقتصادية والأمنية والسياسية بين تونس والجزائر، وبنتائج زيارة الرئيس سعيّد الأخيرة للجزائر، وكذلك بجلسات العمل واللقاءات السبعة التي عقدها وزيرا خارجيتي البلدين محمد علي النفطي وأحمد عطّاف خلال الأسابيع القليلة الماضية في الجزائر وفي عواصم أخرى عدة.

حقائق

قضايا الحدود التونسية... شرقاً وغرباً

اقترن بدء الولاية الرئاسية الثانية التونسي للرئيس قيس سعيّد بتحرّكات قام بها مسؤولون كبار في الدولة إلى مؤسسات الأمن والجيش في المحافظات الحدودية، وبالأخص من جهة ليبيا، ضمن جهود مكافحة الإرهاب والتهريب والمخدرات.ومعلوم أنه زاد الاهتمام بالأبعاد الأمنية في علاقات تونس بجارتيها ليبيا والجزائر بعد إثارة وزير الدفاع خالد السهيلي أمام البرلمان ملف «رسم الحدود» الشرقية لتونس من قِبل «لجنة مشتركة» تونسية - ليبية. وكما سبق، كان الوزير السهيلي قد تطرّق إلى استغلال الأراضي الواقعة بين الحاجز الحدودي بين ليبيا وتونس، قائلاً إن «تونس لم ولن تسمح بالتفريط في أي شبر من الوطن». وفي حين رحّبت أطراف ليبية ومغاربية بهذا الإعلان، انتقده عدد من المسؤولين والخبراء الليبيين بقوة واعتبروا أن «ملف الخلافات الحدودية أغلق منذ مدة طويلة».ولكن، حسب تأكيدات مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، فإن السلطات الليبية أعلنت عن تغيير موقع العلامة الحدودية الفاصلة بين ليبيا وتونس «جزئياً» في منطقة سانية الأحيمر، التي تتبع ليبيا. إذ أورد بيان مديرية أمن السهل الغربي في يوليو (تموز) 2022، أنها رصدت ضم سانية الأحيمر إلى الأراضي التونسية، من خلال وضع العلامة الدالة على الحدود بذلك المكان (شرق السانية) بمسافة تقدر بنحو 150 متراً شرقاً ونحو 6 كيلو جنوباً.‏ما يستحق الإشارة هنا أن اللجنة الخاصة بترسيم الحدود الليبية مع تونس، والمكلفة من قِبل وزارة الدفاع في حكومة طرابلس، كشفت عن وجود عملية «تحوير» للعلامة. لكن مصادر دبلوماسية من الجانبين أكدت أن هذه القضية، وغيرها من «الخلافات والمستجدات»، جارٍ بحثها على مستوى اللجنة المشتركة ومن قِبل المسؤولين السياسيين والديبلوماسيين «بهدوء».في أي حال، أعادت إثارة هذه القضية إلى الواجهة تصريحاً سابقاً قال فيه الرئيس سعيّد بشأن الحدود مع ليبيا: «إن تونس لم تحصل إلا على الفتات» بعد خلافها الحدودي البحري مع ليبيا في فترة سبعينات القرن الماضي.والحقيقة، أنه سبق أن شهدت علاقات تونس وليبيا في أوقات سابقة توترات محورها الحدود والمناطق الترابية المشتركة بينهما؛ وذلك بسبب خلافات حدودية برّية وبحرية تعود إلى مرحلة الاحتلالين الفرنسي لتونس والإيطالي لليبيا، ثم إلى «التغييرات» التي أدخلتها السلطات الفرنسية على حدود مستعمراتها في شمال أفريقيا خلال خمسينات القرن الماضي عشية توقيع اتفاقيات الاستقلال. وهكذا، بقيت بعض المناطق الصحراوية الحدودية بين تونس وكل من ليبيا والجزائر «مثار جدل» بسبب قلة وضوح الترسيم وتزايد الأهمية الاستراتيجية للمناطق الحدودية بعد اكتشاف حقول النفط والغاز.وعلى الرغم من توقيع سلطات تونس وليبيا والجزائر اتفاقيات عدة لضبط الحدود والتعاون الأمني، تضاعف الاضطرابات الأمنية والسياسية في المنطقة منذ عام 2011 بسبب اندلاع حروب جديدة «بالوكالة» داخل ليبيا ودول الساحل والصحراء، بعضها بين جيوش و«ميليشيات» تابعة لواشنطن وموسكو وباريس وأنقرة على مواقع جيو - استراتيجية شرقاً غرباً.مع هذا، وفي كل الأحوال، تشهد علاقات تونس وكل من ليبيا والجزائر مستجدات سريعة على المجالين الأمني والعسكري. وربما تتعقد الأوضاع أكثر في المناطق الحدودية بعدما أصبحت التوترات والخلافات تشمل ملفات أمنية دولية تتداخل فيها مصالح أطراف محلية وعالمية ذات «أجندات» مختلفة وحساباتها للسنوات الخمس المقبلة من الولاية الثانية للرئيسين سعيّد وعبد المجيد تبّون.