أمازيغ ليبيا بين شكاوى «التهميش»... وتهم «التمرّد»

أزمة رأس جدير أظهرت الجزء الغاطس من الأزمة

الأعلام الأمازيغية مرفوعة في احتفال بعد ثورة 2011 (آ ف ب/غيتي)
الأعلام الأمازيغية مرفوعة في احتفال بعد ثورة 2011 (آ ف ب/غيتي)
TT

أمازيغ ليبيا بين شكاوى «التهميش»... وتهم «التمرّد»

الأعلام الأمازيغية مرفوعة في احتفال بعد ثورة 2011 (آ ف ب/غيتي)
الأعلام الأمازيغية مرفوعة في احتفال بعد ثورة 2011 (آ ف ب/غيتي)

دأب الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي على التعامل مع المكوّن الأمازيغي في ليبيا طوال فترة حكمه، بين 1969 و2011، باعتبارهم من قبائل «اندثرت وانتهت». إلا أنه بعد أشهر معدودة من كلامه هذا، كانوا في طليعة «الثوار» الذين أسقطوا نظامه في انتفاضة عام 2011، ومنذ ذلك التاريخ استعاد أمازيغ ليبيا «حيوية» ثقافتهم تدريجياً، وبدأوا في الدفاع عما يعدّونها «مكتسباتهم» التي حققوها، مع أنهم ظلوا يشكون من «التهميش».

تتركز الكثافة السكانية الأمازيغية في ليبيا، بدءاً من مدينة زوارة على الحدود التونسية (أقصى شمال غربي البلاد) وامتداداً إلى نالوت وجبل نفوسة وطرابلس وغدامس، مروراً بمدن غات وأوباري وسبها (جنوباً)، مع التذكير بأن الطوارق أمازيغ أيضاً، وصولاً إلى سوكنة وأوجلة نحو الشرق.

ولقد عاد اسم زوارة أخيراً إلى واجهة الأحداث على خلفية أزمة معبر رأس جدير الحدودي مع تونس، عندما وقع صدام بين قوة تابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، والمجلس العسكري لمدينة زوارة الذي يتولى إدارة المعبر، وكاد يتطور إلى اشتباكات واسعة.

على الأثر، اضطرت سلطات طرابلس إلى إغلاق المعبر أمام حركة سير الأفراد والسيارات يوم 19 مارس (آذار) الحالي، ليعلن حينها وزير داخلية «الوحدة الوطنية» عماد الطرابلسي أن المعبر لن يُفتح «حتى استعادة السيطرة عليه، ولو بالقوة، وإعادته إلى حضن الدولة».

الطرابلسي توعّد باللا تراجع عن المواجهة مع ما أسماهم بـ«تجار المخدرات والمهربين مهما كلفه الأمر»، وأكد أنه «لن يُرفَع أي علم على المعبر باستثناء علم الدولة الليبية»، في تلميح إلى علم الأمازيغ.

ما يستحق التنويه أن مدينة زوارة كانت قد تقدّمت الصفوف عقب الإطاحة بنظام القذافي، واستولت قواتها العسكرية - التي تشكّلت أصلاً لمقاومته - على منطقة رأس جدير، وضمّت رسمياً المعبر الحدودي مع تونس إلى المنطقة الإدارية الواقعة تحت سيطرة بلديتها، لتتحوّل المدينة تدريجياً إلى «مركز قوة»، مع أنها بقيت اسمياً تحت سلطة الحكومات المتعاقبة.

هدوء العاصفة

ما بين عهد القذافي، وعهود تلت، شكا الأمازيغ طويلاً من «الإقصاء» و«التهميش»، وهو ما أثاره إبراهيم قرادة، رئيس «المؤتمر الليبي للأمازيغية»، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، عدّ فيه أن حادث المعبر كشف عن «استهداف معلن وصريح» للأمازيغ.

بيد أن أزمة المعبر تبدو أشبه بكرة لهب تتدحرج من حكومة إلى أخرى، وأظهرت الجزء الغاطس من الأزمة على السطح. في حين ظهرت زوارة، الممتدة جغرافيتها على شاطئ المتوسط لمسافة 60 كيلومتراً من مليتة شرقاً إلى حدود تونس غرباً، كما لو كانت قد «تمردت» على سلطة الدولة.

إذ يواصل الطرابلسي - الذي أعلن «مجلس حكماء زوارة» أنهم لا يعترفون به - وعيده. وكذلك تتواصل التحشيدات بعدما وجّه صلاح النمروش، معاون رئيس الأركان التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية»، 7 ألوية بتجهيز آلياتها وعتادها، قبل تدخل المجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي، لانتزاع فتيل الأزمة، وهكذا هدأت العاصفة مؤقتاً بعدما كانت البلاد ماضية نحو المواجهة لإحكام السيطرة على المعبر. وحول هذا، قال قرادة: «انكشفت حدة الإقصاء والتهميش للأمازيغ في السنوات الأخيرة بشكل سافر ومستفز... وهذا ما يفسّر ردّ الفعل الأمازيغي الحازم والصارم دفاعاً عن الوجود والنفس».

وسط هذه الأجواء المضطربة أمضت ليبيا الأسبوع الماضي متخوفة من حرب بعدما عدّ المجلس البلدي لبلدية زوارة كلام الطرابلسي «عنصرية وجهوية» ضد المكوّن الأمازيغي. وتابع أن «التصرّفات الفردية والتوجهات العرقية وتصفية الحسابات يجب ألّا يكون لها مكان في سياسات الدولة»، وهو ما عدّه بعض المتابعين رسالة إلى رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة ضد وزير داخليته.

وبالتوازي، روى الهادي برقيق، رئيس «المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا»، أن الطرابلسي «دفع بقوة تتبع إنفاذ القانون بالتوجه إلى المعبر، وعندما وصلت شرعت في تجهيز بعض الأعمال، ولكننا فوجئنا بالتعدّي على الأجهزة الأمنية... وهنا تدخل المجلس البلدي في زوارة بحكم التبعية الإدارية، ولكن هذا التدخل جوبه بإطلاق النار على الأطراف التي سعت لإنهاء الأزمة». وفي نفيه لسيطرة زوارة بالكامل على المعبر، قال برقيق، في تصريح صحافي، إن العاملين فيه «خليط من كل أبناء المنطقة الغربية، وليس أبناء زوارة فقط التي يوجد المنفذ في حدودها الإدارية».

غير أن هناك من عدّ تصرف زوارة بمثابة «تمرّد وفرض هيمنة بالسلاح وتنازع سلطات الدولة». وبينما كانت مقاطع الفيديو، التي تظهر تحرك آليات عسكرية وأرتال سيارات الدفع الرباعي المُحملة بالصواريخ تنطلق من مناطق الأمازيغ باتجاه زوارة لمواجهة التحشيدات العسكرية التي أمر بها النمروش، كانت راية الأمازيغ - التي وجدت مكاناً لها بعد رحيل القذافي - ترفرف على مداخل معبر رأس جدير نكاية في الطرابلسي.

معبر راس جدير (رويترز)

الأمازيغ أيام القذافي

في الواقع، لم ينس الأمازيغ تعامل القذافي معهم، وكيف عدّهم في أحد أحاديثه قُبيل رحيله بسنة «قبائل قديمة عاشت في شمال أفريقيا، قبل أن تندثر وتنقرض مثل المشواش والليبيو والتحنو». وهنا علّق قرادة - وهو كبير مستشارين بالأمم المتحدة سابقاً - عن أن «مسألة تهميش وإقصاء أمازيغ ليبيا ليست جديدة، بل قديمة... لكن الذروة كانت اضطهادهم في عهد القذافي بشكل ممنهج». وتابع أن «نصيب المطالبين بالحق الأمازيغي على أيام القذافي كان الملاحقة الأمنية والسجون والإعدامات والتضييق السياسي... ولذا عانت مناطق الأمازيغ من تسليط وتسلّط مؤسسات وتوظيف القبلية والعقوبات التنموية على مدنهم».

دراسة لـ«الأمم المتحدة»

هذا، وفي دراسة نشرها مركز «مالكوم كير - كارنيغي للشرق الأوسط»، ورد أن سقوط القذافي وتشظي السلطة المركزية دفعا كثيراً من المجتمعات المحلية إلى التسابق للسيطرة على المواقع كي تصبح مراكز قوة تضمن لها الحصول على الموارد الاقتصادية. وبالفعل، نفخ هذا التنافس على المنافذ الحدودية في رماد التناحرات التاريخية، خاصة بين العرب وبين الأمازيغ.

ورصدت الدراسة أن القذافي استخدم التجارة الحدودية لتعزيز سطوته، واستلحق قبائل وفئات اجتماعية معيّنة وأغدق عليهم الامتيازات على حساب آخرين. و«لذا من البديهي أن تؤدي سياسة (فرّق تسد) هذه إلى بروز تظلمات في صفوف قطاعات من السكان حُرموا من كعكة المغانم. وكان الأمازيغ المجتمع المحلي الأكثر عرضة على نحو متواصل إلى هذا التمييز والحرمان».

ومضت الدراسة إلى أن السيطرة على المعابر الحدودية بعد رحيل نظام القذافي أضحت عاملاً استراتيجياً في مجال التقدم الاجتماعي والسياسي للأمازيغ. وضربت مثلاً بما جرى سابقاً في نالوت، وهي بلدة أمازيغية أخرى، عندما استولت ميليشيا محلية على معبر «ذهيبة - وازن» الحدودي القريب منها. وللعلم، رأس جدير وذهيبة - وازن هما المعبران الحدوديان الوحيدان بين تونس وليبيا، وإن كان المعبر الأول يحظى بعمليات عبور أكثر من الثاني. وبالمثل، أقامت المجموعات المسلحة الأمازيغية نقاط تفتيش على طول خطوط التهريب.

وبعد إغلاق رأس جدير اضطرت عشرات الشاحنات المصطفة على أبوابه إلى تغيير اتجاهها بإذن من السلطات التونسية حيث معبر ذهيبة - وازن، الذي شددت وزارة داخلية «الوحدة الوطنية» على أنه مفتوح ويعمل على مدار الساعة بلا توقف لتأمين حركة السير في الاتجاهين بشكل طبيعي.

أزمة شرعية

متابعون يربطون ما حدث ويحدث في معبر رأس جدير «امتداداً لحالة الفوضى الأمنية» التي تضرب ليبيا منذ إسقاط النظام السابق، لافتين إلى أن الوضع القائم «سهّل للتشكيلات المسلحة السيطرة على المنافذ، التي يفترض أن جميعها يخضع لسلطة الدولة الليبية».

ويُنظر إلى غالبية المعابر (البرية والجوية والبحرية) في عموم ليبيا، بحسب محمد عمر بعيو، رئيس «المؤسسة الليبية للإعلام» (التابعة لمجلس النواب) أنها «غير خاضعة لسيطرة الدولة وأجهزتها القانونية الرسمية»، وكان بعيو أظهر تعاطفه في تصريح سابق مع الأمازيغ في «رفضهم ومقاومتهم لممارسات حكومة الدبيبة».

لكن مسؤولاً سابقاً في وزارة سيادية بالبلاد أرجع ما يجري حول المعابر راهناً إلى «أزمة شرعية». وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «عندما تكون شرعية الدولة مهزوزة بشكل أو بآخر، تلجأ الأطراف المتحصنة بالقوة إلى شرعنة الوضع الخاطئ، والإبقاء عليه». وشدد المسؤول على أن «المعابر يجب أن تكون تحت سلطة الدولة التي تمثلها الحكومة... زوارة لا تعتد بوزير داخلية (الوحدة)، وهناك أطراف تشجع وتغدّي تلك الأزمات لأسباب تتعلق بالتهريب، وهذا الوضع نشأ بعد 2011».

لماذا المعابر؟

لا يبرّر أي من قادة الأمازيغ أسباب تمسّكهم بإدارة معبري رأس جدير وذهيبة - وازن، ولكن إزاء ما يعدّه ناشطون وساسة ليبيون «خروجاً على سلطة الحكومة» التي يخضعون لها إدارياً، ترى صحيفة «لوموند» الفرنسية أن ما يحدث في رأس جدير يعكس «صراعاً على السلطة». ولفتت الصحيفة، يوم الثلاثاء، إلى أن الطرابلسي يريد وضع يده على هذه المنطقة الاستراتيجية التي على الرغم من وجود قوات شرطية فيها تحت قيادة طرابلس، لا تزال تحت السيطرة الفعلية لما سمته «الميليشيات الأمازيغية» التابعة للمجلس العسكري لمدينة زوارة.

وبالمثل، أرجع قرادة الأزمة في جوانب منها إلى الطرابلسي، عندما ادعى أن «تصرّفاته منذ تكليفه قبل عام ونصف عام توضح استهداف حكومته للأمازيغ، بفرض تقسيمات جديدة لمديريات الأمن (بجبل نفوسة - الغربي) رفضاً لكل المناشدات». وعن المعبرين، قال إنهما «يقعان في النطاق الإداري لبلديتي زوارة ونالوت، وهما منطقتان أمازيغيتان». وتساءل: «لماذا يبدأ الطرابلسي بمناطق وجود الأمازيغ؟ أليست هناك مديريات ومنافذ مناطق أقرب إلى العاصمة طرابلس من زوارة ورأس جدير؟»... وخلص إلى القول إن الحكومة «تغفل ولا تجهل خلفيات الصراعات، حين كان وزيرها المكلف في الطرف المقابل للأمازيغ في الحروب السابقة، وخصوصاً حرب 2014».

دعاوى الانفصال

في الحقيقة، تحقّق للأمازيغ بعد رحيل القذافي ما لم يتحقق قبله، فبعد 12 سنة من مقتله عادت اللغة الأمازيغية إلى الفصول الدراسية بعد حظر ومطاردة. وفي مطلع عام 2023، افتتح الدبيبة قناة «الأمازيغية». وفي 31 يناير (كانون الثاني) الماضي، احتفلوا برأس السنة الأمازيغية 2974 وتلقوا التهاني من رأس السلطة في ليبيا.

ومع أنه لا يوجد إحصاء حديث ومعاصر لتعداد الأمازيغ في ليبيا، تقدّر الموسوعة البريطانية نسبتهم بـ6.8 في المائة من مجموع السكان، المقدّر ما بين نحو 7 ملايين و8 ملايين.

من جهة ثانية، ترافقت الأزمة الحاصلة مع اتهامات للأمازيغ بـ«التمرد» والسعي لـ«الانفصال». لكن قرادة يردّ: «العارف بالتاريخ والجغرافيا السياسية والاجتماعية للوجود الأمازيغي في ليبيا سيتيقّن أنهم ليسوا باسك إسبانيا ولا تأميل سريلانكا ولا شعوب جنوب السودان». ويضيف: «بالدليل المؤكد، إنه في حالة الحرب والانقسام وضعف الدولة لم تظهر أي مطالبة أو نشاط سياسي من الحراك الأمازيغي، يدعو أو يطالب بالاستقلال أو الانفصال».

ومع وجود اتهامات للأمازيغ بكثرة الشكوى من التهميش والنزوع نحو التميّز، أرجع أحد قادتهم ذلك إلى تمسكهم بما أسماه بـ«الحق الأمازيغي من دسترة الهوية والحقوق، وضمان التمثيل السياسي والتنموي العادل... أي أنه ضمان الكيان الليبي». وأردف: «الذين يروّجون لوجود دعوات أمازيغية للانفصال، فهذه دعوات مغرضة وذرائعية سياسية أو عنصرية عرقية قبلية، وهم قلة قليلة... ولكن لا يجب الاستهانة بتأثيرهم السلبي للتأجيج ضد الأمازيغ».

أما قرادة فعدّ «أن التعايش والتشارك الليبي العربي الأمازيغي عميق راسخ وواسع ممتد في كل مناحي الحياة، ولم تؤثر فيه الأحداث الجسام... فالعربية والأمازيغية مترافقتان، والمالكية والإباضية متآخيتان، في الأحياء والمساجد والمدارس والوظائف والأسواق»

.إفطار على بوابة المعبر

في أي حال، تنفس الليبيون الصعداء. فمع أذان مغرب يوم الأربعاء الماضي 27 مارس (آذار)، كانت أزمة معبر رأس جدير قد طُويت، مؤقتاً، بعد الاتفاق على تأمينه بقوة عسكرية مشتركة من رئاسة الأركان التابعة لـ«الوحدة»، وكتائب مدينة زوارة، وجلس أفرادها يتناولون طعام الإفطار الرمضاني معاً. وبعد أسبوع من انتظار الحرب، شدّد الدبيبة، خلال لقائه بالنمروش، على ضرورة أن «يكون الهدف الأساسي لهذه القوة بسط الأمن ببوابة رأس جدير بعيداً عن التجاذبات السياسية والقبلية، وأن تكون هذه الرسالة الأساسية لهذه القوة العسكرية».

زوارة كانت قد تقدّمت الصفوف عقب الإطاحة بنظام القذافي واستولت قواتها العسكرية على منطقة رأس جدير

عماد الطرابلسي (وزارة داخلية حكومة "الوحدة الوطنية")

«سلطة الأمر الواقع» في ليبيا... وسلطة الدولة

> بدا لبعض ساسة ليبيا أن «الأوضاع الاستثنائية» التي نشأت خلال سنوات الفوضى لبعض المناطق ولأجسام سياسية وتشكيلات مسلحة، قد تتغير بمرور الوقت، لكن بعد عقد ونيف على إسقاط النظام السابق تأكد لجُل الليبيين أن هذه الأجسام أضحت كيانات قادرة على الدفاع عن نفسها بمقتضى «سلطة الأمر الواقع». فالانفلات الأمني الذي ضرب ليبيا، وغياب دستور في البلاد منذ رحيل القذافي، أديا إلى استمرار الأجسام السياسية الحالية في عملها، سلطة تشريعية وتنفيذية، على الرغم من انتهاء مدة ولايتها. هذه الأجسام لا تقتصر على المجلس الرئاسي ومجلسه فقط، بل تصل أيضاً إلى المجلس الأعلى للدولة، ومجلس النواب في «شرق ليبيا»، بالإضافة إلى الميليشيات المسلحة، التي تنزع سلطتها بقوة السلاح في عموم البلاد، وتتغوّل على سلطة الدولة... الكل استمرأ «الوضع الاستثنائي» وأبقى عليه ليغدو بمضي الوقت «سلطة أمر واقع». ويرى محللون أنه إذا كانت الجهود التي بذلها المجلس الرئاسي الليبي أفلحت في طي صفحة النزاع على معبر رأس جدير، فإن الأزمة كشفت عن نجاح التشكيلات المسلحة في فرض كلمتها على السلطة الرسمية، ما يعد «أمراً خطيراً يقوض دعائم الدولة». وحقاً، يُنظر إلى التشكيلات المسلحة الليبية على أنها «من أكبر معوقات الاستقرار»، ولا سيما تلك التي تنتمي لبعض القبائل، وتدافع عنها، إما لفرض أجندتها وحماية مصالحها، أو لصدّ تغوّل الآخرين عليها. ولقد سبق أن حذر المجتمع الدولي في السنوات الأولى التي تلت إسقاط نظام القذافي من «نشوء مؤسسات موازية في ليبيا، أو فرضها بسياسة الأمر الواقع باستخدام القوة». وأمام كل أزمة، تتجه الأنظار إلى التشكيلات المسلحة باعتبارها «سلطة أمر واقع» فرضت نفسها مع مرور الوقت، سواء في حراسة المعابر وحقول النفط. وفي فبراير (شباط) الماضي، أجبرت المجزرة التي ارتُكبت في حي أبو سليم بالعاصمة طرابلس سلطات المدينة على الاتجاه لإخراج الميليشيات منها وإعادتها إلى مقارها وثكناتها. وأعلن عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، في وقت سابق أنه بعد مشاورات ومفاوضات، امتدت لأكثر من شهر، أمكن التوصل إلى «اتفاق مع الأجهزة الأمنية لإخلاء العاصمة بالكامل خلال المدة المقبلة»، التي توقّع أن تكون بعد نهاية شهر رمضان. وكان الليبيون استيقظوا على جريمة مروعة، قبل نهاية الشهر الماضي، وقعت في حي أبو سليم، الواقع جنوب العاصمة طرابلس، راح ضحيتها 10 أشخاص في ظروف غامضة.


مقالات ذات صلة

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية للقاء تكالة مع القائمة بالبعثة الأممية (البعثة)

تصاعد أزمة «الدولة» الليبي بعد إعلان تكالة فوزه

تصاعدت أزمة النزاع على رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، اليوم الثلاثاء، بعد إعلان رئيسه السابق محمد تكالة فوزه مجدداً برئاسته، وسط اعتراض خالد المشري.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا احتجاج سابق لمرضي ضمور العضلات أمام مقر الحكومة بطرابلس (رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا)

ليبيا: ضحايا «ضمور العضلات» يشكون التجاهل وبطء العلاج

يطالب مرضى ضمور العضلات في ليبيا بإنشاء مستشفى متخصص لخدمتهم، ووحدات رعاية بالمستشفيات الكبرى في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ضجة «إلزامية الحجاب» في ليبيا... تعارض دستوري وصمت حكومي

ضجة «إلزامية الحجاب» في ليبيا... تعارض دستوري وصمت حكومي

يرصد محللون ليبيون عقبات دستورية وقانونية وسياسية محتملة تعترض تفعيل ما ذهب إليه الطرابلسي، بخصوص فرض الحجاب على طالبات المدارس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا طائرة تابعة للخطوط الجوية الليبية قيد الصيانة في مايو الماضي (الصفحة الرسمية للشركة)

الديون والأعطال والرواتب... أزمات متراكمة تحاصر شركات الطيران الليبية

قدّر تقرير حديث صادر عن هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا إجمالي ديون «الخطوط الليبية» بنحو 1.12 مليار دينار؛ لعدة أسباب، من بينها انخفاض عدد الطائرات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

شيغيرو إيشيبا... رئيس وزراء اليابان الجديد يعدّ العدة لتجاوز الهزيمة الانتخابية الأخيرة

إيشيبا
إيشيبا
TT

شيغيرو إيشيبا... رئيس وزراء اليابان الجديد يعدّ العدة لتجاوز الهزيمة الانتخابية الأخيرة

إيشيبا
إيشيبا

الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في اليابان شرعت أخيراً الأبواب على كل الاحتمالات، ولا سيما في أعقاب حدوث الهزيمة الانتخابية التي كانت مرتقبة للحزب الديمقراطي الحر الحاكم. هذه الهزيمة جاءت إثر تبديل «استباقي» في زعامة الحزب المحافظ - المهيمن على السلطة في اليابان معظم الفترة منذ الخمسينات - في أعقاب قرار رئيس الحكومة السابق فوميو كيشيدا الاستقالة (حزبياً ومن ثم حكومياً) في أعقاب التراجع الكبير في شعبية الحزب، وتولّي غريمه الحزبي الأبرز شيغيرو إيشيبا المنصبَين. ومن ثم، دعا إيشيبا بنهاية سبتمبر (أيلول) الماضي إلى إجراء انتخابات عامة عاجلة ومبكّرة يوم 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن إجراء انتخابات عاجلة، انتهت بفقدان الائتلاف الحاكم المكوّن من الديمقراطيين الأحرار وحليفه حزب «كوميتو» الغالبية البرلمانية.

ألحق الناخبون اليابانيون الأحد الماضي هزيمة مؤلمة بالحزب الديمقراطي الحر، الذي هيمن مع استثناءات قليلة على حكم البلاد منذ عام 1955، وكانت هزيمته الأخيرة الأولى له التي تفقده الغالبية المطلقة في مجلس النواب منذ 15 سنة. وهنا، يتفق المراقبون على أن الحزب المحافظ والكبير النفوذ إنما حصد نقمة الشارع وغضبه بسبب التضخم المتصاعد والتباطؤ الاقتصادي وضعف قيمة العملة الوطنية «الين»، ناهيك من الفضائح المالية التي تورّطت بها قيادات حزبية، وصلات بعض الأعضاء بـ«كنيسة التوحيد» (الحركة المونية). وهكذا أخفق الحزب مع حليفه الصغير في جمع ما هو أكثر من 215 مقعداً من أصل 465 في حين كانت الغالبية المطلقة تحتاج إلى 233 مقعداً.

نكسة مبكرة للزعيم الجديد

هذه الهزيمة المريرة شكّلت أيضاً نكسة كبرى ومبكرة لزعيم الحزب ورئيس الوزراء الجديد شيغيرو إيشيبا، الذي أخفق رهانه بامتصاص النقمة الشعبية وترسيخ موقعه عبر الانتخابات المبكّرة.

وحقاً، أعلن إيشيبا في أول تعليق له على النتيجة نقلته شبكة «سي إن إن» الأميركية، أن الناخبين «أصدروا حكماً قاسياً» بحق حزبه الذي عليه أن «يأخذه بجدية وامتثال». لكنه أردف أنه لا يعتزم التنحي من رئاسة الحكومة، موضحاً «بالنسبة لي، فإنني سأعود إلى نقطة البداية، وأسعى للدفع قدماً بتغييرات داخل هيكل الحزب، وتغييرات أخرى أعمق لمواجهة الوضع السياسي». وفي حين ذكر إيشيبا أنه ليس لدى الحزب أي فكرة جاهزة لتحالف جديد فإن كل سياسات الحزب ستكون مطروحة على بساط البحث.

بطاقة هوية

وُلد شيغيرو إيشيبا يوم 4 فبراير (شباط) 1957 لعائلة سياسية مرموقة، مثله في ذلك الكثير من ساسة الحزب الديمقراطي الحر. إذ إن والده جيرو إيشيبا كان محافظاً لإقليم توتوري، الريفي القليل السكان بجنوب غرب اليابان، بين عامي 1958 و1974، قبل أن تُسند إليه حقيبة وزارة الداخلية. من الناحية الدينية، رئيس الوزراء الحالي مسيحي بروتستانتي تلقى عمادته في سن الـ18 في توتوري، كما أن جد أمّه قسٌّ من روّاد المسيحية في اليابان.

تلقّى شيغيرو دراسته الجامعية وتخرّج مجازاً بالحقوق في جامعة كييو، إحدى أعرق جامعات اليابان الخاصة، ومقرها العاصمة طوكيو، وفيها التقى زوجته المستقبلية يوشيكو ناكامورا، وهما اليوم والدان لابنتين.

وبعد التخرّج توظّف في مصرف «ميتسوي»، قبل أن يسير على خُطى والده فيدخل ميدان السياسة بتشجيع من صديق والده ورئيس الوزراء الأسبق كاكوي تاناكا (1972 - 1974).

وبالفعل، انتُخب وهو في سن التاسعة والعشرين، عام 1986، نائباً عن الديمقراطيين الأحرار في البرلمان (مجلس النواب) عن دائرة توتوري الموسّعة حتى عام 1996، ثم عن دائرة توتوري الأولى منذ ذلك الحين وحتى اليوم. وعُرف عنه طوال هذه الفترة اهتمامه ودرايته بملفّي الزراعة والسياسة الدفاعية. وحقاً، خدم لفترة نائباً برلمانياً لوزير الزراعة في حكومة كييتشي ميازاوا.

مسيرة سياسية مثيرة

في واقع الأمر، لم تخلُ مسيرة شيغيرو إيشيبا السياسية من الإثارة؛ إذ تخللها ليس فقط الترّقي في سلّم المناصب باتجاه القمّة، بل شهدت أيضاً مواقف اعتراضية واستقلالية وضعته غير مرة في مسار تصادمي مع حزبه وحزب والده.

في عام 1993، خرج من صفوف حزبه الديمقراطي الحر ليلتحق بحزب «تجديد اليابان» الذي أسسته قيادات منشقة عن الحزب بقيادة تسوتومو هاتا (رئيس الوزراء عام 1994) وإيتشيرو أوزاوا (وزير داخلية سابق) حتى عام 1994. ثم انتقل إلى حزب «الحدود الجديدة» الذي أُسس نتيجة اندماج «تجديد اليابان» مع قوى أخرى، وفيه مكث بين 1994 و1996، وبعدها ظل نائباً مستقلاً إلى أن عاد إلى صفوف الديمقراطيين الأحرار ويستأنف ضمن إطار الحزب الكبير ترقّيه السياسي السريع ضمن قياداته.

في أعقاب العودة عام 1997، تبوّأ إيشيبا عدداً من المسؤوليات، بدأت بمنصب المدير العام لوكالة الدفاع – أي حقيبة وزير الدفاع منذ أواخر 2007 –. ولقد شغل إيشيبا منصب وزير الدفاع بين عامي 2007 و2008 في حكومتي جونيتشيرو كويزومي وياسوو فوكودا، ثم عُيّن وزيراً للزراعة والغابات والثروة السمكية في حكومة تارو آسو بين 2008 و2009. وكذلك، تولّى أيضاً منصب الأمين العام للحزب الديمقراطي الحر بين 2012 و2014.

مع الأخذ في الاعتبار هذه الخلفية، كان طبيعياً أن يدفع طموح إيشيبا الشخصي هذا السياسي الجريء إلى التوق لخوض التنافس على زعامة الحزب، وبالتالي، رئاسة الحكومة.

بالمناسبة، جرّب شيغيرو إيشيبا حظه في الزعامة مرّات عدة. وكانت المرة الأولى التي يرشح نفسه فيها عام 2008 إلا أنه في تلك المنافسة احتل المرتبة الخامسة بين المتنافسين. بعدها رشح نفسه عامي 2012 و2018، وفي المرتين كان غريمه رئيس الوزراء الأسبق الراحل شينزو آبي... «وريث» اثنتين من السلالات السياسية اليابانية البارزة، والزعيم الذي شغل منصب رئاسة الحكومة لأطول فترة في تاريخ المنصب.

ثم في أعقاب استقالة آبي (الذي اغتيل عام 2022) لأسباب صحية عام 2020، رشّح إيشيبا نفسه، إلا أنه خسر هذه المرة وجاء ثالثاً، وذهبت الزعامة ورئاسة الحكومة ليوشيهيدي سوغا. وفي العام التالي، بعدما أحجم إيشيبا عن خوض المنافسة، فاز الزعيم ورئيس الحكومة السابق السابق فوميو كيشيدا. بيد أن الأخير قرّر في أغسطس (آب) أنه لن يسعى إلى التجديد الموعد المقرر في سبتمبر (أيلول). وهكذا، بات لا بد من الدعوة إلى إجراء انتخابات الزعامة الأخيرة التي فاز بها إيشيبا، متغلباً بفارق بسيط وفي الدورة الثانية على منافسته الوزيرة اليمينية المتشدّدة ساني تاكاييشي، التي كانت تصدرت دور التصويت الأولى. وهكذا، صار زعيماً للحزب الديمقراطي الحر ومرشحه لرئاسة الحكومة الرسمي، وعلى الأثر، اختاره مجلس النواب رئيساً للوزراء في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم.

أفكاره ومواقفه

على الرغم من طول بقاء إيشيبا في قلب الحلبة السياسية، فإن طبيعته الاستقلالية، عقّدت أمام المحللين وضعه في خانة واضحة. فهو تارة يوصف بأنه وسطي ليبرالي، تارة أخرى يوصف بـ«الإصلاحي»، وفي أحيان كثيرة يُعرّف بأنه يميني محافظ، بل متشدد. ومما لا شك فيه، أن طبيعة تركيبة الحزب الديمقراطي الحرّ، القائمة على أجنحة تسمح بتعدّد الولاءات الشخصية وتوارثها داخل أروقة تلك الأجنحة، وهذا من دون أن ننسى أن بداية الحزب نفسه جاءت من اندماج حزبين محافظين هما الحزب الحر (الليبرالي) والحزب الديمقراطي الياباني عام 1955.

على المستوى الاجتماعي، أبدى إيشيبا مواقف متحررة في عدد من القضايا بما في ذلك تأييده شخصياً زواج المثليين، كما أنه من مؤيدي ترك الخيار لكل من الزوجين بالاحتفاظ بالاسم الأصلي قبل الزواج. أما على الصعيد الاقتصادي، وتأثراً بكونه ممثلاً لمنطقة ريفية قليلة السكان، فإنه أبدى ولا يزال اهتماماً كبيراً بالتناقص السكاني وضرورة الاهتمام بالاقتصاد الريفي؛ ما يعني العمل على تقليص الفوارق بين الحواضر الغنية والأرياف الفقيرة.

لم تخلُ مسيرة إيشيبا السياسية من الإثارة... إذ اتخذ مواقف اعتراضية واستقلالية

وضعته أكثر من مرة في مسار تصادمي مع حزبه

السياسة الدولية

في ميدان العلاقات الخارجية والسياسة الدولية، تُعرف عن إيشيبا مواقفه المتشددة المتوافقة مع أفكار التيار المحافظ داخل الحزب الحاكم، وبالأخص إزاء التصدي لخطر نظام كوريا الشمالية وقضية تايوان، حيث يقف بقوة بجانب نظامها الديمقراطي في وجه التهديد الصيني.

وفيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة، حليف اليابان الأكبر، رأى رئيس الوزراء الحالي قبل أشهر أن سبب إحجام واشنطن عن الدفاع هو أن أوكرانيا ليست عضواً في حلف دفاع مشترك مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو). واستطراداً، في ربط الوضع الأوكراني بحالة تايوان، يعتبر إيشيبا أن تأسيس حلف أمني آسيوي خطوة ضرورية لردع أي هجوم صيني على تايوان، لا سيما في «التراجع النسبي» في القوة الأميركية.

وفي التصور الذي عبَّر عنه إيشيبا بـ«ناتو» آسيوي يواجه تهديدات روسيا والصين وكوريا الشمالية، يجب أن يضم الحلف العتيد دولاً غربية وشرقية منها فرنسا، وبريطانيا وألمانيا، وكذلك الهند، والفلبين، وكوريا الجنوبية، وأستراليا وكندا.

من جهة ثانية، تطرّق إيشيبا خلال الحملة الانتخابية إلى التحالف الأميركي - الياباني، الذي وصفه بأنه «غير متوازٍ» ويحتاج بالتالي إلى إعادة ضبط وتوازن. وكان في أول مكالمة هاتفية له بعد ترؤسه الحكومة اليابانية مع الرئيس الأميركي جو بايدن، أعرب عن رغبته في «تعزيز الحلف» من دون أن يعرض أي تفاصيل محددة بهذا الشأن، ومن دون التطرق إلى حرصه على إجراء تغييرات في الاتفاقيات الثنائية كي يتحقق التوازن المأمول منها.

التداعيات المحتملة للنكسة الانتخابية الأخيرة

في أي حال، نكسة الحزب الديمقراطي الحر في الانتخابات العامة الأخيرة تفرض على شيغيرو إيشيبا «سيناريو» جديداً ومعقّداً... يبداً من ضمان تشكيلة حكومة موسّعة تخلف حكومته الحالية، التي لا تحظى عملياً بتفويض شعبي كافٍ. وهذا يعني الانخراط بمساومات ومفاوضات مع القوى البرلمانية تهدف إلى تذليل العقبات أمامه.

المهمة ليست سهلة حتماً، لكن خبرة الساسة اليابانيين التقليديين في التفاوض والمساومات أثبت فعالياتها في مناسبات عدة، بما فيها الفضائح وانهيار التحالفات، وكانت دائماً تثمر عقد صفقات طارئة حتى مع القوى المناوئة.

شينزو آبي (آ. ب.)

 

حقائق

رؤساء وزارات اليابان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية

في عام 1955، أي بعد مرور عقد من الزمن على هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، التقى حزبان سياسيان يمينيان وتفاهما على الاندماج في حزب تحوّل ما يشبه الظاهرة في الأنظمة الديمقراطية في العالم.الحزبان المقصودان هما الحزب الحر (أو الحزب الليبرالي) والحزب الديمقراطي الياباني، ولقد نتج من هذا الاندماج الحزب الديمقراطي الحر، الذي هيمن على مقدرات السياسة اليابانية منذ ذلك الحين باستثناء خمس سنوات، فقط خسر فيها السلطة لقوى معارضة أو منشقة عنها. وطوال الفترة التي تقرب من 70 سنة خرج من قادة الحزب الكبير زعماء نافذون رسخوا الاستقرار ورعوا الاستمرارية وأسهموا، بالتالي، في تحقيق «المعجزة الاقتصادية» اليابانية المبهرة.وفيما يلي، أسماء رؤساء الحكومات التي تولت السلطة منذ منتصف الخمسينات:- الأمير ناروهيكو هيغاشيكوني (من الأسرة المالكة) 1945- البارون كوجيرو شيديهارا (مستقل) 1945 – 1946- شيغيرو يوشيدا (الحزب الحر) 1946 – 1947- تيتسو كاتاياما (الحزب الاشتراكي) 1947 – 1948- هيتوشي آشيدا (الحزب الديمقراطي) 1948- شيغيرو يوشيدا (الحزب الديمقراطي الليبرالي / الحزب الحر) 1948 – 1954- إيتشيرو هاتاياما (الحزب الديمقراطي الياباني / الحزب الديمقراطي الحر) 1954 – 1956- تانزان إيشيباشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1956 – 1957- نوبوسوكي كيشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1957 – 1960- هاياتو إيكيدا (الحزب الديمقراطي الحر) 1960 – 1964- إيساكو ساتو (الحزب الديمقراطي الحر) 1964 – 1972- كاكوي تاناكا (الحزب الديمقراطي الحر) 1972 – 1974- تاكيو ميكي (الحزب الديمقراطي الحر) 1974 – 1976- تاكيو فوكودا (الحزب الديمقراطي الحر) 1976 – 1978- ماسايوشي أوهيرا (الحزب الديمقراطي الحر) 1978 – 1980- زينكو سوزوكي (الحزب الديمقراطي الحر) 1980 – 1982- ياسوهيرو ناكاسوني (الحزب الديمقراطي الحر) 1982 – 1987- نوبورو تاكيشيتا (الحزب الديمقراطي الحر) 1987 – 1989- سوسوكي أونو (الحزب الديمقراطي الحر) 1989- توشيكي كايفو (الحزب الديمقراطي الحر) 1989 – 1991- كيئيتشي ميازاوا (الحزب الديمقراطي الحر) 1991 – 1993- موريهيرو هوسوكاوا (الحزب الياباني الجديد) 1993 – 1994- تسوتومو هاتا (حزب «تجديد اليابان») 1994- توميئيتشي موراياما (الحزب الاشتراكي) 1994 – 1996- ريوتارو هاشيموتو (الحزب الديمقراطي الحر) 1996 – 1998- كايزو أوبوتشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1998 – 2000- يوشيرو موري (الحزب الديمقراطي الحر) 2000 – 2001- جونيتشيرو كويزومي (الحزب الديمقراطي الحر) 2001 – 2006- شينزو آبي (الحزب الديمقراطي الحر) 2006 – 2007- ياسوو فوكودا (الحزب الديمقراطي الحر) 2007 – 2008- تارو آسو (الحزب الديمقراطي الحر) 2008 – 2009- يوكيو هاتوياما (الحزب الديمقراطي الياباني) 2009 – 2010- ناوتو كان (الحزب الديمقراطي الياباني) 2010 – 2011- يوشيهيكو نودا (الحزب الديمقراطي الياباني) 2011 – 2012- شينزو آبي (الحزب الديمقراطي الحر) 2012 – 2020- يوشيهيدي سوغا (الحزب الديمقراطي الحر) 2020 – 2021- فوميو كيشيدا (الحزب الديمقراطي الحر) 2021 – 2024- شيغيرو إيشيبا (الحزب الديمقراطي الحر) 2024.....