لبنان: «حزب الله» يتحوّل إلى الدفاع في مواجهة إسرائيل

هوّة معلومات وقيود سياسية تحصر ردوده بأهداف عسكرية حدودية

قصف عبر الحدود على الجيهة بين إسرائيل وحزب الله (آ ف ب/غيتي)
قصف عبر الحدود على الجيهة بين إسرائيل وحزب الله (آ ف ب/غيتي)
TT

لبنان: «حزب الله» يتحوّل إلى الدفاع في مواجهة إسرائيل

قصف عبر الحدود على الجيهة بين إسرائيل وحزب الله (آ ف ب/غيتي)
قصف عبر الحدود على الجيهة بين إسرائيل وحزب الله (آ ف ب/غيتي)

ضيّقت التوازنات السياسية اللبنانية والحسابات الدولية هوامش «حزب الله» في الردّ على الاستهدافات الإسرائيلية، وقادته بعد نحو 4 أشهر على الحرب من موقع الهجوم إلى موقع الدفاع، وأطلقت يد إسرائيل في تنفيذ اغتيالات واستهدافات نوعية في العمق اللبناني، وجد نفسه عاجزاً عن الرد عليها بالمستوى ذاته، بسبب فارق التقنيات، والهوة في المعركة الأمنية وقاعدة البيانات أو المعطيات (الداتا)، والقيود التي فرضها على نفسه في المعركة وألزمته بحصر القتال في مدى جغرافي لا يتجاوز 5 كيلومترات، إلا فيما ندر. ورغم التهديدات التي يطلقها الحزب بالردّ، فإن أدبيات الخطاب المعلن الصادر على ألسنة مسؤوليه لا تتخطى البُعد الدفاعي في الفترة الأخيرة، ومواجهة أي خطة إسرائيلية لتوسعة الحرب، والإعلان المتواصل عن الاتجاه لإيقاف المعركة عندما تنتهي معركة غزة، ورفض كل العروض والنقاشات التي تنقل أجواء إسرائيلية تطالب بإخلاء مقاتلي الحزب لمنطقة جنوب الليطاني أو حتى مسافة 7 كيلومترات. كل هذا يحصل في وقت تتواصل فيه المعارك التي تتطور نوعياً، بعدما تراجع «بنك الأهداف» على الجانب الإسرائيلي من الحدود، إثر إعادة تموضع نفّذه الجيش الإسرائيلي خلال الفترة الماضية.

استقرت المعارك في منطقة الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، بعد 110 أيام على اندلاعها، على واقع جديد يتمثل في مناطق محظورة بالنار على جانبي الحدود.

إذ لم يستطع عشرات آلاف السكان في الجليل من العودة إلى منازلهم، فيما غادر عشرات الآلاف منازلهم أيضاً على الجانب اللبناني. وفي المشهد الأحدث، تقلصت مساحة المواجهات اليومية مع إعادة التموضع التي نفذها مقاتلو الطرفين، وتحولا إلى ضربات واستهدافات. وبينما ينتظر مقاتلو الحزب هدفاً بشرياً على طول الحدود التي تناهز 120 كيلومتراً لاستهدافه، تحوّلت إسرائيل إلى الحرب الأمنية لجهة ملاحقة القياديين والعناصر، واستهداف منازل يُشتبه في أنها كانت تأوي في السابق عناصر للحزب، وتنفذ ضربات في العمق مستندة إلى قاعدة بيانات سابقة ومحدثة.

نعيم قاسم (رويترز)

خزان معلومات إسرائيلي

خبير لبناني في الأمن الرقمي، فضّل إغفال اسمه، قال إن قاعدة البيانات الإسرائيلية «جُمعت على مدى 17 سنة عبر عدة مستويات أساسية تقنية وبشرية، يقوم معظمها على النشاط التقني الذي يبدأ من معطيات الاتصالات (أو داتا الاتصالات) التي تتيح التنصّت وتعقّب المواقع، وتعطي إحداثيات للمسيّرات والأقمار الاصطناعية لتحديد المواقع التي يوجد فيها عناصر الحزب وقياديوه». وبالتالي، فإنها «تعطي إسرائيل صورة كاملة عن مواقع الوجود وإطار التحركات، وتمكّنها من جمع معلومات عن السيارات والمنازل والمواقع الحرجية». ووفق الخبير، فإن هذه المعطيات يجري تحديثها من خلال الأقمار الاصطناعية والمسيّرات التي تفارق سماء الجنوب، ويمكن تدعيمها بجواسيس موجودين على الأرض، وبتحليل بيانات مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان باعتماد الذكاء الاصطناعي.

وتابع الخبير أن المعطيات المجمّعة سلفاً «يجري تقاطعها وتحديثها بالذكاء الاصطناعي، وعليه فأي انكشاف للعناصر الذين جُمعت المعلومات عنهم سابقاً، أو مواقعهم أو سياراتهم أو المعدات التكنولوجية التي يستخدمونها، يتيح تحديث البيانات تلقائياً، ما يسهل الملاحقة والاستهداف».

هوّة معلوماتية هذا التفوق التقني يبرز معضلة أمام «حزب الله» الذي يتحرك حكماً في مناطق مكشوفة للمسيّرات والأقمار الاصطناعية وسائر وسائل الرصد الجوي والتقني، ومن بينها قرصنة كاميرات المراقبة في القرى الحدودية. وهو أيضاً يظهر الهوّة التكنولوجية بين الطرفين، التي تتمثّل في العجز عن تنفيذ عمليات ردّ قائمة على معلومات محدثة وملاحقة، كما الحال عند الجانب الإسرائيلي.

ذلك ظهر بوضوح عبر مستوى الردّ الذي نفذه واستهدف مواقع عسكرية إسرائيلية، بينها مركز قيادة الجبهة الشمالية قرب مدينة صفد في الجليل الأعلى، وقاعدة ميرون للمراقبة الجوية في جبل الجرمق مرتين، أولاهما كان في 6 يناير (كانون الثاني) الماضي بنحو 62 صاروخاً من أنواع متعدّدة، رداً على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» صالح العاروري، والثانية هذا الأسبوع رداً على «الاغتيالات الأخيرة في لبنان وسوريا والاعتداءات المتكررة على المدنيين والمنازل في قرانا الصامدة»، كما قال في بيان.

إذ هذه الردود لم تتوسّع إلى العمق، بالنظر إلى أن الحزب يُحجم عن استخدام ترسانته من الصواريخ المنحرفة المتوسطة المدى، التي تقدر إسرائيل عددها بـ150 ألف صاروخ، إضافة إلى 5 آلاف صاروخ دقيق، وتتمتع بقوة تدميرية، ويلتزم بألا يوسع مساحة الاستهداف إلى مناطق أعمق. وهنا يقول رئيس مركز «الشرق الأوسط للدراسات»، الدكتور هشام جابر، إن الحزب «التزم بمسافة 5 كيلومترات في معظم الردود، بينما كانت إسرائيل تقصف على عمق يتجاوز تلك المسافة». وأضاف أن الأداة تركزت بالصواريخ الموجهة مباشرة، التي تتمتع بدقة تصويب، بينما لم يستخدم ترسانة هائلة من الصواريخ المنحنية على أنواع يمتلكها، باستثناء صواريخ «بركان» التي تتمتع بقدرة تدميرية كبيرة (تُسمى بالعبوات الطائرة، ويتراوح وزن رأسها الحربي بين 300 و500 كيلوغرام)، وصواريخ الكاتيوشا التي قصف بها مستوطنات مثل كريات شمونة والقاعدة العسكرية في صفد بمسافة قصيرة المدة لا تتعدى 15 كيلومتراً، مشيراً إلى أن الحزب «لم يستخدم ترسانة الصواريخ المنحنية المتوسطة المدى».

«بنك الأهداف»

جابر، وهو جنرال متقاعد من الجيش اللبناني، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب لم يستخدم الصواريخ المتوسطة لضرب عكا مثلاً، مع أنها قريبة، بل اعتمد المسيرات الانقضاضية، وذلك «ينطوي على رسائل أمنية يرسلها باتجاه إسرائيل». وأوضح: «تجاوزت إسرائيل أكثر من 15 مرة منطقة جنوب الليطاني إلى شمالها، ليس بالمدفعية والصواريخ، بل بالمسيرات (الدرون) والطائرات، وهو ما دفعه لإرسال مسيرات وصلت إلى حدود حيفا، وذلك حفاظاً على قواعد الاشتباك غير المعلنة بين الطرفين».

وهنا لا ينفي جابر قدرات الحزب في ردّ أوسع بالصواريخ المنحنية والدقيقة، إلا أنه يستدرك: «لكنه ما زال ملتزماً بالمسافة، وهو من ناحية عسكرية غير مضطر للتوسيع طالما أن بنك الأهداف على مسافة 5 كيلومترات لم ينفد، وقد أدت ضرباته إلى إخلاء المستوطنات القريبة والمواقع العسكرية».

ويتابع أن تلك الضربات «فعّالة ولها تأثير»، معتبراً أن قصف جبل الجرمق «استراتيجي»، لكن الرد باغتيالات «غير متاح، لأنه لا أهداف لديه لتنفيذ الاغتيالات، ولا قدرة لديه بالنظر إلى أنه لا يمتلك سلاح جو، ولا معلومات دقيقة عن أهداف بشرية إسرائيلية، فضلاً عن الهوّة التكنولوجية التي تجعل أهدافه عبارة عن مرافق حيوية، لا بشرية، وهي عبارة عن بنك أهداف محضّر سلفاً».

توازنات سياسية إضافة إلى «بنك الأهداف» المتوفر في المنطقة الحدودية، تفرض التوازنات السياسية اللبنانية تجنّب الحزب استخدام ترسانته من الصواريخ الدقيقة، منعاً لتوسع الحرب. إذ فرض المعطى السياسي قيوداً على «حزب الله» وضيّق هوامشه، فانتقلت المبادرات الدولية في الفترة الأولى من الحرب، من الضغط على الحزب لتحاشي توسيعها، إلى الضغط على إسرائيل لتحاشي التوسيع، بعدما أعلن الحزب التزامه بالسياق الدفاعي... وهو ما عبّر عنه نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، في تصريح له، قائلاً: «عمل (حزب الله) في الجنوب هو عمل دفاعي... هذا العمل الدفاعي يتطلب مساندة غزَّة، لأنَّه عندما نساند غزَّة، فهذا يعني أنَّنا نساند لبنان، ونساند المقاومة، لأنَّه لا يمكن التفرج على إسرائيل وهي تعبث وهي تقتل وترتكب المجازر وتحتل».

وفي الوقت نفسه، قال في بيان: «عندما يقرر الإسرائيلي توسعة العدوان، سيتلقى الجواب بصفعة كبيرة وبعمل قوي... ويجب أن يعلم العدو أن جاهزية الحزب عالية جداً، فنحن نجهّز على أساس أنه قد يحصل عدوان له بداية وليست له نهاية، وجاهزيتنا لصدّ العدوان لا بداية لها ولا نهاية لها». وربط قاسم مجدداً استعادة الاستقرار على الحدود والمنطقة «بتوقف العدوان بشكل كامل على غزة».

القيود السياسية في الواقع ينقسم المعطى السياسي إلى نوعين. يتصل الأول بالسياسة الإيرانية، بينما يتصل البُعد الآخر بالتوازنات اللبنانية التي تحدث عنها نصر الله بالقول إن الحزب «راعى حتى اللحظة المصالح اللبنانية».

ويشرح الباحث والكاتب السياسي اللبناني، علي الأمين، هذا الأمر لـ«الشرق الأوسط» بالقول إن الحزب «لم ينطلق إلى الآفاق العربية إلا بقرار إيراني. ذلك أن طهران تريده في العراق وسوريا وسائر الساحات... وهي في سياق الاستراتيجية والسياسة الإيرانية، وهو ملتزم بشكل كامل بها». لكن حسابات التدخل الإيراني في سوريا ودول عربية أخرى «لم تكن تتعرض للمصالح الأميركية، وهي بذلك تختلف عن حسابات الحرب مع إسرائيل، لأنها ستصطدم بالمصالح الأميركية، وستكون في مواجهة معها». وعليه - حسب الأمين - فإن «أي تدخل بحرب ضد إسرائيل، فإن المواجهة لن تنحصر بها، وهذا ما يتنافى مع المصالح الإيرانية».

ويرى الأمين أن «الأميركيين تجنّبوا المواجهة»، لافتاً إلى أن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان حين زار بيروت بعد أيام قليلة من انطلاق الحرب «بلّغ رسالة أن التوسع بالمواجهات هو خط أحمر، ويجب إبقاء نمط المساندة والمشاغلة من دون الدخول بالحرب المفتوحة». واعتبر الأمين أن هذا الإطار «لا يستفزّ الأميركيين، ويلبي في الوقت نفسه البُعد المعنوي بأنهم ما عادوا على حياد عندما اندلعت حرب غزة، وذلك لأن طهران لا تستطيع إدارة الظهر وفق مبدأ (وحدة الساحات)، لكنها تسير تحت سقف ألا تستفز الحسابات الأميركية». ورأى الباحث اللبناني أن ما ساعد على هذا الأمر «هو وجود تباين بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس حكومة الحرب الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وهو ما أعطى هامشاً من الحركة، ذلك أن الأميركيين في لحظة معينة قد يكونون بحاجة إلى نوع من الضغط على حكومة نتنياهو وتحريك الضغوط من دون الوصول إلى حرب واسعة، وكانت إيران توفر هذا المطلب».

وفق هذا المبدأ، يرى الأمين «تقاطع مصالح بين واشنطن وطهران، بينما يتحرك الحزب ضمن هذه الدائرة. لكن المتغير الأساسي أنه في أول شهرين، كان السؤال موجهاً لـ(حزب الله) عما إذا كان سيوسّع الحرب، بينما الآن السؤال بات موجهاً للجانب الإسرائيلي الذي باتت المبادرة بيده، فهو الذي يهدد بالحرب الآن». ويعتبر أن فقدان الحزب لموقع يتيح له شن الحرب يعود إلى «الاغتيالات التي حصلت، والتي تظهر أن هناك خرقاً أمنياً وانكشافاً، فيما لا تلقى الاغتيالات الرد الملائم الذي يوازي حجم الاستهداف الإسرائيلي، ما أتاح لتل أبيب التقدم، وتبدو كأنها صاحبة المبادرة التي تمسك بالمعادلة بما يتخطى الحزب».

حرب... بالنقاط بالمعطى اللبناني، يقول الأمين إن وجود الحزب الأمني والعسكري «مكرّس لمهمة مقدسة، هي مهمة الدفاع عن إيران في حال مهاجمتها من قبل الولايات المتحدة، أو إذا تعرضت لتهديد كبير، لكنه في الوقت نفسه، لا يشعل حرباً من أجل فلسطين أو لإنقاذ (حماس)».

ويضيف: «في لحظة تتعرض فيها إيران لتهديد كبير، سيتحرك الحزب، ولا مصلحة له بمواجهة مفتوحة مع إسرائيل ما دون هذا التهديد»، موضحاً أن طبيعة الحرب التي يخوضها مع إسرائيل يتمايز فيها عن استراتيجية «حماس». ففي حين تخوض الأخيرة حرباً مدمرة، يخوض الحزب في المقابل «معركة بالنقاط»، ما يعني أن نظرية الحزب ليست لعبة مواجهة مفتوحة. وفي حين «ينذر الحزب نفسه لمهمة إيرانية أساسية ويدافع عنها، فإنه في المقابل، ليس هناك ما يستحق أن يغامر بنفوذه ودوره بحرب ليست مضمونة النتائج، وترتب عليه المغامرة ببيئته ويؤذي قاعدته». لكن كل ذلك «لا يعني أن إيران ستتخلى عن استخدام العامل الفلسطيني الذي تستثمر به... فهو الذريعة التي تشكل نظام الحماية للوجود العسكري والأمني الذي يمثله الحزب والأذرع الإيرانية، خصوصاً إذا لم يكن لديه بديل يوفر نفس الكفاءة والقيمة».

أما في لبنان، فيقول الأمين إن الحزب «يتمتع بنظام حماية ووضعية نفوذ وسلطة... حيث استوعب التركيبة القائمة بالنظام السياسي وهضمها وجيّرها لصالح مشروعه». وظهر ذلك، حسب الأمين، في انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 «حين تعهّد بإنهاء الانتفاضة، على قاعدة حماية المصالح»، مشيراً إلى أن هذه الحماية «لها ثمن»... وبات هناك «تناغم بين نظام المحاصصة ونظام المصالح الذي باتت المنظومة قائمة عليه، ودور الحزب ونفوذه وسيطرته وخصوصيته، وهو أمر لا يستطيع التفريط به، لأنه ليس حزباً انتحارياً، وبات يفكر بطريقة مختلفة عما كان عليه إبان نشأته. وبالتالي، فإن أي خطوة سيزينها بحسابات نظام مصالحه الخاص».

تعقب تكنولوجي إسرائيلي لمسؤولين في الحزب

> ساهمت التكنولوجيا الإسرائيلية في تعقّب مسؤولين في «حزب الله» واغتيال، بعضهم، ويتصدّرهم القيادي وسام الطويل، أحد أبرز القيادات العسكرية في فرقة «الرضوان» (وحدة النخبة)، وهو في طريق العودة إلى منزله في قرية خربة سلم في جنوب لبنان. كذلك أدت ضربة أخرى في بلدة البازورية الأسبوع الماضي إلى مقتل علي حدرج، الذي نعاه الحزب «شهيداً على طريق القدس»، فيما أظهرت السيرة الذاتية له أنه مهندس، ناقش في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي رسالة الدكتوراه في الجامعة اليسوعية في بيروت، مرتبطة بهندسة الاتصالات. وقتل في الضربة نفسها محمد دياب الذي تناقل اللبنانيون سيرة ذاتية له تظهره خبيراً في التكنولوجيا، ونعاه «المجتمع المدني اللبناني الرقمي المتخصص» كما نعاه «قطاع التكنولوجيا والاتصالات في لبنان». ويرجع الحزب الملاحقة إلى «تكنولوجيا متطورة يتم استخدامها»، إضافة إلى «تعاون استخباراتي أميركي - إسرائيلي، وبريطاني - إسرائيلي يساعد إسرائيل في تحديد أهدافها واغتيالهم».

الكاتيوشا (رويترز)

أسلحة قصيرة المدى يستخدمها«حزب الله» في مواجهة إسرائيل

> تعتمد ترسانة «حزب الله» الأساسية من الأسلحة على الصواريخ، وتنقسم إلى نوعين. هي الصواريخ قصيرة المدى والموجهة التي استخدمها في معركته الأخيرة، إلى جانب المسيرات، والصواريخ متوسطة المدى التي لم يستخدمها حتى الآن. واستخدم الحزب حتى الآن... - صواريخ «بركان» المنحرفة القصيرة المدى، ويطلق عليها السوريون اسم «الفيل»، وهي عبارة عن عبوة طائرة يتراوح وزنها بين 300 و500 كيلوغرام، وتمتاز بقوة تدميرية هائلة. - صواريخ «الكورنيت» الروسية المضادة للدروع، وهي صواريخ موجهة ومعروفة بدقتها، ويستهدف بها تجمعات الجنود ومواقع عسكرية وآليات عسكرية ومدرعات على الحدود. وتعد أبرز الأسلحة التي يستخدمها الحزب في المعركة الأخيرة ضد إسرائيل. - صواريخ «الكاتيوشا»، وهي صواريخ منحرفة قصيرة المدى، يتراوح مداها بين 10 و15 كيلومتراً، وتحمل رأساً حربياً لا يتعدى وزنه 20 كيلوغراماً، واستخدمها في قصف المستعمرات الإسرائيلية. - المسيرات الانقضاضية، وهي مسيرات انتحارية مفخخة، استخدمها لضرب أهداف تبعد مسافة تتراوح بين 10 و20 كيلومتراً عن الحدود اللبنانية، واستخدمها الخميس لقصف منظومات القبة الحديدية في سهل الحولة جنوب شرقي لبنان،

الكاتيوشا يستخدمها الحزب في قصف المستعمرات الإسرائيلية (غيتي)

كما استخدمها لاستهداف مقر قيادة الشمال في الجيش الإسرائيلي قرب مدينة صفد. - قذائف الهاون (المورتر)، وهي قذائف قصيرة المدى، تُطلق لاستهداف مواقع إسرائيلية وتجمعات جنود. - صواريخ دفاع جوي قصيرة المدى، تستخدم لاستهداف المسيرات الإسرائيلية، وأعلن الحزب عن إسقاط 4 مسيرات منذ بدء الحرب.



«بريكس»... عملاق اقتصادي يواجه تحدّيات كبرى

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وخلفه أعلام الدول الأعضاء في مجموعو "بريكس" (آ فب/غيتي)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وخلفه أعلام الدول الأعضاء في مجموعو "بريكس" (آ فب/غيتي)
TT

«بريكس»... عملاق اقتصادي يواجه تحدّيات كبرى

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وخلفه أعلام الدول الأعضاء في مجموعو "بريكس" (آ فب/غيتي)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وخلفه أعلام الدول الأعضاء في مجموعو "بريكس" (آ فب/غيتي)

> مما لا شك فيه أن مجموعة «بريكس»، التي تعقد قمتها هذا العام للمرة السادسة عشرة بصيغتها الموسّعة، تحوّلت إلى كتلة اقتصادية عملاقة، وبالأخص مع انضمام خمسة بلدان خلال العام الماضي إلى الدول الخمس المؤسسة للمجموعة؛ أي: روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.

مع التوسيع باتت المجموعة تشغل أكثر من ثلث مساحة الأرض، ويسكن بلدانها 45 في المائة من سكان العالم، وهي توفر أكثر من 40 في المائة من إجمالي إنتاج النفط في العالم، ونحو ربع الصادرات العالمية من السلع.

ووفقاً للتوقعات، فإنه بحلول عام 2028 سيبلغ الناتج المحلي الإجمالي لدول «بريكس» ما يعادل 37 في المائة من القوة الشرائية في الإجمالي العالمي، في حين أن ما لدى «مجموعة السبع» سينخفض إلى 27 في المائة.

ومن ثم، دفع كل هذا خبراء في الغرب إلى عقد مقارنات مع حلف شمال الأطلسي (ناتو)، أو مع إطار أممي يشبه الأمم المتحدة، ووصف المجموعة بأنها كتلة بديلة عن التكتلات الغربية، لكن هذا المدخل في الحقيقة ليس دقيقاً؛ إذ على الرغم من عناصر القوة التي يوفرها حضور هذه المجموعة في تكتل اقتصادي لديه تطلعات مشتركة، فإن نقاط الضعف تبدو ماثلة في التباينات الصينية - الهندية التي ظهرت غير مرة، وكذلك في الخلافات بين الأعضاء حول قضايا إقليمية مهمة مثل الخلاف المصري - الإثيوبي، والتباينات العربية - الإيرانية.

ويضيف هذا الواقع تساؤلات حول قدرة المجموعة على مواجهة التحدّيات الداخلية، وحول جدوى المضي لاحقاً في مسار توسيع المجموعة، وما إذا كان ذلك سيشكّل رافعة جديدة لنشاطها... أم سيكون عنصر عرقلة إضافياً لاتخاذ القرارات المشتركة ومجالات تعزيز دورها ومكانتها في النظام الاقتصادي العالمي.

يضاف إلى ما سبق، أن ثمة عناصر ضعف تتضح ملامحها أكثر فأكثر مع مسار توسيع المجموعة وتشابك مصالح الدول المنضوية فيها أو تضاربها في حالات عدة. وهنا يمكن التوقف أمام تباين أولويات البلدان المنضوية في المجموعة. وهذا واقع برز بوضوح لدى التعامل مع الملفات الساخنة على الصعيدين الإقليمي والدولي؛ إذ إنه على الرغم من أن المجموعة تبدو موحّدة التوجهات في التعامل مع مسألة القطبية الدولية وآليات اتخاذ القرار العالمي، فهي التزمت الحياد عملياً في حرب أوكرانيا، حيث لم تحصل موسكو على دعم واضح لسياساتها. وأيضاً في ملف الحرب الدائرة على غزة، فاتت المجموعة فرصة ذهبية لتكريس شعار دورها المعلن في بناء عالم جديد.

أيضاً، بجانب التباينات السياسية الداخلية، فإن إحدى الشكاوى الرئيسية التي برزت هي «غياب» قواعد مشتركة بين جميع البلدان، الأمر الذي يؤدي إلى شكوك في تبني سياسات اقتصادية شاملة، أو اتخاذ خطوات لعمل مشترك ومنسجم حيال الأزمات الإقليمية والدولية. والدليل أنه طوال تاريخ المجموعة، قيل غير مرة إنها «وُلدت ميتة».

كذلك تراكمت الشكوك حول استدامة صيغة «بريكس»؛ لأنه رغم الخلافات الظاهرة لغالبية بلدان المجموعة مع الولايات المتحدة، مثلاً، فإن لدول التكتل (باستثناء روسيا) تجارة نشطة للغاية معها، وتظل الولايات المتحدة إحدى محطات تجارتها الأساسية، بل برز مستوى تأثير واشنطن في عمل المجموعة عبر قرار الأرجنتين الانسحاب في وقت سابق من المجموعة واتجاهها نحو تعزيز التعاون مع واشنطن. وفي هذا السياق، تزداد المخاوف من أن واشنطن تحاول تفكيك «بريكس» من خلال زيادة الضغط على الهند والبرازيل.

أخيراً، هناك الخلافات الداخلية في «بريكس»، خصوصاً حيال مسألة المزيد من التوسيع، وحيال تبنّي بعض الخطوات السريعة للتكامل الاقتصادي التي تعرقل بدورها تبنّي سياسات مشتركة فعالة. وعموماً، يرى خبراء ومراقبون متابعون أن قرارات «بريكس» السابقة كانت تأتي نتيجة توافقات داخلية صعبة، في حين أن المجموعة تواجه تعقيدات أكبر في آليات اتخاذ قرارات مشتركة.