فوز ترمب في آيوا أمّنه الإيفانجيليون والأرياف والمسنّون والأقل تعليماً

هل تعقّد نيوهامبشير حسم تنافس الجمهوريين على البيت الأبيض؟

ترمب يحتفل بانتصاره في آيوا (آ ف ب)
ترمب يحتفل بانتصاره في آيوا (آ ف ب)
TT

فوز ترمب في آيوا أمّنه الإيفانجيليون والأرياف والمسنّون والأقل تعليماً

ترمب يحتفل بانتصاره في آيوا (آ ف ب)
ترمب يحتفل بانتصاره في آيوا (آ ف ب)

مساء الاثنين الفائت، تكلّم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أمام حشد من المؤيدين في مدينة دي موين عاصمة ولاية آيوا، كما لو كان جميع منافسيه قد خرجوا بالفعل من السباق؛ إذ قال ساخراً من على المسرح:t «أريد أن أهنئ رون ديسانتيس ونيكي هايلي على تمضية وقت ممتع معاً». وبالفعل، أظهر الفوز الساحق الذي حققه الرئيس السابق، في التجمعات الحزبية في آيوا، التي أطلقت سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية التمهيدية لعام 2024، مدى تماسك الحزب الجمهوري حوله. وظهر مدى صعوبة التحدّي الذي يواجه مرشحي الحزب الآخرين، والمنتقدين الذين سعوا للحصول على بدائل لترمب. فالرئيس السابق لم يجد أي مشكلة في تعزيز قاعدته، بل إنه نجح في توسيع دعمه بين الجمهوريين، ووحّد الحزب الذي كان منقسماً إزاءه إلى حد كبير. ولكن، في المقابل، أظهرت الولاية الواقعة بإقليم الغرب الأوسط، أيضاً حجم الكتلة الجمهورية التي ما زالت تقاوم سيطرته... وهي تتأهب لتوضيح المشهد أكثر، يوم الثلاثاء المقبل، في ولاية نيوهامشير (شمال شرقي الولايات المتحدة) التي ستشهد أول انتخابات تمهيدية فعلية مفتوحة في هذا السباق.

راماسوامي يعلن وقف حملته وانسحابه لصالح ترمب (آ ب)

دونالد ترمب، لم يتغلب فقط على منافسيه في آيوا، بل انتصر بفارق تاريخي على أبرزهم، أي رون ديسانتيس حاكم ولاية فلوريدا، ونيكي هايلي حاكمة ولاية ساوث كارولاينا السابقة، كما أجبر رجل الأعمال الثري فيفيك راماسوامي على الانسحاب من السباق وإعلان تأييده له.

لقد حصل ترمب على 51 في المائة من أصوات متجمّعي آيوا، أي ما يزيد بعشر نقاط على الأصوات التي حصل عليها ديسانتيس وهايلي معاً. وبالتالي، عدّ كثرة من الخبراء والاستراتيجيين والمعلقين الجمهوريين، فوزه هذا بمثابة «قطار قد يكون من الصعب اللحاق بمحطاته بعد اليوم»؛ إذ بدا الطريق أمام منافسيه ضيقاً على نحو متزايد.

السيناتور الجمهوري السابق ريك سانتوروم، المرشح الرئاسي الجمهوري مرتين، قال: «الليلة كانت كبيرة للغاية بالنسبة لما يمكن أن ينذر به هذا بالنسبة للمستقبل... ومع حصول ترمب على 50 في المائة في آيوا، بالإضافة إلى العروض التي يستعد لها في نيوهامبشير، فقد انتهى الأمر». وبالفعل، حقق ترمب ما كانت تشير إليه استطلاعات الرأي على امتداد أشهر من بيانات الاقتراع، التي أظهرت أيضاً أن معظم جمهوريي الولاية كانوا على استعداد للتغاضي عن الاتهامات القضائية التي يواجهها. وهذا ما عكسته الأرقام التي حققها لدى الإيفانجيليين (البروتستانت المتشددين). وبعدما لقي صعوبة ذات يوم في ضمان دعمهم وخسر حينذاك أمام السيناتور تيد كروز عام 2016، فإنه كسب هذه المرة تأييدهم بشكل كاسح في كل المقاطعات التي يهيمنون عليها.

ترمب عزّز قواعده

في الواقع، قبل يوم واحد من انعقاد المؤتمر الحزبي الجمهوري في آيوا، ظفر ترمب ليس فقط بتأييد السيناتور الجمهوري ماركو روبيو، الذي تنافس معه عام 2016، ولكن أيضاً حاكم ولاية نورث داكوتا دوغ بورغوم، الذي انسحب من السباق الرئاسي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. كذلك حصل رسمياً حتى الآن على تأييد 135 مشرّعاً جمهورياً في مجلسي النواب والشيوخ، وهو ما يتجاوز بكثير ما حصل عليه ديسانتيس (5 نواب في مجلس النواب) ونائب واحد لهايلي.

أيضاً أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة «سي بي إس» بالتعاون مع «يوغوف» يوم الأحد، أن 70 في المائة من الناخبين الجمهوريين على المستوى الوطني يعتقدون أن ترمب، وليس هايلي أو ديسانتيس، يمثّل أفضل أمل للحزب للفوز على الرئيس جو بايدن. لكن المفارقة أن الاستطلاع نفسه أظهر أن الناخبين يعتقدون أن هايلي تتفوّق على ترمب في الانتخابات العامة.

ومع تصويت 49 في المائة من الجمهوريين في آيوا ضده (حصل ديسانتيس على 21 في المائة، وهايلي على 19 في المائة، و9 في المائة لآخرين)، وقول أكثر من 30 في المائة من المشاركين في المؤتمر الحزبي، إنه لن يكون لائقاً للرئاسة إذا أدين، يصاعد القلق لدى الجمهوريين من أن تجد أميركا نفسها أمام تكرار «سيناريو» عام 2020، بين ترمب ومنافسه الديمقراطي الرئيس الحالي جو بايدن.

آيوا لم تُقصِ هايلي... ووضع ديسانتيس صعب

هذا الأمر دفع كثيرين لاعتبار أن حصيلة آيوا ليست سبباً كافياً لانسحاب هايلي من السباق، لا سيما أن رهانها الحقيقي على المنافسة كان معقوداً منذ البداية على نيوهامبشير. وهي بعكس ديسانتيس استفادت طويلاً من استخفاف المراقبين بفرصها في آيوا، حيث لم يتوقع أحد احتلالها المركز الثاني. ولقد أصرّت هايلي - ومعها فريقها - على أن هدفها تحقيق أفضل الممكن في كل ولاية من الولايات المبكّرة، في محاولة لإبقاء التوقعات متواضعة مع بدء عملية الترشيح. ويوم الاثنين علقت هايلي، يوم الاثنين، بعد ظهور نتائج آيوا: «عندما تنظر إلى ما نفعله في نيوهامبشير وساوث كارولاينا وغيرهما، أستطيع القول مطمئنة إن آيوا حصرت هذا السباق الليلة بين شخصين» (أي بينها وبين ترمب).

في المقابل، لم يحقق ديسانتيس أكثر من توقّعات الاستطلاعات، باحتلاله المركز الثاني بعد ترمب؛ إذ لم يفز بأيّ من مقاطعات آيوا الـ99. وبدا ومعه فريقه مُحبَطون حيال مسار السباق، وبالأخص قبيل انتخابات نيوهامبشير، حيث أوقف الإنفاق الإعلامي فيها فعلياً منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وعليه، أجابت ولاية أيوا عن بعض الأسئلة الكبيرة، مثل ما إذا كانت «إدارة» ديسانتيس لحملته على الأرض مهمّة، وما إذا كانت استطلاعات الرأي تعكس بدقة نيات الناخبين الجمهوريين.

ديسانتيس حل ثانياً في آيوا... لكن الاختبار الأصعب قادم (رويترز)

ترمب قلب التوقعات

بالنسبة إلى ترمب، لم يعُد الائتلاف الجديد الذي كان تكلّم عنه افتراضياً. فقد تمكن من قلب كل التكهّنات السلبية التي توقعت خروجه من المشهد السياسي بعد أحداث 6 يناير (كانون الثاني) 2021. وتجاوز النتائج المخيبة للآمال في انتخابات التجديد النصفي عام 2022، بعدما حُمل مسؤولية الفشل في إحداث «الموجة الحمراء» التي وعد الجمهوريون أنفسهم بها. واستند في كل ذلك إلى جهد سنة كاملة في تنظيم حملته الانتخابية والإنفاق جيداً عليها، وهو ما طرح تساؤلات عن الحدود التي يمكن أن يصل إليها منافسوه، وردود فعل الناخبين في نيوهامبشير، التي ستشكل اختباراً حقيقياً، وعادةً ما تدحض نتائج التجمعات الحزبية في آيوا.

مع هذا، لم تكن سيطرة الرئيس السابق على ناخبي آيوا الجمهوريين في آيوا كاملة، بدليل تصويت 49 في المائة لمرشحين غيره. ووفق تحليل لصحيفة «بوليتيكو»، حصل ترمب على أقل من ربع الأصوات في أكثر من 30 دائرة انتخابية في الضواحي، مقابل حصوله على نسبة تزيد على 90 في المائة من الأصوات في عدد مماثل من الدوائر الانتخابية الريفية. أيضاً، صوّت في آيوا نحو 109 آلاف جمهوري، بانخفاض كبير عن 187 الفاً صوتوا عام 2016، ما يؤكد الاتجاه الذي أربك الجمهوريين خلال الدورات الانتخابية القليلة الماضية.

"نيكي هايلي تراهن على تحالف من الليبراليين والمستقلين والرافضين لإعادة سباق 2020"

ترمب ضعيف في المدن... وبين المتعلمين

لذا، في حين تظهر نتيجة آيوا كيف تمكّن ترمب من كسب غالبية الدعم الجمهوري، فإنها تكشف أيضاً عن ضعفه النسبي بين ناخبي ضواحي المدن والناخبين المحدودي التعليم، ما يثير تساؤلات حول كيفية حصوله على دعم كتلة تصويتية لطالما نظرت إليه بتشكّك واعتُبرت وقوداً لخسارته عام 2020. وللعلم، كانت مقاطعة جونسون، وهي المقاطعة الوحيدة التي يحمل بالغوها درجة البكالوريوس، وفيها مدينة آيوا سيتي، حيث حرم جامعة آيوا، كانت المقاطعة الوحيدة التي لم يفز بها ترمب بشكل مباشر، بل تفوقت هايلي عليه فيها بفارق صوت واحد. كذلك عانى ترمب في مدينة أيمز، حيث مقرّ جامعة آيوا ستايت؛ إذ حاز نسبة 27 في المائة فقط من الأصوات في 22 دائرة انتخابية بالمدينة.

أيضاً، كان أداء ترمب أسوأ في المجالات التي فشل فيها أمام بايدن خلال انتخابات 2020، وهي الأماكن التي يميل فيها الناخبون الجمهوريون والمستقلون المتاحة لهم المشاركة في التجمّعات الحزبية من خلال الانضمام إلى الحزب في يوم التجمّع الحزبي، إلى أن يكونوا أكثر اعتدالاً من ناخبي المناطق «الحمراء». وبين مقاطعات آيوا الست التي فاز فيها بايدن عام 2020 - ومعظمها في المناطق الحضرية أو الضواحي - حصل ترمب يوم الاثنين على 50 في المائة في واحدة منها فقط.

هذا، وأظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت مع أعضاء الحزب عند وصولهم ليلة الاثنين، الانقسام الكبير نفسه، حسب التحصيل التعليمي الذي تشير إليه نتائج الدوائر؛ إذ صوّت 67 في المائة (اثنان من كل ثلاثة) من الحزبيين الجمهوريين غير الجامعيين لترمب. وكان ذلك مكسباً مهماً له مقارنة بعام 2016، عندما حصل على 28 في المائة من هؤلاء الناخبين، وهم في غالبيتهم من الإيفانجيليين.

المواجهة مع بايدن

من جهة أخرى، لم يفز ترمب إلا بـ37 في المائة من أصوات المشاركين الجامعيين في التجمعات الحزبية، ويعكس هذا الديناميكية السائدة بين الناخبين على المستوى الوطني؛ إذ أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» مع كلية سيينا خلال الشهر الماضي، أن الرئيس بايدن يتقدّم على ترمب بفارق 27 نقطة مئوية بين الناخبين المحتملين الحاصلين على درجة البكالوريوس، مقابل تقدم ترمب بفارق 15 نقطة بين الناخبين الذين لا يحملون شهادة جامعية، فضلاً عن تقدمه بين الأعضاء الأكبر سناً، حيث ارتفع 32 نقطة بين كبار السن الذين تزيد أعمارهم على 65 سنة، و29 نقطة بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و64 سنة. أما النتيجة الأكبر فكانت فشل ترمب في تحقيق تقدّم لدى صغار السن، حيث حصل على تأييد 3 في المائة فقط ممن هو دون الـ30 سنة. وهذا قد يدحض الكثير من نتائج الاستطلاعات عن الانتخابات العامة. وبالذات، تلك التي زعمت أن ترمب يحقق مكاسب كبيرة عند الناخبين الشباب في المنافسة مع بايدن.

نيوهامبشير أكثر اعتدالاً وتعليماً... وأقل تعصباً

الآن، مع تحويل المرشحين الجمهوريين الثلاثة اهتمامهم إلى ولاية نيوهامبشير يوم الثلاثاء المقبل، لا تبدو قواعد المعركة مختلفة بعض الشيء عنها في آيوا. ففي العقود السبعة الماضية قدمت الولاية كل التجارب والنماذج، من حيث التوقّعات؛ إذ مكّنت الخاسرين في آيوا من العودة للفوز، وأفشلت الناجحين مُجبِرة إياهم على خوض معارك لأشهر طويلة.

ومراراً وتكراراً، تجاهلت «الولاية الأولية» الأولى نتائج «الولاية الحزبية» الأولى؛ إذ خسر رونالد ريغان التجمعات الحزبية في آيوا عام 1980 أمام جورج بوش الأب، لكنه فاز بغالبية ساحقة في نيوهامبشير. وعام 1988، وبعدما احتل بوش المركز الثالث في آيوا، وضعه انتصاره على منافسه السيناتور بوب دول في نيوهامبشير، على الطريق نحو الفوز بترشيح الحزب الجمهوري. وفي العام نفسه، جاء حاكم ماساتشوستس مايكل دوكاكيس ثالثاً في تجمعات آيوا للديمقراطيين، لكنه عاد وفاز في نيوهامبشير ونال ترشيح حزبه. وعام 2008 خسر السيناتور جون ماكين في آيوا، ليشق فوزه في نيوهامبشير طريقه له نحو الفوز بترشيح الحزب الجمهوري... ومواجهة المرشح الديمقراطي باراك أوباما.

في أي حال، وعلى الرغم من هامش ترمب الضخم في آيوا، فإن انتخابات نيوهامبشير التمهيدية تعطي خصومه من الجمهوريين فرصة لعرقلة زخمه؛ إذ إن هذه الولاية مختلفة جذرياً عن آيوا، فعدد المسيحيين الإيفانجيليين فيها أقل بكثير، كما أنها أكثر اعتدالاً بكثير، ونسبة بالغيها الجامعيين أيضاً أكبر بكثير... ثم إن انتخاباتها التمهيدية شبه مفتوحة، حيث يمكن للناخبين غير المنتمين إلى أي حزب أن يشاركوا في التصويت. وبالتالي، يمكن «لمعركتها» أن تعطي نتيجة مختلفة، الأمر الذي تراهن عليه على الأقل هايلي، بعدما اقتربت من ترمب بفارق ضئيل في أحد الاستطلاعات الأخيرة بفضل خطاب متماسك ضد بايدن.

ترمب يحتفل بانتصاره في آيوا (رويترز)

السنّ... مشكلة ترمب وبايدن المشتركة

كثفت نيكي هايلي التي تعد أكبر تهديد لدونالد ترمب في نيوهامبشير هجماتها على سنه المتقدمة بينما يضع هو نُصب عينيه تحقيق فوز حاسم ثانٍ على التوالي في ولاية مبكرة استطلاعات الرأي هنا تشير إلى أن تقدم ترمب في أدنى مستوياته. ولذا كثفت هايلي ضغطها، وقالت إن أميركا لا تستطيع تحقيق أهدافها المتمثلة في تأمين الحدود، وخفض الدَّين الوطني، وتحسين نظامها التعليمي، إذا تحولت الانتخابات العامة إلى مباراة إعادة بين بايدن وترمب. وأردفت: «لا يمكنك فعل ذلك إذا كان لديك شخصان يبلغان من العمر 80 سنة» (بايدن 81 سنة وترمب 78 سنة). ثم تابعت: «لا يمكننا أن نفعل ذلك إذا قال 70 في المائة من الأميركيين إنهم لا يريدون إعادة المباراة بين ترمب وبايدن. لا يمكنك أن تفعل ذلك إذا قال غالبية الناس إنهم لا يفكرون بلطف في هذين الاثنين». وهكذا، سعت هايلي إلى وضع نفسها بديلاً رئيسياً لترمب، وأعلنت عزوفها عن أي مناظرة رئاسية، إلّا معه أو مع بايدن.لكنّ نتائج آيوا، شجّعت ترمب، الذي حضر -من دون أن يكون مُلزماً- جلسة محاكمته، يوم الثلاثاء، في قضية التشهير التي رفعتها الكاتبة السابقة آي جين كارول، ضده. وكذلك حضر نشاطاً انتخابياً في نيوهامبشير في اليوم نفسه، مؤكداً مضيه قدماً في استخدام تحدياته القانونية لتعزيز الدعم والتعاطف بين قاعدته الانتخابية.

هايلي سعيدة بالتغلب على ترمب بفارق صوت واحد في مقاطعة جونسون (آ ب)

تحالف «ليبرالي» وحاكم نيوهامبشير مع هايلي

تعرّضت نيكي هايلي مجدّداً لهجمات دونالد ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، بالتزامن مع كسبها مزيداً من التأييد قبل انتخابات نيوهامبشير؛ إذ سخر ترمب منها لحلولها ثالثةً في تجمعات آيوا على الرغم من تلقيها دعماً مالياً من منظمة «أميركيون من أجل الازدهار»، وهي المجموعة السياسية التي يموّلها الملياردير المحافظ تشارلز كوخ.وهي تحظى الآن أيضاً بدعم بعض الديمقراطيين؛ إذ دعا جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك «جيه بي مورغان تشيس، الديمقراطيين الليبراليين إلى دعمها. كذلك جذبت الانتباه تحركات بعض المانحين الديمقراطيين، مثل ريد هوفمان، المؤسس المشارك لموقع «لينكد إن»، الذي قدّم 250 ألف دولار لحملتها. لذا سلط ترمب وحلفاؤه الضوء على هذا الدعم، بالزعم أنها ليست «محافظة بالقدر الكافي». وقال ترمب، الثلاثاء، إنه لن يضيع وقته في الكلام عن ديسانتيس - الذي بدا مستسلماً في نيوهامبشير - بل أراد التكلم عن هايلي «بسبب التصوّر بأنها صعدت».لكن مواجهة ترمب - هايلي في نيوهامبشير لن تكون سهلة. فهي تحظى بتأييد حاكم الولاية الجمهوري كريس سونونو، الذي قارن أخيراً أسلوب حملتها مع أسلوب ترمب، قائلاً إن الرئيس السابق سيصل لحضور التجمع ثم يعود على متن «طائرته الصغيرة الفاخرة» إلى فلوريدا. وللعلم، يتمتع سونونو بشعبية كبيرة في الولاية، وحصل على تأييد 75 في المائة منهم في انتخابات التجديد للمرة الرابعة. وفي المقابل، نجحت هايلي حقاً في تضييق الهوة مع ترمب في الولاية، محوّلة السباق إلى منافسة مباشرة معه، عبر بناء ائتلاف من ناخبي الحزب الجمهوري المستعدين للتخلي عنه، بجانب المستقلين الذين يرفضون ما يعدّونه «أجندته وسياساته المتطرفة وسلوكه المتهّور».


مقالات ذات صلة

انتخابات تاريخية في جامو وكشمير أمام خلفية إلغاء حكومة مودي وضع «الولاية الاتحادية»

حصاد الأسبوع تجمع حزبي في إحدى المناطق رافض لإلغاء حكومة مودي المادة 370 (رويترز)

انتخابات تاريخية في جامو وكشمير أمام خلفية إلغاء حكومة مودي وضع «الولاية الاتحادية»

بعد عِقد من الزمن، توافد الناخبون بإقليم جامو وكشمير، ذي الغالبية المسلمة والخاضع للإدارة الهندية، بأعداد قياسية للتصويت للحكومة المحلية في إطار انتخابات...

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع طابور اقتراع في كشمير (رويترز)

القضايا الرئيسية في انتخابات 2024 الكشميرية

برز إلغاء المادة 370 وتأسيس دولة مستقلة في جامو وكشمير قضيتَين رئيسيتين في هذه الانتخابات، بينما تشكّل البطالة مصدر قلق مزمن كبير. الصحافي زاهور مالك قال: «ثمة…

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع لقطة من مناظرة الثلاثاء الرئاسية (رويترز)

هل اقتربت أميركا من تغيير هوية «الجيل» الذي يحكم واشنطن؟

يُجمِع خبراء المناظرات الرئاسية الأميركية على أن الانتصارات فيها لا تُترجم بالضرورة فوزاً في الانتخابات، والمرشحون الذين يتألقون في المناظرات لا يفوزون دائماً

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع يقدّم بارنييه نفسه على أنه رجل ينتمي إلى اليمين لكن ليس اليمين البورجوازي القومي المتعصّب بل اليمين الاجتماعي

ميشال بارنييه رئيس الحكومة الفرنسية الجديد... هل يكون الرجل المعجزة الذي ينقذ عهد ماكرون؟

بعد 25 سنة أمضاها ميشال بارنييه في بروكسل (1999 – 2021) مفوضاً أوروبياً متنقلاً في مناصب عديدة، منها مسؤول عن السوق الأوروبية الداخلية ونائب لرئيس المفوضية،

ميشال أبونجم (باريس)
حصاد الأسبوع الرئيس الموريتاني ولد الغزواني يستقبل رئيس الوزراء الإسباني سانتشيز ورئيسة المفوضية الأوروبية فون در لاين في نواكشوط 
(آ فب)

إسبانيا تحاول التحكّم بهاجس التعامل مع المهاجرين

عندما فازت إسبانيا بكأس الأمم الأوروبية لكرة القدم، أواسط يوليو (تموز) الفائت، كان النجم الأبرز في الفريق الوطني الأمين جمال، وهو لاعب من أب مغربي وصل قبل 19

شوقي الريّس (مدريد)

انتخابات تونس: ماراثون سياسي... وتصعيد بين السلطات ومعارضيها

زهير المغزاوي (مواقع التواصل الاجتماعي)
زهير المغزاوي (مواقع التواصل الاجتماعي)
TT

انتخابات تونس: ماراثون سياسي... وتصعيد بين السلطات ومعارضيها

زهير المغزاوي (مواقع التواصل الاجتماعي)
زهير المغزاوي (مواقع التواصل الاجتماعي)

خلافاً للانتخابات الرئاسية التونسية السابقة، التي تنافس في دورتها الأولى قبل خمس سنوات 26 شخصية وأسفرت في دورتها الثانية عن فوز قيس سعيّد، لا تتضمن قائمة المرشحين الرسميين هذه المرة إلا ثلاثة أسماء، هم: الرئيس الحالي سعيّد والبرلمانيان السابقان زهير المغزاوي (الأمين العام لحزب الشعب) «العروبي الناصري» (59 سنة) ورجل الأعمال المهندس الليبرالي العياشي زمال (47 سنة). وعلى غرار ما سجل في انتخابات 2019، التي شارك رجل الأعمال نبيل القروي في دورها الأول وهو في السجن، يستمر إيقاف العياشي زمال المرشح «المعتمد رسمياً» الذي أصدرت محاكم عديدة ضده أحكاماً بالسجن بتهمة «تزييف تزكيات الناخبين».

في هذه الأثناء، أكّد القاضي فاروق بوعسكر، رئيس «الهيئة العليا للانتخابات» ومحمد التليلي المنصري الناطق الرسمي باسمها، أن اسم زمال سيظل مُدرجاً في قوائم المرشحين وسيعرض على الـ9 ملايين و700 ألف ناخب المرسّمين في القوائم الرسمية. وما يجدر ذكره هنا أن «الهيئة» كانت قد أسقطت رسمياً 3 مرشحين بارزين أعادتهم «الجلسة العامة للمحكمة الإدارية» للسباق، هم على التوالي: المنذر الزنادي، وزير التجارة والسياحة والنقل والصحة في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وعبد اللطيف المكي، وزير الصحة لفترتين في العشرية الماضية، وعماد الدايمي، الوزير والبرلماني السابق ما بين 2011 و2019.

معارك قانونية وسياسية

بعد اختلاط الأمور و«الأجندات»، تباينت التقييمات داخل النخب والأوساط الدبلوماسية والسياسية في تونس للعملية الانتخابية الحالية، التي أعلن رسمياً أنها انطلقت يوم 14 يوليو (تموز) الماضي.

فقد انتقد قياديون في «الاتحاد العام التونسي للشغل» بينهم أمينه العام نور الدين الطبوبي، وفي «منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان» بينهم رئيسها المحامي سامي الطريفي، «المناخ السياسي والإعلامي والحقوقي في البلاد»، واعتبروا أنه «غير ملائم لتنظيم انتخابات تعدّدية نزيهة وفق المقاييس الدولية»، خلافاً لمناخ انتخابات 2014 و2019. ولفت سامي الطاهري، الناطق الرسمي باسم «الاتحاد العام التونسي للشغل» - الذي يعدّ أكبر قوة نقابية وسياسية في تونس - خصوصاً إلى «الأجواء التي تجري فيها العملية الانتخابية»، وذلك إثر استبعاد عشرات من زعماء المعارضة والنشطاء المستقلين بسبب إيقافهم وفتح قضايا أمنية عدلية ضدهم بتهم خطيرة، بينها «التآمر على أمن الدولة» و«الفساد».

كذلك، لوّحت بلاغات رسمية باسم اتحاد النقابات بـ«سيناريو» تنظيم إضراب عام في البلاد للضغط على السلطات.

قضايا التآمر على أمن الدولة

في سياق متصل، كشف المحامي والأكاديمي اليساري والوزير السابق عبد الوهاب معطر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عن أن نحو 15 قضية «تآمر على أمن الدولة» فُتحت ضد شخصيات سياسية محسوبة على المعارضة، بعضها كان معنياً بالترشح للانتخابات.

في الوقت نفسه، قال المحامي عبد الرؤوف العيادي، زعيم حزب «وفاء»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الإيقافات والتحقيقات شملت خلال الأشهر الماضية عشرات من أبرز السياسيين وحرمتهم من فرصة الترشح، وعدّد بين هؤلاء: القيادي في «جبهة الخلاص» المعارضة جوهر بن مبارك، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي الوزير غازي الشواشي، والمدير التنفيذي لحزب «أمل» ومدير مكتب رئاسة الجمهورية سابقاً الوزير رضا بالحاج، إلى جانب عدد من القياديين في أحزاب «حركة النهضة» (إسلامي محافظ) و«قلب تونس» (ليبرالي) وائتلاف «الكرامة» (محافظ) وحزب «حراك تونس – الإرادة» (الذي يتزعمه الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي) وحزب المؤتمر (الذي يتزعمه المحامي والوزير السابق سمير بن عمر).

أيضاً، انتقد حسام الحامي منسّق «ائتلاف صمود»، وهو تكتل للمعارضين اليساريين، رفض ترشّحات 14 شخصية سياسية وأكاديمية ممّن قدّموا رسمياً ملفاتهم للهيئة العليا للانتخابات، وجرى استبعادهم لأسباب «إجرائية» عدة، بينها عدم تقديم نسخة من بطاقة السوابق العدلية أو وثائق تثبت أنه وقع تزكيتهم من قبل 10 آلاف ناخب أو من قِبل 10 أعضاء في البرلمان.

وفي سياق متصل، كان بين المستبعدين لهذه الأسباب رئيس جمعية القضاة الشبان مراد المسعودي، والإعلامي والسياسي المخضرم الصافي سعيد والوزير السابق للتعليم المثير للجدل والناشط اليساري ناجي جلول.

أما المحامية عبير موسي، زعيمة الحزب الدستوري الحرّ، فقد استُبعدت بسبب تعرضها للإيقاف منذ سنة، إثر تحركات شاركت فيها رفقة عشرات من كوادر حزبها، واتهمت السلطات منظميها بـ«تهديد الأمن العام».

هذا، ولم تسفر المظاهرات التي نظمها أخيراً آلاف من أنصار هذا الحزب ومن ممثلي «الشبكة التونسية للحقوق والحرّيات» - التي تضم عشرات المنظمات والشخصية المستقلة والحزبية - عن الإفراج عن غالبية الموقوفين في قضايا ذات صبغة سياسية.

كذلك فشلت ضغوط المعارضة في تغيير شروط الترشح للانتخابات، بل العكس هو الذي حصل، على حد تعبير المحامية والناشطة السياسية اليسارية دلية مصدق بن مبارك والحقوقي شاكر الحوكي والأكاديمية والناشطة النسوية اليسارية سناء بن عاشور.

معارك قضائية وسياسية

من جهة ثانية، في سياق التسارع الكبير للأحداث، فجّر السباق نحو قصر الرئاسة هذا العام سلسلة معقّدة من المعارك القانونية والقضائية والسياسية داخل البلاد، وفي أوساط الجالية التونسية في الخارج، التي تقدر بنحو مليونين، أي خُمس المواطنين.

ومن أبرز أسباب هذه المعارك، أستاذ القانون العام والعلوم السياسية شاكر الحوكي، رفض «الهيئة العليا للانتخابات» تنفيذ قرار «نهائي وغير قابل للطعن» أصدرته الجلسة العامة للمحكمة الإدارية التي تضم 27 قاضياً من «أعلى رتبة» بينهم الرئيس الأول للمحكمة. ولقد نصّ هذا القرار على «قانونية ترشح الوزراء الثلاثة السابقين منذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي وعماد الدايمي بعد قبول طعنهم في قرار إقصائهم» من قِبل ممثلي السلطة الانتخابية برئاسة القاضي فاروق بوعسكر.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن الانخراط في هذه المعركة عبر الانحياز لموقف المحكمة الإدارية و«علوية قراراتها» شمل عشرات من أساتذة القانون والعلوم السياسية وعمداء الكليات وقادة «الاتحاد العام التونسي للشغل» وهيئات نقابات المحامين والقضاة والصحافيين ومنظمات حقوقية عديدة.

وفي الإطار عينه، رفع عدد من الحقوقيين بينهم القاضي السابق والمحامي أحمد صواب والإعلامي والناشط السياسي زياد الهاني قضايا عدلية أمام محكمة تونسية ضد «الهيئة العليا للانتخابات»، وشكّك صواب والهاني في استقلالية رئاسة «الهيئة» وحياديتها، طالباً من القضاء استصدار قرار ينص على «إلزامية تنفيذ قرار الجلسة العامة للمحكمة الإدارية وقضاتها الـ27» حيال الزنايدي والدايمي والمكي.

واعتبر صواب في تصريح لـ«لشرق الأوسط» أن «المحكمة الإدارية» أعلى سلطة في النزاعات الانتخابية في ظل غياب «المحكمة الدستورية»، وهي المكلفة البت في الخلافات بين المرشحين للانتخابات وسلطات الإشراف وبينها «الهيئة العليا للانتخابات». أما الهاني، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الرئيس الأول للمحكمة الإدارية عبد السلام قريصيعة وأعضاء المحكمة الـ27 مطالبون قانوناً بضمان توسيع قائمة المرشحين، وإن لزم الأمر عبر مراجعة روزنامة الانتخابات، أي تأجيل موعد الاقتراع العام».

ناخبة تونسية داخل مركز اقتراع (آ ف ب)

اتهامات... ومحاكمات

في هذه الأثناء، شنّ برلمانيون مقرّبون من السلطات ومن فريق الحملة الانتخابية للرئيس قيس سعيّد حملة إعلامية ضد المعارضين الذين تحرّكوا في الكواليس ونظموا مظاهرات في الشوارع للمطالبة بتوسيع قائمة المرشحين في الانتخابات لتشمل «وزراء وشخصيات من المتهمين بالتآمر على أمن الدولة».

واتّهم هؤلاء، وبينهم البرلمانية سيرين مرابط والناشط السياسي اليساري السابق رياض جراد، بعض معارضي الرئيس سعيّد بالخيانة الوطنية و«محاولة توظيف أجواء العملية الانتخابية الحالية لتمرير مخطّطات وصاية أجنبية على البلاد، بالتعاون مع عدد من نشطاء الجمعيات والأحزاب التي تحصل على تمويلات أجنبية قدّرت قيمتها بمئات مليارات من المليمات».

كذلك، قدّم 34 نائباً من أعضاء مجلس النواب مشروع تعديل «استعجالي» للقانون الانتخابي الصادر عام 2014؛ بهدف إحالة مهمة البت في «النزاعات الانتخابية» إلى المحاكم العدلية العادية لا المحكمة الإدارية، التي لا تخضع إدارياً إلى سلطة وزارة العدل ورئاسة النيابة العمومية وتتمتع باستقلالية نسبية.

من جانبه، نشر الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية تصريحات عديدة للرئيس سعيّد شكّك فيها في «وطنية» عدد من المعارضين، واتهمهم «بالحصول على تمويلات أجنبية ضخمة وبالانخراط ضمن» مؤامرة «تستهدف أمن البلاد واستقرارها».

وشكك البلاغ الانتخابي لسعيّد في صدقية منظمي التحركات الاحتجاجية على المسار الانتخابي والسياسي الحالي في الشارع وفي وسائل الإعلام المحلية والأجنبية. واتهم البلاغ هؤلاء المعارضين وبعض المرشحين «الافتراضيين» للرئاسة بـ«التبعية للخارج» وأنصارهم بكونهم «تحالف الأضداد». وأورد سعيّد على هامش اجتماعات عقدها مع وزيري الداخلية خالد النوري والعدل ليلى جفّال أن السلطات سمحت للمعارضين بتنظيم مسيرات رفعوا خلالها شعاراتهم بكل حرية «حمتها قوات الأمن»، على الرغم من كونها جمعت «خصوم الأمس» و«الأفرقاء».

فوز متوقع في انتخابات الغد للرئيس قيس سعيّد (أ ف ب/غيتي)

بدء العد التنازلي؟

وإذ ترجّح موازين القوى السياسية الحالية في تونس فوز الرئيس سعيّد بعهدة ثانية تمتد إلى 2029، تشهد كواليس السياسيين صراعاً بين تيارين كبيرين:

الأول يدعو إلى المقاطعة، وهو يضم القيادي المعارض أحمد نجيب الشابي وساسة بارزين حثّوا على مقاطعة الانتخابات، والتأهب لمعارك سياسية وإعلامية جديدة توقعوا أن تكون لصالح المعارضين، وتبدأ بعد «محطة» 6 أكتوبر التي يتوقعون أن تكون نسبة المشاركة فيها ضعيفة جداً على غرار انتخابات العامين الماضيين.

أما الآخر فيدعو إلى المشاركة بكثافة، وبين شخصياته ساسة وحقوقيون قريبون من جبهة الخلاص المعارضة، كالمحامية اليسارية دليلة مصدق بن مبارك، والحقوقية شيماء عيسى والزعيم اليساري السابق الوزير محمد عبو.