أميركا 2024: بايدن والديمقراطيون على مفترق طرق

بسبب غزة وتراجع تأييد الشباب والناخبين السود واللاتينيين

دعم بايدن المطلق لإسرائيل ... بات مصدر خطراً على حظوظه الرئاسية وفق استطلاعات الرأي (آ ب)
دعم بايدن المطلق لإسرائيل ... بات مصدر خطراً على حظوظه الرئاسية وفق استطلاعات الرأي (آ ب)
TT

أميركا 2024: بايدن والديمقراطيون على مفترق طرق

دعم بايدن المطلق لإسرائيل ... بات مصدر خطراً على حظوظه الرئاسية وفق استطلاعات الرأي (آ ب)
دعم بايدن المطلق لإسرائيل ... بات مصدر خطراً على حظوظه الرئاسية وفق استطلاعات الرأي (آ ب)

في الخامس عشر من يناير (كانون الثاني) الحالي، تدخل الولايات المتحدة سنتها الانتخابية الفعلية مع أول انتخابات رئاسية تمهيدية للحزب الجمهوري في ولاية أيوا ووفق تقييمات عدة يُعتقد على نطاق واسع أن الانتخابات العامة التي ستُجرى في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل وستشهد أيضاً تجديداً كاملاً لمجلس النواب وثلث مقاعد مجلس الشيوخ قد تؤدي إلى رسم وجه جديد للبلاد بالنظر إلى حدة الانقسام السياسي والاستقطاب الحزبي غير المسبوق وفي حين يدافع معسكرا هذا الانقسام عن وجهتي نظريهما بالقول إنها ليست مجرد انتخابات رئاسية حاسمة فحسب بل هي أيضاً اختبار للديمقراطية الأميركية لا يخفى على المتابع تراجع مستوى الديمقراطية نفسها في ظل غياب المنافسة الحقيقية سواءً عند الجمهوريين أو الديمقراطيين.

يرى كثيرون في الولايات المتحدة اليوم أنه لن تكون هناك انتخابات رئاسية ديمقراطية حقيقية. وإذا ما حكمنا على الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الجمهوري، من خلال استطلاعات الرأي، فهي ممارسة لا طائل من ورائها. إذ إن المرشح الأبرز ورئيس الجمهورية السابق دونالد ترمب، لم يكلف نفسه عناء المشاركة في أي من المناظرات الجمهورية الأربع التي أجريت حتى الآن. لا بل هو على وشك إكمال عودة سياسية مذهلة، بعدما نجح في هزيمة كل التقديرات التي توقعت أفول نجمه بعدما غادر البيت الأبيض، وتحويل الاتهامات الجنائية الـ91 المرفوعة ضده إلى مادة تحريض سياسي.

في المقابل داخل معسكر الحزب الديمقراطي، يرفض الرئيس الأميركي جو بايدن الرضوخ لنتائج الاستطلاعات التي تشير إلى تراجع نسب تأييده، وتمارس «المؤسسة» السياسية للحزب ضغوطا شديدة لمنع ظهور مرشحين جديين يؤمل منهم تجديد دماء القيادة، رغم وفرة الشخصيات.

بل إن الحزب الديمقراطي وبايدن نفسه يجازفان الآن بتبديد التحالف الذي مكنه عام 2020 من الفوز على ترمب، وأوقف في انتخابات التجديد النصفي عام 2022 «الموجة الحمراء» الجمهورية، وبالأخص، بعد اندلاع الحرب في غزة، وتصاعد حدة اعتراضات «التيار التقدمي» (اليسار) على دعم بايدن لإسرائيل، وتراجع نسبة تأييده لدى الشباب والسود واللاتينيين، بحسب استطلاعات الرأ الأخيرة.

ترمب يغلب التوقعات

في هذه الأثناء، من لحظة الضعف بعد تلك الانتخابات النصفية، حوّل الرئيس السابق ترمب لوائح الاتهام الجنائية إلى مادة تحريض حاشدة واستفاد من حملة منضبطة، فتمكن من محاصرة خصومه الجمهوريين وتعطيل تشكيل معارضة حقيقية له، واستفاد أيضاً من الضعف الشديد لبايدن، بحسب العديد من المحللين.

المحللون السياسيون يرون أن نتائج الانتخابات الجمهورية المبكّرة، سواء في ولاية أيوا أو ولاية نيوهامبشير، باتت محسومة، للتنافس على «المركز الثاني»، وليس لجهة هزيمة ترمب. وهذا، بعدما نجح الأخير في السيطرة على القاعدة الجمهورية، مجبراً خصومه على الاصطفاف للدفاع عنه في القضايا المرفوعة ضده.

وحقاً، منذ صدور لائحة الاتهام الأولى، التي وجهها ألفين براغ، المدعي العام لمنطقة مانهاتن في نيويورك، بشأن مدفوعات الصمت لممثلة أفلام إباحية عام 2016، أثارت القضية موجة من التعاطف من جانب الجمهوريين، الذين رأوا فيها قضية «ضعيفة ومسيّسة». كذلك، احتشدت شخصيات إعلامية مؤثرة بشكل موحّد للدفاع عن ترمب، بل وتعاطف معه معارضوه في الانتخابات التمهيدية، الذين ردّدوا إلى حد كبير ادعاءاته حول الاستخدام المجحف للنظام القانوني ضده. ومع توالي صدور الاتهامات الجنائية، عملت حملة ترمب على تقديم هذه الاتهامات إلى قاعدته والمشرعين الجمهوريين كأدلة على «الاضطهاد السياسي» الذي يتعرض له، وحضتهم على الوقوف للدفاع عنه، عاجلا وليس آجلا.

وبحلول أبريل (نيسان) 2023، بدأ الجمهوريون، مستشهدين بلائحة اتهام براغ، يتكلمون عن الرئيس السابق باعتباره المرشح الحتمي. وبالفعل، تظهر اتجاهات استطلاعات الرأي نقطة تحول واضحة بعد لائحة الاتهام الأولى، عندما بدأ دعم ترمب في الارتفاع، على حساب منافسيه، على رأسهم حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، الذي كان يُعتقد أنه قد يكون هو المرشح الجمهوري البديل. وأيضاً جمعت حملة ترمب وعمّمت بيانات داعمة له من 6 حكام ولايات، و26 عضوا في مجلس الشيوخ، و63 جمهوريا في مجلس النواب، و10 مدعين عامين في الولايات. وهذا ما دفع ديسانتيس للقول خلال مقابلة في الشهر الماضي «إذا كان بإمكاني تغيير شيء واحد، أتمنى لو يوجه الاتهام إلى ترمب بشأن أي من هذه الأشياء وأشياء أخرى كثيرة، امتصت الكثير من الأكسجين».

ترمب يطلق في مطلع العام الجديد حملته في ولاية ساوث كارولينا (آ ب)

الاتهامات زادته قوة

من جانب آخر، مع أن الاتهامات الجنائية الموجهة ضد ترمب أكسبته مزيداً من تعاطف الجمهوريين، فإنها وضعته أيضاً على «مسار تصادمي» مع احتمال خضوعه لمحاكمات متعددة خلال ذروة الحملة الانتخابية. وهذا ما دفعه إلى تصعيد استخدامه للغة التحريضية والتخطيط لولاية ثانية تركز على الانتقام، في مسار يقارنه البعض بمسار الزعماء المستبدين.

لقد ضاعفت حملته من استخدام، ليس فقط الاتهامات الجنائية ضده، بل الهجمات التي تتهمه بالديكتاتورية، والتراجع عن وعوده السابقة كبناء «الجدار الفاصل» عن المكسيك، وحتى تعليقاته المسيئة، محوّلة كل ذلك إلى نقطة قوة. ونقلت أخيراً صحيفة «الواشنطن بوست» عن مسؤول جمهوري قوله إنه «ما لم يحدث شيء ما في أيوا ونيوهامبشير، وبحلول «يوم الثلاثاء الكبير» (في مارس/ آذار المقبل حين تُجرى انتخابات تمهيدية في أكثر من 15 ولاية)، قد لا تكون هناك منافسة على الإطلاق». وأردف قائلاً «بصراحة، ربما لم يعد من المهم التساؤل عن ماهية النظام الذي لدينا».

مع كل هذا، يبقى احتمال أن يكون ترمب أول مرشح لحزب كبير يترشح كمجرم يخيم على السباق. إذ من المقرّر أن تستمع محكمة الاستئناف في العاصمة واشنطن إلى المرافعات الأسبوع المقبل حول ما إذا كان ترمب محصناً من الملاحقة القضائية على الإجراءات التي اتخذها كرئيس، وتقرر من ثم ما إذا كانت محاكمته المقرّرة في مارس المقبل يمكن أن تمضي قدما. ومن ناحية أخرى، تتأهب المحكمة العليا الأميركية أيضاً للنظر فيما إذا كان بإمكان ترمب البقاء على بطاقة الاقتراع بعدما قضت المحكمة العليا في ولاية كولورادو ببطلان أهليته للترشح بسبب دوره في التحريض على الهجوم على مبنى الكابيتول يوم 6 يناير 2021. ولقد تقدم ترمب من المحكمة العليا في ولاية ماين بطلب لإبطال قرار وزيرة خارجية الولاية بإزالة اسمه من الاقتراع الأولي في الولاية، بعدما أرجأت تطبيقه، حتى يتمكن من الاستئناف.

«الانتخابات التمهيدية الجمهورية تنطلق في أيوا ونيوهامبشير مفتتحة معركة الرئاسة... ولا منافس حقيقياً لدونالد ترمب»

لا يوجد منافس جمهوري حقيقي

في المناظرة التمهيدية الجمهورية الأولى، في أغسطس (آب) الماضي، طلبت اللجنة الجمهورية المنظمة للمناظرات من منافسي ترمب رفع الأيدي لدعمه إذا كان هو المرشح الأول للحزب. وهو ما فعله رون ديسانتيس، ونيكي هايلي الحاكمة السابقة لولاية ساوث كارولينا، ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي، الذين ما زالوا رسمياً في السباق. وللعلم، كان الرهان، ولا يزال، على تمكن هايلي من أن تكون هي المنافس الحقيقي لترمب، بعد صعود أرقامها على المستوى الوطني. ورغم ذلك، لم تتمكن حتى الساعة من تغيير تقدّمه الكاسح في ولايتي أيوا ونيوهامبشير. بل قالت هايلي في نيوهامبشير أخيراً في عبارة رددتها سابقاً «كان ترمب الرئيس المناسب في الوقت المناسب. لكن الفوضى تتبعه، سواءً عن صواب أم عن خطأ. ونحن لا يمكن أن نظل دولة في حالة من الفوضى وعالم يحترق ونعيش أربع سنوات أخرى من الفوضى».

في الواقع تظهر استطلاعات الرأي أن هايلي - وهي هندية الأصل - صعدت إلى المركز الثاني (خلف ترمب) في قائمة المرشحين بفارق كبير في نيوهامبشير، في حين يحتل ديسانتيس هذا المركز في ولاية أيوا، ما ترك معارضة ترمب منقسمة في أول منافستين. وقال الناطق باسم ترمب ستيفن تشيونغ «لقد تفوّق الرئيس ترمب على كل شخص خلال الحملة الانتخابية، ولهذا السبب يواصل السيطرة على كل استطلاعات الرأي وهو في وضع أفضل للتغلب على جو بايدن واستعادة البيت الأبيض».

من جانبهم، يرى مساعدون وداعمون لهايلي أن ضعف بايدن لا يساعد قضيتها، لكنها لا تزال مصدر قلق كبير بين الناخبين الجمهوريين، الذين كانوا يتوقعون «موجات حمراء» (داعمة للجمهوريين) في الانتخابات النصفية عام 2022، لم تتحقق أبداً. وهي نتيجة أرجعها هؤلاء إلى سيطرة ترمب على الحزب. وأما اليوم فيشدد الناشطون الجمهوريون المعارضون لترمب، على استطلاعات الرأي التي تظهر تفوق هايلي على ترمب ضد بايدن، قائلين إن على الجمهوريين ألاّ يخاطروا، مذكّرين الناخبين بدوافع الديمقراطيين لمعارضة ترمب. أما بايدن نفسه فقد اعترف بالقول إنه ما كان ليترشح لو لم يكن ترمب هو المرشح الجمهوري، في تكرار للمعركة التي خاضها ضده عام 2020. وكانت استطلاعات الرأي في ذلك الوقت قد بيّنت أن الناخبين لم يصوّتوا لبايدن محبة به، بل لرفضهم عودة ترمب إلى سدة الرئاسة.

تداعيات حرب غزة

ورغم ما سبق، تقف حملة الرئيس بايدن على مفترق طرق، وقد تحضّ الديمقراطيين على التفكير جدياً في أخطار مواصلة الرهان على تكرار معركة 2020 هذا العام. وفعلاً، حذّر جيم ميسينا، مدير حملة إعادة انتخاب الرئيس الأسبق باراك أوباما، من أن ترمب «يمكن أن يهزم بايدن في الخريف... حتى لو كان في السجن».

وفي أحدث استطلاعات رأي، نشرت في الأيام الأخيرة، بدا أن ترمب يتفوّق على بايدن في العديد من الشرائح العمرية والعرقية. والسبب لا يتعلق فقط بسنه المتقدمة وقدراته الذهنية المثيرة للجدل، بل وأيضا في تقييم الناخبين لسياساته الاقتصادية ومواقفه من الصراعات الدولية، ولا سيما حرب إسرائيل على غزة. ووفق استطلاع لصحيفة «النيويورك تايمز» مع كلية سيينا (الجامعية)، تراجعت أرقام قبول بايدن لدى فئة الشباب، بسبب دعمه المطلق لإسرائيل. وهو العامل نفسه الذي أظهره استطلاع آخر للرأي أجرته صحيفة «اليو إس إي توداي» وجامعة سافلوك. وبعدما كان بايدن قد حصل عام 2020 على تأييد 24 في المائة ضمن فئة الشباب، فإن ترمب يتقدم عليه اليوم ضمن هذه الفئة العمرية، حاصلاً على تأييد 37 في المائة مقابل 33 في المائة لبايدن.

 

أصوات الشباب والسود واللاتينيين

اللافت جداً في استطلاع «النيويورك تايمز» أن 72 في المائة من الفئة العمرية 30 سنة وما دون، وخصوصاً في الحزب الديمقراطي، (الذين لعبوا دوراً بارزاً في فوز بايدن في انتخابات 2020)، لا يوافقون على أداء بايدن في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، مقابل قبول 20 في المائة فقط.

أيضاً، بدا أن تداعيات الحرب على غزة تربك حتى حسابات التقدميين في الحزب الديمقراطي، وذلك بعدما تمكنت الجمعيات اليهودية وجماعات الجمهوريين عموما، من توجيه اتهامات معاداة السامية للناشطين الداعمين للفلسطينيين. وعلى سبيل المثال، كان اليمين السياسي ضعيفا جداً في العديد من الجامعات، قبل هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ووفقا لمسح أجرته مؤسسة الحقوق الفردية والتعبير، كان في جامعة هارفارد العريقة 17 في المائة فقط من الطلاب الجامعيين يُعتبرون محافظين، و13 في المائة في جامعة ستانفورد و9 في المائة في بنسلفانيا. ونادراً ما تعرض رؤساء هذه الجامعات للخطر إذا تسببت مواقفهم بإزعاج هذا اليمين في الحُرُم الجامعية. ولكن بعد الحملة التي تعرضوا لها، ومثولهم أمام الكونغرس، قدم رؤساء الجامعات الثلاث استقالاتهم.

في سياق متصل، أظهر استطلاع «اليو إس إي توداي» وجامعة سافلوك، أن 20 في المائة من أصوات السود واللاتينيين إلى جانب الشباب من الفئة العمرية أقل من سن الـ35 لن تذهب لأي من ترمب أو بايدن، بل إلى حزب ثالث، مع تقدم ترمب على بايدن بخمس نقاط مئوية على المستوى الوطني. بل ما قرع جرس الإنذار أكثر لدى الديمقراطيين هو احتمال خسارة بايدن جزءاً لا يستهان به من أصوات السود. إذ أظهر الاستطلاع أن تأييدهم له تراجع من نسبة 87 في المائة إلى 63 في المائة. وبعدما حصل بايدن في انتخابات 2020 على تأييد 65 في المائة من أصوات اللاتينيين، أظهر الاستطلاع تراجع دعمه إلى 34 في المائة، مقابل 39 في المائة لترمب. ولقد علّق دومينغو جغارسيا، الرئيس الوطني لرابطة مواطني أميركا اللاتينية المتحدين، لموقع «سيمافور» قائلاً «إنه علم أحمر... أصوات ذوي الأصول اللاتينية باتت متاحة تماماً للاستيلاء عليها». وأضاف «ترمب يقطع الهوامش. وفي الولايات الحاسمة مثل أريزونا ونيفادا وويسكونسن، يمكن أن يشكل هذا فارقاً كبيراً».

ولا تختلف التحديات التي يواجهها بايدن مع الناخبين المتحدرين من أصل لاتيني عن مشاكله مع جمهور الناخبين الأوسع، وأهمها: قلة الرضى إزاء التضخم، والمخاوف بشأن المعابر الحدودية التي بلغت مستويات غير مسبوقة، والإنجازات السياسية الباهتة. وحتى بينما بايدن يعمل على تعزيز أمن الحدود من خلال صفقة محتملة بين الحزبين في الكونغرس، يحذّر الساسة الديمقراطيون من أنه قد يفقد مزيداً من الدعم في الخريف المقبل، إذا انتهى الأمر باتفاق معادٍ بشكل مفرط للمهاجرين الذين هم في غالبيتهم من دول أميركا اللاتينية.

 

قضايا قد تحدد مسار المعركة الانتخابية في الخريف المقبل

مع دخول الولايات المتحدة أخيراً عام الانتخابات الرئاسية، طرح المراقبون أسئلة مهمة، عمّا إذا كان سيظهر منافس قادر على تشكيل تهديد كبير لإعادة ترشيح دونالد ترمب وجو بايدن، وعمّا إذا كانت المعركة ستنتهي بشكل مختلف عن 2020، ومن هو الحزب الذي سيتمكن من السيطرة على الكونغرس؟ ومن بين تلك الأسئلة والقضايا التي يمكن أن تؤثر على نتائج الانتخابات على سبيل المثال:> دور الناخبين الإيفانجيليين الذي يهيمن ترمب على قاعدتهم بشكل شبه كامل، سواءً في ولايتي أيوا ونيوهامبشير، أو في باقي الولايات، وعما إذا كانوا سيتخلون عنه في مرحلة لاحقة في حال إدانته. > عدد الإدانات التي قد تصدر بحق ترمب قبل يوم الانتخابات، والتي قد تؤثر على الناخب الأميركي عموماً، وليس على الجمهوريين الذين لا يبدو أنها تردعهم عن تأييده. > جهود نيكي هايلي لتعزيز حصتها من أصوات النساء، بينما هي تتقدّم بشكل أفضل بين الرجال، وفق استطلاعات الرأي، وتعاملها مع قضية العبودية التي أثار ردها عنها نقاشاً محموماً في ولايتها نفسها (ساوث كارولينا)، وهي من ولايات الجنوب التي خاضت الحرب الأهلية رفضاً لتحرير السود. > أداء بايدن، الذي تبلغ نسبة تأييده الآن 40 في المائة، مع العلم أنه تاريخيا، كان الرؤساء الذين تقل معدلات تأييدهم عن 50 في المائة يخسرون إعادة انتخابهم. > تأثيرات تراجع مؤشر ثقة المستهلك، وهي علامة محتملة على تحسن التوقعات الاقتصادية، على بايدن. > عدد الولايات التي سينافس فيها روبرت كيندي «الابن»، الذي استقال من الحزب الديمقراطي ليترشح كمستقل، وتأثيره على كل من ترمب وبايدن؟> تأثير احتمال مقاطعة ترمب للمناظرات الرئاسية العامة الثلاث، بحسب ما أعلنته اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، في تكرار لتجربته الناجحة بمقاطعة المناظرات الجمهورية، ومعدل الإقبال على المشاركة في الانتخابات العامة. > الإنفاق الإعلاني الجمهوري على قضية الإجهاض لمواجهة الإنفاق الديمقراطي الضخم، بعدما نجحوا في استخدامها بشكل ناجح في الانتخابات الجزئية الأخيرة قبل شهرين. > عدد الانتخابات التمهيدية الجمهورية في مجلس الشيوخ، التي يحتمل في حال وجود تنافس كبير فيها، أن تحرمهم من إمكانية سيطرتهم شبه المؤكدة عليه، ذلك أنهم يحتاجون إلى قلب مقعد واحد فقط. وكذلك عدد المنافسات الديمقراطية في مجلس الشيوخ لمواصلة سيطرتهم، في الوقت الذي يسعون فيه أيضا إلى قلب العديد من مقاعد مجلس النواب للسيطرة عليه.


مقالات ذات صلة

باكستان: التصريحات الأميركية بشأن برنامجنا الصاروخي «تفتقر للعقلانية»

آسيا جندي باكستاني يؤدي التحية خلال عرض عسكري في إسلام آباد (رويترز)

باكستان: التصريحات الأميركية بشأن برنامجنا الصاروخي «تفتقر للعقلانية»

نفت وزارة الخارجية الباكستانية، اليوم (السبت)، تصريحات مسؤول أميركي كبير بأن برنامج البلاد الصاروخي قد يشكل في نهاية المطاف تهديداً للولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
شؤون إقليمية العلمان الإيراني والأميركي (رويترز)

«الخارجية الإيرانية» تحتج على اعتقال أميركا اثنين من مواطنيها

ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن طهران استدعت السفير السويسري لديها، الذي يمثل المصالح الأميركية في البلاد، ودبلوماسياً إيطالياً كبيراً على خلفية اعتقال إيرانيَّين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أميركا اللاتينية حشد من المتظاهرين أمام السفارة الأميركية في العاصمة الكوبية هافانا (إ.ب.أ)

مظاهرة حاشدة أمام السفارة الأميركية في هافانا

تظاهر مئات الآلاف من الكوبيين، يتقدمهم الرئيس ميغيل دياز كانيل، والرئيس السابق راؤول كاسترو، أمام سفارة الولايات المتحدة في هافانا، للمطالبة برفع الحصار.

«الشرق الأوسط» (هافانا)
يوميات الشرق شجرة عيد الميلاد تظهر داخل الغرفة الزرقاء للبيت الأبيض عام 2018 (رويترز)

ثيودور روزفلت «حظر» التقليد... ما تاريخ أشجار عيد الميلاد في البيت الأبيض؟

يُنسب إلى الرئيس الأسبق بنيامين هاريسون من قبل الجمعية التاريخية للبيت الأبيض أنه أول من عرض شجرة عيد ميلاد في مقر الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا شعار تطبيق «واتساب» المملوك لشركة «ميتا بلاتفورمز»  (د.ب.أ)

محكمة أميركية تدين شركة برمجيات إسرائيلية بقضية اختراق «واتساب»

أصدرت قاضية أميركية حكماً لصالح شركة «واتساب» المملوكة لشركة «ميتا بلاتفورمز» في دعوى قضائية تتهم مجموعة «إن إس أو» الإسرائيلية باستغلال ثغرة بالتطبيق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.