أميركا 2024: بايدن والديمقراطيون على مفترق طرق

بسبب غزة وتراجع تأييد الشباب والناخبين السود واللاتينيين

دعم بايدن المطلق لإسرائيل ... بات مصدر خطراً على حظوظه الرئاسية وفق استطلاعات الرأي (آ ب)
دعم بايدن المطلق لإسرائيل ... بات مصدر خطراً على حظوظه الرئاسية وفق استطلاعات الرأي (آ ب)
TT

أميركا 2024: بايدن والديمقراطيون على مفترق طرق

دعم بايدن المطلق لإسرائيل ... بات مصدر خطراً على حظوظه الرئاسية وفق استطلاعات الرأي (آ ب)
دعم بايدن المطلق لإسرائيل ... بات مصدر خطراً على حظوظه الرئاسية وفق استطلاعات الرأي (آ ب)

في الخامس عشر من يناير (كانون الثاني) الحالي، تدخل الولايات المتحدة سنتها الانتخابية الفعلية مع أول انتخابات رئاسية تمهيدية للحزب الجمهوري في ولاية أيوا ووفق تقييمات عدة يُعتقد على نطاق واسع أن الانتخابات العامة التي ستُجرى في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل وستشهد أيضاً تجديداً كاملاً لمجلس النواب وثلث مقاعد مجلس الشيوخ قد تؤدي إلى رسم وجه جديد للبلاد بالنظر إلى حدة الانقسام السياسي والاستقطاب الحزبي غير المسبوق وفي حين يدافع معسكرا هذا الانقسام عن وجهتي نظريهما بالقول إنها ليست مجرد انتخابات رئاسية حاسمة فحسب بل هي أيضاً اختبار للديمقراطية الأميركية لا يخفى على المتابع تراجع مستوى الديمقراطية نفسها في ظل غياب المنافسة الحقيقية سواءً عند الجمهوريين أو الديمقراطيين.

يرى كثيرون في الولايات المتحدة اليوم أنه لن تكون هناك انتخابات رئاسية ديمقراطية حقيقية. وإذا ما حكمنا على الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الجمهوري، من خلال استطلاعات الرأي، فهي ممارسة لا طائل من ورائها. إذ إن المرشح الأبرز ورئيس الجمهورية السابق دونالد ترمب، لم يكلف نفسه عناء المشاركة في أي من المناظرات الجمهورية الأربع التي أجريت حتى الآن. لا بل هو على وشك إكمال عودة سياسية مذهلة، بعدما نجح في هزيمة كل التقديرات التي توقعت أفول نجمه بعدما غادر البيت الأبيض، وتحويل الاتهامات الجنائية الـ91 المرفوعة ضده إلى مادة تحريض سياسي.

في المقابل داخل معسكر الحزب الديمقراطي، يرفض الرئيس الأميركي جو بايدن الرضوخ لنتائج الاستطلاعات التي تشير إلى تراجع نسب تأييده، وتمارس «المؤسسة» السياسية للحزب ضغوطا شديدة لمنع ظهور مرشحين جديين يؤمل منهم تجديد دماء القيادة، رغم وفرة الشخصيات.

بل إن الحزب الديمقراطي وبايدن نفسه يجازفان الآن بتبديد التحالف الذي مكنه عام 2020 من الفوز على ترمب، وأوقف في انتخابات التجديد النصفي عام 2022 «الموجة الحمراء» الجمهورية، وبالأخص، بعد اندلاع الحرب في غزة، وتصاعد حدة اعتراضات «التيار التقدمي» (اليسار) على دعم بايدن لإسرائيل، وتراجع نسبة تأييده لدى الشباب والسود واللاتينيين، بحسب استطلاعات الرأ الأخيرة.

ترمب يغلب التوقعات

في هذه الأثناء، من لحظة الضعف بعد تلك الانتخابات النصفية، حوّل الرئيس السابق ترمب لوائح الاتهام الجنائية إلى مادة تحريض حاشدة واستفاد من حملة منضبطة، فتمكن من محاصرة خصومه الجمهوريين وتعطيل تشكيل معارضة حقيقية له، واستفاد أيضاً من الضعف الشديد لبايدن، بحسب العديد من المحللين.

المحللون السياسيون يرون أن نتائج الانتخابات الجمهورية المبكّرة، سواء في ولاية أيوا أو ولاية نيوهامبشير، باتت محسومة، للتنافس على «المركز الثاني»، وليس لجهة هزيمة ترمب. وهذا، بعدما نجح الأخير في السيطرة على القاعدة الجمهورية، مجبراً خصومه على الاصطفاف للدفاع عنه في القضايا المرفوعة ضده.

وحقاً، منذ صدور لائحة الاتهام الأولى، التي وجهها ألفين براغ، المدعي العام لمنطقة مانهاتن في نيويورك، بشأن مدفوعات الصمت لممثلة أفلام إباحية عام 2016، أثارت القضية موجة من التعاطف من جانب الجمهوريين، الذين رأوا فيها قضية «ضعيفة ومسيّسة». كذلك، احتشدت شخصيات إعلامية مؤثرة بشكل موحّد للدفاع عن ترمب، بل وتعاطف معه معارضوه في الانتخابات التمهيدية، الذين ردّدوا إلى حد كبير ادعاءاته حول الاستخدام المجحف للنظام القانوني ضده. ومع توالي صدور الاتهامات الجنائية، عملت حملة ترمب على تقديم هذه الاتهامات إلى قاعدته والمشرعين الجمهوريين كأدلة على «الاضطهاد السياسي» الذي يتعرض له، وحضتهم على الوقوف للدفاع عنه، عاجلا وليس آجلا.

وبحلول أبريل (نيسان) 2023، بدأ الجمهوريون، مستشهدين بلائحة اتهام براغ، يتكلمون عن الرئيس السابق باعتباره المرشح الحتمي. وبالفعل، تظهر اتجاهات استطلاعات الرأي نقطة تحول واضحة بعد لائحة الاتهام الأولى، عندما بدأ دعم ترمب في الارتفاع، على حساب منافسيه، على رأسهم حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، الذي كان يُعتقد أنه قد يكون هو المرشح الجمهوري البديل. وأيضاً جمعت حملة ترمب وعمّمت بيانات داعمة له من 6 حكام ولايات، و26 عضوا في مجلس الشيوخ، و63 جمهوريا في مجلس النواب، و10 مدعين عامين في الولايات. وهذا ما دفع ديسانتيس للقول خلال مقابلة في الشهر الماضي «إذا كان بإمكاني تغيير شيء واحد، أتمنى لو يوجه الاتهام إلى ترمب بشأن أي من هذه الأشياء وأشياء أخرى كثيرة، امتصت الكثير من الأكسجين».

ترمب يطلق في مطلع العام الجديد حملته في ولاية ساوث كارولينا (آ ب)

الاتهامات زادته قوة

من جانب آخر، مع أن الاتهامات الجنائية الموجهة ضد ترمب أكسبته مزيداً من تعاطف الجمهوريين، فإنها وضعته أيضاً على «مسار تصادمي» مع احتمال خضوعه لمحاكمات متعددة خلال ذروة الحملة الانتخابية. وهذا ما دفعه إلى تصعيد استخدامه للغة التحريضية والتخطيط لولاية ثانية تركز على الانتقام، في مسار يقارنه البعض بمسار الزعماء المستبدين.

لقد ضاعفت حملته من استخدام، ليس فقط الاتهامات الجنائية ضده، بل الهجمات التي تتهمه بالديكتاتورية، والتراجع عن وعوده السابقة كبناء «الجدار الفاصل» عن المكسيك، وحتى تعليقاته المسيئة، محوّلة كل ذلك إلى نقطة قوة. ونقلت أخيراً صحيفة «الواشنطن بوست» عن مسؤول جمهوري قوله إنه «ما لم يحدث شيء ما في أيوا ونيوهامبشير، وبحلول «يوم الثلاثاء الكبير» (في مارس/ آذار المقبل حين تُجرى انتخابات تمهيدية في أكثر من 15 ولاية)، قد لا تكون هناك منافسة على الإطلاق». وأردف قائلاً «بصراحة، ربما لم يعد من المهم التساؤل عن ماهية النظام الذي لدينا».

مع كل هذا، يبقى احتمال أن يكون ترمب أول مرشح لحزب كبير يترشح كمجرم يخيم على السباق. إذ من المقرّر أن تستمع محكمة الاستئناف في العاصمة واشنطن إلى المرافعات الأسبوع المقبل حول ما إذا كان ترمب محصناً من الملاحقة القضائية على الإجراءات التي اتخذها كرئيس، وتقرر من ثم ما إذا كانت محاكمته المقرّرة في مارس المقبل يمكن أن تمضي قدما. ومن ناحية أخرى، تتأهب المحكمة العليا الأميركية أيضاً للنظر فيما إذا كان بإمكان ترمب البقاء على بطاقة الاقتراع بعدما قضت المحكمة العليا في ولاية كولورادو ببطلان أهليته للترشح بسبب دوره في التحريض على الهجوم على مبنى الكابيتول يوم 6 يناير 2021. ولقد تقدم ترمب من المحكمة العليا في ولاية ماين بطلب لإبطال قرار وزيرة خارجية الولاية بإزالة اسمه من الاقتراع الأولي في الولاية، بعدما أرجأت تطبيقه، حتى يتمكن من الاستئناف.

«الانتخابات التمهيدية الجمهورية تنطلق في أيوا ونيوهامبشير مفتتحة معركة الرئاسة... ولا منافس حقيقياً لدونالد ترمب»

لا يوجد منافس جمهوري حقيقي

في المناظرة التمهيدية الجمهورية الأولى، في أغسطس (آب) الماضي، طلبت اللجنة الجمهورية المنظمة للمناظرات من منافسي ترمب رفع الأيدي لدعمه إذا كان هو المرشح الأول للحزب. وهو ما فعله رون ديسانتيس، ونيكي هايلي الحاكمة السابقة لولاية ساوث كارولينا، ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي، الذين ما زالوا رسمياً في السباق. وللعلم، كان الرهان، ولا يزال، على تمكن هايلي من أن تكون هي المنافس الحقيقي لترمب، بعد صعود أرقامها على المستوى الوطني. ورغم ذلك، لم تتمكن حتى الساعة من تغيير تقدّمه الكاسح في ولايتي أيوا ونيوهامبشير. بل قالت هايلي في نيوهامبشير أخيراً في عبارة رددتها سابقاً «كان ترمب الرئيس المناسب في الوقت المناسب. لكن الفوضى تتبعه، سواءً عن صواب أم عن خطأ. ونحن لا يمكن أن نظل دولة في حالة من الفوضى وعالم يحترق ونعيش أربع سنوات أخرى من الفوضى».

في الواقع تظهر استطلاعات الرأي أن هايلي - وهي هندية الأصل - صعدت إلى المركز الثاني (خلف ترمب) في قائمة المرشحين بفارق كبير في نيوهامبشير، في حين يحتل ديسانتيس هذا المركز في ولاية أيوا، ما ترك معارضة ترمب منقسمة في أول منافستين. وقال الناطق باسم ترمب ستيفن تشيونغ «لقد تفوّق الرئيس ترمب على كل شخص خلال الحملة الانتخابية، ولهذا السبب يواصل السيطرة على كل استطلاعات الرأي وهو في وضع أفضل للتغلب على جو بايدن واستعادة البيت الأبيض».

من جانبهم، يرى مساعدون وداعمون لهايلي أن ضعف بايدن لا يساعد قضيتها، لكنها لا تزال مصدر قلق كبير بين الناخبين الجمهوريين، الذين كانوا يتوقعون «موجات حمراء» (داعمة للجمهوريين) في الانتخابات النصفية عام 2022، لم تتحقق أبداً. وهي نتيجة أرجعها هؤلاء إلى سيطرة ترمب على الحزب. وأما اليوم فيشدد الناشطون الجمهوريون المعارضون لترمب، على استطلاعات الرأي التي تظهر تفوق هايلي على ترمب ضد بايدن، قائلين إن على الجمهوريين ألاّ يخاطروا، مذكّرين الناخبين بدوافع الديمقراطيين لمعارضة ترمب. أما بايدن نفسه فقد اعترف بالقول إنه ما كان ليترشح لو لم يكن ترمب هو المرشح الجمهوري، في تكرار للمعركة التي خاضها ضده عام 2020. وكانت استطلاعات الرأي في ذلك الوقت قد بيّنت أن الناخبين لم يصوّتوا لبايدن محبة به، بل لرفضهم عودة ترمب إلى سدة الرئاسة.

تداعيات حرب غزة

ورغم ما سبق، تقف حملة الرئيس بايدن على مفترق طرق، وقد تحضّ الديمقراطيين على التفكير جدياً في أخطار مواصلة الرهان على تكرار معركة 2020 هذا العام. وفعلاً، حذّر جيم ميسينا، مدير حملة إعادة انتخاب الرئيس الأسبق باراك أوباما، من أن ترمب «يمكن أن يهزم بايدن في الخريف... حتى لو كان في السجن».

وفي أحدث استطلاعات رأي، نشرت في الأيام الأخيرة، بدا أن ترمب يتفوّق على بايدن في العديد من الشرائح العمرية والعرقية. والسبب لا يتعلق فقط بسنه المتقدمة وقدراته الذهنية المثيرة للجدل، بل وأيضا في تقييم الناخبين لسياساته الاقتصادية ومواقفه من الصراعات الدولية، ولا سيما حرب إسرائيل على غزة. ووفق استطلاع لصحيفة «النيويورك تايمز» مع كلية سيينا (الجامعية)، تراجعت أرقام قبول بايدن لدى فئة الشباب، بسبب دعمه المطلق لإسرائيل. وهو العامل نفسه الذي أظهره استطلاع آخر للرأي أجرته صحيفة «اليو إس إي توداي» وجامعة سافلوك. وبعدما كان بايدن قد حصل عام 2020 على تأييد 24 في المائة ضمن فئة الشباب، فإن ترمب يتقدم عليه اليوم ضمن هذه الفئة العمرية، حاصلاً على تأييد 37 في المائة مقابل 33 في المائة لبايدن.

 

أصوات الشباب والسود واللاتينيين

اللافت جداً في استطلاع «النيويورك تايمز» أن 72 في المائة من الفئة العمرية 30 سنة وما دون، وخصوصاً في الحزب الديمقراطي، (الذين لعبوا دوراً بارزاً في فوز بايدن في انتخابات 2020)، لا يوافقون على أداء بايدن في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، مقابل قبول 20 في المائة فقط.

أيضاً، بدا أن تداعيات الحرب على غزة تربك حتى حسابات التقدميين في الحزب الديمقراطي، وذلك بعدما تمكنت الجمعيات اليهودية وجماعات الجمهوريين عموما، من توجيه اتهامات معاداة السامية للناشطين الداعمين للفلسطينيين. وعلى سبيل المثال، كان اليمين السياسي ضعيفا جداً في العديد من الجامعات، قبل هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ووفقا لمسح أجرته مؤسسة الحقوق الفردية والتعبير، كان في جامعة هارفارد العريقة 17 في المائة فقط من الطلاب الجامعيين يُعتبرون محافظين، و13 في المائة في جامعة ستانفورد و9 في المائة في بنسلفانيا. ونادراً ما تعرض رؤساء هذه الجامعات للخطر إذا تسببت مواقفهم بإزعاج هذا اليمين في الحُرُم الجامعية. ولكن بعد الحملة التي تعرضوا لها، ومثولهم أمام الكونغرس، قدم رؤساء الجامعات الثلاث استقالاتهم.

في سياق متصل، أظهر استطلاع «اليو إس إي توداي» وجامعة سافلوك، أن 20 في المائة من أصوات السود واللاتينيين إلى جانب الشباب من الفئة العمرية أقل من سن الـ35 لن تذهب لأي من ترمب أو بايدن، بل إلى حزب ثالث، مع تقدم ترمب على بايدن بخمس نقاط مئوية على المستوى الوطني. بل ما قرع جرس الإنذار أكثر لدى الديمقراطيين هو احتمال خسارة بايدن جزءاً لا يستهان به من أصوات السود. إذ أظهر الاستطلاع أن تأييدهم له تراجع من نسبة 87 في المائة إلى 63 في المائة. وبعدما حصل بايدن في انتخابات 2020 على تأييد 65 في المائة من أصوات اللاتينيين، أظهر الاستطلاع تراجع دعمه إلى 34 في المائة، مقابل 39 في المائة لترمب. ولقد علّق دومينغو جغارسيا، الرئيس الوطني لرابطة مواطني أميركا اللاتينية المتحدين، لموقع «سيمافور» قائلاً «إنه علم أحمر... أصوات ذوي الأصول اللاتينية باتت متاحة تماماً للاستيلاء عليها». وأضاف «ترمب يقطع الهوامش. وفي الولايات الحاسمة مثل أريزونا ونيفادا وويسكونسن، يمكن أن يشكل هذا فارقاً كبيراً».

ولا تختلف التحديات التي يواجهها بايدن مع الناخبين المتحدرين من أصل لاتيني عن مشاكله مع جمهور الناخبين الأوسع، وأهمها: قلة الرضى إزاء التضخم، والمخاوف بشأن المعابر الحدودية التي بلغت مستويات غير مسبوقة، والإنجازات السياسية الباهتة. وحتى بينما بايدن يعمل على تعزيز أمن الحدود من خلال صفقة محتملة بين الحزبين في الكونغرس، يحذّر الساسة الديمقراطيون من أنه قد يفقد مزيداً من الدعم في الخريف المقبل، إذا انتهى الأمر باتفاق معادٍ بشكل مفرط للمهاجرين الذين هم في غالبيتهم من دول أميركا اللاتينية.

 

قضايا قد تحدد مسار المعركة الانتخابية في الخريف المقبل

مع دخول الولايات المتحدة أخيراً عام الانتخابات الرئاسية، طرح المراقبون أسئلة مهمة، عمّا إذا كان سيظهر منافس قادر على تشكيل تهديد كبير لإعادة ترشيح دونالد ترمب وجو بايدن، وعمّا إذا كانت المعركة ستنتهي بشكل مختلف عن 2020، ومن هو الحزب الذي سيتمكن من السيطرة على الكونغرس؟ ومن بين تلك الأسئلة والقضايا التي يمكن أن تؤثر على نتائج الانتخابات على سبيل المثال:> دور الناخبين الإيفانجيليين الذي يهيمن ترمب على قاعدتهم بشكل شبه كامل، سواءً في ولايتي أيوا ونيوهامبشير، أو في باقي الولايات، وعما إذا كانوا سيتخلون عنه في مرحلة لاحقة في حال إدانته. > عدد الإدانات التي قد تصدر بحق ترمب قبل يوم الانتخابات، والتي قد تؤثر على الناخب الأميركي عموماً، وليس على الجمهوريين الذين لا يبدو أنها تردعهم عن تأييده. > جهود نيكي هايلي لتعزيز حصتها من أصوات النساء، بينما هي تتقدّم بشكل أفضل بين الرجال، وفق استطلاعات الرأي، وتعاملها مع قضية العبودية التي أثار ردها عنها نقاشاً محموماً في ولايتها نفسها (ساوث كارولينا)، وهي من ولايات الجنوب التي خاضت الحرب الأهلية رفضاً لتحرير السود. > أداء بايدن، الذي تبلغ نسبة تأييده الآن 40 في المائة، مع العلم أنه تاريخيا، كان الرؤساء الذين تقل معدلات تأييدهم عن 50 في المائة يخسرون إعادة انتخابهم. > تأثيرات تراجع مؤشر ثقة المستهلك، وهي علامة محتملة على تحسن التوقعات الاقتصادية، على بايدن. > عدد الولايات التي سينافس فيها روبرت كيندي «الابن»، الذي استقال من الحزب الديمقراطي ليترشح كمستقل، وتأثيره على كل من ترمب وبايدن؟> تأثير احتمال مقاطعة ترمب للمناظرات الرئاسية العامة الثلاث، بحسب ما أعلنته اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، في تكرار لتجربته الناجحة بمقاطعة المناظرات الجمهورية، ومعدل الإقبال على المشاركة في الانتخابات العامة. > الإنفاق الإعلاني الجمهوري على قضية الإجهاض لمواجهة الإنفاق الديمقراطي الضخم، بعدما نجحوا في استخدامها بشكل ناجح في الانتخابات الجزئية الأخيرة قبل شهرين. > عدد الانتخابات التمهيدية الجمهورية في مجلس الشيوخ، التي يحتمل في حال وجود تنافس كبير فيها، أن تحرمهم من إمكانية سيطرتهم شبه المؤكدة عليه، ذلك أنهم يحتاجون إلى قلب مقعد واحد فقط. وكذلك عدد المنافسات الديمقراطية في مجلس الشيوخ لمواصلة سيطرتهم، في الوقت الذي يسعون فيه أيضا إلى قلب العديد من مقاعد مجلس النواب للسيطرة عليه.


مقالات ذات صلة

لماذا تشكّل «ملفات إبستين» ضغطاً على ترمب؟

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله من بنسلفانيا إلى قاعدة أندروز المشتركة في ماريلاند بالولايات المتحدة 15 يوليو 2025 (رويترز)

لماذا تشكّل «ملفات إبستين» ضغطاً على ترمب؟

أحدث غياب الشفافية في التحقيقات الأميركية المرتبطة بملف جيفري إبستين، فجوة نادرة بين الرئيس دونالد ترمب وقاعدته الجمهورية حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ تصاعد الدخان في أعقاب الضربات الإسرائيلية بالقرب من مقر الجيش السوري ووزارة الدفاع في دمشق يوم 16 يوليو 2025 (أ.ف.ب) play-circle 00:42

واشنطن اتفاق الأطراف في سوريا على خطوات محددة لإنهاء الاشتباكات

قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، اليوم (الأربعاء)، إن الأطراف المختلفة التي تقاتل في سوريا اتفقت على خطوات محددة من شأنها إنهاء الاشتباكات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ عملات مشفرة (أرشيفية - رويترز)

ضبط عملات مشفرة بقيمة 10 ملايين دولار مرتبطة بـ«كارتل سينالوا» في الولايات المتحدة

ضبطت عناصر مكافحة المخدرات في الولايات المتحدة عملات مشفرة بقيمة تزيد على 10 ملايين دولار على صلة بـ«كارتل سينالوا» المكسيكية أثناء عمليات دهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شهدت جامعات أميركية احتجاجات نادى الطلاب المشاركون فيها بوقف الدعم الأميركي لحرب إسرائيل في غزة (أرشيفية - رويترز)

الجمهوريون بمجلس النواب الأميركي يهاجمون رؤساء جامعات بشأن «معاداة السامية»

أدلى رؤساء 3 جامعات أميركية بإفادات أمام لجنة في مجلس النواب، بشأن ما فعلوه لمكافحة معاداة السامية في الحرم الجامعي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الصيني شي جينبينغ يصافح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على هامش اجتماع وزراء خارجية منظمة شنغهاي للتعاون في بكين اليوم (أ.ب)

روسيا تدرس «إنذار الرئيس الأميركي» قبل الرد عليه

هيمنت أجواء الإنذار الذي وجّهه الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى روسيا أول من أمس (الاثنين) على لهجة التصعيد المتبادلة بين موسكو وواشنطن.

رائد جبر (موسكو ) إيلي يوسف (واشنطن)

الاتحاد الأوروبي أمام تحدي بناء استراتيجية دفاعية جديدة

مقر حلف شمال الأطلسي «ناتو» في بروكسل (آ ب)
مقر حلف شمال الأطلسي «ناتو» في بروكسل (آ ب)
TT

الاتحاد الأوروبي أمام تحدي بناء استراتيجية دفاعية جديدة

مقر حلف شمال الأطلسي «ناتو» في بروكسل (آ ب)
مقر حلف شمال الأطلسي «ناتو» في بروكسل (آ ب)

في خضم تصاعد غير مسبوق للتوترات الجيوسياسية وتزايد المخاوف الأمنية، تجد القارة الأوروبية نفسها أمام تحدٍ وجودي يفرض عليها إعادة تعريف أسس منظومتها الدفاعية. فبعد سنوات من الاعتماد على مظلّة حلف شمال الأطلسي (ناتو) والدعم الأميركي، دفعت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتكررة حول إمكانية انسحاب الولايات المتحدة من الحلف، القادة الأوروبيين إلى استشعار الخطر الداهم. هذه التهديدات لم تعُد مجرد مناورات دبلوماسية، بل تحولت هاجساً استراتيجياً يدفع العواصم الأوروبية نحو سباق محموم لضمان أمنها القومي والجماعي، في مسعى حثيث نحو استقلالية دفاعية طال انتظارها.

منذ تأسيس حلف شمال الأطلسي (ناتو) عام 1949، لعبت الولايات المتحدة دور القائد الفعلي للحلف، ليس فقط من خلال المساهمة المالية والعسكرية الضخمة، بل من خلال توفير المظلة النووية والقيادة الاستراتيجية.

على مدى عقود، تحمَّلت واشنطن نحو 70 في المائة من إجمالي الإنفاق الدفاعي للحلف؛ ما جعلها القوة المهيمنة في صنع القرارات الأمنية الأوروبية. وحقاً، إبان الحرب الباردة، كانت المساهمة الأميركية واضحة وحاسمة؛ إذ نشرت واشنطن مئات الآلاف من جنودها في أوروبا، وأنشأت قواعد عسكرية استراتيجية في كل من ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، ووفّرت أنظمة دفاع صاروخي متطورة.

هذا الحضور العسكري الكثيف ما كان مجرد التزام دفاعي، بل كان أداة لضمان النفوذ الأميركي في القارة الأوروبية. إذ تشير الإحصائيات إلى أن الولايات المتحدة تنفق سنوياً نحو 750 مليار دولار على الدفاع، أي ما يمثل 3.5 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي، مقارنة بمتوسط 1.6 في المائة للدول الأوروبية الأعضاء في «ناتو». وبالتالي، منح هذا التفاوت الصارخ في الإنفاق واشنطن نفوذاً هائلاً في تحديد أولويات الحلف واستراتيجياته. بيد أن الأمر لا يقتصر على الأرقام المطلقة. ذلك أن الولايات المتحدة تساهم بنحو 22 في المائة من الميزانية التشغيلية لـ«ناتو»، بينما تغطي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا مجتمعة نحو 35 في المائة فقط؛ ما جعل هذا التوزيع غير المتكافئ للأعباء المالية محور انتقادات مستمرة من الإدارات الأميركية المتعاقبة.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع مارك روته أمين عام «ناتو» (آ ب)

من الحماية إلى المطالبة

منذ تولي دونالد ترمب سدّة الحكم في واشنطن فإنه لم يتأخر في توجيه سهام النقد لحلفائه الأوروبيين، متهماً إياهم بالتقاعس عن الوفاء بالتزاماتهم المالية تجاه «ناتو»، والاعتماد المفرط على الحماية الأميركية، بل والتطفل عليها، وفق تعبيره الصريح خلال حملته الانتخابية لعام 2024.

ثم مع عودته إلى البيت الأبيض، تصاعدت لهجته بشكل لافت، مطالباً الأوروبيين برفع إنفاقهم الدفاعي إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو سقف غير مسبوق يتجاوز حتى الإنفاق الأميركي نفسه. ولعل أبرز ما قاله ترمب في هذا السياق كان خلال تجمّع انتخابي في ولاية أوهايو تساءل فيه: «لماذا ندافع عن بلدان لا تدفع ما عليها؟ إذا لم يدفعوا، فليحموا أنفسهم!». وبدت هذه العبارة إعلاناً غير مباشر «لانقلاب» في عقيدة الأمن الأطلسي.

مطالب ترمب، وإن بدت مبالَغاً فيها، أثارت قلقاً عميقاً في العواصم الأوروبية، خاصةً في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا وازدياد التهديدات الروسية؛ الأمر الذي أعاد إلى الواجهة السؤال القديم: هل تستطيع أوروبا أن تحمي نفسها بنفسها؟

لعل أبرز دليل على هذا التحوّل كان كلام كبار المسؤولين الأوروبيين الذي يدعم «الاستقلالية الاستراتيجية». وفي لقاءات ومؤتمرات صحافية، غدت هذه العبارة تتصدر الأجندات السياسية لتشكل محور النقاشات حول مستقبل الأمن الأوروبي. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال في حوار مع صحيفة الـ«فاينانشال تايمز»: «إن المبادرة التي اتخذها الرئيس ترمب وقراره بفصل أوروبا عن المظلة الأميركية، يمثلان صدمة كهربائية إيجابية تدفع الاتحاد الأوروبي إلى تسريع تحوله نحو مزيد من الاستقلالية الاستراتيجية... ما يقوله ترمب لأوروبا هو عليكم تحمل العبء بأنفسكم وأنا أقول فلنتحمل المسؤولية».

اللهجة نفسها اعتمدها المستشار الألماني أولاف شولتس بقوله خلال زيارته لباريس يوم 22 يناير (كانون الثاني) 2025: «واضح أن رئاسة ترمب ستكون تحدياً تجب مواجهته، أوروبا لن تتراجع ولن تختبئ، بل ستكون شريكاً بنّاءً واثقاً من نفسه».

وفي المؤتمر الصحافي الذي نظمته أورسولا فو دير لاين بمناسبة مرور 100 يوم على توليّها رئاسة المفوضية الأوروبية، أقّرت هذه الاخيرة بأن «على أوروبا أن تؤدي واجبها وتتحمل مسؤولية الدفاع عن نفسها من دون الاعتماد على واشنطن. ثمة مطلب متكرر من ترمب... أن نكون حلفاء لا يعني أن يكون هناك اختلال في المسؤوليات أو الأعباء المشتركة».

مبادرات وطنية ... لتعزيز القوة

أمام هذا الواقع الجديد، سارعت الدول الأوروبية، كلاً على حدة، إلى تعزيز قدراتها الدفاعية بشكل غير مسبوق، مع السعي المتزامن لتنسيق الجهود على المستوى القاري.

فرنسا، مثلاً، تواصل بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون، دفع خطتها الطموح للتحديث العسكري بقيمة 413 مليار يورو حتى عام 2030. وتركّز هذه الخطة على تطوير القدرات النووية، والدفاع السيبراني، والصناعات العسكرية المتقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري. أيضاً، تقود باريس مشاريع كبرى مثل الطائرة القتالية الأوروبية المستقبلية «سكاف» (SCAF) والدبابة القتالية الرئيسة الجديدة «إم جي سي إس» (MGCS) بالتعاون مع ألمانيا. وفي خطوة لافتة، أعلنت فرنسا أخيراً خططاً لتعزيز وحدات الدفاع الجوي والصاروخي لديها، وذلك في ضوء الدروس المستفادة من الصراع في أوكرانيا.

أما ألمانيا، فقد خصصت مبلغ 100 مليار يورو لصندوق تحديث الجيش الألماني (البوندسفير)، مع استثمارات كبيرة في أنظمة الدفاع الجوي، بالإضافة إلى التسلح الحديث والمشاركة الفاعلة في المشاريع الأوروبية المشتركة. والملاحظ أن برلين باشرت بالفعل تسريع وتيرة الإنفاق الدفاعي بعد سنوات من التقشف.

من جهة أخرى، اتجهت بولندا ودول البلطيق، التي تشعر بتهديد مباشر من روسيا، إلى إعادة التسلح بشكل مكثف. إذ عقدت بولندا صفقات ضخمة لشراء أنظمة أميركية متطوّرة، بما في ذلك دبابات «أبرامز» وطائرات «إف - 35» وصواريخ «باتريوت»، بالإضافة إلى استثمارها في تعزيز الدفاعات الحدودية والبنية التحتية العسكرية؛ تحسباً لأي طارئ. وفي السياق عينه، تهتم كل من إيطاليا وإسبانيا والدول الإسكندينافية بتحديث قواتها البحرية والجوية، والمشاركة في برامج أوروبية متعددة كالطائرات من دون طيار (Eurodrone) وتطوير القدرات السيبرانية. وأخيراً لا آخراً، تحاول دول أخرى كفنلندا والسويد تسريع عملية اندماجهما في «ناتو» بعد تخلٍ تاريخي عن الحياد، وبالعكس، تبدي دول كالمجر والنمسا تحفظاً عن التضامن الأوروبي الكامل؛ ما يعكس تبايناً في الرؤى داخل الاتحاد.

شراكات أمنية جديدة

في خضم هذه التحوّلات وعلى ضوء توتر العلاقات الأميركية، ظهر تقارب واضح بين الاتحاد الأوروبي وكندا قائم على رؤية مشتركة لأمن متعدد الأطراف. وغدا من مصلحة أوروبا وكندا توحيد صفوفهما لمواجهة التأثير المستمر لسياسات الرئيس ترمب. وفي هذا الإطار، وقّع الطرفان في مايو (أيار) 2025 «خطة العمل الأوروبية - الكندية للتعاون الأمني والدفاعي»، وهي تنصّ على تعزيز التدريبات العسكرية المشتركة، وتطوير نظم مراقبة الساحل الأطلسي، وتنسيق الجهود في مكافحة التهديدات السيبرانية. وقال رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني خلال مؤتمر أمني مشترك في بروكسل: «نحن شركاء طبيعيون. كندا تؤمن بأن أمن أوروبا هو أيضاً من أمن شمال الأطلسي، ونرفض ترك حلفائنا أمام مصيرهم».

أما على صعيد العلاقة مع بريطانيا، التي غادرت الاتحاد الأوروبي لكنها لم تغادر جغرافيا القارة، بل شهدت العلاقات الدفاعية طفرة جديدة بعد التوتّرات الطويلة التي أعقبت «بريكست». ففي مارس (آذار) 2025، أعلنت كل من لندن وبروكسل عن تأسيس «مجلس أوروبي - بريطاني للأمن والدفاع» لتنسيق السياسات الأمنية بشكل منتظم. وأكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر: «قد نكون غادرنا الاتحاد، لكننا لم نغادر أوروبا. التحديات الأمنية الراهنة تُحتّم علينا الوقوف معاً... بريطانيا ستظل قوة موازنة في القارة».