«طوفان ليبيا» يعصف بالديار... ويهدد الساسة

ضحايا درنة «أيقظوا روح الوحدة» في البلاد

منظر يعبر عن فداحة الكارثة في درنة المنكوبة (رويترز)
منظر يعبر عن فداحة الكارثة في درنة المنكوبة (رويترز)
TT

«طوفان ليبيا» يعصف بالديار... ويهدد الساسة

منظر يعبر عن فداحة الكارثة في درنة المنكوبة (رويترز)
منظر يعبر عن فداحة الكارثة في درنة المنكوبة (رويترز)

تفجّرت شرارة غضب مفاجئة، من قلب الركام في مدينة درنة الليبية الجريحة، مهددة على نحو غير متوقع مواقع «الساسة التقليديين» في ليبيا، ومعلنة على ما يبدو أن «ساعة الحساب قد اقتربت»، وأن «الطغمة الحاكمة» ستسدد حتماً فاتورة «الخراب» الذي حلّ بالمدينة... كل من واقع مسؤولياته. فلقد ظن البعض أن «دفتر الأحزان» الممتد على طول ليبيا وخارجها قد يُلهي المكلومين عن تتبع «الجناة» والمطالبة بالاقتصاص منهم، لكن ما شهده محيط مسجد الصحابة وسط درنة، منتصف الأسبوع الماضي، جاء مذهلاً لمَن في سدة الحكم: فها هم «أصحاب الدم»، بعد ما فرغوا من مواراة جثامين أبنائهم وذويهم الثرى، جاءوا بالآلاف غاضبين محتجين متوعّدين بالبحث عن قاتليهم، وهم يهتفون باسم «ليبيا الموحدة».

كـ«طائر الفينيق»، انتفضت أسر ضحايا فيضانات شرق ليبيا واحتشدت قُبالة المسجد الذي يجاوره مقابر أربعة من الصحابة في مدينة درنة المنكوبة، فيما اعتلى بعض المتظاهرين سقفه والتفوا حول قبته الذهبية التي تعد أحد معالم المدينة، مطالبين بمحاسبة عدد من المسؤولين من بينهم رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح.

عبدالحميد الدبيبة (غيتي)

وهناك من قلب المدينة، المطلّة على البحر المتوسط، التي تحولت إلى خلية نحل لفرق إنقاذ محلية وعربية ودولية، بدا أن الضحايا الذين قضوا تحت الركام يبعثون من مرقدهم رسائل رفض إلى المتكلمين باسمهم في «حِسبة سياسية» على وقع تناحر وانقسام حكومي.

الغضب الشعبي في درنة يتمثل في أن «الفساد» الذي تعانيه ليبيا - وفق تقارير ديوان عام المحاسبة - كان أحد أسباب الدمار الذي لحق بالمدينة ومضاعفة أعداد ضحاياها، وفقاً لرؤيتهم، وذلك بالنظر إلى تجاهل تحذيرات أُطلقت قبل سنة، تشير إلى أضرار جسيمة ببعض سدودها تتطلب إخضاعها للصيانة.

عقب ساعات من اندلاع الإعصار، الذي شبهه بعض الناجين المصريين بطوفان سيدنا نوح. سارعت السلطة التنفيذية في العاصمة، ممثلة في محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، إلى مطالبة النائب العام بفتح تحقيق «شامل» في تداعيات الكارثة، ومحاسبة المسؤولين عن انهيار سدّي «وادي درنة» و«أبو منصور» بالمدينة.

غضب وطلب محاسبة

في تلك الأثناء، كان سكان المدينة يوارون المئات من القتلى في مقابر جماعية، في حين لا تزال الجثث عالقة تحت الركام، ورائحة الموت تفوح في جميع الأنحاء، والمطالب تتصاعد بضرورة محاسبة «المتورطين». وفي جلسة برلمانية لبحث تداعيات أزمة السيول، قال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، إن ما حصل في درنة «فاجعة كبرى». وسعى إلى صرف اللوم عن السلطات المسيطرة على درنة، واصفاً الإعصار بـ«الكارثة الطبيعية»، وقال إنه «ينبغي عدم التركيز الآن على ما كان يمكن القيام به».

تصريح صالح، وضعه في مرمى الغاضبين في درنة، فوجهوا إليه انتقادات لاذعة، مردّدين هتافات تطالب بـ«رحيله»، غير أن عددا من السياسيين الذين تكلموا إلى «الشرق الأوسط» لفتوا إلى أن موجة الغضب هذه لم ولن تتوقف عند صالح، بل «ستطول جميع الساسة في عموم البلاد»، لكونهم «انشغلوا طوال العقد الماضي بتحقيق مكاسب سياسية لهم ولجبهتهم على حساب الشعب الليبي».

ولقد قال جمال الفلاح، رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية: «عندما نتحدث عن رحيل الأجسام السياسية فإننا نشير إلى ضرورة رحيلها جميعاً، مجالس وحكومات». وما ذهب إليه الفلاح تبنته تيارات سياسية عديدة ترى أن السياسيين في البلاد «عملوا طوال السنوات الماضية على عرقلة المسار الانتخابي بهدف بقائهم في السلطةعلى حساب المواطنين الذين طحنتهم الأزمات المتلاحقة».

أيضاً اعتبر المحتجون في درنة تصريحات صالح «تستراً» على حكومة أسامة حمّاد، المكلفة من مجلسه، ولذا تمسكوا في مطالبهم بـ«إجراء تحقيق دولي» في انهيار السدّين، وأن تكون «إعادة إعمار مدينتهم تحت إشراف دولي» أيضاً، كما حمّلوا المسؤولية «للحكومات المتعاقبة حتى الآن، ولمجلس النواب الحالي بشكل خاص». وأرجع المتظاهرون غضبتهم إلى التحذيرات السابقة التي أوردها الباحث الليبي عبد الونيس عاشور، في كلية الهندسة جامعة عمر المختار بالبيضاء، ورأى فيها الحاجة الملحة لصيانة سدود درنة، خوفاً من تعرضها للغرق حال حدوث فيضان، وذلك بعدما عاين ما بها من تشققات.

«تحقيق دولي» ... وتداعيات

للعلم، تقع درنة شمال شرقي ليبيا، ويبسط «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر سيطرته عليها، بجانب إشراف حكومة أسامة حمّاد. والسيول التي أوقعت آلاف الضحايا في مدن شرق ليبيا هي الآن محل تحقيق من المستشار الصديق الصور النائب العام الليبي، وسط تبرؤ الحكومتين مما لحق بالبلاد من كارثة. هذا، وقال مصدر في النيابة العامة الليبية، لـ«الشرق الأوسط» إن النائب العام بدأ التحقيقات في القضية، منتصف الشهر الحالي، لمعرفة الأسباب التي أدت لانهيار سدي «وادي درنة» و«أبو منصور». وتابع أن «المساءلة ستشمل مسؤولين من السلطات التي تعاقبت على حكم البلاد خلال العقد الماضي». وما يُذكر هنا أنه سبق واستدعى النائب العام مسؤولين من وزارة الموارد المائية والهيئة المختصة بصيانة السدود لسماع أقوالهم، بالنظر إلى وجود تحذيرات سابقة من «كارثة» قد تتعرض لها درنة في حال تعرضها لأي فيضان، ما لم تبدأ السلطات في صيانة السدود.

من جهة ثانية، كان الدبيبة قد نقل عن وزارة التخطيط التابعة لحكومته «وجود تشققات وهبوط أرضي ومشكلات إنشائية بالسدّين المنهارين، وعدم إخضاعهما للصيانة منذ عام 2011». وبدا لليبيين عديدين سياسيين ودبلوماسيين وإعلاميين أن كارثة الإعصار لن تمر على البلاد كأزمة اعتيادية شهدت مثلها منذ رحيل الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011. إذ إن أكثرهم يعتبرون أيضاً ما حدث في البلاد بمثابة «طوفان» سيعصف بسياسييها كما أتى على ديار «الدرناوية»، وأغرق قرابة ربعها في البحر.

محمد المبشر، رئيس «مجلس أعيان ليبيا للمصالح» يرى أن «التحقيق ومعاقبة المُقصّرين مطلب لا يمكن التنازل عنه». وبالفعل، أضرم متظاهرون النار في منزل عبد المنعم الغيثي عميد بلدية درنة، بعد اتهامات بـ«الفساد والإهمال» اللذين تسببا في عدم إجراء الصيانة اللازمة للسدود وانتهى بالكارثة. لكن رئيس حكومة شرق ليبيا سارع بإقالة جميع أعضاء المجلس البلدي لدرنة وأحالهم إلى التحقيق. ومع تعاظم تداعيات الإعصار المميت، وتصاعد المطالب بالتحقيق، سارعت بعض الجهات السياسية بتقديم ما يمكن وصفه بـ«كشف حساب» عن تحركاتها حيال تأثير الكارثة. وفوّض المجلس الأعلى للدولة الجهات المعنية في الدولة بمطالبة إجراء «تحقيق دولي شامل» في أسباب الكارثة، وقال إنه أعلن درنة «مدينة منكوبة» وطلب اتخاذ ما يلزم من إجراءات وترتيبات لاستصدار قرار دولي بهذا الشأن وبما يضمن تخصيص ورصد الأموال اللازمة لإعادة إعمارها. وأضاف المجلس أنه طالب بضرورة الإسراع في توفير الإمكانيات اللازمة للرعاية الصحية في درنة، واستحداث مركز للدعم النفسي والاستعانة بجهود دول أو منظمات متخصصة في هذا الشأن.

المكاسب السياسية

في سياق آخر، بعد 10 أيام من وقوع الكارثة واستمرار عمل فرق الإنقاذ في درنة، واندماج الأجهزة المدنية والأمنية والعسكرية التابعة لغرب ليبيا وشرقها معاً هناك، بدا أن أطرافاً سياسية لم تتخل بعد عن «الروح الانقسامية». وظهر ذلك جلياً في اتهامات موجهة لحكومتي الدبيبة وحمّاد.

وأمام جلسة برلمانية، خرج يوسف العقوري، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس، عن تحفظه، واتهم وزراء حكومة حمّاد وبعض النواب بالسعي لتحقيق «مكاسب سياسية» لكونهم طالبوا المنظمات الدولية والسفراء الأجانب بالتوقف عن التواصل مع الدبيبة. وقال «الناس تموت والجثث في البحر، وأنتم تبحثون عن مكاسب سياسية».

وفي المقابل، عدّد علي القطراني، نائب رئيس حكومة حمّاد عضو اللجنة العليا للطوارئ والاستجابة السريعة، الجهود الإغاثية التي تجريها حكومته على الأرض، وأشار في مؤتمر صحافي لما سماه «متاجرة سياسية رخيصة بدماء وأرواح الضحايا» من بعض أطراف (لم يسمها) وقال إنها «تنسب هذه المجهودات لنفسها؛ وهم أبعد ما يكونون عن الواقع أو الأرض»، في إشارة إلى حكومة الدبيبة.

من جهة ثانية، سبق للمتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية نجوى مكي، القول لوكالة «رويترز» للأنباء إن «فريقاً من الأمم المتحدة كان من المقرر أن يذهب إلى درنة من بنغازي (الثلاثاء) للمساعدة في مواجهة آثار السيول، ولكن لم يسمح له بذلك»، وطالبت بالسماح بوصول الفرق دون عراقيل. وعلى الفور أمر الدبيبة مصلحة الجوازات والجنسية بوزارة الداخلية، التابعة لحكومته، بتسهيل منح تأشيرات دخول فرق الإنقاذ العربية والأجنبية، وتيسير إجراءات الموافقة لدخول بعثات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي للمساهمة الإغاثة.

كلام عبد الجليل

اليوم يربط بعض المراقبين بين مطالبة حكومة حمّاد للصحافيين ووسائل إعلام بمغادرة درنة، وبين المظاهرات الاحتجاجية لأسر الضحايا التي خرجت تطالب برحيل صالح، ويرون أن الحكومة «لا تريد نقل حالة الاحتقان الحاصلة إلى الرأي العام الدولي». غير أن الدكتور عثمان عبد الجليل، وزير الصحة في حكومة حمّاد وعضو اللجنة العليا للطوارئ والاستجابة السريعة، قال إن «فرق الإنقاذ المحلية والدولية لا تزال تتوافد على درنة للمساعدة في عمليات الإغاثة (...) ويوجد 14 فريق إنقاذ يعملون على الأرض منهم 10 فرق أجنبية». وبشأن إخلاء المدينة، نفى عبد الجليل ذلك، وقال «إخلاء جزئي لبعض المناطق فقط؛ لتسهيل عمل فرق الإنقاذ لاستخراج الجثث من تحت الأنقاض». وكان صحافيون ووسائل إعلام ينقلون الأحداث على الهواء من المدينة منذ أيام قد ادعوا أنهم «أُمروا بالمغادرة».

تسييس المعاناة

أمام هذه التجاذبات تساءل المحلل السياسي الليبي يوسف الحسيني «كم هو بشع تسييس المعاناة الإنسانية»؟ وأردف «... والأبشع أن يحدث ذلك باسم الله». ثم إنه على الرغم مما يحدث قال السفير الليبي إبراهيم موسى قرادة، كبير المستشارين بالأمم المتحدة سابقاً، إن درنة، التي شبهها بطائر الفينيق «تسمو على مصابها، وتُسمع العالم صوتها؛ بشعار صادح وصادق وصادم يعري انتهازيي الداخل، ويهز متربصي الخارج هو ليبيا وحدة وطنية... لا شرقية ولا غربية».

الحقيقة، أن لليبيا تاريخاً ممتداً في الإفلات من العقاب، على مدار العقد الماضي، والذي شهد العديد من الجرائم دون محاسبة المتورطين فيها. لكن بعض المنظمات الحقوقية المحلية والعربية دعت إلى ضرورة إجراء تحقيقات «شاملة ومستقلة ونزيهة وشفافة» في ظروف هذه الكارثة و«إعلان نتائجها على الملأ». ولكن في هذه الأثناء، لم يتحدد بعد العدد الإجمالي للقتلى، إذ لا يزال الآلاف في عداد المفقودين. وظهر تفاوت كبير في الأعداد التي أعلنها مسؤولون، علماً بأن «منظمة الصحة العالمية» أكدت وفاة 3922 مع نهاية الأسبوع الماضي.

أيضاً، ما يستحق الإشارة أن «إعصار دانيال» ضرب يوم سبتمبر (أيلول) الحالي معظم منطقة الجبل الأخضر بشرق ليبيا، متسبباً بأضرار بشرية ومادية بالغة في كل من مدن درنة والبيضاء وشحّات والمرج وسوسة وتاكنس والبياضة ووردامة وتوكرة.

مواطنان أمام الدمار الكبير (رويترز)

ليبيا: سنوات من الفوضى والفشل في عقد الانتخابات

شهدت ليبيا خلال السنوات الـ12 الماضية عشرات الأزمات على مستويات سياسية واقتصادية واجتماعية عدة، بداية من الفوضى الأمنية التي سادت البلاد عقب إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، وما أعقبها من انقسام سياسي ضرب البلاد عام 2014، واستمر حتى الآن.

وهنا نرصد أهم هذه المحطات في تاريخ البلاد:

> بدأت التوترات تظهر في ليبيا عندما حملت ميليشيات محلية السلاح ضد الرئيس الراحل معمر القذافي، إلى أن تمكنت من إسقاطه في مشاهد مأساوية. ومن ثم، انزلقت البلاد إلى حالة الفوضى بعد الإطاحة بالنظام السابق في عام 2011.

> أجريت في ليبيا انتخابات برلمانية شهدت نزاعاً على نتيجتها وتصعيد الاقتتال في عام 2014. وفي أعقاب ذلك ظهرت حكومتان متنافستان: واحدة تتمركز في الشرق والأخرى في العاصمة طرابلس.

> انقسم مصرف ليبيا المركزي إلى فرعين في غرب ليبيا وشرقها بعد ظهور إدارة موازية في الشرق لدى انقسام ليبيا جراء الحرب الأهلية.

> تولى البنك المركزي في طرابلس التعامل مع عائدات الطاقة، وكان يصرف المرتبات الحكومية ويوفر العملة الصعبة للمستوردين والتمويل الحكومي.

> ضمت طرابلس حينها حكومة «الوفاق الوطني» غير المنتخبة التي ترأسها فائز السراج، وكانت تشكلت بموجب «اتفاق الصخيرات» الموقع في المغرب، والذي توسطت فيه الأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) 2015.

> نسجت حكومة «الوفاق الوطني» تحالفات في المناطق الغربية، أما شرق ليبيا فيخضع منذ فترة ما بعد رحيل القذافي لسيطرة «الجيش الوطني الليبي» الذي أعاد خليفة حفتر تكوينه هناك، حتى بات يسيطر على أجزاء كبيرة من البلاد.

> طردت عناصر «البنيان المرصوص» تنظيم «داعش» من سرت عام 2016 بإسناد أميركي. وتعافى جزئياً إنتاج النفط وانحسرت شبكات تهريب المهاجرين إلى حد ما في تلك الأثناء إثر ضغوط قوية من جانب إيطاليا، لكنها نشطت عقب ذلك.

> تحديات سياسية وأمنية ولوجيستية عديدة جعلت من الصعب إجراء انتخابات ناجحة، في ظل مساعٍ أممية لإنهاء المرحلة الانتقالية.

> اعتبر سياسيون ليبيون أن الحملة العسكرية التي شنها «الجيش الوطني الليبي» ضد حكومة «الوفاق الوطني» بالعاصمة طرابلس عام 2019 انتكاسة للجهود الأممية حينها للوصول إلى اتفاق يُعجّل بالعملية الانتخابية.

> عقب «مؤتمر برلين»، نظمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «ملتقى الحوار السياسي» الليبي الذي اختار حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وأنيط بها تجهيز البلاد لانتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة في 24 ديسمبر 2021. لكن ذلك لم يحدث لأسباب تتعلق بالقوانين الانتخابية.

> بعد فشل انتخابات 24 ديسمبر أصدر مجلس النواب مرسوماً في 10 فبراير (شباط) 2022 يسمح بتعيين فتحي باشاغا رئيساً للحكومة الجديدة، لتجد ليبيا نفسها مرة أخرى أمام حكومتين متنازعتين على السلطة.

> تمسكت حكومة «الوحدة الوطنية» بالاستمرار في الحكم حتى إجراء انتخابات جديدة (رغم انتهاء ولايتها) بعد تكليف البرلمان لحكومة باشاغا.

> تصدت ميليشيات مسلحة موالية لحكومة الدبيبة لمسؤولي حكومة باشاغا ومنعتهم من الدخول إلى العاصمة طرابلس لممارسة مهامهم، ما اضطر باشاغا لقيادة الحكومة من سرت وبنغازي إلى أن أعلن مجلس النواب عزله وإسناد الحكومة إلى أسامة حمّاد.

- أعلنت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا عن الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة «6 6» مكونة من أعضاء مجلس النواب و«الدولة» لحسم الملفات الخلافية بينهما، بشأن القوانين الانتخابية، لكنها حتى الآن لم تتوافق على الشكل النهائي للقاعدة التي من المفترض أن يجرى على أساسها الاستحقاق.

- تسعى الأمم المتحدة لدى الأطراف السياسية في ليبيا إلى حالة من التوافق، والاتفاق معها على ضرورة انتهاء اللجنة المشتركة «6 6» من وضع القوانين الانتخابية، وتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات.

- تسببت كارثة درنة التي وحدت الجهود الشعبية في انصراف الحديث عن الانتخابات راهناً، وبات الجميع منشغلا بعمليات الإنقاذ والإغاثة مع ارتفاع أعداد الضحايا والمفقودين والمشردين بمدن شرق ليبيا.


مقالات ذات صلة

أعضاء «النواب» و«الأعلى للدولة» يبحثون في المغرب الأزمة الليبية

شمال افريقيا اجتماع أعضاء من مجلسَي «النواب» و«الأعلى للدولة» في المغرب (مجلس النواب)

أعضاء «النواب» و«الأعلى للدولة» يبحثون في المغرب الأزمة الليبية

بدأت، الأربعاء، جولة جديدة لمدة يومين، من الاجتماعات التشاورية بين أعضاء من مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» الليبيين في بابوزنيقة بالمغرب.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للأمن المائي» الشهر الحالي (حكومة الوحدة)

«افتعال الأزمات للبقاء بالسلطة» اتهام يحاصر قادة ليبيا

تصاعدت حدة التراشق وتبادل الاتهامات في ليبيا بين رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، ومجلس النواب، بالمسؤولية عن حالة الجمود السياسي.

جاكلين زاهر (القاهرة )
تحليل إخباري اللواء خالد حفتر وقيادة بالجيش يستقبلون في بنغازي بك يفكيروف (القيادة العامة)

تحليل إخباري هل استقبل شرق ليبيا سلاحاً روسياً منقولاً من سوريا؟

بين نفي وتأكيد يتخوف ليبيون من «توسيع» روسيا نفوذها بالبلاد، في ظل تقارير تتحدث عن نقل موسكو عتاداً عسكري من قواعدها في سوريا إلى شرق ليبيا معقل «الجيش الوطني».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا عناصر هيئة البحث عن المفقودين خلال عملية لانتشال جثث تم العثور عليها بضواحي ترهونة (هيئة البحث عن المفقودين)

دعوة أممية للتحقيق في «جرائم تعذيب أفضت إلى موت» بالسجون الليبية

حثت الرئاسة المشتركة لمجموعة العمل المعنية بالقانون الدولي الإنساني السلطات الليبية على «اتخاذ إجراء فوري لإطلاق سراح الأفراد المحتجزين تعسفياً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا خوري في لقاء سابق بممثلي الأحزاب السياسية بليبيا (البعثة الأممية)

انقسام ليبي بشأن مبادرة خوري لحلحلة الأزمة السياسية

وسط ترحيب أميركي وغربي شهدت ليبيا انقساماً بشأن الإحاطة التي قدمتها القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة ستيفاني خوري أمام مجلس الأمن وتضمنت مبادرة سياسية جديدة.

خالد محمود (القاهرة)

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
TT

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني فرض الأحكام العرفية، وتعليق الحكم المدني، وإرساله قوة عسكرية مدعومة بالهيلوكوبترات إلى البرلمان. ثم اضطراره للتراجع عن قراره في وجه معارضة عارمة. بيد أن تراجع الرئيس خلال ساعات قليلة من هذه المغامرة لم يزد المعارضة إلا إصراراً على إطاحته، في أزمة سياسية غير مسبوقة منذ التحوّل الديمقراطي في البلاد عام 1980 بعد فترة من الحكم التسلطي. ولقد تطوّرت الأوضاع خلال الأيام والساعات الأخيرة من الاحتجاجات في الشوارع إلى تصويت برلماني على عزل يون. وبعدما أقر البرلمان عزل الرئيس ردّ الأخير بتأكيد عزمه على المقاومة والبقاء... في أزمة مفتوحة لا تخلو من خطورة على تجربة البلاد الديمقراطية الطريّة العود.

دبلوماسي مخضرم خدم في كوريا الجنوبية قال، قبل بضعة أيام، معلقاً على الأزمة المتصاعدة: «إذا تم تمرير اقتراح العزل، يمكن وقف (الرئيس) يون (سوك - يول) عن مباشرة مهام منصبه لمدة تصل إلى 180 يوماً، بينما تنظر المحكمة الدستورية في القضية. وفي هذا (السيناريو)، يتولى رئيس الوزراء هان دوك سو منصب الرئيس المؤقت، وتُجرى انتخابات جديدة في غضون 60 يوماً».

وبالفعل، دعا هان دونغ - هون، زعيم حزب «قوة الشعب»، الحاكم، إلى تعليق سريع لسلطات الرئيس مستنداً - كما قال - إلى توافر «أدلة موثوقة» على أن يون سعى إلى اعتقال القادة السياسيين بعد إعلانه الأحكام العرفية الذي لم يدُم طويلاً. ومما أورده هان - الذي كان في وقت سابق معارضاً للمساعي الرامية إلى عزل يون - إن «الحقائق الناشئة حديثاً قلبت الموازين ضد يون، بالتالي، ومن أجل حماية كوريا الجنوبية وشعبنا، أعتقد أنه من الضروري منع الرئيس يون من ممارسة سلطاته رئيساً للجمهورية على الفور». وتابع زعيم الحزب الحاكم أن الرئيس لم يعترف بأن إعلانه فرض الأحكام العرفية إجراء غير قانوني وخاطئ، وكان ثمة «خطر كبير» من إمكانية اتخاذ قرار متطرف مماثل مرة أخرى إذا ظل في منصبه.

بالتوازي، ذكرت تقارير إعلامية كورية أن يون يخضع حالياً للتحقيق بتهمة الخيانة إلى جانب وزير الدفاع المستقيل كيم يونغ - هيون، (الذي ذُكر أنه حاول الانتحار)، ورئيس أركان الجيش الجنرال بارك آن - سو، ووزير الداخلية لي سانغ - مين. وحقاً، تمثل الدعوة التي وجهها هان، وهو وزير العدل وأحد أبرز منافسي يون في حزب «قوة الشعب»، تحولاً حاسماً في استجابة الحزب الحاكم للأزمة.

خلفية الأزمة

تولى يون سوك - يول منصبه كرجل دولة جديد على السلطة، واعداً بنهج عصري مختلف في حكم البلاد. إلا أنه في منتصف فترة ولايته الرئاسية الوحيدة التي تمتد لخمس سنوات، شهد حكمه احتكاكات شبه دائمة مع البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، وتهديدات «بالإبادة» من كوريا الشمالية، ناهيك من سلسلة من الفضائح التي اتهم وعائلته بالتورّط فيها.

وعندما حاول يون في خطابه التلفزيوني تبرير فرض الأحكام العرفية، قال: «أنا أعلن حالة الطوارئ من أجل حماية النظام الدستوري القائم على الحرية، وللقضاء على الجماعات المشينة المناصرة لنظام كوريا الشمالية، التي تسرق الحرية والسعادة من شعبنا»، في إشارة واضحة إلى الحزب الديمقراطي المعارض، مع أنه لم يقدم أي دليل على ادعائه.

إلا أن محللين سياسيين رأوا في الأيام الأخيرة أن الرئيس خطّط على الأرجح لإصدار مرسوم «الأحكام العرفية الخرقاء» أملاً بحرف انتباه الرأي العام بعيداً عن الفضائح المختلفة والإخفاق في معالجة العديد من القضايا المحلية. ولذا اعتبروا أن عليه ألا يطيل أمد حكمه الفاقد الشعبية، بل يبادر من تلقاء نفسه إلى الاستقالة من دون انتظار إجراءات العزل، ومن ثم، السماح للبلاد بانتخاب رئيس جديد.

بطاقة هوية

ولد يون سوك - يول، البالغ من العمر 64 سنة، عام 1960 في العاصمة سيول لعائلة من الأكاديميين اللامعين. إذ كان أبوه يون كي - جونغ أستاذاً للاقتصاد في جامعة يونساي، وأمه تشوي سيونغ - جا محاضرة في جامعة إيوها للنساء قبل زواجها. وحصل يون على شهادته الثانوية عام 1979، وكان يريد في الأصل أن يدرس الاقتصاد ليغدو أستاذاً، كأبيه، ولكن بناءً على نصيحة الأخير درس الحقوق، وحصل على شهادتي الإجازة ثم الماجستير في الحقوق من جامعة سيول الوطنية - التي هي إحدى «جامعات النخبة الثلاث» في كوريا مع جامعتي يونساي وكوريا - وأصبح مدّعياً عاماً بارزاً قاد حملة ناجحة لمكافحة الفساد لمدة 27 سنة.

ووفق وسائل الإعلام الكورية، كانت إحدى محطات حياته عندما كان طالب حقوق عندما لعب دور القاضي في محاكمة صورية للديكتاتور (آنذاك) تشون دو - هوان، الذي نفذ انقلاباً عسكرياً وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة. وفي أعقاب ذلك، اضطر يون إلى الفرار إلى الريف مع تمديد جيش تشون الأحكام العرفية ونشر القوات والمدرّعات في الجامعة.

بعدها، عاد يون إلى العاصمة، وصار في نهاية المطاف مدعياً عاماً، وواصل ترقيه الوظيفي ما يقرب من ثلاثة عقود، بانياً صورة له بأنه حازم وصارم لا يتسامح ولا يقدّم تنازلات.

مسيرته القانونية... ثم الرئاسة

قبل تولي يون سوك - يول رئاسة الجمهورية، كان رئيس مكتب الادعاء العام في المنطقة المركزية في سيول، وأتاح له ذلك محاكمة أسلافه من الرؤساء. إذ لعب دوراً فعالاً في إدانة الرئيسة السابقة بارك غيون - هاي التي أُدينت بسوء استخدام السلطة، وعُزلت وأودعت السجن عام 2016. كذلك، وجه الاتهام إلى مون جاي - إن، أحد كبار مساعدي خليفة الرئيسة بارك، في قضية احتيال ورشوة.

أما على الصعيد السياسي، فقد انخرط يون في السياسة الحزبية قبل سنة واحدة فقط من فوزه بالرئاسة، وذلك عندما كان حزب «قوة الشعب» المحافظ - وكان حزب المعارضة يومذاك - معجباً بما رأوه منه كمدّعٍ عام حاكم كبار الشخصيات، وأقنع يون، من ثم، ليصبح مرشح الحزب لمنصب رئاسة الجمهورية.

وفي الانتخابات الرئاسية عام 2022 تغلّب يون على منافسه الليبرالي لي جاي - ميونغ، مرشح الحزب الديمقراطي، بفارق ضئيل بلغ 0.76 في المائة... وهو أدنى فارق على الإطلاق في تاريخ الانتخابات في البلاد.

الواقع أن الحملة الانتخابية لعام 2022 كانت واحدةً من الحملات الانتخابية القاسية في تاريخ البلاد الحديث. إذ شبّه يون غريمه لي بـ«هتلر» و«موسوليني». ووصف حلفاء لي الديمقراطيون، يون، بأنه «وحش» و«ديكتاتور»، وسخروا من جراحة التجميل المزعومة لزوجته.

إضافة إلى ذلك، شنّ يون حملته الانتخابية بناء على إلغاء القيود المالية والموقف المناهض للمرأة. لكنه عندما وصل إلى السلطة، ألغى وزارة المساواة بين الجنسين والأسرة، قائلاً إنها «مجرد مقولة قديمة بأن النساء يُعاملن بشكل غير متساوٍ والرجال يُعاملون بشكل أفضل». وللعلم، تعد الفجوة في الأجور بين الجنسين في كوريا الجنوبية الأسوأ حالياً في أي بلد عضو في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية».

أيضاً، أدى استخدام يون «الفيتو» تكراراً إلى ركود في العمل الحكومي، بينما أدت تهم الفساد الموجهة إلى زوجته لتفاقم السخط العام ضد حكومته.

تراجع شعبيته

بالتالي، تحت ضغط الفضائح والخلافات، انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «غالوب كوريا» أن شعبيته انخفضت إلى 19 في المائة فقط. وتعد «كارثة» الأحكام العرفية الحلقة الأخيرة في سلسلة من الممارسات التي حددت رئاسة يون وأخطائها.

إذ ألقي باللوم على إدارة يون في التضخم الغذائي، وتباطؤ الاقتصاد، والتضييق المتزايد على حرية التعبير. وفي أواخر 2022، بعدما أسفر تدافع حشود في احتفال «الهالوين» (البربارة) في سيول عن سقوط 159 قتيلاً، تعرضت طريقة تعامل الحكومة مع المأساة لانتقادات واسعة.

زوجته في قلب مشاكله!

من جهة ثانية، كانت كيم كيون - هي، زوجة الرئيس منذ عام 2012، سبباً آخر للسخط والانتقادات في وسائل الإعلام الكورية الجنوبية. فقد اتهمت «السيدة الأولى» بالتهرب الضريبي، والحصول على عمولات لاستضافة معارض فنية عن طريق عملها. كذلك واجهت اتهامات بالانتحال الأدبي في أطروحتها لنيل درجة الدكتوراه وغيرها من الأعمال الأكاديمية.

لكن أكبر فضيحة على الإطلاق تورّطت فيها كيم، كانت قبولها عام 2023 هدية هي حقيبة يد بقيمة 1800 جنيه إسترليني سراً من قسيس، الأمر الذي أدى إلى مزاعم بالتصرف غير اللائق وإثارة الغضب العام، لكون الثمن تجاوز الحد الأقصى لما يمكن أن يقبله الساسة في كوريا الجنوبية وشركاؤهم قانونياً لهدية. لكن الرئيس يون ومؤيديه رفضوا هذه المزاعم وعدوها جزءاً من حملة تشويه سياسية.

أيضاً أثيرت تساؤلات حول العديد من القطع الثمينة من المجوهرات التي تملكها «السيدة الأولى»، والتي لم يعلَن عنها كجزء من الأصول الرئاسية الخاصة. وبالمناسبة، عندما فُتح التحقيق في الأمر قبل ست سنوات، كان زوجها رئيس النيابة العامة. أما عن حماته، تشوي يون - سون، فإنها أمضت بالفعل حكماً بالسجن لمدة سنة إثر إدانتها بتزوير وثائق مالية في صفقة عقارية.

يُضاف إلى كل ما سبق، تعرّض الرئيس يون لانتقادات تتعلق باستخدام «الفيتو» الرئاسي في قضايا منها رفض مشروع قانون يمهد الطريق لتحقيق خاص في التلاعب المزعوم بالأسهم من قبل زوجته كيم كيون - هي لصالح شركة «دويتشه موتورز». وأيضاً استخدام «الفيتو» ضد مشروع قانون يفوّض مستشاراً خاصاً بالتحقيق في مزاعم بأن مسؤولين عسكريين ومكتب الرئاسة قد تدخلوا في تحقيق داخلي يتعلق بوفاة جندي بمشاة البحرية الكورية عام 2023.

وهكذا، بعد سنتين ونصف السنة من أداء يون اليمين الدستورية عام 2022، وعلى أثر انتخابات رئاسية مثيرة للانقسام الشديد، انقلبت الأمور ضد الرئيس. وفي خضم ارتباك الأحداث السياسية وتزايد المخاوف الدولية يرزح اقتصاد كوريا الجنوبية تحت ضغوط مقلقة.

أمام هذا المشهد الغامض، تعيش «الحالة الديمقراطية» في كوريا الجنوبية أحد أهم التحديات التي تهددها منذ ظهورها في أواخر القرن العشرين.