هولندا: قوى اليمين تعدّ العدة لانتخابات نوفمبر رغم تحسن فرص تحالف العمال - «الخضر»

بين «سندان» طالبي اللجوء و«مطرقة» نقص المساكن

مركز «تير آبيل» للاجئين في محافظة خرونينخن (آ.ن.ب)
مركز «تير آبيل» للاجئين في محافظة خرونينخن (آ.ن.ب)
TT

هولندا: قوى اليمين تعدّ العدة لانتخابات نوفمبر رغم تحسن فرص تحالف العمال - «الخضر»

مركز «تير آبيل» للاجئين في محافظة خرونينخن (آ.ن.ب)
مركز «تير آبيل» للاجئين في محافظة خرونينخن (آ.ن.ب)

أسقطت سياسة الهجرة واللجوء حكومة هولندا، ومعها رئيس الحكومة مارك روته الذي يحكم بلاده منذ 13 سنة، والذي كان حتى استقالته، صاحب ثاني أطول فترة لرئيس حكومة في أوروبا، بعد رئيس الحكومة المجري فيكتور أوربان. ومع أن بناء الائتلاف الحكومي في ولاية روته الرابعة استغرق وقتاً قياسياً لامس الـ300 يوماً (أو 9 أشهر)، بعد انتخابات عام 2021، فإن الخلافات حول قانون لمّ شمل أسر اللاجئين أسقطت الحكومة في وقت قياسي. كذلك لم يزد عُمر الائتلاف على بضعة أيام بعد سنة ونصف سنة فقط، ويومذاك فاجأ بناؤه كثيرين داخل هولندا. واليوم، يبدو أن حزباً واحداً، بالتحديد، سيكون في طليعة المستفيدين من مغادرة روته السياسة ودعوته إلى انتخابات نيابية في نوفمبر (تشرين الثاني). هذا الحزب هو «حركة المواطنين المزارعين» الذي أسس قبل 4 سنوات فقط، وهو تنظيم شعبوي يميني تحوّل إلى واحد من المنافسين الأساسيين في الانتخابات المقبلة في هولندا.

استقالة مارك روته جاءت بعدما اصطدم برفض أحد شركائه الثلاثة في الحكومة، القبول بفرض مهلة سنتين على اللاجئين قبل أن يتمكنوا من طلب لم شمل عائلاتهم. ومع أن الزعيم المستقيل عُرف بمهارته في تخطّي عقبات صعبة في الماضي، فإنه عجز هذه المرة عن إقناع شركائه في الحكومة بدعمه. كذلك عجز عن تخطي الضغوط داخل حزبه للتخلّي عن مساعيه بتشديد قوانين الهجرة، فوجد نفسه مضطراً للاستقالة. والآن سيبقى روته على رأس «حكومة تصريف» الأعمال حتى الانتخابات العامة في نوفمبر المقبل، المفترض أن تتيح تشكيل حكومة جديدة. ولكن في نظام أفرز أكثر من 17 حزباً لم يتمكن أي منها أبداً من الفوز بغالبية مطلقة في البرلمان، قد يستغرق تشكيل الحكومة العتيدة عدة أشهر... سيظل خلالها روته على رأس حكومة «تصريف الأعمال» حتى الصيف من العام المقبل.

ديلان يشيلغوز – زيغيريوس (آ.ن.ب)

تحالف غير متماسك

من ناحية ثانية، مع أن انهيار حكومة روته شكّل مفاجأة لكثيرين، فإن المراقبين داخل هولندا يقولون إن الائتلاف الذي قاده قام منذ البداية على تحالف هش تشوبه الخلافات، ما جعل سقوطه مسألة وقت لا غير؛ إذ إنه في حين كان «حزب الشعب للحرية والديمقراطية» بقيادة روته، يضغط مع حزب آخر من يمين الوسط داخل الحكومة بتجاه تشديد قوانين الهجرة، كان الاتحاد المسيحي (أيضاً من اليمين الوسط) وحزب «الديمقراطيون 66» (يسار الوسط) يشدّان في الاتجاه المعاكس. واللافت أنه على الرغم من ميل الأحزاب اليمينية عادة إلى تشديد قوانين الهجرة، فإن الاتحاد المسيحي المشارك في الحكومة رفض دعم روته من مبدأ رفضه تفريق العائلات وتشتيتها.

هذه الخلافات حول قوانين الهجرة واللجوء سلطت، في الواقع، الضوء على أزمة عادت إلى الواجهة في هولندا لتغدو الملف الأول من حيث الأهمية للناخب الهولندي، وفق آخر استطلاع للرأي نشره معهد في العاصمة أمستردام. فلقد نقلت وسائل إعلام هولندية عن الباحث بيتر كان، قوله إن «مسألة الهجرة واللجوء هي القضية الأهم بالنسبة للناخبين، خاصةً، بعد انهيار الحكومة». وبحسب الباحث، فإن حزب روته سيكون من المستفيدين مما حصل، مع أن زعيمه المستقيل نفسه أعلن أنه سيغادر الحلبة السياسية نهائياً، ولن يقود حزبه في الانتخابات المقبلة.

تركية - كردية لاجئة في الواجهة

وحقاً، رشّح الحزب - الذي يتمتع بأكبر كتلة نيابية هولندية حالياً - وزيرة العدل ديلان يشيلغوز - زيغيريوس لترؤس لائحة الحزب وتقوده في الانتخابات المقبلة. ويشيلغوز - زيغيريوس، المولودة في العاصمة التركية أنقرة، وصلت طفلة إلى هولندا ضمن عائلة أب تركي كردي يساري طلب اللجوء السياسي فيها. ومع أنها توافق روته في مواقفه حول الحد من اللاجئين، فليس واضحاً بعد ما إذا كانت ابنة العائلة اللاجئة من تركيا، ستتمكن من جمع الناخبين حول الحزب الذي قاده سلفها طوال 17 سنة.

روته نجح، بلا شك، خلال السنوات الـ13 التي قاد فيها هولندا، بأن يرسم لنفسه صورة الرجل العادي القريب من المواطن، الأمر الذي ساعده على التغلب على عدة فضائح كادت تطيح به خلال حكوماته السابقة. ولقد عُرف عنه أنه كان غالباً ما يتنقل بين بيته ومقر عمله ممتطياً دراجته الهوائية، بل شوهد ذات يوم وهو يمسح أرضية مدخل البرلمان بنفسه بعدما سقط من يده فنجان قهوته، بينما اصطف المنظفون بالقرب منه وهم يصفقون له. كذلك، ظل روته يدرّس مرة أسبوعياً في مدرسة بمدينة لاهاي، صباح كل اثنين، قبل أن يتوجه إلى المكتب، وهي مهنة قد يتفرّغ لها بعد اعتزاله السياسة.

فرانتس تيمرمانز

من منجزاته دولياً

من ناحية أخرى، يرى مراقبون في هولندا أن الزعيم المستقيل نجح إبان سنوات حكمه في أن يحوّل هولندا إلى لاعب أكبر من حجمه الحقيقي على الساحة الأوروبية، كما أنه «شبّك» تحالفات من دول داخل الاتحاد الأوروبي تؤمن بالمبادئ نفسها حول تقليص الإنفاق والدَّين العام. وبالتالي، فغيابه سيترك فراغاً على الساحة الدولية، ويهدّد بتقليص دور هولندا مرة جديدة. ولكن، في المقابل، تفتح استقالة روته الباب مرة جديدة أمام أحزاب اليسار الوسط، وخاصة حزب العمال الذي شارك في السلطة للمرة الأخيرة عام 2002. فقد أعلن فرانتس تيمرمانز، الذي يشغل حالياً منصب نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، نيته العودة إلى السياسة الهولندية وترؤس تحالف العمال مع حزب «الخضر» في انتخابات نوفمبر المقبلة. وحسب المتابعين، ما زال تيمرمانز - الذي شغل سابقاً منصب وزير الخارجية - يحظى بشعبية واحترام لا بأس بهما. ويبدو، فعلاً، أن اختيار تيمرمانز لقيادة تحالف العمال - «الخضر» رفع حظوظ الحزبين شعبياً. ذلك أن آخر استطلاعات الرأي أظهر أن التحالف اليساري - الوسطي يتصدّر الأحزاب المتنافسة، وسيفوز بـ28 مقعداً من أصل 150 في البرلمان، بزيادة 11 مقعداً عن المقاعد التي لدى الحزبين حالياً. وبيّن الاستطلاع نفسه أن حزب روته تحت قيادة يشيلغوز - زيغيريوس سيحل ثانياً بـ25 مقعداً. أما المرتبة الثالثة، بعدد مقاعد يصل إلى 21 مقعداً، فستكون لحزب «حركة المواطنين المزارعين» الذي أسس عام 2019 من قلب حركة المزارعين المعارضة لقرارات أصدرتها الحكومة تفرض على المزارعين تخفيض انبعاثات غاز النيتروجين الناتج عن مزارع الأبقار، بهدف خفض التلوث.

هذا، وكانت خطط الحكومة - التي كانت قد أجُبرت على إدخالها بعد قرارات أوروبية - قد أثارت جدلاً شديداً بين المزارعين الهولنديين الذين سيخسر كثيرون منهم مزارعهم بسبب تخفيض نسبة انبعاثات النيتروجين. وتترأس «حركة المواطنين المزارعين» اليوم صحافية سابقة اسمها كارولين فان دير بلاس، نجحت بقيادة الحزب الفتيّ لتحقيق أول انتصاراته في مارس (آذار) الماضي، بانتخابات المجلس الأدنى، حيث أصبح أكبر حزب ممثَّل فيه. ومع أن الحزب أسس أصلاً للدفاع عن المزارعين فقد جعلته طبيعة الشعبوية يستفيد أيضاً من الجدل الدائر حول اللاجئين.

اللجوء... اللجوء... اللجوء

جدير بالذكر أن هولندا شهدت جدلاً واسعاً في العام الماضي، بسبب نقص أماكن الإيواء والسكن للاجئين ما دفع بالمئات منهم لافتراش الأرض خارج أحد أكبر مراكز استقبال اللاجئين لعدة أشهر. بل توفي رضيع يبلغ من العمر 3 أشهر في المركز بسبب الاكتظاظ. ثم إن طالبي لجوء اضطروا للعيش في العراء لأشهر خارج مركز «تير أبيل» في محافظة خرونينخن (أقصى شمال هولندا)، المركز الرئيس والأكبر لاستقبال اللاجئين في هولندا، وصفوا الظروف التي تركوا فيها بأنها «غير إنسانية». وللعلم، فإن المركز المؤهل لاستيعاب ألفي لاجئ يُعد النقطة الأولى للاجئين حين يتقدمون بطلباتهم، وينتظرون فيه البت فيها. وبالفعل، انتقدت منظمات إنسانية الظروف الصحية التي ترك فيها اللاجئون، من دون القدرة على الاستحمام أو استخدام حمامات، والنوم في الخارج لأشهر، حتى المرضى منهم، ما يعني أن خطر انتقال الأمراض المعدية بينهم كان مرتفعاً. هذا، وبات قرابة الـ700 لاجئ معظمهم من دول عربية كاليمن وسوريا ودول فقيرة مثل أفغانستان، في العراء، بينما كان اللاجئون الأوكرانيون يحظون بمعاملة مختلفة، ويصار إلى توزيعهم على مساكن تابعة للبلديات المختلفة.

الحكومة الهولندية برّرت - آنذاك - الازدحام الشديد في مركز اللاجئين الرئيس المذكور، بإقفال العديد من مراكز الاستقبال إبان جائحة «كوفيد - 19»، وببقائها مقفلة بعد انحسار الجائحة. ولكن، ما يزيد الوضع سوءاً أن هولندا تعاني من نقص حاد ودائم على صعيد المساكن، ما يعني أن اللاجئين الذي يُمنحون أوراق إقامة بعد أشهر قليلة من وصولهم، لا يستطيعون العثور على أماكن ينتقلون إليها، فيضطرون إلى البقاء في مراكز اللجوء.

وبالفعل، تسببت هذه الفوضى في مركز لجوء «تير أبيل» ووفاة الرضيع بإعادة ملف اللاجئين إلى الواجهة. وفي حينه، تعهّد روته بوضع حد لأعداد اللاجئين نتيجة «عجز البلاد عن استيعابهم» كما قال. ومن ثم، جاء اقتراح وقف لمّ شمل العائلات لمدة سنتين ضمن الإجراءات التي تعهد باتخاذها لتخفيض أعداد اللاجئين، بيد أن الخلافات داخل حكومته الائتلافية أدت في النهاية إلى استقالته.

استفادة اليمين

على أي حال، استفاد حزب روته من أزمة اللاجئين، وأيضاً «حركة المواطنين المزارعين» من الأحزاب التي قد تكسب كثيراً من هذه الأزمة. فحزب «حركة المواطنين المزارعين»؛ كونه تنظيماً شعبوياً صريحاً يؤمن بمعالجة أزمة اللاجئين «في دول المنبع»، أي بتقديم مساعدات مالية للدول التي ينطلق منها اللاجئون إلى أوروبا وهولندا، مثل تونس وليبيا. بل يروّج البعض داخل هذا الحزب بأن اللاجئين «هم الذين يتسببون بأزمة السكن» في هولندا، وأن الحكومة تسعى للاستحواذ على المزارع لتحويلها إلى مجمعات سكنية. وحقيقة الأمر أن الحكومة أقرت، بالفعل، خطة لشراء مزارع بتمويل من الاتحاد الأوروبي - الذي خصّص مبلغ مليار ونصف مليار يورو - لتمويل برنامج الحكومة الهولندية بشراء مزارع بهدف تخفيض انبعاثات النيتروجين الضارة. وراهناً، تسعى الحكومة إلى خفض معدلات أوكسيد النيترات والأمونيا إلى النصف بحلول عام 2030، بعد تبنيها أخيراً خطة يقول ناشطون بيئيون إنها «جاءت متأخرة»، وإن الحكومات الهولندية المتعاقبة «تلكأت لسنوات في مواجهة الكميات الكبيرة من الانبعاثات الضارة التي تتسبب بها المزارع في البلاد».

ولكن، في المقابل، تعد الزراعة - ومن ضمنها تربية الماشية - جزءا أساسيا من الاقتصاد الهولندي. وبحسب مجموعة «الزراعة الوطنية» هناك قرابة الـ54 ألف شركة أعمال مرتبطة بالزراعة. ووصلت قيمة الصادرات الزراعية من هولندا إلى قرابة الـ95 مليار يورو عام 2019. وحقاً، تعد هولندا ثاني أكبر مصدّر زراعي في العالم بعد الولايات المتحدة، وأكبر مصدر للحم في أوروبا. واليوم يُستخدم ثلثا الأراضي في هولندا للزراعة وتربية الماشية، ما يعني أن النظام الزراعي يتسبب بأضرار بالغة على الطبيعة بسبب التلوثات الناتجة عن تربية الماشية بشكل أساسي.

الحسابات الانتخابية

وعلى الصعيد الانتخابي، بينما تتوقّع الاستطلاعات تحقيق حزب «حركة المزارعين المواطنين» نتائج طيبة في الانتخابات، مستفيدة من غضب المزارعين وأزمة اللاجئين، فإن حزباً يمينياً متطرفاً آخر يتوقع أن يحقق مكاسب من الخلافات حول الهجرة، هو «حزب الحرية» بقيادة النائب المتشدد خِيرت فيلدرز الذي يقود الحزب منذ عام 2006. وهنا، نشير إلى أن روته كان يرفض الدخول في تحالفات مع حزب فيلدرز، لكن ثمة إشارات بدأت الآن تخرج من داخل حزب روته توحي بإمكانية تحالف الحزبين بعد الانتخابات المقبلة؛ إذ قال النائب روبن بريكلمانز، الذي يعد من الوجوه الصاعدة في حزب روته، إنه لا يريد استبعاد إنشاء تحالف مع «حزب الحرية» حول الهجرة، رغم كلامه عن «استمرار» الخلافات الجوهرية مع الزعيم اليميني المتطرف الذي كان تعهد عام 2014 بمنع القرآن، وإغلاق كل المساجد في هولندا في حال انتخابه، من بين جملة سياسات متطرفة أخرى.

بناءً على ما تقدم، تبدو هولندا الآن أمام تقاطع 3 طرق: فإما أن يختار الناخبون مجدداً حزب روته ويخاطروا بجنوحه نحو اليمين المتطرف، وإما أن يختاروا «حركة المواطنين المزارعين» سائرين مباشرة في خيار التطرف اليميني، وإما أن يقرّروا السير مع التحالف اليساري المعتدل والعودة إلى زعيم ما زال محبوباً في أنحاء هولندا هو فرانتس تيمرمانز، رغم غيابه عن السياسة المحلية منذ انتقاله إلى بروكسل قبل 9 سنوات.


مقالات ذات صلة

انتخابات تاريخية في جامو وكشمير أمام خلفية إلغاء حكومة مودي وضع «الولاية الاتحادية»

حصاد الأسبوع تجمع حزبي في إحدى المناطق رافض لإلغاء حكومة مودي المادة 370 (رويترز)

انتخابات تاريخية في جامو وكشمير أمام خلفية إلغاء حكومة مودي وضع «الولاية الاتحادية»

بعد عِقد من الزمن، توافد الناخبون بإقليم جامو وكشمير، ذي الغالبية المسلمة والخاضع للإدارة الهندية، بأعداد قياسية للتصويت للحكومة المحلية في إطار انتخابات...

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع طابور اقتراع في كشمير (رويترز)

القضايا الرئيسية في انتخابات 2024 الكشميرية

برز إلغاء المادة 370 وتأسيس دولة مستقلة في جامو وكشمير قضيتَين رئيسيتين في هذه الانتخابات، بينما تشكّل البطالة مصدر قلق مزمن كبير. الصحافي زاهور مالك قال: «ثمة…

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع لقطة من مناظرة الثلاثاء الرئاسية (رويترز)

هل اقتربت أميركا من تغيير هوية «الجيل» الذي يحكم واشنطن؟

يُجمِع خبراء المناظرات الرئاسية الأميركية على أن الانتصارات فيها لا تُترجم بالضرورة فوزاً في الانتخابات، والمرشحون الذين يتألقون في المناظرات لا يفوزون دائماً

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع يقدّم بارنييه نفسه على أنه رجل ينتمي إلى اليمين لكن ليس اليمين البورجوازي القومي المتعصّب بل اليمين الاجتماعي

ميشال بارنييه رئيس الحكومة الفرنسية الجديد... هل يكون الرجل المعجزة الذي ينقذ عهد ماكرون؟

بعد 25 سنة أمضاها ميشال بارنييه في بروكسل (1999 – 2021) مفوضاً أوروبياً متنقلاً في مناصب عديدة، منها مسؤول عن السوق الأوروبية الداخلية ونائب لرئيس المفوضية،

ميشال أبونجم (باريس)
حصاد الأسبوع الرئيس الموريتاني ولد الغزواني يستقبل رئيس الوزراء الإسباني سانتشيز ورئيسة المفوضية الأوروبية فون در لاين في نواكشوط 
(آ فب)

إسبانيا تحاول التحكّم بهاجس التعامل مع المهاجرين

عندما فازت إسبانيا بكأس الأمم الأوروبية لكرة القدم، أواسط يوليو (تموز) الفائت، كان النجم الأبرز في الفريق الوطني الأمين جمال، وهو لاعب من أب مغربي وصل قبل 19

شوقي الريّس (مدريد)

«حرب لبنان» تظهر تغييراً كبيراً في نظرة أميركا تجاه إيران

القصف وأعمدة الدخان في جنوب لبنان (رويترز)
القصف وأعمدة الدخان في جنوب لبنان (رويترز)
TT

«حرب لبنان» تظهر تغييراً كبيراً في نظرة أميركا تجاه إيران

القصف وأعمدة الدخان في جنوب لبنان (رويترز)
القصف وأعمدة الدخان في جنوب لبنان (رويترز)

منذ اندلاع «حرب مساندة» غزة التي أطلقها «حزب الله» قبل نحو سنة، كانت المؤشرات كلها توحي بأن حرب الإبادة التي شنّتها إسرائيل رداً على «هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)»، ستنتقل عاجلاً أو آجلاً إلى لبنان، في ظل إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه يخوض «حرباً ستكون طويلة لتغيير خريطة الشرق الأوسط». ومع ذلك، كانت معظم التحليلات تتكلّم عن «مأزق» إسرائيل «المأزومة»، وعن خلافاتها في الداخل ومع الخارج، ولا سيما الولايات المتحدة، ما سمح للبعض بالترويج أن أهداف هذه الحرب لم تتحقق، وقد لا تتحقق، سواء في غزة والأراضي الفلسطينية، أو في لبنان. لكن على أرض الواقع، كان من الواضح أن ما حقّقته إسرائيل حتى الآن من حربها على غزة يتجاوز كثيراً الردّ على «هجوم أكتوبر».

بعدما نجحت إسرائيل في تعزيز «صورة» ربط حربها التهجيرية في غزة بأنها «صراع وجود» مع إيران وأذرعها الساعين إلى تدميرها، وفّرت تلك الحرب للإسرائيليين أيضاً غطاءً دولياً واسعاً، ليس لإطالة حرب الإبادة ضد الفلسطينيين فقط، بل الانتقال أيضاً إلى حرب إبادة أخرى ضد لبنان.

هذا الأمر طرح تساؤلات عن حقيقة الموقف الأميركي تجاه أهداف إسرائيل، وعمّا إذا كانت حربها لتغيير «المشهد الإقليمي» ممكنة من دون موافقة أميركية. بيد أن الوقوف على المتغيرات الدراماتيكية التي طرأت على سياسة واشنطن يظهر تغييراً كبيراً في مقاربتها ونظرتها تجاه إيران، مع التغييرات التي طرأت على المشهد الدولي منذ اندلاع الحرب الأوكرانية.

«فرصة استراتيجية» لأميركا

قبل الدخول في ما عدّه البعض «تجاهلاً» من تل أبيب للمساعي الأميركية لفرض وقف لإطلاق النار في حربها المتصاعدة ضد «حزب الله»، روّجت تحليلات العديد من الصحف الأميركية ولا تزال لـ«خلافات» بين واشنطن وتل أبيب. إلا أن دينيس روس، المبعوث الرئاسي السابق في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، رأى أن ما جرى حتى الآن «يُعد فرصة استراتيجية لأميركا، ليس لتغيير المنطقة فقط، بل تغيير الوضع في لبنان أيضاً بعد اغتيال حسن نصر الله وإضعاف (حزب الله)». وخلال ندوة في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى»، حضرتها «الشرق الأوسط»، يوم الأربعاء، وشاركت فيها دانا سترول، نائبة مساعد وزير الدفاع السابقة لشؤون الشرق الأوسط في إدارة بايدن، وديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأدنى في إدارة ترمب، أضاف روس: «بات بمقدور أميركا اتخاذ إجراءات رادعة مباشرة، ليس ضد إيران فقط، بل المشاركة قبل ذلك في ضرب أذرعها مباشرة وملاحقتهم».

وبحسب روس، فإنه بعدما تمكّنت إسرائيل من ضرب و«تحييد» الخطر الذي يمثله «حزب الله» و«حماس»، يمكن لواشنطن الآن «ضرب وملاحقة الحوثيين، كإشارة إلى أننا قادرون على تعريض ما نعتقده نحن مصالح مهمة لها، وخصوصاً برنامجها النووي، وليس المصالح التي تعتقد إيران أنها مهمة بالنسبة لها فقط».

تغيير مسار المنطقة

من جهتها، قالت سترول، إن إرسال الأصول العسكرية الأميركية، منذ اندلاع الحرب قبل نحو سنة، وخصوصاً في الفترة الأخيرة «لا يُعبّر عن تصميم إدارة بايدن على مواجهة التهديدات الإقليمية، والدفاع عن إسرائيل، ومنع توسّع الحرب فقط، بل تغيير المسار في المنطقة أيضاً». وأضافت: «كل الأحداث التي وقعت منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) حتى الآن، بما فيها تصفية قوة (حماس) وضرب (حزب الله) وتوجيه ضربات لإيران، لم يكن بالضرورة مخطط لها. لكن اليوم، بعد كل الذي جرى، ينبغي أن نستغل ما حصل لنمضي في مسار مختلف، بما يعيد الاستقرار والسلام إلى المنطقة، وإعادة مسار العلاقات الإسرائيلية العربية إلى مسارها الذي انقطع بعد 7 أكتوبر».

من ناحيته، قال شينكر: «ثمة فهم خاطئ لتفسير ما تعنيه المطالبة بوقف إطلاق النار، سواء في غزة أو لبنان، وذلك لأن الأهداف التي وضعت لا يمكن تحقيقها من دون تغيير الديناميات السابقة». وأردف أنه بمعزل عن الإدارة الجديدة التي ستأتي بعد الانتخابات الأميركية، وسواء أكان الفائز فيها كامالا هاريس أم دونالد ترمب، لا شك أنه «سيكون من الصعب العودة إلى السياسات الأميركية السابقة تجاه إيران وأذرعها وبرنامجها النووي». وأكد أن أميركا «ستلعب دوراً رئيسياً في إعادة تشكيل وترتيب الأوضاع بعد حرب غزة، التي ستنتهي عاجلاً أم آجلاً، وكذلك في لبنان».

وهكذا، أمام هذه «الرؤية» التي تعكس حقيقة الموقف الأميركي للصراع الجاري، إن إصرار البعض على اعتباره إذعاناً وارتباكاً أميركياً أمام رغبات إسرائيل، قد يكون من الضروري قراءة «التحولات» التي طرأت على موقف إدارة الرئيس جو بايدن، منذ اندلاع الحرب.

تقديرات مختلفة للحرب في لبنان

كانت هناك تقديرات مختلفة داخل إدارة بايدن عن طبيعة الأخطار التي يمكن أن تواجهها «العملية» العسكرية التي أطلقتها إسرائيل ضد «حزب الله»، وعن قدراته العسكرية الحقيقية التي جرى تضخيمها. ولكن، بدلاً من تبيّن صحة تلك التقديرات، انتهى الأمر بتبنّي العديد من المسؤولين الأميركيين النجاح الذي حقّقته إسرائيل في سعيها - بزخم مذهل - إلى إضعاف «حزب الله». وهو ما بدا أنه يتناسب مع نمط إدارة بايدن، التي لطالما تدرّجت في التعبير عن مواقفها من الأحداث السياسية الخارجية.

إذ بعدما تحثّ إسرائيل على لجم اندفاعاتها، كانت لا تلبث أن تتراجع لاحقاً. وبعدما أوضح بايدن رغبته في «الوقف الفوري» للقتال في لبنان، وتحفّظه عن التوغّل البرّي، ظهر انقسام بين المسؤولين الأميركيين حول «الحكمة» من الحملة الإسرائيلية ضد «حزب الله»، خاصة منذ مقتل زعيمه حسن نصر الله، في 27 سبتمبر (أيلول) الماضي. ففي حين ركّز البعض كثيراً على المخاطر، قال آخرون إنه إذا أمكن توجيه ضربة قوية للحزب من دون إثارة صراع إقليمي أوسع يجذب إيران فإن ذلك قد يُعدّ نجاحاً.

واليوم، يذهب كثيرون إلى القول إن وجهة النظر الأخيرة هي التي تغلبت في النهاية، وعبّرت عنها تصريحات وزير الخارجية أنتوني بلينكن، «غير المعهودة» من كبير الدبلوماسيين، حين تكلّم عن «العدالة» التي نفّذت بحق نصر الله.

الضغط العسكري يدعم الدبلوماسية

يوم الاثنين الماضي، قال ماثيو ميللر، الناطق باسم الخارجية للصحافيين: «نحن بالطبع نواصل دعم وقف إطلاق النار، ولكن في الوقت نفسه، هناك أمران آخران صحيحان أيضاً: الضغط العسكري يمكن في بعض الأحيان أن يمكّن الدبلوماسية. وطبعاً، قد يؤدي أيضاً إلى سوء التقدير... يمكن أن يؤدي إلى عواقب غير مقصودة، ونحن نتحادث مع إسرائيل حول كل هذه العوامل الآن».

وحقاً، حتى الاتفاق الذي قيل إنه حصل بين أميركا وفرنسا وإسرائيل ودول عدة توصُّلاً إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، لمدة 3 أسابيع، بدا أن واشنطن قد تخلت عنه.

هذا ما بدا بعدما رأى مسؤولون في إدارة بايدن أن إسرائيل تحاول توجيه ضربة حاسمة لـ«حزب الله» عبر اغتيال زعيمه، بعد الضربات الساحقة التي نفّذتها على امتداد الأشهر الماضية، وتوجّت بما سُمي بهجوم «البيجر»، وبتصفية العديد من قياداته العليا والوسطى.

ورغم اتهام بنيامين نتنياهو بأنه هو الذي عاد عن الاتفاق الذي وافق عليه، فإن «الصمت» الأميركي الذي تلا اغتيال نصر الله، كاد يؤدي إلى تأجيل حتى إلغاء زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى لبنان، التي أصرّ قصر الإليزيه عليها في نهاية المطاف، تعبيراً عن «غضب» فرنسا، الذي قابلته إسرائيل بقصف هدف في العاصمة بيروت، للمرة الأولى يوم الأحد الماضي.

الحسم في تفكيك بنية «حزب الله»

بعدها، يوم الاثنين، في إشارة واضحة لحسم التردد ودعم العملية الإسرائيلية، قال «البنتاغون» إن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اتفق مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت «على ضرورة تفكيك البنية التحتية الهجومية على طول الحدود الشمالية لإسرائيل، لضمان عجز (حزب الله) عن شنّ هجمات على غرار هجمات 7 أكتوبر على المجتمعات الإسرائيلية في تلك المنطقة». وأردف «البنتاغون» أن أوستن «راجع التطورات الأمنية والعمليات الإسرائيلية» مع غالانت، وأكد مجدداً «دعم الولايات المتحدة لحقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إيران و(حزب الله) و(حماس) والحوثيين وغيرها من المنظمات الإرهابية المدعومة من إيران».

ورغم تأكيد أوستن على أهمية «التحول في نهاية المطاف من العمليات العسكرية إلى المسار الدبلوماسي لتوفير الأمن والاستقرار في أقرب وقت ممكن»، فإنه أوضح أن واشنطن في وضع جيد للدفاع عن أفرادها وشركائها وحلفائها في مواجهة تهديدات إيران والمنظمات الإرهابية المدعومة منها، وأنها عازمة على منع أي جهة فاعلة من استغلال التوترات أو توسيع الصراع. كذلك ناقش أوستن مع غالانت ما سمّاه «العواقب الوخيمة» التي ستتحمّلها إيران في حال اختارت شنّ هجوم عسكري مباشر ضد إسرائيل.

ومقابل تركيز إدارة بايدن كثيراً من مساعيها منذ ما يقرب من سنة على منع التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»، أعجب بعض المسؤولين بالإنجازات الإسرائيلية. ومع شلل الحزب وتراجع قدراته «الإقليمية»، بات هؤلاء يعتقدون أن الوضع بات الآن مختلفاً تماماً، مشيرين إلى أن إسرائيل في أقوى موقف لها منذ بدأ الجانبان تبادل إطلاق النار منذ 8 أكتوبر بعد فتح «جبهة الإسناد» لغزة.

ولكن، مع ذلك، قال مسؤولون كبار إنهم كانوا ينصحون إسرائيل بألّا تشنّ غزواً برّياً للبنان، ويحذرون من أن خطوة كهذه يمكن أن تأتي بنتائج عكسية، تتمثّل ببناء الدعم السياسي لـ«حزب الله» داخل لبنان وإطلاق العنان لعواقب غير متوقعة على المدنيين والتدخل الإيراني.

لا كلام عن وقف التصعيد

من جهة ثانية، مع الهجمات الصاروخية الإيرانية «المحسوبة» ضد إسرائيل، رداً على قتل إسماعيل هنية وحسن نصر الله، بدا لافتاً أن الرئيس بايدن لم يتكلّم - للمرة الأولى - عن ضرورة «وقف التصعيد» و«ضبط النفس». بل العكس، أكّد أن واشنطن «تدعم بالكامل» إسرائيل بعد الهجوم الذي جرى صدّه بدعم أميركي و«أثبت انعدام فاعليته»، وأن المناقشات مستمرة مع إسرائيل بشأن الردّ، مضيفاً أن «العواقب على إيران لم تُحدد بعد».

موقف بايدن لم يكن وحيداً، إذ اندفع المشرّعون الأميركيون من الحزبين مؤيدين مواقف أكثر حزماً من إيران، وداعين إلى تبني سلسلة من التدابير المحددة والمصمّمة لشلّ القوى العسكرية لطهران ووكلائها، وإلى تمرير تمويل إضافي لإسرائيل في أعقاب هجوم إيران.

وبالفعل، يرى كثرة من المسؤولين الأميركيين اليوم، أن إدارة بايدن تحوّلت من محاولة منع اتساع حرب غزة إلى إدارة «الحرب الشاملة»، في ظل رؤية غدت موحّدة مع إسرائيل تجاه الأهداف المأمول تنفيذها. وتساءلت صحيفة «النيويورك تايمز» عن المدى الذي يمكن أن تبلغه الحرب، وما إذا كانت الولايات المتحدة ستنخرط فيها بشكل مباشر، في ظل مخاوف من احتمال أن ترد إسرائيل على صواريخ إيران باستهداف منشآتها النووية، ما قد يؤدي إلى خروج الحرب عن السيطرة.

لكن بايدن عاد وأوضح، يوم الأربعاء، أنه لا يدعم أي استهداف إسرائيلي للبرنامج النووي الإيراني، فاتحاً المجال أمام تكهنات عن بدء مفاوضات للتوصل إلى تسوية بين الطرفين. وهذا، بالتوازي مع تقديم مزيد من المساعدات لإسرائيل لإنهاء الحرب ضد «حماس» في غزة، والتصدّي للهجمات التي تنفذها جماعة الحوثي في اليمن ضد إسرائيل والملاحة في البحر الأحمر والمضائق الدولية القريبة، ودعم غزوها البرّي للبنان «لتفكيك البنية التحتية» لـ«حزب الله».

تساؤلات مع تغيير أميركا نبرتها واستراتيجيتها

> وسط تحذيرات من أن يكون لبنان هو ساحة «الحرب الشاملة» بين إسرائيل وإيران، أشار مسؤول أميركي كبير إلى المشاورات الواسعة النطاق مع إسرائيل، بما في ذلك مع مكتب بنيامين نتنياهو لصوغ الاستجابة المناسبة، من دون أن يشير إلى «الخلافات» القديمة بين الرئيس جو بايدن ونتنياهو على طريقة تعامل إسرائيل مع حرب غزة، وانتقال المعركة إلى لبنان. وأضاف المسؤول: «لكن بعد دخول إيران المعركة بشكل مباشر، التي تشكل (تهديداً مدمراً) لإسرائيل، تغيّرت نبرة أميركا واستراتيجيتها». أما «النيويورك تايمز» فنقلت عن جوناثان بانيكوف، مدير «مبادرة سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي»، قوله إن «الحرب الشاملة حتى الحرب الأكثر محدودية، يمكن أن تكون مدمّرة للبنان وإسرائيل والمنطقة. ولكن من خلالها ستأتي فرص غير متوقعة أيضاً لتقويض النفوذ الإيراني الخبيث في المنطقة، من خلال عرقلة جهودها لإعادة تشكيل (حزب الله)، مثلاً. وبالتالي، ينبغي للإدارة الجديدة أن تكون جاهزة للاستفادة من هذه الفرص». لكن مع المفاجأة التي تعرّضت لها إسرائيل أخيراً خلال «توغّلاتها» البرّية، وسقوط العديد من جنودها بين قتيل وجريح من قبل مقاتلي (حزب الله)، طرح العديد من التساؤلات... منها عمّا إذا كانت ستعيد النظر بخططها العسكرية وبحساباتها فيما يتعلق بكيفية إقامتها «المنطقة العازلة» في جنوب لبنان، تطبيقاً للقرار 1701؟ وأيضاً، هل ستكثّف قصفها الوحشي والتدميري، بما يؤدي بتلك التوغّلات إلى احتلال جديد، أو تحويل المنطقة إلى «أرض محروقة»؟ وهل سيكون متاحاً مرة أخرى أمام الحزب واللبنانيين عموماً، إعادة تنظيم «مقاومة» ما، على قاعدة توافق سياسي ينهي سلطة «حزب الله» لمصلحة الدولة... أم أن المقوّمات مستعصية في ظل الانهيار السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه لبنان؟