زيارة مودي في حسابات «مثلث» المطامح والمخاوف العالمية

تفاهمات أميركية ــ هندية... لكن العيون على الصين

بايدن ومودي في البيت الأبيض (أ.ب)
بايدن ومودي في البيت الأبيض (أ.ب)
TT

زيارة مودي في حسابات «مثلث» المطامح والمخاوف العالمية

بايدن ومودي في البيت الأبيض (أ.ب)
بايدن ومودي في البيت الأبيض (أ.ب)

اختتم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الأسبوع الماضي، زيارة رسمية تاريخية إلى الولايات المتحدة يتوقع مراقبون من الجانبين، أن تدشن فصلاً جديداً في العلاقات بين البلدين. والملاحظ أنه خلال العقدين الماضيين، انتقلت العلاقات بين نيودلهي وواشنطن من الاستياء خلال حقبة الحرب الباردة إلى التعاون الكامل. وخلال مراسم الاستقبال، جرى إطلاق 21 طلقة احتفاءً بمودي، وأقيمت مأدبتا عشاء ـ إحداهما حميمية والأخرى رسمية ـ على شرف رئيس الوزراء الهندي، بجانب لقائه كبار المديرين التنفيذيين. كذلك شهدت الزيارة توقيع قائمة طويلة من الاتفاقات لشراء محرّكات أميركية للاستعانة بها بطائرات مقاتلة هندية جديدة محلية الصنع، وبناء مصنع ضخم لإنتاج أشباه الموصلات. وتشكل هذه الاتفاقات بداية فصل جديد مذهل من العلاقات القوية بين الجانبين، ومحاولة واضحة منهما لاحتواء الصين.

سبق لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أن زار الولايات المتحدة خمس مرات منذ توليه منصبه عام 2014. ومع هذا، تعدّ زيارته الأخيرة أول «زيارة رسمية» له إلى واشنطن، وفيها أصبح مودي ثالث رجل دولة يلقي كلمة أمام جلسة مشتركة للكونغرس الأميركي للمرة الثانية.

أكثر من هذا، بات مودي ثالث زعيم عالمي توجّه له الدعوة لإجراء زيارة رسمية لواشنطن إبان فترة رئاسة الرئيس جو بايدن، بعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول. ويُذكر أنه قبل توليه قيادة الهند عام 2014، رفضت واشنطن منحه تأشيرة دخول بسبب اتهامه بالتورط أعمال عنف شغب معادية للمسلمين عندما كان رئيساً لحكومة ولاية غُجرات.

الجنرال الهندي المتقاعد جي. دي. باكشي أعرب عن اعتقاده بأن زيارة مودي للولايات المتحدة غير مسبوقة، وأردف: «إذ لم يسبق إعداد مثل هذا الاستقبال لرئيس وزراء هندي... بل لم يحظ بهذا المستوى الرفيع من الاحتفاء سوى عدد قليل للغاية من قادة العالم». وتابع: «الرسالة الواضحة إلى العالم من وراء هذا الترحيب الكبير، أن ثمة تحوّلاً واضحاً في المعادلات الجيوسياسية على مستوى العالم، يبيّن صعود الهند كلاعب رئيسي، ويؤشر إلى استمرار تنامي نفوذها بشرط نجاح الدولة في تحقيق نمو بنسبة 7 ـ 8 في المائة على مدى العقدين المقبلين».

نيات الصين تجاه تايوان... هاجس الجميع (أ.ب)

من ناحية ثانية، عقد محللون مقارنة بين مودي وبايدن لما كان عليه الوضع بين الزعيم الصيني ماو تسي تونغ عام 1972 والرئيس الأميركي - يومذاك ريتشارد نيكسون. والقصد قدرة الزعيمين على تغيير قواعد اللعبة خلال الحرب الباردة يومذها في مواجهة روسيا، والآن الصين. ومع أن بكين لم تتحول قط حليفاً لواشنطن خلال «شهر العسل» السياسي بينهما في السبعينات والثمانينات، تظل الحقيقة أنها لعبت دوراً حاسماً ضد السوفيات.

في هذا الصدد، شرح آرفيند باناغاريا، النائب السابق لرئيس لجنة التخطيط الهندية: «تذكرون ما حدث عندما وضع ريتشارد نيكسون رهاناته على الصين وما أعقب ذلك. نهضت الصين على الصعيدين الجيوسياسي والاقتصادي. كان هدف الولايات المتحدة محاصرة الاتحاد السوفياتي الموحّد آنذاك».

ولكن الولايات المتحدة ليست وحدها التي تبسط السجادة الحمراء لمودي؛ إذ تلقى الزعيم الهندي دعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليكون «ضيف شرف» خلال احتفالات يوم الباستيل (اليوم الوطني لفرنسا)، الشهر المقبل. أيضاً، مع ختام رحلته إلى الولايات المتحدة، زار مودي مصر، ونال وسط الترحيب أعلى وسام شرف مصري هو «قلادة النيل».

هدف احتواء الصينلقد تغيرت الأمور كثيراً منذ نهاية الحرب الباردة. واليوم، تنظر إدارة بايدن إلى بكين باعتبارها أخطر منافس لواشنطن على المدى الطويل، على الرغم من الجهود المستمرة لإدارة التوترات بين البلدين. وهذا بينما يتساءل البعض عن سبب «مبالغة» واشنطن في استرضاء الهند؟

في الواقع، يشكل أحد العوامل الرئيسية التي تضفي أهمية على زيارة مودي الرسمية لواشنطن، الصعود غير المسبوق للصين، والتحدي الذي يوجهه إلا الهيمنة الأميركية على الشؤون العالمية. واللافت، أن بكين عمدت من جانبها إلى محاولة استغلال جميع نقاط الضعف في الدبلوماسية الأميركية، فمثلاً، في الشرق الأوسط، اضطلعت بكين بدور الوسيط في اتفاق سلام بين المملكة العربية السعودية وإيران. وفي الوقت ذاته، تتودد بكين إلى الفلسطينيين؛ لتبعث بذلك بإشارة إلى كل العرب.

بجانب ذلك، حرصت بكين وتحرص على توسيع دائرة علاقاتها داخل إفريقيا وأميركا اللاتينية. ثم أنها أرسلت رئيس الوزراء لي تشيانغ إلى ألمانيا وفرنسا، هذا الأسبوع؛ لتذكير الأوروبيين بأن اقتصاداتهم مرتبطة بالصين، وأن الأفضل لهم التخلص من المخاطر التي تهدّد علاقاتهم بها. وعليه، يعتقد محللون أن إدارة بايدن ترغب في استغلال نيودلهي في تطويق بكين.

في هذا السياق، أوضح أشواني ماهاجان، البروفسور بجامعة دلهي، أن «زيارة مودي الأميركية اكتسبت أهمية إضافية كذلك بالنظر إلى حقيقة أن الولايات المتحدة تواجه اليوم تحديات هائلة - اقتصادية ودبلوماسية واستراتيجية. وينظر العالم إلى الهند باعتبارها قوة فاعلة ومهمة، لها دورها على الساحة الاقتصادية العالمية اليوم. بعدما كان للدولار الأميركي الهيمنة على الساحة العالمية، بسيطرته على 70 في المائة من احتياطيات العملات الأجنبية عالمياً... اليوم، تراجعت هذه النسبة إلى نحو 54 في المائة. وبالفعل، تعاني الولايات المتحدة راهناً من أسوأ موجة تضخم خلال القرن. وكذلك تلاشت مكانتها كـ(زعيمة) العالم بشكل كبير بعد انسحابها المفاجئ من أفغانستان، وصعود حكومة أصولية هناك. ورغم وجود مرارة بين نيودلهي وواشنطن بخصوص عدد من القضايا، تظل الهند شريكاً مهماً جداً للولايات المتحدة».

على صعيد موازٍ، وقبل أيام من زيارة مودي، التقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الرئيس الصيني شي جينبينغ في بكين. وقال بلينكن: إن البلدين اتفقا على «استقرار» العلاقات التي تدهورت على نحو بالغ، لكن طلبه تنظيم «اتصالات أفضل بين جيشيهما» لم يلقَ آذاناً صاغية. وأعلن الوزير الأميركي بعد لقاء شي أن بكين ليست مستعدة لاستئناف الاتصالات العسكرية؛ الأمر الذي تعدّه واشنطن شرطاً حيوية لتجنب سوء التقدير والصراع، خاصة في ما يتعلق بتايوان.

في أي حال تظل زيارتا مودي وبلينكن على تناقض صارخ؛ ففي حين تتعزز الثقة الاستراتيجية بين نيودلهي وواشنطن ويزداد زخم العلاقات بينهما على مر السنوات، تبدو الشكوك الاستراتيجية بين واشنطن وبكين، مع ما يحمله ذلك من مخاطر محتملة، علنية وواضحة للجميع.

وفي هذا الصدد، علق الكاتب الصحافي الهندي شوباجيت روي قائلاً: إن زيارة مودي الرسمية للولايات المتحدة - التي استمرت ثلاثة أيام - شهدت محاولات من جانب إدارة بايدن لتقريب نيودلهي من سياساتها التي تركز على ما يطلق عليه احتواء الصين. واليوم، تجاوزت الهند الصين من حيث عدد السكان، ومتوسط سن شعبها أصغر بعشر سنوات عن الصين. أضف إلى ذلك أن اللغة الإنجليزية لغة رسمية للهند، وتمارس محاكمها القانون العام، وهي دولة تقوم على نظام ديمقراطي.

بالتالي، ترتبط المعاملة الخاصة التي حظي بها مودي في واشنطن، بالسياسة الخارجية لإدارة بايدن التي تتمحور حول الصين بشكل متزايد، ومحاولاتها «احتواء» صعود بكين في ظل التوترات الواضحة الهندية - الصينية. وعلى الرغم من إغفال ذكر الصين بشكل واضح خلال زيارة مودي الأميركية، بعثت الزيارة إشارة «قوية» إلى بكين ولو بطريقة هادئة ودقيقة. وأعرب الزعيم الهندي بوضوح في خطابه أمام الكونغرس الأميركي عن تأييده «منطقة المحيطين الهندي والهادي الحرة والمفتوحة والشاملة»، وسط تصفيق المشرعين الأميركيين.

الهند أيضاً منشغلة بالصينإن ما تغيّر بشكل واضح خلال العقد الماضي، نظرة الهند إلى الصين باعتبارها مصدر تهديد. وما يستحق الإشارة هنا، أن الهند والصين دخلتا في أزمة عسكرية على طول حدودهما البالغ طولها 3500 كيلومتر لأكثر عن ثلاث سنوات. وأدى اقتحام القوات الصينية أراضي منطقة لداخ عام 2020 إلى اشتعال اشتباكات دامية بين الجانبين، أسفرت عن مقتل العشرات من الجنود. ثم أن نظرة الرأي العام في الهند تجاه الصين تعد راهناً الأسوأ منذ حرب عام 1962. وما أعطى الوضوح الاستراتيجي لنيودلهي هو السلوك العدواني للصين على طول الحدود.

وفي هذا صدد، أوضح البروفسور آرفيند كومار، من كلية الدراسات الدولية بجامعة جواهرلال نهرو، أن «الاشتباكات بين الصين والهند على طول حدودهما، حوّلت أكبر دولتين في العالم من حيث عدد السكان إلى متنافسين مرة أخرى داخل منطقتي المحيطين الهندي والهادي. التنافس العائد هذا - بعد عقود من الهدوء بين الجانبين - أدى إلى تقارب المصالح الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والهند». وأضاف: «من ناحية أخرى، كشفت الحرب في أوكرانيا عن ضعف روسيا، ووفّرت للهند بعض عمليات التحقق من الواقع. وأثار ما يقرب من سنة ونصف السنة من القتال، شكوكاً جدية في قوة منظومة الدفاع الروسي. واليوم، بات لدى الهند، التي تعتمد بشكل كبير على الإمدادات الدفاعية من روسيا، أسباب تدعو للقلق. إذ تدرك نيودلهي اليوم بصورة لا لبس فيها أنها في حاجة إلى الولايات المتحدة والغرب لضمان استمرار نموها وتطورها. وعلى امتداد التاريخ المعاصر، نهضت كل قوة عظمى تقريباً بمساعدة الولايات المتحدة ـ وتعد اليابان وألمانيا ودول أخرى في أوروبا الغربية أمثلة كاشفة على ذلك».

وفي هذه الأثناء، نرى اقتصاد الهند على مسار تصاعدي؛ ولذا اتخذت نيودلهي قراراً استراتيجياً بالمضي قدماً في تعزيز علاقاتها مع واشنطن، للاستفادة من التفوق الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري لأغنى وأقوى دولة بالعالم. ولكن، مع ذلك، لا تغفل نيودلهي في المقابل، أهمية العلاقات الاقتصادية والعسكرية العميقة مع اليابان وفيتنام وكوريا الجنوبية ـ وجميعهم شركاء في مجموعة جديدة لحلفاء واشنطن في مواجهة الصين.

المشهد الجيوسياسي الآسيويالكاتب الصحافي الهندي رجا موهان يرى «أن التفاؤل بالتفاهم بين مودي وبايدن يرسم ملامح تطور في المشهد الجيوسياسي الآسيوي، بعدما خضع في الآونة الأخيرة للهيمنة الصينية التي بدت حتمية. فاليوم، تساعد الشراكة الدفاعية الجديدة بين نيودلهي وواشنطن على تصوّر آسيا غير خاضعة لهيمنة أي قوة واحدة بمفردها. ويجب أن يكون جلياً أن ميثاق الدفاع بين الهند والولايات المتحدة ليس محاولة لاحتواء، بل محاولة لبناء (آسيا متعددة الأقطاب) تتمتع بقدرات ردع كافية، وضمان احترام سيادة وسلامة أراضي جميع الدول في المنطقة».

وبالفعل، لدى كل من نيودلهي وواشنطن مصلحة كبرى في بناء علاقات مثمرة مع بكين. ويعكس تعامل نيودلهي الصبور مع بكين على مدى السنوات الثلاث الماضية لاستعادة السلام والهدوء على الحدود المتنازع عليها بينهما، هذا النهج. ففي الماضي، وُصف التعاون الهندي - الأميركي بعبارات مثل «الديمقراطيتان المتخاصمتان» و«العقود الضائعة» و«الحليفان المستحيلان». وتركزت أسباب عجز نيودلهي وواشنطن عن بناء علاقة ثنائية مثمرة في الماضي على الخلاف العميق حول النظام الجيوسياسي المفضل داخل آسيا.

صفقات الأعمال والدفاعاليوم، من شأن الاتفاقات التجارية المبرمة حديثاً بين الهند والولايات المتحدة، تغيير قواعد اللعبة. فمن جهة توفر الهند سوقاً ضخمة ووجهة استثمارية ممتازة للولايات المتحدة، ودعماً جيداً للبنية التحتية. وستظل مسألة التشارك التكنولوجي محورية للمصالح الثنائية.

ومن بين الاتفاقات الكثيرة الكبرى التي أبرمت خلال زيارة مودي، اتفاق يرتبط بتصنيع محرّكات الطائرات المقاتلة من شركة «جنرال إلكتريك» في الهند، وشراء طائرات «جنرال أتوميكس» المسلحة من دون طيار. وتتسم هذه الصفقات بأهمية بالغة، خاصة أن الهند لطالما رغبت في امتلاك هذه العناصر التي يمكن أن تعينها على كشف ومواجهة تحركات الجيش الصيني. وتتضمن صفقة «جنرال إلكتريك»، التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، تأمين تكنولوجيا محركات نفاثة متطورة لم يسبق لواشنطن التشارك فيها حتى مع حلفائها، ولديها القدرة على ربط الصناعات الدفاعية للبلدين لسنوات عديدة مقبلة.

أيضاً، على الصعيد التكنولوجي، ثمة إعلان مهم آخر يرتبط بشركة «مايكرون تكنولوجي»، أكبر شركة لتصنيع شرائح الذاكرة في الولايات المتحدة. وهي الصفقة التي تمثل أول استثمار ضخم من قِبل شركة أميركية في إطار «المهمة الوطنية المعنية بأشباه الموصلات» التي أعلنتها الإدارة الأميركية، في محاولة لإعادة التوازن إلى سلاسل التوريد بعيداً عن الصين.

وفي تعليق له، قال آرفيند سوبرامانيان، كبير المستشارين الاقتصاديين لمودي بين 2014 و2018، والزميل حالياً في جامعة براون الأميركية: إنه «من المنظور الهندي، تحقق هذه المبادرات هدفين كبيرين». وأوضح في تصريح نقلته صحيفة الـ«واشنطن بوست»، أن «صفقة (جنرال إلكتريك)، على سبيل المثال، جزء من جهد طويل الأمد لوقف اعتماد الهند على روسيا فيما يخص واردات المعدات العسكرية. كما يخدم مصنع الرقائق وصفقات الدفاع هدف نيودلهي المتمثل في تنشيط قطاع التصنيع المحتضر لديها. وسعياً لجذب الاستثمارات الأجنبية؛ أطلقت الحكومة منذ سنوات عدة برنامجاً ضخماً للدعم - في اللحظة ذاتها التي كان مستثمرون يبحثون عن مواقع بديلة للصين في خضم الجائحة».

ختاماً، تدرك حكومة مودي، من جهتها، أنه كي تتمكن من منافسة الصين، التي أطلقت حملة تحديث عسكري استمرت لعقود، فإنها تحتاج إلى معرفة كيفية تعزيز الشركات التكنولوجيا الناشئة؛ كي تتمكن من تصميم التكنولوجيات على نطاق عسكري.

وانغ يي (رويترز)

ثورة غضب صينية على «أمنيات» واشنطن

> وصفت وسائل الإعلام الصينية الحماسة الأميركية تجاه الهند بأنها «تفكير قائم على الأمنيات». ومعلوم أن بكين تدعم حالياً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قضية يفغيني بريغوجين. وفي الوقت عينه، ثمة أزمة تجابه «الهدنة» بين واشنطن وبكين بعد وصف الرئيس الأميركي نظيره الصيني شي جينبينغ، بـ«الديكتاتور».

الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية قال أخيراً: «يجب ألا يقوض التعاون العسكري بين الدول السلام والاستقرار الإقليميين، أو استهداف أي طرف ثالث، أو حتى الإضرار بمصالح أي طرف ثالث». وجاء هذا بعد أيام من توقيع الاتفاقيات الدفاعية والتجارية بين نيودلهي وواشنطن.

ايضاً، قبل زيارة مودي للولايات المتحدة، انتقدت وسائل الإعلام المملوكة للدولة في الصين، المواقف الأميركية التي «تدفع بالهند وتكثف جهودها لعرقلة التقدم الاقتصادي للصين». وفي مقال رأي نشرته «غلوبال تايمز»، عدّ وانغ يي، المفوض الأعلى للشؤون الخارجية في الصين، أن الحسابات الجيوسياسية للولايات المتحدة دفعت جهودها لتعزيز التفاعلات الاقتصادية والتجارية مع الهند. وفصّل وانغ «ليس من الصعب قراءة الحسابات الجيوسياسية الأميركية. إن الغاية الأساسية من جهود واشنطن النشطة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع الهند في المقام الأول، إبطاء وتيرة التنمية الاقتصادية للصين. ومع ذلك، هذه الحسابات الجيوسياسية الأميركية محكوم عليها بالفشل؛ لأن مكانة الصين في سلسلة التوريد العالمية يستحيل الاستعاضة عنها بالهند أو أي اقتصاد آخر».

وفي هذا السياق، قال ليو زونغيي، الباحث في معهد شانغهاي للدراسات الدولية في الصين: إن «لدى الهند شهية كبيرة للغاية، وهي تريد كل شيء. أما حيال ما إذا كان بمقدورها التهام كل ذلك، فهذه مسألة أخرى».

 

اليوم... تنظر إدارة بايدن إلى بكين باعتبارها أخطر منافس لواشنطن على المدى الطويل

شكوك أميركية بجدية التحالف مع الهند > رغم التقارب المأمول، تستمر الشكوك داخل أوساط مراكز الأبحاث الأميركية بخصوص فرص تحول الهند إلى حليف رسمي للولايات المتحدة. والمعروف أن الهند رفضت الانضمام إلى الغرب في جهود عزل روسيا بسبب حربها في أوكرانيا.

ولقد حذّر آشلي تيليس، أحد «مهندسي» اتفاقية التعاون في مجال الطاقة النووية المدنية مع الهند في عهد إدارة جورج بوش الابن - التي شكّلت الأساس لسنوات من التعاون لاحقاً مع نيودلهي - الشهر الماضي، من أن الولايات المتحدة تخوض «رهاناً رديئاً» بخصوص مودي.

وكتب في دورية «فورين أفيرز» قائلاً: «لقد قاومت الهند دوماً الانجرار إلى تحالفات منظمة، لكنها تصدّر نفسها الآن كقائدة للعالم النامي. أضف إلى ذلك أن سياساتها تتعارض، أحياناً، مع سياسات الولايات المتحدة، وعلى سبيل المثال، كانت نيودلهي عميلاً زبوناً للنفط الرخيص من روسيا، على الرغم العقوبات المفروضة ضد الأخيرة بسبب غزوها أوكرانيا».

وعدّ تيليس أنه «من غير المحتمل» رغم تعزيز العلاقات الدفاعية الهندية - الأميركية، أن تصطف نيودلهي مع واشنطن في مواجهة عسكرية مع الصين بخصوص تايوان أو في بحر الصين الجنوبي، ما دام أن الأمر لا يهدد أمنها بشكل مباشر.

 


مقالات ذات صلة

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

العالم القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية.

المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)

مرشحة ترمب لوزارة التعليم مُتهمة بـ«تمكين الاعتداء الجنسي على الأطفال»

لا تزال الاتهامات تلاحق الفريق الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب لتشكيل إدارته؛ حيث زعمت دعوى قضائية أن ليندا مكماهون سمحت بالاعتداء الجنسي على الأطفال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

أمر القاضي في قضية الاحتيال المالي ضد دونالد ترمب، الجمعة، بتأجيل النطق بالحكم إلى أجل غير مسمى، ما يمثل انتصاراً قانونياً للرئيس المنتخب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

«الشرق الأوسط» (برلين)

دوما بوكو... رئيس بوتسوانا «العنيد» يواجه تحديات «البطالة والتمرد»

دوما بوكو
دوما بوكو
TT

دوما بوكو... رئيس بوتسوانا «العنيد» يواجه تحديات «البطالة والتمرد»

دوما بوكو
دوما بوكو

لا يختلف متابعو ملفات انتقال السلطة في أفريقيا، على أن العناد مفتاح سحري لشخصية المحامي والحقوقي اليساري دوما بوكو (54 سنة)، الذي أصبح رئيساً لبوتسوانا، إثر فوزه في الانتخابات الرئاسية بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. «عناد» الرئيس الجديد قاده، وعلى نحو مذهل، لإزاحة خصمه الرئيس السابق موكغويتسي ماسيسي ومن خلفه حزب قويّ هيمن على السلطة قرابة 6 عقود مرّت على استقلال بوتسوانا. ويبدو أن وعورة طريق بوكو إلى الانتصار لن تحجب حقيقة أن وديعة الفقر والفساد والبطالة و«تمرّد الاستخبارات»، التي خلفها سلفه ماسيسي، ستكون أخطر الألغام التي تعترض مهمة بوكو، الذي دشّن مع بلاده تداولاً غير مسبوق للسلطة، في بلد حبيسة جغرافياً، اقترن فيها الفقر مع إنتاج الماس.

إلى جانب «العناد في ساحة القتال» والتواضع المُقترن بالثقة في النفس، يبدو أن رهان الانتصار للفقراء والطبقات الدنيا هو المحرّك الرئيسي في المسارات المتوقعة للرئيس البوتسواني الجديد دوما بوكو. وبالفعل، لم يبالغ الرئيس المنتخب في أول تصريحاته لوسائل الإعلام عندما خاطب شعبه قائلاً: «أتعهد بأنني سأبذل قصارى جهدي وعندما أفشل وأخطئ، سأتطلع إليكم للحصول على التوجيه».

هذه الكلمات قوبلت باهتمام واسع من جانب مراقبين، بعد أداء بوكو (54 سنة) اليمين الدستورية أمام حشد من آلاف من الأشخاص في الاستاد الوطني بالعاصمة خابوروني، في مراسم حضرها قادة مدغشقر، وناميبيا، وزامبيا وزيمبابوي، وبدأت معها التساؤلات عن مستقبل بوتسوانا.

من هو دوما بوكو؟

وُلد دوما جديون بوكو عام 1969، في قرية ماهالابي الصغيرة التي تبعد 200 كلم عن العاصمة خابوروني، وترعرع وسط أسرة متواضعة، لكن اللافت أنه كان «يتمتع بثقة عالية في النفس واحترام أهله وذويه في طفولته وصباه»، وفق كلام لأقاربه لوسائل إعلام محلية. وهذه الصفات الإيجابية المبكرة، اقترنت لدى الرئيس الجديد بـ«إيمان عميق بالعدالة»، وفق عمته، وربما أكسبته هذه الصفات ثقة زملاء الدراسة الذين انتخبوه رئيساً لاتحاد الطلاب في المدرسة الثانوية.

أكاديمياً، درس بوكو القانون في جامعة بوتسوانا، لكنه - بعكس أقرانه اليساريين في العالم - كان منفتحاً على إكمال دراسته القانونية في الولايات المتحدة، وبالذات في كلية الحقوق بجامعة هارفارد العريقة، حيث تشربت ميوله اليسارية بـ«أفكار ديمقراطية» انعكست على مستقبله السياسي. أما عن المشوار المهني، فقد ذاع صيت بوكو بوصفه أحد ألمع محامين بوتسوانا.

مشوار التغيير

نقطة التحول في رحلة الرئيس الجديد باتجاه القصر الرئاسي، بدأت بتوليه زعامة حزب «جبهة بوتسوانا الوطنية» عام 2010.

يومذاك، كانت «الجبهة» تتمسك بأفكار شيوعية تلاشت مع أفول شمس الإمبراطورية السوفياتية، إلا أن بوكو بحنكته وواقعيته، مال بها نحو اشتراكية «يسار الوسط». ولم يتوقف طموح بوكو عند هذه النقطة، بل خطا خطوة غير مسبوقة بتشكيله ائتلاف «مظلة التغيير الديمقراطي» عام 2012، وهو تحالف من الأحزاب المعارضة للحكومة بينها «الجبهة». وأطلق بهذا الائتلاف عملياً «شرارة» التغيير بعد إحباط طويل من هزائم المعارضة أمام الحزب الديمقراطي البوتسواني، المحافظ،، الذي حكم البلاد منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1966.

طوال 12 سنة، لعب المحامي اليساري الديمقراطي بوكو دوراً حاسماً في قيادة الائتلاف، ولم ييأس أو يستسلم أو يقدم تنازلات على الرغم من الهزائم التي لحقت بالائتلاف.

وفي غمار حملة الدعاية بانتخابات الرئاسة البوتسوانية الأخيرة، كان المحللون ووسائل الإعلام منشغلين بانعكاسات خلاف قديم بين الرئيس (السابق) ماسيسي وسلفه الرئيس الأسبق إيان خاما، في حين ركّز بوكو طوال حملته على استقطاب شرائح من الطبقات الدُّنيا في بلد يفترسه الفقر والبطالة، وشدّدت تعهدات حملته الانتخابية عن دفاع قوي عن الطبقات الاقتصادية الدنيا في المجتمع وتعاطف بالغ معها.

ووفق كلام الصحافي إنوسنت سيلاتلهوا لـ«هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) كان بوكو «يناشد أنصاره الاقتراب من الناس والاستماع إلى شكاواهم». وبجانب أن أسلوب الرئيس الجديد - الذي استبعد الترشح لعضوية البرلمان) - كان «جذاباً وودوداً دائماً» مع الفقراء وطبقات الشباب، حسب سيلاتلهوا، فإن عاملاً آخر رجَّح كفّته وأوصله إلى سدة السلطة هو عودة الرئيس الأسبق خاما إلى بوتسوانا خلال سبتمبر (أيلول) الماضي من منفاه في جنوب أفريقيا، ليقود حملة إزاحة غريمه ماسيسي عبر صناديق الاقتراع.

انتصار مفاجئ

مع انقشاع غبار الحملات الانتخابية، لم يتوقع أكثر المتفائلين فوز ائتلاف بوكو اليساري «مظلة التغيير الديمقراطي» بالغالبية المطلقة في صناديق الاقتراع، وحصوله على 36 مقعداً برلماناً في انتخابات 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مقارنة بأربعة مقاعد فقط للحزب الديمقراطي. وبالتالي، وفق دستور بوتسوانا، يحق للحزب الذي يسيطر على البرلمان اختيار الرئيس وتشكيل حكومة جديدة. ولقد خاضت 6 أحزاب الانتخابات، وتقدم أربعة منها بمرشحين لرئاسة الجمهورية، في حين سعى ماسيسي لإعادة انتخابه لولاية ثانية رئيساً للدولة.

تكابد بوتسوانا التي يبلغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة

مستويات عالية جداً من البطالة نسبتها 27.6 % فضلاً

عن معدلات فقر تقترب نسبتها من 38 %

وبقدر ما كانت هذه الهزيمة صادمة للحزب الديمقراطي والرئيس السابق ماسيسي - الذي سارع بالاعتراف بالهزيمة في حفل التنصيب - فإنها فاجأت أيضاً بوكو نفسه، الذي اعترف بأنه فوجئ بالأرقام.

تعزيز العدالة الاجتماعية

لعل بين «أسرار» نجاح بوكو، التي رصدها ديفيد سيبودوبودو، المحلل السياسي والأستاذ في جامعة بوتسوانا، «بروزه زعيماً حريصة على تعزيز العدالة الاجتماعية». وفي مسار موازٍ رفعت أسهمه خبرته الحقوقية وخاصة حقوق قبيلة الباساروا (السان)، وهم السكان الأصليون في بوتسوانا، وفق موقع «أول أفريكا». هذا الأسبوع، دخلت وعود الرئيس الجديد محك التجربة في مواجهة مرحلة بلد يعاني مرحلة «شكوك اقتصادية»؛ إذ تكابد بوتسوانا التي يبلغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة، مستويات عالية جداً من البطالة تبلغ 27.6 في المائة، فضلاً عن معدلات فقر تقترب نسبتها من 38 في المائة، وفق أرقام رسمية واستطلاعات رأي. وخلص استطلاع حديث أجرته مؤسسة «أفروباروميتر» إلى أن البطالة هي مصدر القلق «الأكثر إلحاحاً» للمواطنين مقارنة بالقضايا الأخرى.

الأرقام السابقة تصطدم بوعود أعلنها بوكو برفع الراتب الأساسي وعلاوات الطلاب ومعاشات الشيخوخة، والاهتمام بشريحة الشباب، علماً بأن نحو 70 في المائة من سكان البلاد دون سن الـ35 سنة. ويتمثل التحدي الأكبر بتعهد الرئيس بـ«تنويع الاقتصاد» الذي يعتمد في 90 في المائة من صادراته على الماس. لذا؛ قال الباحث سيبودوبودو لموقع «أول أفريكا» شارحاً: «حكومة بوكو في حاجة إلى تحويل الاقتصاد بحيث يخلق فرص العمل، وهذا أمر صعب في خضم ركود سوق الماس، أكبر مصدر للدخل في البلاد». في المقابل، يرى المحلل السياسي ليسولي ماتشاشا أن الرئيس بوكو «شغوف بالمعرفة والتعليم، ولديه دائماً فهم جيد للشؤون والقضايا الداخلية الجارية في بوتسوانا... وكذلك فهو جاد في إصلاح البلاد».

... الدافع الحقوقي

وفي موازاة الهاجس الاقتصادي، يبدو أن الدافع الحقوقي سيشكل عنصراً مهماً في أجندة بوكو الرئاسية؛ إذ عبر في مقابلة مع «بي بي سي» عن عزمه منح إقامة مؤقَّتة وتصاريح عمل لآلاف المهاجرين الذين وصلوا خلال السنوات الأخيرة بشكل غير نظامي إلى البلاد من الجارة زيمبابوي. وفي معرض تبريره هذا القرار، أوضح بوكو: «إن المهاجرين يأتون من دون وثائق؛ ولذا فإنَّ حصولهم على الخدمات محدود، وما يفعلونه بعد ذلك هو العيش خارج القانون وارتكاب الجرائم». ثم تابع مستدركاً: «ما يجب علينا فعله هو تسوية أوضاعهم».

ترويض مديرية الاستخبارات

لكن، ربما تكون المهمة الأصعب للرئيس الجديد هي ترويض «مديرية الاستخبارات والأمن»، التي يرى البعض أنها تتعامل وكأنها «فوق القانون أو هي قانون في حد ذاتها».

وهنا يشير الباحث سيبودوبودو إلى تقارير تفيد بأن الاستخبارات عرقلت التحقيقات التي تجريها «مديرية مكافحة الفساد والجرائم الاقتصادية» في قضايا فساد، تتمثل في تربّح بعض أقارب الرئيس السابق من المناقصات الحكومية، وأنباء عن انخراط الجهاز الاستخباراتي في أدوار خارج نطاق صلاحياته، وتضارب عمله مع الشرطة ومديرية الفساد. «وبناءً على ذلك قد تبدو مهمة بوكو صعبة في إعادة ترتيب مؤسسات الدولية السيادية، علماً بأن (مديرية الاستخبارات والأمن) كانت مركز تناحر بين الرئيس السابق وسلفه إيان خاما، كما أن المؤسسات التي كان من المفترض أن توفر المساءلة، مثل (مديرية مكافحة الفساد) والسلطة القضائية، جرى إضعافها أو تعريضها للخطر في ظل صمت الرئيس السابق».أخيراً، من غير المستبعد أن يفرض سؤال محاكمات النظام السابق نفسه على أجندة أولويات الرئيس الجديد، وفق متابعين جيدي الاطلاع، مع الرئيس السابق الذي لم يتردد في الإقرار بهزيمته. بل، وأعلن، أثناء تسليم السلطة، مجدداً أن على حزبه «التعلم الآن كيف يكون أقلية معارضة».