هاكان فيدان... من «شاويش بلا مستقبل» إلى قيادة دبلوماسية الانفتاح على «الخصوم»

تركيا تفتح «الصندوق الأسود»

هاكان فيدان... من «شاويش بلا مستقبل» إلى قيادة دبلوماسية الانفتاح على «الخصوم»
TT

هاكان فيدان... من «شاويش بلا مستقبل» إلى قيادة دبلوماسية الانفتاح على «الخصوم»

هاكان فيدان... من «شاويش بلا مستقبل» إلى قيادة دبلوماسية الانفتاح على «الخصوم»

لم يكن مفاجئاً للعموم، تعيين رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان وزيراً في حكومة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الجديدة، إذ كان الجميع يعلم رغبة فيدان في العمل السياسي، منذ طلب من إردوغان أن يرشحه للانتخابات البرلمانية في عام 2015. إلا أن المفاجأة كانت - في نظر هؤلاء - في الحقيبة التي تولّاها؛ أي «الخارجية»، المتعارف عليها أنها للدبلوماسيين لا الأمنيين، مع أن عارفي فيدان عن قرب لم يُفاجأوا مطلقاً، بل هم يتوقعون له النجاح في إحداث نقلة نوعية بالسياسة الخارجية التركية، خصوصاً مع الدول التي تصنَّف في خانة «الخصوم».



كُتب الكثير عن «كره» إسرائيل لفيدان، الذي اتهمته صحيفة «واشنطن بوست» في 2013 بكشف هوية 10 جواسيس إسرائيليين لإيران لعلَّ أكثر الخطابات وضوحاً من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كان وصفه هاكان فيدان بـ«صندوقي الأسود وكاتم أسراري». وأضاف: «هو ومَن معه يشكلون مستقبل تركيا». وبالمناسبة، يعتقد أن فيدان كان أول من اكتشف مخطط الانقلاب على الحكم التركي في عام 2016، إذ يقول مسؤولون أتراك، قريبون من إردوغان، لـ«الشرق الأوسط»، إن فيدان حاول الوصول إلى الرئيس لتحذيره، إلا أنه لم يجده بسهولة؛ لكون الأخير في إجازة عائلية. وبناءً عليه، تواصل مع أحد أصهار إردوغان ونقل إليه الخبر. ويقال إن وزير الخارجية الجديد هو مَن نصح رئيسه بالظهور على وسائل التواصل الاجتماعي لتعبئة الجماهير، وقال له: «سنقاتلهم نحن حتى الموت، اذهب وتحدَّثْ للناس».

وخلافاً للانطباعات الأولى، يتحدث مصدر تركي عن سياسة جديدة في البلاد، في أيام دبلوماسية فيدان تُقارب النظام البريطاني، فوزير الخارجية آتٍ من الاستخبارات، ووزير الدفاع من المؤسسة العسكرية، أما وزير الداخلية فمن إدارة الحكم؛ أي من حكام الولايات. ويتوقع كثيرون نجاح فيدان في مهمته؛ «كونه يمتلك العلاقات والمعلومات»، ويعرف كيف يستثمرهما. يضاف إلى هذا الدورُ الخارجي الكبير الذي لعبه، خلال السنتين الماضيتين اللتين شهدتا تحولاً في السياسة التركية نحو «تصفير المشاكل» من جديد، لكن وفق آلية جديدة.

وحقّاً، كان فيدان «نقطة الوصل» والاتصال مع الدول التي ناصبت الحكومة التركية حكوماتها العداء كسوريا ومصر، كما مع بعض الدول التي تطبع علاقتها «التنافس» كإيران. وتقول مصادر متابعة للملف، لـ«الشرق الأوسط»، إنه هو مَن أطلق عملية تفاوض واسعة مع سوريا أخيراً أسفرت عن لقاءات قام بها شخصياً مع المسؤولين السوريين من دون تحديد مكان اللقاءات.

هنا يرى المدير السابق لجهاز الأمن العام اللبناني عباس إبراهيم أن تعيين فيدان «يدفع في الاتجاه الإيجابي لتحسين العلاقات التركية السورية».

ويتابع إبراهيم، الذي عمل مع فيدان على عدد من الملفات وتجمعهما «صداقة عمل» مستمرة، أن فيدان رجل براغماتي إلى حد كبير، وهو يعرف الملف بتفاصيله، كاشفاً عن لقاءات جمعت فيدان أخيراً بمسؤولين سوريين، وهو «يفهمهم ويفهمونه». ويعتبر أن لدى فيدان «قدرة عالية على بداية بناء الثقة مع الجانب السوري»، موضحاً أنه «عمل على الملفات: الأمني، والسياسي، والعسكري، للوجود التركي في سوريا»، ومتحدثاً عن توصل فيدان مع المسؤولين السوريين إلى «تنظيم خلاف تركي سوري على الأراضي السورية، لكنه للأسف لم يطبَّق من قِبل السياسيين الأتراك تحديداً»

مفاوضات مع سوريا... في لبنان

كذلك كشف إبراهيم أنه تعاون مع فيدان عن كثب، في وقت سابق؛ في مسعى لـ«تخفيف حِدة التوتر في الأراضي السورية»، وأن الأتراك وافقوا على مبدأ إطلاق مفاوضات تركية سورية في بيروت، لكن السوريين لم يتجاوبوا لاحقاً»، ومن ثم توقّع المسؤول الأمني اللبناني السابق أن يكون «وزير الخارجية التركي الجديد ناجحاً؛ لأنه في عمله الأمني كان يمارس دبلوماسية عالية»، معتبراً أن فيدان «يعيدنا إلى سياسة صفر مشاكل، فوزير خارجية بهذه الصفات يمكنه أن يقلص حجم المشاكل إلى حد كبير».

عاشق للمسلسلات التركية!

بعيداً عن السياسة، يتحدث مقرَّبون من فيدان عن وجهه الآخر «الفني»، فهو عاشق للأفلام والمسلسلات التركية، حتى لا يكاد يفوِّت واحداً منها. ويذهب بعضهم إلى اهتمامه بالسيناريوهات المكتوبة للإنتاجات التركية التي عُرضت على منصة «نتفليكس»، خصوصاً التاريخية منها. أيضاً الوزير الجديد شغوف جداً بالقراءة، إذ يصفه مسؤول تركي عمل معه، وعرفه وتواصل معه، بأنه «كثير القراءة، ويأتي على رأس قائمة أكثر الشخصيات قراءة للكتب في رحلات الرئيس إردوغان». ويضيف المسؤول - وكان قد تعرَّف على فيدان في مراحل متعددة - بدءاً من فترة تولي الأخير رئاسة الوكالة التركية للتعاون والتنسيق «تيكا»، ثم عمله معاون مستشار رئيس الحكومة، ثم معاون مستشار «وكالة الاستخبارات التركية»، إلى مرحلة تولّيه رئاسة «الاستخبارات الوطنية التركية» - لـ«الشرق الأوسط»، أن فيدان «يعتمد على فريق العمل الجماعي إلى أبعد الحدود، ويعمل على تشجيع فريقه»، ويعتبره «صاحب رؤية ورابط الجأش، وجانبه هذا له تأثير كبير».

ثم يشير المسؤول - الذي طلب إغفال اسمه - إلى أن فيدان «يهتم كثيراً بالتكنولوجيا، وله مساعٍ كبيرة في حصول وكالة الاستخبارات على تكنولوجيا عالية». ويستطرد شارحاً: «تحليلاته دقيقة، ورسائله صريحة وواضحة، لا تجده يتلاعب معك في حديثه... فهو يقابل أسئلتك بأجوبة صريحة، ويهتم بوصول رسائله إلى الطرف الآخر، ويحب التأكد من وضوح فكرته بنظر الطرف الآخر... إنه شخصية متّزنة، ويطلب من خصمه أن يكون كذلك». وبالفعل، يصفه اللواء عباس إبراهيم بأنه «شخصية هادئة جداً، ورجل صبور، ومستمع جيد... ويحافظ على علاقاته، ولا يقطع الاتصال معها في كل الظروف، ويتابع ملفاته بدقة متناهية».

علاقات سيئة مع إسرائيل

على صعيد آخر، يتوقع أن تكون علاقة فيدان مع إسرائيل تحدياً جدياً، إذ كُتب كثير عن «كره» إسرائيل لفيدان، الذي اتهمته صحيفة «واشنطن بوست» في عام 2013، بتسليمه 10 جواسيس إسرائيليين لإيران. كذلك هناك تقرير لـ«نيويورك تايمز» يتحدث عن تراجع التعاون التركي الإسرائيلي، بسبب مخاوف من تسريب فيدان المعلومات إلى الاستخبارات الإيرانية، وإلى المجاهدين في سوريا. وفي حينه، نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية تقريرها عنه، ونقلت فيه مخاوف «الموساد» إزاء تعيينه؛ بسبب دوره في تنظيم «أسطول الحرية»، وأيضاً بسبب قربه اللصيق من إردوغان، وحزبه الحاكم «العدالة والتنمية»، ودفاعه عن المصالح النووية الإيرانية.

سيرة ذاتية لافتة

في الحقيقة، يتمتع هاكان فيدان بسيرة ذاتية لافتة يقل فيها الجانب العملي، ويندر فيها الشخصي، فهو شخصية كتومة لم يسمع الأتراك صوته إلا في خطاب تسلم وزارته. بيد أن المتابع لسيرته يلاحظ أنه كان يتمتع بقوة دفع هائلة في حياته، إذ إنه دخل المؤسسة العسكرية لـ15 سنة، وبدأ مسيرته فيها «شاويشاً» (رقيب)، وأنهاها برتبة ضابط صف، من دون مستقبل باهر في المؤسسة، التي لا يمكن لها أن تستوعب «الشاب المتديّن» برتبة أكبر، مهما طال بقاؤه فيها.

على الجانب الشخصي، فيدان متزوج، وأب لثلاثة أولاد، وهو من مواليد العاصمة أنقرة عام 1968، وقد درس وتخرّج في مدرسة قوات المشاة عام 1986، ثم درس في مدرسة اللغات، التابعة لقوات المشاة، ومن ثم جمع خبرة عملية في ميدان الاستخبارات، وعمل بين عامي 1986 و2001، في «وحدة التدخل السريع»، التابعة لـ«حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، وعمل في فرع جمع المعلومات السريعة بألمانيا.

ولاحقاً، أكمل تعليمه الجامعي إبّان فترة وجوده مع «الناتو» في ألمانيا، وحصل على شهادته الجامعية في الإدارة والعلوم السياسية من جامعة «ماريلاند» الأميركية، وتحديداً من كليتها العالمية التي أسّست لتمكين الجنود الأميركيين من مواصلة تعليمهم في الخارج، ثم أكمل درجتي الماجستير والدكتوراه في قسم العلاقات الدولية بجامعة «بيلكنت» المرموقة في أنقرة.

بعد ذلك، في أعقاب فترة خدمة استمرت 15 سنة بصفوف القوات المسلَّحة، استقال فيدان عام 2001 وهو برتبة ضابط صف، والتحق مباشرة بوزارة الخارجية مستشاراً سياسياً واقتصادياً، ومن ثم عُيّن رئيساً لإدارة «مؤسسة التعاون والتنمية»، التابعة لرئاسة الوزراء، وفي الوقت نفسه عمل مساعداً لمستشار لرئاسة الوزراء، ثم عُيّن مستشاراً للمسؤول عن السياسة الخارجية والأمن الدولي، وبعد ذلك عمل موفَداً خاصاً لرئاسة الوزراء.

اهتمامه بالاستخباراتوهنا يقول الإعلامي التركي أردام أتاي، الذي تابع عمل فيدان عن كثب، لـ«الشرق الأوسط»، إن اهتمام فيدان بالإستخبارات بدأ بعد عودته من مهمته الخارجية مع «الناتو»، وكانت وظيفته الأولى في أنقرة إعداد أطروحة ماجستير حول «الاستخبارات والسياسة الخارجية: مقارنة بين أنظمة الاستخبارات البريطانية والأميركية والتركية». وقد ركزت أطروحته على البحث في الرأي القائل إن «وجود استخبارات قوية ومؤهلة ضرورية لسياسة خارجية ناجحة». وذكر أتاي أن فيدان «فحص الهياكل الاستخباراتية لكل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، اللتين استخدمتا المعلومات الاستخباراتية بنجاح في السياسة الخارجية، ثم أجرى مقارنة مع نظام الاستخبارات التركي، وقدّم بعض الاقتراحات لمزيد من التطوير لنظام عملها». وبعد الانتهاء من أطروحته كانت مهمته الوحيدة هي انتخابه عام 2000 عضواً في الجمعية العامة لمؤسسة «أوياك (OYAK)»، وهي مؤسسة للاستثمار، تابعة للقوات المسلَّحة التركية، وقد استقال من الجيش بمجرد أن أنهى خدمته الإجبارية في عام 2001.

مستشار في سفارة أجنبية

حصل هاكان فيدان على وظيفته الأولى، بعد خلع زيِّه العسكري، وكانت المستشار السياسي والاقتصادي في السفارة الأسترالية بأنقرة. وللعلم، فإن وزير المالية الحالي محمد شيمشك كان بدوره في موقع مُشابه في السفارة الأميركية بأنقرة، وكذلك رئيس لجنة الشؤون الخارجية السابق سعاد كينيكلي أوغلو.

وبدأ فيدان مشوار الصعود السريع عام 2003 عندما عُيّن رئيساً لإدارة التعاون والتنمية التركية «تيكا».

في ذلك الوقت كانت «تيكا» تابعة لوزير الدولة بشير أتالاي، وكان يعمل بالقرب من أتالاي، الذي كانت علاقاته مع عبد الله غل، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية - حينذاك - جيدة، لدرجة أن شائعات انتشرت بأن فيدان سيصبح الأمين العام لرئاسة الجمهورية، عندما يصبح غل رئيساً. غير أن هذا لم يحصل، ذلك أنه أثناء وجود فيدان في «تيكا» لفت انتباه رئيس الوزراء إردوغان - يومذاك - فضمَّه إلى فريقه في عام 2007. وبالفعل، عُيّن نائباً لوكيل رئاسة الوزراء مسؤولاً عن السياسة الخارجية وقضايا الأمن الدولي. وما يستحق الذكر في هذا المجال، أن رئاسة «تيكا»، التي تعمل بالتعاون مع كل من وحدات الشؤون الخارجية والاستخبارات، كانت ملائمة ومناسبة تماماً لفيدان، إذ ركز من خلالها على العلاقات مع البلدان التي ترتبط مع تركيا بعلاقات تاريخية وثقافية، ولا سيما في آسيا الوسطى، ومنها انطلق إلى أفريقيا.

في تلك الفترة، كان أيضاً يرافق مستشار رئاسة الوزراء للسياسة الخارجية أحمد داود أوغلو «وزير الخارجية الأسبق» في رحلاته الإقليمية، كما كان يعمل عن قرب، ويرافق نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية آنذاك عبد الله غل في رحلاته الخارجية، وأيضاً كان يشارك في عدد من الوفود التي تُرافق إردوغان في زياراته خارج تركيا، أو عند استقباله الضيوف الأجانب من رؤساء ومسؤولين.

قانون في 48 ساعة لحماية فيدان

من جهة أخرى، كان فيدان موضع عداء لـ«جماعة فتح الله غولن»، التي تحوّلت من حليف لإردوغان إلى ألدّ أعدائه. وقد تعرّض فيدان لمتابعة دقيقة من الجماعة، حتى إنه اتهمها بالتنصت على مكالماته، وعرض مضمونها في بعض الصحف المعارضة. وقبل تعيينه في عام 2010 مستشاراً للاستخبارات التركية، حصلت حادثة أظهرت النفوذ الذي صار يتمتع به، فقد استدعى قاضي التحقيق في قضية التنظيم السري لـ«حزب العمال الكردستاني» المحظور «بي كي كي»، فيدان؛ للتحقيق معه بوصفه مشتبهاً به مع 4 من قيادات جهاز الاستخبارات، بعد الاشتباه في تقديمه الدعم للحزب الكردستاني المحظور، أو غضّ بصره عن معلومات مسبقة عن عمليات مسلَّحة وهجمات نفّذها الحزب ضد رجال الأمن في تركيا. إلا أن الحكومة عمدت فوراً إلى إرسال قانون يعطي رجال الاستخبارات الحصانة من الإدلاء بأقوالهم أمام المحاكم الجنائية. وجرى إقرار القانون في البرلمان، خلال 48 ساعة فقط، رغم انتقادات المعارضة.

تغيير في الاستخبارات

وعلى الرغم من الاتهامات، استخدم فيدان القوة التي حصل عليها من دعم إردوغان، لإعادة هيكلة جهاز الاستخبارات، وكان من إنجازاته إنشاء «قسم المصادر المفتوحة»، وكان أعظم إنجازاته - كما يقول أردام أتاي - إنهاء المعركة الاستخباراتية بين الجهاز ورئاسة الأركان والدرك، إذ جرى تشكيل «مجلس تنسيق الاستخبارات الوطنية»، وكان مرتاحاً لكونه الرئيس الوحيد بلا منازع، لجميع أجهزة استخبارات الدولة. وما يستحق الإشارة أيضاً أن فيدان هو المستشار الثاني الذي يعتلي ذلك المنصب من خارج المؤسسة الاستخباراتية، إذ كان تبتان جوسال هو المستشار الأول الذي عُيّن من خارج المؤسسة عام 1992.

أخيراً، الرئيس إردوغان كان يريد - وفق الصحف التركية - من تعيين الرجل المقرَّب منه المزيد من تحديث «وكالة الاستخبارات الوطنية»، ومأسستها، وإبعادها عن سطوة العسكر، بما أنه لا يزال 50 في المائة من موظفيها من سِلك الجيش، فعمل فيدان على تقسيم الاستخبارات إلى جهازين؛ أحدهما للداخل، والآخر للخارج، على غرار مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي»، ووكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» في الولايات المتحدة؛ وذلك لتعزيز حضور الاستخبارات التركية في المناطق الساخنة، وتلبية حاجات دور تركيا المتنامي، بدءاً من الشرق الأوسط وجيرانها الروس، والقوقاز، وآسيا، وأفريقيا، وحتى الأميركيتين، وأوروبا، وإسرائيل.


مقالات ذات صلة

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

حصاد الأسبوع من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع دوما بوكو

دوما بوكو... رئيس بوتسوانا «العنيد» يواجه تحديات «البطالة والتمرد»

لا يختلف متابعو ملفات انتقال السلطة في أفريقيا، على أن العناد مفتاح سحري لشخصية المحامي والحقوقي اليساري دوما بوكو (54 سنة)، الذي أصبح رئيساً لبوتسوانا،

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

خطفت بوتسوانا (بتشوانالاند سابقاً) أنظار العالم منذ أشهر باكتشاف ثاني أكبر ماسة في العالم، بيد أن أنظار المراقبين تخاطفت الإعجاب مبكراً بتلك الدولة الأفريقية

«الشرق الأوسط» ( القاهرة)
حصاد الأسبوع الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

ضاعف الرئيس التونسي قيس سعيّد فور أداء اليمين بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية، الاهتمام بالملفات الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية والتحذير من «المخاطر

كمال بن يونس (تونس)
حصاد الأسبوع جنود فرنسيون  في مالي (سلاح الجو الأميركي)

إضاءة على تراجع تأثير سياسة فرنسا الخارجية

بعد عقود من الحضور القوي للدبلوماسية الفرنسية في العالم، ورؤية استراتيجية وُصفت «بالتميز» و«الانفرادية»، بدأ الحديث عن تراجع في النفوذ

أنيسة مخالدي (باريس)

أمن الأردن يواجه خطر تصعيد المواجهة الإسرائيلية ــ الإيرانية

من لقاء الملك عبدالله الثاني والرئيس الإيراني بزشكيان (التلفزيون الأردني)
من لقاء الملك عبدالله الثاني والرئيس الإيراني بزشكيان (التلفزيون الأردني)
TT

أمن الأردن يواجه خطر تصعيد المواجهة الإسرائيلية ــ الإيرانية

من لقاء الملك عبدالله الثاني والرئيس الإيراني بزشكيان (التلفزيون الأردني)
من لقاء الملك عبدالله الثاني والرئيس الإيراني بزشكيان (التلفزيون الأردني)

يحاول الأردن تحييد أجوائه وأراضيه بعيداً عن التصعيد الإسرائيلي - الإيراني، الممتد عبر جبهتي جنوب لبنان وشمال غزة، ليضاعف مستويات القلق الأمني مراقبة خطر الضربات المتبادلة و«المُتفق على موعدها وأهدافها» بين طهران وتل أبيب، ولتعود مخاطر عمليات تهريب المخدرات والسلاح على الواجهتين الشمالية والشرقية، وتدخل الجبهة الغربية على الحدود مع دولة الاحتلال على خطوط التهريب، لتعويض الفاقد من المواد المخدّرة في أسواق المنطقة.

سارع الأردن لتأمين سلامة أرضه، ومنع اختراق أجوائه، وممارسته لسيادته بعد ليلتين متباعدتين سعت طهران من خلالها إلى «حفظ ماء الوجه بتوجيه صواريخ لم تنجح في الوصول إلى أهدافها داخل إسرائيل». وبالنتيجة، أسقطت الدفاعات الجوية الأردنية صواريخ إيرانية في الصحراء الشرقية وعلى الحدود الشمالية مع سوريا.

وفي حين اعتبرت بعض الجهات أن «الدفاعات الجوية الأردنية انطلقت حماية لإسرائيل»، أكدت عمّان على لسان مصادر مطلعة أن «الضرورة تتطلب اعتراض أي صواريخ عابرة لسماء المملكة، بعيداً عن المواقع الآهلة بالسكان، ومخاطر تسبّبها بخسائر بشرية، أو أضرار مادية». وبالتالي، جاء القرار العسكري محصّناً بأولوية حماية أرواح الأردنيين. وأردفت المصادر من ثم أن «مَن يريد ضرب إسرائيل فأمامه حدود لبنان الجنوبية أو الحدود السورية مع الجولان المحتل»؛ لأن من هناك تكون الصواريخ الإيرانية أقرب لتحقيق أهدافها، بدلاً من إطالة المسافة بمرورها عبر سماء المملكة، واحتمالات سقوطها في مواقع حيوية على الحدود الغربية مع دولة الاحتلال.

في الواقع، تابع المواطنون الأردنيون ليلة الثالث عشر من أبريل (نيسان) وأيضاً في أكتوبر (تشرين الأول)، عرضاً ليلياً بإضاءات الدفاعات الجوية وإسقاطها صواريخ إيرانية عبرت فضاءات الأردن على وقع الكلام عن دعم طهران لغزة ضد العدوان الإسرائيلي، والانتقام لاغتيال إسماعيل هنية، رئيس حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، أثناء زيارته الرسمية للمباركة بفوز الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في انتخابات الرئاسة، وكذلك الانتقام من تصفية قيادات الصفوف المتقدمة في «حزب الله» اللبناني، وعلى رأسهم السيد حسن نصر الله يوم 27 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وفي المقابل، أمام التقدير العسكري الأردني في أولوية إسقاط الصواريخ الإيرانية أثناء عبورها سماء المملكة ومنع سقوطها بالقرب من مناطق سكنية، أكّدت عمّان، عبر قنوات اتصال أمنية مع إسرائيل، ورسائل أردنية إلى الإدارة الأميركية، تصدّيها لأي هجوم إسرائيلي على طهران قد يستخدم سماءها بذريعة الردّ على ضربات إيرانية محدودة في الداخل الإسرائيلي.

توضيح الموقف الأردني

هنا استعاد جنرالات أردنيون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» ذاكرة المفاوضات مع إسرائيل قبل صياغة «قانون معاهدة السلام» المتعارف على تسميته «اتفاق وادي عربة من عام 1994»، ومنها تمسّكهم - آنذاك - بتحديد تل أبيب مدىً جغرافياً للرد على أي هجوم مُحتمل «على أن يضمن ذلك عدم انتهاك الأجواء الأردنية وإسقاط أي أجسام متفجرة داخل حدود المملكة الغربية». ومما سمعناه أن «نبوءة» المفاوضين الأردنيين من قيادات القوات المسلحة، كانت تقرأ مستقبل التطورات في منطقة متخمة باحتمالات الحرب، وموقع الأردن بين «فكي كماشة» بضم «محور الممانعة» من جهة وإسرائيل من الجهة المقابلة. وبناءً عليه؛ اضطر الجيش إلى التعامل مع الصواريخ الإيرانية العابرة التي قد تُسقط داخل الأراضي الأردنية. ومن المعلوم بأن الحدود الغربية مأهولة بالسكان؛ وبذا تبادر دفاعات الجيش الأردني الجوية بالرد على تلك الصواريخ دفعاً لسقوطها في الصحراء الشرقية بعيداً عن السكان، غير أن بعض حطام تلك الصواريخ وقع حقاً في مناطق من العاصمة ومحافظات الوسط، ولقد وثقتها كاميرات الهواتف الذكية فيديوهات، وجرى نشرها على منصات التواصل الاجتماعي.

إيمن الصفدي (رويترز)

نشاط عمّان الدبلوماسي ترك انطباعاً بأن انفتاح الحراك

على «محور الممانعة» يأتي من زاوية السعي

لحماية المصالح الأردنية

عبر الأجواء السورية

من ناحية ثانية، وجّهت إسرائيل قبل أسبوع ضربة صاروخية على مواقع عسكرية إيرانية. وأفادت معلومات مؤكدة بأن مسار الرد الإسرائيلي كان عبر الأجواء السورية، بعد نجاح الاختراق الإسرائيلي من ضرب رادارات متقدّمة للدفاعات السورية. ولقد أعادت تل أبيب في هذا المشهد التأكيد على انتهاكاتها المستمرة بحق «دول الجوار»، وأمام صمت دولي ومباركة أميركية بعد توافر معلومات عن مواقع حددتها إسرائيل، ورأى مراقبون أن الرد جاء في سياق «معادلة ميزان القوى» في المنطقة ضمن حدود الحرب المنتظرة أو سياسة صناعة التوتر في المنطقة عبر «حرب استنزاف»، تسبّبت في سقوط آلاف القتلى والجرحى والمفقودين ومئات آلاف النازحين في غزة ومن جنوب لبنان.

زوايا حرجة في العلاقة مع إيران

توازياً مع ما سبق، وفي زيارة مفاجئة حمل وزير الخارجية أيمن الصفدي في الثامن من أغسطس (آب) الماضي رسالة من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أكد خلالها الصفدي أن الزيارة جاءت «بتكليف من الملك عبد الله الثاني لتلبية الدعوة إلى طهران»، مضيفاً أن هدف الزيارة هو «الدخول في حديث أخوي واضح وصريح حول تجاوز الخلافات ما بين البلدين بصراحة وشفافية، والمضي نحو بناء علاقات طيبة وأخوية قائمة على احترام الآخر، وعدم التدخل في شؤونه، والإسهام في بناء منطقة يعمّها الأمن والسلام».

الزيارة والرسالة شكَّلتا «استدارة» أردنية في علاقتها مع إيران، ليتبعها خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لقاء جمع الملك الأردني وبزشكيان، في الثلث الأخير من سبتمبر الماضي، وهو لقاء بدأ موسّعاً بحضور بعض أركان وفدي البلدين، ثم اقتصر على مباحثات ثنائية لم يحضرها أحد، وظلّت تفاصيل اللقاء محفوظة لدى الزعيمين.

أيضاً، تلك الزيارة فتحت شهية البعض لـ«شيطنة» الموقف الرسمي الأردني واتهام عمّان بنقلها «رسالة تهديد» لطهران برد إسرائيلي حازم. غير أن الوزير الصفدي أكد في تصريحات رسمية مع نظيره الإيراني في حينه «أبلغت معالي الأخ بشكل واضح، لست هنا حاملاً رسالة إلى طهران، ولست هنا لأحمل رسالة لإسرائيل». وتابع أن «رسالة الأردن الوحيدة لإسرائيل أُعلنت في عمّان بشكل واضح وصريح، ومفادها وقف العدوان على غزة، ووقف جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني، ووقف الخطوات التصعيدية، والذهاب نحو وقف فوري ودائم لإطلاق النار يتيح العمل من أجل تحقيق سلام عادل وشامل... لن يتحقّق إلا إذا حصل الشعب الفلسطيني على حقوقه كاملة، وفي مقدمها حقه في الحرية والسيادة والكرامة في دولته المستقلة».

في مطلق الأحوال، ما كان المقصود من زيارة الصفدي الإيرانية تأكيد موقف حيال طهران وحلفائها فقط، بل كانت الزيارة في حد ذاتها رسالة إلى إسرائيل مفادها أن الأردن «يملك خياراته السياسية في الدفاع عن سيادته على أرضه وسمائه، وأن واحداً من الخيارات هو فتح قنوات الاتصال على وسعها مع طهران وأطراف الصراع في المنطقة»، بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» آنذاك.

استقبال عراقجي وميقاتي

ما يُذكر أنه في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي استقبل الملك عبد الله الثاني في عمَّان، وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وشدّد على «ضرورة خفض التصعيد بالمنطقة». وحذّر العاهل الأردني من أن «استمرار القتل والتدمير سيبقي المنطقة رهينة العنف وتوسيع الصراع»؛ ما يتطلب «ضرورة وقف الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان خطوةً أولى نحو التهدئة»، مجدداً التأكيد على أن «بلاده لن تكون ساحة للصراعات الإقليمية».

ثم أنه إذا كان استقبال الوزير الإيراني، الذي زار الأردن ضمن جولة عربية مهماً لعمَّان، فقد سبق هذه الزيارة بيومين وصول رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إلى العاصمة الأردنية ولقاؤه الملك عبد الله الثاني. وكان في جدول أعمال الزيارة:

- أولوية دعم الجيش اللبناني وسط احتمالات النزول إلى الشارع في ظل مخاوف من احتكاكات محتملة بين ميليشيات حزبية محسوبة على زعماء لبنانيين.

- الحاجة إلى تطبيق القرار الأممي بنشر قوات من الجيش اللبناني في مناطق الجنوب التي تخضع لسيطرة «حزب الله».

- الاستفادة من فرص وقف إطلاق النار عبر هُدن يمكن تمديدها.

واستكمالاً لعقد المباحثات مع «محور الممانعة»؛ طار الوزير أيمن الصفدي إلى دمشق، التي شكَّلت حدودها الجنوبية مع الأردن وعلى مدى أكثر من عقد ونصف العقد، حالة أمنية طارئة للجيش الأردني. ذلك أنه يتعامل باستمرار مع صد محاولات قوافل مهربي المخدّرات وعصابات السلاح لتجاوز الحدود؛ وهو ما استدعى مواجهات مسلحة واشتباكات نهاية العام الماضي أسفرت عن سقوط قتلى وإلقاء القبض على مهرّبين لهم اتصالات مع خلايا داخل المملكة.

الصفدي حمل رسالة شفوية من العاهل الأردني إلى الرئيس السوري بشار الأسد، لكن لم يُكشف عن مضمونها. مع هذا، نشاط عمّان الدبلوماسي على مدى أيام الشهر الماضي، ترك انطباعاً لدى جمهور النخب المحلية، بأن انفتاح الحراك الدبلوماسي الأردني على «محور الممانعة» يأتي من زاوية السعي لحماية المصالح الأردنية في ظل ما تشهده المنطقة من تصعيد عسكري خطير، وموقع المملكة على خطوط النار.

التهريب تهديد أمني

أردنياً، يُعتقد في أوساط الطبقة السياسية المطلعة، أن خطر تهريب المخدرات من الداخل السوري لا يزال يشكل «تحدياً أمنياً» كبيراً؛ الأمر الذي يستدعي إبقاء حالة الطوارئ لدى قوات حرس الحدود على امتداد الحدود الشمالية نحو (370 كلم) بين البلدين، لا سيما في ظل تحوّل مناطق في الجنوب السوري إلى مصانع إنتاج المخدرات، ونقلها من خلال عمليات التهريب إلى أسواق عربية وأجنبية عبر المملكة. ويضاف إلى ذلك النزف الاقتصادي المستمر منذ عام 2012، واستقبال اللاجئين وكُلف إقامتهم، وتراجُع أثر خطط الاستجابة الدولية للتعامل مع الدول المستضيفة للاجئين؛ إذ يستضيف الأردن نحو 1.3 مليون لاجئ سوري، معظمهم يقيمون خارج المخيمات التي خصصت لهم.

أمر آخر، يستحقّ التوقف عنده هو أنه لا يمكن فصل تلك الزيارة عن الملف الأردني الأهم، ألا وهو «الملف الأمني» المباشر. والحال، أنه لطالما بقي الجنوب السوري مسرحاً للميليشيات الإيرانية وغيرها، سيظل القلق الأردني من الخطر الآتي من الشمال، وبالتحديد، ستستمر المخاوف من تسرّب عناصر مسلحة بقصد «المقاومة» في فلسطين وعن طريق عمّان.

وبالفعل، جاء في بيان إن الرئيس الأسد والوزير الصفدي بحثا قضية عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم؛ إذ شدد الأسد على أن «تأمين العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين» هو «أولوية للحكومة السورية» التي أكد أنها قطعت شوطاً مهماً في الإجراءات المساعدة على العودة، خصوصاً في المجالين التشريعي والقانوني.وفي إطار الزيارة، أجرى الصفدي مباحثات موسَّعة مع وزير الخارجية والمغتربين السوري بسام الصباغ، ركّزت على جهود حل الأزمة السورية وقضية اللاجئين، ومكافحة تهريب المخدرات، إضافةً إلى التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة وجهود إنهائه.

الرئيس نجيب ميقاتي (إ.ب.أ)

 

حقائق

زيارة ميقاتي لعمّان... طلبتُ دعم أمن لبنان

فيما يخصُّ العلاقات الأردنية - اللبنانية، طلب الرئيس نجيب ميقاتي، رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، في عمّان من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني دعم الجيش اللبناني بصفته القوة القادرة على التعامل مع احتمال تطور استخدام سلاح ميليشيات حزبية متباينة المواقف والولاءات، مع استمرار القصف الإسرائيلي الليلي على مناطق في الضاحية الجنوبية، وفي جنوب لبنان.وللعلم، يوم 27 سبتمبر (أيلول) الماضي استقبل اللواء يوسف الحنيطي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردنية، في عمّان، قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون. وفي الواقع لم يخفِ الأردن الرسمي دعمه للجيش اللبناني وأولوية تزويده بكل الاحتياجات بصفته ضمانة لأمن لبنان وحامياً للسلم الأهلي، بينما المواقف بين الأحزاب السياسية والميليشيات المحسوبة عليها. وبموازاة أولوية تزويد الجيش اللبناني بمتطلبات فرض سيطرته لحماية الأمن الداخلي وتنفيذ استحقاق قرارات أممية، أعلنت عمّان أيضاً دعمها لجهود الاستقرار السياسي في لبنان عبر انتخاب رئيس جديد للبلاد، ما من شأنه تخفيف حدة الاحتقان والتوتر، خصوصاً بعد تطورات الأسابيع الأخيرة أمنياً وسياسياً على معادلات الإدارة السياسية للبلاد، وتحريك عمل مؤسسات لبنان الدستورية. وهنا يرى محللون أردنيون أن تراكم الفوضى على حدود المملكة الشمالية مع سوريا والشرقية مع العراق، وحالة اللااستقرار في لبنان التي تفاقمت مع استمرار العدوان الإسرائيلي، وزيادة نشاط خطوط تهريب المخدرات، وضع تجب مواجهته عبر مسارين: الأول، مسار أمني يتطلب رفع درجات التأهب لمنع أي اختراقات إيرانية للأمن الأردني، والثاني مسار سياسي يتعلق بمواصلة الجهود السياسية لاحتواء الخطر الراهن ومحاولة تجاوز أي تصعيد من شأنه دفع المنطقة وجوار الأردن نحو المجهول. ولكن في هذه الأثناء، واضح أن إسرائيل هي الأخرى تبحث عن إزعاج الأردن، بما في ذلك «عزف» حسابات خارجية على منصات التواصل الاجتماعي على وتر الفتنة، وإغراق الرأي العام في جدل الإشاعات وتأجيجها.