بلدة حدودية تعود إلى الخريطة باكتظاظ سوري تركيhttps://aawsat.com/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82/%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7/4833356-%D8%A8%D9%84%D8%AF%D8%A9-%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B9%D9%88%D8%AF-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%B8%D8%A7%D8%B8-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A
لم تكن بلدة الريحانية وهي إحدى مناطق إقليم هاتاي التركي، معروفة بشكل كبير بين أوساط الشعب التركي قبل بدء الحرب في سوريا عام 2011، فهي بلدة حدودية صغيرة جداً لم يتجاوز عدد سكانها بضعة آلاف حتى أمس قريب. ولكن بعد مرور أكثر من عقد من الزمن، تحولت البلدة الصغيرة إلى مدينة، وأصبح الوضع معكوساً تماماً، فهي، اليوم، باتت معروفة لدى كثيرين، ولا سيما أنها تحظى بتغطية إعلامية واسعة بسبب عدد سكانها الكبير من السوريين وعمليات الجيش التركي عبر الحدود.
وقد نجت الريحانية إلى حد بعيد من زلزال 6 فبراير (شباط) الذي ضرب البلاد، العام الماضي، وأدى إلى تعطيل الحياة بشكل كامل، في مراكز المدن المحيطة، فالأضرار في الريحانية كانت أقل بكثير من أماكن أخرى، وربما يعود ذلك جزئياً إلى انخفاض الأبنية وانتشار المنازل المستقلّة إلى حد بعيد.
لكن هذا أثار موجة جديدة من النزوح البشري من المركز نحو تلك النقطة الحدودية. ويقول حسين، وهو مُدرِّس يعيش بالمدينة ويعمل مدرساً في مدرسة خاصة، إن كثيراً ممن جاءوا بعد الزلزال هم في الأصل من الريحانية، لكنهم كانوا يعيشون في أنطاكيا ومدن أخرى دُمّرت كلياً أو جزئياً، وعادوا لبناء حياتهم في مسقط رأسهم.
وبالمثل، جاء عدد كبير من موظفي الخدمة المدنية، الذين كانوا يتخذون من الريحانية مركزاً لعملهم في السابق ولكنهم كانوا يُفضّلون الإقامة في أنطاكيا لأسباب معيشية وأمنية.
ومع ذلك فإن الزيادة السريعة في عدد السكان، سواء بسبب الحرب المجاورة أم الزلزال، أدت إلى أزمة سكن في الريحانية، وارتفاع هائل في الأسعار بلغ 3 أضعاف خلال عام واحد فقط. ويُعرب كثير من السكان المحليين عن قلقهم من عدم وجود مبان كافية لاستيعاب أعداد السكان الحاليين، وقدرة المرافق الحيوية في المدينة على الاستمرار.
وفي الوقت الحالي، يقيم عدد كبير من موظفي الخدمة المدنية في مدينة الحاويات التي أقامتها الحكومة التركية على بُعد بضعة كيلومترات من المركز. ولعلَّ أكثر ما يقلق أحمد، الذي يقيم في إحدى هذه الحاويات، هو المطر، الذي يتسرب إلى الداخل من أعلى الحاوية وجوانبها.
ويؤثر الوضع الحالي على السوريين بشكل كبير، خصوصاً ممن ليست لديهم وظيفة مستقرّة ويعتمدون على العمل المؤقت لكسب عيشهم.
في ظل غياب السكن الملائم أو الإيجارات بأسعار معقولة، يقوم بعض السكان بتأجير المساحات المتاحة أسفل بعض المباني والمُعدّة لأن تكون دكاكين أو مواقف سيارات، فتجري تغطيتها من الواجهة بشوادر وتحويلها إلى منازل.
وتعيش مريم في إحدى هذه المساحات مع زوجها وأحفادها، لكنها قامت بتمديد خيمة إلى خارج المنزل للجلوس خارجاً، والحصول على بعض الهواء النقي؛ لأن معظم هذه المساحات لا يحتوي على نوافذ في الداخل.
وفي الوقت الذي تبدو فيه مناطق أخرى على خريطة الإعمار أو المساعدات أو إعادة السكان إلى منازلهم السابقة، تبدو الريحانية بلدة منسية ومتروكة لمصيرها، فهنا لا خطة عمل في الأفق لحل أزمة السكن التي وفّرت، في الوقت الحالي، وعلى رغم مشاكلها، شعوراً بالأمان النسبي لكثيرين نتيجة الظروف المتغيرة على جانبي الحدود.
سجّلت محطات شبكة الزلازل القومية، هزة أرضية على بُعد 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، عند الساعة 7:34 صباحاً بتوقيت القاهرة، مما أثار انتباه السكان في المنطقة.
ضرب زلزال بقوة 5.9 درجة على مقياس ريختر ولاية مالاطيا في شرق تركيا تأثرت به بعض المناطق في جنوب شرقي البلاد وفي شمال سوريا ولم يسفر عن ضحايا أو إصابات خطيرة
الغزّيون ملّوا الحروب ويحلمون بحياة تشبه الحياةhttps://aawsat.com/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82/%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7/5068367-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B2%D9%91%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%84%D9%91%D9%88%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%88%D8%A8-%D9%88%D9%8A%D8%AD%D9%84%D9%85%D9%88%D9%86-%D8%A8%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%AA%D8%B4%D8%A8%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9
سيدة فلسطينية تبحث عن ابنها المفقود عبر صورته على هاتفها في مخيم جباليا (رويترز)
غزة:«الشرق الأوسط»
TT
غزة:«الشرق الأوسط»
TT
الغزّيون ملّوا الحروب ويحلمون بحياة تشبه الحياة
سيدة فلسطينية تبحث عن ابنها المفقود عبر صورته على هاتفها في مخيم جباليا (رويترز)
بخلاف الناس في البلدان الأخرى وحتى تلك التي تشهد حروباً، لا يملك أهالي قطاع غزة بعد عام على الحرب الإسرائيلية المجنونة عليهم، ترف الحزن على أحبائهم وبيوتهم وذكرياتهم. لقد فقدوا البلد، كل البلد بكل ما فيها: البيوت، والحارات، والشوارع، والناس، والمساجد، والكنائس، والمحال، والمستشفيات، والمدارس والجامعات... كل شيء أصبح كأنه مجرد ذكرى من حياة سابقة، وهم نفدت طاقتهم على الحزن.
لا يعرف الغزيون اليوم ماذا ينتظرهم، لكن بخبرة العارفين بالحروب، يدركون جيداً أن بؤس الحرب لا ينتهي مع وقف إطلاق النار. إنه بؤس ممتد، تغلّفه أسئلة كثيرة: مَن يعيد الأحبَّة والبلاد؟ مَن يبني البيوت؟ كم سنعيش في الخيام؟ من أين وإلى متى وكيف سنؤمّن قوت من بقي حيّاً من أبنائنا؟ والحال أن كثيرين لا تشغلهم هذه الأسئلة لأنهم مرهقون بأسئلة أصعب، أين يجدون جثامين أحبائهم؟ ومتى قد يلتقون أحباء مفقودين؟ وكم سيصمدون على قيد الحياة أصلاً؟
إنها أسئلة الحرب المدمّرة التي تدخل عامها الثاني، وهي حرب غيَّرت إلى حد كبير تفكير الغزيين حول كل شيء.
«الشرق الأوسط» جالت على مَن بقي ورصدت ماذا غيَّرت الحرب في فكر سكان القطاع وعقولهم وقلوبهم.
ليس الكثير فيما يتعلق بحب البلد والعداء لإسرائيل، لكن الكثير والكثير فيما يتعلق بمستقبلهم، ومَن يحكمهم، وإذا كانت الهجرة أفضل أم البقاء.
حلم الهجرة والأمان
يلخص تفكير أيسر عقيلان، وهو خريج كلية التجارة من الجامعة الإسلامية في غزة، ونازح من مخيم الشاطئ غرب المدينة إلى خان يونس جنوب القطاع، ما يجول في عقل كثيرين من الشبان مثله.
قال عقيلان (27 عاماً) لـ«الشرق الأوسط» إنه يخطط لمغادرة القطاع في أي لحظة. وحاول عقيلان كثيراً الحصول على مبلغ 6 آلاف دولار، لتأمين سبيل سفر عبر معبر رفح، إلى مصر ثم البحث عن حياة جديدة، لكنه لم ينجح.
وقال الشاب: «في أول فرصة سأغادر. لم أكن قادراً على العمل قبل الحرب، والآن لا أعتقد أن ذلك سيكون ممكناً أبداً. لا توجد أعمال. لا يوجد بلد أصلاً. لقد دمَّروا كل شيء». وحسب الإحصائيات التي تصدر عن جهات حكومية وأهلية مختصة، فإنه حتى قبل الحرب، كان أكثر من 64 في المائة من سكان قطاع غزة يعانون البطالة وانعدام فرص العمل، واليوم يعتقد أن هذه النسبة باتت شبه كاملة. ورغم صعوبة الحياة قبل الحرب لم يفكر عقيلان في الهجرة، لكن «وجهة نظره في الحياة» تغيرت في أثناء الحرب، كما قال.
ومن يتحدث لأهالي غزة لا يفوته أن غالبية الجيل الشاب ترغب في الهجرة، والبحث عن مستقبل جديد، غير آبهين بما سيصبح عليه الحال في القطاع. وقال باسل سالم (31 عاماً)، الذي حالفه الحظ بالخروج من غزة مع زوجته وطفلته الوحيدة: «لم يبقَ أمامي أي خيارات أخرى. كل ما فكرت فيه هو إنقاذ زوجتي وابنتي من جحيم الحرب».
كان سالم قد فقد شقته السكنية التي امتلكها قبل الحرب بقليل وهو سبب آخر دفعه للهجرة، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد هناك بيت يؤويني، تشردنا وتعبنا ومرضنا وشعرت أني وسط كابوس لعين». ونجح الآلاف من الغزيين خصوصاً الغزيين، ممن يحملون جنسيات مزدوجة، في السفر قبيل سيطرة إسرائيل على معبر رفح، ووصلوا إلى بلدان مختلفة، في حين استقر آخرون لا يملكون جنسيات أخرى، داخل مصر، وبعضهم في تركيا. ويعمل سالم في مجال التصميم والغرافيك؛ الأمر الذي سهَّل سفره إلى الخارج من أجل الحصول على فرصة عمل تتيح له الاستمرار بحياة أفضل. ولا يجد سالم كلمات تصف «الأمان» الذي يشعر به مع عائلته: «هذا أهم ما في الحياة».
وفي وقت تغيب الإحصاءات الدقيقة لمن هاجروا إبان الحرب وخلالها، يذهب بعض التقديرات الأهلية إلى أن العدد الإجمالي يزيد على 220 ألفاً.
ومثل سالم لا تخطط إيمان ساقلا (59 عاماً) التي كانت في رحلة علاج خارجية مع بدء الحرب على غزة، للعودة، بل نجحت في التنسيق لإنقاذ أفراد أسرتها وإحضارهم إليها في مصر لكونها تحمل الجنسية المصرية، لكن أيضاً بعد دفع مبالغ طائلة. وقالت ساقلا: «لم يعد لنا في غزة مستقبل. ربما نعود إليها بعد أعوام، لكن الآن لا يوجد سوى الموت والدمار والخراب».
وبينما يرى سالم وساقلا أنهما قد نجوا بنفسيهما وأسرتيهما من جحيم الحرب، يعيش مئات الآلاف من الغزيين، خصوصاً الشبان، في ظروف صعبة ويمنّون النفس بالمغادرة. لكن ليست هذه حال كل الغزيين بالطبع.
سمير النجار (52 عاماً) من سكان بلدة خزاعة، شرقي شرق خان يونس، والذي فقد منزله بعد تجريفه من آليات إسرائيلية، وبات مشرداً ونازحاً في خيمة أقامها غرب المدينة، قال إنه يفضل البقاء في القطاع، وينتظر انتهاء الحرب كي يستصلح أرضاً كان يزرعها.
وقال النجار: «أفهم الذين ينوون الرحيل من هنا. لكن أنا أفضّل الموت هنا. لا أعتقد أن لديّ فرصة لتأسيس حياة جديدة خارج القطاع. كل ما أريده من الحياة هو إعادة بناء واستصلاح أرضي... ولا شيء أكثر».
والنجار واحد من مئات الآلاف الذين فقدوا منازلهم في غزة. ووفقاً لتقديرات أممية حتى شهر أغسطس (آب) الماضي، فإن نحو ثلثي المباني في قطاع غزة تضررت أو دُمرت منذ بدء الحرب، وأن القطاع يحتاج إلى أكثر من 15 عاماً حتى يتم إعادة إعماره. ويتطلع النجار لإعادة الإعمار، ويعتقد أن أي جهة قادرة على إعادة الإعمار هي التي يجب أن تحكم غزة.
وأضاف: «بعد كل هذه الحروب. نريد أن نعيش. بصراحة لم أعد أكترث بالحرب ولا السياسة ولا من يحكمني. أنا أريد العيش فقط. العيش بعيداً عن الحروب والقتل والدمار».
وتتفق نجوى الدماغ (47 عاماً) مع النجار ولا تفكر بمغادرة القطاع، لكنها تمنّي النفس بحياة أفضل.
وقالت الدماغ لـ«الشرق الأوسط» إنها تفضّل البقاء في غزة، لكنها تريد السلام والأمن. وأضافت: «تعبنا من الحروب. أعتقد ما ظل فينا نَفَس. صار وقت نعيش بسلام».
ولا تهتم الدماغ بمن يحكمها، «المهم أن نعيش مثل بقية البشر». وهذا شعور انتقل تلقائياً لابنتها إيمان (22 عاماً) التي خرجت من هذه الحرب وهي لا تثق بأي فصيل فلسطيني سياسي.
وقالت إيمان: «كلهم (الفصائل) يبحثون عن مصالحهم الشخصية ولديهم أجندات. لا أحد يفكر أو يهتم للناس». وبخلاف والدتها، تسعى إيمان للهجرة وبناء حياة جديدة في الخارج «بعيداً من تجار الحروب والدم»، كما قالت.
وبينما يعيش مئات آلاف من الغزيين في مخيمات نزوح موزعة في كل قطاع غزة، تعيش الأغلبية الباقية في منازل شبه مدمَّرة أو نازحين عند أقاربهم، ويعانون مجاعة حقيقية وغلاء أسعار فاحشاً، والكثير من الفوضى التي عمقت شكل المأساة في القطاع. وقال كثير من الغزيين الذي سألتهم «الشرق الأوسط» عن مستقبلهم إنهم لا يفضلون الفصائل ويتطلعون إلى «حكومة مسؤولة»، وفق تعبيرهم.
وشرح الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، ذلك بالقول إن الغزيين لم يعودوا يهتمون بما تتبناه الفصائل وحتى السلطة الفلسطينية من شعارات «ليس لها من الواقع نصيب». وأضاف: «هم يفضّلون جهة تحكمهم قادرة على وقف نزيف الدم وأن تعيد بناء منازلهم وتوفر لهم فرص عمل يستعيدون بها حياتهم». ورأى إبراهيم أن «الأفق السياسي لليوم التالي للحرب ما زال غامضاً ولا يمكن التنبؤ به؛ مما شكّل حالة من اليأس لدى السكان ودفعهم لعدم الاهتمام بمن يحكمهم بقدر اهتمامهم بمصيرهم ومستقبل حياتهم في اللحظة التي تتوقف فيها الحرب».
ويرى إبراهيم أن السكان في غزة ملّوا من الصراع مع إسرائيل والحرب التي تتكرر كل بضعة أعوام، واليوم أصبحوا أكثر من أي وقت مضى يفكرون بالهجرة في حال أُتيحت لهم فرصة حقيقية. وأضاف: «الكلام الذي لا يقوله أهل غزة على الملأ هو: لماذا نحن؟ القضية الفلسطينية والقدس والأقصى ليست قضيتنا وحدنا... فلماذا وحدنا نموت؟».