ماذا حلّ بـ«القاعدة» بعد 22 سنة على هجمات «11 سبتمبر»؟

قيادة التنظيم تنتظر «خليفة الظواهري»... وفرع الساحل قد يستفيد من فوضى «دومينو الانقلابات»

دمار برجي مركز التجارة العالمية في هجمات 11 سبتمبر بنيويورك (أ.ب)
دمار برجي مركز التجارة العالمية في هجمات 11 سبتمبر بنيويورك (أ.ب)
TT

ماذا حلّ بـ«القاعدة» بعد 22 سنة على هجمات «11 سبتمبر»؟

دمار برجي مركز التجارة العالمية في هجمات 11 سبتمبر بنيويورك (أ.ب)
دمار برجي مركز التجارة العالمية في هجمات 11 سبتمبر بنيويورك (أ.ب)

تحل اليوم الذكرى الـ22 لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. يقيم الأميركيون، كعادتهم في كل سنة، مراسم كبيرة لتخليد ذكرى ضحاياها (قرابة ثلاثة آلاف قتيل). وفي الحقيقة، تبدو المناسبة اليوم وكأنها صارت مجرد حدث ضخم كغيرها من الأحداث التي باتت جزءاً من التاريخ. فالتهديد الذي شكّله فيما مضى تنظيم «القاعدة»، الذي نفّذ تلك الاعتداءات بطائرات مدنية مخطوفة في نيويورك وواشنطن وبنسلفانيا، قد زال إلى حد كبير. نجح الأميركيون، ومعهم طيف واسع من دول العالم، في القضاء على التنظيم وقادته البارزين، إلى درجة أن التهديد الإرهابي منذ عقد من الزمان لم يعد يرتبط بـ«القاعدة»، بل بمنافسه الأساسي في ساحة المتشددين: تنظيم «داعش».

كيف يبدو تنظيم «القاعدة» اليوم في ذكرى 11 سبتمبر؟

الجواب الذي يمكن أن يجمع عليه كثيرون هو أن التنظيم يعيش اليوم واحدة من أضعف مراحله، وإن كان ذلك الضعف لا يعني بالضرورة أنه انتهى كلياً. وليس أوضح من حقيقة ضعف التنظيم أنه بلا قيادة معلنة منذ أكثر من سنة، أي منذ نجح الأميركيون في قتل زعيمه أيمن الظواهري بغارة على مخبئه في كابل. قبل الظواهري، قتل الأميركيون سلفه أسامة بن لادن، في مخبئه بباكستان عام 2011. وبين التاريخين، قضت «الحرب ضد الإرهاب»، التي أعلنها الأميركيون ودول أخرى على خلفية هجمات 11 سبتمبر، على عشرات من القادة الأساسيين الذين مثلوا لفترات طويلة وجوهاً معروفة في التنظيم (على غرار أبو حفص المصري، وأبو يحيى الليبي، وعطية الله الليبي... واللائحة تطول بالطبع). وإضافة إلى هؤلاء، اعتقل الأميركيون القادة الأساسيين الذين يُعتقد أنهم وراء هجمات 11 سبتمبر، وهم يقبعون منذ سنوات في سجن قاعدة غوانتانامو بكوبا في انتظار محاكمتهم، وعلى رأس هؤلاء خالد الشيخ محمد «العقل المدبّر» للاعتداءات.

واجهة مبنى البنتاغون في واشنطن (أ.ب)

ومنذ مقتل الظواهري، التزم تنظيم «القاعدة» صمتاً مطبقاً، فلم يؤكد مقتله ولم ينفه، كما أنه لم يعلن عن اسم خليفته، وإن كان يُعتقد على نطاق واسع أن «الأمير الفعلي» حالياً هو سيف العدل، القيادي المصري الذي أقام لسنوات في إيران. ويكاد أن يكون سيف العدل هو الاسم الوحيد المعروف حالياً ممن تبقى من قادة «القاعدة» المخضرمين.

ويترافق التكتم الذي تلتزمه قيادة هذا التنظيم حالياً، مع تقارير مختلفة تؤكد أن «القاعدة» تعيد تموضعها في أفغانستان التي ينتقل إليها عناصر من التنظيم مع عائلاتهم. وبحسب المعلومات المتاحة، توفر حركة «طالبان»، التي عادت إلى حكم أفغانستان عقب الانسحاب الأميركي عام 2021، الحماية لضيوفها الجدد، علماً أنها تعهدت بأنها لن تسمح لضيوفها بأن يستغلوا أراضيها لشن هجمات ضد أي طرف خارجي. وليس هناك أي مؤشر إلى أنها خلفت وعدها، وإن كان من المبكر الحكم على ما إذا كانت «القاعدة» نفسها تفكر في إعادة الكرة مرة ثانية من خلال التصرف وكأنها «دولة داخل دولة»، تماماً كما فعلت في تسعينات القرن الماضي في ظل حكم «طالبان» الأول.

علم أميركي في موقع سقوط الطائرة المخطوفة في هجمات 11 سبتمبر بشانسكفيل في ولاية بنسلفانيا (أ.ب)

ورغم أن الأميركيين روجوا عندما قتلوا الظواهري قبل سنة لمعلومات تفيد بأنه كان في حماية «شبكة حقاني» في شقته بكابل، فإن عناصر «القاعدة» الذين انتقلوا إلى أفغانستان حالياً لا يعيشون فقط في مناطق نفوذ هذه الشبكة الواسعة النفوذ بالشرق الأفغاني، إذ إن هناك معلومات تفيد بأنهم يعيشون أيضاً في مناطق بقندهار في جنوب البلاد. ويعني ذلك في حال تأكده أن إقامتهم تتم بإذن من قيادة الحركة... بشرط عدم التورط في مؤامرات إرهابية انطلاقاً من أفغانستان.

فروع التنظيم

وإذا كان هذا حال «قيادة القاعدة»، فإن فروع التنظيم لا تبدو في وضع مختلف كثيراً. وبين كل فروع التنظيم، يبدو فرع الساحل الأفريقي الأكثر نشاطاً. إذ إن حكومات هذه المنطقة المدقعة في الفقر، تبدو عاجزة عن القضاء على تهديد «القاعدة»، ومنافسها «داعش»، في صحراء الساحل الأفريقي الشاسعة.

وفي الواقع، هذا العجز ليس أمراً جديداً، لكنه يبدو أكثر وضوحاً اليوم في ظل «دومينو» الانقلابات العسكرية التي عمت دول المنطقة، لا سيما في مالي وبوركينا فاسو وأخيراً النيجر. وهذه الدول الثلاث تُعدُّ محور نشاط «القاعدة» الأساسي في الساحل الأفريقي. وكانت هذه الدول تحظى على الأقل منذ عام 2012 بدعم واضح من فرنسا التي تدخلت عسكرياً في البداية انطلاقاً من مالي لمنع انهيار الدولة أمام زحف جماعات مسلحة (بينها القاعدة) امتلأت خزائنها بالأسلحة على خلفية الفوضى التي عمّت ليبيا عقب سقوط حكم العقيد معمر القذافي قبل ذلك بسنة. وإذا كان التدخل الفرنسي أوقف زحف المتشددين، إلا أنه لم يتمكن من القضاء كلياً على تهديد «القاعدة»، التي ظلّت تنشط في المناطق النائية وتنفذ بين الحين والآخر هجمات دامية على مواقع القوات الحكومية. وأثار تراجع الانخراط الفرنسي الفاعل في السنوات الأخيرة في الحرب ضد المتشددين سخطاً في أوساط عسكريي دول الساحل الذين لجأوا إلى الاستعانة بخدمات مجموعة «فاغنر» الروسية. لكن مجيء هؤلاء المرتزقة جاء على حساب رحيل الفرنسيين الذين كانوا يحظون، إلى جانب قدراتهم العسكرية الكبيرة، بدعم أميركي مهم، لا سيما انطلاقاً من النيجر، حيث للأميركيين والفرنسيين قواعد ومطارات.

مركز «أوكيولس» قرب النصب التذكاري لضحايا برجي مركز التجارة في نيويورك (أ.ف.ب)

ويبدو واضحاً في ظل الانقلابات العسكرية والانكفاء الفرنسي - الأميركي وضعف إمكانات «فاغنر» على خلفية مقتل زعيمها يفغيني بريغوجين، أن المنطقة قد تكون مقبلة على انفلات أمني أكبر، وهو أمر لا بد وأن يصب في خدمة «القاعدة» والتنظيمات الأخرى الشبيهة بها وعلى رأسها «داعش».

في المشرق العربي، يبدو تنظيم «القاعدة» أكثر ضعفاً من أي مكان آخر من أماكن انتشاره. فقد نجح «داعش» في القضاء عليه في العراق، فيما أعلن فرعه السوري (جبهة النصرة) فك ارتباطه به وغيّر اسمه إلى «هيئة تحرير الشام». ورغم أن هناك فرعاً سورياً ما زال على ولائه لـ«القاعدة» (حراس الدين)، فإن وجوده محصور في شمال غربي البلاد الخاضع لسلطة «تحرير الشام»، القوة الأساسية المهيمنة في المنطقة.

في منطقة الخليج العربي، يبدو نشاط التنظيم اليوم منحصراً في بعض المناطق باليمن، حيث يشن من وقت لآخر هجمات مسلحة وينفذ عمليات خطف رهائن مقابل الفدية. وإذا كان التنظيم في اليمن يبدو ضعيفاً عسكرياً، إلا أنه يعوّض عن ذلك بنشاط إعلامي أكثر بروزاً، كما يبدو أنه أكثر صلة من فروع أخرى بما تبقى من قيادة «التنظيم الأم»، وتحديداً محيط «الأمير الفعلي» لـ«القاعدة» حالياً سيف العدل.

أما في مصر، التي كان للتنظيم فرع قوي فيها في ما مضى، وتحديداً في شبه جزيرة سيناء، فإن وضعه حالياً يبدو بالغ الضعف. فمسلحو سيناء نقلوا ولاءهم إلى «داعش» في أوج نفوذ هذا التنظيم تحت قيادة أبو بكر البغدادي عام 2014 (ولاية سيناء)، لكنهم باتوا اليوم في وضع بالغ الضعف بعدما تمكنت قوات الأمن المصرية من طردهم من معاقلهم السابقة وإعادة الأمن إلى حد كبير إلى شبه الجزيرة. كما أن وضع فرع «القاعدة» في القرن الأفريقي يبدو بدوره صعباً، إذ تسجل «حركة الشباب» تراجعاً واضحاً ومستمراً في مناطق انتشارها بالصومال في مواجهة القوات الحكومية الصومالية التي تحظى بدعم جوي أميركي.

وفي ظل هذا الوضع لقيادة تنظيم «القاعدة» وفروعه حول العالم، يبدو أيضاً أن هجمات ما يُعرف بـ«الذئاب المنفردة» التي راجت في السنوات الماضية، باتت سلاحاً أساسياً ليس في أيدي «القاعدة»، بل في أيدي خصمها، تنظيم «داعش».


مقالات ذات صلة

باكستان: جهود لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين

آسيا جندي باكستاني يقف حارساً على الحدود الباكستانية الأفغانية التي تم تسييجها مؤخراً (وسائل الإعلام الباكستانية)

باكستان: جهود لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين

الجيش الباكستاني يبذل جهوداً كبرى لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين.

عمر فاروق (إسلام آباد)
أفريقيا وحدة من جيش بوركينا فاسو خلال عملية عسكرية (صحافة محلية)

دول الساحل تكثف عملياتها ضد معاقل الإرهاب

كثفت جيوش دول الساحل الثلاث؛ النيجر وبوركينا فاسو ومالي، خلال اليومين الماضيين من عملياتها العسكرية ضد معاقل الجماعات الإرهابية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا سيدة في إحدى قرى بوركينا فاسو تراقب آلية عسكرية تابعة للجيش (غيتي)

تنظيم «القاعدة» يقترب من عاصمة بوركينا فاسو

أعلنت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، الموالية لتنظيم «القاعدة»، أنها سيطرت على موقع عسكري متقدم تابع لجيش بوركينا فاسو.

الشيخ محمد ( نواكشوط)
أفريقيا رئيس تشاد يتحدث مع السكان المحليين (رئاسة تشاد)

الرئيس التشادي: سنلاحق إرهابيي «بوكو حرام» أينما ذهبوا

قال الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، في مقطع فيديو نشرته الرئاسة التشادية، إنه سيلاحق مقاتلي «بوكو حرام» «أينما ذهبوا، واحداً تلو الآخر، وحتى آخر معاقلهم».

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا آثار هجوم إرهابي شنَّته «بوكو حرام» ضد الجيش التشادي (إعلام محلي)

«الإرهاب» يصعّد هجماته في دول الساحل الأفريقي

تصاعدت وتيرة الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، خصوصاً بعد أن أعلنت تشاد أن أربعين جندياً قُتلوا في هجوم إرهابي.

الشيخ محمد (نواكشوط)

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

TT

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)
مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)

في المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، على مساحة لا تزيد على 360 كيلومتراً مربعاً، بطول 41 كم، وعرض يتراوح بين 5 و15 كم، يعيش في قطاع غزة نحو مليوني نسمة، ما يجعل القطاع البقعة الأكثر كثافة سكانية في العالم.

تبلغ نسبة الكثافة وفقاً لأرقام حديثة أكثر من 27 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، أما في المخيمات فترتفع الكثافة السكانية إلى حدود 56 ألف ساكن تقريباً بالكيلومتر المربع.

تأتي تسمية القطاع «قطاع غزة» نسبة لأكبر مدنه، غزة، التي تعود مشكلة إسرائيل معها إلى ما قبل احتلالها في عام 1967، عندما كانت تحت الحكم المصري.

فقد تردد ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، في احتلال القطاع بعد حرب 1948، قبل أن يعود بعد 7 سنوات، في أثناء حملة سيناء، لاحتلاله لكن بشكل لم يدُم طويلاً، ثم عاد واحتله وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان عام 1967.

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

في عام 1987، أطلق قطاع غزة شرارة الانتفاضة الشعبية الأولى، وغدا مصدر إزعاج كبيراً لإسرائيل لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، تمنى لو يصحو يوماً ويجد غزة وقد غرقت في البحر.

لكن غزة لم تغرق كما يشتهي رابين، ورمتها إسرائيل في حضن السلطة الفلسطينية عام 1994 على أمل أن تتحول هذه السلطة إلى شرطي حدود. لكن هذا كان أيضاً بمثابة وهم جديد؛ إذ اضطرت إسرائيل إلى شن أولى عملياتها العسكرية ضد غزة بعد تسليمها السلطة بنحو 8 سنوات، وتحديداً في نهاية أبريل (نيسان) 2001.

وفي مايو (أيار) 2004، شنت إسرائيل عملية «قوس قزح»، وفي سبتمبر (أيلول) 2004، عادت ونفذت عملية «أيام الندم». ثم في 2005، انسحبت إسرائيل من قطاع غزة ضمن خطة عرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط الأحادي الجانب».

بعد الانسحاب شنت إسرائيل حربين سريعين، الأولى في 25 سبتمبر (أيلول) 2005 باسم «أول الغيث»، وهي أول عملية بعد خطة فك الارتباط بأسبوعين، وبعد عام واحد، في يونيو (حزيران) 2006، شنت إسرائيل عملية باسم «سيف جلعاد» في محاولة فاشلة لاستعادة الجندي الإسرائيلي الذي خطفته «حماس» آنذاك جلعاد شاليط، بينما ما زالت السلطة تحكم قطاع غزة.

عام واحد بعد ذلك سيطرت حماس على القطاع ثم توالت حروب أكبر وأوسع وأضخم تطورت معها قدرة الحركة وقدرات الفصائل الأخرى، مثل «الجهاد الإسلامي» التي اضطرت في السنوات الأخيرة لخوض حروب منفردة.

ظلت إسرائيل تقول إن «طنجرة الضغط» في غزة تمثل تهديداً يجب التعامل معه حتى تعاملت معها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بانفجار لم تتوقعه أو تستوعبه إسرائيل وجر حرباً دموية على غزة، وأخرى على لبنان، وسلسلة مواجهات باردة في جبهات أخرى في حرب تبدو نصف إقليمية، وما أسهل أن تتحول إلى نصف عالمية.

أبرز الحروب

«الرصاص المصبوب» حسب التسمية الإسرائيلية أو «الفرقان» فلسطينياً:

بدأت في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008، وشنت خلالها إسرائيل إحدى أكبر عملياتها العسكرية على غزة وأكثرها دموية منذ الانسحاب من القطاع في 2005. واستهلتها بضربة جوية تسببت في مقتل 89 شرطياً تابعين لحركة «حماس»، إضافة إلى نحو 80 آخرين من المدنيين، ثم اقتحمت إسرائيل شمال وجنوب القطاع.

خلفت العمليات الدامية التي استمرت 21 يوماً، نحو 1400 قتيل فلسطيني و5500 جريح، ودمر أكثر من 4000 منزل في غزة، فيما تكبدت إسرائيل أكثر من 14 قتيلاً وإصابة 168 بين جنودها، يضاف إليهم ثلاثة مستوطنين ونحو ألف جريح.

وفي هذه الحرب اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» إسرائيل باستخدام الفسفور الأبيض بشكل ممنهج في قصف مناطق مأهولة بالسكان خلال الحرب.

«عمود السحاب» إسرائيلياً أو «حجارة السجيل» فلسطينياً:

أطلقت إسرائيل العملية في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 باغتيال رئيس أركان «حماس»، أحمد الجعبري. واكتفت إسرائيل بالهجمات الجوية ونفذت مئات الطلعات على غزة، وأدت العمليات إلى مقتل 174 فلسطينياً وجرح 1400.

شنت «حماس» أعنف هجوم على إسرائيل آنذاك، واستخدمت للمرة الأولى صواريخ طويلة المدى وصلت إلى تل أبيب والقدس وكانت صادمة للإسرائيليين. وأطلق خلال العملية تجاه إسرائيل أكثر من 1500 صاروخ، سقط من بينها على المدن 58 صاروخاً وجرى اعتراض 431. والبقية سقطت في مساحات مفتوحة. وقتل خلال العملية 5 إسرائيليين (أربعة مدنيين وجندي واحد) بالصواريخ الفلسطينية، بينما أصيب نحو 500 آخرين.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

«الجرف الصامد» إسرائيلياً أو «العصف المأكول» فلسطينياً:

بدأتها إسرائيل يوم الثلاثاء في 8 يوليو (تموز) 2014، ظلت 51 يوماً، وخلفت أكثر من 1500 قتيل فلسطيني ودماراً كبيراً.

اندلعت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل مسؤولين من حركة «حماس» اتهمتهم أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

شنت إسرائيل خلال الحرب أكثر من 60 ألف غارة على القطاع ودمرت 33 نفقاً تابعاً لـ«حماس» التي أطلقت في هذه المواجهة أكثر من 8000 صاروخ وصل بعضها للمرة الأولى في تاريخ المواجهات إلى تل أبيب والقدس وحيفا وتسببت بشل الحركة هناك، بما فيها إغلاق مطار بن غوريون.

قتل في الحرب 68 جندياً إسرائيلياً، و4 مدنيين، وأصيب 2500 بجروح.

قبل نهاية الحرب أعلنت «كتائب القسام» أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري لجيش الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وما زال في الأسر.

«صيحة الفجر»:

عملية بدأتها إسرائيل صباح يوم 12 نوفمبر عام 2019، باغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، بهاء أبو العطا، في شقته السكنية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وردت «حركة الجهاد الإسلامي» بهجوم صاروخي استمر بضعة أيام، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.

كانت أول حرب لا تشارك فيها «حماس» وتنجح إسرائيل في إبقائها بعيدة.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«حارس الأسوار» أو «سيف القدس»:

بدأت شرارتها من القدس بعد مواجهات في حي الشيخ جراح، واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ثم تنظيم مسيرة «الأعلام» نحو البلدة القديمة، وهي المسيرة التي حذرت «حماس» من أنها إذا تقدمت فإنها ستقصف القدس، وهو ما تم فعلاً في يوم العاشر من مايو (أيار) عام 2021.

شنت إسرائيل هجمات مكثفة على غزة وقتلت في 11 يوماً نحو 250 فلسطينياً، وأطلقت الفصائل أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن في إسرائيل، ووصلت الصواريخ إلى تخوم مطار رامون، وقتل في الهجمات 12 إسرائيلياً.

 

«الفجر الصادق» أو «وحدة الساحات»:

كررت إسرائيل هجوماً منفرداً على «الجهاد» في الخامس من أغسطس (آب) 2022 واغتالت قائد المنطقة الشمالية لـ«سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، تيسير الجعبري، بعد استنفار أعلنته «الجهاد» رداً على اعتقال مسؤول كبير في الحركة في جنين في الضفة الغربية، وهو بسام السعدي.

ردت «حركة الجهاد الإسلامي» بمئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح)، في انتقاد مبطن لعدم مشاركة «حماس» في القتال. توقفت العملية بعد أيام قليلة إثر تدخل وسطاء. وقتل في الهجمات الإسرائيلية 24 فلسطينياً بينهم 6 أطفال.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام خريطة لغزة خلال مؤتمره الصحافي في القدس ليلة الاثنين (إ.ب.أ)

«السهم الواقي» أو «ثأر الأحرار»:

حرب مفاجئة بدأتها إسرائيل في التاسع من مايو 2023، باغتيال 3 من أبرز قادة «سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة)، أمين سر المجلس العسكري لسرايا القدس، جهاد غنام (62 عاماً)، وقائد المنطقة الشمالية في السرايا خليل البهتيني (44 عاماً)، وعضو المكتب السياسي أحد مسؤولي العمل العسكري في الضفة الغربية، المبعد إلى غزة، طارق عز الدين (48 عاماً).

وحرب عام 2023 هي ثالث هجوم تشنه إسرائيل على «الجهاد الإسلامي» منفرداً، الذي رد هذه المرة بتنسيق كامل مع «حماس» عبر الغرفة المشتركة وقصف تل أبيب ومناطق أخرى كثيرة بوابل من الصواريخ تجاوز الـ500 صاروخ على الأقل.

... ثم الحرب الحالية في السابع من أكتوبر 2023.