في خطوة جيوسياسية كبرى وناجحة باتجاه دفن الماضي المرير لعلاقات اليابان بجارتها كوريا الجنوبية، عقد قادة الدولتين العملاقتين المؤثرتين في منطقة الشرق الأقصى قمَّتين متتاليتين تحظيان حالياً، في ظل التطورات الدولية، بأهمية كبرى. خلال الفترة الأخيرة، التقى كل من رئيس كوريا الجنوبية، يون سوك يول، ورئيس الوزراء الياباني، كيشيدا فوميو، مرتين، في غضون شهرين فقط؛ الأولى في العاصمة اليابانية طوكيو، والثانية في العاصمة الكورية الجنوبية سيول. وجاء اللقاءان، وفق خبراء ومراقبين، في محاولة للتغلب على مشاعر السخط والاستياء المزمنة التي تعود بين الجانبين إلى ما يزيد على 100 سنة، وأيضاً لمواجهة التحديات الإقليمية الجديدة للتوازن الاستراتيجي في شرق آسيا، وبالأخص عبر مضيق تايوان، وفي شبه الجزيرة الكورية.
يرى محللون سياسيون أن السياسات الإقليمية لكل من اليابان وكوريا الجنوبية مدفوعة الآن بالبيئة الدولية المقلقة، التي تهيمن عليها تهديدات خطيرة للنظام الدولي جراء الغزو الروسي لأوكرانيا، والموقف الدولي العدواني للصين، والتهديد النووي والصاروخي المتزايد من قِبَل كوريا الشمالية. بل إنه، خلال الشهور الأخيرة، لم تطلق كوريا الشمالية صواريخ باتجاه اليابان فحسب، بل هدّدت كذلك بشن هجوم نووي ضد كوريا الجنوبية.
في هذا الصدد، يعتقد الصحافي الهندي البارز، سي راجا موهان، أن «القمتين المنعقدتين بين اليابان وكوريا الجنوبية تشكلان انتصاراً للجغرافيا السياسية على جهود البحث عن العدالة التاريخية». ويضيف موهان: «يمكن أن تكون مسألة عقد القمتين بمثابة مقامرة من جانب الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول ورئيس الوزراء الياباني كيشيدا، ورهان على قدرتهما على التغلب على الخلافات التاريخية والسياسات الداخلية التي دفعت العلاقات بين الجارتين (وهما من أكبر اقتصادات المنطقة وديمقراطيات راسخة) نحو أدنى نقطة لها منذ عقود».
ثم يتابع: «إلى حد كبير، هدفت القمتان المتتاليتان إلى التوصل لتسوية بعد فترة طويلة من العلاقات الفاترة، التي أثارتها أحكام أصدرتها محكمة كورية جنوبية عام 2018 تقضي بدفع شركات يابانية تعويضات لبعض موظفيها الكوريين السابقين، عن تعرضهم للعمل القسري قبل نهاية الحرب العالمية الثانية. ولقد أثارت هذه الأحكام غضب اليابان، التي أصرَّت على أن جميع قضايا التعويض قد جرت تسويتها بموجب معاهدة عام 1965 التي أثمرت تطبيع العلاقات بين البلدين».
في الواقع، لطالما ساد الخلاف علاقة «الجارتين» في شرق آسيا، وكلتاهما من الدول الحليفة المهمة للولايات المتحدة، حول قضايا تاريخية على صلة بالاحتلال الاستعماري الوحشي لليابان من عام 1910 إلى عام 1945 لشبه الجزيرة الكورية، بما في ذلك العبودية الجنسية والعمل القسري.
يُذكر أنه، عام 1910، ضمت إمبراطورية اليابان إليها شبه جزيرة كوريا، وظلَّت شبه الجزيرة كلها جزءاً من الإمبراطورية اليابانية حتى عام 1945. وخلال تلك الفترة، شنت اليابان هجوماً شاملاً ضد الثقافة الكورية بغية تعزيز وضعها الاحتلالي المهيمن.
سيول اتخذت الخطوة الأولى
يعود كثير من الفضل عن التقارب الأخير بين كوريا الجنوبية واليابان إلى الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، وذلك لأخذه زمام المبادرة واتخاذه الخطوة الأولى نحو اليابان، بغية إصلاح العلاقات التي تضرّرت في عهد سلفه، مون جاي إن، ورفضه أن يحدد التاريخ المؤلم ملامح الحاضر والمستقبل.
وحقاً، بدأ التحول في العلاقات بين طوكيو وسيول أوائل مارس (آذار) 2023، مع قرار يون وضع نهاية لحالة التأزم التي وصلت إليها المفاوضات حول قضية ضحايا العمل القسري. وبدلاً عن ذلك، استعان يون بصندوق كوري جنوبي لتقديم تعويضات من جانب واحد للناجين وعائلاتهم الذين ذهبوا إلى المحكمة، الأمر الذي أعفى شركات يابانية من طلب تقديم اعتذار ودفع تعويضات. وفي غضون أيام من قراره هذا، زار يون طوكيو واتخذ خطوات مهمة نحو استعادة مناخ الأعمال والتجارة بين البلدين. وكانت هذه أول قمة ثنائية بين رئيس كوري جنوبي ورئيس وزراء ياباني منذ 12 سنة.
في هذا الصدد، يوضح سانديب كومار ميشرا، الأستاذ المساعد لدى مركز دراسات شرق آسيا في العاصمة الهندية، دلهي: «لم يلقَ هذا التقارب استقبالاً إيجابياً داخل كل من سيول وطوكيو؛ فبينما جرى اتهام يون باتباع دبلوماسية مهينة أمام المعتدي الاستعماري السابق، تعرّض كيشيدا لانتقادات باعتباره وضع بلاده على الطريق نحو خيبة أمل أخرى عندما تأتي الانتخابات المستقبلية في كوريا بسياسي مناهض لليابان إلى الرئاسة. ولكن، مع ذلك، يستحق الرجلان معاً الثناء، لاعترافهما بالتاريخ المأساوي لبلديهما، بينما يتطلعان نحو المستقبل... إن تعميق العلاقات بين القوتين الآسيويتين لا يفيد بلديهما فحسب، وإنما يعزز كذلك الجهود المبذولة لكبح العدوان الكوري الشمالي وتحقيق توازن ضروري أمام نفوذ الصين المتزايد في المنطقة».
الخطر الصيني
ويتابع ميشرا قائلاً: «مساعي الصين للهيمنة على شرق آسيا قد حققت على ما يبدو ما لم تحققه سنوات من الجهود الأميركية... فقد أثمرت عقد مصالحة بين حليفتي الولايات المتحدة المتناحرتين: اليابان وكوريا الجنوبية».
ومن جانبه، صرح رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، خلال قمته الثنائية الثانية مع رئيس الوزراء الياباني كيشيدا بأن «الظروف الدولية الخطيرة»، و«مجموعة معقدة من الأزمات العالمية»، تستلزم التعاون بين كوريا الجنوبية واليابان. وبالفعل، هذا الشهر، ردَّ رئيس الوزراء الياباني كيشيدا زيارة الرئيس كوري الجنوبي لبلاده. وأظهر كيشيدا شجاعة سياسية تُسجل له؛ بزيارته سيول، في وجه معارضة العناصر المحافظة في اليابان.
لقد أقدم كيشيدا على فعل نادر الحدوث من جانب القادة السياسيين اليابانيين في فترة ما بعد الحرب، وذلك بإعرابه عن تعاطفه مع الكوريين الذين أُجبروا على العبودية خلال الحكم الاستعماري الياباني، وقال إن قلبه «يتألم»، بسبب معاناة كوريا خلال تلك الحقبة. وأضاف كيشيدا أن مسؤوليته رئيساً لوزراء اليابان تكمن في التعاون مع الرئيس يون وكوريا الجنوبية في المستقبل «ومواصلة جهود أسلافنا للتغلب على الفترات العصيبة». واستطرد الزعيم الياباني قائلاً: «نحن الحلفاء الأساسيون للولايات المتحدة في شمال شرق آسيا». وأكد أن اليابان وكوريا الجنوبية تسعيان إلى تعزيز قدراتهما على صعيدَي الردع والاستجابة لكوريا الشمالية، من خلال سلسلة من التحالفات الأمنية بين البلدين، إضافة إلى الولايات المتحدة.
في السياق ذاته، أعرب دانييل شنايدر، زميل «المعهد الاقتصادي الكوري»، عن اعتقاده بأن كيشيدا، تحت ضغط من المحافظين الذين يعارضون أي اعتذار ياباني إضافي أو الاعتراف بمسؤولية القمع في كوريا الجنوبية، ساوره التردد حيال الذهاب إلى هذا الحد البعيد. لكنه، مع ذلك، اتخذ قراره بإظهار تعاطفه الشخصي مع الضحايا... وقال أمام المراسلين إن قلبه «يتألم» بسبب معاناتهم. كذلك عرض على كوريا الجنوبية إتاحة الوصول إلى موقع فوكوشيما النووي لتهدئة المخاوف إزاء التلوث الإشعاعي في المياه التي يجري تصريفها.
المصلحة في التقارب
مراقبون يرون أن التوجع العدواني المتزايد من جانب الصين وكوريا الشمالية دفع الولايات المتحدة نحو مزيد من التدخل في تحالفات شرق آسيا. وعليه، دعم البيت الأبيض التقارب الياباني - الكوري الجنوبي بشكل غير مباشر عبر سلسلة من اللقاءات الثلاثية خلال العام الماضي. ويرى محللون أن الأميركيين عملوا بجدٍ لتقليل التوترات بين حليفيهم الآسيويين الرئيسيين، مع أن هذه الجهود لم تصادف نجاحاً يُذكر على امتداد فترة طويلة... رغم تصاعد التوترات مع الصين وكوريا الشمالية.
مع هذا، في ظل أجواء «الحرب الباردة» المتجددة التي بدأت تلقي بظلالها على آسيا، والتي تهدد باستمرار التصعيد وصولاً للمواجهة، يخالج سيول وطوكيو القلق. ويتركز هذا القلق على القوة العسكرية المتنامية للصين في بحر الصين الجنوبي وحول جزيرة تايوان، والتوجهات العدوانية لكوريا الشمالية التي تنفذ اختبارات صاروخية متطورة على نحو متزايد.
موقف واشنطن
في هذا الإطار، رفعت الولايات المتحدة وتيرة جهودها في الفترة الأخيرة، خصوصاً بعدما أجرت كوريا الشمالية تجارب على إطلاق أكثر من 70 صاروخاً، يتميز كثير منها بقدرة نووية، خلال عام 2022. وبالفعل، اعترف السفير الأميركي لدى اليابان، رام إيمانويل، بأن بلاده وحليفتيها، اليابان وكوريا الجنوبية، عقدوا قرابة 40 اجتماعاً ثلاثياً قبل قمة طوكيو.
من ناحية أخرى، ترى الصحافية الهندية، بالكي شارما، أن كلاً من اليابان وكوريا الجنوبية تتبنى التوجه الاستراتيجي المقبل من واشنطن، وأنهما تدركان أن بقاءهما - على الصعيدين الوطني والسياسي - يعتمد على الانسجام مع الأولويات العالمية والإقليمية لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن؛ فقد أدركت طوكيو وسيول أن «البيئة الجيوسياسية سريعة التغير خلقت تحديات ليس بمقدورهما التعامل معها بمفردهما».
وأسهمت المناورات المشتركة لطائرات عسكرية صينية وروسية قرب المجالين الجويين الكوري الجنوبي والياباني، خلال السنوات الأخيرة، في تعزيز هذه الرسالة.
وبجانب ذلك، ليس بإمكان كوريا الجنوبية تعزيز تحالفها مع الولايات المتحدة؛ ما لم تحافظ على علاقة عمل جيدة مع اليابان، وهذا أمر يدركه الرئيس يون جيداً.
التعاون الثلاثي
على صعيد متصل، من المتوقَّع أن يعقد كل من يون وكيشيدا مباحثات ثلاثية مع الرئيس جو بايدن، قبل نهاية مايو (أيار) الحالي، على هامش اجتماعات «مجموعة السبع» في مدينة هيروشيما اليابانية. وترمي المباحثات لمناقشة حالة كوريا الشمالية، واللااستقرار الإقليمي الناجم عن سياسة الصين الخارجية التي تبدي قوة متزايدة.
هنا يعتقد ميشرا أن «الحوار الأمني الثلاثي بين اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة سيحمل رداً قوياً على كل من كوريا الشمالية والصين، وحتى على المحور العسكري الصيني ـ الروسي المحتمل. كما ستثمر المباحثات اجتماعاً ثلاثياً في يونيو (حزيران) بين وزراء الدفاع، سيكون من شأنه إضفاء طابع رسمي على مشاركة البيانات حول الدفاع الصاروخي، وهو هدف أُقِر عام 2023. وعلاوة على ذلك، فإن استعادة العلاقات بين أقوى حليفين لواشنطن في آسيا، تتيح فرصاً أمام إدارة بايدن لبناء جبهة موحّدة ضد الصين، التي تسعى إلى تقويض النظام الدولي القائم على القواعد، والهيمنة على المنطقة في مواجهة الولايات المتحدة.
أيضاً، تخطط اليابان وكوريا الجنوبية لربط الرادارات الخاصة بهما عبر نظام أميركي، وذلك لإمداد طوكيو ببيانات في الوقت الفعلي، وهي خطوة من شأنها تحسين قدراتها بينما تواصل كوريا الشمالية المسلحة نووياً إطلاق الصواريخ بمعدل غير مسبوق. وضمن هذا الإطار، أفادت وكالة أنباء «يونهاب» الكورية الجنوبية، نقلاً عن مسؤول بالرئاسة في سيول، أن الدول الثلاث تعمل كذلك على إطلاق مجموعة استشارية لتبادل بيانات التحذير من الصواريخ في الوقت الفعلي.
إعلان واشنطن
جدير بالذكر أنه بعد زيارة طوكيو، وصل يون إلى واشنطن للاحتفال بالذكرى السبعين للعلاقات الثنائية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. وكان أبرز ما في الزيارة التوقيع على «إعلان واشنطن» كاستراتيجية ردع نووي.
ماذا يقول إعلان واشنطن؟
وفق الإعلان، سيُصار إلى تمركز غواصة نووية أميركية باليستية قبالة شبه الجزيرة الكورية. وسيجري تشكيل مجموعة استشارية نووية لصياغة مبادئ تكتيكات الرد المشترك. وستتلقى كوريا الجنوبية معلومات استخباراتية من الولايات المتحدة فيما يخص التطورات النووية، كما ستعزز الولايات المتحدة قدرات الردع النووي لكوريا الجنوبية من خلال برامج التدريب العسكري المشتركة.
أيضاً، أكد الإعلان من جديد على معاهدة حظر الانتشار النووي؛ ما يعني أن كوريا الجنوبية لن تغامر بإنشاء قدرات نووية مستقلة خاصة بها، بل ستركز اهتمامها، بدلاً من ذلك، على تدابير الردع، من خلال نهج قائم على التحالف. كما يفوض الإعلان الرئيس الأميركي باعتباره صاحب «السلطة الوحيدة» لاستخدام الترسانة النووية للولايات المتحدة، حال وقوع مواجهة نووية.
ما يستحق الذكر عند هذه النقطة أن التحالف بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة أُسس قبل 70 عاماً، تحديداً في أعقاب الحرب الكورية (1950 - 1953)، وهو الصراع الذي شهد مقتل قرابة 37000 أميركي قاتلوا إلى جانب نظرائهم الكوريين الجنوبيين. وكانت شرارة الحرب الكورية قد انطلقت، يوم 25 يونيو 1950، عندما شنت كوريا الشمالية غزواً مفاجئاً ضد كوريا الجنوبية. ورداً على هذا العدوان، أصبحت الولايات المتحدة أول دولة أجنبية تتدخل في الصراع، وتقف إلى جانب كوريا الجنوبية.
الترسانة النووية
أما بالنسبة للسؤال: لماذا لا تبدو الولايات المتحدة متحمسة تجاه امتلاك كوريا الجنوبية ترسانة نووية؟ فإن فيمي فرنسيس، الباحثة في «المعهد الوطني للدراسات المتقدمة» ببنغالورو (جنوب الهند)، توضح: «أعيق برنامج التطوير النووي لكوريا الجنوبية الذي دعمه الرئيس السابق بارك تشونغ هي، بسبب ضغوط أميركية. وفي التسعينات، سحبت واشنطن 100 سلاح نووي من كوريا الجنوبية جزءاً من (معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية). وكانت واشنطن - التي أملت في جعل كوريا الشمالية تنزع سلاحها – قد افترضت خطأً أنها يمكن أن تردع إنتاج الأسلحة لكوريا الشمالية من خلال إعاقة القدرة النووية لكوريا الجنوبية».
وأضافت فرنسيس: «مراجعة الوضع النووي عام 2022 تعكس تحولاً في الرؤية الأميركية، مع شعور واشنطن بالقلق إزاء القدرات النووية المتقدمة لكوريا الشمالية». يذكر التقرير أن كوريا الشمالية تخلق معضلات ردع أمام الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها، وأن اندلاع أزمة أو صراع في شبه الجزيرة الكورية يمكن أن يضم عدداً من العناصر الفاعلة المسلحة نووياً؛ ما يفاقم خطر اشتعال صراع أوسع.
وفي نهاية الأمر، ترغب واشنطن في السيطرة على إنتاج الأسلحة النووية عالمياً. لذلك، شعرت بالتردد حيال السماح لكوريا الجنوبية بتطوير ترسانتها النووية، لأنها ستعيق بذلك جهود السيطرة على الإنتاج النووي في العالم. ويتوافق التأكيد على أن الولايات المتحدة وأسلحتها النووية ستحمي حلفاءها، من خلال تحمل المسؤولية عن الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، مع الهدف الأميركي الأكبر المتمثل في منع الانتشار النووي.
وبوجه عام، تحظى واشنطن بنفوذ كبير فيما يخص صياغة أهداف السياسة الخارجية لكوريا الجنوبية. وفي المقابل، تفضل سيول تجنب إحباط آمال واشنطن، لأن الأخيرة داعم محوري لها.
غضب صيني وكوري شمالي مفهوم ... لتقارب الخصوم
* التقارب بين سيول وطوكيو، إلى جانب الإعلان النووي لواشنطن، أثار قلق بكين.
وبحسب مقال في صحيفة «غلوبال تايمز» الحكومية في الصين، فإن «سلوك الولايات المتحدة يأتي نتاجاً لعقلية الحرب الباردة. إن ما فعلته الولايات المتحدة يؤجج احتمالات المواجهة، ويقوّض نظام حظر الانتشار النووي، ويضر بالمصالح الاستراتيجية للدول الأخرى».
وتناول مقال آخر سياسات الرئيس الكوري الجنوبي يون «الداعمة للولايات المتحدة بشدة»، واتهمه بـ«السير خلف الولايات المتحدة بشكل أعمى»، و«الإذعان أمام اليابان لإرضاء واشنطن».
وذكر كذلك أن يون «فقد التوازن»، و«يبدو أكثر عدائية تجاه جيرانه الثلاثة المهمين»، بما في ذلك كوريا الشمالية وروسيا.
وبالنسبة لبيونغ يانغ، هدد زعيم كوريا الشمالية، كيم يونغ أون، مراراً بمهاجمة كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، اللتين تعتبرهما بيونغ يانغ «بلدين عدوين» لها. وجرى التأكيد على تصريحاته من خلال عدد قياسي من عمليات إطلاق الصواريخ، العام الماضي. ومنذ العام الماضي، أظهرت الأنشطة في موقع بونغيي ـ ري للتجارب النووية في كوريا الشمالية، استعداد الأخيرة لإجراء تجربة نووية بأي وقت.
غير أن الرئيس الكوري الجنوبي، بعد زيارته الرسمية لواشنطن، أعلن رفضه الانتقادات الصينية، وقال يون: «إذا كانوا يريدون إثارة مشكلة معنا، وانتقادنا لتبني إعلان واشنطن ورفع مستوى تعاوننا الأمني مع واشنطن إلى تعاون نووي، فعليهم خفض التهديد النووي»، الصادر عن كوريا الشمالية، «أو على الأقل الالتزام بالقانون الدولي، والالتزام بالعقوبات المفروضة من مجلس الأمن الدولي».
في الوقت ذاته، رأى مراقبون دبلوماسيون أن رد فعل بكين على التحسُّن السريع في العلاقات بين كوريا الجنوبية واليابان، يؤكد مخاوفها المتزايدة بشأن تحالف عسكري ناشئ بين الجارتين الآسيويتين وواشنطن. وفي الإطار ذاته، قالت كيم يو جونغ، شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، في تعليقاتها المنشورة عبر وسائل الإعلام الرسمية إن «الاتفاق بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية يعكس (إرادة الحلفاء الأكثر عدائية وعدوانية) ضد كوريا الشمالية، وسيدفع السلام والأمن الإقليميين نحو (خطر أكبر)».