هل بات لاجئو سوريا ونازحوها ممرّاً للرئاسة اللبنانية؟

وسط المطالبات والتجاذبات السياسية

لاجئون سوريون في لبنان (أ.ب)
لاجئون سوريون في لبنان (أ.ب)
TT

هل بات لاجئو سوريا ونازحوها ممرّاً للرئاسة اللبنانية؟

لاجئون سوريون في لبنان (أ.ب)
لاجئون سوريون في لبنان (أ.ب)

ينفي رسميون لبنانيون أن قراراً جديداً «غير معلن» بالتحرك للضغط باتجاه إعادة اللاجئين والنازحين السوريين إلى بلادهم، والتضييق عليهم لتفضيل العودة على البقاء، كان السبب الرئيس وراء استنفار الأجهزة الأمنية والبلديات لملاحقة المخالفين الذين لا يحملون أوراقاً رسمية تخوّلهم البقاء في لبنان.

في الواقع، الحملة الأمنية الكبيرة التي استهدفت المخالفين ترافقت مع حملة أكبر على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام تدفع باتجاه إعادتهم «بأي طريقة». الأمر الذي أدى إلى تلقف الحكومة الكرة لتنظيم الوضع وتصويبه.

وهكذا كان، إذ كلف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كلاً من المدير العام للأمن العام بالإنابة العميد إلياس البيسري ووزيري العمل والشؤون الاجتماعية متابعة موضوع إعادة النازحين السوريين، والتأكيد على التدابير والإجراءات المتخذة من قبل الجيش والأجهزة الأمنية كافة بحق المخالفين، خاصةً لجهة الداخلين بصورة غير شرعية وغير الحائزين على الوثائق الرسمية والقانونية. وأيضاً الطلب من المفوضية العليا لشؤون النازحين تزويد وزارة الداخلية والبلديات بالمعطيات (البيانات) الخاصة بالنازحين السوريين على أنواعها، على أن تسقط صفة النازح عن كل شخص يغادر الأراضي اللبنانية.

مراقبة العمالة

من الإجراءات الحكومية اللبنانية الجديدة، الطلب من وزارة العمل التشدد في مراقبة العمالة ضمن القطاعات المسموح بها، والطلب من وزير العدل البحث في إمكانية تسليم الموقوفين والمحكومين للدولة السورية بشكل فوري مع مراعاة القوانين والاتفاقيات ذات الصلة.

ولقد ألقت الحكومة ووزارة الداخلية بالحمل الأكبر في موضوع التشدد في التعامل مع النازحين السوريين المخالفين على عاتق البلديات - التي تئن أصلاً من تراجع إيراداتها وعجزها عن دفع رواتب موظفيها - كي يقوموا بالمهام المطلوبة منهم لجهة إحصاء النازحين والتأكد من حيازتهم الأوراق الرسمية التي تتيح لهم البقاء في لبنان والعمل في بعض القطاعات. وهذا ما دفع عدداً كبيراً من رؤساء البلديات لرفع الصوت، ما يهدد بسقوط الإجراءات الحكومية عند مفترق التطبيق والخطوات العملية.

خلفيات «رئاسية»

سياسياً، لطالما كان التيار الوطني الحر (التيار العوني) «رأس حربة» في المطالبة بإعادة النازحين. ونتيجة خطابه المتشدد في هذا المجال طوال السنوات الماضية وُجهت إليه اتهامات حادة بـ«العنصرية». ولكن كان لافتاً كيف لاقى «التيار» في الأيام الماضية بحذر الحملة الأخيرة ضد النزوح السوري. وهو ما عبّر عنه رئيسه النائب جبران باسيل الذي تحدث عن «خشية من التحريض المذهبي والعنصري والفئوي الحاصل والمبرمج حالياً بلبنان ضد النازحين». وحثّ على «الاستفادة من الحوار والتفاهم السوري – السعودي - الإيراني، لتأمين عودة لائقة آمنة وكريمة للنازح السوري من خلال إعادة إعمار سوريا ولبنان؛ وليس من خلال خلق فتنة جديدة بين اللبنانيين والسوريين، نتيجتها خدمة المشروع التقسيمي».

من جهة ثانية، شنّ العونيون أخيراً حملة مكثفة للتذكير بأنهم كانوا «أول وأبرز من طالب بإعادة النازحين»، واتهموا القوى التي تدفع اليوم بهذا الاتجاه «بتنفيذ أجندات داخلية وخارجية معينة». وعدّ ناشطون في «التيار» أن «حزب الله» وحلفاءه حرّكوا هذا الملف بهدف تعزيز حظوظ رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية الرئاسية، وبخاصة أنه فرنجية كان قد قال في غير إطلالة إنه «قادر على أن يحقق إنجازات في هذا الملف أكثر من أي رئيس آخر لعلاقته الوطيدة بالرئيس السوري بشار الأسد». وذهب بعضهم باتجاه إقحام قائد الجيش العماد جوزيف عون بالملف، معتبرين أن من مصلحته تحريكه أمنياً للقول إنه إذا انتُخب رئيساً سيكون قادراً على ضبط الوضع وإعادة النازحين إلى بلادهم.

تسجيل نقاط... واستهلاك سياسي

في هذا السياق، قال الدكتور سامي نادر، مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية في بيروت، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، معلّقاً: «مما لا شك فيه أن توقيت فتح ملف العودة اليوم مرتبط بالسباق الرئاسي اللبناني... وهو يشكل مادة لتسجيل النقاط وللاستهلاك السياسي. هذا ما يحصل، ليس في لبنان فقط، بل في تركيا وأوروبا وأميركا أيضاً، حيث الكل يلعب ورقة المهاجرين عشية الاستحقاقات الرئاسية أو النيابية».

العميد المتقاعد خليل الحلو، وافق نادر رأيه، ويؤكد أن «جماعة الممانعة هي التي حركت ملف العودة في الفترة الخيرة لاعتبارات مرتبطة بالملف الرئاسي، خاصةً مع خروج سليمان فرنجية ليعدنا بحلول سحرية لحل أزمة النزوح». وبالفعل، كان لافتاً خروج الحزب السوري القومي الاجتماعي للدفع باتجاه العودة لأول مرة منذ 12 سنة، وهو ما وضعه كثيرون في خانة دعم حظوظ فرنجية الرئاسية. إذ ذكر الحزب في بيان: «بعد أكثر من 6 سنوات على وقف إطلاق النار في المدن والبلدات السورية، بات من الضروري عودة كل النازحين في لبنان إلى مدنهم وبلداتهم، انطلاقاً من حاجة تلك المناطق إلى أبنائها اجتماعياً وتنموياً، وكي يرفعوا عن بلادهم عبء استخدام ملف النزوح كورقة سياسية للضغط على الحكومتين في دمشق وبيروت، ولا سيّما أنهم يُستخدمون كورقة ضغط محلياً ودولياً».

أما «حزب الله» فواكب هذه الحملة وأبلغ مسؤول ملف النازحين في الحزب النائب السابق نوار الساحلي، المدير العام للأمن العام بالإنابة العميد إلياس البيسري «استعداد (حزب الله) دائماً لإبداء أي مساعدة في تسريع هذا الملف»، واضعاً «إمكانية الحزب الكاملة في سبيل تحقيق الأهداف التي تساهم في تحسين الأوضاع في لبنان».

«التقدمي الاشتراكي» يتمايز

وفي حين تجاوزت كل القوى السياسية خلافاتها وصراعاتها لتتكاتف في هذا الملف لاعتبارها أنه بات «يهدد وجودياً لبنان واللبنانيين»، تمايز الحزب التقدمي الاشتراكي في موقفه، ولم يبدُ رئيسه أو مسؤولوه متحمسين لإعادة النازحين. وقالت مصادر الحزب إنه «لا أحد يريد إبقاء النازحين السوريين في لبنان إلى الأبد، إنما المطلوب البحث في الآليات المثلى التي تضمن سلامتهم. وهي لا تبدو متوافرة عند النظام السوري، الذي راوغ في هذه المسألة منذ سنوات وأعاد كل الوفود اللبنانية الرسمية وغير الرسمية التي زارت دمشق خالية الوفاض».

وعدّ مصدر «تقدمي اشتراكي» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «ما لم تتوافر ضمانات معينة تتيح عودة آمنة ولائقة وكريمة لهم، سنبقى على تحفظنا، فلبنان لا يستطيع أن يتنكّر لدوره التاريخي في أن يكون ملجأ للمضطهدين. كما أن التعويم السياسي الذي يعيشه في هذه الحقبة النظام السوري يضاعف من مخاوف دفع النازحين إلى قدَر مجهول ما لم تترافق خطوات (التطبيع) السياسي مع خطوات ملموسة ومواقف حاسمة تحمي النازحين».

ورأى المصدر أن «توقيت فتح هذا الملف مشبوه، والمقاربات العنصرية التي نسمعها من هنا وهناك من شأنها أن تؤجج التوتر، وتدفع الأمور إلى ما لا يحمد عقباه في مختلف المناطق التي تشهد اختلاطاً ملحوظاً». وشدد على أن «المطلوب اليوم تهدئة النفوس مجدداً واعتماد العقلانية سبيلاً وحيداً للتعامل مع هذا الملف الحساس، بعيداً عن الشعبوية أو العنصرية المقيتة». وأضاف: «أما إذا كانت الجهات الرسمية اللبنانية قادرة على دفع دمشق في اتجاه إعادة النازحين وحمايتهم والحفاظ على سلامتهم، وهو أمر مستبعد جداً، فعندئذ لكل حادث حديث. المطلوب اليوم الإقلاع عن التوتير السياسي والإعلامي والميداني وعدم تحميل النازحين السوريين كل مصائب لبنان ومفاسده».

صراع «التيار» ـ «القوات»

من جهة ثانية، شهد ملف «النزوح» كثيراً من الأخذ والرد بين «العونيين» و«القواتيين» (حزب «القوات اللبنانية»)، خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، مع اتهام مناصري «التيار» مناصري «القوات» بـ«الدخول متأخرين على الخط وتنفيذ أجندات إقليمية أثبتت فشلها».

وردّ رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» شارل جبور على كل هذه الاتهامات محملاً مسؤولية «الدخول العشوائي للنازحين إلى لبنان لحكومة (8 آذار) التي كانت قائمة مع انطلاق حملات النزوح، التي كان لباسيل حصة الأسد فيها، المتمثلة بـ11 وزيراً». ولفت جبور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «في المرحلة الأولى كنا أمام مسألة من طبيعة إنسانية، لكن عندما توقفت الحرب قبل نحو 5 سنوات اعتبرنا أنه حان الوقت لعودة النازحين. لذلك رفعنا الصوت وقمنا بخطوات عملية في هذا السياق بخلاف الأداء الشعبوي لقوى أخرى، فتقدمنا بمشروع لنقل النازحين إلى الحدود من الجانب السوري، لكننا لم نجد تجاوباً في الداخل، ولا في الخارج، وكان الموضوع يستخدم في الداخل لتسجيل النقاط السياسية». واعتبر جبور أن «مَن يمنع إعادة النازحين اليوم هم حلفاء باسيل، أي (حزب الله) والأسد، لاعتبارات ديموغرافية معروفة».

وغير بعيد عن هذا الشأن، برز تصعيد رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في موضوع النزوح، وقوله إن «أغلب الدول الأوروبية لا تريد النازحين، وتريد أن تفرضهم علينا وأن يبقوا عندنا». وعدّ عون أن «النازح السوري أتى إلى لبنان وارتاح هنا، وهو نازح أمني، لا سياسي. لكن الدول تفرض علينا أن نفكر بأن النازح السياسي هو مثل النازح الأمني، وهذه كذبة فيها وقاحة». وأردف: «نحن نعلم من سبّب دخول النازحين السوريين إلى لبنان، وكانت هناك دول خلف ذلك الأمر، وضغطت علينا للإتيان بهم». ثم تابع أنه «نبّه الحكومات المتتالية إلى خطورة نتائج النزوح، لكنها لم تكن على قدر كافٍ من الوعي، لاتخاذ الإجراءات أو المواقف السياسية أو الإنسانية اللازمة».

العودة صعبة المنال!

في أي حال، يُجمع الخبراء على أن تحقيق عودة النازحين لن تكون بالسهولة التي يعتقدها البعض، وأن المسار سيكون طويلاً ومعقداً. وهذا ما يقوله الدكتور نادر (مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية) عندما يوضح أن «موضوع النزوح السوري يشكل مشكلة أكبر من الأزمة المالية - الاقتصادية التي نرزح تحتها لأننا هنا نتحدث عن احتمال تغيير ديموغرافي، يعني تهديداً وجودياً، فالخوف ليس حصراً من عدد النازحين الحالي، إنما من عدد الولادات التي تخطت نسبة الولادات اللبنانية».

وتابع نادر لـ«الشرق الأوسط» شارحاً أن «ملف العودة كان يحشر في السابق أخصام الأسد الذين كانوا يرفضون التكلم معه لإعادتهم. أما اليوم فهو يحشر حلفاءه، ولا سيما المرشحين للرئاسة، باعتبار أنه هو وسياسته أديا إلى النزوح، وهو نفسه اليوم لا يسهل العودة». ويعدّ نادر أن «تحقيق العودة صعب جداً، لأن الأسد الذي أخرجهم لن يعيدهم. وطالما هذا النظام موجود لن تكون هناك العودة المنشودة... وإن كنا سنشهد عودة قسم منهم إلى المناطق المحرّرة وإلى شمال سوريا والجنوب السوري بإطار سياسة هادفة فاعلة».

ويحمّل الحلو في لقائه مع «الشرق الأوسط» كلاً من «نظام الأسد و(حزب الله) والميليشيات المتعاونة مع إيران والقصف الجوي الروسي للمنشآت الحيوية في المدن والقرى مسؤولية تهجير السوريين»، معتبراً أن «وجودهم العشوائي في لبنان يتحمل مسؤوليته من جهة (السياديون) الذين رفضوا وضع النازحين في مخيمات تضامناً معهم... ومن جهة أخرى (حزب الله) وحلفاؤه الذين كان يخشى تسليحهم واستخدامهم ضده».

وإذ يدعو الحلو إلى «مقاربة عقلانية - قانونية للملف، بعيداً عن الغوغائية»، يشدد على وجوب الابتعاد قدر الإمكان عن أي مقاربة عنصرية للملف.

ولا تبدو قراءة رياض قهوجي، رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيغما»، بعيدة عن قراءتي نادر والحلو للمعطيات الراهنة. إذ يوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الملف مرتبط بأمور كثيرة داخلية وخارجية»، مشيراً إلى وجود «أطراف مستفيدة من وضع النازحين عبر جمعيات توفر مدخولاً مالياً لها من جهات دولية. كما أن النظام السوري يستخدم النازحين كأداة ابتزاز ضد لبنان والمجتمع الدولي، والقوى الغربية بقيادة أميركا لا تدعم العودة قبل حل سياسي للأزمة السورية وتطبيق إصلاحات حسب قرار مجلس الأمن... لأن هذه العودة تتطلب دعماً مالياً لإعادة الإعمار، وهو ما لا تريد أن تُقدم عليه بوجود نظام الأسد بشكله الحالي».

ولا يستبعد قهوجي أن يكون للانتخابات الرئاسية «دور في إثارة هذا الموضوع لإظهار ضخامة المشكلة ومحاولة بعض الجهات عرض نفسها كمدخل للحل في حال تسلمت السلطة»، قبل أن يختتم بالقول: «لا أعتقد أن هذا الملف قابل للحل دون دعم أميركي - غربي».

الوجود السوري في لبنان... بالأرقام

- يُقدر العدد الإجمالي للاجئين والنازحين السوريين الموجودين بلبنان بحوالي مليوني سوري، بحسب الأمن العام اللبناني، أي ما نسبته تقريباً 35 في المائة من سكان لبنان. ومن بين هؤلاء 804326 مسجلاً لدى مفوضية اللاجئين.

- بحسب المفوضية، تستضيف منطقة جبل لبنان أكبر عدد من النازحين (385033 نازحاً)، يليها سهل البقاع (352110 نازحاً) ثمّ الشمال (200762 نازحاً).

- يتوزع النازحون على 1000 بلدة من البلدات اللبنانية الـ1050، بحسب وزارة الشؤون الاجتماعية.

- هناك نحو 200 ألف طفل سوري ولدوا في لبنان منذ بداية الأزمة، أي بمعدل 20 ألفاً سنوياً، وقد ارتفعت هذه الأرقام وفق آخر إحصاء لتصل إلى 50 ألف ولادة سنوياً مقابل 70 ألف ولادة لبنانية.

- أعيد 540 ألف سوري تم إعادتهم إلى سوريا ضمن إطار العودة الطوعية، وفق الأمن العام اللبناني.

- عام 2022 نُقل ما يقارب 8300 نازح من لبنان إلى بلد ثالث، وهذه زيادة بنسبة 24 في المائة مقارنة بعام 2021.

- تلقى لبنان ما يقارب 9.3 مليار دولار أميركي منذ عام 2015 لدعم اللاجئين السوريين واللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين والمؤسسات العامة في إطار خطة لبنان للاستجابة للأزمة.

- بحسب المفوضية، 90 في المائة من النازحين السوريين في لبنان يعيشون في فقر مدقع، وأقل من 1 في المائة منهم يتمتعون بالأمن الغذائي.

- بحسب تصريحات للواء عباس إبراهيم، مدير عام الأمن العام اللبناني سابقاً، عام 2022، فإن 42 في المائة من مجموع السجناء في لبنان من الجنسية السورية. لكن هذه النسبة تدنت وهي تبلغ حالياً 29.8 في المائة.

- تكلفة النزوح السوري على لبنان تجاوزت 40 مليار دولار، وفق الرئيس السابق ميشال عون.

- أبرز الأسباب التي يقول اللاجئون والنازحون إنها تحول دون عودتهم، هي عدم توفر السلامة، انعدام الأمن، الافتقار إلى المسكن، نقص الخدمات الأساسية وسُبل العيش. ويضاف إلى ما سبق الخوف من الاعتقال والاحتجاز وفرض الالتحاق بالخدمة العسكرية.


مقالات ذات صلة

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر أمنية، السبت، أن اثنين من رجال الأمن ومهاجرَين قُتلوا بإطلاق نار في لون بلاج بالقرب من مدينة دونكيرك الشمالية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا منظمة «أطباء بلا حدود» تنقذ مئات المهاجرين على متن قارب في البحر الأبيض المتوسط (أ.ب)

بسبب القوانين... «أطباء بلا حدود» تُوقف إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط

أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود»، الجمعة، وقف عملياتها لإنقاذ المهاجرين في وسط البحر الأبيض المتوسط بسبب «القوانين والسياسات الإيطالية».

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي مهاجرون جرى إنقاذهم ينزلون من سفينة لخفر السواحل اليوناني بميناء ميتيليني (رويترز)

اليونان تعلّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين

أعلنت اليونان التي تُعدّ منفذاً أساسياً لكثير من اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، أنها علّقت بشكل مؤقت دراسة طلبات اللجوء المقدَّمة من سوريين

«الشرق الأوسط» (أثينا)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

جزر الباهاماس ترفض اقتراح ترمب باستقبال المهاجرين المرحّلين

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن جزر الباهاماس رفضت اقتراحاً من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المقبلة، باستقبال المهاجرين المرحَّلين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
TT

شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق السودان هو «الجسر» الذي يمكن أن تعبره قوات أي منهما نحو أرض الجانب الآخر. ومع تأثر الإقليم أيضاً بالصراعات الداخلية الإثيوبية، وبأطماع الدولتين بموارد السودان، يظل الصراع على «مثلث حلايب» هو الآخر لغماً قد ينفجر يوماً ما.

حدود ملتهبة

تحدّ إقليم «شرق السودان» ثلاث دول، هي مصر شمالاً، وإريتريا شرقاً، وإثيوبيا في الجنوب الشرقي، ويفصله البحر الأحمر عن المملكة العربية السعودية. وهو يتمتع بشاطئ طوله أكثر من 700 كيلومتر؛ ما يجعل منه جزءاً مهماً من ممر التجارة الدولية المهم، البحر الأحمر، وساحة تنافس أجندات إقليمية ودولية.

وفئوياً، تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة من نواحي البلاد الأخرى، وبينها تناقضات وصراعات تاريخية، وارتباطات وقبائل مشتركة مع دول الجوار الثلاث. كذلك يتأثر الإقليم بالصراعات المحتدمة في الإقليم، وبخاصة بين إريتريا وإثيوبيا، وهو إلى جانب سكانه يعج باللاجئين من الدولتين المتشاكستين على الدوام؛ ما يجعل منه ساحة خلفية لأي حرب قد تنشأ بينهما.

وحقاً، ظل شرق السودان لفترة طويلة ساحة حروب داخلية وخارجية. وظلت إريتريا وإثيوبيا تستضيفان الحركات المسلحة السودانية، وتنطلق منهما عملياتها الحربية، ومنها حركات مسلحة من الإقليم وحركات مسلحة معارضة منذ أيام الحرب بين جنوب السودان وجنوب السودان، وقوات حزبية التي كانت تقاتل حكومة الخرطوم من شرق السودان.

لكن بعد توقيع السودان و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق ما عُرف بـ«اتفاقية نيفاشا»، وقّعت الحركات المسلحة في شرق السودان هي الأخرى ما عُرف بـ«اتفاقية سلام شرق السودان» في أسمرا عاصمة إريتريا، وبرعاية الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، يوم 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2006. ونصّت تلك الاتفاقية على تقاسم السلطة والثروة وإدماج الحركات المسلحة في القوات النظامية وفقاً لترتيبات «أمنية»، لكن الحكومة «الإسلامية» في الخرطوم لم تف بتعهداتها.

عبدالفتاح البرهان (رويترز)

12 ميليشيا مسلحة

من جهة ثانية، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، فانتقلت الحكومة السودانية إلى بورتسودان «حاضرة الشرق» وميناء السودان على البحر الأحمر، واتخذت منها عاصمة مؤقتة، ووظّفت الحركات المسلحة التي أعلنت انحيازها للجيش، في حربها ضد «الدعم السريع».

وإبّان هذه الحرب، على امتداد 18 شهراً، تناسلت الحركات المسلحة في شرق السودان ليصل عددها إلى 8 ميليشيات مسلحة، كلها أعلنت الانحياز إلى الجيش رغم انتماءاتها «الإثنية» المتنافرة. وسعت كل واحدة منها للاستئثار بأكبر «قسمة حربية» والحصول على التمويل والتسليح من الجيش والحركة الإسلامية التي تخوض الحرب بجانب الجيش من أجل العودة للسلطة.

ميليشيات بثياب قبلية

«الحركة الوطنية للعدالة والتنمية» بقيادة محمد سليمان بيتاي، وهو من أعضاء حزب «المؤتمر الوطني» المحلول البارزين - وترأس المجلس التشريعي لولاية كَسَلا إبان حكم الرئيس عمر البشير -، دشّنت عملها المسلح في يونيو (حزيران) 2024، وغالبية قاعدتها تنتمي إلى فرع الجميلاب من قبيلة الهدندوة، وهو مناوئ لفرع الهدندوة الذي يتزعمه الناظر محمد الأمين ترك.

أما قوات «الأورطة الشرقية» التابعة لـ«الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة» بقيادة الأمين داؤود، فتكوّنت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وسمّت «اتفاقية سلام السودان»، في جوبا، داؤود المحسوب على قبيلة البني عامر رئيساً لـ«مسار شرق السودان». لكن بسبب التنافس بين البني عامر والهدندوة على السيادة في شرق السودان، واجه تنصيب داؤود رئيساً لـ«تيار الشرق» رفضاً كبيراً من ناظر قبائل الهدندوة محمد الأمين ترك.

بالتوازي، عقدت «حركة تحرير شرق السودان» بقيادة إبراهيم دنيا، أول مؤتمر لها في مايو (أيار) 2024 برعاية إريترية كاملة فوق التراب الإريتري، بعد أيام من اشتعال الحرب في السودان. وتدرّبت عناصرها في معسكر قريب من قرية تمرات الحدودية الإريترية، ويقدّر عدد مقاتليها اليوم بنحو ألفي مقاتل من قبيلتي البني عامر والحباب، تحت ذريعة «حماية» شرق السودان.

كذلك، نشطت قوات «تجمّع أحزاب وقوات شرق السودان» بقيادة شيبة ضرار، وهو محسوب على قبيلة الأمرار (من قبائل البجا) بعد الحرب. وقاد شيبة، الذي نصّب نفسه ضابطاً برتبة «فريق»، ومقرّه مدينة بورتسودان - العاصمة المؤقتة - وهو ويتجوّل بحريّة محاطاً بعدد من المسلحين.

ثم، على الرغم من أن صوت فصيل «الأسود الحرة»، الذي يقوده مبروك مبارك سليم المنتمي إلى قبيلة الرشايدة العربية، قد خفت أثناء الحرب (وهو يصنَّف موالياً لـ«الدعم السريع»)، يظل هذا الفصيل قوة كامنة قد تكون طرفاً في الصراعات المستقبلية داخل الإقليم.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أسّست قوات «درع شرق السودان»، ويقودها مبارك حميد بركي، نجل ناظر قبيلة الرشايدة، وهو رجل معروف بعلاقته بالحركة الإسلامية وحزب «المؤتمر الوطني» المحلول، بل كان قيادياً في الحزب قبل سقوط نظام البشير.

أما أقدم أحزاب شرق السودان، «حزب مؤتمر البجا»، بقيادة مساعد الرئيس البشير السابق موسى محمد أحمد، فهو حزب تاريخي أُسّس في خمسينات القرن الماضي. وبعيد انقلاب 30 يونيو 1989 بقيادة عمر البشير، شارك الحزب في تأسيس ما عُرف بـ«التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي كان يقود العمل المسلح ضد حكومة البشير من داخل إريتريا، وقاتل إلى جانب قوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق على طول الحدود بين البلدين، وفي 2006 وقّع مع بقية قوى شرق السودان اتفاقية سلام قضت بتنصيب رئيسه مساعداً للبشير.

ونصل إلى تنظيم «المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة» بقيادة الناظر محمد الأمين ترك. لهذا التنظيم دور رئيس في إسقاط الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، بإغلاقه الميناء وشرق البلاد. ورغم زعمه أنه تنظيم «سياسي»، فإنه موجود في الميليشيات المسلحة بشكل أو بآخر.

وهكذا، باستثناء «مؤتمر البجا» و«المجلس الأعلى للعموديات المستقلة»، فإن تاريخ تأسيس هذه الميليشيات القبلية وجغرافيا تأسيسها في إريتريا، ونشرها في الإقليم تحت راية الجيش وتحت مزاعم إسناده – على رغم «تبعيتها» لدولة أجنبية مرتبطة بالحرب - يعتبر مراقبون أن وجودها يهدّد استقرار الإقليم ويعزّز الدور الإريتري في شرق السودان، وبخاصة أن البناء الاجتماعي للإقليم في «غاية الهشاشة» وتتفشى وسط تباينات المجموعات القبلية والثقافية المكوّنة له.

أسياس أفورقي (رويترز)

مقاتلون من الغرب يحاربون في الشرق

إلى جانب الميليشيات المحلية، تقاتل اليوم أكثر من أربع حركات مسلحة دارفورية بجانب الجيش ضد «الدعم السريع»، ناقلةً عملياتها العسكرية إلى شرق السودان. الأكبر والأبرز هي: «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي (حاكم إقليم دارفور)، و«حركة العدل والمساواة السودانية» بقيادة (وزير المالية) جبريل إبراهيم، و«حركة تحرير السودان - فصيل مصطفى طمبور»، ومعها حركات أخرى صغيرة كلها وقّعت «اتفاقية سلام السودان» في جوبا، وبعد سبعة أشهر من بدء الحرب انحازت إلى الجيش في قتاله ضد «الدعم السريع».

الحركات المسلحة الدارفورية التي تتخذ من الشرق نقطة انطلاق لها، أسسها بعد اندلاع الحرب مواطنون سودانيون ترجع أصولهم إلى إقليم دارفور، إلا أنهم يقيمون في شرق السودان. أما قادتها فهم قادة الحركات المسلحة الدارفورية التي كانت تقاتل الجيش السوداني في إقليم دارفور منذ عام 2003، وحين اشتعلت حرب 15 أبريل، اختارت الانحياز للجيش ضد «الدعم السريع». ولأن الأخير سيطر على معظم دارفور؛ فإنها نقلت عملياتها الحربية إلى شرق السودان أسوة بالجيش والحكومة، فجندت ذوي الأصول الدارفورية في الإقليم، ودرّبتهم في إريتريا.

استقطاب قبلي

حسام حيدر، الصحافي المتخصّص بشؤون شرق السودان، يرى أن الحركات المسلحة في الإقليم، «نشأت على أسس قبلية متنافرة ومتنافسة على السلطة واقتسام الثروة والموارد، وبرزت أول مرة عقب اتفاق سلام شرق السودان في أسمرا 2006، ثم اتفاق جوبا لسلام السودان».

ويرجع حيدر التنافس بين الميليشيات المسلحة القبلية في الإقليم إلى «غياب المجتمع المدني»، مضيفاً: «زعماء القبائل يتحكّمون في الحياة العامة هناك، وهذا هو تفسير وجود هذه الميليشيات... ثم أن الإقليم تأثر بالنزاعات والحروب بين إريتريا وإثيوبيا؛ ما أثمر حالة استقطاب وتصفية حسابات إقليمية أو ساحة خلفية تنعكس فيها هذه الصراعات».

تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة

من نواحي البلاد الأخرى وبينها تناقضات وصراعات تاريخية

الدكتورعبدالله حمدوك (رويترز)

المسؤولية على «العسكر»

حيدر يحمّل «العسكر» المسؤولية عن نشاط الحركات المسلحة في الشرق، ويتهمهم بخلق حالة استقطاب قبلي واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية، ازدادت حدتها بعد حرب 15 أبريل. ويشرح: «الحركات المسلحة لا تهدد الشرق وحده، بل تهدد السودان كله؛ لأن انخراطها في الحرب خلق انقسامات ونزاعات وصراعات بين مكوّنات الإقليم، تفاقمت مع نزوح ملايين الباحثين عن الأمان من مناطق الحرب».

وفقاً لحيدر، فإن نشاط أربع حركات دارفورية في شرق السودان، وسّع دائرة التنافس على الموارد وعلى السلطة مع أبناء الإقليم؛ ما أنتج المزيد من الحركات القبلية، ويوضح: «شاهدنا في فترات سابقة احتكاكات بين المجموعات المسلحة في شرق السودان مع مجموعات مسلحة في دارفور، وهي مع انتشار المسلحين والسلاح، قضايا تضع الإقليم على حافة الانفجار... وإذا انفجر الشرق ستمتد تأثيراته هذا الانفجار لآجال طويلة».

ويرجع حيدر جذور الحركات التي تدرّبت وتسلحت في إريتريا إلى نظام الرئيس السابق عمر البشير، قائلاً: «معظمها نشأت نتيجة ارتباطها بالنظام السابق، فمحمد سليمان بيتاي، قائد (الحركة الوطنية للبناء والتنمية)، كان رئيس المجلس التشريعي في زمن الإنقاذ، ومعسكراته داخل إريتريا، وكلها تتلقى التمويل والتسليح من إريتريا».

وهنا يبدي حيدر دهشته لصمت الاستخبارات العسكرية وقيادة الجيش السوداني، على تمويل هذه الحركات وتدريبها وتسليحها من قِبل إريتريا على مرأى ومسمع منها، بل وتحت إشرافها، ويتابع: «الفوضى الشاملة وانهيار الدولة، يجعلان من السودان مطمعاً لأي دولة، وبالتأكيد لإريتريا أهداف ومصالح في السودان». ويعتبر أن تهديد الرئيس (الإريتري) أفورقي بالتدخل في الحرب، نقل الحرب من حرب داخلية إلى صراع إقليمي ودولي، مضيفاً: «هناك دول عينها على موارد السودان، وفي سبيل ذلك تستغل الجماعات والمشتركة للتمدد داخله لتحقق مصالحها الاقتصادية».

الدور الإقليمي

في أي حال، خلال أكتوبر الماضي، نقل صحافيون سودانيون التقوا الرئيس أفورقي بدعوة منه، أنه سيتدخّل إذا دخلت الحرب ولايات الشرق الثلاث، إضافة إلى ولاية النيل الأزرق. وهو تصريح دشّن بزيارة مفاجئة قام بها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان لإريتريا 26 نوفمبر الماضي، بحثت بشكل أساسي - وفقاً لتقارير صحافية - قضية الحركات المسلحة التي تستضيفها إريتريا داخل حدودها ومشاركتها في الحرب إلى جانب الجيش، إلى جانب إبرام اتفاقات أمنية وعسكرية.

للعلم، الحركات الشرقية الثماني تدرّبت داخل إريتريا وتحت إشراف الجيش الإريتري وداخل معسكراته، وبعضها عاد إلى السودان للقتال مع جانب الجيش، وبعضها لا يزال في إريتريا. وعلى الرغم من النفي الإريتري الرسمي المتكرر، فإن كثيرين، وبخاصة من شرق السودان، يرون أن لإريتريا أطماعاً في الإقليم.

أما إثيوبيا، فهي الأخرى تخوض صراعاً حدودياً مع السودان وترفض ترسيم الحدود عند منطقة «الفشقة» السودانية الخصيبة بولاية القضارف. وإلى جانب تأثر الإقليم بالصراعات الداخلية الإثيوبية، فهو يضم الآلاف من مقاتلي «جبهة تحرير التيغراي» لجأوا إلى السودان فراراً من القتال مع الجيش الفيدرالي الإثيوبي في عام 2020، ولم يعودوا إلى بلادهم رغم نهاية الحرب هناك. ويتردد على نطاق واسع أنهم يقاتلون مع الجيش السوداني، أما «الدعم السريع» فتتبنى التهمة صراحةً.

أخيراً، عند الحدود الشمالية حيث مثلث «حلايب» السوداني، الذي تتنازع عليه مصر مع السودان ويسيطر عليه الجيش المصري، فإن قبائل البشارية والعبابدة القاطنة على جانبي الحدود بين البلدين، تتحرك داخل الإقليم. وهي جزء من التوترات الكامنة التي يمكن أن تتفجر في أي وقت.

وبالتالي، ليس مبالغة القول إن شرق السودان يعيش على شفا حفرة من نار. وتحت الرماد جمرات قد تحرق الإقليم ولا تنطفئ أبداً.