تُوحد 10 مؤسسات خيرية كبرى جهودها لضمان أن يكون للأميركيين العاديين، وليس مجرد مجموعة صغيرة من مليارديرات التكنولوجيا، رأي في كيفية تشكيل الذكاء الاصطناعي للمجتمع، ومَن سيستفيد منه.
مبادرة الذكاء الاصطناعي لكل البشرية
أعلنت المؤسسات يوم الثلاثاء عن تأسيس مبادرة «هيومانيتي إيه آي»، (Humanity AI) (الذكاء الاصطناعي لكل البشرية)، وهي مبادرة بقيمة 500 مليون دولار، مدتها 5 سنوات، تهدف إلى ضمان خدمة الذكاء الاصطناعي للأفراد والمجتمعات بدلاً من استبدالهم أو تقليص تأثيرهم عليه.
ويضم هذا التحالف مؤسسات «دوريس ديوك»، و«فورد»، و«جون دي وكاثرين تي ماك آرثر»، و«ميلون»، و«موزيلا»، و«شبكة أوميديار»، ومؤسسات خيرية أخرى. وستُقدم المجموعة الأساسية، التي من المتوقع أن تتوسع لتشمل مؤسسات خيرية أخرى، المنح بشكل مستقل (بمساهمة من المجموعة) ومجتمعة من صندوق تمويل مشترك.
تعزيز المجتمعات والإبداع الفردي
يعتقد الكثيرون الآن أن أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية على وشك إحداث ثورة في طريقة عمل الشركات، من المحاسبة إلى الهندسة إلى العمليات. وتُراهن منظمة «الذكاء الاصطناعي لكل البشرية» على مستقبل يلعب فيه الذكاء الاصطناعي دوراً داعماً؛ حيث «يُعزز المجتمعات، ويُعزز الإبداع البشري».

توازن الحوار بين مصالح الناس وممولي التكنولوجيا
تسعى هذه المجموعات إلى إعادة توازن حوار السياسات العامة حول الذكاء الاصطناعي ليشمل مصالح الناس العاديين، وليس فقط كبار اللاعبين في مجال التكنولوجيا والممولين الذين يراهنون بشدة على الإمكانات التحويلية لهذه التكنولوجيا.
وصرح جون بالفري، رئيس مؤسسة «ماك آرثر»، في مقابلة مع «فاست كومباني»: «هناك الكثير من الاستثمارات الموجهة إلى الذكاء الاصطناعي حالياً بهدف جني الأموال، وهو نظام رأس المال لدينا، وهذا أمر جيد... إلا أن ما نسعى إلى القيام به هو استثمار أموال المصلحة العامة لضمان أن يخدم تطوير التكنولوجيا البشر، ويضع البشرية في قلب هذا التطور».
ويدرك التحالف أنه لن يكون قادراً على مضاهاة أموال صناعة الذكاء الاصطناعي؛ فـ500 مليون دولار أميركي لا تُشكل سوى ربع جولة التمويل التأسيسية التي قدمتها ميرا موراتي لمختبر «Thinking Machines Lab»، مثلاً.
ويقول بالفري إنه حتى لو ضخّت منظمته كامل أصولها البالغة 9 مليارات دولار في هذه القضية، فلن تُضاهي الأموال التي تستثمرها شركات التكنولوجيا ومستثمروها، لكنه يُضيف أن تعاون المنظمات الـ10 في مجال الذكاء الاصطناعي البشري قد يُحدث تأثيراً حقيقياً.
قلق العاملين وتساؤلات المبدعين
يتزايد قلق العاملين من أن «القيمة» الحقيقية التي تأمل شركات الذكاء الاصطناعي ومستثمروها في تقديمها للشركات الكبرى تتمثل في القدرة على إلغاء بعض الوظائف وخفض الرواتب. وترد شركات الذكاء الاصطناعي وداعموها بالقول إنه سيُجرى إلغاء بعض الوظائف، ولكن سيتم إيجاد أنواع عديدة من الوظائف.
ويتساءل المبدعون والفنانون عمّا إذا كان الذكاء الاصطناعي سيُعزز أداءهم أم سيحل محلهم، ويتساءل الكثيرون عن كيفية حماية ملكيتهم الفكرية الأصيلة في عالم من المحتوى المُولّد بواسطة الذكاء الاصطناعي.
دعم الخصوصية وحق المشاركة في تطبيق الذكاء الاصطناعي
تُركّز بعض الاستثمارات التي تعتزم مبادرة «هيومانيتي أيه آي» تنفيذها على تمكين الفئات المهمَّشة من التأثير في مسار تطوير الذكاء الاصطناعي. كما تُخطط المبادرة لتخصيص تمويل لمركز معلومات الخصوصية الإلكترونية (EPIC)، الذي يعمل على حماية حق الأفراد في خصوصية بياناتهم، في ظل سعي شركات التكنولوجيا والحكومات لتجاوز الأعراف السائدة في مجال حماية الخصوصية.
وتُخطط المجموعة أيضاً لتمويل عمل مركز «بيركلي» للعمل، الذي يطور تقنيات لقياس الآثار الحقيقية للذكاء الاصطناعي على القوى العاملة. بالإضافة إلى ذلك، تُدرّب المجموعة منظمي النقابات والمدافعين عن حقوق العمال والمنظمات الأخرى التي تدعمهم، حتى يتمكن العمال من اتخاذ القرارات بشأن كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي، وليس مجرد مشاركين سلبيين (أو ضحايا) في كيفية استخدامه في مكان العمل.
كما تُركز بعض أهداف تمويل المجموعة على البُعد السياسي؛ حيث تعمل على دعم أصوات الأشخاص الذين سيتأثرون بالذكاء الاصطناعي لكنهم يفتقرون إلى قوة الضغط التي تتمتع بها شركات التكنولوجيا الكبرى. على سبيل المثال، تسعى مجموعة المناصرة العامة «AI Now» إلى غرس فكرة أن الشركات التي تُطوِّر الذكاء الاصطناعي يجب أن تكون مسؤولة أمام الجمهور في نقاش السياسات. وتُقدم المجموعة الخبرة الفنية للمشرعين (الذين غالباً ما يعتمدون على مصادر من صناعة الذكاء الاصطناعي)، وتُجري أبحاثاً وتُطوّر إطاراً فكرياً يُشرّع التدخل العام في تطوير الذكاء الاصطناعي.
الحفاظ على حقوق المبدعين
يُركّز بعض أعضاء مبادرة «Humanity AI» على دعم الصناعات الإبداعية. ويقول جاواندو من «أوميديار» إن أحد المشاريع التي تسعى منظمة «الذكاء الاصطناعي لكل البشرية» إلى تمويلها يهدف إلى حماية الملكية الفكرية للمبدعين، وتزويد فئات مثل الممثلين بأدوات تكنولوجية تُمكّنهم من التحكم في صورتهم وأعمالهم، في وقتٍ تُسهِّل فيه أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية عمليات النسخ وإعادة المزج والنشر عبر منصات التواصل الاجتماعي.
استخدامات أفضل لمعالجة مشكلات الصحة والسكن
أخبرني جاواندو أن من الأفضل استخدام الذكاء الاصطناعي لمعالجة مشكلات مثل إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية أو توافر السكن، بدلاً من ضمان حصولنا جميعاً على وصول أفضل إلى تطبيق «كانفا» مثلاً. ويقول: «أعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لإجراء نقاش حول ازدهار الإنسان؛ أعتقد أن الأمر يتلخص في ذلك المستوى من التفصيل والتفكير العميق».
رؤية عالمية واجتذاب الأكاديميين والخبراء للنقاش
وتسعى مبادرة «الذكاء الاصطناعي لكل البشرية» إلى اكتشاف ودعم الأشخاص الذين يتبنون هذه الرؤية العالمية ويتحدثون لغتها المشتركة. نريد تكوين مجموعة متكاملة من العلماء والأكاديميين والباحثين والمدافعين والشباب الذين سيطرحون هذه القضايا، كما تقول، «حتى نتمكن بعد ذلك من تمكين صانعي السياسات من تحفيز العاملين في القطاع الخاص على اتخاذ القرارات الصائبة».
سيبدأ شركاء «الذكاء الاصطناعي لكل البشرية» بتقديم المنح خريف هذا العام (2025). وسيتولى مستشارو «روكفلر» للأعمال الخيرية دور الراعي المالي وإدارة صندوق تمويل مشترك، على أن تُقدم المنح من هذا الصندوق في عام 2026.
* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

