تحذيرات بريطانية من الركض وراء «الذكاء الاصطناعي العام»

معجزة سيُصاحبها خطر سوء الاستخدام وحوادث جسيمة واضطرابات مجتمعية

«غيتي»
«غيتي»
TT

تحذيرات بريطانية من الركض وراء «الذكاء الاصطناعي العام»

«غيتي»
«غيتي»

وصف أوسكار وايلد صيد الثعالب بأنه «السعي وراء ما لا يُؤكل»، ولو كان اليوم حياً، لوصف السعي وراء الذكاء الاصطناعي العام بأنه «السعي وراء ما لا يُدرك»، كما كتب جون ثورنيل في «فاينانشال تايمز».

ذكاء اصطناعي بمستوى الذكاء البشري

تُضخ حالياً مئات المليارات من الدولارات في بناء نماذج ذكاء اصطناعي توليدي؛ إنه سباقٌ نحو تحقيق ذكاءٍ بمستوى الذكاء البشري. لكن حتى المطورين لا يفهمون تماماً كيفية عمل نماذجهم ولا يتفقون تماماً على معنى الذكاء الاصطناعي العام.

مؤتمر بريطاني يطرح التساؤلات

وبدلاً من المبالغة في التفاؤل بشأن البشائر التي يمهد لها الذكاء الاصطناعي لعصرٍ جديدٍ من الوفرة، أليس من الأفضل التخلي عن هذا الخطاب وبناء أنظمة ذكاء اصطناعي لتحقيق أهدافٍ أكثر تحديداً وقابليةً للتحقيق؟ كان هذا بالتأكيد هو الرأي السائد في مؤتمرٍ استضافته جامعة ساوثهامبتون والجمعية الملكية الأسبوع الماضي.

وصرحت شانون فالور الأستاذة بجامعة إدنبرة: «يجب أن نتوقف عن التساؤل: هل الآلة ذكية؟ وعلينا أن نتساءل: ما الذي تفعله الآلة بالضبط؟». ويبدو أنها محقة في ذلك.

«غيتي»

الذكاء الاصطناعي العام

انتشر مصطلح الذكاء الاصطناعي العام (AGI) لأول مرة في مجال الحوسبة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لوصف كيفية قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي يوماً ما على أداء التفكير البشري للأغراض العامة (على عكس الذكاء الاصطناعي المحدود الذي يتفوق في جانب واحد). ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا المصطلح بمثابة الكأس المقدسة للصناعة، ويُستخدم لتبرير موجة إنفاق هائلة.

نظام عالي الاستقلالية

لدى مختبري أبحاث الذكاء الاصطناعي الرائدين من شركة «أوبن إيه آي» ومن «ديب مايند» التابع لشركة «غوغل»، مهمة مؤسسية واضحة لتحقيق الذكاء الاصطناعي العام، وإن كانت بتعريفات مختلفة. إذ تعرّفه «أوبن إيه آي» مثلاً بوصفه «نظاماً عالي الاستقلالية يتفوق على البشر في العمل الأكثر قيمة اقتصادياً». ولكن حتى سام ألتمان، الرئيس التنفيذي للشركة، الذي وقَّع صفقات بقيمة تريليون دولار هذا العام لتعزيز قوة الحوسبة، يُقر بأن هذا ليس «مصطلحاً مفيداً للغاية».

وحتى لو قبلنا حالة استخدامه، يبقى هناك أمران يشغلان الذهن: ماذا يحدث إذا حققنا الذكاء الاصطناعي العام؟ وماذا يحدث إذا لم نحققه؟

منجزات قريبة التحقيق

يشير إجماع وادي السيليكون، كما يُطلق عليه، إلى أن الذكاء الاصطناعي العام، مهما كان تعريفه، سيكون في متناول اليد خلال هذا العقد. وتسعى مختبرات الذكاء الاصطناعي الرائدة جاهدةً لتحقيق هذا الهدف، إيماناً منها بأنه سيُحقق مكاسب إنتاجية هائلة ويدرّ عوائد ضخمة للمستثمرين.

دعم مالي خيالي لمرشحي الانتخابات «المؤيدين للذكاء الاصطناعي»

في الواقع، أسس بعض قادة التكنولوجيا على الساحل الغربي لجنة عمل سياسية برأس مال 100 مليون دولار لدعم المرشحين «المؤيدين للذكاء الاصطناعي» في انتخابات التجديد النصفي لعام 2026، ولسحق اللوائح التنظيمية غير المُجدية. ويشيرون إلى التبني السريع والمذهل لروبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ويسخرون من المُتشائمين، أو المُبطئين، الذين يُريدون إبطاء التقدم وعرقلة الولايات المتحدة في سباقها التكنولوجي مع الصين.

نعمة... أم خطر وجودي؟

لكن الذكاء الاصطناعي العام لن يكون نعمة فورية، بل معجزة. وتُقرّ شركة «أوبن إيه آي» نفسها بأنه سيُصاحبه أيضاً «خطر كبير من سوء الاستخدام، وحوادث جسيمة، واضطرابات مجتمعية». وهذا يُساعد في تفسير سبب تردد شركات التأمين الآن في توفير تغطية شاملة لهذه الصناعة.

ويذهب بعض الخبراء، مثل إليعازر يودكوفسكي ونيت سواريس، إلى أبعد من ذلك بكثير، محذرين من أن الذكاء الاصطناعي الفائق المارق قد يشكل تهديداً وجودياً للبشرية. ويلخص عنوان كتابهما الأخير، «إذا بناه أي شخص، سيموت الجميع»، هذه الحجة إلى تلخص التساؤلات حوله إلى حدٍ كبير.

ومع ذلك، ليس الجميع مقتنعاً بأن وصول الذكاء الاصطناعي العام وشيك، إذ يشكك المتشككون في أن الوسيلة المفضلة في هذه الصناعة، والمتمثلة في توسيع نطاق قوة الحوسبة لإنتاج نماذج لغوية كبيرة أكثر ذكاءً، ستقودنا فعلاً إلى تحقيق ذلك. ويقول أحد كبار الباحثين: «ما زلنا بحاجة إلى بعض الاختراقات المفاهيمية للوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام».

في استطلاع أجرته جمعية النهوض بالذكاء الاصطناعي the Association for the Advancement of Artificial Intelligence هذا العام، رأى 76 في المائة من المشاركين البالغ عددهم 475 وكان معظمهم من الأكاديميين، أن من غير المحتمل أو من غير المحتمل جداً أن تُسفر الأساليب الحالية عن الذكاء الاصطناعي العام. غير أنه وكما يبدو فإن سوق الأسهم الأميركية يعتمد على قناعة معاكسة.

اعتراضات على إطار وادي السيليكون للذكاء الاصطناعي

اعترض العديد من الحاضرين في فعالية الأسبوع الماضي على الإطار الذي وضعه وادي السيليكون للذكاء الاصطناعي.، ذلك لأن العالم لا يسير في مسار تكنولوجي مُقدّر له... يصل إلى نتيجة واحدة فقط.

وكان من الأجدر اتباع مناهج أخرى بدلاً من الرهان على التعلم العميق الكامن وراء نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية. ولا يمكن لشركات الذكاء الاصطناعي تجاهل المشاكل التي تُسببها اليوم بوعود بمستقبل أكثر إشراقاً. وقال فالور إنه ينبغي على بقية المجتمع مقاومة معاملتهم «كركاب في مؤخرة حافلة» على أمل أن يأخذهم الذكاء الاصطناعي إلى مكان جميل.

الذكاء الاصطناعي «له قدرة خداع البشر»

قدّم رائد الكمبيوتر آلان كاي، البالغ من العمر 85 عاماً، وهو شخصية مرموقة في هذا المجال، منظوراً للأمور. وجادل بأن الذكاء الاصطناعي يُمكن أن يُحقق بلا شك فوائد حقيقية. في الواقع، ساعده الذكاء الاصطناعي في الكشف عن إصابته بالسرطان في فحص التصوير بالرنين المغناطيسي. وقال: «الذكاء الاصطناعي مُنقذ للحياة».

ومع ذلك، أعرب كاي عن قلقه من سهولة خداع البشر، ومن عدم قدرة شركات الذكاء الاصطناعي دائماً على تفسير كيفية إنتاج نماذجها للنتائج.

أهمية سلامة التصاميم

وقال إن على مهندسي البرمجيات، مثلهم مثل مصممي الطائرات أو بناة الجسور، واجباً بالغ الأهمية لضمان عدم تسبب أنظمتهم في أي ضرر أو تعطل. وينبغي أن يكون الموضوع الرئيسي لهذا القرن هو السلامة.

إن أفضل سبيل للمضي قدماً هو تسخير الذكاء الجماعي للبشرية، الذي تراكم باطراد على مر الأجيال. وأضاف كاي: «لدينا بالفعل ذكاء اصطناعي خارق... إنه علم». وقد حقق الذكاء الاصطناعي بالفعل بعض الاختراقات الرائعة، مثل نموذج «ألفا فولد» من «ديب مايند» الذي تنبأ ببنية أكثر من 200 مليون بروتين، مما أكسب الباحثين جائزة نوبل.

أعيدوا الجنيّ إلى القارورة

وسلط كاي الضوء على مخاوفه الخاصة بشأن نقاط ضعف الشيفرة التي يُنتجها الذكاء الاصطناعي. واستشهد بزميله عالم الحاسوب بتلر لامبسون، قائلاً: «ابدأ بخلق الجن في زجاجات واحتفظ بها هناك». هذا ليس قولاً سيئاً في عصر الذكاء الاصطناعي الذي نعيش فيه.

حقائق

100

مليون دولار لدعم المرشحين "المؤيدين للذكاء الاصطناعي" في انتخابات التجديد النصفي لعام 2026 في الولايات المتحدة


مقالات ذات صلة

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

تكنولوجيا نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

ذكرت دراسة «كاسبرسكي» أن نصف موظفي السعودية تلقوا تدريباً سيبرانياً ما يجعل الأخطاء البشرية مدخلاً رئيسياً للهجمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك في سباق الفضاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار شركة «إس كيه هاينكس» ولوحة أم للكمبيوتر تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

رئيس «إس كيه» الكورية: صناعة الذكاء الاصطناعي ليست في فقاعة

قال رئيس مجموعة «إس كيه» الكورية الجنوبية، المالكة لشركة «إس كيه هاينكس» الرائدة في تصنيع رقائق الذاكرة، إن أسهم الذكاء الاصطناعي قد تتعرض لضغوط.

«الشرق الأوسط» (سيول)
تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد هاتف ذكي وشاشة كمبيوتر يعرضان شعارَي «واتساب» والشركة الأم «ميتا» في غرب فرنسا (أ.ف.ب)

تحقيق أوروبي في قيود «ميتا» على منافسي الذكاء الاصطناعي عبر «واتساب»

خضعَت شركة «ميتا بلاتفورمز» لتحقيق جديد من جانب الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار، على خلفية خطتها لإطلاق ميزات ذكاء اصطناعي داخل تطبيق «واتساب».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.