«نظارات الطبيب الذكية» تدمج الواقع المعزز بالذكاء الاصطناعي

منصة تفاعلية ترسم لوحة ديناميكية عن الحالات المرضية

نظارات "بي بي دكتور" الجديدة
نظارات "بي بي دكتور" الجديدة
TT

«نظارات الطبيب الذكية» تدمج الواقع المعزز بالذكاء الاصطناعي

نظارات "بي بي دكتور" الجديدة
نظارات "بي بي دكتور" الجديدة

في عالم تتسارع فيه نبضات الابتكار، كما لو كانت تضاهي نبضات قلب الإنسان، تتحرك التكنولوجيا بخطوات واثقة لتعيد رسم ملامح الممارسة الطبية.

نظارات تقنية مطورة للأطباء

وبين هذه القفزات النوعية، تتألق نظارات «بي بي دكتور» (BP Doctor)، وهي نظارات طبية لعرض البيانات الحيوية، وتبرز كأحد أكثر النماذج ثورية؛ إذ تمزج بين الذكاء الاصطناعي (AI) مع تقنيات الواقع المعزّز Augmented Reality (AR) لتمنح الطبيب نافذة جديدة على جسم المريض وبياناته الحيوية.

نظم الواقع المعزز تسهل العامل مع مختلف البيانات المتدفقة

منصة بمستشعرات وواجهة تفاعلية

لم تعد هذه النظارات مجرد أداة عرض للمعلومات، بل منصة متكاملة تجمع بين مستشعرات دقيقة، وتحليلات فورية، وواجهات تفاعلية، لتضع أمام عين الطبيب لوحة ديناميكية تُظهر المؤشرات الحيوية، وصور الأشعة ثلاثية الأبعاد، ونتائج الفحوصات المخبرية، في مشهد واحد متكامل.

بهذه الطريقة، يصبح التشخيص أسرع وأكثر دقة، بينما يقترب العلاج خطوة من مفهوم «الطب التنبُّئي» الذي يتوقع المشكلات قبل تفاقمها، ويقترح حلولاً ذكية في لحظات حاسمة.

الواقع المعزّز في خدمة عيون الأطباء

تُحوِّل تقنيات الواقع المعزّز في النظارات عملية التشخيص من تجربة تقليدية إلى لوحة تفاعلية مدهشة؛ فبدل أن يكتفي الطبيب بقراءة بيانات نصية أو أرقام متفرقة على العدسة، تعرض له النظارات مجسمات ورسوماً ثلاثية الأبعاد لأعضاء المريض ونتائج فحوصاته، تُدمج بسلاسة مع المشهد الحقيقي أمامه.

لأطباء القلب والأسنان والعيون

على سبيل المثال، يستطيع طبيب القلب أن يشاهد نموذجاً نابضاً لقلب المريض، مع مؤشرات دقيقة توضّح مسار تدفق الدم ونقاط الخلل المحتملة، بينما يمكن لطبيب الأسنان استعراض صورة بانورامية للفك والأسنان، مع تمييز المناطق المصابة أو المعالَجة سابقاً، وكل ذلك دون أن يحوّل نظره عن المريض.

أما أطباء العيون والأعصاب، فيمكنهم تتبع صور الشبكية أو الدماغ طبقة بطبقة، ليحلّلوا المشكلات بدقة فائقة أثناء الفحص السريري نفسه.

هذا الدمج بين الرؤية الواقعية والتحليل الرقمي اللحظي يتيح للأطباء مستوى غير مسبوق من الفهم، ويمنح المريض إحساساً بالأمان والثقة؛ إذ يرى طبيبه يعمل بعينين مدعومتين بتقنية تكشف ما وراء السطح وتوجّه القرارات الطبية في اللحظة ذاتها.

من المؤشرات الحيوية إلى القرارات الذكية

تحتضن نظارات الواقع المُعزَّز الطبية باقة متقدمة من المستشعرات الدقيقة القادرة على قياس ضغط الدم، ونسبة الأكسجين في الدم، ومعدل ضربات القلب، إضافة إلى مؤشرات حيوية أخرى ترتبط بوظائف التنفس والدورة الدموية.

وبفضل تكامل هذه البيانات مع خوارزميات الذكاء الاصطناعي، تتحول الأرقام الخام فوراً إلى رسوم بيانية ديناميكية، وتنبيهات فورية، واقتراحات علاجية تظهر أمام عين الطبيب ضمن طبقة شفافة تندمج مع المشهد الواقعي.

لا يحتاج الطبيب سوى إلى إيماءة بسيطة أو أمر صوتي ليبدّل زاوية العرض، أو يراجع تطور حالة المريض عبر مقارنة الفحوصات الحالية بسجلّاته السابقة، أو حتى ليتواصل مع زميل مختص في مكان آخر. في لحظات، يمكن للطرفين مشاهدة البيانات نفسها في الوقت الفعلي عبر تقنيات الواقع المعزّز، ما يجعل القرار الطبي أكثر سرعة ودقة، ويحوّل النظارات من مجرد أداة عرض إلى شريك فعّال في صناعة القرارات السريرية.

من العيادة إلى الميدان

لا تقتصر إمكانات نظارات واقع مُعزَّز طبية على العيادات المجهزة بأحدث الأجهزة، بل تمتد إلى الميدان حيث الحاجة إلى القرارات السريعة والدقة العالية. ففي عيادات الأسنان، يمكن للطبيب استعراض صور الأشعة أو المسح ثلاثي الأبعاد لفك المريض مباشرة على عدسة النظارة، ليتتبع التشققات الدقيقة، أو يحدد مواقع التسوس، أو يقيم كسور العظم في عرض تفاعلي ثلاثي الأبعاد، دون أن يصرف انتباهه عن المريض.

أما في ساحات الإسعاف الميداني، فتتحول النظارات إلى غرفة طوارئ متنقلة؛ إذ تتيح للمسعف رؤية بيانات المصاب الحيوية، وخريطة لجسمه مع تحديد أماكن الإصابات، بينما يتلقى في اللحظة نفسها تعليمات من النظام الذكي أو من طبيب مختص في المستشفى عبر اتصال مباشر. هذا التكامل بين التحليل الفوري والتواصل عن بُعد يرفع من فرص إنقاذ الأرواح، ويمنح فرق الطوارئ قدرة غير مسبوقة على التعامل مع الحالات الحرجة في بيئات معقدة أو بعيدة عن مراكز الرعاية المتقدمة.

العالم العربي... منصة للريادة

مع ما تشهده المنطقة العربية من خطط للتحول الرقمي واستراتيجيات وطنية للابتكار في الصحة، تبدو تقنيات مثل نظارات «BP Doctor»، وكأنها صُممت لتزدهر في هذا الفضاء الواسع. وفي مراكز الأبحاث والجامعات الطبية من الخليج إلى المغرب، يمكن لهذه النظارات أن تصبح امتداداً طبيعياً لأدوات الطبيب، تماماً كما كانت السماعة الطبية رمزاً للمهنة في القرن الماضي.

فلسفة جديدة للرعاية

ليست «BP Doctor» مجرد أداة تقنية متطورة، بل انعكاس لفلسفة حديثة ترى أن الغاية من التكنولوجيا في الطب هي تقريب الطبيب من المريض لا إبعاده عنه؛ فهي تمنح الطبيب فرصة للتركيز على المريض، بدلاً من الانشغال بالشاشات التقليدية أو الغوص بين الملفات والأوراق. ومع توظيف تقنيات الواقع المعزّز، يمكن للطبيب أن يتفاعل مع بيانات المريض الحيوية، وصور الأشعة، وخطط العلاج، بينما يظل محافظاً على التواصل البصري والإنساني مع مَن أمامه.

إن هذه الفلسفة تعيد تعريف دور الطبيب في عصر الذكاء الاصطناعي؛ فبدل أن تصبح التقنية حاجزاً بارداً يفصل المريض عن مقدم الرعاية، تتحول إلى جسر يربط بين المعرفة العلمية الدقيقية وفهم احتياجات الإنسان العاطفية. وهكذا تصبح «BP Doctor» أداة لتمكين الطبيب من تقديم علاج أكثر دقة، وفي الوقت ذاته تجربة أكثر دفئاً واحتراماً لكرامة المريض، لتؤكد أن الطب، مهما بلغت تقنياته، يظل مهنة إنسانية في جوهرها.

مستقبل يدمج الطب والابتكار

مع استمرار التقدم التقني، يُتوقّع أن تتطوّر نظارات «BP Doctor» إلى منصات أكثر ذكاءً وعمقاً، قادرة على قراءة تعابير وجه المريض بدقة، وتحليل نبرة صوته لاكتشاف بوادر التعب أو الألم أو حتى بعض الاضطرابات النفسية في مراحلها الأولى. هذا البعد الإنساني، حين يندمج مع التحليل الرقمي الفوري، يمنح الطبيب قدرة على فهم حالة المريض بصورة شمولية تتجاوز الأرقام والفحوصات التقليدية.

كما يمكن للنظارات، بفضل تقنيات التصوير الطبي المتقدمة، أن تعرض مجسّمات تفاعلية للأعضاء الداخلية استناداً إلى صور الأشعة أو الموجات فوق الصوتية، ما يسهّل التخطيط للعمليات الجراحية المعقدة.

حين يصبح البصر نافذة إلى المستقبل

في نهاية المطاف، تبدو هذه النظارات أكثر من مجرد جهاز يرتديه الطبيب. إنها انعكاس لمرحلة جديدة من تطور الطب؛ حيث تتقاطع الرحمة الإنسانية مع قوة الخوارزميات ودهاء تقنيات الواقع المعزّز. إنها أداة تفتح للطبيب باباً لرؤية ما كان خفياً، وللمريض نافذة على رعاية أكثر دقة ودفئاً.

يبقى السؤال الفلسفي معلّقاً: هل يمكن أن تصبح هذه الأدوات امتداداً لعيون الطبيب ووجدانه معاً، أم أن علينا الحذر من أن تحجب التقنية عنا البساطة الأصيلة للقاء الإنساني؟

ربما يكمن الجواب في قدرتنا على الموازنة بين المعرفة والرحمة؛ فإذا أُحسن استخدام هذه الابتكارات، فستظل عين الطبيب الذكية شاهداً على أن العلم، مهما بلغ، لا يكتمل إلا حين يخدم الإنسان ويحفظ كرامته.


مقالات ذات صلة

تكنولوجيا الأوتار الاصطناعية قد تصبح وحدات قابلة للتبديل لتسهيل تصميم روبوتات هجينة ذات استخدامات طبية واستكشافية (شاترستوك)

أوتار اصطناعية تضاعف قوة الروبوتات بثلاثين مرة

الأوتار الاصطناعية تربط العضلات المزروعة بالهياكل الروبوتية، مما يرفع الكفاءة ويفتح الباب لروبوتات بيولوجية أقوى وأكثر مرونة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا أجهزة «إيكو شو» بشاشاتها المتحركة

أجهزة «إيكو» الجديدة: «أمازون» تدفع المنازل العربية إلى عصر الذكاء الاصطناعي والأتمتة المحيطية

بحث جديد يكشف عن التأثير المتنامي للمساعدات الصوتية في السعودية والإمارات

خلدون غسان سعيد (جدة)
تكنولوجيا شعار تطبيق «تشات جي بي تي» (رويترز)

شركة «أوبن إيه آي» تعلن حالة طوارئ في «تشات جي بي تي» بسبب المنافسة الشديدة

أعلن الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» سام ألتمان عن حالة طوارئ شاملة في الشركة، في ظل المنافسة الشرسة التي تواجهها تقنيات برنامجها «تشات جي بي تي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص الدفاع التنبؤي المعتمد على الذكاء الاصطناعي يمنح المملكة قدرة أكبر على رصد التهديدات مبكراً رغم استمرار الثغرات (شاترستوك)

خاص من التصيّد إلى الاختراق… كيف تتغير ملامح التهديدات السيبرانية في البنية الصناعية السعودية؟

تواجه البنية الصناعية السعودية تهديدات سيبرانية متطورة مع تقارب تقنية المعلومات والتقنيات التشغيلية وتزايد دور الذكاء الاصطناعي واتساع سلاسل الإمداد.

نسيم رمضان (لندن)

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.