العيادات الذكية... هل ستُحدد مستقبل الطب؟

تجربة سعودية رائدة تفتح أبواب الغد

العيادات الذكية... هل ستُحدد مستقبل الطب؟
TT

العيادات الذكية... هل ستُحدد مستقبل الطب؟

العيادات الذكية... هل ستُحدد مستقبل الطب؟

في عالم يُسابق الزمن نحو التحول الرقمي، لم تعد التكنولوجيا ترفاً أو خياراً بل أصبحت الركيزة الجوهرية في إعادة تشكيل مشهد الرعاية الصحية عالمياً، ومع زيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذكية، تتجه أنظار العالم إلى التجارب الجريئة التي تُعيد تعريف العلاقة بين المريض والمنظومة الطبية.

أول عيادة ذكية كاملة في السعودية

وفي خطوة رائدة تعكس طموحات «رؤية السعودية 2030»، أُعلن أخيراً عن إطلاق أول عيادة ذكية بالكامل في المملكة، تستخدم الذكاء الاصطناعي ليس فقط بصفتها مساعداً طبياً، بل مكوّن أساسي في عمليات التشخيص، واتخاذ القرار العلاجي، والمتابعة الدقيقة لحالة المريض.

هذه العيادة لا تُمثل مجرد تحديث للبنية التحتية، بل تُقدم نموذجاً جديداً لطب المستقبل؛ حيث تندمج الكفاءة الطبية مع قدرة الخوارزميات على تحليل البيانات واستشراف المخاطر في وقت قياسي، وبأقل هامش للخطأ.

فهل نحن أمام بداية ثورة طبية عربية بطابع سعودي؟ وهل تصبح العيادات الذكية، بكل ما تحمله من ابتكارات، الخيار المفضل لعلاج أكثر دقة وسرعة وإنصافاً؟ لكن... ما الذي يجعل هذه العيادة «ذكية» فعلاً؟ وهل يمكن أن تصبح نموذجاً للرعاية الصحية في المستقبل القريب؟

الرياض: بداية التجربة

في خطوة تُعد الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، شهدت العاصمة الرياض تدشين أول عيادة ذكية متكاملة، ضمن مشروع تجريبي طموح أطلقته وزارة الصحة السعودية بالتعاون مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA)، في إطار توجه وطني نحو رقمنة الخدمات الصحية ورفع كفاءة الرعاية الأولية.

وقد جرى ربط العيادة الذكية بمنصة وطنية موحدة للسجلات الصحية الإلكترونية، تتيح الوصول الفوري إلى بيانات المريض الطبية المحدثة، وتحليلها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، ما يُسهم في تسريع عملية التشخيص، واقتراح خطط علاجية دقيقة ومخصصة لكل حالة.

ويهدف هذا المشروع التجريبي إلى تقييم فاعلية النظم الذكية في بيئة العيادات الواقعية، من حيث جودة الأداء، وسرعة تقديم الخدمة، ومستوى رضا المرضى، تمهيداً لتوسيع نطاق التجربة وتعميمها على عدد من المدن والمراكز الصحية في المراحل اللاحقة.

من الورقة والقلم... إلى الخوارزمية

في النموذج التقليدي للرعاية الصحية، يمر المريض برحلة طويلة تبدأ بالفحص السريري، ثم التحاليل، ثم الانتظار للحصول على النتائج، وصولاً إلى مرحلة التشخيص ووضع الخطة العلاجية... رحلة قد تمتد لساعات أو أيام، وتعتمد بدرجة كبيرة على توافر الطبيب وخبرته.

أما في العيادة الذكية، فقد أعادت التكنولوجيا رسم هذه الرحلة بالكامل، مختزلة إياها إلى دقائق معدودة.

تفاعل المريض والطبيب عبر النظم الذكية

يبدأ كل شيء عندما يُدخل المريض أعراضه عبر واجهة ذكية تفاعلية، سواء من جهاز لوحي داخل العيادة أو عبر تطبيق متصل، فيقوم النظام، المدعوم بتقنيات التعلّم العميق (Deep Learning)، بتحليل هذه الأعراض لحظياً، ويُقارنها بملايين الحالات والسجلات السريرية المخزّنة في قاعدة بيانات ضخمة، ليُولّد قائمة بالتشخيصات المحتملة، مرتّبة حسب درجة الاحتمال.

ثم يُعرض على الطبيب ملخّص دقيق يشمل:

- ترشيحات تشخيصية مدعومة بالبيانات

- اقتراحات لفحوصات تكميلية إذا لزم الأمر

- خطة علاجية مستندة إلى أدلة علمية وتجارب سريرية لحالات مماثلة

لكن الدور لا يتوقف عند هذا الحد، فالنظام يتابع مسار تحسّن المريض بعد بدء العلاج، من خلال جمع البيانات الحيوية أو التغذية الراجعة من المريض، ويُطلق تنبيهات فورية للطبيب في حال رصد أي مؤشرات لتدهور الحالة أو ظهور آثار جانبية، دون الحاجة إلى تكرار زيارة العيادة.

بهذا تتحوّل الرعاية الصحية من نموذج تفاعلي تقليدي إلى نظام استباقي ذكي، يحاكي المنطق الطبي البشري... لكن بسرعة غير مسبوقة، وبدقة تتغذّى على كل حالة سابقة

أرقام تتحدث: ماذا تُقدم العيادة الذكية؟

لا تكتفي العيادات الذكية برسم صورة مستقبلية للرعاية الصحية، بل بدأت بالفعل تقديم نتائج ملموسة على أرض الواقع. وتشير البيانات الأولية الصادرة عن تجربة التشغيل الأولى في مدينة الرياض إلى مؤشرات واعدة تؤكد الفاعلية العالية لهذا النموذج الجديد:

- تسريع عملية التشخيص بنسبة تصل إلى 50 في المائة مقارنة بالعيادات التقليدية؛ حيث أسهمت أتمتة الخطوات الأولية وتحليل البيانات اللحظي في تقليص زمن الانتظار، وتحديد التشخيص بشكل فوري.

- تحسّن دقة التوصيات العلاجية بنسبة 35 في المائة، نتيجة قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على ربط المعطيات الدقيقة المتناثرة في السجل الطبي للمريض، وتحليلها ضمن سياق شامل لا يُمكن للطبيب وحده أن يغطيه في وقت قصير.

- تعزيز تجربة المريض بشكل تفاعلي ومستمر، خاصة لدى المصابين بالأمراض المزمنة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم؛ حيث بات بإمكان المرضى تلقي إشعارات وتنبيهات دورية عبر تطبيقات ذكية مرتبطة بسجلهم الصحي، تتضمن نصائح، وتذكيرات بالأدوية، وتنبيهات عند حدوث تغيّرات غير طبيعية في الحالة.

رصد استباقي ودعم متواصل

ولا تُشير هذه الأرقام فقط إلى تحسين الأداء، بل تعكس تحولاً نوعياً في فلسفة الرعاية الصحية، من نموذج يعتمد على ردّ الفعل، إلى نظام قائم على الرصد الاستباقي والدعم المستمر للمريض

كما أن هذه الخطوة تُسهم في تخفيف الضغط على المستشفيات الكبرى، عبر تقديم بديل ذكي للرعاية الأولية، مدعوم بالتحليل الفوري، وسجلات المرضى الإلكترونية، وربما قريباً... الذكاء الاصطناعي التوليدي.

لماذا السعودية؟ ولماذا الآن؟

لم تأتِ تجربة العيادات الذكية في المملكة بمحض المصادفة، بل هي جزء من رؤية شمولية ومحددة الأهداف، وضعتها القيادة السعودية ضمن إطار «رؤية السعودية 2030»، التي تسعى إلى تحويل المملكة إلى مركز إقليمي رائد في مجالات التقنية والابتكار، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في القطاع الصحي.

ويأتي إطلاق هذه المبادرة في وقت حاسم، تتزايد فيه الضغوط على الأنظمة الصحية حول العالم، خصوصاً مع النقص العالمي في الكوادر الطبية المؤهلة، وارتفاع الطلب على خدمات الرعاية الصحية في المناطق البعيدة والنائية. وهنا، تلعب العيادات الذكية دوراً محورياً في:

- تعويض النقص البشري عبر أنظمة ذكية تعمل على مدار الساعة دون كلل.

- إتاحة رعاية صحية متقدمة للمواطنين في جميع مناطق المملكة، دون الحاجة إلى التنقل أو انتظار مواعيد طويلة.

-تقليل التكاليف التشغيلية على المدى البعيد من خلال تقنيات دقيقة تُقلل من التشخيصات الخاطئة والعلاجات غير الفعالة.

في هذا السياق، لا تبدو السعودية فقط مستهلكة للتقنية، بل صانعة لمستقبلها الصحي الرقمي، وخريطة الطريق أصبحت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى.

بين الذكاء الاصطناعي والقرار الطبي

وعلى الرغم من الإمكانات الهائلة التي تمتلكها الأنظمة الذكية في تحليل البيانات وتقديم التوصيات، يظل الطبيب البشري هو صاحب القرار النهائي والمرجعية الأخلاقية والسريرية في كل ما يتعلق بصحة المريض، فالعيادة الذكية لا تهدف إلى استبدال الطبيب، بل إلى تعزيز كفاءته، وتوسيع قدراته التشخيصية.

من خلال توفير أدوات تحليل متقدمة، ومؤشرات تنبؤية دقيقة، تُساعد هذه الأنظمة الطبيب على تجاوز التخمينات والقرارات المعتمدة على الحدس أو الوقت الضيق، ما يُقلّل من الأخطاء، ويُسرّع التشخيص، ويُخصص العلاج بما يتناسب مع الحالة الفريدة لكل مريض.

إنها شراكة متكاملة بين الإنسان والآلة؛ حيث يُمارس الطبيب دوره الإنساني، والإكلينيكي، والتواصلي، في حين يعمل الذكاء الاصطناعي مساعداً لا يكلّ، يقرأ الأرقام والمعطيات بلغة الإحصاء والمنطق، ويقدّمها للطبيب على هيئة خيارات مدروسة تدعمه لا تُقيّده.

وفي الختام: ليست العيادات الذكية مجرد واجهة برَّاقة للتطور التكنولوجي في الطب، بل تُمثل استجابة استراتيجية لأسئلة كبرى حول مستقبل الرعاية الصحية المستدامة، في زمن تتكاثر فيه التحديات: من نمو سكاني متسارع، إلى ضغط متزايد على البنية التحتية الصحية، وصولاً إلى الحاجة لتوفير خدمات عالية الجودة بتكلفة أقل وفي وقت أقصر.

في هذا السياق، تبرز العيادات الذكية بصفتها أحد الحلول الجذرية لا التحسينية؛ فهي تُعيد تعريف علاقة الإنسان بالطب، وتقدّم نموذجاً يعتمد على الوقاية المبكرة، والمتابعة المستمرة، واتخاذ القرار بناءً على تحليل دقيق للبيانات، وليس فقط على الأعراض الظاهرة.

نحن أمام بداية مرحلة جديدة من الطب: مرحلة يصبح فيها المرض أقل غموضاً، والتشخيص أكثر دقة، والمريض شريكاً نشطاً في رحلة علاجه، بدعم من عقل إلكتروني لا يكلّ، ولا ينسى، ولا يتوقف عن التعلم.

إنها ليست ثورة في الأدوات فحسب، بل في الفلسفة الطبية ذاتها.

* المراجع العلمية:

- Saudi AI Health Initiative: https://www.saudiaimedical.org- Journal of Smart Healthcare: https://www.jsmarthealth.com- Nature Digital Medicine: https://www.nature.com/npjdigitalmed


مقالات ذات صلة

أميركا تدشن حملة لتعيين مهندسي ذكاء اصطناعي بمناصب اتحادية

الولايات المتحدة​ علم أميركا على مجلس الشيوخ في العاصمة واشنطن (رويترز)

أميركا تدشن حملة لتعيين مهندسي ذكاء اصطناعي بمناصب اتحادية

دشنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب حملة لتعيين ألف مهندس في وظائف حكومية اتحادية لمدة عامين، وفقاً لموقع إلكتروني حكومي اطلعت عليه «رويترز» اليوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

«وول ستريت» ترتفع قبل أسبوع حافل بالتقارير الاقتصادية

شهدت «وول ستريت» ارتفاعاً يوم الاثنين، مع بداية أسبوع مليء بالتقارير الاقتصادية التي قد تؤثر على أسعار الفائدة، وبالتالي على أسعار الأسهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد يعمل أحد المتداولين في قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)

«سيتي غروب» تحدد 7700 نقطة هدفاً لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنهاية 2026

حدّدت «سيتي غروب» هدفها لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند 7700 نقطة بنهاية عام 2026، مستندة إلى قوة أرباح الشركات واستمرار النمو في استثمارات الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد عَلم الاتحاد الأوروبي ومخطط للأسهم وعبارة «الذكاء الاصطناعي» في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

الذكاء الاصطناعي يفتح شهية المستثمرين على أسهم البنوك الأوروبية

بعد عام 2025 الاستثنائي، يتوقع المستثمرون أن تُواصل أسهم البنوك الأوروبية مسارها الصاعد خلال عام 2026، مدعومة بأرباح قوية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولو عملات يراقبون شاشات تُظهر مؤشر «كوسبي» وسعر صرف الدولار مقابل الوون داخل بنك هانا بسيول (أ.ب)

الأسواق الآسيوية تتراجع وسط بيانات صينية ضعيفة

انخفضت الأسهم في الأسواق الآسيوية، يوم الاثنين، بعد إعلان الصين تراجع الاستثمار في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

قطرات العين... بدلاً من نظارات القراءة

قطرات العين... بدلاً من نظارات القراءة
TT

قطرات العين... بدلاً من نظارات القراءة

قطرات العين... بدلاً من نظارات القراءة

القراءة، الخياطة، مطالعة هاتفك الذكي؛ بمرور الوقت تزداد هذه الأنشطة وغيرها صعوبة عندما تتراجع قدرتك على الرؤية عن قرب في منتصف العمر. ويطلق على هذه الحالة طول النظر الشيخوخي، حالة تصيبنا جميعاً، ويمكن علاجها بسهولة بارتداء نظارات القراءة، من تلك التي تُصرف دون وصفة طبية، أو النظارات الطبية، أو العدسات اللاصقة.

اليوم، يتوفر خيار آخر، وهي «قطرات العين الطبية»، للمساعدة على تحسين الرؤية الضبابية عن قرب.

إليك ما تحتاج إلى معرفته حول «طول النظر الشيخوخي» (presbyopia) والأدوية الجديدة المتاحة لعلاجه.

قطرات عين جديدة

- لماذا نفقد الرؤية عن قرب؟ تعتمد قدرتنا على التركيز على الأشياء القريبة أو البعيدة، على عدسة العين. ونظراً لأن العدسة لينة ومرنة، فإن هذا يتيح لها تغيير شكلها، وثني الضوء بطرق معينة على شبكية العين؛ النسيج الموجود في الجزء الخلفي من العين الذي يرسل إشارات الضوء إلى الدماغ.

ومع تقدمنا في العمر، تتضاءل مرونة العدسة. وهنا، أوضح الدكتور ماثيو غاردينر، طبيب العيون ومساعد رئيس الشؤون السريرية في مستشفى ماساتشوستس للعين والأذن، التابع لجامعة هارفارد: «بعد سن الخامسة والأربعين، تزداد عدسة العين صلابة، ولا تستطيع تغيير شكلها لاستيعاب الأجسام القريبة من العين. والنتيجة العجز عن رؤية الأشياء عن قرب بوضوح».

- قطرات العين للرؤية عن قرب: حديثاً، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على كثير من أدوية العين الموصوفة طبياً التي تساعد في تخفيف حدة حالة طول النظر الشيخوخي مؤقتاً. وتتضمن قطرات العين «هيدروكلوريد بيلوكاربين» pilocarpine hydrochloride (Vuity, Qolsi)، و«أسيكليدين» (VIZZ) aceclidine.

تلتف هذه الأدوية على مشكلة تصلب عدسة العين، عبر تحفيز أجزاء أخرى من العين للمساعدة في تركيز الضوء بشكل أكثر وضوحاً. هنا، قال الدكتور غاردينر: «تعمل قطرات العين على شد العضلة العاصرة للقزحية، ما يؤدي إلى انكماش الحدقة في مركز العين، الأمر الذي يتيح دخول كمية أقل من الضوء. ويسمى هذا بتأثير الثقب الدبوسي pinhole effect (مثل النظر المركز من خلال ثقب دبوس)، ويشبه عملية التحديق المركز».

- استخدام القطرات. لقطرات العين جدول جرعات مرن، يمكنك استخدامه يومياً أو كلما رغبتَ في الاستغناء عن النظارات. وشرح الدكتور غاردينر: «الغرض منها الشعور بالراحة فقط. يمكنك استخدامها عدة أيام متتالية، ثم العودة إلى نظارتك، أو استخدام قطرات العين في المناسبات الخاصة. لا مشكلة في التبديل بينها».

تُوضع قطرات «بيلوكاربين» (Pilocarpine) في العين مرة أو مرتين يومياً، ويستمر مفعولها حتى 8 ساعات، حسب المنتج الذي يصفه الطبيب. أما قطرات «أسيكليدين» (Aceclidine) فتُوضع مرة واحدة فقط يومياً، ويستمر مفعولها نحو 10 ساعات.

ويستغرق الأمر نحو 30 دقيقة حتى يبدأ مفعول قطرات العين.

المخاطر والاعتبارات

- المخاطر: مثل أي دواء، قد يكون لقطرات العين المخصصة لطول النظر الشيخوخي آثار جانبية محتملة. وقد تتضمن هذه الآثار عدم وضوح الرؤية، والصداع، وضعف الرؤية. هنا، شرح الدكتور غاردينر: «بالنظر إلى أن حدقة العين تضيق ولا يدخل قدر كافٍ من الضوء إلى العينين، فقد تبدو الأشياء باهتة أو داكنة. لذلك، في بيئة شديدة الظلام، مثل القيادة ليلاً، ربما تواجه صعوبة أكبر في التنقل».

في حالات نادرة، يُصاب الأشخاص الذين يتناولون «بيلوكاربين» بتمزق أو انفصال في الشبكية، ما قد يؤدي إلى الإصابة بالعمى. لم تُسجل أي حالات تمزق أو انفصال في الشبكية في دراسات (لم تُنشر بعد) أجريت على قطرات العين «الأسيكليدين» لعلاج طول النظر الشيخوخي. ومع ذلك، يُحذر ملصق الدواء من هذا الخطر.

- الاعتبارات: ينبغي الانتباه إلى أن قطرات العين لتحسين الرؤية عن قرب لا تناسب الجميع. وعن ذلك، قال الدكتور غاردينر إنه قد ينصح الطبيب بالتوقف عن استخدامها، إذا كان لديك تاريخ عائلي قوي لانفصال الشبكية، أو إذا كنت تعاني من قصر نظر شديد، أو إذا كنت تعاني من حالة تُسمى التهاب القزحية (iritis).

ومن بين الأمور الأخرى الواجب مراعاتها: التكلفة. بوجه عام، تُعتبر قطرات العين تجميلية، ولا يغطيها التأمين، وتصل أسعارها إلى 80 دولاراً أميركياً لجرعة شهرية واحدة.

إلا أنه إن كنت ترغب في الراحة، وإذا سمحت ميزانيتك بذلك، فقد تُفكر في تجربة قطرات العين. وهنا، أوضح الدكتور غاردينر: «لن تعمل هذه الأدوية على استعادة قدرتك على الرؤية القريبة بشكل دائم، ولكنها قد تقلل من اعتمادك على نظارات القراءة في أثناء استخدامها».

* رسالة هارفارد الصحية، خدمات «تريبيون ميديا».


تعرف على معلم الذكاء الاصطناعي الجديد... الخاص بك

تعرف على معلم الذكاء الاصطناعي الجديد... الخاص بك
TT

تعرف على معلم الذكاء الاصطناعي الجديد... الخاص بك

تعرف على معلم الذكاء الاصطناعي الجديد... الخاص بك

أصبحت تطبيقات المساعدة المعتمدعلى الذكاء الاصطناعي، اليوم، أكثر من مجرد أجهزة للرد الآلي. وفي واقع الأمر، يعدّ كل من «وضع الدراسة» الجديد من «تشات جي بي تي»، و«وضع التعلم» (Learning Mode) من «كلود»، و«التعلم الموجه» (Guided Learning) من «غوغل»، نقلة كبرى على صعيد أدوات المساعدة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي؛ فبدلاً من مجرد توفير إجابات، تعمل هذه الأدوات المجانية اليوم بعدّها معلمين شخصيين على مدار الساعة، قادرين على التكيف مع متطلبات المستخدم.

أدوات تعليم ذكية

> «غايد» (Guidde): يعمل على إنشاء دليل إرشادي بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي. هل سئمت من شرح الشيء نفسه مرة بعد أخرى لزملائك؟ بإمكان «غايد» ـ الأداة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، معاونتك على شرح أكثر المهام تعقيداً في ثوان معدودة، عبر وثائق مولدة بالذكاء الاصطناعي. وبمقدور هذه الأداة إنجاز ما يأتي:

- تحويل وثائق مملة رتيبة إلى إرشادات بصرية مذهلة.

- توفير وقت ثمين عبر إنشاء ملفات فيديو للتوثيق بسرعة أكبر من المعتاد بمقدار 11 ضعفاً.

- التشارك في، أو ضم، دليل الإرشادات الخاص بك في أي مكان.

ليس عليك سوى النقر على زر «التقاط» في إضافة المتصفح. وسيُنشئ التطبيق تلقائياً أدلة فيديو خطوة بخطوة، مُرفقة بصور وتعليق صوتي ودعوة لاتخاذ إجراء عملي.

أما الجزء الأفضل في الأمر، فهو أن الإضافة مجانية تماماً. عليك تجريب الأمر، فهو مجاني.

أدوات جديدة للدراسة والتعلم

> «وضع الدراسة» (Study Mode) من «تشات جي بي تي».

- ابدأ: اختر «وضع الدراسة» من قائمة « » عند بدء محادثة جديدة. ابدأ بالسياق، ما يعني أنه يتعين عليك أن تخبر «تشات جي بي تي» بما ترغب في تعلمه، ولماذا، وما تعرفه بالفعل. ويبرع هذا النموذج في التكيف مع مستواك وإرشادك خطوة بخطوة.

- التقييم: جربتُ أنماط التعلم بالذكاء الاصطناعي لفهم تعقيدات الاستثمار في رأس المال الاستثماري. في البداية، أغرقني «تشات جي بي تي» في سيل من بالمعلومات، ثم بدا وكأنه لاحظ أنني أغرق، فعدّل من وتيرته. لا بد أنه عاين وجهي العابس ولاحظ ارتباكي.

- ملحوظة: يمكنك استخدام وضع «الدراسة والتعلم» على الجوال ومع «تشات جي بي تي» في المتصفح، لكن لا يمكنك الوصول إليه حالياً في تطبيق سطح المكتب، أو داخل «مشروع تشات جي بي تي».

> «التعلم الموجه» من «جيميناي».

- ابدأ: عليك زيارة g.co/gemini/guidedlearning

- التقييم: اضطلع برنامج «جيميناي» بدور المعلم ببراعة؛ فهو يُجيب بإيجاز عن أسئلتي حول رأس المال المُغامر. على سبيل المثال، حتى الآن:

اختبرني (عبر مثال بسيط)

أنشأ رسماً بيانياً مفيداً

أنشأ لمحة صوتية عامة، على غرار «نوتبوك إل إم»

أنشأ لي صفحة ويب مُخصصة

تشارك معي ببطاقات تعليمية رقمية بسيطة

بوجه عام، تُساعدني الأدوات الملموسة على تصوّر المفاهيم واختبار فهمي. ويستغرق النموذج نحو دقيقة لإنشاء الرسوم البيانية، ووقتاً أطول قليلاً لإنشاء لمحات صوتية عامة. وأعود مراراً إلى هذه المواد لمراجعة الأمور التي تبقى مبهمة أمامي - تفاصيل ضبابية حول التقييم، وجداول رأس المال، والسندات القابلة للتحويل.

«غوغل» و«كلود»

> أدوات تعلم أخرى من «غوغل»:

- يُحوّل برنامج «إلومينيت» Illuminate الأوراق الأكاديمية والأبحاث إلى ملخصات صوتية.

-يُجيب «ليرن أباوت» Learn About على أي استفسار بشكل شامل ومفيد.

- يعدّ «ليرن كوتش جيم» Learning Coach Gem مساعداً يُمكنك الدردشة معه.

- يُقدّم «ليتل لانغويدج ليسنز» Little Language Lessons نصائح سريعة.

- يوفر «ليرن إل إم» LearnLM مجموعة نماذج «غوغل» اللغوية للتعلم، والقائمة على أبحاث تربوية.

> «وضع التعلم» من «كلود»:

-ابدأ: اختر «التعلم» من قائمة الأنماط. في البداية، أصابتني هذه الخطوة بالارتباك، لأن الخيارات الأخرى في تلك القائمة أنماط كتابة.

- التقييم: أسئلة «كلود» القائمة على سيناريوهات - مثل هذه - تدفعني إلى التفكير في مواقف واقعية لممارسة تطبيق ما أتعلمه.

- نصائح: في أثناء التعلم، اطلب من «كلود» إنشاء أدوات - تطبيقات تفاعلية صغيرة - تُساعدك على ممارسة ما تتعلمه. كذلك اطلب تحديات أو دراسات حالة أو اختبارات قصيرة من حين لآخر.

- المميزات: على عكس الحال مع «تشات جي بي تي»، يُمكنك استخدام «وضع التعلم» داخل «مشروعات كلود» (Claude Projects)، ما يُتيح لك الاستفادة من التعلم المُخصّص إلى جانب مستنداتك التي توليت تحميلها والسياق الذي حددته. وبمقدورك تحميل مجموعة كبيرة من الملفات والتقارير وموارد البحث، بينما يتولى «كلود» تقديم دروس لك بخصوصها.

استخدام «وضع التعلم»

> «وضع التعلم» مقابل «وضع الإجابة». عندما تشغل أدوات التعلم لأيٍّ من مساعدي الذكاء الاصطناعي السالفة الذكر، سرعان ما ستلاحظ الفرق.

- تعتمد أوضاع التعلم أسلوب الاستجواب السقراطي، أي طرح الأسئلة، بدلاً من طرح المعلومات.

- تتكيف مع مستوى فهمك.

- تحفزك على طرح ملاحظاتك الخاصة.

- تساعدك على اختبار فهمك عبر اختبارات غير رسمية.

- تُرشدك خطوة بخطوة عبر موضوعات مُعقدة، بدلاً من التسرع في طرح الإجابات عليك.

في وضع التعلم، يتحول هؤلاء المساعدون إلى ما يشبه مُعلمين خصوصيين، بينما في الوضع القياسي، يكونون أقرب إلى موسوعات تفاعلية.

في الواقع، فإن الفرق بين الأمرين كبير. في المرات السابقة التي كنتُ أرغب فيها في تحليل البيانات، كنتُ أطلب الاطلاع على تصورات سريعة. أما في وضع الدراسة، فقد تعلمتُ، من بين أمور أخرى، كيفية استخدام الجداول المحورية بفاعلية أكبر، لأتمكن من تحليل البيانات بنفسي بدقة أكبر؛ بمعنى أنه بدلاً من منحي السمك على طبق من ذهب، تعلمت كيف أصطاد.

> موضوعات يمكن تجريبها في وضع التعلم:

- «كيف تؤثر التعريفات الجمركية على سلاسل التوريد؟» أو «كيف تعمل العملات المشفرة؟».

- «أرشدني إلى أساسيات (مفهوم العلوم/الرياضيات)».

- «ما صور تأثير شكسبير على مقالات مونتين؟».

- «كيف تعمل شركات الاستثمار الخاص؟ ساعدني على فهم الفروق الدقيقة».

أربعة سبل للتعلم باستخدام الذكاء الاصطناعي

1- استيعاب مفهوم أو مهارة معقدة:

- الغرض: موضوعات العمل أو الدراسة التي تحتاج إلى استيعاب جيد، أو مجرد موضوعات تثير الفضول.

- التجربة: أستخدم أوضاع الدراسة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لمراجعة احتمالات اختيار النرد والقطع والأوراق لألعاب الطاولة مثل Qwixx وSplendor وAzul وPoint Salad ولعبة النرد. ويساعدني الذكاء الاصطناعي على التقدم خطوة بخطوة، بينما يتابع مستوى تقدمي، ويتدخل لإبطاء وتيرة تعلمي عندما أشعر بالارتباك. وتروق لي مسألة أنني قادر على طرح أسئلة بسيطة دون الشعور بأي حرج.

2- إشباع الفضول الفكري:

- الغرض: موضوعات تثير فضولك. هدف التعلم بحد ذاته.

- التجربة: بعد قراءة كتاب «ثقة» (Trust)، لهرنان دياز حديثاً، انغمستُ في رحلة بحثٍ شاقةٍ عن أسلوب السرد القصصي المعتمد على قصص داخل قصص، والتعدد الصوتي القائم على سرد قصص من وجهات نظر متعددة، واكتشفتُ روابط جديدة بين مؤلفين مختلفين.

ويختلف هذا الاستكشاف الفكري المحض عن التعلم المُركّز على عمل محدد. إنه مدفوعٌ بالفضول، لا بالضرورات. ويُعجبني أنني أستطيع القفز من موضوعٍ لآخر وقتما أشاء. كما يُمكنني التوقف فجأةً والعودة إلى موضوعٍ ما بعد أيام. وفي هذه الحالات، لا يفقد المساعد زخمه ويستمر كما لو أننا لم نتوقف قط.

3- تعميق الخبرات:

- الغرض: توسيع نطاق فهمك لشيءٍ درسته بالفعل.

- التجربة: أستعين بأساليب التعلم بالذكاء الاصطناعي لاستكشاف الروابط بين الملحنين الكلاسيكيين، الذين قضيتُ حياتي في الاستماع إلى موسيقاهم وعزفها. كما أسعى لتحسين طريقة استخدامي لجداول البيانات لتحليل البيانات. هنا، يعتمد الذكاء الاصطناعي على ما أعرفه بالفعل، بدلاً من البدء من الصفر.

4- تعلم كيفية التعلم:

- الغرض: اكتشاف أفضل طريقة للتعلم. تعلّم عن التعلم، وكيفية تنمية المهارات الذهنية.

- التجربة: أستعين بأساليب تعلم الذكاء الاصطناعي لمعرفة ما يناسبني، وللتعرف أكثر على كيفية تعلم العلوم. أكثر ما أستفيده حتى الآن: اختبارات «جيميناي» والرسوم البيانية، وأسئلة «كلود» المختصرة، وتلخيص شروحات وتوسيعها.

>أبرز ميزات وضع التعلم:

- اختبارات قصيرة مع توفير تقييم فوري على إجاباتي يجبرني على تطبيق ما أتعلمه.

- سيناريوهات يتعين علي تحليلها تُجبرني على التمييز بينها بدقة.

- دراسات حالة واقعية تتطلب مني تلخيص المفاهيم الجديدة.

- طرح أي عدد من الأسئلة البسيطة. طلب أدوات تعليمية ملموسة، مثل الرسوم البيانية، والعروض الصوتية، والبطاقات التعليمية، والجداول.

في إطار عملي بمجال التدريس (في كلية نيومارك للدراسات العليا للصحافة بجامعة مدينة نيويورك)، أخطط لدمج تقييمات دقيقة أكثر شمولاً - اختبارات قصيرة داخل الفصل الدراسي دون درجات باستخدام أدوات مثل «سليدو» (Slido) و«سوكريتيف» (Socrative) لمعاونتي على التحقق من فهم الطلاب ومنحهم مزيداً من الفرص البسيطة لممارسة ما نتعلمه.

>مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تربيون ميديا».


ثورة في علم الجينوم: جينات تكشف مرضاً وأخرى تحرّرنا من القيود

ثورة في علم الجينوم: جينات تكشف مرضاً وأخرى تحرّرنا من القيود
TT

ثورة في علم الجينوم: جينات تكشف مرضاً وأخرى تحرّرنا من القيود

ثورة في علم الجينوم: جينات تكشف مرضاً وأخرى تحرّرنا من القيود

أظهر بحث جديد أن الطريقتين الرئيسيتين لاكتشاف الجينات المرتبطة بالأمراض، ليستا متنافرتين كما كان يُعتقد، بل تكشفان جوانب مختلفة ومكملة من علم الأحياء. ورغم أن كلتا الطريقتين شائعتان في الأبحاث الجينية فإنهما تحددان مجموعات مختلفة من الجينات، وهو ما يحمل آثاراً مهمة على تطوير العلاجات والأدوية.

ولطالما اعتمد العلماء على الجينوم البشري الذي يضم آلاف الجينات التي تصنع البروتينات، إضافة إلى مناطق تنظيمية تتحكم في تشغيل هذه الجينات، بهدف فهم أسباب الاختلاف بين الناس في السمات، مثل الطول ولون الشعر وخطر الإصابة بالأمراض. ومع ذلك فإن معرفة أي الجينات تلعب دوراً حقيقياً في المرض لم تكن مهمة سهلة، إذ غالباً ما تشير الدراسات إلى مئات الجينات المحتملة دون أن يكون واضحاً أيها الأكثر أهمية.

طريقتان .. ورؤيتان مختلفتان

ركزت الدراسة التي نُشرت في مجلة Nature في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025 بقيادة باحثين من جامعة نيويورك وجامعة ستانفورد وجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو وجامعة طوكيو، على مقارنة الطريقتين الأساسيتين لاكتشاف الجينات المؤثرة في المرض وهما:

> أولاً- دراسات الارتباط على مستوى الجينوم (GWAS) التي تحلل ملايين المتغيرات الجينية الشائعة عبر الجينوم لتحديد ما يرتبط منها بالمرض أو السمة المدروسة وتشمل الجينات والمناطق التنظيمية.

> ثانياً- اختبارات العبء الجيني Burden Tests وتركز على المتغيرات النادرة التي تُحدث تغييرات كبيرة في البروتينات وغالباً ما يكون تأثيرها قوياً، لكن انتشارها قليل في السكان.

واعتمد الباحثون على بيانات 209 سمات من بنك البيانات الحيوية البريطاني Biobank الذي يضم سجلات وراثية وصحية لمئات الآلاف من المتطوعين. وتوصلوا إلى نتيجة واضحة هي أن كل طريقة تكشف جانباً مختلفاً من بيولوجيا المرض، وكلتاهما ضرورية ومتكاملة.

> جينات دقيقة أو صورة أشمل. كما وجد الباحثون أن اختبارات العبء غالباً ما تحدد الجينات ذات التأثير المباشر على المرض نفسه، وهي جينات تتأثر بمتغيرات نادرة ذات قوة كبيرة.

أما دراسات الارتباط على مستوى الجينوم فتحدد الجينات ذات التأثيرات الواسعة أي تلك التي تؤثر في عدة سمات أو أمراض في الوقت نفسه. وتعمل هذه الجينات كمفاتيح مركزية تتحكم في عمليات بيولوجية متعددة.

وقال الدكتور حكمانش مصطفوي المؤلف المشارك للدراسة مركز علم الوراثة والجينوم البشري بكلية الطب بجامعة نيويورك: «إن دراستنا توضح سبب اختلاف نتائج الطريقتين، ولماذا يمتلك كل منهما أهمية بيولوجية. كما تمنحنا رؤية أوضح حول كيفية استخدام الاكتشافات الجينية في تطوير الأدوية».

وحول السبب وراء الاختلاف بين نتائج الطريقتين، وجدت الدراسة تفسيراً تطورياً بسيطاً هي أن بعض الجينات لها أدوار واسعة في الجسم. وعندما تتعرض لمتغيرات عنيفة أو ضارة، فقد يؤدي ذلك إلى تأثيرات كبيرة تقلل فرص البقاء أو التكاثر. ولذلك تُستبعد هذه المتغيرات تدريجياً عبر الانتقاء الطبيعي، مما يجعلها نادرة جداً ومن الصعب اكتشافها في اختبارات العبء.

أما دراسات الارتباط على مستوى الجينوم، فيمكنها اكتشاف المتغيرات التنظيمية الصغيرة التي تؤثر في نشاط الجين دون إتلافه تماماً. هذه المتغيرات أقل ضرراً، وبالتالي أكثر انتشاراً في السكان.

وكشفت الدراسة أيضاً أن القيمة الاحتمالية، وهي مقياس شائع لتحديد قوة النتائج الإحصائية ليست مؤشراً جيداً على أهمية الجين بالنسبة للمرض. وهذا مهم لأن العلماء والشركات تعتمد عليها لترتيب الجينات وتحديد المرشحة منها لتطوير العقاقير.

وقال الباحثون لا يعني هذا أن الدراسات لا توفر معلومات مهمة لكنها لم تُفسَّر سابقاً بطريقة تكشف أهمية الجين البيولوجية.

تطوير علاجات أفضل

يقترح الباحثون أن ترتيب الجينات يجب أن يعتمد على ميزتين أساسيتين: الأهمية، أي مدى تأثير الجين على المرض إذا تعطّل، والخصوصية: أي ما إذا كان الجين يؤثر في مرض واحد فقط أم في عدة سمات مختلفة.

إن فهم هاتين الخاصيتين قد يساعد في تحديد أفضل الأهداف العلاجية وتقليل مخاطر الآثار الجانبية غير المتوقعة.

> دمج البيانات الجينية مع الذكاء الاصطناعي. يعمل الفريق الآن على تطوير أدوات جديدة تستخدم التعلم الآلي لتحسين كيفية تقدير أهمية الجينات. وبدمج نتائج دراسات الارتباط على مستوى الجينوم واختبارات العبء مع الكم الهائل من البيانات المخبرية عن وظائف الجينات يمكن للذكاء الاصطناعي كشف أنماط مشتركة تسهم في تحديد الجينات الأكثر تأثيراً.

وقال الدكتور جيفري سبينس أحد المؤلفين المشاركين من قسم علم الوراثة جامعة ستانفورد الولايات المتحدة الأميركية إن ذلك سيكون ثورياً لأنه سيساعدنا على الاستفادة من بيانات المختبر لفهم الأمراض البشرية وتحديد أهم الجينات المرضية وتسريع تطوير الأدوية.

> صورة أوضح للمرض. تؤكد الدراسة أن فهم الجينات المسببة للأمراض يحتاج إلى استخدام كل من دراسات الارتباط على مستوى الجينوم واختبارات العبء، لأن كل واحدة تُظهر طبقة مختلفة من التعقيد البيولوجي. ومع تطور البيانات والتقنيات يقترب العلماء أكثر من تحديد الجينات الأكثر تأثيراً مما قد يفتح الباب أمام علاجات أكثر دقة وفاعلية.