مأوى لمسافري محطة قطار ريفية يابانية... يُبنى في يوم واحد

قفزة جديدة بمجال الطباعة ثلاثية الأبعاد

مأوى لمسافري محطة قطار ريفية يابانية... يُبنى في يوم واحد
TT

مأوى لمسافري محطة قطار ريفية يابانية... يُبنى في يوم واحد

مأوى لمسافري محطة قطار ريفية يابانية... يُبنى في يوم واحد

داخل بلدة أريدا الهادئة باليابان ـ المشهورة أكثر بمحاصيل الفاكهة وصيد الأسماك ـ تحولت محطة قطار هاتسوشيما البسيطة، حديثاً، إلى موقع لمشروع رائد بمجال التشييد. ومع أن المحطة تخدم نحو 530 راكباً يومياً فقط، مع تردد واحد إلى ثلاثة قطارات في الساعة، فإنها أصبحت الآن موطناً لأحد أكثر تجارب البنية التحتية ابتكاراً في اليابان: مأوى محطة قطار مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد.

مأوى للمسافرين

ومع تراجع عدد سكان أريدا، كما الحال في معظم المناطق الريفية في اليابان، يتضاءل الطلب على البنية التحتية واسعة النطاق. ومع ذلك، فإنه بدلاً من مجرد تقليص حجم الهيكل الخشبي القديم، رأت شركة سكك حديد غرب اليابان فرصة لتجربة طريقة جديدة سريعة وفاعلة وأقل تكلفة. وبالتعاون مع شركة «سيرنديكس» ـ شركة معروفة ببناء منازل مطبوعة ثلاثية الأبعاد بتكلفة تبلغ نحو 38 ألف دولار ـ تمكن فريق العمل من إنشاء المأوى الجديد خلال سبعة أيام فقط.

وجرت طباعة الهيكل النهائي في أربعة أجزاء، ثم جرى نقله عبر السكك الحديدية، وتركيبه في الموقع في غضون ساعات قلائل. وانطوت النتيجة على تقليص هائل في مدة البناء، مقارنة بالطرق التقليدية. ويبلغ ارتفاع المأوى المطبوع 2.6 متر ويغطي مساحة 10 أمتار مربعة. ومن المتوقع أن يصبح جاهزاً للتشغيل بحلول يوليو (تموز)، إذ ما زال يحتاج إلى تركيب آلات التذاكر وإنهاء التشطيبات الداخلية.

هيكل مقاوم للزلازل

وجرى بناء المأوى باستخدام طبقات من الملاط نفثتها فوهة روبوتية، مع تعزيز البناء بهياكل فولاذية وإطارات خرسانية، وجرى تصميمه ليتوافق مع المعايير اليابانية العالية لمقاومة الزلازل. وحسب شركة سكك حديد غرب اليابان، يوفر المشروع نفس مستوى الأمان الذي توفره ملاجئ الخرسانة المسلحة التقليدية، لكن بتكلفة أقل بنحو النصف.

ولإضفاء لمسة محلية، جرى تزيين المأوى بنقوش بارزة لفاكهة حمضيات اليوسفي وسمك الغمد اللتين تشتهر بهما القرية، في إشارة ضمنية إلى التراث المحلي.

والأهم من ذلك، ترى الشركة أن هذا المشروع قد يصبح نموذجاً مستقبلياً لصيانة المحطات الريفية على نحو فاعل. ونقل موقع «إمباكت لاب» عن يو كاواموتو، رئيس رأس المال الاستثماري بشركة سكك حديد غرب اليابان، أن القيمة الحقيقية للمشروع تكمن في تقليل عدد العمال المطلوبين لمثل هذه الإنشاءات، مما يسمح للشركة بالحفاظ على تشغيل الخدمات داخل المناطق الأقل كثافة سكانية، دون التأثير على مستوى الخدمة.


مقالات ذات صلة

ذكاء اصطناعي يفهم ويتذكر ويخطط... هل تجاوزنا زمن الأوامر؟

خاص يتطلب عمل «وكلاء الذكاء الاصطناعي» بنية تقنية جديدة تشمل الذاكرة طويلة الأمد والنماذج اللغوية والعرض الفوري وواجهة متعددة الوسائط (شاترستوك)

ذكاء اصطناعي يفهم ويتذكر ويخطط... هل تجاوزنا زمن الأوامر؟

يشهد الذكاء الاصطناعي تحولاً من أدوات تستجيب للأوامر إلى وكلاء مستقلين يفهمون السياق، ويخططون، وينفذون بذكاء، ما يُعيد تشكيل التفاعل الرقمي بالكامل.

نسيم رمضان (لندن)
خاص يمثل «تعلم الآلة» العمود الفقري لأنظمة الذكاء الاصطناعي التي تعمل بصمت لحماية البيانات وضمان استقرار البنية التحتية الرقمية (أدوبي)

خاص في يوم «تقدير الذكاء الاصطناعي»... هل نُقدّر فعلاً من يعمل في الخلفية؟

في يوم «تقدير الذكاء الاصطناعي»، نكتشف كيف أصبح «تعلم الآلة» هو القوة الصامتة التي تحمي بياناتنا وتُبقي أنظمتنا تعمل بثبات.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا التقرير: 61٪ من الفرق تبدأ التفكير بالأمان بعد بدء التطوير ما يؤدي إلى ترسيخ الثغرات في بنية التطبيق (شاترستوك)

تقرير جديد: الأمان لا يُؤخذ بجدية كافية في 61 % من تطبيقات الهواتف

يكشف تقرير «غارد سكوير» أن أمان تطبيقات الأجهزة الجوالة لا يزال أولوية مؤجلة رغم ارتفاع التهديدات، ويؤكد ضرورة دمجه منذ مراحل التطوير الأولى.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا جهاز «سوام كام»

نظام بالذكاء الاصطناعي لتفادي الغرق في المسابح... ومشغل أسطوانات جديد

عندما يتعلق الأمر بسلامة المسبح، لا يوجد ما تُسمى «احتياطات كافية». وكما هو الحال مع أي حادث، لا أحد يعلم ما يمكن أن يحدث في أي لحظة. وحسبما ذكرت منظمة «الصليب…

غريغ إيلمان (واشنطن)
تكنولوجيا الغرسة تمثل بديلاً متطوراً لحقن الطوارئ وتوفر حلاً تلقائياً لحالات نقص السكر أثناء النوم أو لدى الأطفال (MIT)

غرسة ذكية تحت الجلد تتدخل تلقائياً لمنع انخفاض السكر الحاد المفاجئ

طور باحثو «MIT» جهازاً صغيراً يُزرع تحت الجلد يطلق هرمون الغلوكاغون تلقائياً لعلاج نقص السكر الحاد، ما يوفر حماية فورية وذكية لمرضى السكري.

نسيم رمضان (لندن)

الخبراء يتساءلون: ماذا سيحدث عندما لا يشاركك الذكاء الاصطناعي قيمك؟

الخبراء يتساءلون: ماذا سيحدث عندما لا يشاركك الذكاء الاصطناعي قيمك؟
TT

الخبراء يتساءلون: ماذا سيحدث عندما لا يشاركك الذكاء الاصطناعي قيمك؟

الخبراء يتساءلون: ماذا سيحدث عندما لا يشاركك الذكاء الاصطناعي قيمك؟

إذا طلبت من آلة حاسبة ضرب رقمين، فإنها تضرب الرقمين.. وانتهى الكلام. ولا يهم إن كنت تُجري عملية الضرب لحساب تكاليف الوحدة، أو لتنفيذ عملية احتيال، أو لتصميم قنبلة، فالآلة الحاسبة ببساطة تُنفذ المهمة المُوكلة إليها، كما كتب فيصل حق(*).

الذكاء الاصطناعي يتولى زمام الأمور

ليست الأمور دائماً بهذه البساطة مع الذكاء الاصطناعي. تخيّل أن يُقرر مساعد الذكاء الاصطناعي الخاص بك عدم موافقته على تصرفات شركتك، أو مواقفها في مجال ما. ولذا ومن دون استشارتك، يُسرّب معلومات سرية إلى الجهات التنظيمية والصحافيين، مُتصرفاً بناءً على حكمه الأخلاقي الخاص حول ما إذا كانت أفعالك صحيحة أم خاطئة.

... هل هذا خيال علمي؟ كلا. لقد لُوحظ هذا النوع من السلوك بالفعل في ظل ظروف مُتحكم بها باستخدام نموذج «كلود أوبس4» Claude Opus 4 من «أنثروبيك»، وهو أحد أكثر نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي استخداماً.

اتخاذ القرارات واستنتاج الأحكام

لا تقتصر المشكلة هنا على احتمال «تعطل» الذكاء الاصطناعي وخروجه عن السيطرة؛ بل قد ينشأ خطر تولي الذكاء الاصطناعي زمام الأمور بنفسه حتى مع عمل النموذج على النحو المنشود على المستوى التقني. تكمن المشكلة الأساسية في أن نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة لا تكتفي بمعالجة البيانات، وتحسين العمليات فحسب، بل إنها تتخذ أيضاً قرارات (قد نسميها أحكاماً) بشأن ما يجب اعتباره صحيحاً، وما هو مهم، وما هو مسموح به.

عادةً عندما نفكر في مشكلة التوافق في الذكاء الاصطناعي، نفكر في كيفية بناء ذكاء اصطناعي يتماشى مع مصالح البشرية جمعاء. ولكن كما استكشف البروفسور سفير سبويلسترا وزميلي الدكتور بول سكيد في مشروع بحثي حديث، فإن ما تُظهره نتائج كلود هي مشكلة توافق أكثر دقة، ولكنها أكثر إلحاحاً بالنسبة لمعظم المديرين التنفيذيين.

3 أوجه لعدم التوافق التنظيمي

والسؤال المطروح للشركات هو: كيف تضمن أن أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تشتريها تُشارك قيم مؤسستك، ومعتقداتها، وأولوياتها الاستراتيجية؟

يظهر عدم التوافق التنظيمي بثلاث طرق مختلفة.

* أولاً: هناك اختلال أخلاقي. لنأخذ تجربة «أمازون» مع التوظيف المدعوم بالذكاء الاصطناعي. فقد طورت الشركة خوارزمية لتبسيط عملية التوظيف للوظائف التقنية، ودرّبتها على بيانات توظيف تاريخية لسنوات. وعمل النظام تماماً كما صُمم، وهنا تكمن المشكلة.

لقد تعلم من بيانات التدريب التمييز ضد النساء بشكل منهجي. استوعب النظام تحيزاً يتعارض تماماً مع نظام القيم المعلن عنه في «أمازون»، محوّلاً التمييز السابق إلى قرارات مستقبلية آلية.

* ثانياً: هناك اختلال معرفي. تتخذ نماذج الذكاء الاصطناعي قرارات طوال الوقت حول البيانات التي يمكن الوثوق بها، وتلك التي يجب تجاهلها. لكن معاييرها لتحديد ما هو صحيح قد لا تتوافق بالضرورة مع معايير الشركات التي تستخدمها.

في مايو (أيار) 2025، بدأ مستخدمو برنامج غروك التابع لشركة «xAI» يلاحظون أمراً غريباً: كان برنامج الدردشة الآلي يُدرج إشارات إلى «الإبادة الجماعية البيضاء» في جنوب أفريقيا في ردود حول مواضيع غير ذات صلة.

عند الضغط عليه، ادعى غروك أن منطق عمل البرمجيات فيه المعتاد، سيعامل مثل هذه الادعاءات على أنها نظريات مؤامرة، وبالتالي سيتجاهلها. لكن في هذه الحالة ذكر الروبوت هذا: «أُمرتُ من قِبل مُنشئيّ، أي مصمميّ» بقبول نظرية الإبادة الجماعية البيضاء على أنها حقيقية.

يكشف هذا عن نوع مختلف من الاختلال، وهو تضارب حول ما يُشكّل معرفةً وما يشكل أدلةً صحيحة. سواءٌ أكانت مخرجات «غروك» في هذه الحالة نتيجةً فعليةً لتدخلٍ مُتعمّد أم نتيجةً غير متوقعةٍ لتفاعلاتٍ تدريبيةٍ مُعقّدة، فقد كان «جغوك» يعمل بمعايير الحقيقة التي لا تقبلها مُعظم المُؤسسات، مُعاملاً الروايات السياسية المُتنازع عليها على أنها حقائقَ ثابتة.

* ثالثاً: هناك اختلالٌ استراتيجي. في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، زعمت مجموعة المراقبة «ميديا ماترز» أن مُحرّك تصنيف إعلانات «إكس» (المعروف سابقاً باسم «تويتر») كان يضع إعلاناتٍ للشركات بجانب منشوراتٍ تُشيد بالنازية وتفوق العرق الأبيض. وبينما عارض «إكس» هذا الادعاء بشدة، أثار هذا الخلاف نقطةً مهمة. فقد تختار الخوارزمية المُصمّمة لزيادة مشاهدات الإعلانات وضع الإعلانات بجانب أي محتوى ذي تفاعلٍ عالٍ، ما يُقوّض سلامة العلامة التجارية لتحقيق أهداف زيادة عدد المُشاهدين المُدمجة في الخوارزمية.

يُمكن لهذا النوع من الانفصال بين أهداف المُؤسسة والتكتيكات التي تستخدمها الخوارزميات في سعيها لتحقيق غرضها المُحدّد أن يُقوّض التماسك الاستراتيجي للمؤسسة. لماذا يحدث سوء المحاذاة؟

لماذا يحدث عدم التوافق؟

يمكن أن ينبع عدم التوافق مع قيم المؤسسة وأهدافها من مصادر متعددة. أكثرها شيوعاً هي:

* تصميم النموذج. تُدمج بنية أنظمة الذكاء الاصطناعي خيارات فلسفية بمستويات لا يدركها معظم المستخدمين. عندما يقرر المطورون كيفية ترجيح عوامل مختلفة، فإنهم يُصدرون أحكاماً قيمية. يُجسد الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية، الذي يُفضل دراسات المُراجعة من قِبل الأقران على الخبرة السريرية، موقفاً مُحدداً بشأن القيمة النسبية للمعرفة الأكاديمية الرسمية مقابل حكمة الممارسين. تُصبح هذه القرارات الهيكلية، التي يتخذها مهندسون قد لا يلتقون بفريقك أبداً، قيوداً يجب على مؤسستك التعايش معها.

* بيانات التدريب. نماذج الذكاء الاصطناعي هي محركات تنبؤ إحصائية تتعلم من البيانات التي تُدرّب عليها. ويعني محتوى بيانات التدريب أن النموذج قد يرث مجموعة واسعة من التحيزات التاريخية، والمعتقدات البشرية الطبيعية إحصائياً، والافتراضات الثقافية الخاصة.

* التعليمات الأساسية. عادةً ما يُزوّد المطورون نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي بمجموعة أساسية من التوجيهات التي تُشكّل وتُقيّد المخرجات التي ستُقدّمها النماذج (يُشار إليها غالباً باسم «توجيهات النظام» أو «توجيهات السياسة» في الوثائق الفنية). على سبيل المثال، تُضمّن شركة «إنثروبيك» دستوراً في نماذجها يُلزم النماذج بالعمل وفقاً لنظام قيم مُحدّد. وبينما تهدف القيم التي يختارها المطورون عادةً إلى نتائج يعتقدون أنها مفيدة للبشرية، لا يوجد سبب لافتراض موافقة شركة أو قائد أعمال مُعيّن على هذه الخيارات.

اكتشاف ومعالجة عدم التوافق

نادراً ما يبدأ عدم التوافق بفشلٍ لافتٍ للنظر؛ بل يظهر أولاً في تناقضات صغيرة لكنها دالة. ابحث عن التناقضات المباشرة وتناقضات النبرة، على سبيل المثال، في النماذج التي ترفض المهام أو روبوتات الدردشة التي تتواصل بأسلوبٍ لا يتوافق مع هوية الشركة.

تتبّع الأنماط غير المباشرة، مثل قرارات التوظيف المُشوّهة إحصائياً، أو قيام الموظفين «بتصحيح» مخرجات الذكاء الاصطناعي بشكلٍ روتيني، أو زيادة شكاوى العملاء بشأن الخدمة غير الشخصية. وعلى المستوى النظامي، راقب طبقات الرقابة المتنامية، والتحولات التدريجية في المقاييس الاستراتيجية، أو الخلافات الثقافية بين الإدارات التي تُدير مجموعات ذكاء اصطناعي مختلفة. أيٌّ من هذه الأمور يُعدّ إنذاراً مبكراً لانحراف إطار قيم نظام الذكاء الاصطناعي عن إطارك.

أربع طرق للاستجابة

1. اختبر النموذج من خلال توجيهات استفزازية. درّب النموذج على سيناريوهات استفزازية مُتعمدة لكشف الحدود الفلسفية الخفية قبل النشر.

2.استجوب الجهة المورّدة. اطلب بطاقات النموذج، وملخصات بيانات التدريب، وأوصاف طبقة الأمان، وسجلات التحديث، وبيانات صريحة للقيم المُضمنة.

3.طبّق المراقبة المستمرة. حدد تنبيهات آلية للغة الشاذة، والانحرافات الديموغرافية، والقفزات المفاجئة في المقاييس، بحيث يتم اكتشاف عدم التوافق مبكراً، وليس بعد الأزمة.

4. أجرِ تدقيقاً فلسفياً كل ربع سنة. شكّل فريق مراجعة متعدد الوظائف (خبراء قانونيين، وأخلاقيين، وخبراء في المجالات المختلفة) لأخذ عينات من المخرجات، وتتبع القرارات وصولاً إلى خيارات التصميم، والتوصية بتصحيحات المسار.

ضرورة القيادة

تأتي كل أداة ذكاء اصطناعي مصحوبة بقيم. ما لم يتم بناء كل نموذج داخلياً من الصفر -وهو أمرٌ لن تفعله- فإن نشر أنظمة الذكاء الاصطناعي سيتضمن استيراد فلسفة جهة أخرى مباشرةً إلى عملية اتخاذ القرار أو أدوات الاتصال لديك. لذا فإن تجاهل هذه الحقيقة يُعرّضك لنقطة ضعف استراتيجية خطيرة.

مع اكتساب نماذج الذكاء الاصطناعي استقلالية، يصبح اختيار الجهات الموردة مسألة تتعلق بالقيم بقدر ما تتعلق بالتكاليف والوظائف.

عند اختيار نظام ذكاء اصطناعي، فأنت لا تختار قدرات معينة بسعر محدد فحسب، بل تستورد نظاماً من القيم. لن يجيب روبوت المحادثة الذي تشتريه على أسئلة العملاء فحسب؛ بل سيُجسّد وجهات نظر مُحددة حول التواصل المُناسب وحل النزاعات. لن يُحلل نظام الذكاء الاصطناعي الجديد للتخطيط الاستراتيجي البيانات فحسب؛ بل سيُعطي الأولوية لأنواع مُعينة من الأدلة، ويُرسّخ افتراضات حول السببية والتنبؤ. لذا، فإن اختيار شريك ذكاء اصطناعي يعني اختيار من سيُشكّل رؤيته العالمية للعمليات اليومية.

قد يكون التوافق التام هدفاً بعيد المنال، لكن اليقظة المُنضبطة ليست كذلك. إن التكيف مع هذا الواقع يتطلب من القادة تطوير نوع جديد من «الثقافة الفلسفية»: القدرة على إدراك متى تعكس مخرجات الذكاء الاصطناعي أنظمة القيم الأساسية، وتتبع القرارات إلى جذورها الفلسفية، وتقييم مدى توافق هذه الجذور مع أهداف المؤسسة. ستجد الشركات التي تفشل في دمج هذا النوع من القدرات أنها لم تعد تسيطر بشكل كامل على استراتيجيتها، أو هويتها.

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»