فرشاة الأسنان الذكية: كيف يُغيّر الذكاء الاصطناعي مستقبل العناية بصحة الفم؟

دراسة مراجعة حديثة لجامعة «الإمام عبد الرحمن بن فيصل» في السعودية مع جامعة «مانيبال» الهندية

فرشاة الأسنان الذكية: كيف يُغيّر الذكاء الاصطناعي مستقبل العناية بصحة الفم؟
TT

فرشاة الأسنان الذكية: كيف يُغيّر الذكاء الاصطناعي مستقبل العناية بصحة الفم؟

فرشاة الأسنان الذكية: كيف يُغيّر الذكاء الاصطناعي مستقبل العناية بصحة الفم؟

لطالما كان تنظيف الأسنان حجر الأساس في الحفاظ على صحة الفم، لكنه في كثير من الأحيان لا يتم بالشكل الصحيح، مما يفتح الباب أمام التسوس وأمراض اللثة.

في الماضي، كان الاعتماد الأساسي على الفرشاة اليدوية والتقنيات التقليدية، ولكن اليوم، دخل الذكاء الاصطناعي بقوة إلى هذا المجال، ليحوله من مجرد عملية روتينية إلى تجربة تفاعلية تعتمد على التحليل الفوري والتوجيه الذكي. فكيف يمكن أن تغيّر الفراشيّ الذكية قواعد العناية بصحة الفم؟

من الفرشاة التقليدية إلى الذكاء الاصطناعي

شهدت السنوات الأخيرة ثورة في عالم فرشاة الأسنان الذكية، حيث لم يعد الأمر مقتصراً على مجرد تنظيف الأسنان، بل أصبح يشمل مراقبة الأداء، وتقديم تغذية راجعة فورية، وتدريب المستخدمين على تحسين تقنيات التنظيف لديهم.

في دراسة حديثة، تعاونت جامعة «الإمام عبد الرحمن بن فيصل» في السعودية مع جامعة «مانيبال» الهندية لإجراء مراجعة علمية موسعة حول فعالية الفراشيّ الذكية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. نُشرت هذه المراجعة في فبراير (شباط) 2025 بمجلة «Hygiene»، حيث حلّل الباحثون 1153 دراسة علمية تناولت دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز صحة الفم، وخلصوا إلى أن هذه التقنية تحمل فوائد كبيرة، لكنها ليست خالية من التحديات.

كيف تعمل الفراشيّ الذكية؟

تعتمد الفراشيّ الذكية على مجموعة من التقنيات الحديثة، من بينها:

• التعلم العميق (Deep Learning): تحليل عادات تنظيف الأسنان للمستخدمين وتقديم توصيات لتحسين الأداء.

• الواقع المعزز (Augmented Reality): توجيه المستخدم بصرياً إلى المناطق التي لم تُنظف جيداً.

• المستشعرات الذكية (Smart Sensors): قياس الضغط، والسرعة، والزاوية في أثناء التنظيف، وإرسال البيانات إلى تطبيقات الهاتف الذكي.

ومن بين النماذج المتطورة في هذا المجال:

- فرشاة أورال بي آي أو (Oral-B iO)، التي تعتمد على حساسات ضغط متقدمة.

- فرشاة كولغيت بلاكليس برو (Colgate Plaqless Pro)، التي تستخدم مستشعرات للكشف عن طبقة البلاك (الترسبات) في الوقت الفعلي.

- فرشاة كولي بري آرا (Kolibree Ara).

الجسيمات النانوية: مستقبل التنظيف الفائق

ولم تتوقف الابتكارات عند الفراشيّ الذكية، بل وصلت إلى مستوى أكثر دقة مع تطوير ما تسمى «الميكروبات الروبوتية»، وهي جسيمات نانوية قادرة على تغيير شكلها لتعمل كفرشاة أو خيط تنظيف حسب الحاجة.

وأظهرت دراسة أجرتها جامعة بنسلفانيا عام 2022 أن هذه التقنية تفوقت على الطرق التقليدية بنسبة 50 في المائة في إزالة الترسبات على الأسنان، كما أكدت جامعة طوكيو في 2023 فاعليتها في تنظيف المناطق التي يصعب الوصول إليها، مما يساعد على تقليل النزيف وتحسين صحة اللثة لدى المرضى المصابين بأمراض اللثة المزمنة.

فوائد وتحديات الفراشيّ الذكية

أهم الفوائد:

- تنظيف أكثر دقة وكفاءة.

- تحسين التزام المرضى بالعناية الفموية.

- تعليم تفاعلي للأطفال وكبار السن.

- مراقبة عادات التنظيف وتحليلها بمرور الوقت.

أبرز التحديات:

- ارتفاع التكلفة مقارنةً بالفراشيّ التقليدية.

- الحاجة إلى الشحن والصيانة الدورية.

- تعقيد الاستخدام لبعض الفئات، مثل كبار السن غير المعتادين على التكنولوجيا.

تجربة شخصية: هل تستحق الفراشيّ الذكية ثمنها؟

بعد تجربة شخصية لفرشاة (أورال بي آي أو Oral-B iO) لمدة عام، يمكنني القول إن التقنية توفر إحساساً متطوراً بالتنظيف، لكن الفرق الفعلي مقارنةً بفرشاة كهربائية عادية ليس هائلاً.

ومع ذلك، يبقى العنصر التفاعلي وتحليل البيانات عاملاً محفزاً للالتزام بروتين أكثر انضباطاً.

المشكلة الكبرى تظل السعر، حيث إن الفراشيّ الذكية قد تكون أغلي بخمس مرات من الفراشيّ الكهربائية التقليدية، مما يطرح تساؤلاً حول جدواها للجميع، خصوصاً لمن يملكون بالفعل روتيناً فعالاً للعناية الفموية.

هل الفراشيّ الذكية هي المستقبل؟

مع استمرار التطور في الذكاء الاصطناعي، يبدو أن الفراشي الذكية ستصبح جزءاً أساسياً من العناية الفموية اليومية، خصوصاً للفئات التي تواجه صعوبة في تنظيف الأسنان بالطرق التقليدية مثل الأطفال، وكبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات طويلة الأمد لتقييم الأثر الفعلي لهذه التقنية على صحة الفم على المدى البعيد.

في النهاية، قد لا تكون الفرشاة الذكية مجرد أداة تنظيف، بل مدرّب شخصي لصحة الفم، يُذكّرك بأن الابتسامة الصحية تبدأ من عاداتك اليومية.


مقالات ذات صلة

رجل يطلب تغريم شركة «تشات جي بي تي» بعد تعريفه بأنه مجرم وقتل طفليه

تكنولوجيا شعار «تشات جي بي تي» (رويترز)

رجل يطلب تغريم شركة «تشات جي بي تي» بعد تعريفه بأنه مجرم وقتل طفليه

تقدَّم رجل نرويجي بشكوى بعد أن أخبره برنامج «تشات جي بي تي»، بالخطأ، أنه قتل اثنين من أبنائه وسُجن لمدة 21 عاماً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا روبوت يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

الإنسان والحاسوب من التنافس إلى الشراكة

يتغير العالم حولنا اليوم بتسارع لم يسبق له مثيل في التاريخ. وتتطور مستجدات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بحيث يصعب على المرء مجرد متابعتها.

علوم «نيوساينتست»: وزير التكنولوجيا البريطاني يستخدم برنامج «تشات جي بي تي» لتقديم المشورة بشأن السياسات الحكومية

وزير التكنولوجيا البريطاني يستخدم برنامج «تشات جي بي تي» لتقديم المشورة بشأن السياسات

استخدم بيتر كايل، وزير التكنولوجيا البريطاني، برنامج «تشات جي بي تي» (ChatGPT) لتقديم المشورة بشأن السياسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مقر شركة «سوفت بنك» في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

«سوفت بنك» تستحوذ على صانعة الرقائق «أمبير» مقابل 6.5 مليار دولار

أعلنت مجموعة «سوفت بنك» الاستثمارية اليابانية شراء شركة «أمبير كومبيوتينغ» مقابل 6.5 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد جزيرة شيبارة أحد مشاريع البحر الأحمر في السعودية (الشرق الأوسط)

تقرير أممي يدعو رواد الأعمال لتوظيف الذكاء الاصطناعي في السياحة

في وقت تعمل الحكومة السعودية على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في قطاعها السياحي، يبرز دور شركات القطاع في مجاراة الخطوات الحكومية.

بندر مسلم (الرياض)

«نيوساينتست»: وزير التكنولوجيا البريطاني يستخدم برنامج «تشات جي بي تي» لتقديم المشورة بشأن السياسات الحكومية

«نيوساينتست»: وزير التكنولوجيا البريطاني يستخدم برنامج «تشات جي بي تي» لتقديم المشورة بشأن السياسات الحكومية
TT

«نيوساينتست»: وزير التكنولوجيا البريطاني يستخدم برنامج «تشات جي بي تي» لتقديم المشورة بشأن السياسات الحكومية

«نيوساينتست»: وزير التكنولوجيا البريطاني يستخدم برنامج «تشات جي بي تي» لتقديم المشورة بشأن السياسات الحكومية

كشفت مجلة «نيو ساينتست» العلمية البريطانية أن بيتر كايل، وزير التكنولوجيا البريطاني، قد استخدم برنامج «تشات جي بي تي» (ChatGPT) لتقديم المشورة بشأن السياسات، كما كتب كريس ستوكيل - ووكر (*).

وحصلت «نيو ساينتست» الآن على سجلات استخدام الوزير كايل للبرنامج الذكي، بموجب قانون حرية المعلومات (FOI)، فيما يُعتقد أنه أول اختبار عالمي لمدى خضوع تفاعلات روبوتات الدردشة لهذا القانون.

سؤال حول بطء تبني الشركات للذكاء الاصطناعي

تُظهر هذه السجلات أن كايل طلب من «تشات جي بي تي» توضيح سبب تباطؤ مجتمع الشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة المتحدة في تبني الذكاء الاصطناعي. وأجاب البرنامج بقائمة من 10 نقاط للأسباب المحتملة، بما في ذلك اجابات حول «الوعي والفهم المحدود»، و«المخاوف التنظيمية والأخلاقية»، و«نقص الدعم الحكومي أو المؤسسي».

صعوبات التعامل ومحدودية التمويل والحوافز

أبلغ روبوت الدردشة كايل: «في حين أطلقت حكومة المملكة المتحدة مبادرات لتشجيع تبني الذكاء الاصطناعي، فإن كثيراً من الشركات الصغيرة والمتوسطة لا تدرك أهمية هذه البرامج أو تجد صعوبة في التعامل معها. كما أن محدودية الوصول إلى التمويل أو الحوافز لتقليل مخاطر الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يمكن أن تُعيق تبنيه».

مخاوف قانونية وتنظيمية

وأضاف البرنامج، فيما يتعلق بالمخاوف التنظيمية والأخلاقية: «الامتثال لقوانين حماية البيانات، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (قانون خصوصية البيانات)، قد يُشكل عقبة كبيرة. وقد تقلق الشركات الصغيرة والمتوسطة بشأن القضايا القانونية والأخلاقية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي».

وقال متحدث باسم وزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا (DSIT)، التي يرأسها كايل، إن الوزير بصفته المسؤول عن الذكاء الاصطناعي يستخدم هذه التقنية، إلا أن هذا لا يُغني عن النصائح الشاملة التي يتلقاها بانتظام من المسؤولين. وأضاف: «تستخدم الحكومة الذكاء الاصطناعي كأداة لتوفير الجهد، مدعومة بتوجيهات واضحة حول كيفية استخدام هذه التقنية بسرعة وأمان».

سؤال حول استخدام البودكاست

استخدم كايل أيضاً روبوت المحادثة لجمع أفكار حول الظهور الإعلامي، متسائلاً: «أنا وزير دولة للعلوم والابتكار والتكنولوجيا في المملكة المتحدة. ما هي أفضل البودكاستات التي يُمكنني الظهور عليها للوصول إلى جمهور واسع ومناسب لمسؤولياتي الوزارية؟»

اقترح برنامج «جي بي تي» برنامجي «The Infinite Monkey Cage» و«The Naked Scientists»، بناءً على عدد مستمعيهما.

وبالإضافة إلى طلب هذه النصائح، طلب كايل من البرنامج الذكي تعريف مصطلحات مختلفة ذات صلة بوزارته: «المادة المضادة» (antimatter)، و«الشمول الرقمي» (digital inclusion)، و«الكم» (quantum).

برنامج جيد

وأعرب خبيران تحدثت إليهما مجلة «نيو ساينتست» عن دهشتهما من جودة ردود البرنامج على تعريفاته للكم. وقال بيتر نايت من «إمبريال كوليدج لندن»: «هذا جيد بشكل مدهش، في رأيي». ويقول كريستيان بوناتو من جامعة هيريوت وات في إدنبره، بالمملكة المتحدة: «أعتقد أنه ليس سيئاً على الإطلاق».

وأكد كايل أنه استخدم البرنامج «لمحاولة فهم السياق الأوسع الذي نشأ منه الابتكار، والأشخاص الذين طوّروه، والمؤسسات التي تقف وراءهم»، وأن «تشات جي بي تي» ممتاز للغاية، وعندما تجد صعوبة في فهم الأمور بعمق يمكن أن يكون مُدرّباً جيداً جداً لها.

وكانت دائرة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات رفضت في البداية طلب «حرية المعلومات» المقدم من مجلة «نيو ساينتست»، قائلةً: «يتضمن سجل بيتر كايل في (تشات جي بي تي) طلبات وردوداً قُدّمت بصفة شخصية ورسمية». إلا أن الموافقة تمت على طلب مُحسّن، يقتصر على الطلبات والردود المقدمة بصفة رسمية فقط.

سابقة قانونية

يقول تيم تيرنر، خبير حماية البيانات المقيم في مانشستر بالمملكة المتحدة، إن مجرد تقديم البيانات يُعدّ صدمة، ويعتقد أنها قد تكون أول حالة تُنشر فيها تفاعلات (مراسلات) روبوتات الدردشة بموجب قانون حرية المعلومات. ويضيف: «أنا مندهش من حصولكم عليها. كنت أعتقد أنهم سيحرصون على تجنب سابقة قانونية».

وهذا بدوره يطرح تساؤلات على الحكومات التي لديها قوانين مماثلة لحرية المعلومات، مثل الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، هل يُشبه «تشات جي بي تي» برامج رسائل البريد الإلكتروني أو محادثات «واتساب»، وكلاهما يخضع تاريخياً لقانون حرية المعلومات، أم أنه يُشبه نتائج استعلام محرك للبحث، التي كان من الأسهل على المؤسسات رفضها تقليدياً؟ يختلف الخبراء حول الإجابة.

* خدمات «تريبيون ميديا»