«بكتيريا أنف» معدلة وراثياً لإنقاص الوزن... وأخرى مسببة لحبّ الشباب لوقاية الجلد من أشعة الشمس

عبر توصيل الدواء إلى الدماغ أو بإفراز إنزيمات تقلل الضرر

«بكتيريا أنف» معدلة وراثياً لإنقاص الوزن... وأخرى مسببة لحبّ الشباب لوقاية الجلد من أشعة الشمس
TT

«بكتيريا أنف» معدلة وراثياً لإنقاص الوزن... وأخرى مسببة لحبّ الشباب لوقاية الجلد من أشعة الشمس

«بكتيريا أنف» معدلة وراثياً لإنقاص الوزن... وأخرى مسببة لحبّ الشباب لوقاية الجلد من أشعة الشمس

في قفزة رائدة بشأن طرق توصيل الأدوية، أعاد العلماء برمجة البكتيريا غير الضارة المقيمة في الأنف لنقل الجزيئات العلاجية مباشرة إلى الدماغ.

وتوضح دراسة جديدة كيف تعمل الميكروبات الأنفية المعدلة وراثياً على قمع الشهية لدى الفئران البدينة؛ مما يؤدي إلى فقدانها الوزن، وهو نهج جديد يمكن أن يُحدث ثورة في علاج الاضطرابات العصبية والأيضية.

بكتيريا الأنف أنتجت ونقلت هرمونات لتقليل الشهية بعد تعديلها وراثياً

تسخير بكتيريا الأنف لنقل الأدوية

لطالما حير توصيل الأدوية إلى الدماغ الباحثين بسبب حاجز الدم في الدماغ، وهو غشاء انتقائي يمنع مسببات الأمراض ومعظم الأدوية من الوصول إلى الدماغ. لكن فريقاً بقيادة ماثيو ووك تشانغ، الباحث في «الجامعة الوطنية» بسنغافورة، أفاد في الدراسة التي نُشرت بمجلة «خلية (Cell)» يوم 5 فبراير (شباط) 2025، بأن الحاجز تحول إلى بوابة غير مدروسة، وهي أن الظهارة الشمّية في الأنف (وهي غشاء أنفي رقيق مرتبط بالدماغ عبر الأعصاب الحسية)، تسمح لجزيئات معينة بالانتشار في الأنسجة العصبية. ومن خلال تسخير البكتيريا الأصلية لهذا المجال، تجاوز العلماء الحواجز التقليدية.

ميكروبات تنتج هرمونات تقليل الشهية

وبعد فحص الميكروبات الأنفية، اختار فريق البحث نوعاً من العُصَيّات اللبنية المتعايشة بصورة طبيعية في الأنف، وهي بكتيريا «Lactobacillus plantarum»؛ الـ«بروبيوتيك» الشائع، وعدلوا البكتيريا وراثياً لإنتاج هرمونات تنظيم الشهية؛ بما في ذلك إنزيم «اللبتين (leptin)» الذي يُعرف أيضاً باسم «بروتين البدانة»، وهو هرمون بروتيني يُصنّع بشكل أساسي بواسطة «الخلايا الدهنية»؛ أي خلايا الأنسجة الدهنية.

وقد تناولت الفئران البدينة التي تلقت جرعات أنفية يومية لمدة 8 أسابيع كميات أقل من الطعام وفقدت الوزن؛ مما يثبت فاعلية الطريقة. وفي حين أن البكتيريا نفسها لا تدخل الدماغ؛ فإن هرموناتها المفرزة تعبر «الطريق الشمّية»؛ مما يوفر بديلاً غير جراحي للحقن أو الأدوية الفموية.

بكتيريا حب الشباب كافحت الجذور الحرة الضارة

ميكروبات الجلد: واقٍ من الشمس

وفي الوقت نفسه، تسلط دراسة أخرى تكميلية نُشرت بمجلة «أنظمة الخلية (Cell Systems)» يوم 5 فبراير 2025، الضوء على ابتكار مماثل في العناية بالبشرة باستخدام بكتيريا الجلد المعدلة وراثياً لحماية الخلايا من أضرار الأشعة فوق البنفسجية. فقد استكشف الباحثون بكتيريا «حب الشباب (Cutibacterium acnes)»، (بكتيريا موجودة في بصيلات الشعر لإنتاج إنزيم يحمي خلايا الجلد من أضرار الأشعة فوق البنفسجية)، لمكافحة تلف الجلد الناجم عن الأشعة فوق البنفسجية عند التعرض لضوء الشمس.

ويعترف المؤلف المشارك خافيير سانتوس مورينو، من قسم الطب وعلوم الحياة بجامعة بومبيو في برشلونة بإسبانيا، بأن الأمر كان محبطاً؛ إذ لم تكن هندسة هذا الكائن الحي بطيء النمو إنجازاً هيناً.

ومع ذلك، فقد نجح فريقه في تعديل بكتيريا حب الشباب لإفراز إنزيم «أكسيداز الفائق (superoxide dismutase)» وهو إنزيم يعمل على تحييد الجذور الحرة الناتجة عن الأشعة فوق البنفسجية. وأظهرت التجارب على خلايا جلدية نمت في المختبر أن هذه البكتيريا المعدلة قللت من الضرر الخلوي الناتج عن التعرض للأشعة فوق البنفسجية.

توسيع نطاق إيصال الأدوية البكتيرية

وتؤكد الدراستان على تحول أوسع في الطب، وهي الاستفادة من الميكروبات الأصلية في الجسم للعلاجات المستهدفة. ففي أغلب الأحيان لا تصل الأدوية إلى حيث يجب أن تذهب، كما لاحظ المهندس البيولوجي، شانون سيرك، من «برنامج البحوث الانتقالية» بمجال البيولوجيا التركيبية في «كلية يونغ لو لين للطب» بجامعة سنغافورة الوطنية، مسلطاً الضوء على كيف يمكن للتوصيل البكتيري تقليل الآثار الجانبية من خلال العمل محلياً؛ إذ إن بكتيريا الأنف والجلد تزدهر في بيئات مستقرة؛ مما يجعلها عوامل خفية مثالية، على عكس مواد الـ«بروبيوتيك» الفموي التي تواجه حمض المعدة والهجمات المناعية.

تطلعات المستقبل

وعلى الرغم من الإثارة التي تحيط بهذا المجال، فإنه يواجه عدداً من العقبات، حيث يجب أن تكون البكتيريا المعدلة وراثيا آمنة وفعالة ومحدودة. كما تحذر عالمة الأحياء الدقيقة الاصطناعية، كامي ليسر، التي لم تشارك في الدراسة، الباحثين بأنهم بحاجة إلى التأكد من أنها لا تنتشر بشكل لا يمكن السيطرة عليه؛ إذ إن تعزيز إنتاج الجزيئات العلاجية، وتأمين الموافقة التنظيمية، سوف يستغرقان سنوات. وعلاوة على ذلك، فإن تطبيق نتائج الفئران على البشر غير مؤكدة، وقد يتطلب توصيلها عن طريق الأنف لدى البشر تحسين الجرعات أو السلالات البكتيرية.

ومع ذلك، فإن الآثار المترتبة على ذلك هائلة؛ فبعيداً عن السمنة والعناية بالبشرة، يمكن أن تعالج «المصانع» الميكروبية مرض «باركنسون» أو «ألزهايمر» أو اضطرابات الصحة العقلية، عن طريق توصيل الأدوية مباشرة إلى الدماغ. أما بالنسبة إلى العناية بالبشرة، فقد تعمل البكتيريا الحية على تجديد الجزيئات الواقية يوماً ما؛ مما يقلل من الاعتماد على واقي الشمس.

ومع تسارع الأبحاث، أصبحت رؤية استنشاق رذاذ الـ«بروبيوتيك» لصحة الدماغ، أو وضع الكريمات المحملة بالبكتيريا للحماية من الشمس، أقرب إلى الواقع. وتذكرنا هذه الدراسات بأن أفضل الأدوية في بعض الأحيان تكون موجودة بالفعل داخل أجسامنا.

ويسلط هذان البحثان الرائدان الضوء على إمكانات استخدام البكتيريا المعدلة بوصفها أنظمة دقيقة لنقل الأدوية. ومن خلال الاستفادة من الميكروبيوم الطبيعي في الممرات الأنفية والجلد، قد يتمكن العلماء من اكتشاف طرق جديدة وأكثر كفاءة لعلاج الأمراض. وعلى الرغم من الحاجة إلى مزيد من الأبحاث لضمان السلامة والفاعلية في البشر، فإن هذا النهج يقدم آفاقاً واعدة لمستقبل الطب.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

هل تعاني من آلام أسفل الظهر؟ 5 طرق تساعدك على محاربتها

صحتك طالب يخضع لجلسة علاج فيزيائي بمساعدة إخصائي (رويترز)

هل تعاني من آلام أسفل الظهر؟ 5 طرق تساعدك على محاربتها

يعاني ملايين الأشخاص من آلام أسفل الظهر، سواء لفترة قصيرة أو طويلة. لكن معرفة كيفية تخفيف الأعراض قد تكون أمراً صعباً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك نمط الحياة يلعب دوراً في الاستمتاع بصحة أفضل (رويترز)

لصحة أفضل... 5 قواعد عليك اتباعها

كشف الدكتور جيفري بلاند، مؤسس مصطلح الطب الوظيفي، أنه يتبع 5 قواعد في حياته للحفاظ على صحته ووقاية جسمه من الأمراض بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يمكن أن تؤثر بشرة الشخص على صحته (رويترز)

من ألزهايمر إلى الاكتئاب والسرطان... كيف تؤثر بشرتك على صحتك؟

يمكن أن تؤثر بشرة الشخص على صحته وتسبب إصابته بعدة أمراض ومشكلات صحية من ألزهايمر إلى السرطان والاكتئاب وذلك وفقاً لما أكده عدد من الخبراء لصحيفة «نيويورك بوست»

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك الأمراض المنقولة من الغذاء قد تتسبب في مشكلات صحية مدمرة (رويترز)

مناعتك تدفع الثمن... احذر الطعام النيء وغير المغسول لهذه الأسباب

يمكن أن تؤدي الأمراض المنقولة من الغذاء إلى عواقب وخيمة ومشكلات صحية مدمرة، قد تستمر لفترة طويلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مدخنو الحشيش أكثر عرضة للإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية (رويترز)

تدخين الحشيش يزيد خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية

كشفت دراسة جديدة أن تدخين الحشيش يزيد خطر الإصابة بنوبة قلبية بستة أضعاف، وبسكتة دماغية بمقدار 4 أضعاف، حتى بين الشباب والبالغين الأصحاء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

60 % من نتائج بحث أدوات الذكاء الاصطناعي... غير دقيقة

60 % من نتائج بحث أدوات الذكاء الاصطناعي... غير دقيقة
TT

60 % من نتائج بحث أدوات الذكاء الاصطناعي... غير دقيقة

60 % من نتائج بحث أدوات الذكاء الاصطناعي... غير دقيقة

إذا كنت تستخدم بحث الذكاء الاصطناعي في العمل، فكن حذراً. جاء هذا في دراسة جديدة تكشف عن معلوماتها «المختلقة».

قد تعرض أدوات الذكاء الاصطناعي للبحث، معلومات خاطئة تماماً. وقد سجَّلت أداة غروك Grok التابعة لإيلون ماسك أسوأ النتائج.

الذكاء الاصطناعي– محرك البحث المستقبلي

مع توجه «غوغل» بشكل أكبر نحو الاستثمار في ضخ نتائج البحث المُولَّدة بالذكاء الاصطناعي، وذلك بعد بداية متعثرة لها العام الماضي، وتجربة شركات مماثلة مثل «أوبن إيه آي» هذه التقنية المبتكرة، يبدو أن الذكاء الاصطناعي سيشكل مستقبل البحث عبر الإنترنت.

وستكون لذلك تداعيات على العاملين في أي شركة تقريباً، بغض النظر عن مجال عملها؛ لأن البحث عن المعلومات جزء أساسي من استخدامات الإنترنت.

دراسة جديدة لمشكلات الدقة

لكن دراسة جديدة من مركز «تاو» للصحافة الرقمية بجامعة كولومبيا، نُشرت في مجلة «Columbia Journalism Review»، تُسلِّط الضوء على ضرورة توخي موظفي المؤسسات والشركات الحذر الشديد، على الأقل في الوقت الحالي؛ لأن أدوات بحث الذكاء الاصطناعي من كثير من الشركات الكبرى تعاني مشكلات خطيرة في الدقة.

اختبار 8 أدوات ذكية

دققت الدراسة في عمل 8 أدوات بحث مختلفة للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك «تشات جي بي تي» ChatGPT، و«بربليكسيتي» Perplexity، و«جيمناي» Gemini من «غوغل»، و«كوبايلوت» Copilot من «مايكروسوفت»، والأداة الصينية الرائدة «ديب سيك» DeepSeek.

وقد ركَّزت الدراسة على دقة الإجابات عندما تم اختبار كل أداة ذكاء اصطناعي حول قصة إخبارية، حسبما أفاد موقع أخبار التكنولوجيا «آرس تكنيكا».

60 % من الإجابات غير صحيحة

وكانت النتيجة الأبرز في الدراسة أن جميع أدوات الذكاء الاصطناعي أظهرت دقة سيئة بشكل مذهل، حيث أخطأت في 60 من الإجابات. ومع ذلك، لم يكن مستوى الخطأ متساوياً بين جميع الأدوات.

أظهرت أداة Perplexity معدل خطأ بلغ نحو 37 في المائة، في حين ارتفعت نسبة الأخطاء لدى ChatGPT إلى 67 في المائة. أما نموذج Grok 3، الذي طوَّره إيلون ماسك، فقد سجل أسوأ أداء، إذ كانت إجاباته خاطئة بنسبة 94 في المائة. وربما لم يكن ذلك مفاجئًا، خاصة أن ماسك روَّج للنموذج على أنه أقل تقيُّدًا بالقيود الأمنية مقارنة بمنافسيه في الذكاء الاصطناعي. (فضلًا عن أن الملياردير معروف بتوجهاته المتحررة نسبيًا فيما يتعلق بالدقة والحقائق وحرية التعبير).

والأسوأ من ذلك، لاحظ الباحثون أن الإصدارات المدفوعة من أدوات البحث هذه كانت أحياناً أسوأ من بدائلها المجانية.

أداة البحث تختلف عن أداة الدردشة

تجدر الإشارة إلى أن البحث بالذكاء الاصطناعي يختلف قليلًا عن استخدام روبوتات الدردشة التي تحاكي المحادثات البشرية. فعادةً ما يقوم البحث بالذكاء الاصطناعي بمحاكاة دور محرك البحث، حيث يجري البحث نيابة عنك بعد إدخال استعلامك، ثم يقدم ملخصًا لأهم المعلومات التي وجدها على الإنترنت، مما يغنيك عن الحاجة إلى قراءة المقال الأصلي الذي استُخلصت منه البيانات.

لكن المشكلة هنا تكمن في أن هذه النماذج، تمامًا مثل ذلك الزميل الواثق بنفسه إلى حد الإفراط، والذي يبدو دائمًا وكأنه يمتلك الحقيقة بغض النظر عن الموضوع المطروح، لا تميل إلى الاعتراف بعدم معرفتها بالإجابة على أي استعلام.

إجابات «معقولة» غير صحيحة

لاحظ مؤلفو الدراسة أنه بدلاً من قول «لا» عند عدم تمكنه من العثور على معلومات موثوقة، رداً على استفسار حول قصة إخبارية، غالباً ما قدَّم الذكاء الاصطناعي إجابات مُختلقة تبدو معقولة، ولكنها في الواقع غير صحيحة. ومن العيوب الأخرى التي اكتشفتها هذه الدراسة أنه حتى عندما قدمت أدوات بحث الذكاء الاصطناعي هذه استشهادات إلى جانب نتائج البحث (ظاهرياً حتى يتمكن المستخدمون من زيارة مواقع المصادر هذه للتحقق من أي تفاصيل، أو للتحقق من صحة البيانات)، غالباً ما أدت روابط الاستشهادات هذه إلى نسخ مُجمَّعة من المحتوى، بدلاً من نسخ الناشرين الأصليين. وفي بعض الأحيان، أدت هذه الروابط إلى عناوين ويب غير موجودة؛ فعل ذلك Gemini وGrok 3 في أكثر من نصف استشهاداتهم.

تجربة اختبارية متخصصة

كانت التجربة متخصصة بعض الشيء؛ لأنها استندت إلى مقالات إخبارية، ولم يبحث الباحثون بعمق في دقة نتائج بحث الذكاء الاصطناعي عن محتوى آخر موجود على الإنترنت. وبدلاً من ذلك، قاموا بتغذية أدوات الذكاء الاصطناعي بمقتطفات من أخبار حقيقية ثم طلبوا منها تلخيص المعلومات، بما في ذلك العنوان وتفاصيل أخرى.

يجب أن تهتم بنتائج الدراسة لسبب بسيط واحد. فنحن نعلم أن الذكاء الاصطناعي قادر على تسريع بعض مهام المكتب المملة وتعزيز كفاءة الموظفين. ويبدو أن البحث باستخدام الذكاء الاصطناعي قد يصبح هو القاعدة، ليحل محل البحث التقليدي على الإنترنت الذي قد يكون مهمة شاقة في بعض الأحيان.

محدودية الثقة بالذكاء الاصطناعي

ولكن إذا كان فريقك -على سبيل المثال- يبحث عن معلومات أساسية لإدراجها في محتوى ستنشره، أو حتى يبحث عن موارد على الإنترنت قبل بدء مشروع جديد، فعلى العاملين فيه توخي الحذر الشديد بشأن الثقة في نتائج أدوات بحث الذكاء الاصطناعي.

ويبدو بعض الإجابات وكأنه نسخة أخرى من مشكلة هلوسة الذكاء الاصطناعي المعروفة، وهي دليل إضافي على أنه إذا كنت تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لتعزيز جهود شركتك، فأنت بالتأكيد بحاجة إلى أشخاص أذكياء على دراية تامة بنتائج الذكاء الاصطناعي للتحقق منها.

* «إنك»، خدمات «تريبيون ميديا».