الوزن والتمثيل الغذائي يتحددان بالجينات أكثر من النظام الغذائي

امتصاص الغلوكوز وتوزيع الدهون اختلفا بالاختلافات الجينية

الوزن والتمثيل الغذائي يتحددان بالجينات أكثر من النظام الغذائي
TT

الوزن والتمثيل الغذائي يتحددان بالجينات أكثر من النظام الغذائي

الوزن والتمثيل الغذائي يتحددان بالجينات أكثر من النظام الغذائي

في دراسة رائدة تحدى باحثو جامعة فيرجينيا الأميركية الفكرة التقليدية القائلة بأن اتباع حمية غذائية واحدة يناسب الجميع ويحقق نتائج متشابهة للجميع.

الجينات تحدد الاستجابة للنظم الغذائية

وبدلاً من ذلك سلطت الدراسة الضوء على الدور الحاسم للجينات الوراثية في تحديد كيفية استجابة الأفراد للأنظمة الغذائية المختلفة مع تأثيراتها على إدارة الوزن وكتلة الدهون في الجسم ومستويات السكر والدهون في الدم.

نُشرت الدراسة في مجلة «iScience» في 20 ديسمبر (كانون الأول) 2024 بإشراف مجموعة متعددة من التخصصات في علوم الجينوم والطب الحيوي، وشملت أربع مجموعات مختلفة وراثياً من الفئران التي أطعمت بأربعة أنظمة غذائية تحتوي على تركيبة متشابهة من المغذيات الكبرى.

النظام الغذائي المتوسطي

يتصدر النظام الغذائي المتوسطي Mediterranean Diet أفضل فئات الأنظمة الغذائية حسب التقرير الصادر في 3 يناير (كانون الثاني) 2025 «تقرير أخبار الولايات المتحدة والعالم» U. S. News & World Report. ووفقاً للتقرير فإن أسلوب الأكل الذي يشير إلى عادات الأكل التقليدية للأشخاص الذين يعيشون في البلدان التي تحد البحر الأبيض المتوسط هو النظام الغذائي الأعلى تقييماً في معظم الفئات.

ورغم وجود كلمة «نظام غذائي» في اسمه فإنه ليس نظاماً غذائياً محدداً بل هو نمط غذائي واسع النطاق حيث إنه صحي للقلب وثبت أنه مفيد في تقليل عوامل الخطر التي يمكن أن تؤدي إلى السمنة والسكري وارتفاع نسبة الكولسترول وارتفاع ضغط الدم ويشمل تناول الفواكه والخضراوات والبقوليات والحبوب الكاملة وزيت الزيتون والأسماك والمكسرات مع تقليل اللحوم الحمراء والأطعمة المصنعة.

نظم نباتية

يعتمد النظام النباتي Vegetarian Diet على الأطعمة النباتية. ووفقاً لجمعية النباتيين فإن النباتي هو الشخص الذي يعيش على نظام غذائي يتكون من الحبوب والبقول والمكسرات والبذور والخضراوات والفواكه مع أو من دون استخدام منتجات الألبان والبيض. ولا يأكل النباتي أي لحوم أو دواجن أو لحوم صيد أو أسماك أو محار أو منتجات ثانوية للذبح.

أما النظام النباتي الصارم Vegan Diet فيخلو من أي منتجات حيوانية.

النظام الغذائي الأميركي النموذجي

يرتبط النظام الغذائي الأميركي النموذجي Typical American Diet بمعدلات أعلى من السمنة والأمراض المزمنة. ويتكون هذا النظام من نحو 50 في المائة من الكربوهيدرات و15 في المائة من البروتين و35 في المائة من الدهون. والنظام الغذائي الأميركي القياسي أو الغربي يحتوي على المزيد من اللحوم الحمراء أو اللحوم المصنعة.

ورغم تناول الفئران نفس الأنظمة الغذائية لكن نتائجها أظهرت اختلافات كبيرة في إجمالي الدهون في الجسم وتنظيم السكر في الدم وتخزين الدهون. وخلص الباحثون إلى أن هذه الاختلافات كانت ناجمة إلى حد كبير عن الخلفيات الوراثية للفئران بدلاً من الأنظمة الغذائية نفسها.

تأثير الجينات على الأيض

أثرت التغيرات الوراثية على امتصاص الغلوكوز في الأنسجة الدهنية الحشوية والعضلات الهيكلية وهما عاملان حاسمان في الصحة الأيضية، وأظهرت الفئران ذات الملفات الوراثية المختلفة نتائج مختلفة جذرياً ما يشير إلى أن النظام الغذائي وحده ليس حلاً عالمياً لإدارة الصحة. وتؤكد الدراسة على إمكانية دمج الاختبارات الجينية في تخطيط الأنظمة الغذائية لإنشاء استراتيجيات تغذية مخصصة.

وقد لعبت الجينات دوراً أكبر في تحديد النتائج مثل وزن الجسم ومؤشر كتلة الدهون (هو مؤشر بسيط لمدى كمية الدهون الموجودة لدى الشخص نسبة إلى الطول) ومستويات السكر في الدم وملفات الدهون Lipid profiles (هي مجموعة من اختبارات الدم المستخدمة للعثور على أي خلل في تركيزات الدهون في الدم مثل الكولسترول والدهون الثلاثية). وقد ارتبطت الاختلافات في امتصاص الغلوكوز وتوزيع الدهون بالاختلافات الجينية وليس فقط النظام الغذائي. وقالت الدكتورة هيذر فيريس بقسم الغدد الصماء والتمثيل الغذائي في كلية الطب بجامعة فيرجينيا والمشاركة بالدراسة: غالباً ما يتساءل الناس عن سبب عدم تحقيقهم لنتائج مماثلة للآخرين رغم اتباعهم لنفس الحمية فإن هذه الدراسة تُظهر أن الجينات قد تكون السبب الرئيس.

آثار التغذية المخصصة

يتخيل مؤلفو الدراسة مستقبلاً تكون فيه التوصيات الغذائية مصممة خصيصاً وفقاً للملف الجيني والغذائي لكل فرد. ورغم توفر اختبارات جينية تجارية توصي بأنظمة غذائية فإنها تفتقر إلى موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) ولا تأخذ في الاعتبار الحالة الغذائية الحالية. لذا يسعى الباحثون إلى تمهيد الطريق لتطوير أدوات سريرية تدمج البيانات الجينية مع مستويات العناصر الغذائية فقد يؤدي ذلك إلى ثورة في الوقاية من حالات مثل السمنة والسكري وإدارتها. وقالت جوردان ريد المؤلفة الرئيسة للدراسة من قسم الهندسة الطبية الحيوية من جامعة فرجينيا يمكن أن توجه هذه النتائج أبحاثاً مستقبلية تركز على الخلفيات الجينية المتنوعة لتصميم تدخلات غذائية فعالة ومخصصة.

نظرة مستقبلية

يأمل فريق البحث في جامعة فرجينيا في تحفيز المزيد من الأبحاث في مجال التغذية المخصصة بهدف الانتقال من الإرشادات الغذائية العامة إلى نهج أكثر تخصيصاً كما تتوقع الدكتورة فيريس مستقبلاً يتمكن فيه مقدمو الرعاية الصحية من استخدام الاختبارات الجينية والغذائية لتوصية أنظمة غذائية مصممة خصيصاً لتحسين النتائج الصحية للأفراد.


مقالات ذات صلة

صحتك الطريقة الجديدة تستخدم تقنية حقن «النانو» لإدخال مواد جينية مستهدفة في بيض البعوض مما يعطل قدرته على حمل الأمراض (رويترز)

علماء يطوّرون طريقة رائدة للقضاء على أمراض قاتلة محتملة

طوّر علماء تقنيةً ثوريةً لتعديل الجينات تهدف إلى منع البعوض من نقل الأمراض القاتلة مثل الملاريا، التي تقتل نحو 600 ألف شخص سنوياً، معظمهم أطفال دون الخامسة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
علوم قاعدة بيانات ثورية لفك رموز وظائف الجينات البشرية

قاعدة بيانات ثورية لفك رموز وظائف الجينات البشرية

تقدم فرضيات لنحو 18 في المائة من الجينات البشرية «غير الموصوفة».

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
صحتك مكملات «الميلاتونين» تساعد على تحسين جودة النوم (جامعة فيرمونت)

مكمل غذائي لتقليل أضرار العمل الليلي

وجدت دراسة كندية أن تناول مكملات «الميلاتونين» قد يساعد في تعويض التلف الذي يُصيب الحمض النووي (DNA) نتيجة نوبات العمل الليلي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم فك شفرة الأسرار الجينية... للحساسية

فك شفرة الأسرار الجينية... للحساسية

دراسة جينية يابانية - أوروبية واسعة النطاق.

د. وفا جاسم الرجب (لندن)

60 % من نتائج بحث أدوات الذكاء الاصطناعي... غير دقيقة

60 % من نتائج بحث أدوات الذكاء الاصطناعي... غير دقيقة
TT

60 % من نتائج بحث أدوات الذكاء الاصطناعي... غير دقيقة

60 % من نتائج بحث أدوات الذكاء الاصطناعي... غير دقيقة

إذا كنت تستخدم بحث الذكاء الاصطناعي في العمل، فكن حذراً. جاء هذا في دراسة جديدة تكشف عن معلوماتها «المختلقة».

قد تعرض أدوات الذكاء الاصطناعي للبحث، معلومات خاطئة تماماً. وقد سجَّلت أداة غروك Grok التابعة لإيلون ماسك أسوأ النتائج.

الذكاء الاصطناعي– محرك البحث المستقبلي

مع توجه «غوغل» بشكل أكبر نحو الاستثمار في ضخ نتائج البحث المُولَّدة بالذكاء الاصطناعي، وذلك بعد بداية متعثرة لها العام الماضي، وتجربة شركات مماثلة مثل «أوبن إيه آي» هذه التقنية المبتكرة، يبدو أن الذكاء الاصطناعي سيشكل مستقبل البحث عبر الإنترنت.

وستكون لذلك تداعيات على العاملين في أي شركة تقريباً، بغض النظر عن مجال عملها؛ لأن البحث عن المعلومات جزء أساسي من استخدامات الإنترنت.

دراسة جديدة لمشكلات الدقة

لكن دراسة جديدة من مركز «تاو» للصحافة الرقمية بجامعة كولومبيا، نُشرت في مجلة «Columbia Journalism Review»، تُسلِّط الضوء على ضرورة توخي موظفي المؤسسات والشركات الحذر الشديد، على الأقل في الوقت الحالي؛ لأن أدوات بحث الذكاء الاصطناعي من كثير من الشركات الكبرى تعاني مشكلات خطيرة في الدقة.

اختبار 8 أدوات ذكية

دققت الدراسة في عمل 8 أدوات بحث مختلفة للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك «تشات جي بي تي» ChatGPT، و«بربليكسيتي» Perplexity، و«جيمناي» Gemini من «غوغل»، و«كوبايلوت» Copilot من «مايكروسوفت»، والأداة الصينية الرائدة «ديب سيك» DeepSeek.

وقد ركَّزت الدراسة على دقة الإجابات عندما تم اختبار كل أداة ذكاء اصطناعي حول قصة إخبارية، حسبما أفاد موقع أخبار التكنولوجيا «آرس تكنيكا».

60 % من الإجابات غير صحيحة

وكانت النتيجة الأبرز في الدراسة أن جميع أدوات الذكاء الاصطناعي أظهرت دقة سيئة بشكل مذهل، حيث أخطأت في 60 من الإجابات. ومع ذلك، لم يكن مستوى الخطأ متساوياً بين جميع الأدوات.

أظهرت أداة Perplexity معدل خطأ بلغ نحو 37 في المائة، في حين ارتفعت نسبة الأخطاء لدى ChatGPT إلى 67 في المائة. أما نموذج Grok 3، الذي طوَّره إيلون ماسك، فقد سجل أسوأ أداء، إذ كانت إجاباته خاطئة بنسبة 94 في المائة. وربما لم يكن ذلك مفاجئًا، خاصة أن ماسك روَّج للنموذج على أنه أقل تقيُّدًا بالقيود الأمنية مقارنة بمنافسيه في الذكاء الاصطناعي. (فضلًا عن أن الملياردير معروف بتوجهاته المتحررة نسبيًا فيما يتعلق بالدقة والحقائق وحرية التعبير).

والأسوأ من ذلك، لاحظ الباحثون أن الإصدارات المدفوعة من أدوات البحث هذه كانت أحياناً أسوأ من بدائلها المجانية.

أداة البحث تختلف عن أداة الدردشة

تجدر الإشارة إلى أن البحث بالذكاء الاصطناعي يختلف قليلًا عن استخدام روبوتات الدردشة التي تحاكي المحادثات البشرية. فعادةً ما يقوم البحث بالذكاء الاصطناعي بمحاكاة دور محرك البحث، حيث يجري البحث نيابة عنك بعد إدخال استعلامك، ثم يقدم ملخصًا لأهم المعلومات التي وجدها على الإنترنت، مما يغنيك عن الحاجة إلى قراءة المقال الأصلي الذي استُخلصت منه البيانات.

لكن المشكلة هنا تكمن في أن هذه النماذج، تمامًا مثل ذلك الزميل الواثق بنفسه إلى حد الإفراط، والذي يبدو دائمًا وكأنه يمتلك الحقيقة بغض النظر عن الموضوع المطروح، لا تميل إلى الاعتراف بعدم معرفتها بالإجابة على أي استعلام.

إجابات «معقولة» غير صحيحة

لاحظ مؤلفو الدراسة أنه بدلاً من قول «لا» عند عدم تمكنه من العثور على معلومات موثوقة، رداً على استفسار حول قصة إخبارية، غالباً ما قدَّم الذكاء الاصطناعي إجابات مُختلقة تبدو معقولة، ولكنها في الواقع غير صحيحة. ومن العيوب الأخرى التي اكتشفتها هذه الدراسة أنه حتى عندما قدمت أدوات بحث الذكاء الاصطناعي هذه استشهادات إلى جانب نتائج البحث (ظاهرياً حتى يتمكن المستخدمون من زيارة مواقع المصادر هذه للتحقق من أي تفاصيل، أو للتحقق من صحة البيانات)، غالباً ما أدت روابط الاستشهادات هذه إلى نسخ مُجمَّعة من المحتوى، بدلاً من نسخ الناشرين الأصليين. وفي بعض الأحيان، أدت هذه الروابط إلى عناوين ويب غير موجودة؛ فعل ذلك Gemini وGrok 3 في أكثر من نصف استشهاداتهم.

تجربة اختبارية متخصصة

كانت التجربة متخصصة بعض الشيء؛ لأنها استندت إلى مقالات إخبارية، ولم يبحث الباحثون بعمق في دقة نتائج بحث الذكاء الاصطناعي عن محتوى آخر موجود على الإنترنت. وبدلاً من ذلك، قاموا بتغذية أدوات الذكاء الاصطناعي بمقتطفات من أخبار حقيقية ثم طلبوا منها تلخيص المعلومات، بما في ذلك العنوان وتفاصيل أخرى.

يجب أن تهتم بنتائج الدراسة لسبب بسيط واحد. فنحن نعلم أن الذكاء الاصطناعي قادر على تسريع بعض مهام المكتب المملة وتعزيز كفاءة الموظفين. ويبدو أن البحث باستخدام الذكاء الاصطناعي قد يصبح هو القاعدة، ليحل محل البحث التقليدي على الإنترنت الذي قد يكون مهمة شاقة في بعض الأحيان.

محدودية الثقة بالذكاء الاصطناعي

ولكن إذا كان فريقك -على سبيل المثال- يبحث عن معلومات أساسية لإدراجها في محتوى ستنشره، أو حتى يبحث عن موارد على الإنترنت قبل بدء مشروع جديد، فعلى العاملين فيه توخي الحذر الشديد بشأن الثقة في نتائج أدوات بحث الذكاء الاصطناعي.

ويبدو بعض الإجابات وكأنه نسخة أخرى من مشكلة هلوسة الذكاء الاصطناعي المعروفة، وهي دليل إضافي على أنه إذا كنت تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لتعزيز جهود شركتك، فأنت بالتأكيد بحاجة إلى أشخاص أذكياء على دراية تامة بنتائج الذكاء الاصطناعي للتحقق منها.

* «إنك»، خدمات «تريبيون ميديا».