علاج جيني لجفاف الفم

يشكل «قناة مائية» نحو خلايا الغدد اللعابية

علاج جيني لجفاف الفم
TT

علاج جيني لجفاف الفم

علاج جيني لجفاف الفم

هل شعرت يوماً بالعطش الشديد حتى بات فمك كالصحراء؟ تخيل أن يكون هذا شعورك طوال الوقت.. هذا هو الحال بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من جفاف الفم.

مشكلة جفاف الفم

إن هذه المشكلة التي قد تبدو بسيطة في البداية، يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة على صحة الفم والجسم. ووفق الدراسات العلمية فإن 26 في المائة من الرجال و33 في المائة من النساء يعانون من جفاف الفم.

ومن أهم أسباب جفاف الفم هو عدم شرب الماء بكميات مناسبة، وتناول الأدوية، حيث إن 70 في المائة من أدوية القلب وارتفاع ضغط الدم والمهدئات ومضادات الكآبة والمسكنات ومضادات الحساسية. كما أن أغلب أدوية الأمراض المناعية لها آثار جانبية تسبب جفاف الفم.

وقد يكون جفاف الفم من أعراض بعض الأمراض مثل السكري والتهاب المفاصل الروماتويدي. كما أن التدخين والإكثار من شرب القهوة يمكن أن يؤدي إلى جفاف الفم. ولعل أكثر الأسباب شيوعاً لجفاف الفم هو القلق والتوتر النفسي.

دور اللعاب المهم

ويلعب اللعاب الذي تفرزه 3 أزواج من الغدد اللعابية دوراً مهماً في حماية الفم فهو حارس الفم الصامت. ومن أهم وظائفه:

-تنظيف الفم: يعمل اللعاب كمُنظّف طبيعي يزيل بقايا الطعام والبكتيريا.

-الهضم: يحتوي اللعاب على إنزيمات تساعد في بدء عملية الهضم.

-حماية الأسنان: يعادل اللعاب الأحماض التي تنتجها البكتيريا، مما يقلل من تسوس الأسنان.

-الترطيب: يحافظ على ترطيب الفم والأنسجة الفموية، ما يمنع الجفاف والتشقق. ويسهل عملية النطق وانسيابية مخارج الحروف.

-مكافحة العدوى: يحتوي على مواد مضادة للبكتيريا والفطريات، مما يحمي الفم من العدوى.

دراسة دولية جديدة

وتمنح نتائج البحث الجديد لمستشفى جامعة يونيفرسيتي كوليدج- لندن UCLH أملاً جديداً لمرضى سرطان الفم والرأس، الذين يعانون من جفاف الفم. فمن المعروف أن العلاج الإشعاعي لمرضى سرطان الفم والرأس هو من الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى تلف الغدد اللعابية، حيث إن 90 في المائة من هؤلاء المرضى يعانون من جفاف شديد للفم بسبب التلف الدائم للغدد اللعابية، ما يجعلها غير قادرة على إنتاج كمية كافية من اللعاب. ويسبب هذا الأثر تدهوراً دائماً في القدرة على الكلام والأكل.

وشارك في الدراسة الدولية التي أطلق عليها AQUAx2 أيضاً، باحثون من الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة. وهي تعد الأولى من نوعها في المملكة المتحدة. وتشمل مواقع عدة تابعة لـUCLH، بما في ذلك مستشفى RN ENT الملكي للأنف والأذن والحنجرة ومستشفى ايستمان لطب الأسنان Eastman Dental، بالإضافة إلى مركز ماكميلان للسرطان.

علاج جيني لجفاف الفم

وقال الباحثون الذين نشروا دراستهم في عدد ديسمبر (كانون الأول) 2024 في «المجلة الطبية البريطانية» إنهم طوّروا علاجاً مبتكراً لمرضى جفاف الفم الناجم عن الإشعاع.

ويأمل الباحثون أن يسهم العلاج الجيني المسمى AAV2-hAQP1 في تحسين حياة المرضى الذين نجوا من سرطان الفم والبلعوم ولكنهم يعانون من جفاف الفم المستمر (الذي يعرف xerostomia) نتيجة لتلف الغدد اللعابية بسبب الإشعاع.

ويهدف العلاج إلى زيادة كمية اللعاب وتخفيف أعراض جفاف الفم عن طريق نقل جين Aquaporin 1 (hAQP1) إلى الغدد اللعابية المتضررة من الإشعاع المضاد للسرطان.

بروتين يعمل كـ«قناة ماء»

تستخدم الدراسة ناقلاً فيروسياً (فيروساً معدلاً) لنقل جين مصمم لإنتاج بروتين معين يسمى Aquaporin، الذي يعمل كـ«قناة ماء» لتسهيل نقل الماء. وتصبح خلايا الغدة اللعابية المتبقية أكثر نفاذية للماء، ما يسمح بتدفق الماء إلى الفم لترطيبه. ويتم إعطاء العلاج مرة واحدة فقط.

وبسبب ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الفم والرأس في السنوات الأخيرة فإن العلماء يتوقعون زيادة عدد المرضى الذين يعانون من جفاف الفم الناجم عن الإشعاع في السنوات المقبلة.

وتتسم العلاجات الحالية لجفاف الفم الناجم عن الإشعاع بفاعلية محدودة وتسبب آثاراً جانبية وتعتمد على وجود نسيج غدة لعابية وظيفية متبقٍّ. ولم يتم تقديم أي علاج جديد لهذه المجموعة من المرضى على مدار العشرين عاماً الماضية.

سرطانات الرأس والعنق

وتعد سرطانات الرأس والعنق سادس أكثر أنواع السرطان شيوعاً على مستوى العالم والثامنة في المملكة المتحدة. وارتفعت معدلات الإصابة في إنجلترا بشكل كبير، بزيادة قدرها 47 في المائة منذ عام 2013. وتظهر البيانات الحالية تفاوتات صارخة في جميع أنحاء البلاد، حيث يعيش الأشخاص في المناطق الأكثر حرماناً تقريباً ضعف معدل الإصابة بسرطان الرأس والعنق ومن المرجح أن يتم تشخيصهم في مرحلة متأخرة مقارنة بأولئك الذين يعيشون في المناطق الأقل حرماناً.

ويعتقد العلماء أن هذه الدراسة ستنعش مستوى الحياة والرفاهية لآلاف مرضى سرطان الفم والرأس بعد أن يتم إنقاذهم من مشكلة جفاف الفم.


مقالات ذات صلة

تقرير: علماء ينجحون في تكوين فأر من جينات كائن وحيد الخلية

علوم خلايا (صورة أرشيفية)

تقرير: علماء ينجحون في تكوين فأر من جينات كائن وحيد الخلية

قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إن علماء نجحوا لأول مرة في تكوين فأر من جينات كائن حي وحيد الخلية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
صحتك أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
علوم  41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

تؤثر مناطق الجينوم المكتشفة حديثاً على بنية القرص الفقري والالتهاب ووظيفة الأعصاب.

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
علوم الصورة لحالة من سرطان الخلايا القاعدية... أحد أنواع سرطان الجلد

«تقنيات جينومية» لفهم أعمق لسرطان الجلد العدواني

«قرحة مارجولين» الخبيثة لا يمكن تشخيصها بسهولة.

د. وفا جاسم الرجب

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي
TT

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

لطالما كان مجال طب الأسنان العدلي أو الجنائي ميداناً حيوياً في علم الطب الشرعي، إذ يقدم الأدلة الأساسية التي تساعد في كشف الجرائم وحل الألغاز القانونية.

الأسنان لتحديد الهوية

وتجرى التحقيقات الجنائية لحل الألغاز القانونية من خلال:

> تحديد الهوية: يتم استخدام الأسنان وبصمات الأسنان لتحديد هوية الأفراد في حالات الكوارث الطبيعية، الحوادث، أو الجرائم، خصوصاً عندما تكون الجثث مشوهة أو متحللة.

> تحليل علامات العضّ: يساعد تحليل علامات العض الموجودة على الأجساد أو الأشياء في تحديد الجناة أو الضحايا من خلال مقارنة العلامات مع أسنان المشتبه بهم.

> تقييم العمر: يمكن لطب الأسنان الجنائي تقدير عمر الأفراد بناءً على تطور الأسنان وتركيبها، مما يساعد في قضايا مثل الهجرة غير الشرعية وحالات الاستغلال للأطفال.

> فحص الجثث المجهولة: يتم استخدام تقنيات طب الأسنان لفحص الجثث المجهولة والتعرف عليها من خلال السجلات الطبية للأسنان.

> الأدلة الفموية: يمكن للأدلة المستخرجة من الفم والأسنان أن توفر معلومات حول نمط حياة الأفراد، مثل النظام الغذائي والعادات الصحية، التي قد تكون ذات صلة بالقضايا الجنائية.

> الكشف عن التزوير والتزييف: يمكن تحليل التركيبات السنية والأسنان المزيفة لتحديد التزوير والتزييف في الأدلة الجنائية.

> التشخيص المسبق: يستخدم طب الأسنان العدلي في تشخيص الإصابات الفموية وتحليلها لتحديد ما إذا كانت ناتجة عن أعمال جنائية أو غيرها.

دور الذكاء الاصطناعي

ومع التقدم السريع في التكنولوجيا، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً متزايداً في تعزيز هذا المجال وجعله أكثر دقة وفاعلية. وسنستعرض كيف يغير الذكاء الاصطناعي ملامح طب الأسنان العدلي ودوره المحوري في تحسين عملية التشخيص وتقديم الأدلة الجنائية.

> الذكاء الاصطناعي في تحليل الأدلة، يتيح الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الضخمة بسرعة ودقة، وهو ما كان يستغرق أياماً أو حتى أسابيع لفرق من الأطباء والمختصين. أما الآن، فباستخدام خوارزميات التعلم الآلي، يمكن تحليل الصور الفموية والأشعة السينية وتحديد الهوية من خلال بصمات الأسنان بوقت قياسي قد لا يتجاوز الساعة.

> التشخيص الدقيق، يسهم الذكاء الاصطناعي في رفع مستوى الدقة في التشخيص من خلال تحليل البيانات الفموية مثل تحديد هوية العضات والعمر والجنس للضحايا من خلال الأسنان وعظم الفك وتحديد الأنماط غير المرئية بالعين المجردة. ويساعد هذا الأطباء في تمييز الحالات العادية من الحالات الحرجة التي قد تكون ذات صلة بالجرائم أو الحوادث.

> تحديد الهوية، يُعد تحديد الهوية من خلال الأسنان من أهم تطبيقات طب الأسنان العدلي، خصوصاً في حالات الكوارث أو الجثث غير معروفة الهوية. وبفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن مقارنة البيانات الفموية بسرعة مع قواعد بيانات السجلات الطبية الرقمية، مما يسهل عملية التعرف على الضحايا بدقة عالية. كما مكنت خوارزميات الذكاء الاصطناعي من إعادة بناء الوجه بعد حوادث الغرق أو الحريق أو الطائرات لسهولة التعرف على الضحايا.

ومع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، نتوقع أن يصبح طب الأسنان العدلي أكثر تطوراً وفاعلية، فالذكاء الاصطناعي لا يقلل من الوقت والجهد فحسب، بل يساهم أيضاً في تقليل الأخطاء البشرية وتحقيق نتائج أكثر دقة ومصداقية. بفضل التعاون بين الخبراء في مجالات التكنولوجيا والطب الشرعي، يتم تطوير تطبيقات جديدة لتحديد العمر والجنس وحتى الأصل العرقي بناءً على تحليل الأسنان.

وعلى الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي في طب الأسنان العدلي، هناك تحديات يجب التغلب عليها. ومن بين هذه التحديات ضرورة تحسين دقة الخوارزميات وتجنب التحيزات التي قد تؤثر على النتائج. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لضمان الخصوصية وحماية البيانات الشخصية للمرضى.

وتنفيذ الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في طب الأسنان العدلي، يجب على المؤسسات التعليمية توفير التدريب اللازم للأطباء والمختصين في هذا المجال. يشمل ذلك تعليمهم كيفية استخدام الأدوات التكنولوجية الجديدة، وفهم كيفية تفسير النتائج التي تنتج عن الخوارزميات الذكية.

وتبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق بوضوح أهمية التقنية في تحسين حياتنا وجعل مجتمعاتنا أكثر أماناً وعدالةً.