بدعة تناول النساء لهرمون التستوستيرون لتحسين الحالة المزاجية

يزداد ترويجها في المنصات الاجتماعية بدعوى تعزيز الرغبة الجنسية

بدعة تناول النساء لهرمون التستوستيرون لتحسين الحالة المزاجية
TT

بدعة تناول النساء لهرمون التستوستيرون لتحسين الحالة المزاجية

بدعة تناول النساء لهرمون التستوستيرون لتحسين الحالة المزاجية

تقوم وسائل التواصل الاجتماعي بعمل جيد جداً في تعريفنا بالاتجاهات الجديدة، سواء كانت حول استخدام اللهجة العامية الدارجة للشباب، أو أدوات صحية جديدة لحياة أفضل، كما كتبت سارة بريجيل (*). ولكن مجرد انتشار شيء ما على نطاق واسع وتراكم الكثير من الثناء لا يعني بالضرورة أنه عادة، أو سلوك جيد يجب أن نتبناه على نطاق واسع.

ترويج التستوستيرون للنساء

وهذا ما قد ينطبق على حالات انتشار تناول النساء لهرمون التستوستيرون - وهو اتجاه شائع - يزعم مروجوه بأنه صحي، انتشر على الإنترنت وفي الحياة اليومية للنساء.

لطالما تم إعطاء هرمون التستوستيرون للرجال المسنين لمكافحة حالات مثل تساقط الشعر وانخفاض الرغبة الجنسية، وزيادة قوة العضلات والطاقة. ولكن في السنوات الأخيرة، أصبح أيضاً أكثر شيوعاً بين النساء.

انتشار غير مسبوق

ووفقاً لـ«إن بي سي نيوز» ـ NBC News، تُظهر البيانات الأخيرة من شركة IQVIA لتكنولوجيا الصحة، وجود زيادة بنسبة 50 في المائة تقريباً في النساء اللائي يتناولن هرمون التستوستيرون في العقد الماضي (من 2013 إلى 2023).

انحسار التستوستيرون لدى الرجال

ويبلغ هرمون التستوستيرون لدى الذكور ذروته خلال مرحلة البلوغ المبكرة ثم ينخفض ​​تدريجياً، حيث يفقد الرجال نحو 1 في المائة من هرمون التستوستيرون سنوياً بدءاً من الثلاثينات أو الأربعينات من العمر، وفقاً لخبراء «مايوكلينيك».

التستوستيرون والنساء

لكن النساء، اللواتي تعتمد أجسامهن أيضاً على هرمون التستوستيرون ولكنها تنتج كميات أقل منه، يفقدنه مع تقدمهن في السن أيضاً. قد تكون النساء اللاتي تناولن وسائل منع الحمل أو أدوية أخرى تحتوي على هرمون الإستروجين، أو يعانين من حالات معينة، أكثر عرضة لانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون. ويمكن أن يؤثر ذلك على مستويات الطاقة، ويعطل النوم، ويؤدي إلى تغيرات في المزاج، وغيرها.

العديد من هذه التغييرات شائعة أثناء انقطاع الطمث، لذلك فمن المنطقي أن تبحث النساء اللاتي لا يشعرن بأفضل حالاتهن عن شكل جديد من العلاج. غالباً ما يتم إعطاء العلاج بالهرمونات البديلة (عادةً الإستروجين والبروجسترون) للنساء في سن اليأس.

دور منصات التواصل الاجتماعي

ولكن على وسائل التواصل الاجتماعي، هناك الآن شريحة متزايدة من النساء يصفن هرمون التستوستيرون بأنه عامل تغيير مطلق.

وتُظهر مئات مقاطع الفيديو على «إنستغرام» و«تيك توك» نساء يتحدثن عن كيفية تغيير حياتهن للأفضل... «لقد لاحظت فرقاً في رغبتي الجنسية وعضلاتي»، هكذا شاركت إحدى مستخدمات «تيك توك»، تاسمين فضل، في مقطع فيديو. وتقول مستخدمة أخرى تدعى Wonky TonkWoman: «لقد غير ذلك حياتي حقاً»، مضيفة أن «عقلها يعمل مرة أخرى» و«قلقها قد اختفى إلى حد كبير».

حتى أن بعضهن يوثقن رحلتهن منذ البداية، فيظهرن أنهن تلقين حقناً من قِبَل الأطباء، ثم يطلعن المتابعين على تقدمهن.

تحذيرات طبية من مخاطر العلاج بالتستوستيرون

لكن آخرين يدرسون الجوانب السلبية للعلاج. إذ أشارت إحدى الطبيبات على «تيك توك» إلى حقيقة أنه نظراً لعدم وجود أبحاث كافية حول تناول النساء للتستوستيرون، فإن تحديد الجرعة الآمنة يمكن أن يكون تحدياً.

في ذلك الفيديو، تشرح الدكتورة بريان كالونين، وهي طبيبة علاج طبيعي، أنها رأت تحاليل مختبرات النساء تعود بمستويات مرتفعة جداً من هرمون التستوستيرون. وبينما تقول إن العديد من المريضات يرين الفوائد، فقد رأت أيضاً مريضات يتساقط شعرهن.

وتتساءل الطبيبة: «إذا لم تكن الأبحاث (حول هذا الشأن) موجودة، فهل يمكننا أن نفعل ذلك، وهل ينبغي علينا الاستمرار فيه؟».

وفي مقطع فيديو آخر، تخبر الدكتورة جيمي جيليام، طبيبة الطب التكاملي، المتابعين أنها لن تخبر أي شخص أبداً بالخضوع لعلاج استبدال الهرمونات دون الحصول على تحاليل مختبرية تشمل لوحة هرمونية كاملة. كما تلاحظ أن ليس كل شخص مرشح بسبب التاريخ الطبي السابق، وتقول إن الآخرين قد «يحتاجون إلى مراقبة دقيقة» أثناء تناول الهرمونات.

ترويج الإنترنت لنتائج مذهلة

ولكن لأن العديد من النساء يبلغن عبر الإنترنت، عن توصلهن إلى نتائج مذهلة - إذ يقلن إنهن توقفن عن النضال من أجل النوم، ولديهن الكثير من الطاقة، ويرغبن في ممارسة الجنس مرة أخرى، ويمكنهن تقوية عضلاتهن، ويمكنهن فقدان الوزن بسهولة أكبر - فإن المزيد من النساء اللاتي شاهدن المحتوى أخذن يطلبن التستوستيرون من طبيبهن.

وقالت الدكتورة ريبيكا دنسمور-سو، كبيرة المسؤولين الطبيين في «جينيف» Gennev، وهي شركة طب عن بعد لمرضى انقطاع الطمث، لشبكة «إن بي سي نيوز» عن عدد النساء اللاتي يرغبن الآن في تناول التستوستيرون: «يبدو الأمر وكأنه وباء تقريباً». وأضافت: «يقال لهن إن هذه هي حبوب الدواء المعجزة التي كن يبحثن عنها».

مخاطر مصاحبة

حالياً، لا يوجد مصدر للتستوستيرون للنساء معتمد من إدارة الغذاء والدواء، لذلك لا يزال يعتبر خارج نطاق الأدوية المجازة. ويجب على النساء توخي الحذر لتجنب المواقع الإلكترونية التي تبيع التستوستيرون من دون وصفة طبية.

وبصرف النظر عن احتمال تساقط الشعر، هناك مخاطر أخرى تأتي مع العلاج أيضاً. يقول الدكتور خوان دومينغيز، اختصاصي الغدد الصماء العصبية، لصحيفة «فاست كومباني»: «حب الشباب، وخشونة الصوت، والتغيرات التي تطرأ على الدورة الشهرية» ليست سوى بعض الأعراض التي قد تعاني منها النساء اللاتي يتناولن هرمون التستوستيرون. ويدرس دومينغيز كيفية تأثير الهرمونات على السلوك. وتشمل المشكلات الأكثر خطورة ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الثدي ومشكلات القلب، فضلاً عن مشكلات تخثر الدم.

استشارة الاختصاصيين المؤهلين

ويضيف دومينغيز: «يتمتع الجسم بنظامه الخاص للتحكم في مستويات الهرمونات الداخلية، وان إدخال تغييرات على هذا النظام يمكن أن يخل بهذا التوازن بسهولة».

ومن المثير للقلق أن المعدلات التي يتم بها تناول هرمون التستوستيرون الآن قد تشير إلى أن المخاطر ضئيلة - على غرار تناول مكمل عشبي مثل إل- ثيانين أو المغنيسيوم (كلاهما يمكن أن يحسن جودة النوم). ولكن في حين قد يكون هناك الكثير من الإيجابيات، فإن علاج هرمون التستوستيرون للنساء ليس شيئاً يجب القيام به دون حذر ورعاية من المتخصصين المؤهلين، كما يقول دومينغيز.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

الزواج يبطئ شيخوخة الرجال

صحتك الرجال المتزوجون يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب (رويترز)

الزواج يبطئ شيخوخة الرجال

أظهرت دراسة جديدة أن الرجال المتزوجين يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب، إلا إن الشيء نفسه لا ينطبق على النساء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)

مرض السكري قد يسرّع من انكماش المخ

كشفت دراسة جديدة أن مرض السكري من النوع الثاني قد يؤدي إلى انكماش المخ بشكل سريع مع التقدم في العمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)

«جراح آلي» بذكاء اصطناعي دُرّب على مشاهدة فيديوهات طبية

«جراح آلي» بذكاء اصطناعي دُرّب على مشاهدة فيديوهات طبية
TT

«جراح آلي» بذكاء اصطناعي دُرّب على مشاهدة فيديوهات طبية

«جراح آلي» بذكاء اصطناعي دُرّب على مشاهدة فيديوهات طبية

«تخيل أنك بحاجة إلى إجراء عملية جراحية في غضون بضع دقائق لأنك قد لا تنجو... لا يوجد جراحون في الجوار ولكن يوجد روبوت جراحي مستقل متاح يمكنه إجراء هذا الإجراء باحتمالية عالية جداً للنجاح، هل ستغتنم الفرصة؟» هذا ما أجابني به طالب ما بعد الدكتوراه بجامعة جونز هوبكنز عبر البريد الإلكتروني، لدى سؤالي عن التطوير الجديد.

تعليم الروبوت بمقاطع فيديو للجراحة

لأول مرة في التاريخ، تمكن كيم وزملاؤه من تعليم الذكاء الاصطناعي استخدام آلة جراحة آلية لأداء مهام جراحية دقيقة، من خلال جعلها تشاهد آلاف الساعات من الإجراءات الفعلية التي تحدث في ردهات جراحية حقيقية. ويقول فريق البحث إنه تطور رائد يتجاوز حدوداً طبية محددة ويفتح الطريق لعصر جديد في الرعاية الصحية.

وفقاً لورقتهم البحثية المنشورة حديثاً، يقول الباحثون إن الذكاء الاصطناعي تمكن من تحقيق مستوى أداء مماثل لجراحي البشر دون برمجة مسبقة.

جراحة بتوظيف الروبوت

تدريب على العروض بدلاً من البرمجة

وبدلاً من محاولة برمجة الروبوت بشق الأنفس للعمل -وهو ما تقول ورقة البحث إنه فشل دائماً في الماضي- قاموا بتدريب هذا الذكاء الاصطناعي من خلال شيء يسمى التعلم بالتقليد، وهو فرع من الذكاء الاصطناعي حيث تراقب الآلة وتكرر الأفعال البشرية. سمح هذا للذكاء الاصطناعي بتعلم التسلسلات المعقدة للأفعال المطلوبة لإكمال المهام الجراحية عن طريق تقسيمها إلى مكونات حركية. وتترجم هذه المكونات إلى أفعال أبسط -مثل زوايا المفاصل ومواضعها ومساراتها- والتي يسهل فهمها وتكرارها وتكييفها أثناء الجراحة.

توظيف روبوت «دافنشي» للتدريب

استخدم كيم وزملاؤه نظام دافنشي الجراحي كأيدٍ وعيون لهذا الذكاء الاصطناعي. ولكن قبل استخدام المنصة الروبوتية الراسخة (التي يستخدمها الجراحون حالياً لإجراء عمليات دقيقة محلياً وعن بُعد) لإثبات نجاح الذكاء الاصطناعي الجديد، قاموا أيضاً بتشغيل محاكاة افتراضية. وقد سمح هذا بتكرار أسرع وتحقق من السلامة قبل تطبيق الإجراءات التي تم تعلمها على الأجهزة الفعلية.

«كل ما نحتاجه هو إدخال الصورة، ثم يجد نظام الذكاء الاصطناعي هذا الإجراء الصحيح»، كما يقول كيم. كانت روبوتات دافنشي أيضاً مصدر مقاطع الفيديو التي حللها الذكاء الاصطناعي، باستخدام أكثر من 10000 تسجيل تم التقاطها بواسطة كاميرات المعصم أثناء العمليات الجراحية التي يقودها الإنسان.

تعلّم 3 مهام جراحية

وكان الهدف تعلم ثلاث مهام جراحية: التعامل مع إبرة جراحية وتحديد موضعها، ورفع الأنسجة والتلاعب بها بعناية، والخياطة -كلها مهام معقدة تتطلب تحكماً دقيقاً وحساساً للغاية.

مكنت مجموعة البيانات واسعة النطاق هذه الذكاء الاصطناعي من تعلم الاختلافات الدقيقة بين الإجراءات الجراحية المتشابهة، مثل شدة التوتر المناسب اللازم للتعامل مع الأنسجة دون التسبب في ضرر.

تعد مقاطع الفيديو التدريبية هذه جزءاً صغيراً جداً من مستودع واسع النطاق للبيانات الجراحية. مع ما يقرب من 7000 روبوت دافنشي قيد الاستخدام في جميع أنحاء العالم، هناك مكتبة ضخمة من العروض الجراحية للمراقبة والتعلم منها، والتي يستخدمها فريق البحث الآن لتوسيع ذخيرة الذكاء الاصطناعي الجراحية لدراسة جديدة لم تُنشر بعد.

«في عملنا المتابع، والذي سنصدره قريباً، ندرس ما إذا كانت هذه النماذج يمكن أن تعمل في الإجراءات الجراحية طويلة المدى التي تنطوي على هياكل تشريحية غير مرئية»، يكتب كيم، في إشارة إلى الإجراءات الجراحية المعقدة التي تتطلب التكيف مع حالة المريض في أي وقت معين، مثل إجراء عملية جراحية على جرح داخلي خطير.

التحقق من صحة النموذج المطور

أثناء التطوير، عمل الفريق عن كثب مع الجراحين الممارسين لتقييم أداء النموذج وتقديم ملاحظات حاسمة (خاصة فيما يتعلق بالتعامل الدقيق مع الأنسجة)، والتي قام الروبوت بدمجها في عملية التعلم الخاصة به.

أخيراً، للتحقق من صحة النموذج، استخدموا مجموعة بيانات منفصلة غير مدرجة في التدريب الأولي لإنشاء محاكاة افتراضية، ما يضمن قدرة الذكاء الاصطناعي على التكيف مع السيناريوهات الجراحية الجديدة وغير المرئية قبل الشروع في اختبارها في الإجراءات المادية. أكد هذا التحقق المتبادل قدرة الروبوت على التعميم بدلاً من مجرد حفظ الإجراءات، وهو أمر بالغ الأهمية بالطبع نظراً للعدد المجهول المحتمل الذي قد ينشأ في غرفة العمليات.

جراح آلي «ذو خبرة»

كل شيء سار بشكل جميل إذ تعلم نموذج الروبوت هذه المهام إلى مستوى الجراحين ذوي الخبرة. يقول أكسل كريغر، الأستاذ المساعد في الهندسة الميكانيكية في جامعة جونز هوبكنز والمؤلف الرئيسي للدراسة، في بيان عبر البريد الإلكتروني: «إنه لأمر سحري حقاً أن يكون لدينا هذا النموذج حيث كل ما نقوم به هو تلقيمه مدخلات الكاميرا، ويمكنه التنبؤ بالحركات الروبوتية اللازمة للجراحة». «نعتقد أن هذا يمثل خطوة مهمة إلى الأمام نحو أفق جديد في مجال الروبوتات الطبية».

تطوير رائد

إن أحد مفاتيح هذا النجاح هو استخدام الحركات النسبية بدلاً من التعليمات المطلقة. ففي نظام دافنشي قد لا تنتهي الأذرع الآلية إلى حيث هي مقصودة تماماً بسبب التناقضات الطفيفة في حركة المفصل التي تتراكم على مدار عدة حركات ويمكن أن تؤدي في النهاية إلى أخطاء كبيرة -خاصة في بيئة حساسة مثل الجراحة. كان على الفريق إيجاد حل، لذا بدلاً من الاعتماد على هذه القياسات، قام بتدريب النموذج على التحرك بناءً على ما يلاحظه في الوقت الفعلي أثناء إجراء العملية.

لكن الابتكار الرئيسي هنا هو أن التعلم بالتقليد يزيل الحاجة إلى البرمجة اليدوية للحركات الفردية. قبل هذا الاختراق، كانت برمجة الروبوت للخياطة تتطلب ترميزاً يدوياً لكل حركة بالتفصيل. يقول كيم إن هذه الطريقة كانت أيضاً عرضة للخطأ وتشكل قيداً رئيسياً في تقدم الجراحة الروبوتية. إذ إنها حدت مما يمكن للروبوت فعله بسبب جهود التطوير، والافتقار إلى المرونة التي جعلت من الصعب للغاية على الروبوتات القيام بمهام جديدة.

ومع ذلك، يسمح التعلم بالتقليد للروبوت بالتكيف بسرعة مع أي شيء يمكن مشاهدته، والتعلم على غرار طالب الجراحة. «(نحن) نحتاج فقط إلى جمع بيانات التعلم التقليدي لإجراءات مختلفة، ويمكننا تدريب الروبوت على تعلمها في غضون يومين»، كما يقول كريغر. «هذا يسمح لنا بالتعجيل نحو هدف الاستقلالية مع تقليل الأخطاء الطبية وتحقيق جراحة أكثر دقة».

تقييم مدى النجاح

لقياس مدى نجاح الذكاء الاصطناعي، حدد الباحثون مقاييس الأداء الرئيسية، مثل الدقة في وضع الإبرة والاتساق في التلاعب بالأنسجة باستخدام مجموعة من البيئات الجراحية الوهمية المادية، والتي تضمنت محاكيات الأنسجة الاصطناعية والدمى الجراحية. وكانت النتائج مذهلة. يقول كريغر: «النموذج جيد جداً في تعلم الأشياء التي لم نعلمه إياها. على سبيل المثال، إذا أسقط الإبرة، فسوف يلتقطها تلقائياً ويستمر».

لا تعد هذه القدرة على التكيف مهمة فقط لمواصلة تعلم مهارات جديدة ولكنها أيضاً ضرورية للتعامل مع الأحداث غير المتوقعة في الجراحات الحية، مثل تمزق الشريان أو تغير العلامات الحيوية للمريض فجأة. بالإضافة إلى ذلك، أظهر النموذج كفاءة زمنية محسنة، ما أدى إلى تقليل وقت الانتهاء للمهام الجراحية القياسية مثل الخياطة بنحو 30 في المائة، وهو أمر واعد بشكل خاص للعمليات الحرجة من حيث الوقت.

ويتصور العلماء سيناريو حيث تساعد هذه الروبوتات الجراحين في المواقف عالية الضغط، وتعزيز قدراتهم وتقليل الخطأ البشري. سيؤثر جراحو الذكاء الاصطناعي المستقبليون بشكل كبير على توفر الرعاية الجراحية، مما يجعل التدخلات الطبية عالية الجودة متاحة لعدد أكبر.

اللوائح التنظيمية وأخلاقيات الطب

هناك أيضاً تحديات أخلاقية وتنظيمية يجب معالجتها قبل نشر مثل هذا الذكاء الاصطناعي في بيئات جراحية حقيقية دون إشراف بشري. فالقفزة نحو الروبوتات الجراحية المستقلة تثير مخاوف أخلاقية جديدة.

هناك قضية المساءلة: من سيكون مسؤولاً إذا حدثت مشكلة؟ الشركة التي صنعت الجراح الذكي؟ المهنيون الطبيون الذين يشرفون عليه (إذا كان هناك أي إشراف)؟ هناك أيضاً مسألة موافقة المريض، والتي ستتطلب تثقيف كل من الشخص الذي يخضع للجراحة والأشخاص المحيطين به حول ماهية هذا الذكاء الاصطناعي، وما الذي يمكنهم فعله بالضبط، وما هي المخاطر التي تشكلها الروبوتات مقارنة بالجراحين البشر.

يعترف كيم بأن المستقبل الآن في منطقة رمادية حيث يمكن للجميع مجرد التكهن بما يجب أن يحدث أو سيحدث. ستكون أيدي السلطات التنظيمية مشغولة، من معالجة المساءلة والمخاوف الأخلاقية عند السماح لجراحي الذكاء الاصطناعي بالعمل بشكل مستقل، إلى وضع معايير للحصول على موافقة مستنيرة من المرضى.

ولكن عند الاختيار بين إجراء عملية جراحية طارئة منقذة للحياة بواسطة جراح مستقل أو عدم تلقي العلاج لأن الجراح البشري غير متاح (مثلاً في مكان بعيد أو منطقة متخلفة)، يزعم كيم أن الخيار الأفضل واضح. يمكنني بسهولة أن أتخيل مستقبلاً قريباً حيث يبدأ الناس في اختيار روبوتات الذكاء الاصطناعي على نظرائهم من البشر - في ظل وجود دليل إحصائي على أن جراحي الذكاء الاصطناعي يعملون بأمان.

وبعيداً عن التحديات الأخلاقية والقانونية، هناك حاجة إلى المزيد من العمل لتمكين التنفيذ العملي. ستحتاج المستشفيات إلى الاستثمار في البنية الأساسية التي تدعم جراحة الروبوتات بالذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الأجهزة المادية والخبرة الفنية للتشغيل والصيانة. بالإضافة إلى ذلك، سيكون تدريب الفرق الطبية على إدارة العملية أمراً بالغ الأهمية. فالأطباء سيحتاجون إلى فهم الآلة ومتى يكون التدخل ضرورياً، وفي النهاية تحويل الجراحين البشريين من المهام الجراحية المباشرة إلى أدوار تركز على الإشراف والسلامة.

جراحات بسيطة أولاً

على المستوى العملي، يتصور الباحثون تقدماً تدريجياً، بدءاً بجراحات أبسط وأقل خطورة مثل إصلاح الفتق والتقدم تدريجياً إلى عمليات أكثر تعقيداً. سيساعد النهج التدريجي في التحقق من موثوقية الروبوت مع معالجة المخاوف التنظيمية والأخلاقية بمرور الوقت، فضلاً عن مساعدة السكان على الثقة في الذكاء الاصطناعي لإجراء العمليات الحرجة للحياة.

يقول كريغر: «ما زلنا في المراحل الأولى من فهم ما يمكن أن تحققه هذه الآلات حقاً. الهدف النهائي هو الحصول على أنظمة جراحية مستقلة تماماً وموثوقة وقابلة للتكيف وقادرة على إجراء العمليات الجراحية التي تتطلب حالياً اختصاصياً مدرباً تدريباً عالياً».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً