لأول مرة: تنبؤات الذكاء الاصطناعي الدقيقة لقوة الأعاصير تتفوق على دقة النظم الكومبيوترية

إعصارا «هيلين» و«ميلتون» كانا نقطة تحول كبرى

التنبؤ الدقيق بالأعاصير يقلل من حجم الكوارث الناجمة عنها
التنبؤ الدقيق بالأعاصير يقلل من حجم الكوارث الناجمة عنها
TT

لأول مرة: تنبؤات الذكاء الاصطناعي الدقيقة لقوة الأعاصير تتفوق على دقة النظم الكومبيوترية

التنبؤ الدقيق بالأعاصير يقلل من حجم الكوارث الناجمة عنها
التنبؤ الدقيق بالأعاصير يقلل من حجم الكوارث الناجمة عنها

كنت أدرس الأعاصير وأتنبأ بها وأكتب عنها لأكثر من عقدين من الزمان، منذ وقت طويل عندما كنا نرسم خرائط الطقس يدوياً، كما كتب إريك هولثاوس (*).

توقعات الذكاء الاصطناعي الدقيقة للطقس

إلا أن إعصارَي «هيلين» و«ميلتون» كانا أول إعصارين اعتمدت فيهما بشدة على توقعات الطقس التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي. ويبدو هذا الأمر وكأنه نقطة تحول.

وفي عصرنا الحالي الذي يتسم بحالة الطوارئ المناخية المتصاعدة، تساعد الأجواء الدافئة في جعل الطقس أكثر تطرفاً وخطورة، مما يعرض مزيداً من الناس للخطر كل عام. ولذا فإن التنبؤات الأكثر ثقة بتلك الأعاصير التي ستتحول إلى وحش أو التي ستتلاشى بأمان، تمنح الناس مزيداً من الوقت للاستعداد.

تحديث تطور الأعاصير ساعة بساعة

خلال إعصاري «هيلين» و«ميلتون»، تم تطوير أداة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها كثيراً -AI RI- بواسطة باحثين في جامعة ويسكونسن. وهي تقدم احتمالات محدثة كل ساعة حول فرص حدوث نوبة من التكثيف السريع لسيرورة إعصار ناشئ جديد.

في مرحلة ما، كانت هذه الأداة (AI RI) تعطي فرصة بنسبة 100 في المائة تقريباً بأن «ميلتون» سيزداد قوة ليتحول من الفئة 1 إلى الفئة 5 في غضون 24 ساعة قادمة. وبالطبع، تبين أن هذا التنبؤ صحيح.

ولم يشهد أي إعصار أطلسي في 175 عاماً من تسجيلاتنا للأعاصير تعززاً في قوته، مثل إعصار «ميلتون». ولم يكن لأحد أن يتصور حدوث مثل هذا.

تنبؤات غير مسبوقة

هذا التنبؤ الدقيق حتى قبل 5 سنوات كان صعباً باستخدام نماذج الطقس الحاسوبية التقليدية.

قبل قرن واحد فقط، كان من المستحيل تقريباً وضع توقعات للظروف الجوية المعاكسة بشكل موثوق، ضمن أي نطاق زمني. ولإعطاء فكرة عن حجم التقدم، فإن التنبؤ بالطقس لمدة 4 أيام أصبح الآن دقيقاً، مثلما كان حال التنبؤ بالطقس ليوم واحد في عام 1995.

ويعِد الذكاء الاصطناعي بتمديد هذه المكاسب أياماً وأسابيع وأشهراً في المستقبل، وعلى مقاييس جغرافية أدق وأدق، حتى على مستوى المناخ المحلي والحي.

** في غضون 25 عاماً، من المتوقع أن تكلف التأثيرات الإجمالية لتغير المناخ تريليونات الدولارات سنوياً **

كلفة الكوارث الطبيعية

وحتى بعد تعديل التضخم النقدي، تكلف الكوارث الطبيعية الآن نحو 5 أضعاف ما كانت عليه في الثمانينات. ويمكن أن تمثل التقلبات الجوية اليومية ما يصل إلى 3 في المائة- 6 في المائة، من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً. أما الفيضانات الناجمة عن هطول الأمطار الشديدة وحدها، مثل تلك التي نجمت عن «هيلين»، فتكلف الآن ما متوسطه 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة كل عام.

وفي غضون 25 عاماً، من المتوقع أن تكلف التأثيرات الإجمالية لتغير المناخ تريليونات الدولارات سنوياً.

تطبيق ذكاء اصطناعي على كومبيوتر محمول

ورداً على سؤالي: «لقد فوجئت قليلاً بأن عمليات التشغيل الروتينية لنموذج التكثيف السريع لا تتطلب أي طاقة حاسوبية على الإطلاق»، تقول سارة غريفين، الخبيرة في الأعاصير والأقمار الاصطناعية في جامعة ويسكونسن التي طورت أداة الذكاء الاصطناعي: «إنها لا تحتاج إلى أي شيء فاخر؛ إذ لا توجد حاجة إلى وحدة معالجة رسومية، وعادة ما تعمل في أقل من دقيقة».

** الذكاء الاصطناعي يغيِّر عمل خبراء الأرصاد الجوية**

قبل البداية السريعة لأدوات الذكاء الاصطناعي، تم تطوير أفضل نموذج حاسوبي للأعاصير بتكلفة 150 مليون دولار. وكان لا بد من تشغيله على أحد أسرع أجهزة الكومبيوتر في العالم.

لذا فإن حقيقة أنه يمكن تشغيل «AI RI» من الناحية النظرية، خلال بضع دقائق على جهاز كومبيوتر محمول، أشبه بالسحر. وقد ظلت إدارة الأرصاد الجوية الوطنية ومنظمتها الأم (NOAA) لسنوات، تستثمر في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لمساعدة علمائها على غربلة كميات هائلة من البيانات البيئية التي يجمعونها كل يوم.

وتؤتي هذه الاستثمارات ثمارها بالفعل، وبشكل كبير، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بجعل تكنولوجيا التنبؤ بالطقس أكثر فائدة للمجتمعات المحرومة والأشخاص على الخطوط الأمامية لحالة الطوارئ المناخية.

50 عاماً من نماذج الطقس الكومبيوترية

عرض الرادار من طائرة صيد الأعاصير التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي

منذ اختراعها قبل نحو 50 عاماً، كانت نماذج الطقس بمساعدة الكومبيوتر تُشغَّل دائماً تقريباً على أكبر أجهزة الكومبيوتر التي يستطيع العلماء تحمل تكلفتها. وذلك لأن مئات الحسابات الرياضية والفيزيائية يجب إجراؤها مراراً وتكراراً لتتبع جميع المسارات المحتملة للأمام في الوقت المناسب لكل جزء من الغلاف الجوي الذي توجد بيانات عنه، بقدر ما يمكن جمع هذه البيانات. إنها دورة لا تنتهي أبداً من الخيارات الصعبة حول كيفية تركيز قوة الحوسبة النادرة بأكبر قدر من الكفاءة، وهو صراع صعب جداً ضد قوى الطبيعة.

وهذا يعني أن التنبؤ بالطقس كان مكلفاً دائماً، كما أن عدم المساواة صارخ؛ إذ تنفق الحكومات في البلدان الأكثر ثراءً -مثل الولايات المتحدة وأوروبا- ما معدله نحو 25 دولاراً سنوياً لكل مواطن على توقعات الطقس الخاصة بها، بينما تنفق البلدان الأكثر فقراً أقل من دولار واحد سنوياً لكل مواطن، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض دقة التوقعات بالنسبة للأشخاص الذين من المرجح أن يشاركوا في أنشطة حساسة للطقس، مثل الزراعة أو صيد الأسماك.

الذكاء الاصطناعي يحقق المساواة المناخية العالمية

ومن أفضل جوانب الذكاء الاصطناعي قدرته على تحقيق المساواة في هذا المجال. وللتعرف على مزيد حول هذا الموضوع، تحدثت مع مايكل فيشر الباحث في مجال الأعاصير، وأستاذ الأرصاد الجوية في جامعة ميامي. وميامي هي قلب عالم التنبؤ بالأعاصير، فهي المكان الذي يوجد فيه خبراء التنبؤ بالأعاصير الرسميون التابعون للمركز الوطني للأعاصير، كما أنها موطن «صائدي الأعاصير»، وهم قسم من احتياطي القوات الجوية الأميركية الذي كان لعقود من الزمان يطير بالطائرات عبر الأعاصير لقياس موقعها وحركتها وقوتها.

تحسين مُدخلات البيانات

يركز عمل فيشر على تحسين التنبؤ بالأعاصير، وخصوصاً فائدة رادارات الطقس المحمولة جواً على طائرات صائدي الأعاصير. ويقول: «أعتقد أن الذكاء الاصطناعي يفتح كثيراً من الأبواب التي ليست ممكنة بالضرورة، على الأقل مع القدرات الحسابية الحالية؛ لأن هذه النماذج يمكن أن تعمل بسرعة كبيرة». ويضيف: «إنه يسمح لنا بالقيام بأشياء، مثل إنشاء توقعات عالية الدقة للمناطق المحلية، ونأمل أن يساعد ذلك في إنقاذ الأرواح، إضافة إلى جوانب أخرى مثل موجات الحر والطقس المتطرف والأمطار الغزيرة».

إنني كبير السن بما يكفي لأتذكر عندما كنت طالباً جامعياً في عام 2000 عندما بدأت نماذج الطقس الحاسوبية المبكرة في التفوق بشكل موثوق على مهارة المتنبئين البشريين. ومع ذلك، لم يثق أساتذتي بها، وبدلاً من ذلك كانوا يعلموننا صفحات من «القواعد الأساسية» و«الحيل البسيطة» لتقدير التوقعات بناءً على التعرف على الأنماط في خرائط الطقس.

لكن هناك شيئاً واحداً قالوه عن بناء نموذج طقس حاسوبي جدير بالاهتمام ظل عالقاً في ذهني حقاً: «القمامة تدخل، والقمامة تخرج». وهذا يعني أن توقعات الكومبيوتر الخاصة بك لا تكون جيدة إلا بقدر البيانات التي تبدأ بها. وهذا هو هدف مشروع تحسين توقعات الأعاصير الذي أطلقه فيشر، لاستخدام التعلم الآلي لمراقبة جودة البيانات المتدفقة من صائدي الأعاصير أثناء طيرانهم.

يقول فيشر إن الأمر يستغرق من عالم الأرصاد الجوية المدرب نحو أسبوعين لتصفية «الضوضاء» يدوياً من رادار الطائرة. يمكن لنموذج الذكاء الاصطناعي الخاص به القيام بذلك في دقائق، بينما لا تزال الطائرة في الهواء، بحيث يمكن بعد ذلك إرسال البيانات في الوقت الفعلي إلى نماذج الطقس للتوصل إلى توقعات.

نماذج طقس حكومية وخاصة

واليوم، بالطبع، ليست هيئة الأرصاد الجوية الوطنية هي الوحيدة التي تستثمر في تحسين نماذج الطقس باستخدام الذكاء الاصطناعي، فكل الأسماء الكبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي تفعل ذلك أيضاً.

تمتلك «غوغل» GraphCast، بينما تمتلك «نيفيديا» FourCastNet. وتعِدُ الشركات الناشئة –مثل «precip.ai» و«atmo.ai»- عملاءها بتحليلات الطقس المحلية والدقيقة للغاية لجميع أنواع الاستخدامات. وتجعل «غوغل» أحدث نموذج للطقس المعزز بالذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر. قد يكون التنبؤ بالطقس نقطة مضيئة نادرة في مجال الذكاء الاصطناعي؛ خصوصاً مع زيادة الحاجة بسبب تصاعد مخاطر المناخ.

تستخدم هيئة الأرصاد الجوية الوطنية الذكاء الاصطناعي في خدمة ترجمة لغة جديدة لنشرات الطقس، لجعل التوقعات في متناول الجميع بحيث لا تقتصر على اللغة الإنجليزية فقط.

مخاوف تحيّز الذكاء الاصطناعي

إلا أن فيشر يشعر ببعض المخاوف المألوفة، وخصوصاً بشأن التحيز الذي قد يقدمه فريقه أثناء تدريبهم للذكاء الاصطناعي؛ لكنه يعتقد في الوقت الحالي أن الأداة يمكن استخدامها بشكل متوازن.

وتمنح مشاركة شركات التكنولوجيا الكبرى فيشر الأمل في أن روح التعاون هذه في مواجهة حالة الطوارئ المناخية قد تستمر. ويقول: «إذا كان هدفنا الرئيسي هو محاولة المساعدة في إنقاذ الأرواح وحماية الممتلكات، فأعتقد أن العمل معاً بوصفنا مجتمعاً علمياً هو أفضل طريقة للقيام بذلك»،

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

منصّات التواصل تشهد «تسونامي» من الصور التاريخية المزيفة

يوميات الشرق تتم مشاركة صور بالأسود والأبيض يُزعم أنها تمثل مشاهد مألوفة من التاريخ عبر صفحات ثقافية في منصات التواصل (أرشيفية - رويترز)

منصّات التواصل تشهد «تسونامي» من الصور التاريخية المزيفة

تنتشر بشكل كبير عبر منصّات التواصل صور قريبة جداً من الواقع، لكنّها أُنشئت باستخدام الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد صورة أثناء حفل توقيع شركة «أسمو للخدمات اللوجيستية» 16 مذكرة تفاهم مع عدد من الشركات بقيمة 80 مليون دولار (الشرق الأوسط)

شراكات بقيمة 80 مليون دولار لتعزيز سلاسل الإمداد في السعودية

وقعت «أسمو للخدمات اللوجيستية» المشروع المشترك بين «أرامكو» و«دي إتش إل» 16 مذكرة لدعم النمو والرقمنة في قطاعات متنوعة بقيمة 80 مليون دولار

علي القطان (الدمام)
تكنولوجيا شعار شركة «غوغل» على أحد مباني الشركة في سان دييغو (رويترز)

«غوغل» تشتري مفاعلات نووية لتشغيل ذكائها الاصطناعي

ستشتري شركة «غوغل» طاقة نووية من شركة «كايروس باور» الأميركية الناشئة، سيتم إنتاجها بواسطة مفاعلات صغيرة من الجيل الجديد تسمى «إس إم آر».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد جانب من إحدى نسخ معرض «جيتكس غلوبال» الذي يشهد أكبر نسخة في تاريخه (وام)

«جيتكس» ينطلق اليوم في دبي... والمشاركات تتمحور حول تطورات الذكاء الاصطناعي

حدّد معرض «جيتكس غلوبال» التقني محور «الذكاء الاصطناعي» عنواناً بارزاً لانطلاق نسخته الـ44 التي تبدأ اليوم في دبي وعلى مدار أربعة أيام.

«الشرق الأوسط» (دبي)
يوميات الشرق يمكن للبرامج الآلية تحليل دوافع الإرهابيين الإلكترونيين (رويترز)

«شات جي بي تي» يحدّد هوية الإرهابيين

أفادت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة «تشارلز داروين» في أستراليا بأنّ تقنيات مثل «شات جي بي تي» يمكن أن تلعب دوراً تكميلياً في تحديد هوية الإرهابيين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تقنية ذكية لمراقبة تأثير التغيرات المناخية على الشعاب المرجانية في البحر الأحمر

الشعاب المرجانية لتهديد متزايد من تغير المناخ (رويترز)
الشعاب المرجانية لتهديد متزايد من تغير المناخ (رويترز)
TT

تقنية ذكية لمراقبة تأثير التغيرات المناخية على الشعاب المرجانية في البحر الأحمر

الشعاب المرجانية لتهديد متزايد من تغير المناخ (رويترز)
الشعاب المرجانية لتهديد متزايد من تغير المناخ (رويترز)

رغم أن الشعاب المرجانية تغطي أقل من 0.2 في المائة من قاع المحيطات، فإنها تؤوي نحو 35 في المائة من جميع الأنواع البحرية المعروفة، ما يجعل الحفاظ عليها أمراً بالغ الأهمية.

وتتعرض الشعاب المرجانية لتهديد متزايد من تغير المناخ، حيث تسببت درجات حرارة المحيطات المرتفعة وأحداث مثل ظاهرة «النينيو»، في «ابيضاض» الشعاب المرجانية على نطاق واسع، ما يعرض هذه النظم البيئية الحيوية للخطر. وتُعتبر تقنيات الاستشعار عن بُعد أداة قيمة لمراقبة الشعاب المرجانية؛ نظراً لقدرتها على توفير مراقبة واسعة النطاق للمناطق النائية. وتُستخدم أجهزة استشعار «لاندسات» التابعة لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا» لتحليل التغيرات في الشعاب المرجانية.

وتعتمد العديد من الدراسات على تحليل صور الشعاب المرجانية من خلال مقارنة الصور الزمنية لتحديد التغيرات. ومع ذلك، تواجه هذه الأساليب تحديات بسبب التكاليف العالية للحصول على البيانات الميدانية اللازمة.

وللتغلب على هذا التحدي، طوّر فريق بحثي قاده باحث مصري في الولايات المتحدة، بالتعاون مع باحثين من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية في السعودية، نموذجاً للتعلم الآلي يعتمد على الذكاء الاصطناعي، لمراقبة الشعاب المرجانية، اعتماداً على بيانات من مواقع متعددة.

وأوضح الباحثون، في دراستهم المنشورة في عدد 30 سبتمبر (أيلول) 2024 من دورية «Heliyon»، أن هذا النهج يعد ضرورياً للكشف عن التغيرات الطويلة الأمد في الشعاب المرجانية في مناطق مثل البحر الأحمر، حيث أظهرت الدراسات ندرة في الأبحاث المتعلقة بتغير الشعاب المرجانية على مدار 18 عاماً. يقول الدكتور هشام العسكري، أستاذ علوم أنظمة الأرض والاستشعار عن بُعد بجامعة تشابمان الأميركية، والباحث الرئيسي للدراسة، إن الدراسة تُمثل إنجازاً كبيراً في مجال مراقبة الشعاب، حيث أتاحت تحليل التغيرات البيئية بشكل شامل وفعال في 3 مواقع رئيسية هي خليج العقبة، وأملج، والوجه.

وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن النتائج أظهرت انخفاضاً ملحوظاً في الغطاء المرجاني بنسب متفاوتة، ما يعكس تأثيرات التغير المناخي والضغوط البيئية على هذه النظم البيئية الهامة.

وأظهرت الدراسة تراجعاً في الغطاء المرجاني بنسبة 11.4 في المائة في خليج العقبة، و3.4 في المائة في أملج، و13.6 في المائة في الوجه. وشدد العسكري على أن هذه النتائج تكشف عن حاجة ملحة لتكثيف الجهود للحفاظ على هذه الشعاب التي تلعب دوراً حيوياً في دعم التنوع البيولوجي البحري. كما تسلط الضوء على أهمية استخدام التقنيات الحديثة في مراقبة التغيرات البيئية بشكل مستمر لضمان استدامة هذه الأنظمة البيئية الفريدة.

وأشار العسكري إلى دوافع استخدام تقنيات التعلم الآلي خلال الدراسة، موضحاً أنها تعود إلى قدرتها الفائقة على معالجة كميات ضخمة من البيانات المعقدة واكتشاف التغيرات الدقيقة في البيئات الطبيعية عبر الزمن، وهذه التقنيات تُحسن دقة تحليل البيانات البيئية مقارنة بالطرق التقليدية، خاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها أو التي تتطلب مراقبة مستمرة، موضحاً أن التعلم الآلي يتيح لنا بناء نماذج قابلة للتعميم، ما يسهل تطبيقها على مناطق جديدة دون الحاجة إلى إعادة تدريب النماذج بشكل متكرر. وتساهم الدراسة في تقليل الاعتماد على البيانات الميدانية التقليدية التي قد تكون مكلفة أو غير متاحة، من خلال توفير إطار عمل رقمي متكامل يمكن استخدامه في أماكن مختلفة. واعتبر أن الدراسة تمثل خطوة حاسمة نحو تحسين إدارة وحماية الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، مضيفاً أنه من خلال توفير خريطة دقيقة للتغيرات في الغطاء المرجاني، يمكن توجيه جهود الحفاظ إلى المناطق الأكثر تضرراً، مما يزيد من فعالية استراتيجيات الاستعادة البيئية. علاوة على ذلك، تساعد هذه البيانات في تحديد النقاط الساخنة للتدهور البيئي، مما يتيح للباحثين وصناع القرار اتخاذ تدابير فورية للتخفيف من الأضرار وتعزيز الاستدامة البيئية.