كيف تبني لوحة تحكم مطورة لرصد «الدرون»... خلال أسبوعين؟

القيادة المركزية الأميركية تتأهب لتجربتها في الشرق الأوسط

كيف تبني لوحة تحكم مطورة لرصد «الدرون»... خلال أسبوعين؟
TT

كيف تبني لوحة تحكم مطورة لرصد «الدرون»... خلال أسبوعين؟

كيف تبني لوحة تحكم مطورة لرصد «الدرون»... خلال أسبوعين؟

قد لا تستغرق إضافة تطبيق جديد إلى هاتفك سوى لحظات قليلة، لكن إضافة مستشعر إلى شاشة الرادار العسكرية تستغرق سنوات. لهذا السبب يجب على قوات الدفاع الجوي التنقل بين أنظمة متعددة، وإهدار ثوانٍ ثمينة أثناء تدافعها، لتحديد الطائرات من دون طيار (درون) القادمة، كما كتب سام سكوف*.

تجربة أميركية للعمل في الشرق الأوسط

لكن الأمر يجب ألا يكون على هذا النحو، وفقاً لتجربة حديثة قادتها القيادة المركزية الأميركية، إذ، وفي غضون أسبوعين فقط، تمكنت شركات خاصة من دمج أجهزة استشعار متعددة على شاشة واحدة اختبرتها قوات الجيش في شمال ولاية نيويورك.

ويأتي هذا بفضل ضباط القيادة المركزية، الذين مهّدوا الطريق من خلال التفاوض لضمان حقوق الملكية الفكرية للشركات. وفي حين لن يتم إرسال التكنولوجيا إلى الشرق الأوسط حتى الآن، يأمل المسؤولون في أن تكون بمثابة حجر أساس للجهود المستقبلية.

بدأ الحدث بأسبوع عملت فيه الشركات على تحديد كيفية مشاركة أجهزتها للبيانات على شاشة. ثم، من 30 سبتمبر (أيلول) إلى 4 أكتوبر (تشرين الأول)، اختبر جنود من «الفرقة الجبلية العاشرة» المنصة في «فورت دروم» ضد طائرات من دون طيار «معادية». وجرى اختيار هذه الوحدة لاختبار المجموعة؛ لأنها توفر حالياً دعماً مضادّاً للطائرات من دون طيار في الشرق الأوسط.

سرعة تنفيذ التصميم

ويقول قادة الدفاع الجوي في الجيش إن المجابهة تتطلب أجهزة استشعار متعددة لتحديد الطائرات من دون طيار المعادية، التي يمكنها الاقتراب من القوات الصديقة في مجموعة متنوعة من الاتجاهات والسرعات والمسارات.

قال الرقيب كلارك ديفيس، ضابط الصف الأول في مكتب التكنولوجيا الرئيسي في القيادة المركزية الأميركية، إن وضع كل هذه المستشعرات على منصة واحدة عادة ما يكون عملية شاقة.

وأضاف ديفيس: «أن معظم الأنظمة تتطلب من 18 إلى 24 شهراً لدمج أي شيء أو عنصر، وهذا أمر (سريع) بالنسبة لوزارة الدفاع».

من جهته، ذكر الرائد برايان سيرسي، الذي يعمل مع ديفيس، أن إحدى المحاولات السابقة لدمج مستشعر شركة في رادار دفاعي للمناطق المرتفعة الطرفية استغرقت 24 شهراً.

الاستفادة من التطويرات الهاتفية

وقال شولر مور، كبير مسؤولي التكنولوجيا في القيادة المركزية الأميركية، من حيث المبدأ، يجب أن يكون دمج شاشات متعددة على شاشة واحدة أمراً بسيطاً. تقوم الشركات الخاصة بمثل هذه الأشياء طوال الوقت، مثلما يشارك مطورو الأجهزة المحمولة تطبيقاتهم على نظام تشغيل الهاتف. لكن وزارة الدفاع ليست معتادة على ذلك، وقد تكون إحدى العقبات هي الموهبة الفنية.

نظم متقادمة يصعُب تطويرها

وقال العقيد نيت هيوستن، مدير الابتكار في القيادة المركزية الأميركية، إن العمر، أي تقادم التصاميم الموجودة مع الزمن، مشكلة أخرى؛ حيث جرى بناء بعض أجهزة الاستشعار منذ عقود من الزمن، قبل أن تصبح قياسية لتسهيل مشاركة البيانات. وأضاف أن جعلها تتفاعل مع شاشة جديدة تماماً يُشبه «محاولة استخدام جهاز آيفون» من الجيل الأول في عالم اليوم.

ولتغيير ذلك، يتعين على وزارة الدفاع أن تسعى أكثر لتشجيع الشركات على تطوير المنتجات التي يمكن تبديلها، كما قال هيوستن: «يتعين علينا فقط أن نفكر بشكل أكثر إبداعاً حول كيفية تحفيز التشغيل البيني».

منع الهجمات في الشرق الأوسط

وقال مور إن النظام الناتج لن يتم نشره في الشرق الأوسط حتى الآن. ومع ذلك، فإنه يمهد الطريق لجهد ثانٍ، يُركز على مساعدة الجنود على تحديد التهديدات بشكل أسرع، وسط الإشارات الكثيرة التي تظهر على شاشاتهم. إنه نوع الجهد الذي يمكن أن يساعد في منع الهجمات القاتلة، مثل الهجوم الذي وقع في يناير (كانون الثاني) الماضي، وأسفر عن مقتل 3 جنود أميركيين وإصابة العشرات في الأردن.

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» حينذاك أن قوات الدفاع الجوي أخطأت في تحديد هوية طائرة العدو من دون طيار على أنها طائرة صديقة.

* مجلة «ديفينس وان»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

هل نشهد أول هاتف ثلاثي الطي؟ إليك أبرز التسريبات قبيل حدث «سامسونغ» الشهر المقبل

تكنولوجيا «سامسونغ غالاكسي إس 25 ألترا»

هل نشهد أول هاتف ثلاثي الطي؟ إليك أبرز التسريبات قبيل حدث «سامسونغ» الشهر المقبل

تستعد «سامسونغ» للكشف عن أجهزة قابلة للطي أكثر نحافة وذكاء الشهر المقبل، مع تعزيز تكامل الذكاء الاصطناعي، وإطلاق محتمل لساعات وسماعات جديدة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا شعار «ديب سيك» على أحد الهواتف الجوالة (رويترز)

الصين تستعد لطفرة ذكاء اصطناعي تتجاوز 100 مشروع جديد كـ«ديب سيك»

تستعد الصين لإطلاق أكثر من 100 نموذج ذكاء اصطناعي متقدم، مدعومة بكفاءات محلية وسوق ضخمة رغم القيود الأميركية وتصاعد التوترات التكنولوجية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد أمير المنطقة الشرقية يدشن المجمع الصناعي للآلات والمعدات في الدمام (وزارة الصناعة والثروة المعدنية)

السعودية تطلق مجمعاً صناعياً للآلات والمعدات بالدمام

دشّن الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، أمير المنطقة الشرقية، المجمع الصناعي للآلات والمعدات بالمدينة الصناعية الثالثة بالدمام (شرق السعودية).

«الشرق الأوسط» (الظهران)
تكنولوجيا أثبتت التجارب في «وادي الموت» أن الجهاز يمكنه إنتاج 160 مل من المياه يومياً حتى في رطوبة منخفضة تبلغ 21 في المائة (MIT)

جهاز يحصد الماء من الهواء دون كهرباء أو شبكة مياه!

ابتكر باحثو «MIT» جهازاً صغيراً يستخلص مياه شرب نقية من الهواء دون الحاجة للكهرباء ما يقدّم حلاً واعداً لأزمة المياه في البيئات الجافة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا مع انتشار السيارات ذاتية القيادة تبرز الحاجة إلى أنظمة قادرة على اتخاذ قرارات أخلاقية في مواقف مصيرية على الطريق (غيتي)

في القيادة الذاتية... من يتحمّل القرار الأخلاقي عند اللحظة الحاسمة؟

مع اقتراب انتشار السيارات الذاتية القيادة، تبرز تساؤلات أخلاقية حول قدرتها على اتخاذ قرارات مصيرية، ومن يتحمّل المسؤولية عند وقوع الحوادث.

نسيم رمضان (لندن)

مليارديرات التكنولوجيا يخوضون رهاناً محفوفاً بالمخاطر بشأن مستقبل البشرية

مليارديرات التكنولوجيا يخوضون رهاناً محفوفاً بالمخاطر بشأن مستقبل البشرية
TT

مليارديرات التكنولوجيا يخوضون رهاناً محفوفاً بالمخاطر بشأن مستقبل البشرية

مليارديرات التكنولوجيا يخوضون رهاناً محفوفاً بالمخاطر بشأن مستقبل البشرية

لطالما أسَرَتْ الرؤى المستقبلية العظيمة عبر التاريخ خيالَ البشرية. لكن قلة من العصور شهدت محاولات حثيثة لتحقيق تلك الرؤى، كما هي الحال الآن... في عصر الهيمنة التكنولوجية لـ«وادي السيليكون».

«رؤى» مليارديرات التكنولوجيا

ويتصدر طليعة هذا الحراك عمالقة التكنولوجيا، أمثال سام ألتمان وجيف بيزوس وإيلون ماسك، الذين تتجاوز طموحاتهم مجرد جمع الثروات... إذ يسعون لإعادة رسم مسار الإنسانية، واعدين بالخلاص عبر جهود الابتكار والتكنولوجيا، ومقدمين أنفسهم على أنهم «مهندسو مستقبل أنصع إشراقاً وأعلى سمواً».

وتدور الخطط الطموحة لهؤلاء الأشخاص حول مواءمة الذكاء الاصطناعي مع مصالح البشرية، وابتكار أنظمة فائقة الذكاء قادرة على حل أعقد المشكلات، بل ودمج وعي الإنسان مع الذكاء الاصطناعي، في مسعى نحو تحقيق حلم الخلود، وفقاً للكاتب بريان ستوفر في مجلة «تكنولوجي ريفيو».

أما خارج كوكب الأرض، فإنهم يحلمون بإنشاء مستعمرة ذاتية الاكتفاء على كوكب آخر، ونشر البشر في مختلف أرجاء الكون. ولا تُطرح هذه الأهداف بوصفها محطات تكنولوجية فقط، بل أيضاً بوصفها خطوات ضرورية لضمان بقاء الإنسانية وازدهارها.

مرتكزات فلسفية

وأصبح القول الشهير للمفكر ألان كاي إن «أفضل طريقة للتنبؤ بالمستقبل ابتكاره»، مبدأً توجيهياً لهؤلاء الرواد، يدفع بهم لاستخدام التكنولوجيا أداة لإعادة تشكيل الواقع.

وقد طرح آدم بيكر، أحد العلماء والكتّاب المختصين بمجال الفيزياء الفلكية، دراسة نقدية بعنوان: «مزيد من كل شيء إلى الأبد: أسياد الذكاء الاصطناعي... إمبراطوريات الفضاء... وحملة (وادي السيليكون) للسيطرة على مصير البشرية». وفي إطار الدراسة، أوضح أن هذه الحركة ترتكز إلى 3 معتقدات أساسية: الإيمان بأن التكنولوجيا قادرة على حل جميع المشكلات، والالتزام الراسخ بفكرة النمو المتواصل، والسعي الحثيث لتجاوز حدود الطبيعة البشرية.

* الإيمان المطلق بالتكنولوجيا: يأتي في قلب هذه الآيديولوجيا اعتقاد راسخ بقدرة التكنولوجيا على إحداث تحولات. ومن وجهة نظر ألتمان وبيزوس وماسك ومعاصريهم، فإن التكنولوجيا ليست مجرد وسيلة، بل هي دواء شامل يعالج حتى أعقد وأخطر التحديات التي تواجه البشرية.

من ناحيته، يرى بيكر أن هذا الإيمان يؤدي في كثير من الأحيان إلى تبسيط مفرط للمشكلات العالمية، وتحويلها إلى ألغاز تكنولوجية، بدلاً من النظر إليها بوصفها مشكلات متعددة الأبعاد تتطلب حلولاً متنوعة.

* الهوس بالنمو: تتمثل ركيزة أخرى لهذه الفلسفة في الالتزام بالنمو الدائم. وتتوافق هذه الفكرة على نحو وثيق مع مبادئ الرأسمالية، حيث يجري النظر إلى التوسع والتراكم بوصفهما ضرورة أخلاقية. وفي إطار «وادي السيليكون»، يجري تصوير النمو بوصفه مهمة أخلاقية تُبرر التوسع المستمر وزيادة النفوذ. إلا إن هذه النظرة، وفق التحليل، قد تقود إلى تدمير البيئة، والتهرب من اللوائح التنفيذية، وإهمال القضايا المعاصرة الملحّة.

* التجاوز والهروب (Transcendence and Escape): ربما يكون الجانب الأكبر إثارة في هذه الآيديولوجيا هو هوسها بالتجاوز، أي الرغبة في التحرر من قيود الجسد، والمكان، وحتى الموت. يتخيل هؤلاء الأثرياء، المعنيون بمجال التكنولوجيا، مستقبلاً لا تخضع فيه البشرية للحدود المادية، حيث يُعد الاندماج مع الذكاء الاصطناعي أو استعمار كواكب أخرى هروباً نهائياً من هشاشة الأرض. ويقارن بيكر هذا الجانب من فلسفتهم بالعقائد الدينية المرتبطة بيوم القيامة، حيث يُوعَد بالخلاص من يتبع المسار المرسوم.

مخاطر كامنة

* عواقب الخلاص التكنولوجي: رغم أن هذه الرؤى قد تبدو مُلهمة، فإن بيكر يحذر من المخاطر الكامنة في فكرة الخلاص عبر التكنولوجيا. ويرى أن هذه الآيديولوجيا تُستخدم لتبرير ممارسات كان من الممكن أن تُقابَل بانتقادات شديدة، مثل الإضرار بالبيئة، والتحايل على القوانين، وازدياد تركّز الثروة والنفوذ. ومن خلال التركيز على مستقبَلات متخيلة، يتمكن رواد التكنولوجيا من صرف الأنظار عن الأزمات الآنية، وصياغة سردية تُصوّر مساعيهم على أنها نبيلة وضرورية.

* تبسيط حلول القضايا المعقدة: من أبرز الانتقادات الموجهة لهذه الآيديولوجية ميلها إلى التبسيط المفرط. وغالباً ما يختزل أصحاب هذه الرؤى مشكلات كبرى، مثل «التغييرات» المناخية، والفجوة الطبقية، واضطراب الأوضاع السياسية، في إطار مسائل الابتكار التكنولوجي، متجاهلين الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لهذه الأزمات... الأمر الذي قد يؤدي إلى حلول مبهرة من الناحية التكنولوجية، لكنها غير ناجعة في معالجة الجذور الحقيقية للمشكلات.

ثمن بيئي باهظ وتمركز للسلطة

* الأثر البيئي: إن الإيمان بالنمو المستمر والسعي إلى تجاوز الطبيعة لا يأتيان من دون ثمن بيئي باهظ؛ سواء من خلال استخراج الموارد الطبيعية لتطوير التكنولوجيا، وتجاهل العواقب البيئية، وطموحات «وادي السيليكون» غالباً ما تتعارض مع متطلبات الاستدامة. ويحذر بيكر بأن هذه الممارسات قد تزيد من تفاقم الأزمات البيئية التي يدّعي هؤلاء أنهم يعملون على حلها.

* تمركز السلطة: تكمن مسألة أخرى مثيرة للقلق في ازدياد تركّز السلطة في أيدي قلة من أثرياء التكنولوجيا، إذ إن تقديم أنفسهم على أنهم منقذون للبشرية يمنحهم نفوذاً على صعيد السياسات العامة والاقتصاد، وحتى السرديات الثقافية. ويرى بيكر أن هذا التمركز يمكن أن يؤدي إلى مزيد من غياب المساواة وانعدام المساءلة، في عالم تُحدّد فيه قلة قليلة مصير الأغلبية.

التحرر من الوهم

رغم أن أحلام «وادي السيليكون» قد تأسر الخيال، فإن بيكر يدعو إلى نظرة أكبر واقعية، ويحث البشرية على إدراك أن هذه الرؤى ما هي في حقيقتها إلا ذريعة مناسبة لإعطاء الأولوية لأحلام المستقبل على الحقائق الحاضرة. ومن خلال تفكيك سردية الخلاص التكنولوجي، يمكن للمجتمع التركيز على مواجهة التحديات المباشرة وتعزيز مسار أفضل إنصافاً واستدامة.

* إعادة ترتيب الأولويات: للخروج من وهم الخلاص المستقبلي، يؤكد بيكر على ضرورة إعادة ترتيب الأولويات، فبدلاً من السعي وراء فردوس بعيد، ينبغي على البشرية أن تواجه الأزمات الحالية، مثل التدهور البيئي، وعدم العدالة الاجتماعية، والاضطراب السياسي. ويتطلب ذلك التزاماً بنهج شامل في حل المشكلات، واستعداداً لمساءلة الوضع القائم.

* مزيد من المساءلة: كما يدعو بيكر إلى تعزيز مساءلة أصحاب القرار في عالم التكنولوجيا. ورغم أن الابتكار له قيمته، فإنه ينبغي ألا يكون على حساب الأخلاقيات، والشفافية، والشمول. ومن خلال محاسبة هؤلاء على أفعالهم وتأثيراتهم، يمكن ضمان أن يكون التقدم في خدمة الجميع؛ لا نخبة محدودة.

* الابتكار في إطار أخلاقي: تشكل آيديولوجيا الخلاص التكنولوجي، كما تجسدها أسماء مثل ألتمان وبيزوس وماسك، وعوداً مثيرة، لكنها تنطوي كذلك على مخاطر كبيرة. وفي الوقت الذي تلهم فيه أحلامُهم بشأن الذكاء الاصطناعي والخلود والاستيطان الكوني البعضَ، فإنها تثير تساؤلات عميقة عن السلطة والمساءلة وأولوية المستقبل على حساب الحاضر.

ويقدّم تحليل بيكر تذكيراً بأن علينا أن نُقبل على الابتكار بحذر، من دون أن نغفل المبادئ الأخلاقية وقيم الاستدامة.