«النملة الانتحارية»... نمل أبيض يفجر نفسه في وجه الأعداء عند تعرض المستعمرة للخطر

تقوم فصيلة من النمل الأبيض بتفجير نفسها في وجه الأعداء في حالة تعرض مستعمرتها للخطر (أرشيفية)
تقوم فصيلة من النمل الأبيض بتفجير نفسها في وجه الأعداء في حالة تعرض مستعمرتها للخطر (أرشيفية)
TT

«النملة الانتحارية»... نمل أبيض يفجر نفسه في وجه الأعداء عند تعرض المستعمرة للخطر

تقوم فصيلة من النمل الأبيض بتفجير نفسها في وجه الأعداء في حالة تعرض مستعمرتها للخطر (أرشيفية)
تقوم فصيلة من النمل الأبيض بتفجير نفسها في وجه الأعداء في حالة تعرض مستعمرتها للخطر (أرشيفية)

توصل فريق بحثي متخصص في علم الحشرات بجمهورية التشيك إلى أن فصيلة من النمل الأبيض تقوم بتفجير نفسها في وجه الأعداء، في حالة تعرض المستعمرة للخطر.

وبحسب «وكالة الأنباء الألمانية»، يندرج النمل الأبيض ضمن فصائل الحشرات التي تتغذى على السليولوز، ويشار إليه باسم النمل الأبيض؛ للتمييز بينه وبين فصائل النمل الأخرى، ويعيش داخل خلايا يبلغ تعدادها عدة ملايين من النمل، في ظل نظام اجتماعي يتشابه مع أنظمة الحياة الخاصة بأنواع النمل الأخرى والنحل.

ويقول الباحثون إن هناك 2750 نوعاً مختلفاً من النمل الأبيض، وينقسم إلى ثلاث فئات أساسية، وهي: النمل الأبيض الجوفي الذي يعيش في أعشاش داخل التربة قرب مصادر الغذاء مثل الأشجار والمنازل، والنمل الأبيض الجاف الذي يعيش داخل جذوع الأشجار الميتة والأرضيات الخشبية الصلبة، وأخيراً النمل الأبيض الرطب الذي يعيش داخل الأخشاب التي تحتوي على نسب مرتفعة من الرطوبة.

ويقول الباحثون من أكاديمية العلوم التشيكية وكلية العلوم الزراعية الاستوائية بجامعة علوم الحياة في براغ، إن النمل الأبيض من فصيلة Neocapritermes taracua يحمل على ظهره حويصلات تحتوي على نوع من الإنزيمات قابل للانفجار إذا ما تم خلطه بمادة أخرى موجودة أيضاً في جسم النملة.

وفي إطار الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية Structure، تبين للباحثين أن النمل العامل الأكبر سناً في المستعمرة يعتمد على آلية دفاعية ليس لها مثيل في عالم الحشرات، حيث يقوم في حالة تعرض المستعمرة لهجوم من حشرات أخرى بالتضحية بنفسه، عن طريق تنشيط تفاعل كيميائي داخل الجسم يؤدي إلى تكون مادة سامة تنفجر في وجه الخصم وتصيبه بالموت أو الشلل.

وتقول الباحثة يانا سكيرلوفا إنه على مدار عمر النملة، يتكون إنزيم يطلق عليه اسم «اللاكاز الأزرق بي بي 76» داخل حويصلات خاصة على ظهرها، وعندما تتعرض المستعمرة للخطر، تقوم النملة الأكبر سناً بشق هذه الحويصلات بنفسها، حيث يختلط الإنزيم بشكل شبه فوري بمادة أخرى مختزنة داخل جسم النملة، وينتج عن ذلك تكون مادة لزجة تحتوي على مركبات عالية السمية من مادة البنزوكينون، حيث تنفجر هذه المادة في وجه أعداء الخلية، وتقضي في الوقت نفسه على النملة ذاتها.

ويرى الباحثون أن احتفاظ هذه الفصيلة من النمل بهذا الإنزيم القابل للانفجار داخل أجسامها في صورة صلبة طوال فترة حياتها يعدّ لغزاً علمياً في حد ذاته.

ونجح علماء الحشرات، من معهد الكيمياء الحيوية والعضوية التابع لأكاديمية العلوم التشيكية، في اكتشاف السر وراء هذه المادة بواسطة التصوير بالأشعة السينية لعلم البلورات.

ووجدت الباحثة يانا سكيرلوفا أن إنزيم اللاكاز الأزرق الذي تحمله النملة يحتوي على نوعين من الأحماض الأمينية، وعندما ينتقل الإنزيم إلى الحالة النشطة، يحدث التحام بين جزيئات الحمضين بواسطة رابطة كيميائية قوية، ويبدأ التفاعل الذي يسفر في النهاية عن الانفجار.

ونقل الموقع الإلكتروني «سايتيك ديلي» المتخصص في الأبحاث العلمية عن الباحثة سكيرلوفا، قولها إن «سبر أغوار الهيكل ثلاثي الأبعاد لإنزيم (اللاكاز الأزرق بي بي 76) كشف عن أن هذا الإنزيم يحتوي على مجموعة من الاستراتيجيات التي تكفل استقراره من الناحية الكيميائية داخل جسم النملة، وهو ما يجعله طويل البقاء، وقابلاً للاستخدام في أي لحظة، وذلك في خضم ظروف الحياة القاسية التي تعيشها النملة في الغابات المطيرة والاستوائية». وبفضل تركيبه الفريد، يظل الإنزيم متماسكاً، بل نشطاً حتى وإن ظل داخل حويصلات في جسم النملة طوال حياتها. وتعدّ هذه الصفة أساسية وتنطوي على أهمية خاصة من أجل تفعيل آلية الدفاع عن مستعمرة النمل، حيث يتعين أن يتم التفاعل بأثر فوري، بمجرد أن تهب النملة العاملة للدفاع عن الخلية.

ويقول الباحثون إن فصيلة Neocapritermes taracua من النمل الأبيض تعيش طوال حياتها وهي تحمل على ظهرها هذه العبوة الناسفة، كما أن النمل العامل الأصغر سناً الذي يمكنه القيام بمهام متعددة من أجل الخلية، يحمل كمية ضئيلة من هذا الإنزيم على ظهره، وتتزايد كمية الإنزيم الذي تحمله كل نملة مع تقدمها في السن وتراجع قدرتها على العمل والكد، بحيث إن تفجير النملة نفسها في وجه أعداء المستعمرة قد يكون الخدمة الأخيرة التي تسديها للمستعمرة قبل أن تفارق الحياة.

وكان فريق بحثي بجزيرة جويانا الفرنسية هو أول من لاحظ قبل عدة سنوات أن هذه الفصيلة من النمل تحمل شحنة متفجرة داخل حويصلات مثل جيوب معطف المطر، وتم نشر ذلك البحث في الدورية العلمية «Science» بالاشتراك مع باحثين من معهد الكيمياء الحيوية والعضوية التشيكي.

وتؤكد الباحثة بافلينا ريزاكوفا، رئيسة المختبر العلمي الذي أجرى الدراسة على الإنزيم المشار إليه، أن «هذا الاكتشاف يمثل نموذجاً مثالياً للدور الفريد الذي يلعبه علم الأحياء الهيكلية، حيث إن فهم كل مادة أو مركب داخل جسم الكائن الحي يسلط الضوء على طريقة عمله أو الوظيفة التي يؤديها، علماً بأن التركيب ثلاثي الأبعاد لكل مادة، والذي يقصد به موقع الذرات داخل المادة، يساعد في فهم العملية البيولوجية بأسرها... وهي في هذه الحالة آلية الدفاع الفريدة للنمل الأبيض».


مقالات ذات صلة

فرار جماعي لقردة من مختبر طبّي في أميركا

يوميات الشرق القردة الهاربة شغَّلت مُطارديها (آدوب ستوك)

فرار جماعي لقردة من مختبر طبّي في أميركا

هربت 43 قرداً من مجمَّع يُستخدم للبحوث الطبّية في ولاية كارولاينا الجنوبية الأميركية، وسط تطمينات بأنْ «لا خطر يُذكر» على العامة.

«الشرق الأوسط» (كارولاينا الجنوبية)
يوميات الشرق علاقة آلمها الفراق (إ.ب.أ)

حلُّ لغز العمر الحقيقي لأكبر تمساح في العالم

لعقود، تولّى حارس الحدائق جورج كريغ، رعاية تمساح طوله 5.5 متر، يُدعى «كاسيوس». وبعد تقاعده، توقّف التمساح عن الأكل، ودخل في حالة «تدهور سريع».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الحب ليس بشرياً فقط (ناشيونال جيوغرافيك)

صداقة غير متوقَّعة بين قندس ورجل تُهوِّن يُتمهما

تغيَّرت حياة بيلي وسوزان ميل إلى الأبد بظهور شبل قندس صغيرة تتضوَّر جوعاً عند عتبة منزلهما في شيتلاند.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جرذ أفريقي ضخم يتعرف على لغم أرضي أثناء التدريب على شم واكتشاف الألغام الأرضية في حقول الألغام بجامعة سوكويني في موروجورو بتنزانيا في 16 سبتمبر 2004 (رويترز)

دراسة: الفئران الأفريقية يمكن استخدامها في مكافحة تهريب الحيوانات

قال علماء إن الفئران الجرابية الأفريقية المعروفة بحاسة الشم الاستثنائية قادرة على رصد الحيوانات المهربة والتجارة غير القانونية في النباتات.

«الشرق الأوسط» (كيب تاون)
يوميات الشرق شكَّل رمزاً للأمل (مواقع التواصل)

القطّ الأكثر بدانة في العالم... وداعاً

«هذه خسارة كبيرة»... هكذا نعى القائم على رعاية القطّ «كرامبس»، المصنّف الأكثر بدانة في العالم، الذي جاء نفوقه بعد أسابيع من مشاركته في معسكر لإنقاص الوزن للقطط.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أكبر الأقمار الاصطناعية التجارية لبث الإنترنت من مدار أرضي منخفض

أكبر الأقمار الاصطناعية التجارية لبث الإنترنت من مدار أرضي منخفض
TT

أكبر الأقمار الاصطناعية التجارية لبث الإنترنت من مدار أرضي منخفض

أكبر الأقمار الاصطناعية التجارية لبث الإنترنت من مدار أرضي منخفض

أطلقت شركة «إيه إس تي سبَيْس موبايل» التي تتخذ من تكساس مقراً لها أول خمسة أقمار اصطناعية من طراز «ببليو بيرد» (Blue Bird)، وهي جزء من شبكة تضم ما يصل إلى 168 مجموعة مصممة لبث الإنترنت إلى الهواتف المحمولة للمستهلكين على مستوى العالم.

ويوفر كل قمر اصطناعي أكبر مجموعة اتصالات تجارية تم نشرها على الإطلاق في مدار أرضي منخفض، إذ تغطي مساحة 64 متراً مربعاً.

وقال آبل أفيلان، مؤسس الشركة والرئيس التنفيذي لها، في بيان: «إن نشر أول خمسة أقمار اصطناعية تجارية من طراز (بليو بيرد) يمثل مجرد بداية لرحلتنا».

وفي سبتمبر (ايلول) 2022، كشف نموذج أولي لقمر اصطناعي للشركة عن مجموعته العملاقة، متفوقاً في سطوعه على معظم الأجسام في السماء باستثناء القمر والزهرة والمشتري وسبعة من ألمع النجوم.

ووفقاً للجنة الاتصالات الفيدرالية الأميركية (FCC)، زاد عدد الأقمار الاصطناعية الكبيرة خمسة أضعاف على مدار السنوات الـ12 الماضية.

تجدر الإشارة إلى أن شركة «سبيس إكس» تعمل أيضاً على بناء كوكبة من الأقمار الاصطناعية، إذ يوجد أكثر من 6000 قمر اصطناعي من «ستارلينك» حالياً في مدار أرضي منخفض.

كان روبرت ماكميلان، أستاذ علم الفلك ومؤسس مشروع «سبيس ووتش» في جامعة أريزونا، حذر في رسالة له إلى لجنة الاتصالات الفيدرالية من أن «الأقمار الاصطناعية، حتى تلك غير المرئية للعين المجردة، يمكن أن تعوق الرصد الفلكي».

عاجل «إف.بي.آي» يحبط خطة إيرانية لاستئجار قاتل لاغتيال ترمب (أسوشييتد برس)