هل يحل الذكاء الاصطناعي محل المدرسين؟

حلول التعليم التكنولوجية أثبتت فشلها في السابق

الحلول التكنولوجية في التعليم لا تزال قاصرة
الحلول التكنولوجية في التعليم لا تزال قاصرة
TT
20

هل يحل الذكاء الاصطناعي محل المدرسين؟

الحلول التكنولوجية في التعليم لا تزال قاصرة
الحلول التكنولوجية في التعليم لا تزال قاصرة

تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في التعليم ليست دخيلة عليه لأنها موجودة فيه فعلاً... والسؤال هو: ما مدى فاعليتها؟

نظم لتدريس 8 مليارات إنسان

كتبت الدكتورة أنيت في Annette Vee(*) أن التاريخ يُظهِر أن الحلول التكنولوجية في التعليم غالباً ما تفشل. في حين يتصور أندريه كارباثي، المؤسس المشارك لشركة «أوبن إيه آي OpenAI»، عالَماً يمكن فيه تحويل نظم الذكاء الاصطناعي إلى خبراء في الموضوع، أي مثل البشر: «عاطفيين للغاية، ورائعين في التدريس، وصابرين صبراً لا حدود له، ويتمتعون بطلاقة في جميع لغات العالم»... ومن خلال هذه الرؤية، ستكون الروبوتات متاحة «لتدريس 8 مليارات منا شخصياً عند الطلب».

مدرس «خانأميغو» الذكي
مدرس «خانأميغو» الذكي

ويظهر تجسيد هذه الفكرة في مشروعه الأخير «يوريكا لابز Eureka Labs»، وهو مجرد أحدث مثال بارز لكيفية سعي رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لإحداث ثورة في التعليم.

ويعتقد كارباثي أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل تحدياً طويل الأمد: ندرة المعلمين الجيدين الذين هم أيضاً خبراء في الموضوع.

وهو ليس وحده في هذه التصورات، إذ يحلم سام ألتمان الرئيس التنفيذي للشركة، وكذلك سال خان الرئيس التنفيذي لأكاديمية خان، ومارك أندريسن رجل الأعمال، وستيوارت راسل عالم الكومبيوتر بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، بأن تصبح الروبوتات معلمين حسب الطلب ومستشارين إرشاديين وربما حتى بدائل للمعلمين البشر.

حلول التعليم التكنولوجية فاشلة

بصفتي باحثة تركز على الذكاء الاصطناعي وتقنيات الكتابة الجديدة الأخرى، فقد رأيت العديد من حالات «الحلول» عالية التقنية لمشكلات التدريس التي فشلت.

من المؤكد أن الذكاء الاصطناعي قد يعزز جوانب التعليم، لكن التاريخ يُظهر أن الروبوتات ربما لن تكون بديلاً فعالاً للبشر. وذلك لأن الطلاب أظهروا منذ فترة طويلة مقاومة للآلات، مهما كانت متطورة، وتفضيلاً طبيعياً للتواصل مع البشر الآخرين والاستلهام منهم.

تحديات تعليم الكتابة للجمهور

بصفتي مديرة برنامج التأليف الإنجليزي في جامعة بيتسبرغ، أُشرفُ على تعليم نحو 7000 طالب سنوياً. لقد عانت برامج مثل برنامجي لفترة طويلة من كيفية تدريس الكتابة بكفاءة وفاعلية لعدد كبير من الناس في وقت واحد. وأفضل إجابة حتى الآن هي الحد من أحجام الفصول الدراسية إلى ما لا يزيد على 15 طالباً.

تُظهر الأبحاث أن الطلاب يتعلمون الكتابة بشكل أفضل في الفصول الأصغر حجماً لأنهم يستطيعون المشاركة. ومع ذلك، تتطلب الفصول الصغيرة المزيد من المعلمين، وقد يكون ذلك مكلفاً للمدارس والكليات.

إحياء العلماء الراحلين

والآن دخل الذكاء الاصطناعي. تخيل، كما يفترض كارباثي، أن الفيزيائي النظري العظيم ريتشارد فاينمان، الذي توفي منذ أكثر من 35 عاماً، يمكن إعادته إلى الحياة كروبوت لتعليم الطلاب.

بالنسبة لكارباثي، فإن تجربة التعلم المثالية ستكون العمل من خلال مادة الفيزياء «جنباً إلى جنب مع فاينمان، الذي هو هناك لتوجيهك في كل خطوة على الطريق». يمكن لفاينمان، المشهور بطريقته السهلة في تقديم مواضيع الفيزياء النظرية، أن يعمل مع عدد غير محدود من الطلاب في نفس الوقت.

وفي هذه الرؤية، يظل المدرسون البشريون هم الذين يصممون مواد الدورة، لكنهم مدعومون بمساعد تدريس الذكاء الاصطناعي. وكتب كارباثي أن فريق المدرسين والذكاء الاصطناعي «يمكنه تشغيل منهج دراسي كامل على منصة مشتركة... إذا نجحنا، فسيكون من السهل على أي شخص أن يتعلم أي شيء»، سواء كان ذلك عدداً كبيراً من الأشخاص يتعلمون عن موضوع واحد، أو شخصاً واحداً يتعلم عن العديد من الموضوعات.

جهود تخصيص التعلّم الأخرى قاصرة

- «معلم آلي» و«آلات التدريس». إن تقنيات التعلّم الشخصي ليست جديدة. قبل 100 عام بالضبط، في اجتماع الجمعية الأمريكية لعلم النفس عام 1924، كشف المخترع سيدني بريسي عن «معلم آلي automatic teacher» مصنوع من أجزاء آلة كاتبة تطرح أسئلة متعددة الخيارات.

وفي الخمسينات من القرن الماضي، صمم عالم النفس ب. ف. سكينر «آلات التدريس teaching machines»؛ إذا أجاب الطالب على سؤال بشكل صحيح، تتقدم الآلة لتسأل عن الخطوة التالية لحل المسائل. إذا لم يقدم الطالب الإجابة الصحيحة فإنه يبقى في تلك الخطوة من المسالة حتى يحلها.

في كلتا الحالتين، تلقى الطلاب تحبيذاً للإجابات الصحيحة، مما منحهم الثقة بالإضافة إلى اكتسابهم المهارات في الموضوع.

إلا أن المشكلة كانت هي أن الطلاب لم يتعلموا الكثير -ووجدوا هذه الأساليب غير البشرية مملة، كما وثّقت الكاتبة التربوية أودري واترز، في كتابها «آلات التدريس».

- دورات التعليم الإنترنتية. وفي الآونة الأخيرة، شهد عالم التعليم صعود وهبوط «الدورات التدريبية المفتوحة الضخمة عبر الإنترنت massive open online courses». وقد أشادت صحيفة «نيويورك تايمز» وغيرها بهذه الفصول الدراسية، التي قدمت مقاطع فيديو واختبارات، لكونها واعدة بإضفاء الطابع الديمقراطي على التعليم.

مرة أخرى، فقد الطلاب الاهتمام بها وفضلوا الخروج منها.

ثم بُذلت جهود أخرى لمنصات قائمة على الويب، بما في ذلك منصات الدورات التدريبية مثل Coursera و Outlier. لكن نفس المشكلة لا تزال قائمة: لا يوجد تفاعل حقيقي لإبقاء الطلاب منخرطين. وكانت إحدى أحدث الضحايا في التعلم عبر الإنترنت هي شركة 2U، التي استحوذت على شركة edX الرائدة في مجال الدورات التدريبية المفتوحة الضخمة عبر الإنترنت في عام 2021، إذ تقدمت في يوليو (تموز) 2024 بطلب إعادة هيكلة إفلاس لتقليل عبء ديونها البالغة 945 مليون دولار أمريكي. وكان الجاني: انخفاض الطلب على الخدمات.

والآن تأتي المنصات المنشرة العاملة بالذكاء الاصطناعي. ولكن إلى أي حد ستكون فعالة؟ إذ يستخدم «خانأميغو Khanmigo» مدرس الذكاء الاصطناعي، كما كتب سال خان في كتابه الأخير، لـ«تخصيص التدريب، بالإضافة إلى التكيف مع احتياجات الفرد في أثناء التدريب».

عيوب التعلم بالذكاء الاصطناعي

يعتقد بعض قادة التكنولوجيا أن النظم الذكية الجديدة يمكنها تخصيص التدريس واستبدال المدرسين البشريين، ولكن من المرجح أن تواجه النظم نفس المشكلة التي واجهتها مثيلاتها في المحاولات السابقة: قد لا يحب الطلاب ذلك. وهناك أسباب مهمة لذلك أيضاً.

- فقدان الطلاب الإلهام والحماسة. من غير المرجح أن يشعر الطلاب بالإلهام والحماس بالطريقة التي يمكن أن يشعروا بها من خلال التعامل مع مدرس مباشر.

غالباً ما يلجأ الطلاب في الأزمات إلى الأشخاص البالغين الموثوق بهم مثل المعلمين والمدربين للمساعدة. هل سيفعلون الشيء نفسه مع الروبوت؟ وماذا سيفعل الروبوت إذا فعلوا ذلك؟ لا نعرف بعد.

- الافتقار إلى خصوصية البيانات والأمان

يمكن أن يكون رادعاً أيضاً؛ إذ تجمع هذه المنصات كميات هائلة من المعلومات حول الطلاب وأدائهم الأكاديمي والتي يمكن إساءة استخدامها أو بيعها.

وقد تحاول التشريعات منع ذلك، ولكنّ مقرات بعض المنصات الشعبية في الصين بعيدة عن متناول القانون الأميركي.

- فقدان الأصالة والتنوع

أخيراً، هناك مخاوف حتى لو أصبح المعلمون والمعلمون بالذكاء الاصطناعي مشهورين. إذا قام الروبوت بتعليم ملايين الطلاب في وقت واحد، فقد نفقد تنوع الفكر.

من أين يأتي الإبداع عندما يتلقى الجميع نفس التعاليم؟ خصوصاً إذا كان «النجاح الأكاديمي» يعتمد على تكرار ما يقوله مدرس الذكاء الاصطناعي؟ إن فكرة وجود مدرس ذكاء اصطناعي في كل جيب تبدو مثيرة. أود أن أتعلم الفيزياء من ريتشارد فاينمان، أو الكتابة من مايكل أنغلو، أو علم الفلك من كارل ساجان. لكنَّ التاريخ يُذكّرنا بأن نكون حذرين ونراقب عن كثب ما إذا كان الطلاب يتعلمون بالفعل. إن وعود التعلم الشخصي لا تضمن نتائج إيجابية.

(*) بروفسورة في الإنجليزية بجامعة بيتسبرغ الأميركية، مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

الطلاب أظهروا منذ فترة طويلة مقاومة للآلات مهما كانت متطورة وتفضيلاً طبيعياً للتواصل مع البشر الآخرين والاستلهام منهم

البروفسورة أنيت في

حقائق

8 مليارات

من الروبوتات ستكون متاحة لـ«التدريس شخصياً عند الطلب»... أندريه كارباثي المؤسس المشارك لشركة «أوبن إيه آي»


مقالات ذات صلة

خبراء يحذِّرون: الذكاء الاصطناعي يجعل البشر أغبياء

تكنولوجيا صورة تعبيرية عن الذكاء الاصطناعي (أرشيفية- رويترز)

خبراء يحذِّرون: الذكاء الاصطناعي يجعل البشر أغبياء

حذَّرت مجموعة من الخبراء في دراسة جديدة من أن الذكاء الاصطناعي قد يجعل البشر أغبياء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار «ديب سيك» على أحد الهواتف الجوالة (رويترز)

«ديب سيك» يعود إلى أسواق التطبيقات في كوريا الجنوبية

عاد تطبيق «ديب سيك»، خدمة الذكاء الاصطناعي الصينية، إلى أسواق التطبيقات في كوريا الجنوبية يوم الاثنين، وتلك أول مرة منذ نحو شهرين.

«الشرق الأوسط» (سيول)
تكنولوجيا شعار شركة هواوي الصينية (رويترز)

«هواوي» تطور شريحة ذكاء اصطناعي جديدة لمنافسة «إنفيديا»

يبدو أن الصين قررت أن تنافس الولايات المتحدة بقوة في مجال شرائح الذكاء الاصطناعي الذي تتفوق فيه الشركات الأميركية حتى الآن.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رئيس الهيئة العامة للإحصاء فهد الدوسري (الشرق الأوسط)

«المنتدى السعودي للإحصاء» يطرح تجارب عالمية لتعزيز التكامل بين المعرفة والاحتياج المحلي

أكد رئيس الهيئة العامة للإحصاء، فهد الدوسري، أن المنتدى السعودي الأول للإحصاء يمثل منصة وطنية تُعنى بتطوير منظومة العمل الإحصائي ودعم السياسات العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
آسيا الرئيس الصيني شي جينبينغ (د.ب.أ)

الرئيس الصيني: علينا تجاوز تحديات تطوير الذكاء الاصطناعي

أكّد الرئيس الصيني شي جينبينغ أن على بلاده أن تتجاوز تحديات تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي الأساسية، بما في ذلك صنع الرقائق المتطورة.

«الشرق الأوسط» (بكين)

الصين تصمم طائرة «صامتة» أسرع من الصوت

الصين تصمم طائرة «صامتة» أسرع من الصوت
TT
20

الصين تصمم طائرة «صامتة» أسرع من الصوت

الصين تصمم طائرة «صامتة» أسرع من الصوت

تدرك بكين أنه يتعين عليها الهيمنة على مجال الطيران التجاري ـ والطائرات الأسرع من الصوت المفتاح لتحقيق ذلك.

مشروعات صينية مستقبلية

وقد كشفت شركة «كوماك» الصينية العملاقة العاملة بمجال الطيران، خططها للطائرة «سي 949»، التي تفوق في سرعتها سرعة الصوت، ومصممة لتحلق لمسافة أبعد من الطائرة «كونكورد» بنسبة 50 في المائة، بينما تصدر دوياً صوتياً أقل صخباً عن صوت مجفف الشعر.

ومن المقرر إطلاق هذه الطائرة للمرة الأولى عام 2049، بالتزامن مع الذكرى المئوية لقيام جمهورية الصين الشعبية - مما يضع بكين في موقع يُمكّنها من منافسة مشروعات الطائرات الأسرع من الصوت الأميركية، مثل طائرة «ناسا إكس ـ 59» و«أوفرتشر» من شركة «بوم سوبرسونيك»، في خضم سباق لإعادة رسم ملامح مجال السفر الجوي العالمي.

في هذا الصدد، شرح بليك شول، الرئيس التنفيذي ومؤسس «بوم سوبرسونيك» أن: «أهم ما بالأمر أنه يكشف أن مجال الطيران الأسرع من الصوت تحول إلى سباق قائم بالفعل، وأن الصين مهتمةٌ به. وترمز الطائرات المتقدمة إلى التفوق التكنولوجي، وليس من قبيل الصدفة أن تسعى الصين إلى الفوز بهذا التاج».

وفي إطار ورقة علمية نشرت الشهر الماضي في دورية «Acta Aeronautica Sinica»، التي تخضع لمراجعة النظراء، طرح مهندسون من «كوماك» تفاصيل طائرة بسرعة 1.6 ماخ، قادرة على الطيران لمسافة 4225 ميلاً، مما يتجاوز المسافة التي تقطعها الطائرة «كونكورد» البالغة 2796 ميلاً.

تصميم ديناميكي فريد

ويكمن السر في تصميمها في بدن الطائرة ذي «الانحناء المعكوس». في علم الديناميكا الهوائية، يشير هذا المصطلح إلى شكل منحنى غير تقليدي في جسم الطائرة أو الأجنحة، وجرى عكس الشكل التقليدي لجناح الطائرة (الذي عادةً ما ينحني للأسفل من الأمام إلى الخلف).

وفيما يخص طائرة «سي 949»، من شركة «كوماك»، يصف هذا المصطلح بشكل محدد الجزء الأوسط المقعر من جسم الطائرة ـ أي المنحني إلى الداخل بدلاً من الخارج. وأفادت الشركة بأن هذا الانحناء يُضعف من شدة الموجات الصدمية. ويتكامل هذا الشكل الفريد مع مقدمة طويلة حادة تُقسم موجات الضغط، بالإضافة إلى انتفاخات ديناميكية هوائية قريبة من المحركات، لتقليل الاضطرابات الناتجة عن خروج العادم. واللافت أن الطائرة لا تحتوي على قمرة قيادة تقليدية.

التشابه مع «إكس ـ 59»

وإذا بدا لك شكلها الطويل المشابه للسهم مألوفاً، فربما شاهدت طائرة «ناسا إكس ـ 59»، التي تتسم بتصميم مشابه للغاية. وبحسب دراسة بحثية نقلتها صحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست»، أجرى الفريق بقيادة كبير خبراء الديناميكا الهوائية لدى شركة «كوماك»، وو داوي، بإجراء محاكاة أظهرت أن خصائص «سي 949» الديناميكية ستخفض ضوضاء الانفجار الصوتي إلى 83.9 وحدة ديسيبل (وحدة تقيس الصوت المدرك)، ما يعادل صوت مجفف شعر. وتمثل هذه النسبة 5 في المائة فقط من ضجيج الـ105 ديسيبل، الذي تُحدثه طائرة الكونكورد. أما طائرة «ناسا»، فسجلت 75 ديسيبل، ما يقارب صوت غسالة أطباق ـ مما يعني أن «سي 949» أعلى صوتاً قليلاً. من جهتها، تأمل «كوماك»، كما تأمل «ناسا»، في أن يُسهم تقليل الضوضاء في رفع الحظر المفروض على الطيران فوق الصوتي فوق اليابسة منذ عام 1971. وأعلنت الشركة أن ضجيج الإقلاع، سيكون ضمن الحدود الدولية المسموح بها للمطارات القريبة من المدن. وتسعى الشركة الحكومية لأن تصبح منافساً عالمياً لـ«بوينغ» و«إيرباص»، وهي تدرك أن النجاح التجاري يعتمد على ذلك.

نظم ذكاء اصطناعي

وعلى غرار «إكس 59»، تتميز «سي 949» بأنف طويل للغاية وهياكل معدلة لتفتيت الموجات الصدمية، لكنها تضيف أنظمة ذكاء اصطناعي لا تتوفر في طائرة «ناسا». وتُشير الدراسة إلى أن نظام التحكم بالطيران المدعوم بالذكاء الاصطناعي (fly-by-wire) يتولى ضبط الأسطح الهوائية للطائرة 100 مرة في الثانية، لمواجهة عدم الاستقرار الناتج عن السرعة العالية.

وتعتمد «سي 949» على محركين نفاثين من نوع الدورة التكيفية أي المحركات النفاثة التي توفر الدفع، وبإمكانهما التبديل بين وضعين: أحدهما اقتصادي في استهلاك الوقود، عند ارتفاع 52 ألف قدم بسرعة 1.7 ماخ، والآخر عند الارتفاعات المنخفضة بسرعة 1.6 ماخ ضمن نمط «الضجيج المنخفض».

ومثل «إكس ـ 59»، يبلغ طول أنف الطائرة 30 متراً ـ ما يقارب نصف طول الطائرة ـ لتوزيع وتشتيت الموجات الصدمية، بينما يوجد محركها فوق هيكل الطائرة لتوجيه الصوت نحو الأعلى.

من جهته، قال مدير برنامج «إكس ـ 59» لدى شركة «لوكهيد»، ديف ريتشاردسون: «يتعلق الأمر برمته بالهندسة الدقيقة، وليس التكنولوجيا الخارقة. إنها طريقة مدروسة لتحويل صوت الانفجار إلى خفقة مكتومة».

وتأمل «لوكهيد» في أن يثمر تصميمها عن طائرة تجارية تحمل 44 راكباً، بطول 61 متراً. وفي هذا الصدد، أقر ريتشاردسون بوجود عقبات بالطريق، موضحاً أن «توسيع (إكس ـ 59) يتطلب محركات يمكنها التحليق بسرعة 1.8 ماخ، دون الحاجة إلى حراقات لاحقة ـ مهمة صعبة، لكنها ليست مستحيلة».

وسيتعين على المهندسين الصينيين كذلك تطوير محركات جديدة، مثلما تفعل شركة «بوم سوبرسونيك».

من جهتها، تستخدم طائرة «كويست»، التابعة لـ«ناسا» نظام قمرة قيادة افتراضي، عبر عرض كاميرات عالية الدقة الرؤية الأمامية على شاشات داخلية، بدلاً من النوافذ الزجاجية التقليدية التي يرى منها الطيار، وهو ما يُلغي أي بروز قد يضخم صوت الانفجار. وفي الوقت الذي لم تُصرّح «كوماك» بعد إذا ما كانت «سي 949» ستستخدم هذا النوع من القمرة، فإنه يبدو الخيار الوحيد الممكن بالنظر إلى التصميم. ومن المقرر أن تعتمد طائرة «أوفرتشر»، من «بوم سوبرسونيك» الأسلوب ذاته، مثلما فعلت مع نموذجها الأولي «بوم سوبرسونيك إكس بي ـ 1»، الذي استخدمه شول والفريق المعاون له في اختبار «أوفرتشر»، وفكرتهم حول الطيران الأسرع من الصوت دون دوي. وتحرص «أوفرتشر» على تجنب هذه الأشكال الديناميكية الهوائية المتطرفة، وتعتمد في سبيل ذلك على ظاهرة جوية تُعرف بقطع ماخ (Mach Cutoff). على ارتفاع 18 ألف متر، يعتمد أسلوب «التحليق دون دوي» على درجات الحرارة واتجاهات الرياح لدفع الموجات الصدمية للانحناء نحو الأعلى، ما يمنعها من الوصول إلى الأرض. ومع أن الصوت يحدث، فإنه لا يصل حتى مستوى «خفقة باهتة»، كما في «سي 949» أو «أطس ـ 59». واستعرضت الشركة ذلك بالفعل عبر رحلتين فوق صوتيتين، فوق صحراء موهافي في كاليفورنيا، قبل شهور قلائل. عن ذلك، أكد شول أن الأمر: «ليس سحراً، بل حسابات رياضية فحسب»، ويسعى شول إلى تقديم رحلات بسرعة 1.7 ماخ بأسعار مماثلة لدرجة رجال الأعمال بحلول عام 2029. وأضاف: «لا نحتاج إلى مواد جديدة، بل إلى هندسة أذكى».

* مجلة «فاست كومباني»

ـ خدمات «تريبيون ميديا»