تباين طبيعي جيني يؤثر على نجاح دواء لعلاج الآلام المزمنة لدى النساء

التحليل الجينومي يتنبأ بمدى الاستجابة لمفعوله

تباين طبيعي جيني يؤثر على نجاح دواء لعلاج الآلام المزمنة لدى النساء
TT

تباين طبيعي جيني يؤثر على نجاح دواء لعلاج الآلام المزمنة لدى النساء

تباين طبيعي جيني يؤثر على نجاح دواء لعلاج الآلام المزمنة لدى النساء

أظهرت الأبحاث التي أجرتها جامعة إدنبرة في المملكة المتحدة أن النساء اللاتي يعانين من آلام الحوض المزمنة واللاتي يحملن أيضاً متغيراً وراثياً في جين «نيوريجولين 3 (NRG3)» هن أكثر عرضة للاستجابة للعلاج باستخدام دواء «غابابنتين».

ويعاني ما يصل إلى 26 في المائة من النساء ما بعد الولادة من آلام مزمنة في الحوض، على الرغم من أنه يتم تشخيصها أحياناً على أنها أحد أعراض حالات مثل التهاب بطانة الرحم من خلال إجراءات التحقيق مثل تنظير البطن. ولكن وفي نحو 55 في المائة من الحالات يظل سبب الألم غير معروف.

الاستجابة للدواء

اختبرت الدراسة الحالية التي نُشرت في مجلة «آي ساينس (iScience)» في 15 يوليو (تموز) 2024، 71 امرأة لتقييم سبب استجابة البعض للدواء وعدم استجابة البعض الآخر. واستجابت 29 أمراه للدواء ولم تشهد 42 منهن أي تحسن.

وكشف التحليل الجينومي عن أن متغيراً وراثياً محدداً موجوداً في منطقة غير مشفرة في الجين نيوريجولين 3 NRG3 (rs4442490) تنبأ بشكل كبير باستجابة «غابابنتين (gabapentin)» للألم.

وقال المؤلف الأول سكوت ماكنزي الباحث في مركز الصحة الإنجابية بجامعة إدنبرة في الدراسة إن العامل الوراثي الذي يمكنه التنبؤ بمدى نجاح «غابابنتين» في المرضى يوفر احتمالية علاج مخصص لكل امرأة، ويوفر رؤى لا تقدر بثمن لفهم الألم المزمن، حيث يمكن استخدام العلامة الجينية لتحسين قرارات العلاج الشخصية وتقليل الآثار الضارة للنساء اللاتي يعانين من آلام الحوض.

عقار «غابابنتين»

ووغالباً ما يتم وصف عقار «غابابنتين» للنساء اللاتي يعانين من آلام الحوض المزمنة وهو دواء مضاد للاختلاج ومسكن للألم العصبي، حيث أظهرت تجربة اختبرت فاعليتها لدى النساء المصابات بهذه الحالة نُشرت في 26 سبتمبر (أيلول) 2020 في مجلة «لانسيت (The Lancet)» برئاسة البروفسور أندرو هورن وحدة علم الوراثة البشرية ومركز الصحة الإنجابية بمعهد كوينز للأبحاث الطبية جامعة إدنبرة بالمملكة المتحدة، عدم وجود فوائد كبيرة له مقابل العلاج الوهمي بشكل عام. ومع ذلك أظهر تحليل إضافي للبيانات أن نحو 40 في المائة من النساء اللاتي تناولن غابابنتين استفدن من العلاج في الحالات المزمنة.

وظيفة المتغير الجيني

وبحث المشاركون في الدراسة الجديدة عن معلومات حول وظيفة متغير rs4442490 في عينة كبيرة من البنك الحيوي في المملكة المتحدة بما في ذلك البيانات الجينية وبيانات تصوير الدماغ، وأظهروا أن هناك اختلافات في سمات الدماغ لدى أولئك الذين لديهم هذا المتغير، ما يشير إلى أنه قد يكون لديهم اختلاف عصبي يفسر سبب كون «غابابنتين» أكثر فاعلية بالنسبة لهم من عامة السكان. فقد ثبتت العديد من المجموعات أن المتغيرات الجينية في جين «نيوريجولين 3» متورطة في مجموعة من الاضطرابات العصبية والنفسية بما في ذلك تأخر النمو والضعف الإدراكي والعجز الانتباهي والاضطرابات الذهانية مثل الفصام. بالإضافة إلى ذلك تظهر الأدلة الحديثة أن المتغيرات الجينية الشائعة تربط بين الأنماط الظاهرية للألم المزمن من جهة وبين العديد من السمات التي يقدمها التصوير العصبي.

دور الجين في الأمراض التنكسية العصبية

وكانت مقالة سابقة نشرت في مجلة Frontiers in Aging Neuroscience في 9 أبريل (نيسان) 2021 برئاسة غوان يونغ أوي من مركز علم الأعصاب بكلية الطب بجامعة شانتو في الصين وزملائه، قد لخصت الأبحاث حول التغيرات وأدوار النيوريجولينات في الأمراض التنكسية العصبية.

وتتميز الأمراض التنكسية العصبية بما في ذلك مرض ألزهايمر ومرض باركنسون والتصلب الجانبي الضموري عادةً بفقدان الخلايا العصبية التدريجي والاختلالات العصبية في الجهاز العصبي، ما يؤثر على كل من الذاكرة والوظائف الحركية.

وتلعب النيوريجولينات دوراً مهماً في تطوير وصيانة وإصلاح كل من الجهاز العصبي المركزي والجهاز العصبي المحيطي من خلال مسار إشارات معينة كما أنها تنظم نقل الإشارات بين الخلايا المتعددة وتشارك في مجموعة واسعة من العمليات البيولوجية مثل التمايز والهجرة وتكوين «الميالين (myelin)» وهي مادة غنية بالدهون تحيط بمحاور الخلايا العصبية أي الأسلاك الكهربائية للجهاز العصبي لعزلها وزيادة معدل مرور النبضات الكهربائية على طول المحور العصبي.

وهنا نجد دعمًا للتأثير البيولوجي العصبي لـ«النيوريجولين 3 ـ NRG3» في سياق فاعلية عقار «غابابنتين» في علاج آلام الحوض المزمنة، حيث إن التكرار الناجح أو التحقق من الصحة سيوفر دليلاً أقوى لدعم المشاركة البيولوجية لهذا الجين ويمهد الطريق للفائدة المحتملة للتنميط الجيني SNP genotyping وهو اختبار قائم على التنبؤ بالاستجابة الدوائية وتقسيم الأفراد إلى طبقات، يحتمل أن تستفيد من العلاج بعقار «غابابنتين».

حقائق

26 في المائة

من النساء تقريباً يعانين من آلام مزمنة في الحوض بعد الولادة


مقالات ذات صلة

نقل الجينات لعلاج اضطراب «الثلاسيميا ألفا»

علوم نقل الجينات لعلاج اضطراب «الثلاسيميا ألفا»

نقل الجينات لعلاج اضطراب «الثلاسيميا ألفا»

طوّر الباحثون نموذجاً مبتكراً يبشر بتطوير علاجات جديدة لعلاج ثلاسيميا «ألفا»، وهو اضطراب دموي حاد يؤثر على آلاف الأطفال سنوياً.

د. وفا جاسم الرجب (نموذج مبتكر يبشّر بتطوير علاجات جديدة)
علوم الإجراء يهدف لمنع الأم من نقل الجينات المعيبة في الميتوكوندريا لطفلها (رويترز)

دراسة وراثية تشير إلى الأوكسيتوسين بوصفه علاجاً محتملاً للسمنة واكتئاب ما بعد الولادة

حددت دراسة حديثة جيناً معيناً بعدّه عاملاً حاسماً في تطور السمنة والمشكلات السلوكية واكتئاب ما بعد الولادة لدى الأمهات. 

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
صحتك سيدة عجوز (رويترز)

طفرة جينية نادرة تساعد على مقاومة ألزهايمر

قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إن امرأة كولومبية ساعدت في التوصل إلى طفرة جينية نادرة تساعد على مقاومة مرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك فقر الدم المنجلي... علاج جيني واعد وأبحاث على أدوية مطورة

فقر الدم المنجلي... علاج جيني واعد وأبحاث على أدوية مطورة

يوم التاسع عشر من شهر يونيو (حزيران) من كل عام، هو «اليوم العالمي لفقر الدم المنجلي» ويتم الاحتفال به سنوياً بهدف زيادة الوعي به

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
علوم جين بشري فريد يعزز وظيفة المناعة لدى غالبية البشر

جين بشري فريد يعزز وظيفة المناعة لدى غالبية البشر

يعزز السمات الوقائية

د. وفا جاسم الرجب (لندن)

مشاريع صينية مذهلة للمكاتب التكنولوجية

أحد تصاميم شركة «تنسينت» الصينية
أحد تصاميم شركة «تنسينت» الصينية
TT

مشاريع صينية مذهلة للمكاتب التكنولوجية

أحد تصاميم شركة «تنسينت» الصينية
أحد تصاميم شركة «تنسينت» الصينية

على مدار الربع الأخير من القرن، أصبحت مكاتب شركات التكنولوجيا نوعاً فرعياً خاصاً به من الهندسة المعمارية.

مكاتب التكنولوجيا

إن هذه المكاتب أو المقار هي من نوع المباني التي تتجنب المعايير الصارمة للمكاتب التقليدية، وذلك من خلال إظهار الغطرسة أو الثروة المفرطة. إذ تتوفر فيها الألوان الزاهية، وإعدادات عمل مرحة، ومناطق اجتماعية وفيرة، إضافة إلى وفرة من الأنشطة اللامنهجية التي تتراوح من غرف الألعاب إلى دور السينما إلى الحانات.

ومن فقاعة «دوت كوم» (عندما تهاوت أسعار الأسهم التكنولوجية) في أواخر التسعينات إلى صعود «غوغل» و«فيسبوك»، تحول المكتب التكنولوجي بشكل مطرد إلى مظاهر لنوع جديد من فلسفة الرأسمالية الحرة المتمثلة إما في الفشل السريع من جهة وإما في التوسع والازدهار من جهة أخرى... مع جعل كل شيء يبدو ممتعاً.

ملامح آسيوية جدية وإنسانية

لقد أنتج وادي السيليكون نموذج مكتب التكنولوجيا هذا. ولكن وفقاً للمهندس المعماري أولي شيرين Ole Scheeren، فإن مستقبل مساحات العمل التكنولوجية تُعاد كتابته الآن على الجانب الآخر من العالم.

وتضفي شركات التكنولوجيا الآسيوية وجهاً أكثر جدية وإنسانية على مساحات العمل الخاصة بشركات التكنولوجيا العملاقة الناشئة، وفقاً لشيرين. فقد شهد العقدان الماضيان تصميم مشاريع واسعة النطاق ومذهلة في جميع أنحاء آسيا.

مشاريع معمارية مذهلة

وأبرز المشاريع برج CCTV الملتوي في بكين في عام 2012، الذي شارك أولي شيرين في تصميمه عندما كان شريكاً في شركة الهندسة المعمارية «أو إم إيه». ثم بعد ذلك أطلق شيرين شركته الخاصة Büro Ole Scheeren، وضخ سلسلة من المشاريع الحضرية واسعة النطاق في جميع أنحاء المنطقة منذ ذلك الحين.

وصمم شيرين 3 مشاريع لمقار للإنشاء حالياً في شنتشن بالصين. ويقول: «أعتقد أن جميعها تطرح بوضوح سؤالاً حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه نموذج المقر الرئيسي الجديد حقاً».

مكاتب بلا حيل

ولا تبدو هذه التصاميم مثل تصميم المبنى الخالي من الهموم والموجه نحو الترفيه الذي ساد في وادي السيليكون في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ويقول شيرين: «هناك اتجاه واضح للغاية يبتعد عن العالم المليء بالحيل الذي زرعته مكاتب التكنولوجيا في أميركا إلى حد كبير. مثل اتخاذ حافلة لندن غرفة اجتماعات، أو سلسلة من الحيل التي حاولت تقديم المكتب وكأنه ملعب للأطفال بدلاً من مكان عمل جاد».

وفي آسيا، خصوصاً في المشاريع التي تصممها شركته في الصين، يرى شيرين أن البندول يتأرجح مرة أخرى نحو مساحات مكتبية أكثر جدية تحقق التوازن بين الاحتياجات الاجتماعية والجسدية اليومية للبشر، في نفس الوقت الذي تتمكن شركات التكنولوجيا من تحقيق نموها السريع.

مقر شركة «جيه دي. كوم» الصينية

مقار تقنية تتكامل مع المدينة

أحد هذه المشاريع، الذي تم الكشف عنه هنا لأول مرة في صور حصرية، هو المقر المقبل لشركة JD.com، أكبر بائع تجزئة رقمي في الصين، في شنتشن.

يتكوّن المشروع من برجين ضخمين يغطيان أكثر من 2 مليون قدم مربع، وهو عبارة عن مزيج من المكاتب والتجزئة ومتحف وقاعة عرض، وساحات وساحات عامة يمكن الوصول إليها في جميع أنحاء منصته الرئيسية.

وتمتد وتحيط بجوانب الأبراج أقسام كبيرة مقطوعة تخلق مساحة من الباحات والشرفات التي تمنح كل طابق نقاط وصول متعددة إلى الهواء الطلق. وكان الدافع من مسابقة تصميم المشروع هو إنشاء مقر يتكامل مع المدينة المحيطة مع رعاية علاقة مع الطبيعة.

يقول شيرين إن جائحة «كوفيد-19» أثرت على تفسيره لهذا الدافع من خلال منح العمال نقاط اتصال سهلة ومتكررة بالمساحات الخارجية. هذه الأجزاء المقطوعة من الواجهة هي نسخة أكثر فائدة من وسائل الراحة الجريئة المضمنة في المقار التقنية في الماضي.

ويطلق شيرين على هذه الأبراج اسم العمود الفقري الاجتماعي للأبراج، التي هي قيد الإنشاء حالياً ومن المتوقع افتتاحها في عام 2026. ويقول شيرين إن التصميم يدمج المساحة الخارجية دون قطع مساحة العمل والبنية التحتية للمكاتب التي تشتد الحاجة إليها.

مقر شركة «تنسينت» الصينية

تكنولوجيا تندمج مع الأرض

هناك مشروع آخر مقبل، وهو المقر الرئيسي الأكبر حجماً لشركة Tencent، وهي شركة ألعاب الفيديو والتكنولوجيا التي تقف وراء WeChat.

تبلغ مساحة المقر الرئيسي الجديد للشركة ضعف مساحة مقر شركة «أبل» الذي يشبه سفينة فضاء في كوبرتينو بولاية كاليفورنيا.

وسوف يكون عبارة عن حلقة دوامة من الأبراج التي تتقارب في قاعدة مركزية تعلوها حديقة تشمل مساحات تعاون ومركز مؤتمرات وساحات عامة ونادياً صحياً ومجموعة متنوعة من المساحات الترفيهية للموظفين والجمهور. ويغطي المقر الرئيسي الجديد مساحة تبلغ نحو 5 ملايين قدم مربع، وهو مشروع ضخم يهدف إلى أن يصبح مركزاً حضرياً جديداً في المدينة. وسوف يبدأ البناء في وقت لاحق من هذا العام.

داخل حلقة الأبراج الأربعة، التي يطلق عليها شيرين اسم «الدوامة»، سوف يظهر نوع جديد من مناطق العمل، مع مزيج من مناطق التعاون غير الرسمية والباحات ومساحات الحدائق الخارجية ومساحات البيع بالتجزئة والضيافة الشبيهة بالمدينة لاجتماعات الغداء أو مجرد استراحة من مساحات المكاتب الرسمية في الأبراج أعلاه.

يقول شيرين: «تتقارب كفاءة الأبراج ومساحة العمل مع الشعور بالاتصال بالأرض. تخلق جميع المساحات الاجتماعية وغرفة الاختلاط في المنتصف مساحة مركزة للغاية للتعاون والتواصل. إن هذا يدمج الأبراج معاً حرفياً ورسمياً، ولكن بالطبع، من الناحية الوظيفية أيضاً يخلق شعوراً حقيقياً بالوحدة المتكاملة».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».