مشاريع صينية مذهلة للمكاتب التكنولوجية

ملامح معمارية متميزة تضفي الجدية والإنسانية

أحد تصاميم شركة «تنسينت» الصينية
أحد تصاميم شركة «تنسينت» الصينية
TT

مشاريع صينية مذهلة للمكاتب التكنولوجية

أحد تصاميم شركة «تنسينت» الصينية
أحد تصاميم شركة «تنسينت» الصينية

على مدار الربع الأخير من القرن، أصبحت مكاتب شركات التكنولوجيا نوعاً فرعياً خاصاً به من الهندسة المعمارية.

مكاتب التكنولوجيا

إن هذه المكاتب أو المقار هي من نوع المباني التي تتجنب المعايير الصارمة للمكاتب التقليدية، وذلك من خلال إظهار الغطرسة أو الثروة المفرطة. إذ تتوفر فيها الألوان الزاهية، وإعدادات عمل مرحة، ومناطق اجتماعية وفيرة، إضافة إلى وفرة من الأنشطة اللامنهجية التي تتراوح من غرف الألعاب إلى دور السينما إلى الحانات.

ومن فقاعة «دوت كوم» (عندما تهاوت أسعار الأسهم التكنولوجية) في أواخر التسعينات إلى صعود «غوغل» و«فيسبوك»، تحول المكتب التكنولوجي بشكل مطرد إلى مظاهر لنوع جديد من فلسفة الرأسمالية الحرة المتمثلة إما في الفشل السريع من جهة وإما في التوسع والازدهار من جهة أخرى... مع جعل كل شيء يبدو ممتعاً.

ملامح آسيوية جدية وإنسانية

لقد أنتج وادي السيليكون نموذج مكتب التكنولوجيا هذا. ولكن وفقاً للمهندس المعماري أولي شيرين Ole Scheeren، فإن مستقبل مساحات العمل التكنولوجية تُعاد كتابته الآن على الجانب الآخر من العالم.

وتضفي شركات التكنولوجيا الآسيوية وجهاً أكثر جدية وإنسانية على مساحات العمل الخاصة بشركات التكنولوجيا العملاقة الناشئة، وفقاً لشيرين. فقد شهد العقدان الماضيان تصميم مشاريع واسعة النطاق ومذهلة في جميع أنحاء آسيا.

مشاريع معمارية مذهلة

وأبرز المشاريع برج CCTV الملتوي في بكين في عام 2012، الذي شارك أولي شيرين في تصميمه عندما كان شريكاً في شركة الهندسة المعمارية «أو إم إيه». ثم بعد ذلك أطلق شيرين شركته الخاصة Büro Ole Scheeren، وضخ سلسلة من المشاريع الحضرية واسعة النطاق في جميع أنحاء المنطقة منذ ذلك الحين.

وصمم شيرين 3 مشاريع لمقار للإنشاء حالياً في شنتشن بالصين. ويقول: «أعتقد أن جميعها تطرح بوضوح سؤالاً حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه نموذج المقر الرئيسي الجديد حقاً».

مكاتب بلا حيل

ولا تبدو هذه التصاميم مثل تصميم المبنى الخالي من الهموم والموجه نحو الترفيه الذي ساد في وادي السيليكون في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ويقول شيرين: «هناك اتجاه واضح للغاية يبتعد عن العالم المليء بالحيل الذي زرعته مكاتب التكنولوجيا في أميركا إلى حد كبير. مثل اتخاذ حافلة لندن غرفة اجتماعات، أو سلسلة من الحيل التي حاولت تقديم المكتب وكأنه ملعب للأطفال بدلاً من مكان عمل جاد».

وفي آسيا، خصوصاً في المشاريع التي تصممها شركته في الصين، يرى شيرين أن البندول يتأرجح مرة أخرى نحو مساحات مكتبية أكثر جدية تحقق التوازن بين الاحتياجات الاجتماعية والجسدية اليومية للبشر، في نفس الوقت الذي تتمكن شركات التكنولوجيا من تحقيق نموها السريع.

مقر شركة «جيه دي. كوم» الصينية

مقار تقنية تتكامل مع المدينة

أحد هذه المشاريع، الذي تم الكشف عنه هنا لأول مرة في صور حصرية، هو المقر المقبل لشركة JD.com، أكبر بائع تجزئة رقمي في الصين، في شنتشن.

يتكوّن المشروع من برجين ضخمين يغطيان أكثر من 2 مليون قدم مربع، وهو عبارة عن مزيج من المكاتب والتجزئة ومتحف وقاعة عرض، وساحات وساحات عامة يمكن الوصول إليها في جميع أنحاء منصته الرئيسية.

وتمتد وتحيط بجوانب الأبراج أقسام كبيرة مقطوعة تخلق مساحة من الباحات والشرفات التي تمنح كل طابق نقاط وصول متعددة إلى الهواء الطلق. وكان الدافع من مسابقة تصميم المشروع هو إنشاء مقر يتكامل مع المدينة المحيطة مع رعاية علاقة مع الطبيعة.

يقول شيرين إن جائحة «كوفيد-19» أثرت على تفسيره لهذا الدافع من خلال منح العمال نقاط اتصال سهلة ومتكررة بالمساحات الخارجية. هذه الأجزاء المقطوعة من الواجهة هي نسخة أكثر فائدة من وسائل الراحة الجريئة المضمنة في المقار التقنية في الماضي.

ويطلق شيرين على هذه الأبراج اسم العمود الفقري الاجتماعي للأبراج، التي هي قيد الإنشاء حالياً ومن المتوقع افتتاحها في عام 2026. ويقول شيرين إن التصميم يدمج المساحة الخارجية دون قطع مساحة العمل والبنية التحتية للمكاتب التي تشتد الحاجة إليها.

مقر شركة «تنسينت» الصينية

تكنولوجيا تندمج مع الأرض

هناك مشروع آخر مقبل، وهو المقر الرئيسي الأكبر حجماً لشركة Tencent، وهي شركة ألعاب الفيديو والتكنولوجيا التي تقف وراء WeChat.

تبلغ مساحة المقر الرئيسي الجديد للشركة ضعف مساحة مقر شركة «أبل» الذي يشبه سفينة فضاء في كوبرتينو بولاية كاليفورنيا.

وسوف يكون عبارة عن حلقة دوامة من الأبراج التي تتقارب في قاعدة مركزية تعلوها حديقة تشمل مساحات تعاون ومركز مؤتمرات وساحات عامة ونادياً صحياً ومجموعة متنوعة من المساحات الترفيهية للموظفين والجمهور. ويغطي المقر الرئيسي الجديد مساحة تبلغ نحو 5 ملايين قدم مربع، وهو مشروع ضخم يهدف إلى أن يصبح مركزاً حضرياً جديداً في المدينة. وسوف يبدأ البناء في وقت لاحق من هذا العام.

داخل حلقة الأبراج الأربعة، التي يطلق عليها شيرين اسم «الدوامة»، سوف يظهر نوع جديد من مناطق العمل، مع مزيج من مناطق التعاون غير الرسمية والباحات ومساحات الحدائق الخارجية ومساحات البيع بالتجزئة والضيافة الشبيهة بالمدينة لاجتماعات الغداء أو مجرد استراحة من مساحات المكاتب الرسمية في الأبراج أعلاه.

يقول شيرين: «تتقارب كفاءة الأبراج ومساحة العمل مع الشعور بالاتصال بالأرض. تخلق جميع المساحات الاجتماعية وغرفة الاختلاط في المنتصف مساحة مركزة للغاية للتعاون والتواصل. إن هذا يدمج الأبراج معاً حرفياً ورسمياً، ولكن بالطبع، من الناحية الوظيفية أيضاً يخلق شعوراً حقيقياً بالوحدة المتكاملة».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

تنبؤات المستقبل... التاريخ يثبت صعوبة طرحها

علوم مسيرة الإنسان نحو المستقبل... اتجاهات وتوجهات مبهمة

تنبؤات المستقبل... التاريخ يثبت صعوبة طرحها

قبل 50 عاماً ظهرت توقعات الحرب النووية والطفرة السكانية التي ستتجاوز قدرة الكوكب على إطعام سكانه.

«الشرق الأوسط»
علوم جدل علمي حول عدد القارات

جدل علمي حول عدد القارات

تقسيم القارات إلى «ثقافي» أكثر منه «علمياً»

يوميات الشرق آفاق العلم شاسعة (رويترز)

أحفورة عمرها 237 مليون عام تُضيء على صعود الديناصورات

يعتقد علماء أنّ حفرية من أقدم الحفريات على الإطلاق ربما تساعد في تفسير ظهور الديناصورات. فماذا في التفاصيل؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

تضارب الآراء في «الفيدرالي» بشأن وتيرة خفض الفائدة

لم يكن هناك إجماع كامل في «الاحتياطي الفيدرالي» عندما صوت الأسبوع الماضي لتخفيض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، حيث اعترض صانع سياسة واحد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
يوميات الشرق أصابع روبوتية تعيد حاسة اللمس للمصابين بفقدان الإحساس

أصابع روبوتية تعيد حاسة اللمس للمصابين بفقدان الإحساس

تمكن باحثون في جامعة كلية لندن (UCL) من تحقيق اختراق علمي جديد قد يُحدِث تحولاً كبيراً في علاج الأشخاص الذين يعانون فقدان حاسة اللمس، مثل مرضى متلازمة النفق…

«الشرق الأوسط» (لندن)

الذكاء الاصطناعي في التعليم والصحة

نظم الذكاء الاصطناعي في الطب الشخصي المخصّص
نظم الذكاء الاصطناعي في الطب الشخصي المخصّص
TT

الذكاء الاصطناعي في التعليم والصحة

نظم الذكاء الاصطناعي في الطب الشخصي المخصّص
نظم الذكاء الاصطناعي في الطب الشخصي المخصّص

لندن: «الشرق الأوسط»

يمكن استغلال الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال التعليم، في تطوير خطط تعليمية مخصصة للطلاب، بحسب درجاتهم وفهمهم العام لمختلف المواد.

معاونة الطلاب والمدرسين

يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل «تشات جي بي تي» ChatGPT، معاونة الطلاب على أداء المهام المعقدة، مثل التعمق في دراسة المناهج المطلوبة وذلك كمنطلق لجلسات الشحذ الذهني لمجموعات الطلاب. وإن كان هذا لا يمنع الاعتراف بأن «تشات جي بي تي» يساء استخدامه من جانب بعض الطلاب. وفيما يخص المعلمين المشغولين، يحمل الذكاء الاصطناعي التوليدي، وعوداً بتبسيط المهام اليومية الرتيبة، مثل صياغة خطط الدروس، وتحديد الخطوط العريضة للمهام، وإنشاء معايير التقييم، وبناء الاختبارات، وتوفير وسائل تعليمية مبتكرة، وغير ذلك.

تطبيقات للطلاب والمدرسين

> تجارب تعلُّم المفردات الشخصية يتوافق مع مستويات الطلاب

يعتمد نظام «نوجي» Knowji على الذكاء الاصطناعي التوليدي في بناء دروس لمفردات شخصية، تتوافق مع مستوى كفاءة المتعلم ووتيرة التعلم، وعبر إنشاء اختبارات مخصصة واستخدام خوارزميات التكرار المتباعد، ويضمن النظام الاحتفاظ الفاعل وإتقان الكلمات الجديدة، ما يجعل عملية تعلم اللغة أكثر كفاءة، مع تصميم يتماشى مع الاحتياجات الفردية.

ويتميز التطبيق بالجاذبية وطابع تفاعلي. ويساعد هذا المستخدمين على بناء اتصال أعمق باللغة، على نحو يساعدهم في جعل بناء المفردات متعة، وليس مهمة شاقة.

إنشاء محتوى آلي للمدرسين

بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي، يساعد نظام «جاسبر» Jasper، المدرسين في إنشاء مواد لدورة تعليمية شاملة ومخصصة.

وعبر إدخال موضوع، يمكن للتطبيق إنشاء خطط درس مفصلة وملاحظات محاضرات ومحتوى تعليمي، ما يوفر للمعلمين الكثير من الوقت والجهد. وعلاوة على ذلك، يعمل النظام بمثابة أداة تعاونية تتيح للمعلمين تحسين المحتوى الذي جرى إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، والتأكد من أنه يتوافق مع المعايير والأهداف التعليمية.

نظام الذكاء الاصطناعي التعليمي "نوجي"

تعلم اللغات وممارستها

يستخدم نظام «دوالنغو» Duolingo الذكاء الاصطناعي التوليدي لتخصيص تجارب تعلم اللغة لمستخدميه. وتتكيف المنصة مع وتيرة تقدم كل متعلم، وتولد تمارين ومحادثات تستهدف مجالات معينة من التحسين، ما يجعل عملية تعلم اللغة أكثر تفاعلية وتكيفاً. وتجعل اللعبة من مسألة تعلم لغة جديدة تجربة ممتعة، وتشجع على الممارسة اليومية المتسقة.

طب شخصي مخصص

تخضع صناعة الرعاية الصحية لتغييرات كبرى بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي، مع شروع الكثير من منظمات الرعاية الصحية حالياً في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي بطرق مختلفة. على سبيل المثال، يمكن للأطباء استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتطوير خطط رعاية خاصة تتوافق مع احتياجات المرضى. كما يوفر الذكاء الاصطناعي التوليدي حلولاً رائدة على صعيدي التشخيص، وتخطيط العلاج واكتشاف الأدوية، من بين استخدامات أخرى، الأمر الذي يمكّن مقدمي الرعاية الصحية من توفير خدمات رعاية صحية أكثر كفاءة، مع تخصيص رعاية المرضى على نحو غير مسبوق.

الطب الشخصي

يعتمد «إنسليكو ميديسن» Insilico Medicine على الذكاء الاصطناعي التوليدي لإحداث ثورة في اكتشاف الأدوية وخطط العلاج الشخصية.

ومن خلال التنبؤ بتأثيرات الأدوية على الملفات الجينية الفردية المحددة، تمكّن هذه الأداة من تطوير علاجات مخصصة، الأمر الذي يقلل من معدلات التجربة والخطأ في اختيار العلاج، ويعزز فاعلية التدخلات الطبية. وبفضل قدرتها على فحص ملايين الجزيئات بسرعة، بحثاً عن تأثيرات علاجية محتملة، تساهم في تسريع وتيرة الانتقال من مرحلة البحث إلى مرحلة التجارب السريرية بشكل كبير، وتعزز الأمل في تحقيق اختراقات أسرع في الطب.

منصات تفاعلية

منصات تفاعل المرضى المدعومة بالذكاء الاصطناعي

يستخدم نظام «هيرو» Hyro تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي لتشغيل منصة المحادثة المتوافقة مع قانون نقل للتأمين الصحي ومسائل الرعاية الصحية. وتعمل على أتمتة تفاعلات المرضى، وتوفر المعلومات والدعم في الوقت المناسب، بهدف تحسين تجربة رعاية المرضى لمستخدميها، مع المساعدة في الوقت ذاته في تخفيف مشكلات التوظيف داخل المؤسسات الطبية. وبجانب التفاعل مع المرضى، يتكامل الذكاء الاصطناعي من «هيرو» مع أنظمة الرعاية الصحية لتوفير تحليلات البيانات في الوقت الفعلي، التي تعزز الكفاءة التشغيلية وجهود التنسيق لرعاية المرضى.

كشف السرطان مبكراً

يمثل نظام «سكن فيجن» SkinVision خدمة طبية منظمة، قائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحليل صور الجلد، بحثاً عن العلامات المبكرة لسرطان الجلد. ويتولى التطبيق إنشاء تقييمات بناءً على الأنماط المرئية، ما يساهم في الكشف المبكر عن الحالات الصحية المرتبطة بالجلد وعلاجها. ويعتمد الذكاء الاصطناعي التوليدي على خبرة أطباء الجلد وغيرهم من المتخصصين في صحة الجلد. وعبر تشجيع الفحوصات الجلدية المنتظمة، يزيد التطبيق بشكل كبير من فرص نجاح العلاج لمرضى سرطان الجلد.