تحطم قمر اصطناعي واحد يمكن أن يقلب الحياة على الأرض رأساً على عقب

سفينتان أميركية عاملة وروسية عاطلة اقتربتا لمسافة 10 أمتار

استكشاف الفضاء له أيضاً عواقب وخيمة
استكشاف الفضاء له أيضاً عواقب وخيمة
TT
20

تحطم قمر اصطناعي واحد يمكن أن يقلب الحياة على الأرض رأساً على عقب

استكشاف الفضاء له أيضاً عواقب وخيمة
استكشاف الفضاء له أيضاً عواقب وخيمة

في وقت سابق من هذا العام، كاد يصطدم قمران اصطناعيان تابعان لبلدين متخاصمين، في أثناء دورانهما حول الأرض بسرعة آلاف الأميال في الساعة؛ الأول، سفينة فضائية أميركية في مهمة لوكالة «ناسا» لدراسة الغلاف الجوي العلوي لكوكب الأرض، لم يكن مصمماً للمناورة في المدار. أما القمر الثاني فهو سفينة مراقبة فضائية روسية كانت معطلة، وبالتالي لا يمكن السيطرة عليها، الأمر الوحيد الذي يمكن للناس على الأرض فعله - في هذه الحالة - هو المشاهدة!

كوكب الأرض: سطح ملوث بالنفايات وفضاء بالشظايا والحطام
كوكب الأرض: سطح ملوث بالنفايات وفضاء بالشظايا والحطام

خطر الاصطدام الفضائي

بقي دارين ماكنايت، خبير الحطام الفضائي، مستيقظاً طوال ليلة 28 فبراير (شباط) الماضي، يراقب مسارات الأقمار الاصطناعية التي يبلغ وزنها مجتمعة عدة آلاف من الأرطال. قال لي ماكنايت: «شعرت بالعجز الشديد». ووفقاً لشركة «ليولابس» LeoLabs الأميركية للتتبع الفضائي التي يعمل فيها ماكنايت، فإن احتمال الاصطدام في تلك الليلة كان يتراوح بين 3 و8 في المائة.

قد لا يبدو ذلك فظيعاً جداً، لكن المخاطر واردة فوق الأرض.

وفي العادة يبدأ متتبعو الأقمار الاصطناعية، مثل ماكنايت، في دق ناقوس الخطر عندما يصل احتمال وقوع حادث إلى 0.001 في المائة؛ لا أحد يريد أن يرى عدداً صحيحاً، أو لا سمح الله، نسباً مكونة من رقمين.

في النهاية، انتهى الأمر بالسفينة الفضائية البحثية وقمر التجسس بالمرور على بعد 33 قدماً (10 أمتار تقريباً) فقط من بعضهما البعض.

وفي مؤتمر عُقد مؤخراً، قال بام ميلروي، نائب مدير وكالة «ناسا»، إن الحادث المحتمل كان «صادماً للغاية»، و«أخافنا حقاً». كان من الممكن أن يؤدي الاصطدام بين القمرين الاصطناعيين إلى إطلاق آلاف من شظايا الحطام في مدار أرضي منخفض، وهي منطقة مزدحمة بالفعل من الفضاء، حيث أصبحت «الممرات» القريبة أكثر شيوعاً.

المناورة والحظّ لتجنب الكوارث

لقد حدث العديد من الأحداث المولدة للحطام، كما يسميها الخبراء، على مدى العقود العديدة الماضية. لقد نجحنا حتى الآن في تجنب وقوع كارثة كبيرة من خلال مزيج من المناورة والحظ. ولكن الهيئات الحكومية والشركات بدأت تدرك أن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار، وبدأت الاستثمار في الجهود الرامية إلى «إدارة الفوضى».

إن التهديد بوقوع حدث كارثي يكمن دائماً في خطر المدار الأرضي المنخفض، ولا يمكن التنبؤ به، وهو ما يثير القلق. إنه لا يختلف عن الزلزال الكبير الذي من المتوقع أن يضرب كاليفورنيا في العقود المقبلة.

سيناريوهات التصادمات

وفي المشهد المداري، يمكن أن يأتي «الحدث الكبير» في شكل أي عدد من السيناريوهات: الاصطدامات بين الأقمار الاصطناعية، أو الإسقاط المتعمد لمركبة فضائية، أو حدث نووي. لكن نتيجة مثل هذا الحدث الزلزالي في المدار، هي نفسها... إنها انفجار هائل من الشظايا سريعة الحركة، العشوائية في تدميرها، سوف تنطلق عبر غلاف الأرض المكتظ بالأقمار الاصطناعية، ما يهدد بتحويل العالم إلى واقع جديد.

حدث هادئ يدمر الاتصالات

سيكون «الحدث الكبير» في الفضاء حدثاً هادئاً بشكل غريب. لن نرى تأرجح البنية التحتية التي تجعل الكثير من حياتنا الحديثة ممكناً، وبدلاً من ذلك، ستظهر الكارثة في راحة أيدينا عندما تكافح هواتفنا الذكية فجأة للعمل.

توفر تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية الاتصالات ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وحتى حساب الوقت للأشخاص والشركات والحكومات في جميع أنحاء العالم.

وإذا فشلت، فإن شبكات الطاقة، والوظائف الزراعية، وطرق الشحن، والمعاملات المصرفية، يمكن أن تتعثر بسرعة أيضاً. وسوف تعاني المهمات الفضائية الجديدة من بيئة أكثر خطورة.

أسوأ السيناريوهات

في أسوأ السيناريوهات، وهي ظاهرة افتراضية تسمى متلازمة كيسلر Kessler syndrome، يمكن أن يصبح الفضاء مكتظاً بالمعدات الفضائية لدرجة أن الاصطدامات تؤدي إلى سلسلة متواصلة من الاصطدامات، ما يجعل الحركة في المدار الأرضي المنخفض شبه مستحيلة.

إن حقيقة أننا تمكنا من ملء الفضاء - الفضاء! - بكمية كبيرة من النفايات قد يكون من الصعب فهمها. الفضاء، بعد كل شيء، هائل. لكن جون كراسيديس، أستاذ الهندسة الميكانيكية وهندسة الطيران في جامعة بوفالو، قال لي: «إنه يتضاءل كل يوم». وتنضم الأقمار الاصطناعية المنتشرة اليوم إلى الأقمار الاصطناعية المعطلة التي تم إطلاقها منذ عقود مضت.

ازدحام المدار الأرضي المنخفض

المدار الأرضي المنخفض، الذي يصل ارتفاعه إلى نحو 1200 ميل فوق سطح الأرض، مليء أيضاً بأجهزة صاروخية مهملة، والتي يمكن أن تولد المزيد من الشظايا عندما تنفجر خزانات الوقود أو البطاريات. وفي نهاية المطاف، تسقط بعض الأقمار الاصطناعية الميتة وأجزاء من الحطام خارج مدارها، حيث تنزل باتجاه الأرض، ولكن من المرجح أن يظل البعض الآخر موجوداً لعدة قرون.

آلاف من الحطام والشظايا

الجيش الأميركي على علم بوجود أكثر من 25000 جسم في مدار أرضي منخفض أكبر من حجم قطعة من حلوى الدونات.

أما أصغر القطع، التي يقدر عددها بمئات الآلاف، فهي أصغر من أن يتم تتبعها. تتفادى محطة الفضاء الدولية القطع المعدنية التي يحتمل أن تكون خطرة، مرة واحدة تقريباً كل عام، وتقوم بتعديل مدارها قليلاً لتجنبها... على سبيل المثال، جزء من صاروخ ياباني، أو الحطام الناتج عن اختبار صيني مضاد للأقمار الاصطناعية.

تعدّ الارتفاعات الأعلى أقل ازدحاماً، لكنها تفتقر إلى وجود السحب الجوي الذي من شأنه أن يساعد في التخلص من الشظايا التي تكونت حديثاً، ولذا تتزايد كمية النفايات هناك.

مجموعات صاروخية دوّارة

يشعر ماكنايت بالقلق بشكل خاص بشأن ما يسميه «الأحياء السيئة». أحد تلك «الأحياء» عبارة عن مجموعة من أجسام الصواريخ، كل منها بحجم حافلة مدرسية وتزن نحو 20 ألف رطل، التي كانت تحلق فوق بعضها البعض منذ أوائل التسعينات.

إن احتمال حدوث تصادم هناك في السنوات الخمس المقبلة يبلغ نحو 6 في المائة، ويا ​​له من تصادم: «إذا اصطدمت اثنتان من تلك القطع فسوف تخلقان ما يتراوح بين 15000 إلى 20000 شظية يمكن تتبعها، والتي ستكون مدمرة إذا اصطدمت بأي قمر عامل».

أما الرقم القياسي الحالي لأكثر الشظايا فهو اختبار الصاروخ الباليستي الذي أجرته الصين ضد أحد أقمارها الاصطناعية الخاصة بالطقس في عام 2007، ولم ينتج عنه سوى نحو 3600 شظية قابلة للتتبع. وهناك مجموعة أخرى، مكونة من أجهزة أصغر بكثير تعود إلى الحقبة السوفياتية، لديها فرصة بنسبة 24 في المائة للتعرض للاصطدام بحلول عام 2029. وقال ماكنايت إن هذه الأجسام أصغر بكثير، لذا فإن التصادم لن يؤدي إلا إلى نحو 5000 جزء. لكن الحدث المولّد للحطام لا يحتاج إلى أن يتضمن أجساماً ضخمة لإحداث الفوضى. وفي عام 2021، أدى اختبار الأسلحة الروسية إلى نشوء 1500 قطعة فقط من الحطام، مما أجبر سكان محطة الفضاء الدولية على الاحتماء في أماكنهم؛ إذ يمكن لقطعة صغيرة من الحطام سريع الحركة أن تحطم نافذة في محطة الفضاء الدولية. يمكن لشظية كبيرة أن تمزق المحطة.

إزالة الحطام المداري

أدت المخاوف المتزايدة بشأن الحطام المداري إلى ظهور مجموعة جديدة من شركات الفضاء التي تركز على إزالتها. وقد أجرت شركة «أستروسكايل» Astroscale اليابانية بالفعل عرضاً توضيحياً في المدار، حيث اقتربت من المركبة الفضائية المستهدفة للتخلص منها. ولكن تكنولوجيا إزالة الحطام قد تكون مكلفة للغاية بحيث لا يمكن التوسع فيها؛ فحتى أصغر المناورات تتطلب كميات كبيرة من الوقود.

التنظيف العميق ليس هو الحل على أي حال. قالت لي كارولين فرويه، أستاذة هندسة الطيران في جامعة بوردو: «لا يمكننا جمع كل القطع وإعادتها إلى الأرض». وبدلاً من ذلك، يتعين على العالم أن يتفق على مقدار الفوضى التي ينبغي إحداثها.

في الولايات المتحدة، ستلزم قاعدة جديدة قريباً مشغلي الأقمار الاصطناعية بالتخلص بأمان من مركباتهم الفضائية بعد مرور أكثر من خمس سنوات على انتهاء مهمتها. وفي العام الماضي، تم تغريم شركة تلفزيون مقرها كولورادو مبلغ 150 ألف دولار لفشلها في إخراج قمر اصطناعي قديم من مداره بشكل صحيح، وهي عقوبة صغيرة للغاية، ولكنها تاريخية رغم ذلك. وهناك قاعدة أخرى تهدف إلى الحد من نمو الأجهزة الصاروخية المهجورة مطروحة على الطاولة.

قد تكون القوى الفضائية الأقدم مثل الولايات المتحدة، مستعدة للتعامل مع مخاطر الأجهزة الصاروخية العالقة، لكن الصين، التي أصبحت قوة عظمى، تركت أجزاء صاروخية في المدار خلال العشرين عاماً الماضية أكثر مما تركته بقية دول العالم مجتمعة، وقال ماكنايت: «لا يبدو من المرجح أن يتغير المسار في أي وقت قريب».

* «ذي أتلانتك أونلاين»، خدمات «تريبيون ميديا».

حقائق

أكثر من 25000

جسم في مدار أرضي منخفض أكبر من حجم قطعة من حلوى الدونات

حقائق

0.001 بالمائة

عند هذه النسبة يدق الخبراء ناقوس الخطر باحتمال وقوع حادث اصطدام فضائي

حقائق

بين 3 و8 بالمائة

احتمال الاصطدام بين السفينتين الأميركية والروسية


مقالات ذات صلة

رصد كوكب جديد بضِعف كتلة الأرض

يوميات الشرق الكوكب المُكتشَف تبلغ كتلته ضِعف كتلة الأرض في مدارٍ أوسع من مدار زحل حول نجمه (جامعة ولاية أوهايو)

رصد كوكب جديد بضِعف كتلة الأرض

رصد فريق دولي من علماء الفضاء كوكباً جديداً يتفوق على الأرض بكتلة مضاعفة، ويدور في مدارٍ أوسع من مدار كوكب زحل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تضاريس تختلف جذرياً عن المشهد القاحل (ناسا)

المريخ كما لم نعرفه... أمطار وثلوج غيَّرت وجه الكوكب الأحمر

كوكب المريخ ربما شهد، في حقبة سحيقة، مناخاً دافئاً ورطباً نسبياً، ساعد على تساقط الأمطار والثلوج وجريان الأنهر...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رواد الفضاء تشين دونغ وتشين تشونغروي ووانغ جيه يلتقون بالصحافة قبل مهمة الفضاء «شنتشو - 20» المقبلة (رويترز)

​الصين تعلن عن أفراد طاقم جديد سيُرسَل إلى الفضاء غداً

أعلنت الصين الأربعاء عن الطاقم الذي سيتوجّه إلى محطة تيانغونغ الفضائية هذا الأسبوع

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق الكوكب يفقد كميات معدن ومواد ضخمة من سطحه بسبب درجات الحرارة المرتفعة (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

اكتشاف كوكب بحجم عطارد يتفكك بسرعة هائلة

أعلن علماء الفلك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة، عن رصد كوكب يبعد نحو 140 سنة ضوئية عن الأرض، ويعاني من عملية تفكك سريعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم لقطة تُظهر محطة الفضاء الدولية (رويترز)

ساعتان ذريتان إلى محطة الفضاء الدولية الاثنين لاختبار نظرية النسبية

أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية، الاثنين، بنجاح، مجموعة تضم ساعتين ذريتين إلى محطة الفضاء الدولية بهدف قياس الوقت بدقة عالية جداً واختبار نظرية النسبية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

أدوات الذكاء الاصطناعي تفشل في أداء المهام المالية الأساسية

أدوات الذكاء الاصطناعي تفشل في أداء المهام المالية الأساسية
TT
20

أدوات الذكاء الاصطناعي تفشل في أداء المهام المالية الأساسية

أدوات الذكاء الاصطناعي تفشل في أداء المهام المالية الأساسية

بينما يتوقع عدد كبير من رواد التكنولوجيا أن الذكاء الاصطناعي سيحلّ محل البشر، وينجز حتى المهامّ المعقدة بسرعة ودقة، فقد دحضت دراسة مستقلة جديدة هذه التوقعات، إذ وجدت أن أدوات الذكاء الاصطناعي غالباً ما تفشل في أدائها عند تنفيذ المهام المالية الأساسية، كما كتبت نيتاشا تيكو، وأندريا خيمينيز في «واشنطن بوست».

22 نموذجاً للذكاء الاصطناعي- دقة أقل 50 %

أظهر اختبار لـ22 نموذجاً للذكاء الاصطناعي للأغراض العامة من «أوبن إيه آي» و«أنثروبيك»، و«إكس إيه آي»، و«ميتا»، و«غوغل»، وغيرها من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، أن جميعها حققت دقة للمهام البسيطة المطلوبة من المحللين الماليين المبتدئين، كانت أقل من 50 في المائة، في المتوسط.

قال رايان كريشنان، الرئيس التنفيذي لشركة فالس للذكاء الاصطناعي «Vals AI»، التي أجرت الدراسة: «إن مستوى الهراء (المصاحب للترويج للذكاء الاصطناعي) الذي نراه، منافٍ للعقل.

ويحقق أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي نتائج جيدة في المعايير العامة التي تقيس مهارات الرياضيات أو البرمجة؛ لأن أسئلة هذه الاختبارات منتشرة على نطاق واسع عبر الإنترنت، ومن المرجح أنها أصبحت جزءاً من البيانات التي تُدرَّب عليها أنظمة الذكاء الاصطناعي».

وأضاف: «يُطلق الناس كثيراً من الادعاءات الجريئة حول الذكاء الاصطناعي، لكنها ليست حقيقية لأنها تحمل طابعاً ذاتياً... (وفي الواقع) ليس لدينا ما يُشبه مراجعة (للنتائج) من الأقران الآخرين أو مُدقّقي الحسابات التابعين لجهات خارجية».

500 سؤال لتقييم النماذج

ولتقييم النماذج، طوّرت «فالس للذكاء الاصطناعي» مجموعة بيانات خاصة تضم أكثر من 500 سؤال، كُتبت بالتعاون مع أحد البنوك الرائدة؛ لتقييم مهارات مثل أبحاث السوق والتوقعات.

واجهت معظم نماذج الذكاء الاصطناعي صعوبة في المهام الشائعة، مثل البحث عن معلومات حول «EDGAR»، وهي قاعدة بيانات عامة متاحة للجمهور تابعة لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية لملفات الشركات، وهي مورد أساسي للبيانات المالية يستخدمه المحللون والمساهمون والصحافيون ومُختارو الأسهم.

* نموذج «أوبن إيه آي»: حقق أحدث إصدار من الشركة o3، وهو نموذج «استدلال» مصمم للتحدث مع نفسه بصفته وسيلة لتوليد إجابات أكثر دقة عن الاستفسارات المعقدة، دقةً بنسبة 48.3 في المائة، في المتوسط، ولكن بتكلفة 3.69 دولار أميركي للسؤال الواحد في المتوسط.

* نموذج الاستدلال من «أنثروبيك»، المسمى «Claude 3.7 Sonnet»، حقق دقةً بنسبة 44.1 في المائة بسعر أقل بكثير بلغ 1.05 دولار أميركي للسؤال.

* نموذج «ميتا» للذكاء الاصطناعي الأكثر انفتاحاً نسبياً Llama، كان أداؤه ضعيفاً بشكل خاص، حيث سجلت ثلاثة إصدارات دقة أقل من 10 في المائة في المتوسط.

شركات لاختبار وتصنيف الذكاء الاصطناعي

تُعد «فالس إيه آي»، الشركة الناشئة التي تتخذ من سان فرنسيسكو مقراً لها، التي تقف وراء الدراسة، جزءاً من مجموعة متنامية من شركات الطرف الثالث التي تعد باختبار نماذج الذكاء الاصطناعي أو تصنيفها أو فحصها، في ظل ازدياد صعوبة تحليل الضجيج والتهويل في هذا المجال. ومن بين الشركات الجديدة الأخرى في هذا المجال، «Artificial Analysis»، و«Chatbot Arena»؛ وهو مشروع بحثي أكاديمي شهير تحوَّل أخيراً إلى شركة تُعرف الآن باسم «LMArena».

يقول كريشنان إن الاختبار الدقيق والمستقل لكيفية أداء وكلاء الذكاء الاصطناعي مهام محددة أمر حيوي لتقييم تأثيرها. ويضيف: «كانت هناك رؤية مفادها أن الذكاء الاصطناعي التوليدي من المرجح أن يكون له تأثير كبير على الاقتصاد. ومع ذلك، لا نعرف حتى في أي قطاعات الاقتصاد يمكن أن تحقق النماذج أداء جيداً وكيف سيبدو هذا التغيير فعلياً».

ويتابع كريشنان أن القطاع اعتمد، لفترة طويلة، على «التقييم بالاهتزازات»؛ أي اللعب بنموذج فردي، ونشر أمثلة فورية على منصة «إكس». إلا أن الشركات التي تفكر في شراء هذه الأدوات لزيادة أو استبدال العمال تحتاج إلى نهج تدقيق أكثر صرامة.

دقة أكبر للأدوات الذكية في الشؤون القانونية

أصدرت الشركة أخيراً سلسلة من الدراسات المماثلة التي تُقيّم أدوات الذكاء الاصطناعي في المهام القانونية، وتبحث في نماذج الذكاء الاصطناعي للأغراض العامة ووكلاء الذكاء الاصطناعي المُصممة للمحامين، وتختبرها على سلسلة من طلبات الاستعلامات الواقعية التي جرى تطويرها بالتعاون مع شركات المحاماة. كانت الدرجات أعلى بشكل عام في مجال القانون عنها في مجال المالية، مع متوسط ​​معدلات دقة تتراوح بين 70 و80 في المائة لبعض النماذج نفسها.

الفرق بين الأداءين المالي والقانوني

ويُرجَّح أن يكون الأداء المتفوق في الشؤون القانونية ناتجاً عن توفير شركة «Vals AI» الوثائق اللازمة لمعظم المهام القانونية، بينما طلبت الدراسة المالية من النماذج «إجراء أبحاثها الخاصة على الإنترنت المفتوح؛ للتوصل إلى نتائج في السياق المطلوب»، وفقاً لكريشنان.

ورفضت «ميتا» التعليق على تقرير «فالس إيه آي»، ولم يستجب كل من «أوبن إيه آي» و«أنثروبيك» لطلبات التعليق.

وفي تقييمها المالي، وجدت شركة فالس للذكاء الاصطناعي أن أداء النماذج كان أسوأ بكثير مع ازدياد صعوبة المهام. وحصلت عشرة نماذج على صفر في الأسئلة التي طلبت من النموذج تحديد نمط لشركة واحدة عبر إيداعات الأوراق المالية المتكررة، مثل توفير إيرادات إعلانات «يوتيوب» كنسبة مئوية من إيرادات شركتها الأم «ألفابت»، من عام 2021 إلى 2024.

تقييمات متباينة وتلاعب الشركات

في المتوسط، كان أداء النماذج هو الأفضل في مهامّ استرجاع المعلومات الكمية والنوعية البسيطة، وهي مهام سهلة لكنها قد تستغرق وقتاً طويلاً بالنسبة للبشر، وفقاً لتحليل شركة «فالس إيه آي» للمتعاقدين البشريين الذين طُلب منهم أداء المهام نفسها.

وفي حالة منفصلة، ​​أبلغت شركة «أوبن إيه آي» عن نتائج مختلفة لنموذج o3 الخاص بها في المسائل الرياضية، مقارنةً بنتائج مدقق حسابات خارجي. وفي تقييم على منصة «Chatbot Arena»، حيث يُصوّت المستخدمون لصالح الذكاء الاصطناعي المُفضّل لديهم، أفادت التقارير بأن «ميتا» تلاعبت بتصنيفات أحدث طرازاتها، «Llama 4»، من خلال نشر نسخة «مُحسَّنة للمحادثة». وتعليقاً على ذلك، قال متحدث باسم «ميتا»: نجرّب جميع أنواع الإصدارات المُخصصة.

تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف

وقدمت دراسة القطاع المالي، التي أجرتها «Vals AI» منظوراً مختلفاً للتصريحات الأخيرة حول تأثير الذكاء الاصطناعي على فئات الوظائف.

فمثلاً صرح بيل غيتس، المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت، في فبراير (شباط)، بأن الذكاء الاصطناعي سيحلُّ محل الأطباء والمعلمين، خلال السنوات العشر المُقبلة. وفي مُقابلة بودكاست حديثة، قال فيكتور لازارتي، الشريك العام في «بينتشمارك»، إن تصريحات شركات التكنولوجيا حول «زيادة» الذكاء الاصطناعي للبشر مُضلِّلة، وأن المحامين ومسؤولي التوظيف يجب أن يشعروا بالقلق بشكل خاص.

تُشير رسالة فريق «فالس إيه آي» إلى أنه قد يكون من المُناسب إجراء تقييم أكثر تواضعاً لتأثير الذكاء الاصطناعي على كثير من الوظائف الإدارية. وقال كريشنان إنه على الرغم من أن الأنظمة تتحسن باستمرار، فإن فكرة أن أداة الذكاء الاصطناعي يمكنها القيام بعمل شخص من البداية إلى النهاية لا تزال «خيالية إلى حد ما».