مصر... قوة محتملة للطاقة النظيفة في الشرق الأوسط بحلول 2050

بتوظيف الرياح البرية والبحرية وأشعة الشمس

محطة بنبان للطاقة الشمسية في أسوان (رويترز)
محطة بنبان للطاقة الشمسية في أسوان (رويترز)
TT

مصر... قوة محتملة للطاقة النظيفة في الشرق الأوسط بحلول 2050

محطة بنبان للطاقة الشمسية في أسوان (رويترز)
محطة بنبان للطاقة الشمسية في أسوان (رويترز)

مع تحول العالم نحو مصادر الطاقة المستدامة، تبرز مصر بوصفها مرشحة للانتقال إلى بنية تحتية للطاقة أكثر استدامة، بفضل مواردها الطبيعية الوفيرة وموقعها الاستراتيجي والمبادرات الحكومية في هذا الشأن.

دراسة دولية

ووفق دراسة دولية، فإن لدى مصر فرصاً للتحول إلى دولة رائدة في تطوير طاقة الرياح بالشرق الأوسط، مع إمكانية إنتاج فائض قدره 76 غيغاواط في الساعة بحلول عام 2050، ما يعزز من مكانة مصر بوصفها قوة محتملة للطاقة النظيفة في المنطقة.

واستخدمت الدراسة، التي نُشرت بالعدد الأخير من دورية (Science of The Total Environment)، تقنيات نمذجة الطقس لتقييم إمكانات طاقة الرياح والطاقة الشمسية في 16 دولة في شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، منوهة بإمكانية تلبية 89 في المائة من الطلب المتوقع على الطاقة في المنطقة بحلول 2050 من خلال مصادر الطاقة المتجددة، خصوصاً طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

يقول الدكتور ثيودوروس خريستودياس، الباحث الرئيسي للدراسة من مركز أبحاث المناخ والغلاف الجوي بالمعهد القبرصي: «إذا استغلت مصر جميع إمكاناتها بالطاقة المتجددة، يمكنها إنتاج فائض يبلغ 76 غيغاواط/ساعة بحلول 2050».

محطة بنبان للطاقة الشمسية في أسوان (رويترز)

وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن الطلب المتوقع على الطاقة في مصر منخفض نسبياً مقارنة بدول أخرى، بالإضافة لتوفر مساحات كبيرة لإقامة منشآت الطاقة المتجددة، كما أن مصر تحتل المرتبة الثانية في إمكانات طاقة الرياح البرية، والرابعة في طاقة الرياح البحرية، والخامسة في الطاقة الشمسية من بين 17 دولة في شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، وتم تصنيفها على أنها دولة مصدرة للطاقة بفضل توافر الأراضي الكافية وانخفاض الطلب المتوقع على الطاقة.

وأشار إلى أن تركيب 515 ميغاواط من الألواح الشمسية في مصر سيتجاوز الطلب المتوقع على الطاقة بنسبة 138 في المائة، موضحاً أن توليد طاقة الرياح في مصر يبلغ ذروته مع انخفاض الطاقة الشمسية في الصيف والخريف، بينما في الربيع تصل طاقة الرياح إلى ذروتها بعد الطاقة الشمسية، ما يغير العلاقة بينهما من تكميلية إلى بديلة.

موارد وفيرة

ويرى الدكتور أحمد مرتضى السمان، رئيس قسم المواد الإلكترونية والمغناطيسية بمركز بحوث وتطوير الفلزات في مصر، أن مصر تتمتع بموارد طبيعية وفيرة تجعلها مثالية للطاقة المتجددة، حيث تتميز بمستويات عالية من الإشعاع الشمسي ومساحات صحراوية شاسعة مثل الصحراء الغربية وشبه جزيرة سيناء، ما يجعلها مثالية لمشاريع الطاقة الشمسية واسعة النطاق.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن مصر تتمتع بواحد من أعلى مستويات الإشعاع الشمسي في العالم، حيث تتلقى في المتوسط 3050 ساعة من ضوء الشمس سنوياً، ومعدل سطوع شمس بين 9 و11 ساعة/يوم، وهذا يجعلها موقعاً مثالياً لمشاريع الطاقة الشمسية، بينما تعد محطة بنبان للطاقة الشمسية بأسوان، واحدة من كبرى المحطات في العالم، وستولد نحو 1465 ميغاواط عند اكتمالها.

واعتباراً من 2021، أنتجت مصر نحو 19.2 غيغاواط من الطاقة المتجددة، مع خطط لزيادة هذا الرقم لـ62.6 غيغاواط بحلول 2035، وهو ما يمثل 42 في المائة من إجمالي إنتاج الكهرباء، وفق السمان.

وأوضح أنه بالنسبة لطاقة الرياح، أظهر أطلس الرياح، الذي أُعد بالتعاون مع هيئة الأرصاد الجوية المصرية ومعامل ريزو الدنماركية، وجود مناطق واعدة بسرعات رياح عالية مثل غرب خليج السويس وعلى جانبي النيل وبعض مناطق سيناء، كما أن خليج السويس يتمتع برياح ثابتة وقوية، ما يجعله موقعاً مثالياً لمزارع الرياح.

ويعد خليج السويس وشبه جزيرة سيناء من المواقع الرئيسية بفضل سرعات الرياح العالية المستمرة، وتسهم مشاريع مثل منشآت الرياح في الزعفرانة وخليج الزيت بشكل كبير في الشبكة الوطنية، وينتج مشروع الزعفرانة وحده نحو 545 ميغاواط من الطاقة.

ستتيح إنتاج فائض طاقة بمقدار 76 غيغاواط/ساعة بحلول منتصف القرن

فوائد متعددة

وأشار السمان إلى أنه من خلال تطوير بنية تحتية قوية للطاقة المتجددة، يمكن لمصر تصدير فائض الطاقة للدول المجاورة، ما يعزز نفوذها الجيوسياسي واستقرارها الاقتصادي، في ظل الطلب المتزايد على الطاقة النظيفة في أوروبا.

ونوه بأن الموقع الجغرافي الاستراتيجي لمصر، عند مفترق الطرق بين أفريقيا وأوروبا وآسيا، يمنحها ميزة فريدة تمكنها من تلبية احتياجاتها من الطاقة وتصبح لاعباً رئيسياً في أسواق الطاقة الإقليمية.

ونوه السمان بأن الحكومة المصرية أظهرت التزاماً قوياً بالطاقة المتجددة من خلال مبادرات وسياسات متعددة، حيث تم تنفيذ سياسات لجذب الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة، مثل الإعفاءات الضريبية وتبسيط عمليات الترخيص، ما جعل مصر وجهة جذابة لمستثمري الطاقة المتجددة.

وبجانب تصدير الطاقة، هناك فوائد متعددة لمشاريع الطاقة المتجددة؛ أبرزها تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، بالإضافة لخلق فرص عمل، وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، ما يسهم في مكافحة تغير المناخ.


مقالات ذات صلة

الاستثمارات السنوية في الطاقة النظيفة بالدول النامية تحتاج زيادة بتريليون دولار سنوياً

الاقتصاد المشاركون في اجتماع مجلس قيادة التحالف الدولي للطاقة من أجل الناس والكوكب GEAPP في نيويورك (الشرق الأوسط)

الاستثمارات السنوية في الطاقة النظيفة بالدول النامية تحتاج زيادة بتريليون دولار سنوياً

يشكل الجنوب العالمي 65 في المائة من سكان العالم، ولكنه يتلقى أقل من 15 في المائة من الاستثمارات في الطاقة النظيفة، مما سيجعل من الصعب جذب التمويل اللازم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد فنيان يوصلان الدائرة الكهربائية للتوربين في الشفرات الذي يولد الطاقة من الرياح (الموقع الإلكتروني لشركة مصدر)

«مصدر» الإماراتية تستحوذ على شركة طاقة خضراء إسبانية بـ1.4 مليار دولار

قالت شركة «مصدر» الإماراتية إنها توصلت إلى اتفاق لشراء شركة الطاقة الخضراء «سايتا ييلد» من شركة «بروكفيلد» الكندية لإدارة الأصول، في صفقة بلغت 1.4 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الاقتصاد اجتماع وزراء الطاقة في «ميد 9» في مدينة لارنكا الساحلية الجنوبية (أ.ب)

9 دول أوروبية متوسطية تتطلع للتعاون بمجال الطاقة المتجددة

قال مسؤولون في مجال الطاقة من 9 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي مطلة على البحر المتوسط، اليوم (الاثنين)، إنهم يريدون تحويل المنطقة إلى مركز للطاقة المتجددة.

«الشرق الأوسط» (نيقوسيا )
الاقتصاد طائرة تابعة لشركة «إير فرانس» (رويترز)

«توتال» توقّع اتفاقية مدتها 10 سنوات لإمداد طائرات «إير فرانس» بالوقود المستدام

أعلنت «توتال إنرجيز» الفرنسية أنها وقّعت اتفاقية مدتها 10 سنوات مع «إير فرانس - كيه إل إم» لتزويد شركات الطيران بنحو 1.5 مليون طن متري من وقود الطيران المستدام.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد الرئيس التنفيذي لشركة «سيمنس للطاقة» في السعودية محمود سليماني

رئيس «سيمنس السعودية للطاقة» يدعو لزيادة الاستثمار في شبكات الكهرباء العربية

دعا الرئيس التنفيذي لشركة «سيمنس للطاقة» بالسعودية محمود سليماني إلى زيادة الاستثمار في محطات الطاقة بالدول العربية، لضمان قدرة الشبكات على التعامل مع التحديات.

صبري ناجح (القاهرة)

مفارقة المساواة بين الجنسين: الفتيات أكثر ميلاً للآداب والأولاد نحو العلوم

مفارقة المساواة بين الجنسين: الفتيات أكثر ميلاً للآداب والأولاد نحو العلوم
TT

مفارقة المساواة بين الجنسين: الفتيات أكثر ميلاً للآداب والأولاد نحو العلوم

مفارقة المساواة بين الجنسين: الفتيات أكثر ميلاً للآداب والأولاد نحو العلوم

تكشف دراسة جديدة أن الاختلافات بين الجنسين في جوانب القدرات الأكاديمية موجودة في جميع أنحاء العالم، وأن الميزة النسبية لتفوّق الفتيات في القراءة، والأولاد في العلوم، هي الأكبر في البلدان المساوية بين الجنسين.

القدرات الأكاديمية لدى الجنسين

غالباً ما تلفت المساواة بين الجنسين انتباه الباحثين، خصوصاً في المجالات التي لا تحظى فيها النساء بتمثيل كافٍ، مثل المهن ذات المكانة العالية والأجور المرتفعة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

وتؤثر جوانب القدرة الأكاديمية، أي الموضوع المفضل لدى الطالب، بقوة على مجال دراسته؛ إذ ينجذب الطلاب الذين يتمتّعون بنقاط قوة في الرياضيات أو العلوم نحو مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، بينما ينجذب أولئك الذين يتمتّعون بقوة في القراءة نحو مجالات أخرى، مثل الصحافة.

تحليل قدرات ملايين المراهقين

قام فريق البحث من جامعة «توركو» الفنلندية بتحليل بيانات ما يقرب من 2.5 مليون مراهق في 85 دولة، على مدى 12 عاماً، أو في 5 موجات (2006 - 2018) من برنامج تقييم الطلاب الدوليين (PISA).

وأكّدت نتائج الدراسة أن قوة الفتيات عادةً ما تكون في القراءة، في حين تكون قوة الأولاد عادةً في الرياضيات أو العلوم، ولاحظت الدراسة وجود هذه الأنماط عبر البلدان والأزمنة.

اختلافات أكاديمية برغم مساواة الجنسين

وكان الأمر الأكثر بروزاً هو أن الاختلافات بين الجنسين في القراءة والعلوم قوة أكاديمية تكون أكثر وضوحاً في البلدان ذات المساواة بين الجنسين، مثل فنلندا.

ومن ناحية أخرى، ظلت الاختلافات بين الجنسين في الرياضيات مستقرة، بغضّ النظر عن المساواة بين الجنسين على مستوى الدولة.

وفي بيان صحافي تلقّته «الشرق الأوسط»، ذكر الباحث الدكتور ماركو بالدوتشي من مركز أبحاث «INVEST» في الجامعة: «تشير هذه النتائج إلى أنه في المجتمعات الأكثر مساواةً بين الجنسين، قد تختار النساء مجالات أخرى غير العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، بناءً على قدراتهن في القراءة؛ لذا فإن زيادة حصة النساء في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات تتطلّب أكثر من مجرد تعزيز مهارات الرياضيات والعلوم للفتيات، أو تعزيز المساواة بين الجنسين».

مفارقة تتحدّى الاعتقاد السائد

وجاء في الدراسة الموسومة «مفارقة المساواة بين الجنسين في جوانب القدرة الأكاديمية الفردية: تحليل عبر الزمن»، إن الاكتشاف الذي يفيد بأن الاختلافات بين الجنسين في القدرات الأكاديمية في القراءة والعلوم أكبر في البلدان الإسكندنافية المساوية بين الجنسين مقارنةً بالدول الأكثر تقليديةً في الشرق الأوسط، والمعروفة باسم مفارقة المساواة بين الجنسين؛ يتحدى الاعتقاد السائد بأن الاختلافات بين الجنسين مدفوعة بشكل أساسي بضغوط التنشئة الاجتماعية.

ويضيف بالدوتشي: «الافتراض الشائع هو أنه مع تحسّن المساواة بين الجنسين، يجب أن تتلاشى الأدوار الجنسانية التقليدية، ما يؤدي إلى اختلافات جنسية أصغر، لكن هذا ليس ما وجدناه، بل وبدلاً من ذلك تتوافق نتائجنا مع الأبحاث الحديثة التي تُظهر أن الاختلافات بين الجنسين إما أن تظل كما هي، أو حتى تزداد مع المزيد من المساواة بين الجنسين».

ويلاحظ الأستاذ ديفيد جيري من جامعة ميسوري المشارك في الدراسة أن «الدول المساوية بين الجنسين والثرية والليبرالية توفر المزيد من الفرص، وتسمح بحرية أكبر في الاختيار، وفي هذه السياقات يتخذ الرجال والنساء قرارات مختلفة، ما يؤدي إلى اختلافات جنسية أكبر في مختلف مجالات الحياة، بما في ذلك مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات».

منح الفرص للفتيات الموهوبات

ويشجّع فريق البحث صُنّاع السياسات على إعطاء الأولوية لفرص الإرشاد للفتيات الموهوبات، حيث قد يزيد ذلك من احتمالية التحاقهن ببرنامج لدراسة علمية في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

ومع ذلك، يضيف بالدوتشي أن «دراستنا تسلّط الضوء على أن تحقيق التكافؤ بين الأولاد والبنات قد يكون تحدياً، حيث تلعب العوامل الأوسع نطاقاً، مثل الاختلافات بين الجنسين في جوانب القدرة الأكاديمية، دوراً رئيسياً في تحديد الفوارق بين الجنسين بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات».

وتجدر الاشارة إلى أن جامعة توركو مؤسسة أكاديمية تضم 25 طالباً وموظفاً في جنوب غرب فنلندا.