بعد تدشين السعودية لها: خطط عالمية لتشغيل سيارات الأجرة الكهربائية الجوية

بدائل فعالة صديقة للبيئة للنقل البري

طائرة الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائي الجوي لشركة «جوبي»
طائرة الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائي الجوي لشركة «جوبي»
TT

بعد تدشين السعودية لها: خطط عالمية لتشغيل سيارات الأجرة الكهربائية الجوية

طائرة الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائي الجوي لشركة «جوبي»
طائرة الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائي الجوي لشركة «جوبي»

دشنت السعودية، أمس (الأربعاء)، تجربة في الإقلاع العمودي للتاكسي الجوي ذاتي القيادة لأول مرة لاستخدامه في موسم الحج الحالي. وتعد هذه الطائرة أول تاكسي جوي في العالم، رخصته سلطة الطيران المدني.

والآن تخيلوا مستقبلاً مع سيارات أجرة جوية بلا صوت تقريباً، تحلق فوق الطرقات المختنقة بالمرور، وتتنقل بين ناطحات السحاب، وموانئ الطائرات المسيَّرة في الضواحي. وتصل إليك وسائل النقل هذه بلمسة من هاتفك الذكي مع أقل قدر من التأثير على البيئة.

تاكسي جوي كهربائي

هذا ليس مجرد خيال علمي، كما يقول جيمي جاكوب المدير التنفيذي لمعهد أوكلاهوما للفضاء الجوي للبحوث والتعليم في جامعة ولاية أوكلاهوما.

بدعم من مليارات الدولارات من رأس المال الاستثماري والشركات العملاقة في مجال الطيران، التي تشمل «بوينغ» و«إيرباص»، تقود الشركات الناشئة في جميع أنحاء العالم مثل «جوبي»، و«أرتشر»، و«ويسك» و«ليليوم» هذه الثورة التكنولوجية، من تطوير طائرات الإقلاع والهبوط العمودية الكهربائية (eVTOL)، التي يمكن أن تغير الطريقة التي نسافر بها.

ويعد الطيران الكهربائي بتخفيف حدة الازدحام في المناطق الحضرية، وفتح المناطق الريفية أمام عمليات تسليم البضائع والمواد في حالات الطوارئ، وخفض انبعاثات الكربون، وتقديم شكل أكثر هدوءاً وأكثر يسراً من السفر الجوي لمسافات قصيرة.

لكن السعي إلى جعل هذه الطائرات الكهربائية في كل مكان في جميع أنحاء العالم بدلاً من مجرد ألعوبة في أيدي الأغنياء بعيد كل البعد عن كونه أمراً مسلماً به.

مقصورة طائرة الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائي الجوي لشركة «آرتشر»

تحديات كبيرة

وبصفتي متابعاً لهذا القطاع الصناعي، كوني مديراً تنفيذياً لمعهد أوكلاهوما للفضاء للبحوث والتعليم، فقد كونت نظرة عن التطورات فيه. إذ ومثلها مثل كل التحولات العظيمة الموعودة، تلوح في الأفق تحديات عديدة... من العقبات الفنية، والمتاهات التنظيمية، والمعركة الحاسمة لقبول عموم الجمهور بها... بل وحتى وربما إلى الأسس الفيزيائية لها.

ما هو الغرض من كهربة الطيران؟ إن جاذبية الطيران الكهربائي، التي تعود جذورها إلى الأفلام المتحركة القديمة والأفلام السينمائية، تمتد إلى ما هو أبعد من الحداثة في مجال الطاقة الكهربائية. وهي تضرب بجذورها في قدرتها على تقديم بدائل فعالة وصديقة للبيئة للنقل البري، سيما في المدن المزدحمة أو المناطق الريفية البعيدة التي يصعب الوصول إليها.

في حين أن الطائرات الكهربائية الصغيرة تحلق بالفعل في عدد قليل من البلدان، فإن طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائي (eVTOL) مصممة لمسافات أقصر ولكن بتكاليف أقل وبتأثير أقل على البيئة، وهي المسافات التي تقطعها الطائرات المروحية اليوم. اشترت شركة جوبي (Joby) لصناعة السيارات شركة أوبر إير (Uber Air) حتى تتمكن في يوم من الأيام من دمج سيارات الأجرة الجوية التابعة للشركة مع تكنولوجيا النقل التشاركي من شركة أوبر.

على المدى القريب، حالما يتم اعتماد طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية كعمليات تجارية، ومن المرجح أن تخدم طرقاً محددة عالية الطلب تتجاوز حركة المرور على الطرق. ومن الأمثلة على ذلك خطة شركة «يونايتد إيرلاينز» لاختبار طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية الخاصة بشركة «أرتشر» على مسافات قصيرة من شيكاغو إلى مطار أوهير الدولي، ومن مانهاتن إلى مطار نيوآرك ليبرتي الدولي.

في حين أن بعض التطبيقات قد تقتصر في البداية على الاستخدام العسكري أو حالات الطوارئ، فإن هدف الصناعة هو الاستخدام المدني على نطاق واسع، مما يمثل خطوة هامة نحو مستقبل من التنقل الموافق للبيئة في المناطق الحضرية.

تحديات فيزياء البطارية

من بين أهم التحديات الفنية التي تواجه سيارات الأجرة الكهربائية الجوية هي القيود التي تضع الحدود على تكنولوجيا البطاريات الحالية.

حققت بطاريات اليوم تقدماً كبيراً خلال العقد الماضي، لكنها لا تتناسب مع كثافة الطاقة التي يوفرها الوقود الهيدروكربوني التقليدي المستخدم حالياً في الطائرات.

وهذا القصور يعني أن سيارات الأجرة الجوية الكهربائية غير قادرة حتى الآن على تحقيق نفس النطاق الذي تحققه نظيراتها من السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري، مما يحد من نطاق تشغيلها وقدرتها على الاستمرار في الرحلات الجوية الطويلة.

ولا تزال القدرات الحالية أقل من وسائل النقل التقليدية. ومع ذلك، مع نطاقات من عشرات الأميال إلى أكثر من 100 ميل، توفر بطاريات طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية مدى كافياً للانتقال داخل المدن.

إن البحث عن البطاريات التي توفر كثافة طاقة أعلى، وأوقات شحن أسرع، ودورات حياة أطول هو أمر حيوي لإطلاق القدرة الكاملة للطيران الكهربائي.

وفي حين يعمل الباحثون على سد هذه الفجوة، فإن الهيدروجين يقدم بديلاً واعداً، إذ يتميز بكثافة طاقة أعلى وينبعث منه بخار الماء فقط. ومع ذلك، فإن إمكانات الهيدروجين تضعُف بسبب عقبات كبيرة تتعلق بالتخزين الآمن والبنية التحتية القادرة على دعم الطيران العامل بوقود الهيدروجين. وذلك يمثل تحدياً معقداً ومكلفاً في مجال النقل والإمداد.

بطبيعة الحال، هناك شبح آخر يهدد أي طائرة رئيسية تعمل بوقود الهيدروجين. إذ إن النيران التي اشتعلت في منطاد هيندنبورغ عام 1937. لا تزال تلوح في أذهان العديد من الأميركيين.

عقبات تنظيمية

إن إنشاء «طرق سريعة رباعية الأبعاد في السماء» سوف يتطلب وضع قواعد شاملة تشمل كل شيء، ابتداءً من سلامة المركبات إلى إدارة الحركة الجوية. في الوقت الراهن، تطلب إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية أن تشمل سيارات الأجرة الجوية الطيارين الذين يعملون في دورهم التقليدي. وهذا ما يؤكد على المرحلة الانتقالية لدمج هذه المركبات في المجال الجوي، ويسلط الضوء على الفجوة بين القدرات الحالية والرؤية المتمثلة في الرحلات الجوية مستقلة القيادة تماماً.

إن الطريق نحو السفر الجوي المستقل في المناطق الحضرية محفوف بمزيد من التعقيدات، بما في ذلك وضع معايير لتشغيل المركبات، واعتماد الطيارين، ومراقبة الحركة الجوية. في حين أن طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية قد حلقت في مئات الرحلات التجريبية، كانت هناك أيضاً مخاوف تتعلق بالسلامة بعد حوادث تحطم بارزة شملت فشل شفرات المروحة في واحدة من التجارب عام 2022. وتحطم أخرى عام 2023. وكان الاثنان يحلقان عن بُعد في ذلك الوقت.

كما تبقى مسألة الجهة الحكومية التي ستُدير هذه الخطوط الجوية الجديدة محل نقاش مفتوح.

آفاق المستقبل

على الأمد البعيد، تتماشى الرؤية بالنسبة لسيارات الأجرة الكهربائية الجوية مع المستقبل، حيث ستحلق السيارات ذاتية القيادة عبر سماء المناطق الحضرية، أشبه بمشاهد من فيلم «العودة إلى المستقبل» لعام 1985. بيد أن هذا المستقبل لا يتطلب قفزات تكنولوجية في التشغيل الآلي (الأتمتة) وكفاءة البطاريات فحسب، وإنما يتطلب أيضاً تحولاً اجتماعياً في الكيفية التي ينظر بها الناس إلى الدور الذي تلعبه المركبات ذاتية القيادة، سواء كانت سيارات أو طائرات، في حياتهم اليومية. ولا تزال السلامة تشكل مشكلة بالنسبة للمركبات ذاتية القيادة على الأرض.

يتوقف نجاح دمج سيارات الأجرة الجوية الكهربائية في البيئات الحضرية والريفية على قدرتها على توفير وسائل نقل آمنة وموثوقة وفعالة من حيث التكلفة.

بما أن هذه المركبات ستتغلب على العقبات العديدة في هذه الصناعة، كما ينتظر أن تتطور اللوائح التنظيمية لدعم تشغيلها في السنوات المقبلة، أعتقد أننا يمكن أن نشهد تحولاً عميقاً في حركة التنقل الجوي. وبذا توفر السماء لنا طبقة جديدة من الاتصال، وإعادة تشكيل المدن وكيفية التنقل فيها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

«قمة المستقبل» بنيويورك... السعودية تستعرض التقدم في التنمية المستدامة

الاقتصاد وزراء سعوديون مشاركون في «قمة المستقبل» بنيويورك (واس)

«قمة المستقبل» بنيويورك... السعودية تستعرض التقدم في التنمية المستدامة

شاركت السعودية بفاعلية في أعمال «قمة المستقبل» في دورتها الـ79 بمدينة نيويورك الأميركية، حيث قدمت رؤيتها الطموحة لمستقبل أكثر استدامة وازدهاراً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
خاص إنريكي لوريس لـ«الشرق الأوسط»: المملكة العربية السعودية هي أرض واعدة للفرص (اتش.بي)

خاص الرئيس التنفيذي لـ«اتش.بي»: سنطور التقنيات في السعودية ونتوسع بها من هناك

في حديث لـ«الشرق الأوسط»، يصف الرئيس التنفيذي لشركة «اتش.بي» إنريكي لوريس، المملكة العربية السعودية بالأرض الواعدة للفرص.

نسيم رمضان (بالو ألتو (الولايات المتحدة))
تكنولوجيا كومبيوتر «أسوس زينبوك إس 14» بدعم لأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي وعمر بطارية ممتد

تعرّف على مزايا كومبيوتر «أسوس زينبوك إس 14» المحمول المتقدم

تصميم أنيق وأداء فائق و14 ساعة من الاستخدام. يشغل أكثر من 300 برنامج تدعم تقنيات الذكاء الاصطناعي.

خلدون غسان سعيد (جدة)
تكنولوجيا رفعت «يوتيوب» أسعار «بريميوم» في أكثر من 15 دولة بما في ذلك السعودية (د.ب.أ)

معضلة «يوتيوب» تواجه المستخدمين... ارتفاع الأسعار أم الإعلانات غير اللائقة

وصل سعر الاشتراك الفردي إلى 26.99 ريال سعودي شهرياً، بينما ارتفع الاشتراك العائلي إلى 49.99 ريال.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا يقدم تلفزيون «برافيا 9» ألوانًا غنية بدقة فائقة وتقنيات تجسيم صوتي متقدمة

تعرف على مزايا تلفزيونات «برافيا» المتقدمة بدعم لتقنيات الذكاء الاصطناعي

طبقة خاصة لمنع انعكاس الضوء لمزيد من الانغماس

خلدون غسان سعيد (جدة)

منصات عالية الارتفاع لإيصال الإنترنت إلى بقاع العالم النائية

منصات عالية الارتفاع لإيصال الإنترنت إلى بقاع العالم النائية
TT

منصات عالية الارتفاع لإيصال الإنترنت إلى بقاع العالم النائية

منصات عالية الارتفاع لإيصال الإنترنت إلى بقاع العالم النائية

معدات اتصالات متمركزة على بالونات ومركبات جوية وطائرات شراعية يفتقر نحو ثُلث سكان العالم، أي نحو 3 مليارات نسمة، إلى القدرة على الوصول إلى الإنترنت، أو لديهم اتصالات ضعيفة؛ بسبب القيود التي تفرضها البنية الأساسية، والتفاوتات الاقتصادية، والعزلة الجغرافية.

فجوات الاتصالات

وتُخلّف الأقمار الاصطناعية والشبكات الأرضية وراءها، اليوم، فجوات على صعيد الاتصالات، خصوصاً في ظل حقيقة أن معدات الاتصالات الأرضية التقليدية قد تكون مكلفة للغاية، بسبب العوامل الجغرافية.

هنا، قد تسهم محطات المنصات عالية الارتفاع (معدات الاتصالات المتمركزة في الهواء على بالونات غير مأهولة، ومركبات جوية، وطائرات شراعية، وطائرات) في تحسين مستوى المساواة الاجتماعية والاقتصادية، عبر سدّ فجوات الاتصال بالإنترنت في التغطية الأرضية والفضائية. وقد يتيح هذا، بدوره، لأعداد أكبر المشارَكة الكاملة في العصر الرقمي.

شبكات الجيل الخامس الجوية

من بين الخبراء الفاعلين في هذا المجال، محمد سليم العلويني، مهندس كهربائي أسهم في تجربة أظهرت أنه من الممكن توفير معدلات بيانات عالية، وتغطية شبكة اتصالات الجيل الخامس في كل مكان، من طبقة الستراتوسفير.

يذكر أن الستراتوسفير، ثاني أدنى طبقة في الغلاف الجوي، ويتراوح ارتفاعها من 4 إلى 30 ميلاً فوق الأرض. وعادة ما تحلق الطائرات التجارية في الجزء السفلي من طبقة الستراتوسفير. وقد تولى القائمون على التجربة قياس الإشارات بين محطات المنصات والمستخدمين على الأرض في 3 سيناريوهات: شخص يقيم في مكان محدد، وآخر يقود سيارة، وثالث يقود قارباً.

ويقول العلويني، إن زملاءه تولوا قياس مدى قوة الإشارة، فيما يتعلق بمستويات التداخل والضوضاء الخلفية، وهو واحد من مقاييس موثوقية الشبكة. وأظهرت النتائج أن محطات المنصات يمكنها دعم التطبيقات ذات المعدلات المرتفعة من البيانات، مثل بث مقاطع الفيديو بدقة «كيه 4 (4K)»، ويمكنها تغطية مساحة من 15 إلى 20 ضعف المساحة التي تغطيها الأبراج الأرضية القياسية.

لم تصادف المحاولات المبكرة التي أقدم عليها «فيسبوك» و«غوغل» لنشر محطات المنصات، النجاح تجارياً. ومع ذلك، فإن الاستثمارات الأخيرة، والتحسينات التكنولوجية، والاهتمام من جانب شركات الطيران التقليدية، والشركات الناشئة المتخصصة بمجال الطيران والفضاء، قد تغير المعادلة.

ويتمثل الهدف من وراء محطات المنصات في توفير قدرة اتصال بالإنترنت على المستوى العالمي، السبب الذي أدى إلى الاعتراف بفكرة محطات المنصات في تقرير «المنتدى الاقتصادي العالمي» لأفضل 10 تقنيات ناشئة لعام 2024. كما تعمل مبادرة «تحالف محطات المنصات عالية الارتفاع»، التي تضم شركاء أكاديميين، على الدفع قدماً نحو هذا الهدف.

محطات سريعة أفضل من الأقمار الاصطناعية

بوجه عام، ستوفر المحطات الأرضية اتصالاً أسرع وأفضل من حيث الجدوى الاقتصادية وأكثر مرونة، عن الأنظمة القائمة على الأقمار الاصطناعية. ولأنها تحافظ على معدات الاتصالات أقرب إلى الأرض عن الأقمار الاصطناعية، فإن محطات المنصات يمكن أن توفر إشارات أقوى وأعلى سعة. وهذا من شأنه أن يتيح الاتصالات في الوقت الحقيقي بسرعة كافية للتواصل مع الهواتف الذكية القياسية، وقدرات عالية الدقة لمهام التصوير، وحساسية أكبر لتطبيقات الاستشعار. وتنقل هذه المحطات البيانات عبر البصريات الفضائية الحرة، أو أشعة الضوء، وأنظمة صفيف الهوائيات واسعة النطاق، التي يمكنها إرسال كميات ضخمة من البيانات بسرعة.

علاوة على ما سبق، فإن الأقمار الاصطناعية عرضة للتنصت أو التشويش، عندما تحملها مداراتها فوق بلدان معادية، بينما تظل محطات المنصات عالية تظل داخل المجال الجوي لدولة واحدة، ما يحد من هذا الخطر.

أضف إلى ما سبق أن محطات المنصات عالية الارتفاع، أسهل في التركيب من الأقمار الاصطناعية، التي تتطلب تكاليف إطلاق وصيانة مرتفعة. ومن المرجح أن تكون المتطلبات التنظيمية والإجراءات المطلوبة لتأمين المواقع في طبقة الستراتوسفير، أبسط عن القوانين الدولية المعقدة، التي تحكم مدارات الأقمار الاصطناعية. كما أن محطات المنصات أسهل من حيث التحديث، وبالتالي يمكن نشر التحسينات بسرعة أكبر.

علاوة على ذلك، تشير الاحتمالات إلى أن محطات المنصات أقل تلويثاً عن مجموعات الأقمار الاصطناعية الضخمة، لأن الأقمار الاصطناعية تحترق عند إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي، ويمكن أن تطلق معادن ضارة فيه، في حين يمكن تشغيل محطات المنصات بمصادر الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر.

على الجانب الآخر، تتركز التحديات الرئيسة التي تواجه محطات المنصات، في زيادة الوقت الذي يمكنها البقاء فيه في الهواء، إلى أشهر في المرة الواحدة، وتعزيز الطاقة الخضراء على متنها، وتحسين درجة الموثوقية، خصوصاً في أثناء الإقلاع والهبوط الآلي عبر الطبقات المضطربة السفلية من الغلاف الجوي.

دور حاسم في حالات الطوارئ

يمكن لمحطات المنصات أن تلعب دوراً حاسماً في حالات الطوارئ والحالات الإنسانية، عبر دعم جهود الإغاثة عندما تتضرر الشبكات الأرضية أو تصبح غير صالحة للعمل

كما يمكن لمحطات المنصات كذلك أن تربط أجهزة إنترنت الأشياء وأجهزة الاستشعار في أماكن بعيدة، لمراقبة البيئة وإدارة الموارد بشكل أفضل.

وبالمجال الزراعي، يمكن للمحطات استخدام تكنولوجيا التصوير والاستشعار، لمساعدة المزارعين على مراقبة صحة المحاصيل، وظروف التربة وموارد المياه. كما يمكن أن تدعم قدرتها على التصوير عالي الدقة أنشطة الملاحة والرسم الخرائطي الحاسمة لرسم الخرائط والتخطيط الحضري والاستجابة للكوارث.

ويمكن للمحطات كذلك القيام بمهام متنوعة عبر حمل أدوات لمراقبة الغلاف الجوي، ودراسات المناخ، والاستشعار عن بعد لخصائص سطح الأرض والنباتات والمحيطات.

من البالونات إلى الطائرات

يمكن أن تستند محطات المنصات إلى أنواع مختلفة من الطائرات.

وتوفر البالونات عملية مستقرة وطويلة الأمد على ارتفاعات عالية، ويمكن ربطها أو تعويمها بحرية. أما المناطيد فتعتمد على غازات أخف من الهواء، وهي أكبر وأكثر قدرة على المناورة من البالونات. وتعدّ مناسبة، بشكل خاص، لأغراض المراقبة والاتصالات والأبحاث.

ويمكن التحكم في الطائرات الشراعية، والطائرات التي تعمل بالطاقة بشكل أكثر دقة عن البالونات، والتي تكون حساسة للتغيرات في سرعة الرياح. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للطائرات التي تعمل بالطاقة، التي تتضمن الطائرات المسيّرة والطائرات ذات الأجنحة الثابتة، توفير الكهرباء لمعدات الاتصالات وأجهزة الاستشعار والكاميرات.

يمكن لمحطات المنصات الاستفادة من مصادر طاقة متنوعة، بما في ذلك الخلايا الشمسية خفيفة الوزن والفعالة بشكل متزايد، والبطاريات عالية الكثافة من الطاقة، ومحركات الاحتراق الداخلي للهيدروجين الأخضر، وخلايا وقود الهيدروجين الأخضر، التي هي الآن في مرحلة الاختبار، وكذلك تشغيل أشعة الليزر من محطات الطاقة الشمسية الأرضية أو الفضائية.

وبفضل تطور تصميمات الطائرات الخفيفة الوزن، إلى جانب التقدم في المحركات والمراوح عالية الكفاءة، أصبح بإمكان الطائرات أن تحلق لفترة أطول، مع وجود حمولات أثقل على متنها. وقد تسهم هذه الطائرات الخفيفة الوزن والمتطورة، في إنشاء محطات منصات قادرة على المناورة في طبقة الستراتوسفير لفترات طويلة.

وفي الوقت نفسه، فإن التحسينات في نماذج الطقس الستراتوسفيري، والنماذج الجوية تجعل من الأسهل التنبؤ بالظروف التي ستعمل فيها محطات المنصات ومحاكاتها.

سد الفجوة الرقمية العالمية

من المحتمل أن يتم نشر محطات المنصات التجارية، على الأقل في حالات ما بعد الكوارث أو حالات الطوارئ، بحلول نهاية العقد. على سبيل المثال، خصص كونسرتيوم شركات في اليابان، وهي دولة بها مجتمعات جبلية وجزرية نائية، 100 مليون دولار لمحطات المنصات التي تعمل بالطاقة الشمسية على ارتفاعات عالية.

ويمكن لمحطات المنصات سد الفجوة الرقمية، عبر تعزيز القدرة على الوصول إلى الخدمات الحيوية، مثل التعليم والرعاية الصحية، وتوفير فرص اقتصادية جديدة، وتحسين الاستجابة للطوارئ والمراقبة البيئية. ومع استمرار التقدم في التكنولوجيا في دفع تطورها، تبدو محطات المنصات في طريقها للاضطلاع بدور محوري في مستقبل رقمي أكثر شمولاً ومرونة.

* مجلة «فاست كومباني»

خدمات «تريبيون ميديا»الجيل المقبل من الطاقة