«فيروسات عملاقة» قد تشكل حلاً مضاداً لذوبان الجليد القطبي

تدمر أنواعاً من الطحالب الداكنة المسرّعة له

التغيرات المناخية تؤدي إلى ذوبان الجليد القطبي
التغيرات المناخية تؤدي إلى ذوبان الجليد القطبي
TT

«فيروسات عملاقة» قد تشكل حلاً مضاداً لذوبان الجليد القطبي

التغيرات المناخية تؤدي إلى ذوبان الجليد القطبي
التغيرات المناخية تؤدي إلى ذوبان الجليد القطبي

طُرِح كثير من الأفكار في قائمة تبدو غريبة كوسائل لتبريد كوكب الأرض الذي يسخن بسرعة في السنوات الأخيرة.

عرضت مثلاً طريقة تركيب 10 ملايين مضخَّة في القطب الشمالي للمساعدة في تكوين المزيد من الجليد البحري، أو وضع مرايا عملاقة في الفضاء لتعكس ضوء الشمس الذي سيكون مكلفاً للغاية.

فيروسات عملاقة

الآن يمكننا إضافة فيروس آخر إلى تلك القائمة: «الفيروسات العملاقة»؛ إذ يقول باحثون من قسم العلوم البيئية بجامعة آرهوس Aarhus University في الدنمارك إنهم اكتشفوا لأول مرة علامات على وجود فيروسات كبيرة تعيش في الثلج والجليد على الغطاء الجليدي في غرينلاند.

هذه الفيروسات «العملاقة» ضخمة حقاً، على الأقل نسبياً. إلا أنها وبالمقارنة مع أبناء عمومتها المتوسطة الحجم، يمكنها أن تنمو لتصبح أكبر بما يصل إلى 1500 مرة.

لكن حجمها ليس هو ما يجعل هذه الكائنات ذات أهمية محتملة لعلماء المناخ، بل حبها لنقل العدوى.

طحالب تسرّع ذوبان الجليد

وتُعتبر الطبقة الجليدية في غرينلاند الأكبر في نصف الكرة الشمالي، وهي في طريقها إلى الذوبان. وتفترض البيانات الأخيرة أنها تفقد 30 مليون طن من الجليد في الساعة. وإذا ذابت بالكامل، فسوف يرتفع مستوى سطح البحر العالمي بأكثر من 20 قدماً.

ويساهم في تسارع معدل الذوبان نوع من الطحالب التي تنمو على الجليد البحري في القطب الشمالي، والتي تحوّل سطحه إلى اللون الأحمر الداكن أو الأسود في فصلَي الربيع والصيف. وتمتص الأسطح الداكنة المزيد من الحرارة، مما يؤدي إلى تسريع عملية الذوبان.

حرب «حيوية»

وهنا يأتي دور الفيروسات العملاقة؛ إذ يشتبه الباحثون في أنها تصيب هذه الطحالب وتدمرها. وإذا كان من الممكن نشر فيروسات عملاقة بشكل استراتيجي لمهاجمة الطحالب الجليدية، فربما يمكن أن تساعد في تبريد الأمور.

إلا أن هناك بعض المحاذير التي يجب مراعاتها؛ إذ ليس من المؤكد بنسبة 100 في المائة أن هذه الفيروسات العملاقة تصيب الطحالب، ولكن تم العثور على بصماتها الجينية في عيِّنات من الجليد تظهر فيها الألوان الخاصة بازدهار الطحالب الدقيقة. وقد أكدت الأبحاث السابقة أن الفيروسات العملاقة الموجودة في المحيط تصيب بالفعل الطحالب وتقتلها.

آمال ومخاوف

ولكن أبعد من ذلك، لا يُعرف كثير عن كيفية تصرف الفيروسات العملاقة على الغطاء الجليدي، أو كيف يمكن تسخيرها للسيطرة على تكاثر الطحالب.

وقالت لورا بيريني، إحدى الباحثات المؤلفة المشاركة في الدراسة الناتجة المنشورة في مجلة «مايكروبيوم” Microbiome: «لا نعرف بعد مدى تحديدها ومدى كفاءتها». وهي تواصل وفريقها تحقيقاتهم بشأن الفيروسات وسيصدرون المزيد من الأبحاث قريباً.

هناك أيضاً كثير مما لا يزال غير معروف حول بيئة ازدهار الطحالب نفسها. نحن نعلم أنها في بعض الأحيان تكون كبيرة بما يكفي لرؤيتها من الفضاء خلال فصل الصيف، ويمكنها أن تزيد من ذوبان الجليد السطحي بنسبة 10 في المائة تقريباً. ولكن ما الذي يجعلها تزدهر؟ وما العواقب غير المقصودة التي يمكن أن تترتب على تعديل نظامها البيئي؟ هذا السؤال الأخير هو السؤال الذي يتعين على كل المشاريع التي تسعى إلى التلاعب بمناخ الأرض أن تتصدى له.

قد يبدو العمل مع الفيروسات والطحالب أكثر «طبيعية» قليلاً من إطلاق مرايا فضائية، ولكن كل إجراء له تأثير غير مباشر. ومع ذلك، مع استمرار ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم وانتقال درجة حرارة الكوكب إلى منطقة مخيفة ومجهولة، ينظر العلماء بقلق إلى مقترحات لتبريد الكوكب كانت تبدو ذات يوم غير واردة على الإطلاق.

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

حقائق

30 مليون طن

من الجليد تفقدها طبقة غرينلاند الجليدية في الساعة

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

2024 قد يكون العام الأكثر سخونة على الإطلاق

بيئة شخص يمسح عرقه في حوض «باد ووتر» بوادي الموت في الحديقة الوطنية بكاليفورنيا وتظهر لافتة حمراء تحذر من درجات حرارة مرتفعة (أ.ب)

2024 قد يكون العام الأكثر سخونة على الإطلاق

قالت وكالة مراقبة تغير المناخ بالاتحاد الأوروبي إن الشهر الماضي كان أكثر شهور يونيو (حزيران) سخونة على الإطلاق في استمرار لسلسلة ارتفاع درجات الحرارة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
آسيا الناس ينظرون نحو منطقة غمرتها الفيضانات على طول ضفة نهر باجماتي الفائض بعد هطول أمطار غزيرة في كاتماندو بنيبال (رويترز)

فيضانات وانزلاقات أرضية تودي بحياة 14 شخصاً في نيبال

قضى 14 شخصاً على الأقل، وفُقد 9 آخرون جراء فيضانات وانزلاقات تربة تسببت فيها أمطار غزيرة في نيبال، على ما ذكرت الشرطة، الأحد.

«الشرق الأوسط» (كاتماندو)
يوميات الشرق عرض ليزر يضيء السماء أثناء أداء فرقة كولدبلاي  في مهرجان غلاستونبري (أ.ف.ب)

عالم الموسيقى يسعى إلى خفض بصمته الكربونية

بدأ منظمو حفلات وفرق موسيقية مثل «كولدبلاي» البريطانية تكثيف مبادراتهم، لعلَّهم يسهمون في المساعي للحد من ظاهرة تغير المناخ، بعد أن شعروا بقلق متزايد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا أطفال يستحمّون في ترعة (د.ب.أ)

بالصور: الحر «القاتل» يودي بحياة أكثر من 50 في باكستان

استمرت موجة الحر الشديد في مدينة كراتشي، أكبر المدن الباكستانية، للأسبوع الثالث؛ ما أدّى إلى امتلاء المستشفيات بالمرضى والمشارح بالجثث، حسب ما أعلنه مسؤولون.

بيئة أعضاء فريق المجدفين في فريق بعثة تحدي القطب الشمالي المقيمين في دولة الإمارات يتدربون في ظروف محاكاة في مركز تدريب الطيران في دبي (أ.ف.ب)

3 مغامرين يتدربون للتجديف في المحيط المتجمّد الشمالي (صور)

يهدف فريق من المغامرين لتسجيل سابقة وزيادة الإدراك حول موضوع (حماية البيئة) من خلال السباحة إلى المحيط الشمالي.

«الشرق الأوسط» (دبي)

بيل غيتس: الذكاء الاصطناعي الفائق سيتطلب بعض الوعي الذاتي

بيل غيتس: الذكاء الاصطناعي الفائق سيتطلب بعض الوعي الذاتي
TT

بيل غيتس: الذكاء الاصطناعي الفائق سيتطلب بعض الوعي الذاتي

بيل غيتس: الذكاء الاصطناعي الفائق سيتطلب بعض الوعي الذاتي

لقد منحني إعداد التقارير والكتابة عن الذكاء الاصطناعي تقديراً جديداً تماماً لمدى روعة أدمغتنا البشرية

«ما وراء المعرفة»

أود أن أشير إلى حديث قبل عدة أيام لبيل غيتس قال فيه إن «ما وراء المعرفة (metacognition)» تمثل الجبهة التالية للذكاء الاصطناعي.

(مصطلح «Metacognition» - إدراك الإدراك، أو ما وراء المعرفة، مجال دراسة كيفية إدراك المعرفة المحصلة. يُعرف عادة بـ«المعرفة حول المعرفة». الإدراك الذاتي يأخذ أشكالاً مختلفة، مثل معرفة متى وكيفية تطبيق «استراتيجيات مختلفة للتعلم أو حل المشاكل»، وفقاً لـ«ويكيبيديا» - المحرر)

الافتقار إلى الأبعاد الفكرية

وفي حين أن النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) تُعتبر مثيرة للإعجاب، فإنها تفتقر إلى أبعاد الفكر الكاملة التي نعتبرها نحن البشر أمراً مفروغا منه. وقد طرح بيل غيتس مؤسس «مايكروسوفت» هذه الفكرة الأسبوع الماضي في برنامج Next Big Idea Club.

** رابط الفيديو باللغة الانجليزية

«إدراك الإدراك»

وفي حديثه للمضيف روفوس غريسكوم، تحدَّث غيتس مطولاً عن «ما وراء المعرفة»، الذي يشير إلى نظام يمكنه التفكير في تفكيره الخاص. عرَّف غيتس مصطلح «ما وراء المعرفة» بأنه القدرة على «التفكير في مشكلة بالمعنى الواسع والتراجع... والقول: حسناً، ما مدى أهمية الإجابة عن هذا السؤال؟ كيف يمكنني التحقق من إجابتي، وما الأدوات الخارجية التي ستساعدني في ذلك؟».

وأضاف أن «الاستراتيجية المعرفية» الشاملة للنظم الموجودة مثل «جي بي تي - 4» (GPT - 4) أو «لاما» (Llama) لا تزال تفتقر إلى التطور. وقال إنها «مجرد توليد من خلال الحساب المستمر لكل رمز وتسلسل، ومن المذهل أن هذا يؤدي عمله على الإطلاق».

وتابع أن النظام «لا يتراجع مثل الإنسان ويفكر مثل: حسناً، سأكتب هذه الدراسة، وهذا ما أريد تغطيته. حسناً، سأضع بعض النص هنا، وهذا ما أريد فعله للملخص».

التفكير بشكل أكثر ذكاء

يعتقد غيتس أن الطريقة التي يتبعها باحثو الذكاء الاصطناعي لتحسين أداء هذه النماذج اللغوية الكبيرة (أي تضخيم بيانات التدريب وقوة الحوسبة) لن تؤدي إلا إلى بضع قفزات كبيرة أخرى إلى الأمام. بعد ذلك، سيتعين على باحثي الذكاء الاصطناعي استخدام استراتيجيات ما وراء المعرفة لتعليم نماذج الذكاء الاصطناعي كيفية التفكير بشكل أكثر ذكاءً... وليس بجدية أكبر.

عبقرية مشوشة

وقال غيتس إن أبحاث ما وراء المعرفة قد تكون المفتاح لإصلاح المشكلة الأكثر إرباكاً التي تواجه النماذج هذه؛ وهي موثوقيتها ودقتها. «هذه التكنولوجيا... سوف تصل إلى مستويات فوق طاقة البشر». وقال: «لم نصل إلى هناك حتى الآن، بسبب قيود مدى الموثوقية».

وأضاف أن «كثيراً من الأعمال الجديدة يضيف مستوى مما وراء المعرفة، الذي، إذا تم تنفيذه بشكل صحيح، سيؤدي إلى إيجاد الحلول للطبيعة المشوشة لهذه التوجهات العبقرية».

* النشرة الإخبارية الأسبوعية لمجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»