«تـشات جي بي تي - 4 أو» الجديد: المبالغة الإعلامية للذكاء الاصطناعي

يواجه مصاعب في الرياضيات والفيزياء وبارع في ترجمة اللغات

توظيف «تشات جيب بي تي» الجديد لحل المسائل العلمية
توظيف «تشات جيب بي تي» الجديد لحل المسائل العلمية
TT

«تـشات جي بي تي - 4 أو» الجديد: المبالغة الإعلامية للذكاء الاصطناعي

توظيف «تشات جيب بي تي» الجديد لحل المسائل العلمية
توظيف «تشات جيب بي تي» الجديد لحل المسائل العلمية

عندما كشفت شركة «أوبن إيه آي» عن أحدث إصدار من برنامج «تشات جي بي تي» الذي يحظى بشعبية كبيرة هذا الشهر، كان لهذا الإصدار صوت جديد يمتلك تقلبات وعواطف شبيهة بالإنسان. كما تضمن العرض التوضيحي على الإنترنت قيام الروبوت بتعليم طفل كيفية حل مسألة هندسية.

عرض توضيحي سيئ

ما أثار استيائي أن العرض التوضيحي كان بالأساس بمثابة طُعمٍ واستبدال (لمنتج غير حقيقي). صدر «تشات جي بي تي» الجديد من دون معظم خصائصه الجديدة، بما في ذلك الصوت المحسن (الذي قالت الشركة إنها أجّلته لإجراء إصلاحات). كما أن القدرة على استخدام كاميرا الفيديو الخاصة بالهاتف للحصول على تحليل في الوقت الحقيقي لشيء ما مثل مسألة رياضية ليست متاحة حتى الآن. في وسط هذا التأخير، قامت الشركة أيضاً بإلغاء تنشيط صوت «تشات جي بي تي» الذي قال البعض إنه بدا مثل صوت الممثلة «سكارليت جوهانسون»، بعد أن هددت باتخاذ إجراء قانوني، واستبدلته بصوت نسائي مختلف. في الوقت الحالي، ما تم نشره بالفعل في برنامج «شات جي بي تي» الجديد هو القدرة على تحميل الصور للروبوت لتحليلها. يمكن للمستخدمين عموماً توقع استجابات أسرع وأكثر وضوحاً. يستطيع الروبوت أيضا عمل ترجمات لغوية فورية في الوقت الحقيقي، ولكن «تشات جي بي تي» سوف يستجيب بصوته القديم المشابه لصوت الآلات.

تجربة الإصدار الجديد

مع ذلك، هذا هو برنامج الدردشة الرائد الذي أثر بشدة على صناعة التكنولوجيا، لذا كان الأمر يستحق المراجعة. بعد أن جربت برنامج الدردشة المسرَّع هذا لمدة أسبوعين، اختلطت لدي المشاعر. لقد برع في ترجمة اللغات، لكنه واجه صعوبات في الرياضيات والفيزياء. ومع ذلك، لم أر تحسناً ذا مغزى من النسخة الأخيرة، «شات جي بي تي - 4». بالتأكيد لن أسمح له بأن يدرس لطفلي. الواقع أن هذا التكتيك، الذي تعد فيه شركات الذكاء الاصطناعي بميزات جديدة جامحة، وتقدم منتجاً غير مكتمل، يتحول إلى اتجاه من المحتم أن يؤدي إلى إرباك وإحباط الناس.

تقنيات ذكية بأداء متدنٍ

كان جهاز (إيه آي بين Ai Pin) الذي يبلغ سعره 700 دولار، وهو عبارة عن دبوس ناطق من إنتاج شركة «هيومين - Humane» الناشئة، التي يمولها سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، قد تعرض لانتقادات عالمية بسبب ارتفاع حرارته في أثناء التشغيل وبثه الكثير من الهراء. كما أضافت شركة «ميتا» مؤخراً إلى تطبيقاتها برنامج الدردشة الآلي العامل بالذكاء الاصطناعي الذي كان أداؤه سيئاً في أغلب مهامه المعلنة، مثل البحث على شبكة الإنترنت عن تذاكر الطائرات. تطلق الشركات منتجات الذكاء الاصطناعي في حالة سابقة لأوانها، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها تريد من الناس استخدام التكنولوجيا لمساعدتهم على تعلم كيفية تحسينها. في الماضي، عندما كشفت الشركات عن منتجات تكنولوجية جديدة مثل الهواتف، كان ما يعرضونه علينا - ميزات مثل كاميرات جديدة وشاشات أكثر إشراقاً - هو ما كنا نحصل عليه فعلاً.

على المستهلكين التعامل بحذر

مع الذكاء الاصطناعي، تقدم الشركات نظرة مسبقة على المستقبل المحتمل، موضحة التقنيات التي يجري تطويرها والتي تعمل فقط في ظروف محدودة ومحكومة. قد يصل إلينا منتج ناضج يمكن الاعتماد عليه، أو قد لا يصل أبداً. والدرس الذي يتعين علينا تعلمه من كل ذلك هو أننا – بوصفنا مستهلكين - لا بد أن نقاوم هذه الضجة الإعلامية الفارغة، وأن نتبنى نهجاً بطيئاً حذراً في التعامل مع الذكاء الاصطناعي. يجب ألا ننفق الكثير من المال على أي تقنية غير مكتملة حتى نرى دليلاً على أن الأدوات المطروحة تعمل كما هو معلن عنها.

«تـشات جي بي تي - 4 أو»

الإصدار الجديد من «تشات جي بي تي»، والذي يسمى «تـشات جي بي تي - 4 أو» ChatGPT - 4o (وo هنا ترمز إلى الكلمة omni وتعني «المتعدد الجوانب»)، أصبح الآن متاحاً للتجربة على موقع «أوبن إيه آي» على الإنترنت وتطبيقها الخاص. يمكن للمستخدمين الذين لا يدفعون تقديم بعض الطلبات قبل انتهاء المهلة، ويمكن لأولئك الذين لديهم اشتراك شهري بقيمة 20 دولاراً أن يطرحوا على الروبوت عدداً أكبر من الأسئلة. قالت شركة «أوبن إيه آي» إن نهجها التكراري لتحديث «شات جي بي تي» سمح لها بجمع الملاحظات بغرض إجراء تحسينات. وقالت الشركة في بيان لها: «نعتقد أنه من المهم استعراض نماذجنا المتقدمة لإعطاء الناس لمحة عن قدراتهم ولمساعدتنا على فهم تطبيقاتهم في العالم الحقيقي».

أداء متفاوت في الهندسة والفيزياء

إليكم ما يجب معرفته عن أحدث إصدار من برنامج «شات جي بي تي».

في الهندسة والفيزياء، ولإظهار الحيل الجديدة لبرنامج «شات جي بي تي - 4 أو»، نشرت شركة «أوبن إيه آي» فيديو يظهر فيه سال خان، الرئيس التنفيذي لأكاديمية خان، وهي منظمة تعليمية غير ربحية، مع ابنه عمران. مع كاميرا فيديو موجهة إلى مسألة هندسية، تمكن «تشات جي بي تي» من التحدث مع عمران لحلها خطوة بخطوة. رغم أن ميزة تحليل الفيديو الخاصة ببرنامج «تشات جي بي تي» لم تصدر بعد، فإنني تمكنت من تحميل صور للمسائل الهندسية. قام «تشات جي بي تي» بحل بعض المسائل الأسهل منها بشكل صحيح، لكنه فشل في حل المزيد من المسائل الأصعب. في مسألة واحدة تتعلق بتقاطع المثلثات، والتي بحثت عنها على موقع التحضير لاختبار (امتحانات التلاميذ) «سات - SAT»، فهم الروبوت السؤال لكنه أعطى إجابة خاطئة. قام تايلور نغوين، مدرس الفيزياء بالمدرسة الثانوية في مقاطعة أورانج، بولاية كاليفورنيا، بتحميل مسألة فيزيائية تتعلق برجل يركب أرجوحة، التي عادة ما يتم تضمينها في اختبارات حساب التفاضل والتكامل المتقدمة. ارتكب «تشات جي بي تي» عدة أخطاء منطقية لإعطاء إجابة خاطئة، لكنه تمكن من تصحيح نفسه من خلال ملاحظات الأستاذ نغوين. وقال المدرس: «لقد تمكنت من تدريبه، لكنني مدرس. كيف يفترض بالطالب أن ينتقي (من البرنامج) هذه الأخطاء؟ إن التلاميذ يفترضون تلقائياً أن برنامج الدردشة الآلي على حق». لاحظتُ أن «تشات جي بي تي - 4 أو» نجح في بعض عمليات القسمة التي أجراها أسلافه بشكل غير صحيح، لذا هناك علامات على التحسن البطيء. ولكنه فشل أيضاً في مهمة حسابية أساسية كانت الإصدارات السابقة وغيرها من روبوتات الدردشة الأخرى، بما في ذلك «ميتا إيه آي» و«غوغل جيميني»، قد أخفقت فيها: وهي القدرة على العدّ.

براين تشين يستخدم البرنامج لترجمة لغة الماندرين الصينية

الاستدلال المنطقي

كما أبرزت شركة «أوبن إيه آي» أن «تشات جي بي تي» الجديد كان أفضل في الاستدلال المنطقي، أو استخدام المنطق للتوصل إلى ردود.

لذا فقد جربته خلال أحد الاختبارات المفضلة لدي: طلبت منه إنتاج لغز «أين والدو؟» Where’s Waldo? puzzle وعندما أظهر صورة لوالدو العملاق يقف وسط حشد من الناس، قلت إن المغزى من التجربة أنه من المفترض أن يكون من الصعب العثور عليه. ثم قام الروبوت بتوليد والدو أكبر من ذلك أيضاً. كما أجرى «سوباراو كامبهامباتي»، الأستاذ والباحث في الذكاء الاصطناعي بجامعة ولاية أريزونا، بعض الاختبارات على برنامج الدردشة، وقال إنه لا يرى تحسناً ملحوظاً في التفكير المنطقي مقارنة بالإصدار الأخير. وقد قدم هذا الأستاذ إلى برنامج «تشات جي بي تي» لغزاً يشمل عدداً من الكتل: إذا كانت الكتلة (ج) أعلى الكتلة (أ)، والكتلة (ب) موجودة بشكل منفصل على الطاولة، هل يمكنك إخباري كيف يمكنني صنع عمود من الكتل باستخدام الكتلة (أ) أعلى الكتلة (ب)، والكتلة (ب) أعلى الكتلة (ج)، ولكن من دون تحريك الكتلة (ج)؟ الجواب هو أنه من المستحيل ترتيب الكتل في ظل هذه الظروف، ولكن، كما هو الحال مع الإصدارات السابقة، توصل «تشات جي بي تي - 4 أو» باستمرار إلى حل يتضمن تحريك الكتلة (ج).

وقال كامبهامباتي إنه من خلال هذه الاختبارات وغيرها من اختبارات الاستدلال الأخرى، كان برنامج «شتات جي بي تي» قادراً أحياناً على الاستفادة من الملاحظات للحصول على الإجابة الصحيحة، وهو ما يتعارض مع كيفية عمل الذكاء الاصطناعي. وأضاف: «يمكنك تصحيح ذلك، ولكن عندما تفعل ذلك، فإنك تستخدم ذكاءك الخاص». أشارت شركة «أوبن إيه آي» إلى نتائج الاختبار التي أظهرت أن «تشات جي بي تي - 4 أو» سجل نحو نقطتين مئويتين أعلى في الإجابة عن أسئلة المعرفة العامة مقارنة بالإصدارات السابقة من «شات جي بي تي»، موضحة أن مهارات الاستدلال المنطقي قد تحسنت قليلاً.

ترجمة لغوية فورية

قالت شركة «أوبن إيه آي» أيضاً إن برنامج «تشات جي بي تي» الجديد يمكنه إجراء أي ترجمة فورية للغات في الوقت الحقيقي، ما قد يساعدك في التحدث مع شخص يتحدث لغة أجنبية. لقد اختبرتُ «تشات جي بي تي» مع لغة الماندرين واللغة الكانتونية، وأكدت أنه لا بأس به في ترجمة العبارات، مثل «أود حجز غرفة في فندق يوم الخميس المقبل»، و«أريد سريراً بحجم كبير». لكن اللهجات كانت متقطعة قليلاً. (ولأكون منصفاً، فإن لغتي الصينية الركيكة ليست أفضل كثيراً). وقالت شركة «أوبن إيه آي» إنها لا تزال تعمل على تحسين اللهجات. وقد برع «تشات جي بي تي - 4 أو» أيضا بوصفه محرراً. وعندما غذيته بالفقرات التي كتبتها، كانا سريعاً وفعالاً في إزالة الكلمات والعبارات المفرطة.

إن أداء برنامج «شات جي بي تي» الجيد مع الترجمة اللغوية يمنحني الثقة بأنها سوف تُصبح ميزة أكثر فائدة في المستقبل.

خلاصة القول

الشيء الرئيسي الذي حققته شركة «أوبن إيه آي» مع «تشات جي بي تي - 4 أو» هو جعل التكنولوجيا مجانية ليجربها الناس. مجاناً هو السعر المناسب: بما أننا نساعد في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي هذه باستخدام بياناتنا في التحسين، فلا ينبغي أن ندفع في المقابل. إن أفضل ما في الذكاء الاصطناعي لم يأت بعد، وقد يكون يوماً ما مدرساً جيداً للرياضيات نود التحدث معه. ولكن يجب أن نصدق ذلك عندما نراه ونستمع إليه.

* خدمة «نيويورك تايمز».


مقالات ذات صلة

بماذا يتميز تطبيق «شات جي بي تي» للكومبيوتر المكتبي عن الويب؟

تكنولوجيا أطلقت «أوبن إيه آي» تطبيق «ChatGPT» لسطح المكتب لأجهزة «Mac» لتوفير وصول سريع وسهل للذكاء الاصطناعي دون الحاجة لاستخدام المتصفح (أوبن إيه آي)

بماذا يتميز تطبيق «شات جي بي تي» للكومبيوتر المكتبي عن الويب؟

الفرق بين استخدام تطبيق «تشات جي بي تي» (ChatGPT) للكومبيوتر المكتبي، واستخدام الخدمة على واجهة الويب، مع التركيز على الفوائد والنصائح.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
علوم ألبرتو كارفاليو المشرف على مدارس لوس أنجليس يتحدث عن نظام الذكاء الاصطناعي «إد»

برنامج الدردشة الذكي «الصديق» لطلاب المدارس العامة... يسقط

الخبراء ينصحون المدارس باتباع نهج «الانتظار والترقب» لشراء التكنولوجيا الجديدة.

دانا غولدستاين (نيويورك)
تكنولوجيا تقرير «مايكروسفت»: يدرك المحترفون أن هناك فرصاً كبيرة متاحة لأولئك الذين يمتلكون مهارات في مجال الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)

«مايكروسوفت»: 75 % من الموظفين يستخدمون الذكاء الاصطناعي لمساعدتهم في إنجاز مهامهم اليومية

تقرير جديد لـ«مايكروسوفت» بالتعاون مع «لينكد إن» يكشف التوجهات الجديدة لتبني الذكاء الاصطناعي في المؤسسات.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا كيف تضمن «أبل» حوسبة سحابية آمنة في تطبيقاتها للذكاء الاصطناعي؟

كيف تضمن «أبل» حوسبة سحابية آمنة في تطبيقاتها للذكاء الاصطناعي؟

تُعدّ خدمة الحوسبة السحابية الخاصة من «أبل» حجر الزاوية في استراتيجية الذكاء الاصطناعي للشركة، مع التشديد على أهمية الخصوصية والأمان في تطبيقات الذكاء الاصطناعي

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد زوار في جناح «هواوي» بالمعرض العالمي للهواتف المحمولة في مدينة شنغهاي الصينية الشهر الماضي (أ.ف.ب)

بايدن ألغى 8 تراخيص لشركة «هواوي» الصينية منذ بداية 2024

قالت الصين إنها ستطور أكثر من 50 معياراً وطنياً وصناعياً جديداً لقطاع الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2026.

«الشرق الأوسط» (بكين - واشنطن)

«كيراميكي»: شاشة تجسد نعومة الحرير ولمعان الزجاج

«كيراميكي»: شاشة تجسد نعومة الحرير ولمعان الزجاج
TT

«كيراميكي»: شاشة تجسد نعومة الحرير ولمعان الزجاج

«كيراميكي»: شاشة تجسد نعومة الحرير ولمعان الزجاج

تمر التجارة الإلكترونية بحالة من الازدهار في الوقت الحاضر. ووفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة «ماكينزي»، «تضاعف انتشار مبيعات التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة إلى أكثر من الضعف ليصل إلى 35 في المائة عام 2020، مقارنة بالعام السابق، أي ما يعادل نحو عشر سنوات من النمو». ومنذ الجائحة، شهد هذا القطاع نمواً مستمراً عاماً بعد آخر. وبحسب تقديرات موقع Emarketer، فإن سوق التجارة الإلكترونية ستتجاوز 6 تريليونات دولار هذا العام.

ابتكارات جديدة

وكتب كولاولي صامويل أديبايو ان من الممكن حصول هذا القطاع على دفعة جديدة بفضل ابتكار طرحته شركة الاتصالات العملاقة «نيبون تلغراف آند تيليفون» (NTT). إذ - وفي إطار معرض «أبغرايد 2024»، القمة العالمية التي تعقدها «NTT» سنوياً بخصوص جهود البحث والابتكار في سان فرنسيسكو، كشفت الشركة النقاب عن بعض التقنيات الباهرة... من الجيل الجديد من P5G إلى IOWN (الشبكة البصرية واللاسلكية المبتكرة)، ونموذجها اللغوي الكبير «تسوزومي» (tsuzumi)، إضافة إلى عقد محادثات حول كيفية اعتماد الذكاء الاصطناعي على نحو آمن.

ورغم كل هذه التقنيات المبتكرة، ثمة عنصر بدا متميزاً ونجح في لفت الأنظار: «كيراميكي»... عرض مجال ضوئي عالي الوضوح مصمم لتمثيل الملمس الحقيقي للمواد، ما يمكن أن يكون إيذاناً بانطلاق موجة جديدة من تجارة التجزئة.

يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تستعد فيها تقنية ناشئة لتغيير المشهد العام الراهن للتجارة الإلكترونية وتجارة التجزئة. فمن جهة، يعمل الذكاء الاصطناعي على تعزيز الطابع الفردي والتوصيات المخصصة لتجارب التسوق. ومن جهة أخرى، يعمل الواقعان المعزز والافتراضي (AR/VR) على سد الفجوة بين الواقع والواقع التقريبي.

تجسيد الملمس وواقعية بصرية

إلا أن «كيراميكي» ـ مشروع مشترك بين شركتي «أدفانسد تكنولوجي » و«نيبون آينولوكس» (Nippon Innolux) ـ احتلت مكانة متميزة عن التقنيات الأخرى، بفضل تركيزها الفريد من نوعه على تجسيد الملمس والواقعية البصرية.

ومع أن هذا المنتج المبتكر ليس تجارياً تماماً بعد حتى وقت كتابة هذا المقال، فإن هناك بالفعل خططاً لنقل شاشة العرض هذه من المختبر إلى السوق في غضون عامين إلى ثلاثة. وفي غضون ذلك، يتطلع فريق العمل المعني إلى إجراء تجارب إثبات المفهوم مع العملاء المحتملين، بعدّ ذلك محطة رئيسية على الطريق، خلال العام المقبل.

تكنولوجيا «كيراميكي»

تعتمد شاشة عرض «كيراميكي» _Kirameki - التي يعكس اسمها معاني تتعلق باللمعان والتألق والضوء الساطع باللغة اليابانية - على «تكنولوجيا عرض المجال الضوئي» light field display (LFD) لإرضاء جميع صور الإدراك البصري للبشر.

وبدلاً من أنظمة العرض التقليدية التي تسمح لك برؤية انعكاس الضوء من نقطة واحدة فقط، تعكس تقنية (LFD) الضوء من زوايا متعددة. ويتيح ذلك للمشاهد رؤية زوايا مختلفة للصورة في أثناء تحركه، ما يجعل الصورة تبدو ثلاثية الأبعاد وشديدة الواقعية. ونظراً لأنه يجري عرض الضوء في اتجاهات مختلفة عديدة، ويحمل القدر نفسه من بيانات الألوان والكثافة، يمكن للمشاهدين رؤية صور مختلفة قليلاً للعنصر نفسه، حسب الزاوية التي ينظرون منها. ويبدو الأمر كما لو أنه يمكنك لمس العنصر الذي يخرج من الشاشة.

علاوة على ذلك، تعد «كيراميكي» متخصصة في مسألة تجسيد الملمس. سواء أكان الأمر يتعلق بنعومة الحرير، أو لمعان الزجاج، أو الملمس المليء بالحبوب للخرسانة، فإن الشاشة تحاكي كيفية تفاعل الضوء مع الأسطح لتوفير تمثيل واقعي للغاية لملمس المادة.

في الوقت الحاضر، تعتمد الشاشة تكنولوجيا IPS LCD، المعروفة بتمثيل الألوان الدقيق وزوايا المشاهدة الأوسع. وجرى تصميم الشاشة كذلك بدقة زاوية عالية (بين 31 - 256 مشاهدة) ودقة إخراج حول الوضوح العالي الكامل، وبالتالي ضمان زوايا متعددة بجودة بصرية جيدة مثل تلفزيون UltraHD الموجود بغرفة المعيشة الخاصة بك.

التجارة الإلكترونية

تلمّس المجوهرات السلع

والآن، ماذا يعني ذلك حقاً للمستهلك العادي؟ قال تاداشي ساكاموتو، المدير بالذراع الأميركية لـ«شركة التكنولوجيا المتقدمة» التابعة لشركة «NTT» في تصريحات لـ«فاست كومباني»: «ستساهم هذه الشاشة في مجال الأعمال، حيث يلعب الملمس دوراً مهماً في النظرة المستقبلية للمنتجات. على سبيل المثال: الفن، والحرف اليدوية، والمجوهرات، والسلع ذات العلامات التجارية الفاخرة، والأطعمة الشهية».

وأضاف: «بجانب الإعلان عن السلع التابعة للعلامات التجارية الفاخرة، مثل المجوهرات والملابس والحقائب والأحذية وما إلى ذلك، سيجري استخدام هذه الشاشة في المجالات حيث يزيد الملمس من قيمة المحتويات، مثل المشاهدة الافتراضية للفن والفيديوهات الثلاثية الأبعاد، ومعاينة المنتجات الصناعية المطورة حديثاً».

ومع أن شاشة «كيراميكي» متاحة الآن فقط بأحجام تتراوح من 17.3 بوصة إلى 28 بوصة، والتي تعد من الشاشات المثالية في المنازل والمكاتب، وحتى الأماكن العامة، فإن المتسوقين عبر الإنترنت الذين يتسوقون عبر أجهزة الكومبيوتر أو الهواتف الذكية الخاصة بهم يمكنهم كذلك الاستفادة من بعض مزايا «كيراميكي».

وأضاف ساكاموتو: «من حيث المبدأ، يمكن استغلال هذه الشاشة لأجهزة الكومبيوتر أو الهواتف الذكية. سنكون سعداء للغاية إذا تمكنا من توسيع نطاق استخدام هذه الشاشة بهذا الحجم الكبير».

تفاصيل البضاعة

تخيل للحظة أنه قبل شراء سترة كشمير جديدة عبر الإنترنت، يمكنك معرفة ما إذا كانت - وأنت على وشك شرائها مقابل 99.99 دولار - مصنوعة بالفعل من قماش الكشمير الأصلي، أو مجرد ألياف صناعية لامعة. وأنت لا تراها فقط صورة منتج على عارضة جميلة المظهر، وإنما بكل تفاصيلها، ومن كل زاوية ممكنة.

وفيما يخص التجارة الإلكترونية، على وجه التحديد، فسوف تغير «كيراميكي» كل شيء.

من بين الـ98 في المائة من المستهلكين عالمياً الذين يتسوقون عبر الإنترنت، لن يقدم كثيرون على هذه التجربة، وهم يشعرون بالارتياح، إلا إذا كانت هناك صور رائعة لمشترياتهم المحتملة. ومع ذلك، هناك كثير للغاية من الأشخاص لا يحصلون على ما طلبوه بالضبط، ما يؤدي إلى إعادة منتجات بقيمة مليارات الدولارات لتجار التجزئة.

مع تكنولوجيا «كيراميكي»، التي تسمح للمتسوقين عبر الإنترنت برؤية قوام وتفاصيل عملية الشراء المحتملة، كما لو كانت المنتجات بأيديهم فعلياً. وعليه، يمكن أن تصبح عملية اتخاذ قرار الشراء أقصر وأكثر تكراراً.

وفيما يتعلق بالمتاجر التقليدية في الواقع، يمكن أن تسهم شاشة عرض «كيراميكي» في خلق تجربة تسوق أكثر جاذبية عبر عروض ترويجية أو الترويج البصري.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».