جناح الذبابة يساعد في اكتشاف أسباب العيوب الخلقية لدى البشر

دراسة على ذبابة الفاكهة قد تؤدي لتصحيح العيوب الخلقية بالأنسجة البشرية (ويكيبيديا)
دراسة على ذبابة الفاكهة قد تؤدي لتصحيح العيوب الخلقية بالأنسجة البشرية (ويكيبيديا)
TT

جناح الذبابة يساعد في اكتشاف أسباب العيوب الخلقية لدى البشر

دراسة على ذبابة الفاكهة قد تؤدي لتصحيح العيوب الخلقية بالأنسجة البشرية (ويكيبيديا)
دراسة على ذبابة الفاكهة قد تؤدي لتصحيح العيوب الخلقية بالأنسجة البشرية (ويكيبيديا)

توصل فريق من الباحثين في الولايات المتحدة إلى أن إجراء أبحاث على أجنة ذباب الفاكهة يمكن أن يساعد في تشخيص واحتمال علاج بعض العيوب الخلقية لدى البشر.

وفي إطار الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية «Nature Communications»، عكف فريق بحثي من جامعة كاليفورنيا ريفرسايد الأميركية على دراسة العوامل التي تؤدي إلى نمو جناح ذبابة الفاكهة بشكل سليم، وهي ما زالت في طور الأجنة، واستخدم منظومة حوسبية متطورة لإجراء عمليات محاكاة لطريقة تفاعل خلايا أجنة الذباب من أجل تكون أجنحة هذه الحشرات.

واختبر الباحثون أيضاً الخواص الميكانيكية للخلايا مثل درجة المرونة ومستويات ضغط السوائل داخل الخلايا، فضلاً عن طريقة تفاعل أنواع مختلفة من الخلايا حتى الوصول في نهاية المطاف إلى تكون الأنسجة الخاصة بأجنحة الذباب.

ويقول مارك ألبر أستاذ الرياضيات ورئيس فريق الدراسة من جامعة كاليفورنيا ريفرسايد: «لقد صنعنا نماذج لمئات الخلايا في محاولة لفهم طريقة تفاعلها مع بعضها، حتى الوصول في نهاية المطاف إلى تكون جناح ذبابة الفاكهة».

ورصد الفريق البحثي بالتعاون مع باحثين من جامعة نوتردام مراحل تطور الجناح من الشكل الأسطواني المبدئي ثم الانتقال إلى طور الشكل الدائري المتسق إلى أن يصبح الجناح في نهاية المطاف دائرياً من أعلى ومسطح من الأسفل.

ونقل الموقع الإلكتروني «ميديكال إكسبريس» المتخصص في الأبحاث الطبية عن جنيفر انغيل أمبريز الباحثة في مجال الرياضيات وعضوة فريق الدراسة قولها: «كنا نريد أن نفهم مسببات هذا التغير، لأن الذباب لا يطير أو يبقى على قيد الحياة، إذا لم تتطور أجنحته بشكل سليم تتيح له إمكانية الطيران».

وتوصل الباحثون إلى وجود وحدات خلوية فرعية تحمل اسم «أسيتومايسين» باعتبارها المسؤولة عن تطور تكوين الجناح، وبخاصة تسطح الجزء السفلي من جناح الذبابة.

وأكد الباحثون أنهم توصلوا إلى العوامل المسؤولة عن تطور الأنسجة في طور الأجنة، وأن تطبيقات هذه الدراسة يمكن أن تنعكس على فهم تطور أو توليد الأنسجة لدى كل من الحيوان والإنسان.

وأعرب الفريق البحثي عن أمله في أن تفضي هذه الدراسة إلى إمكانية تصحيح العيوب الخلقية بالأنسجة البشرية.


مقالات ذات صلة

كيف يمكن الحصول على «فيتامين د» من أشعة الشمس بأمان؟

صحتك كيف يمكن الحصول على «فيتامين د» من أشعة الشمس بأمان؟

كيف يمكن الحصول على «فيتامين د» من أشعة الشمس بأمان؟

يُطلق على «فيتامين د» «فيتامين أشعة الشمس»؛ نظراً لأن الجسم يمتصه نتيجة التعرض لأشعة الشمس التي تعد المصدر الطبيعي له.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك صورة لوجبة صحية من بيكسباي

7 عادات يومية لتحسين صحة أمعائك وتعزيز قدرتك العقلية

على الرغم من أن الأمعاء لا تكتب الشعر أو تحل مسائل الرياضيات فإنها تحتوي على ثروة من الخلايا العصبية مشابهة للدماغ.

كوثر وكيل (لندن)
صحتك أشخاص يمارسون تمارين (رويترز)

كيف يمكن أداء تمارين التمدد بشكل مفيد؟

تساعد تمارين التمدد في جعل الجسم أكثر مرونة، وتحسن من حركة المفاصل، وتسبب شعوراً بالارتياح. وتختلف الآراء بشأن توقيت أداء تلك التمارين... هل الأفضل قبل أو…

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
صحتك تتنافس الألمانيتان لينا هينتشيل وجيت مولر في نهائي مسابقة الغطس المتزامن للسيدات 27 يوليو (د.ب.أ)

3 اختلافات مهمة بينك وبين الرياضي الأولمبي

بينما لا تتنافس من أجل الحصول على ميدالية، يمكنك التعلم من أولئك الذين يفعلون ذلك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يصيب سرطان الفم نحو 8800 شخص في المملكة المتحدة كل عام (أرشيفية - رويترز)

دراسة: بكتيريا الفم «تذيب» بعض أنواع السرطان

في اكتشاف علمي مذهل وجد الباحثون أن نوعاً شائعاً من بكتيريا الفم يُعرف بـ«الفوسوباكتيريوم» يمكنه إذابة بعض أنواع السرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)

سرطان الأمعاء يشغّل ويوقف «مفاتيح جينية» للتهرب من جهاز المناعة

سرطان الأمعاء يشغّل ويوقف «مفاتيح جينية» للتهرب من جهاز المناعة
TT

سرطان الأمعاء يشغّل ويوقف «مفاتيح جينية» للتهرب من جهاز المناعة

سرطان الأمعاء يشغّل ويوقف «مفاتيح جينية» للتهرب من جهاز المناعة

تتعمّق دراسة جديدة في الآليات التي تستغل بها الخلايا السرطانية الطفرات الجينية للتهرب من جهاز المناعة، مع التركيز على الطفرات في جينات إصلاح الحامض النووي (دي إن إيه) التي تعمل بصفتها مفاتيح للتحكم في معدلات الطفرات داخل الخلايا السرطانية. وهذا ما يسهّل نمو الورم والتهرب المناعي؛ إذ يمكن للسرطان إنشاء تلك الطفرات وإصلاحها بشكل متكرر، لتكون بمثابة «مفاتيح جينية» تعمل على كبح نمو الورم أو عدم كبحه اعتماداً على ما هو أكثر فائدة لتطور السرطان.

قانون التوازن التطوري

وكان يُعتقد سابقاً أن عدد الطفرات الجينية في الخلية السرطانية يرجع إلى الصدفة البحتة. لكن الدراسة الجديدة التي نُشرت في مجلة «نتشر جينتكس» (Nature Genetics) في 3 يوليو (تموز) 2024 قدّمت نظرة ثاقبة حول كيفية تعامل السرطان مع عمل «التوازن التطوري»، الذي يعني أن الخلايا السرطانية تستغل آليات إصلاح الحامض النووي المعيبة لتعزيز نمو الورم. ولكنها تعود مرة أخرى إلى وضع الإصلاح لحماية المناطق الجينومية الأساسية والتهرب من جهاز المناعة؛ إذ تتمتع خلايا سرطان الأمعاء بالقدرة على تنظيم نموها باستخدام مفتاح التشغيل والإيقاف الجيني لزيادة فرص بقائها على قيد الحياة إلى أقصى حد. وهي ظاهرة لُوحظت لأول مرة من قبل الباحثين في جامعة «كاليفورنيا» في لوس أنجليس في الولايات المتحدة و«المركز الطبي الجامعي» في أوتريخت بهولندا.

سرطان الأمعاء

السرطان هو مرض وراثي ناجم عن طفرات في الحامض النووي لدى البشر؛ إذ يحدث تلف الحامض النووي طوال الحياة سواء بشكل طبيعي أو بسبب العوامل البيئية.

وللتغلب على ذلك طوّرت الخلايا السليمة استراتيجيات لحماية سلامة الشفرة الوراثية. ولكن إذا تراكمت الطفرات في الجينات الرئيسية المرتبطة بالسرطان يمكن أن تتطور الأورام. ويُعد سرطان الأمعاء رابع أكثر أنواع السرطان شيوعاً في المملكة المتحدة؛ إذ يحدث نحو 43 ألف حالة سنوياً.

وعلى الرغم من أنه لا يزال سرطاناً يصيب كبار السن في الغالب فإن الحالات بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً تزايدت في العقود الأخيرة.

«مفاتيح جينية»

تسلّط الدراسة الضوء على الدور الحاسم لجينات إصلاح الحامض النووي خصوصاً جينات «MSH3» و«MSH6» في تعديل معدلات الطفرة. ووُجد أن الطفرات في هذه الجينات ترتبط بحجم كبير من الطفرات في الأورام؛ ما يشير إلى أن هذه المفاتيح الجينية يمكن أن تؤثر بصفة كبيرة على سلوك الورم.

واكتشف الباحثون أن طفرات إصلاح الحامض النووي هذه تعمل بمثابة «مفاتيح جينية». ومن خلال تشغيل آليات الإصلاح وإيقافها يمكن للخلايا السرطانية إدارة معدلات الطفرات الخاصة بها؛ لتعزيز النمو عندما يكون مفيداً، وقمعه لتجنب الكشف المناعي، وهذه الآلية تتيح للأورام تحقيق التوازن بين الطفرة السريعة للتطور والحفاظ على معدل طفرة منخفض بدرجة كافية لتجنب إثارة استجابة مناعية.

التهرب المناعي

وقال الدكتور مارنيكس يانسن، كبير مؤلفي الدراسة من معهد «UCL» للسرطان في جامعة «كوليدج لندن» بالمملكة المتحدة، إن قدرة الخلايا السرطانية على تعديل معدلات الطفرة بشكل مباشر تؤثر في تهربها من جهاز المناعة. ويمكن لمعدلات الطفرات المرتفعة أن تولد مستضدات جديدة تجذب الخلايا المناعية، ولكن من خلال التحكم في هذه المعدلات يمكن للأورام تقليل ظهورها لجهاز المناعة، وبالتالي تجنّب المراقبة المناعية وتدميرها. وهذه الآلية لها آثار كبيرة في العلاج المناعي، نظراً لأن العلاجات المناعية غالباً ما تستهدف الأورام شديدة التحور؛ لذلك فإن فهم كيفية تنظيم الأورام لمعدلات الطفرات الخاصة بها يمكن أن يساعد في التنبؤ بفاعلية هذه العلاجات.

وتشير الدراسة إلى أن استهداف هذه المفاتيح الجينية قد يعزّز فاعلية العلاجات المناعية عن طريق منع الأورام من تقليل معدلات الطفرات الخاصة بها لتجنب الكشف المناعي.

تحليل العينات

هناك نحو 20 بالمائة من حالات سرطان الأمعاء تكون ناجمة عن طفرات في جينات إصلاح الحامض النووي، في حين أن هذه الطفرات تساعد الأورام على النمو من خلال السماح بتغييرات جينية سريعة، فإنها تجعل الورم أكثر قابلية للاكتشاف بوساطة الجهاز المناعي، بسبب اختلافه عن الخلايا الطبيعية. والطفرات في جينات «MSH3» و«MSH6» لها أهمية خاصة ترتبط بالحجم الكبير للطفرات في الأورام. ولأجل التحقق من صحة النتائج التي توصلوا إليها استخدم الباحثون نماذج خلايا معقدة تُعرف باسم «العضيات» organoids التي تمت زراعتها في المختبر من عينات ورم المريض؛ إذ ساعدت هذه النماذج في إثبات التأثير الوظيفي لطفرات إصلاح الحامض النووي على معدلات الطفرة والتهرب المناعي.

الفوضى الجينية

وقال الدكتور حمزة كايهانيان، المؤلف الأول للدراسة من معهد «UCL» للسرطان، إنه كان يُعتقد سابقاً أن درجة الفوضى الجينية في السرطان ترجع فقط إلى تراكم الطفرات بالصدفة على مدى سنوات كثيرة.

لكن الخلايا السرطانية تمكنت من إعادة توظيف هذه المساحات المتكررة في الحامض النووي سراً، مثل مفاتيح تطورية لضبط مدى سرعة تراكم الطفرات في الخلايا السرطانية.

ومن المثير للاهتمام أنه تم العثور على هذه الآلية التطورية سابقاً بصفتها محركاً رئيسياً لمقاومة العلاج المضاد للبكتريا لدى المرضى الذين عُولجوا بالمضادات الحيوية، مثلها مثل الخلايا السرطانية، فقد طوّرت البكتيريا مفاتيح وراثية تزيد من تكرر الطفرات عندما يكون التطور السريع هو المفتاح عند مواجهة المضادات الحيوية.

وبالتالي فإن نتائج الدراسة تؤكد بشكل أكبر أوجه التشابه بين تطور البكتيريا والخلايا السرطانية البشرية، وهو مجال رئيسي لأبحاث السرطان النشطة. وأخيراً، توفر دراسة مفاتيح التشغيل الجينية التي تدعم عملية التهرب المناعي للسرطان رؤى جديدة حول الاستراتيجيات التكيفية للخلايا السرطانية، من خلال الاستفادة من المفاتيح الجينية في جينات إصلاح الحامض النووي؛ إذ يمكن للأورام ضبط معدلات الطفرات الخاصة بها لتحقيق التوازن بين النمو والتهرب المناعي.

وهذا الاكتشاف يفتح آفاقاً جديدة لتعزيز علاج السرطان خصوصاً من خلال تطوير علاجات تستهدف هذه المفاتيح الجينية لتحسين فاعلية العلاج المناعي.