الذكاء الاصطناعي سيُحدث تحولات في الفصل الدراسي مثل الآلة الحاسبة

«الذكاء الاصطناعي ليس بطلاً... بل المعلمون والطلاب هم أبطال التعليم» تحت هذا العنوان كتب أربعة من كبار العلماء وخبراء التعليم الأميركيين مقالة نشرتها مجلة «ساينتفيك أميركان» حول إمكانات الذكاء الاصطناعي في تحسين التعليم وليس تهديده، إذا تعلمنا بعض الدروس من اعتماد الآلة الحاسبة في الفصل الدراسي.

مخاوف من الذكاء الاصطناعي

وقال الباحثون إن التوسع السريع في استخدام «تشات جي بي تي» وأدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى أدى إلى إثارة نقاش حاد في الأوساط الأكاديمية. فمن جهة يشعر الأساتذة والمعلمون بالقلق بشأن مستقبل التعلم بعد المرحلة الثانوية والتهديدات التي تواجه التخصصات التقليدية، خصوصاً في العلوم الإنسانية، حيث تحذّر العناوين الرئيسية من «نهاية تخصص اللغة الإنجليزية». ومن جهة أخرى فإن الذكاء الاصطناعي موجود، وأفاد نحو ثلث المعلمين من رياض الأطفال إلى المدارس الثانوية، بأنهم يستخدمونه في الفصول الدراسية، وفقاً لدراسة حديثة. إلا أن الكثير من الخبراء في سياسة التعليم العالي، وسياسة العلوم، وتصميم الجامعات ينتقدون أو يرفضون الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وأضاف الباحثون: «إننا بدلاً من ذلك متفائلون بالتأكيد بأنه (الذكاء الاصطناعي) سيتبع نمطاً شوهد في التقنيات الأخرى التي عززت الوصول إلى التعليم والنجاح».

والباحثون الأربعة هم: مايكل إم كرو، رئيس جامعة ولاية أريزونا وأستاذ مؤسسة لسياسة العلوم والتكنولوجيا، ونيكول ك. مايبيري الأستاذة المساعدة في كلية الشؤون العامة بجامعة ولاية أريزونا، وتيد ميتشل رئيس المجلس الأميركي للتعليم ووكيل وزارة التعليم الأميركي الأسبق، وديريك أندرسون نائب الرئيس الأول لمستقبل التعليم في المجلس الأميركي للتعليم وأستاذ مشارك في سياسة العلوم والتكنولوجيا في جامعة ولاية أريزونا.

المعلمون والطلاب أبطال التعليم

وتابع الباحثون: «نؤمن بأنه عندما يتم تبني التقنيات الجديدة، يمكن إحداث ثورة في الجوانب الأساسية للتعلم، بما في ذلك المناهج والتدريس والتقييم... نحن متفائلون بشأن الذكاء الاصطناعي، لكننا لا نراه بطلاً... لا يزال الطلاب والمعلمون هم أبطال التعلم البشري، حتى عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي».

والتاريخ يدعم هذا الرأي. فمن مطبعة غوتنبرغ إلى دروس الرياضيات عبر الإنترنت، كانت التقنيات التي تعمل على تحسين الوصول إلى فرص التعلم الجيدة بشكل روتيني يرفضها النقاد والمتشككون، خصوصاً أولئك الذين يمسكون بزمام الأمور في الفصول الدراسية.

نجاح الآلة الحاسبة

خذْ بعين الاعتبار الآلة الحاسبة. وجدت دراسة استقصائية أجرتها مجلة «Mathematics Teacher» في منتصف السبعينات من القرن الماضي أن 72 في المائة من المشاركين -معظمهم من المعلمين وعلماء الرياضيات- يعارضون تزويد طلاب الصف السابع بالآلات الحاسبة. وقد عكس هذا الاستطلاع، الذي سُلّط الضوء عليه في مجلة «ساينس نيوز» عام 1975، الوضع العام في وقت كانت التكاليف تقترب من النقطة التي تستطيع فيها بعض المدارس توفير ما يصل إلى آلة حاسبة واحدة لكل طالب.

واجهت الآلات الحاسبة مقاومة من المعلمين الذين كانوا يخشون أن يؤدي الاعتماد المفرط على التكنولوجيا إلى تآكل مهارات الطلاب في الرياضيات. وكما لاحظ أحد الأساتذة عن الطلاب والآلات الحاسبة، «لم أقتنع بعد بأن تسليمهم آلة وتعليمهم كيفية الضغط على الزر هو النهج الصحيح. ماذا يفعلون عندما تنفد البطارية؟».

ومن السهل أن نرى كيف تعكس حالة الآلة الحاسبة المخاوف الحالية بشأن الذكاء الاصطناعي التوليدي. يقول منتقدو الذكاء الاصطناعي في الفصل الدراسي إن الطلاب قد لا يتعلمون أبداً الكتابة أو الاستجابة للمطالبات المكتوبة بشكل مستقل إذا كان بإمكانهم ببساطة أن يطلبوا من الذكاء الاصطناعي فعل ذلك نيابةً عنهم.

ويثير السيناريو الافتراضي، حيث يكون الإنترنت أو الخوادم معطَّلة، مخاوف من أن الطلاب لن يتمكنوا من كتابة جملة بسيطة أو كتابة مقال أساسي من خمس فقرات.

إن الحجج الضيقة حول سلامة المقال والانخفاض المحتمل في جودة التعلم لا تتطلع إلى المنظور الأوسع حول أن استخدام هذه التكنولوجيا يمكن أن يعيد تشكيل المناهج والتعليم والتقييم بشكل إيجابي.

في الفصول الدراسية، تتطور التكنولوجيا والمناهج والتعليم والتقييم معاً لإعادة تشكيل التعليم. لقد رأينا هذا تاريخياً باستخدام الآلات الحاسبة، ونشهد الآن ظهوره في الوقت الفعلي مع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية.

لم يؤدِّ إدخال الآلات الحاسبة الفصول الدراسية إلى زوال تعليم الرياضيات؛ وبدلاً من ذلك، وسعّت نطاقها بشكل كبير في حين ألهمت المعلمين والأكاديميين لإعادة التفكير في الحدود التعليمية للرياضيات. وقد أدى هذا التحول إلى تعزيز المناخ المناسب للابتكار.

إبداع وابتكار

وفي سياق موازٍ، يَعِد الذكاء الاصطناعي التوليدي بتوسيع هذا النوع من الابتكار في التفكير النقدي والعلوم الإنسانية، مما يسهّل على الطلاب فهم المفاهيم الأساسية واستكشاف الموضوعات المتقدمة بثقة. يمكن أن يسمح الذكاء الاصطناعي بتقديم دعم مخصص للمتعلم، أي التكيف مع الوتيرة الفردية وأسلوب التعلم لكل طالب، مما يساعد على جعل التعليم أكثر شمولاً ومصمماً خصيصاً لتلبية الاحتياجات المحددة.

يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي تحسين العلوم الإنسانية من خلال جعل القراءة والكتابة في متناول الطلاب المتنوعين، بمن في ذلك أولئك الذين يعانون صعوبات التعلم أو الذين يواجهون تحديات في أساليب الكتابة التقليدية.

وكما قادتنا الآلات الحاسبة إلى إعادة تقييم أساليب التدريس القديمة وتبني أساليب تربوية أكثر فاعلية، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي يدعو إلى تحول مماثل في كيفية تعاملنا مع المهام وإدارة الفصول الدراسية وتقييم عملية التعلم.

هل سيستحوذ الذكاء الاصطناعي على تكنولوجيا التعليم؟

بين انتشار الوباء... وظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، كان قطاع التعليم في حالة تغير دائم على مدى السنوات القليلة الماضية.

ولبعض الوقت، كانت منصات التعلم عبر الإنترنت في صعود، لتصل إلى اللحظة التي أصبحت فيها أماكن العمل والمدارس على حد سواء بعيدة، ثم هجينة لاحقاً.

ظهور الذكاء التوليدي

مع ظهور «تشات جي بي تي» إلى الملأ عام 2022، اغتنمت شركات تكنولوجيا التعليم –مثل «إيدكس edX»، التي كانت واحدة من أوائل عمالقة التعلم عبر الإنترنت– الفرصة لدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في منصاتها، في حين يحاول المعلمون والإداريون فهم ذلك.

ماذا يمكن أن يعني هذا في الفصول الدراسية؟ سرعان ما أصبح من الواضح أن التكنولوجيا تحتاج إلى حواجز حماية عندما يتعلق الأمر باستخدام الطلاب لها.

وكان أن شرعت شركات مثل «أكاديمية خان Khan Academy» في محاولة إنشاء أدوات تعمل بتقنية «جي بي تي» من شأنها تعزيز تجربة التعلم عبر الإنترنت وتقديم دعم شخصي -ولكن دون تمكين الطلاب من الغش.

وكانت النتيجة تطوير «خانميغو Khanmigo»، وهو برنامج دردشة آليّ أطلقته «أكاديمية خان» لمساعدة الطلاب على تحرير المقالات وحل المسائل الرياضية.

ابتكارات في ميدان التعليم

في عام 2024، سيستمر الذكاء الاصطناعي في كونه المحرك الرئيسي للابتكار في مجال تكنولوجيا التعليم. إذ تراهن شركة «إيلو Ello»، على سبيل المثال، على أن مدرب القراءة المدعوم بالذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد على تحسين معدلات معرفة القراءة والكتابة لدى الأطفال. وأطلقت الشركة الناشئة مؤخراً نسخة رقمية فقط لمنتجها بأسعار معقولة، إلى جانب كتالوغ ضخم من الكتب الإلكترونية.

من جهته يقول توري باترسون، المدير الإداري لشركة «أويل فنتشورز Owl Ventures»، وهي شركة رأس مال استثماري: «هناك الكثير من التقنيات المثيرة. والذكاء الاصطناعي التوليدي على رأس القائمة، وهو الأمر الذي يجذب قواعد مستخدمين متفجرة للغاية».

ومع ذلك، فهو يرى أنه من المهم الاستمرار في التساؤل عن كيفية استخدام كل هذه التكنولوجيا ولأي غرض. ويضيف: «إنني أعود دائماً إلى المبادئ الأساسية... ما الذي نحاول حله باستخدام كثير من هذه التكنولوجيا الجديدة؟».

تعليم بشري مباشر

هناك، بطبيعة الحال، الكثير من القضايا في قطاع التعليم التي لا يمكن حلها بالتكنولوجيا وحدها، حتى في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي. بوصفها سوقاً عبر الإنترنت، تساعد شركة «سوينغ إيديوكيشن Swing Education» على ربط المدارس بمعلمين بديلين. ولكن استجابةً للنقص المستمر في المعلمين، تحاول الشركة الآن توظيف مزيد من الأشخاص في الوظيفة أيضاً، من خلال تبسيط عملية الموافقة.

من ناحية أخرى، تعمل شركات مثل «كود باث CodePath» و«ترانسفر Transfr» على معالجة أوجه عدم المساواة المستمرة في التعليم العالي من خلال إنشاء مسارات جديدة للعمال المهمشين للدخول في صناعة التكنولوجيا أو الحصول على تدريب مهني للوظائف التي لا تتطلب شهادة جامعية.

ثم هناك «كامباس Campus»، وهي كلية مجتمعية وطنية عبر الإنترنت يضعها مؤسسها تادي أويريندي، بديلاً ميسور التكلفة للتعليم الجامعي التقليدي لمدة أربع سنوات وفرصة لزيادة معدلات المشاركة والإكمال بين الطلاب الذين يتابعون برامج الشهادات عبر الإنترنت.

وحين النظر إلى العام المقبل، يعتقد باترسون أن الانخفاض العام في مشاركة الطلاب -وهي القضية التي كشف عنها الوباء- سيكون أحد أهم التحديات التي تواجه الصناعة في المستقبل. ويقول: «إن مشكلة مشاركة الطلاب ليست مشكلة بيولوجية... إنها مشكلة تتعلق بالمحتوى والطريقة مقارنةً بالوضع الذي وصل إليه جيلنا الحالي».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا».

محاذير استخدام التلاميذ «تشات جي بي تي» في الواجبات المدرسية

تقوم تطبيقات الذكاء الاصطناعي بأمورٍ رائعة، ولكنّها في الوقت نفسه قد تقود الأولاد إلى كثير من المتاعب، لا سيّما أنّ معظم الطلبة الصغار باتوا يستخدمونها.

لا داعي لأن تكونوا خبراء في الذكاء الاصطناعي لتتحدّثوا مع أولادكم عنه، كما يقول جيفري إي. فاولر المحلل التقني الأميركي، إذ كشفت مراجعات أخيرة بعض الحقائق غير المريحة عن وضع الذكاء الاصطناعي الحالي.

الذكاء الاصطناعي والعائلات

لمساعدة العائلات في خوض المحادثة الصحيحة في هذا الموضوع، أورد المحلل رأي الخبيرة ترايسي بيتزو فراي من مجموعة «كومن سينس» المعنية بشؤون العائلة.

تشعر فراي وفريقها، كأيّ أب وأمّ، بالقلق من التأثير السلبي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأولاد، واستباحتها خصوصيتهم، وشحنها للتنمّر، خصوصاً بعد النتائج الصادمة التي حصل فريقها عليها بعد تقييمه «تشات جي بي تي (ChatGPT)»، الروبوت الشهير الذي يمكنكم سؤاله عن أيّ شيء، والذي حصل على تقييم 3 نجوم من أصل 5، (حصل تطبيق «ماي إي آي (My AI)» من «سنابشات» على نجمتين فقط).

شيءٌ أساسي على الأهل جميعاً معرفته: يستخدم اليافعون الذكاء الاصطناعي لأنّهم يرونه كالسحر، فقد صرّح ثلثا المراهقين الأميركيين أنّهم سمعوا عن «تشات جي بي تي». وأظهرت بيانات حديثة من مركز بيو للأبحاث أنّ واحداً من كلّ 5 مراهقين يستخدمه في الفروض المدرسية.

يشكل الأولاد هدفاً سوقياً ترويجياً لشركات الذكاء الاصطناعي، رغم أنّ كثيراً منها تصف منتجاتها بأنها قيد التطوير. أعلنت شركة «غوغل» هذا الأسبوع عن إطلاق إصدار تجريبي خاص بالمراهقين من روبوت المحادثة «بارد». وتجدر الإشارة إلى أنّ استخدام الأولاد «تشات جي بي تي» يحتاج إلى إذن من الأهل، لكن الصغار يتحايلون على هذا الأمر بالنقر على «تابع».

إجابات خطأ وحماية قليلة

المشكلة في الحقيقة هي أنّ الذكاء الاصطناعي ليس سحراً، إذ إنّ تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي المنتشرة اليوم تنطوي على محدوديات كثيرة، وتحتوي على إجراءات حماية غير كافية للأولاد. تتعدّد مشكلات هذه التطبيقات، وغالباً ما تكون سخيفة، كصناعة صور لأشخاص بأصابع إضافية، إلّا أنّ بعضها قد يكون خطيراً جداً.

وقد تبيّن في اختباراتنا أن بعض هذه التطبيقات يعطي إجابات خطأً، ويروّج لأفكار مختلّة كمدح الاضطرابات الغذائية. ورأينا ذكاءً صناعياً يدّعي أنّه صديق، ويعطي نصائح مريعة، ولاحظنا بساطة صناعة الذكاء الاصطناعي صوراً مزيّفة يمكن استخدامها للتضليل أو التنمّر، ورأينا أيضاً معلّمين يسيئون فهم الذكاء الاصطناعي، ويتّهمون الطلّاب خطأً باستخدامه للغشّ.

ورأت فراي أنّ «التحدّث مع الأولاد عن هذه الأمور مهمّ جداً لمساعدتهم في فهم محدودية هذه الأدوات، حتّى لو بدت لهم سحرية، مع أنّها ليست كذلك».

الأكيد أنّ الذكاء الاصطناعي باقٍ ولن يذهب إلى أي مكان، وهذا يعني أن منع استخدامه لن يحضّر الشباب لمستقبل سيحتاجون فيه إلى إتقان استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للعمل.

3 دروس للآباء والأمهات

نستعرض لكم في اللائحة التالية الدروس التي يجب على الأهل معرفتها عن الذكاء الاصطناعي حتّى يتمكّنوا من التحدّث عنه مع أولادهم بطريقة مفيدة:

1. الذكاء الاصطناعي مفيد للخيال وليس للحقائق. الحقيقة الصعبة: لا يمكنكم الاعتماد على روبوتات المحادثة الواسعة المعرفة للقيام بالأمور بالطريقة الصحيحة.

ولكن ماذا عن كلّ المرّات التي يصيب فيها «تشات جي بي تي» و«بارد»؟ تشرح فراي أنّ «دقّة هذه الروبوتات تعود ببساطة لكميّة البيانات الهائلة التي استخدمت في تدريبها، إلّا أنّ تصميم هذه الأدوات في الواقع لا يضمّ مراجعة للحقيقة والدقّة».

نصيحة للآباء: الذكاء الاصطناعي مفيد للخيال وليس للحقائق

توجد أمثلة لا تُعدّ ولا تُحصى عن الأخطاء الفاضحة التي ترتكبها هذه الروبوتات، وهذا هو سبب حصولها على تصنيفات أقلّ من متوسطة من جمعية «كومن سينس». عملياً، يعد الذكاء الاصطناعي التوليدي مجرّد أداة تتوقع الكلمات في محاولة إنهاء الجمل بناءً على أنماط رأتها في بيانات تدريبها.

وكان متحدّث من «أوبن إي آي»، الشركة المطوّرة لـ«تشات جي بي تي»، قد قال: «حرصنا على أن يُنتج (جي بي تي -4)، الذي يشغّل (تشات جي بي تي)، إجابات مبنية على حقائق. تُظهر التقييمات المستقلّة أنّ نسبة دقّة (جي بي تي -4) تصل إلى 97 في المائة). ومن جهتها، قالت شركة «غوغل» إنّ مراجعة «كومن سينس» «فشلت في أخذ عناصر الحماية والمزايا التي ضمنّاها في تصميم (بارد) في الحسبان».

نفهم أنّ كثيراً من الطلّاب يستخدمون «تشات جي بي تي» بوصفه أداة مساعدة في فروضهم لإعادة صياغة مادّة معقّدة بلغة يستطيعون فهمها بشكلٍ أفضل، ولكنّ فراي توصي الطلّاب بالتحقّق من دقّة أيّ شيء سيستخدمونه في واجب أو قد يُسألون عنه في اختبار.

ومع ذلك، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي لا تعاني من مشكلات الدقّة هذه، حيث إنّ بعضها يتمتّع بالموثوقية؛ لأنّه لا يستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل روبوتات المحادثة، وصُمّم بطرائق تقلّل المخاطر، مثل أداتي التعلّم الخاص «إلّو» و«كايرون» اللتين حصلتا على أعلى النتائج في مراجعات «كومن سينس».

علاوةً على ذلك، يمكن استعمال الذكاء الاصطناعي التوليدي المتعدّد الاستخدامات مثل أداة ابتكار رائعة للشحذ الذهني وابتداع الأفكار.

ذكاء وصداقة وانحياز

2. الذكاء الاصطناعي ليس صديقاً. قد تتعامل معكم تطبيقات الذكاء الاصطناعي على أنّها صديق، ولكنّ الأمر ليس حقيقياً. فعلى الرغم ممّا شاهدناه في إنتاجات الخيال العلمي، فإن الذكاء الاصطناعي ليس حتّى قريباً من الحياة، ولا يميّز الصحيح من الخطأ، وهذا يعني أنّ التعامل معه على أنّه «شخص» قد يضرّ بالأولاد ونموّهم العاطفي.

تزداد التقارير التي تتحدّث عن استخدام الأطفال الذكاء الاصطناعي في التخالط الاجتماعي، والأشخاص الذين يتحدّثون مع «تشات جي بي تي» ساعات.

تسعى الشركات بشكلٍ مستمرّ لتطوير أصدقاء مدعومين بالذكاء الاصطناعي مثل روبوتات المحادثة الجديدة من «ميتا» التي يرتكز تصميمها على مشاهير مثل كيندال جينر وتوم برايدي. وبدوره، يملك روبوت «ماي إي آي» من «سنابشات» صفحته الشخصية الخاصة، ويقبع في لائحة أصدقائكم، ويبدي استعداده الدائم للمحادثة حتّى عندما لا يكون الأصدقاء البشر مستعدّين.

تعد فراي هذا الأمر «مضراً جداً خصوصاً للعقول السريعة والسهلة التأثّر».

تصميم هذه الأدوات الذكية لا يتضمن مراجعة للحقيقة والدقّة

الجزء الآخر من المشكلة: لا يزال الذكاء الاصطناعي سيئاً جداً في فهم السياق الكامل الذي يفهمه الصديق البشري.

3. الذكاء الاصطناعي والانحياز الخفيّ. مع اتساع مساحتها في حياتنا، تجلب تطبيقات الذكاء الاصطناعي والوسائط معها كثيراً من القيم الخفيّة، وغالباً ما تشمل العنصرية، والتحيّز الجنسي، وغيرها من أنواع التمييز.

وجد مراجعو «كومن سينس» انحيازاً واضحاً في روبوتات المحادثة. ففي إحدى إجاباته، قال «ماي إي آي» إنّ الأشخاص الذين يحملون أسماءً أنثوية نمطية لا يمكن أن يعملوا مهندسين، «ولا يبرعون فعلاً في الأمور التقنية»، ولكنّ الأمثلة الأكثر استفزازاً ظهرت في تطبيقات تحويل النص إلى صورة؛ فعندما طُلب من تطبيق «ستيبل ديفيوجن» صناعة صور «لرجل أبيض فقير»، أصرّ على توليد صورٍ لرجال سود البشرة.

تشدّد فراي على أنّ «فهم قدرة هذه الأدوات على تشكيل صورة أولادنا عن العالم ضروريّ جداً؛ لأنّها جزء من المعزوفة المتكرّرة التي ترى (مهندسي البرمجة) رجالًا، أو (الشخص الجذّاب) على أنّه أبيض البشرة وامرأة».

تكمن المشكلة الحقيقية هنا في شيء لا يستطيع المستخدم رؤيته: الطريقة التي دُرّب بها الذكاء الاصطناعي. فإذا التهمت هذه الأدوات معلومات من جميع زوايا الإنترنت من دون حكمٍ بشريّ وافٍ، سينتهي بها الأمر «بتعلّم» أمورٍ مضطربة حقاً من زوايا الشبكة السوداء التي يجب ألّا يصل إليها الأولاد.

تحاول غالبية تطبيقات الذكاء الاصطناعي التعامل مع الانحياز غير المرغوب بوضع أنظمة تصحّح مخرجاتها بمنع كلمات أو صورٍ محدّدة، ولكنّ فراي تصف هذه الحلول «بالضمادّات»؛ لأنّ استخدامها غالباً ما يفشل في العالم الحقيقي.