«مايو كلينيك» ترصد المخاطر الصحية للدقائق البلاستيكية الصغيرة

تحذيرات من تأثيراتها التراكمية السامة على الكبد خصوصاً لدى الشباب

دقائق البلاستيك الصغيرة
دقائق البلاستيك الصغيرة
TT

«مايو كلينيك» ترصد المخاطر الصحية للدقائق البلاستيكية الصغيرة

دقائق البلاستيك الصغيرة
دقائق البلاستيك الصغيرة

على غرار العناصر الطبيعية مثل الحديد والنحاس، يمكن للناس تناول أو امتصاص أو حتى استنشاق المواد البلاستيكية الدقيقة والمواد البلاستيكية النانوية، ومضافاتها الكيميائية.

وقد ربطت دراسة نُشرت أخيراً في مجلة «نيو إنغلاند الطبية» بين المواد البلاستيكية الدقيقة والجسيمات البلاستيكية النانوية الموجودة في لويحات الأوعية الدموية البشرية وبين احتمال زيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتة الدماغية أو الوفاة.

التعرض الخارجي للملوثات

بناءً على الاكتشافات السابقة وهذه النتائج الحديثة؛ فإن البحث الذي يجريه الدكتور كونستانتينوس لازاريديس، المدير التنفيذي لمؤسسة كارلسون ونيلسون للطب الفردي في مركز «مايو كلينيك» للطب الفردي وفريقه، يظل في طليعة الدراسات لاستكشاف كيفية تأثير التعرض الخارجي للمواد - مثل المواد البلاستيكية الدقيقة والجسيمات البلاستيكية النانوية والمواد الكيميائية والتلوث - على الصحة.

يدقق برنامج «إكسبوسوم» Exposome البحثي في التعرضات البيئية التراكمية طوال حياة الشخص وكيفية تفاعل تلك التعرضات مع العوامل الوراثية للتأثير على البيولوجيا والصحة.

برنامج «إكسبوسوم» يدرس تأثيرات العوامل الخارجية على صحة الإنسان

صحة الكبد وصحة الجسم

ويقول الدكتور لازاريديس: «إننا نخطط لدراسة التأثيرات النظامية للجسيمات البلاستيكية الدقيقة والجسيمات البلاستيكية النانوية ومضافاتها الكيميائية، ليس فقط على صحة الكبد، ولكن على صحة الإنسان بشكل عام».

وكرّس الدكتور لازاريديس حياته المهنية لدراسة الأسس الوراثية والبيئية لأمراض الكبد النادرة، مثل التهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي primary sclerosing cholangitis والتهاب الأقنية الصفراوية الأولي primary biliary cholangitis.

يقع الكبد البشري تحت القفص الصدري الأيمن الواقي. وهو عضو حيوي، يشار إليه غالباً باسم «بيت القدرة الجسدية»؛ نظراً لدوره المحوري في عملية الهضم وإزالة السموم من الدم. وبينما تلعب الوراثة دوراً في وظيفته العامة، تكشف الأبحاث الناشئة عن أن التعرضات البيئية لها أيضاً تأثير كبير على صحة الكبد.

الدقائق البلاستيكية الصغيرة والكبد

هل تؤثر المواد البلاستيكية الدقيقة على صحة الكبد؟ يسعى الدكتور لازاريديس إلى استخلاص أوجه التشابه من المعرفة الطبية الموجودة حول التعرض للمعادن الأساسية مثل الحديد والنحاس وتأثيرها على وظائف الكبد وأمراضه.

في مجال أمراض الكبد، من المعروف أن الحديد والنحاس، اللذين يحصل عليهما الجسم بشكل رئيسي من مصادر غذائية، يلعبان أدواراً محورية في العمليات الحيوية مثل نقل الأكسجين وإنتاج خلايا الدم الحمراء. إلا أن التراكم المفرط لهذه المعادن غير الضارة، بسبب العيوب الوراثية، يمكن أن يؤدي إلى تلف الكبد والمرض.

تسلل شظايا البلاستيك إلى الجسم

إن المواد البلاستيكية الدقيقة واللدائن النانوية عبارة عن شظايا صغيرة تنتج من تحلل المواد البلاستيكية الأكبر حجماً. وغالباً ما يتم ربطها مع بعضها بمضافات كيميائية لتعزيز مرونتها ومتانتها. وقد وجد أن المواد البلاستيكية الدقيقة واللدائن النانوية تتسلل إلى كل ركن من أركان العالم، فصغر حجمها يسمح بابتلاعها، أو امتصاصها، أو استنشاقها، ما يزيد من المخاطر الصحية المحتملة.

ويؤكد الدكتور لازاريديس أن هذه النتائج تثير المخاوف بشأن التأثير طويل المدى للجسيمات البلاستيكية الدقيقة والجسيمات البلاستيكية النانوية، خاصة بالنسبة للشباب.

ويقول إن مدى أهمية البحث وآنيته، تنطلق من المعدل الحالي لإنتاج البلاستيك، والذي يقدر بنحو 400 مليون طن سنوياً، وهو رقم من المتوقع أن يتضاعف بحلول عام 2050. ويضيف: «لقد جعلت المواد البلاستيكية حياتنا أكثر راحة وحفزت العديد من التطورات الطبية، ولكن يجب علينا أن نفهم تأثيرها على صحة الإنسان في السنوات المقبلة».

في نهاية المطاف، يأمل الدكتور لازاريديس في تعزيز فهم الآثار طويلة المدى للتعرض للبلاستيك الدقيق والبلاستيك النانوي، ورسم مسار للتدخلات العلاجية الفردية بطريقة مماثلة لعلاج الأطباء لتراكمات الحديد والنحاس لدى الأشخاص المعرضين للإصابة.

* خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

7 علامات تشير إلى إصابتك باضطراب «حساسية الرفض»

يوميات الشرق ما هي علامات اضطراب حساسية الرفض؟ (جامعة كونيتيكت)

7 علامات تشير إلى إصابتك باضطراب «حساسية الرفض»

يبلغ العديد من الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بأنهم يعانون من تجربة اضطراب حساسية الرفض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فحوص تصوير مقطعي لشخص مصاب بألزهايمر (رويترز)

دراسة: بروتين «مسبّب لألزهايمر» قد يقي من المرض

توصلت دراسة جديدة إلى أن تعزيز بروتين معين في الدماغ كان يعتقد أنه يتسبب في الإصابة بألزهايمر، قد يساعد في إبطاء تقدم المرض.

«الشرق الأوسط»
صحتك بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية (رويترز)

مقاومة المضادات الحيوية قد تقتل 39 مليون شخص سنوياً بحلول 2050

أفادت دراسة نموذجية، نُشرت اليوم (الثلاثاء)، بأنّ 39 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم قد يموتون بسبب أمراض مقاومة للمضادات الحيوية خلال السنوات الـ25 المقبلة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
صحتك العلاج الجديد يساعد المرضى على العيش لأكثر من 10 سنوات بعد التشخيص (رويترز)

علاج جديد يطيل عمر مرضى سرطان الجلد لأكثر من 10 سنوات بعد التشخيص

توصلت مجموعة من الباحثين إلى علاج جديد لسرطان الجلد يساعد المرضى على العيش لأكثر من 10 سنوات بعد التشخيص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك سيدة تتناول السلطة (دورية ميديكال نيوز توداي)

حيلة بسيطة ينصح بها اختصاصي التغذية لتحسين صحة الأمعاء

هناك أسباب لا حصر لها للرغبة في الحصول على أمعاء صحية... وينصح خبراء التغذية بحيلة بسيطة للمحافظة عليها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

التهاب المفاصل الروماتويدي لدى كبار السن يرتبط بخلل الخلايا المناعية

التهاب المفاصل الروماتويدي لدى كبار السن يرتبط بخلل الخلايا المناعية
TT

التهاب المفاصل الروماتويدي لدى كبار السن يرتبط بخلل الخلايا المناعية

التهاب المفاصل الروماتويدي لدى كبار السن يرتبط بخلل الخلايا المناعية

كشف باحثون لدى جامعة «تسوكوبا» في اليابان آلية رئيسية تُسهم في خلل وظائف الخلايا التنظيمية التائية (المناعية) لدى مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي في مرحلة الشيخوخة، الأمر الذي يُلقي الضوء على سبب عدم التحكم بشكل كافٍ في الاستجابات (ردود الفعل) المناعية للجسم لدى هؤلاء المرضى.

ضعف الخلايا المناعية

وتشير الدراسة التي نُشرت في مجلة «Clinical Immunology» في 2 سبتمبر (أيلول) 2024، برئاسة إيساو ماتسوموتو بقسم أمراض الروماتيزم لدى معهد الطب في الجامعة، إلى أنه في حين أن الخلايا التائية التنظيمية المسؤولة عادة عن قمع الاستجابات المناعية تكون أكثر وفرة في مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي «rheumatoid arthritis» في مرحلة الشيخوخة، مقارنة بحالات التهاب المفاصل الروماتويدي الأصغر سناً؛ فإن وظيفتها القمعية تقل بصورة ملحوظة.

ويرتبط هذا الضعف بالتغيرات في النشاط الأيضي وزيادة التعبير عن بروتين موت الخلية المبرمج (PD - 1) «Programmed cell death protein» في الخلايا التائية التنظيمية داخل البيئة المصابة بالتهاب المفاصل.

بروتين موت الخلية المبرمج

وبروتين موت الخلية المبرمج هو بروتين مشفر في البشر، بوساطة جين يُدعى «PDCD1»، وهو مستقبِل سطح الخلية على الخلايا التائية الذي يؤدي دوراً في تنظيم استجابة الجهاز المناعي إلى خلايا جسم الإنسان عن طريق تثبيط الجهاز المناعي وتعزيز تحمل الذات، بوساطة قمع النشاط الالتهابي للخلايا التائية، وهو ما يمنع الأمراض المناعية الذاتية؛ لكنه يمكن أن يمنع أيضاً الجهاز المناعي من قتل الخلايا السرطانية.

التهاب المفاصل الروماتويدي

أحد أمراض المناعة الذاتية المزمنة والجهازية بطبيعته التي تؤدي بالجهاز المناعي لمهاجمة المفاصل مسببة التهابها وتدميرها. ويشير مرض المناعة الذاتية إلى مهاجمة جهاز المناعة والدفاع الطبيعي بالجسم أنسجته السليمة عن طريق الخطأ.

ومن الممكن أيضاً أن يدمّر جهاز المناعة أعضاء أخرى في الجسم، مثل الرئتين والجلد، وفي بعض الحالات يسبّب المرض الإعاقة، مؤدية إلى فقدان القدرة على الحركة والإنتاجية، ويرتبط لاحقاً بالإعاقة المبكرة.

خلل الخلايا التائية التنظيمية

وتُعرف هذه الخلايا سابقاً باسم الخلايا التائية الكابتة «suppressor T cells»، وهي مجموعة فرعية من الخلايا التائية التي تعدّل الجهاز المناعي، وتحافظ على تحمّل المستضدات الذاتية. كما أنها مثبطة للمناعة وتمنع أمراض المناعة الذاتية، ولذا فإن أي خلل فيها يؤدي إلى احتمال الإصابة بتلك الأمراض.

بالإضافة إلى تضاؤل قدرة الأشخاص الوظيفية في مرحلة الشيخوخة على قمع الاستجابات المناعية، وجد الباحثون أن إشارات «الإنترفيرون» من النوع الأول المعززة قد أسهمت في خلل وظائف الخلايا التائية التنظيمية في التهاب المفاصل الروماتويدي. وقد أدى مسار الإشارات هذا إلى تقليل وظيفة الخلايا المثبطة؛ ما أدى إلى تفاقم الالتهاب. وأصبح نشاطها الأيضي متغيراً، بما في ذلك انخفاض معدلات استهلاك الأكسجين، وهو ما يشير إلى ضعف الوظيفة الخلوية.

وحدّدت الدراسة مجموعات مميزة من الخلايا التائية التنظيمية لدى مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي المسنين، مقارنة بالمرضى الأصغر سناً، وهو فرق لم يُلاحظ لدى الأفراد الأصحاء، وهذا يشير إلى التغيرات المرتبطة بالعمر في وظيفة الخلايا التائية التنظيمية الخاصة بالبيئة المصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي.

استراتيجيات علاجية

ويسلّط البحث الضوء على أهمية فهم التغيرات المناعية المرتبطة بالعمر في تطوير استراتيجيات علاج أفضل لمرضى التهاب المفاصل الروماتويدي لدى المسنين؛ إذ إن العلاجات الحالية التي تستهدف الالتهاب بصورة عدوانية قد تؤدي إلى تفاقم المضاعفات، مثل: العدوى، والتهاب الأعضاء، والسرطان.

ويفتح هذا البحث آفاقاً جديدة لاستهداف خلل الخلايا التنظيمية وإشارات «الإنترفيرون» من النوع الأول في علاج التهاب المفاصل الروماتويدي. إن تطوير العلاجات التي تعدّل هذه المسارات بصفة خاصة يمكن أن يساعد في تحسين التنظيم المناعي وتقليل عبء العلاجات العدوانية للمرضى المسنين المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي.