«الخلايا الشمسية الترادفية»... ما صعوبات انتشارها عربياً؟

العلماء يرون فيها مستقبل الطاقة النظيفة غير المكلفة

الخلايا الشمسية الترادفية تتمتع بمميزات أبرزها الكفاءة العالية (كاوست)
الخلايا الشمسية الترادفية تتمتع بمميزات أبرزها الكفاءة العالية (كاوست)
TT

«الخلايا الشمسية الترادفية»... ما صعوبات انتشارها عربياً؟

الخلايا الشمسية الترادفية تتمتع بمميزات أبرزها الكفاءة العالية (كاوست)
الخلايا الشمسية الترادفية تتمتع بمميزات أبرزها الكفاءة العالية (كاوست)

تكتسب الخلايا الشمسية الترادفية المصنوعة من البيروفسكايت والسيليكون أهمية خاصة، في ظل اتجاه العالم نحو الطاقة النظيفة؛ نظراً لكفاءتها العالية، مقارنة بخلايا السيليكون البلوري التقليدية التي تهيمن على السوق العالمية للخلايا الكهروضوئية.

ويبلغ الرقم القياسي العالمي الحالي لكفاءة الخلايا الشمسية من البيروفسكايت والسيليكون حوالي 32 في المائة؛ ما يعني أن ما يقرب من ثلث الإشعاع الشمسي يتم تحويله إلى طاقة كهربائية. وبالمقارنة، فإن الخلايا الشمسية التقليدية القائمة على السيليكون قادرة حالياً على الوصول إلى حوالي 22 في المائة فقط من الكفاءة.

وتتكون الخلايا الشمسية الترادفية - التي لا تزال قيد التطوير في المختبر ولم يتم تطويرها تجارياً - من طبقتين، إحداهما من البيروفسكايت والأخرى من السيليكون، فيما تتكون الخلايا الشمسية التقليدية المنتشرة تجارياً من طبقة واحدة من السيليكون.

يتضمن تحضير خلايا البيروفسكايت مواد كيميائية قائمة على الرصاص (كاوست)

وتتمتع الخلايا الشمسية الترادفية بمميزات؛ أبرزها الكفاءة العالية، والمرونة في التصميم التي تتيح إمكانية تصميم خلايا شمسية بأشكال وأحجام مختلفة، ما يجعلها ملائمة لمجموعة متنوعة من التطبيقات، بما في ذلك الاندماج في الهياكل المعمارية، بالإضافة إلى الأداء الجيد في ظروف الإضاءة المنخفضة.

ورغم هذه الفوائد، تواجه الخلايا الشمسية الترادفية بعض التحديات مثل استقرارية البيروفسكايت على المدى الطويل ومقاومتها لعوامل التآكل والتقادم، بالإضافة لقِصر العمر الافتراضي، الذي تعمل فرق بحثية حول العالم على إطالته، حتى تصير منافساً للخلايا الشمسية التقليدية.

أرقام قياسية عربية

وفى مسعى لانتشار الخلايا الشمسية الترادفية عربياً، كان لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست» في المملكة العربية السعودية بصمة فاعلة في الجهود العالمية لتطوير هذه الخلايا. وفي عام 2023، أعلن فريق «كاوست» عن تحقيق رقمين قياسيين عالميين لكفاءة تحويل الطاقة باستخدامها، تبع ذلك تحقيق 5 أرقام قياسية عالمية في العام نفسه، ما يظهر تقدماً سريعاً في تقنية الخلايا الشمسية الترادفية.

وكان أعلى كفاءة تحويل طاقة بهذا النوع حتى شهر مارس (آذار) الماضي حوالي 32.5 في المائة، وسُجلت باسم «مركز هلمهولتز برلين للمواد والطاقة»، لكن فريق «كاوست» وضع قدماً عربية في مجال تطويرها بكفاءة أعلى، ونجح في تجاوز رقم المركز الألماني، بالإعلان في أبريل (نيسان) الماضي عن الوصول إلى نسبة 33.2 في المائة، وبعد مرور نحو شهر أعلنوا عن رقم جديد، وهو 33.7 في المائة. وصادقت مصلحة اختبار الطاقة الشمسية الأوروبية على الرقمين.

الخلايا الشمسية الترادفية لا تزال قيد التطوير في المختبر (كاوست)

وكشف الباحثون في مركز أبحاث الطاقة الشمسية بـ«كاوست» عن خريطة طريق لتطوير الخلايا الشمسية الترادفية وتسويقها؛ ما يمهد الطريق لمستقبل مدعوم بالطاقة النظيفة الوفيرة وغير المكلفة في المملكة العربية السعودية والعالم، ونشرت الدراسة في العدد الأخير من دورية «ساينس».

وتناولت الدراسة جهود الفريق لتحسين كفاءة الطاقة الشمسية لتحقيق أهداف الطاقة الشمسية في المملكة العربية السعودية.

يقول البروفسور ستيفان دي وولف، أحد فريق الباحث بـ«كاوست»، إن من المتوقع أن تتجاوز سوق الخلايا الترادفية من مادتي البيروفسكايت والسيليكون 10 مليارات دولار في غضون عقد من الزمن. وأضاف، عبر موقع الجامعة، أن «كاوست» تمتلك الريادة العالمية في تطوير هذه التقنية الواعدة التي يمكنها توفير طاقة نظيفة ومنخفضة التكلفة يستفيد منها الجميع.

وعن مدى توافر مواد إنتاج الخلايا الشمسية الترادفية في البيئة العربية، يقول الدكتور أركان أيدين، عضو فريق البحث بـ«كاوست» لشبكة «SciDev.Net»، إن خلايا البيروفسكايت الشمسية تنتمي لمجال ناشئ، وهذا يمثل فرصة للدول العربية، بما في ذلك السعودية، لتطوير المواد الخام اللازمة لتصنيع هذه الخلايا.

وأضاف أن تحضير خلايا البيروفسكايت يتضمن مواد كيميائية قائمة على الرصاص مع أملاح عضوية وغير عضوية أخرى تدخل في عملية التصنيع، ومن خلال التركيز على تطوير هذه المواد وإنتاجها، يمكن للدول العربية المساهمة في نمو صناعة البيروفسكايت وسلسلة التوريد المرتبطة بها.

تحديات رئيسية

وحسب خريطة طريق فريق «كاوست»، فإن ترجمة نجاح خلايا البيروفسكايت في المختبر، وتحويل ذلك إلى تطبيقات في العالم الحقيقي يتطلبان دراسة متأنية؛ نظراً للتحديات الرئيسية لتطوير هذه التقنية الحديثة وتسويقها.

ومن بين هذه الأمور التي تقترح الورقة أخذها في الاعتبار هي مراعاة ظروف العالم الحقيقي، مثل درجات الحرارة المتغيرة وكثافة أشعة الشمس، حيث تقترح إجراء اختبارات جغرافية «ميدانية» لتحسين أداء الخلايا الشمسية في مواقع محددة.

في هذا الصدد، أضافت الدراسة أن تسريع اختبارات الاستقرار للخلايا الشمسية هو أيضاً من بين الاعتبارات الأساسية لهذه التقنية، حيث يتعين أن يكون للخلايا الشمسية المنشورة عمر افتراضي يدوم عقوداً، وبسبب ذلك، فإن تسريع اختبارات التدهور والتآكل التي تستغرق سنوات عديدة إلى إطار زمني أقصر بكثير ضروري للغاية، خصوصاً أنها (اختبارات) بالغة الأهمية لتحديد الأسعار والضمانات التنافسية.

وأشارت إلى أن عمليات التصنيع الحالية لتلك الخلايا تنطوي على تكاليف مادية عالية ومواد كيميائية يحتمل أن تكون خطرة، حيث تتطلب احتياطات سلامة مكلفة أيضاً؛ لذا تقترح الورقة نماذج مبتكرة لخطوط الإنتاج والتصنيع الميكانيكية لتحديد فرص خفض التكلفة خلال هذه العملية.

في المقابل، يقول الدكتور أحمد مرتضى السمان الأستاذ بمركز بحوث وتطوير الفلزات في مصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن أحد أبرز التحديات التي تواجه تطوير الخلايا الشمسية المصنوعة من البيروفسكايت عربياً وعالمياً هي قلة استقرارها، وهذا يعني أن كفاءة تحويل الطاقة في هذه الخلايا تتدهور بمرور الوقت؛ نظراً لحساسية البيروفسكايت للرطوبة، مضيفاً أنه رغم أن هذه الخلايا الشمسية حققت كفاءة تحويل طاقة عالية في المختبر، فإن كفاءتها في التطبيقات العملية لا تزال أقل، كما أن تكلفة تصنيعها لا تزال مرتفعة نسبياً، وتجرى حالياً أبحاث متعددة حول العالم لتحسين كفاءة تلك الخلايا، وتطوير تقنيات تصنيع جديدة تُقلّل من تكلفة إنتاجها.


مقالات ذات صلة

«كراود سترايك»: 97 % من أجهزة استشعار «ويندوز» عادت للعمل

تكنولوجيا «كراود سترايك» هي شركة تكنولوجيا أميركية عملاقة تقدر قيمتها بأكثر من 80 مليار دولار (شاترستوك)

«كراود سترايك»: 97 % من أجهزة استشعار «ويندوز» عادت للعمل

بعد أسبوع من الأزمة المعلوماتية العالمية التي تسببت بها، أعلنت «كراود سترايك» عودة 97 في المائة من أجهزة استشعار «ويندوز» للعمل.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا شعارا «أوبن إيه آي» و«تشات جي بي تي»  (أ.ف.ب)

«أوبن إيه آي» تختبر محرك بحث قد يصبح منافساً لـ«غوغل»

أعلنت شركة «أوبن إيه آي» أنها تختبر محرك بحث على مجموعة صغيرة من المستخدمين، وتعتزم دمج هذه الوظيفة في «تشات جي بي تي».

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
يوميات الشرق غالباً ما يصاحب الوظائف التي تتطلب جهداً بدنياً عوامل سلبية أخرى كالإجهاد وتلوث الهواء (جامعة جوتنبرج)

الرسائل النصية تعزز النشاط البدني لمرضى القلب

تُعتبر التمارين الرياضية إحدى أفضل الطرق لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب أو التعرض لحدث آخر في القلب والأوعية الدموية، مثل نوبة قلبية أو سكتة دماغية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا من السهل على مجرمي الإنترنت اعتراض أو فك تشفير أو اختراق البيانات التي يتم نقلها عبر شبكات الـ«واي فاي» المجانية (شاترستوك)

25 % من شبكات الـ«واي فاي» المجانية في أولمبياد باريس غير آمنة

يلعب توافر نقاط الـ«واي فاي» المجانية دوراً مهماً، وخاصة أثناء الأحداث العامة الكبيرة، لكنها تطرح مخاطر التهديدات الإلكترونية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)

خاص 4 مليارات حادث سيبراني متوقع في أولمبياد باريس

فريق «استخبارات التهديدات» والذكاء الاصطناعي في طليعة أسلحة أول مركز موحد للأمن السيبراني في تاريخ الأولمبياد.

نسيم رمضان (لندن)

«سبيس إكس» و«ناسا» تطلقان مهمة «كرو-9» إلى الفضاء الشهر المقبل

صاروخ «فالكون 9» (شركة «سبيس إكس»)
صاروخ «فالكون 9» (شركة «سبيس إكس»)
TT

«سبيس إكس» و«ناسا» تطلقان مهمة «كرو-9» إلى الفضاء الشهر المقبل

صاروخ «فالكون 9» (شركة «سبيس إكس»)
صاروخ «فالكون 9» (شركة «سبيس إكس»)

قالت شركة «سبيس إكس» وإدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا)، يوم الجمعة، إنهما تعتزمان إطلاق مهمة «كرو-9» التابعة لـ«ناسا» إلى محطة الفضاء الدولية في موعد لا يتجاوز 18 أغسطس (آب)، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

ويأتي هذا الإعلان بعد يوم من موافقة إدارة الطيران الاتحادية على عودة صاروخ «فالكون 9» التابع لـ«سبيس إكس» إلى الفضاء مرة أخرى بعد إخفاق نادر في منتصف رحلة في وقت سابق من هذا الشهر، وهو ما أدى إلى إيقافه عن العمل.

وكان قد تم إيقاف «فالكون 9»، الصاروخ الأكثر استخداماً في العالم، عن العمل بعد أن انفصل أحد الصواريخ في الفضاء وتسبب في تدمير حمولته من أقمار «ستارلينك» الصناعية، وهو أول إخفاق منذ أكثر من سبع سنوات لصاروخ تعتمد عليه صناعة الفضاء العالمية.