بحث جديد يثير المخاوف حول مرض «كوفيد الطويل الأمد» لدى الأطفال

الإرهاق وضباب الدماغ والصداع من بين أهم أعراضه

بحث جديد يثير المخاوف حول مرض «كوفيد الطويل الأمد» لدى الأطفال
TT

بحث جديد يثير المخاوف حول مرض «كوفيد الطويل الأمد» لدى الأطفال

بحث جديد يثير المخاوف حول مرض «كوفيد الطويل الأمد» لدى الأطفال

يسلِّط تحليل كبير نُشر الأسبوع الماضي في مجلة «Pediatrics» (طب الأطفال) الضوء على الأضرار الطويلة المدى التي يمكن أن يسببها فيروس «كورونا» للأطفال، مما يؤدي في بعض الحالات إلى أعراض عصبية وهضمية وقلبية وعائية وسلوكية، في الأشهر التي تلي الإصابة الحادة.

مشكلة خطيرة

وعلَّق الدكتور زياد العلي، رئيس قسم البحث والتطوير في مؤسسة «نظام الرعاية الصحية» في فيرجينيا، سانت لويس، وباحث الصحة العامة السريرية في جامعة واشنطن، الذي يدرس هذه الحالة ولكنه لم يشارك في التقرير الجديد: «يمثل فيروس (كورونا الطويل الأمد) في الولايات المتحدة، لدى البالغين والأطفال، مشكلة خطيرة».

وأضاف أن الورقة البحثية التي استندت إلى كثير من الدراسات حول فيروس «كورونا طويل الأمد» لدى الأطفال، كانت «مهمة» وأوضحت أن الحالة يمكن أن تؤثر على أجهزة أعضاء متعددة.

نسبة انتشار «كوفيد الطويل الأمد»

أشارت المراجعة الجديدة إلى أن ما بين 10 في المائة و20 في المائة من الأطفال في الولايات المتحدة الذين أصيبوا بمرض «كوفيد-19» أصيبوا بـ«كوفيد الطويل الأمد». ومع ذلك، قالت الدكتورة سوشيترا راو، خبيرة الأمراض المعدية لدى الأطفال في مستشفى الأطفال في كولورادو، والمؤلفة المشاركة في الورقة، إن هناك «كثيراً من المحاذير» فيما يتعلق بتقديرات الانتشار المستخدمة للوصول إلى هذا العدد. وعلى سبيل المثال نظرت بعض الدراسات التي جرت مراجعتها في نسبة صغيرة جداً فقط من الأطفال الذين تم إدخالهم إلى المستشفى بسبب «كوفيد-19». ولكن الأطفال مثلهم مثل البالغين الذين تكون لديهم حالات أكثر خطورة من مرض «كوفيد-19»، هم أكثر عرضة لخطر استمرار الأعراض أو لمضاعفات جديدة.

وتشير البيانات الصادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، إلى أن معدل انتشار مرض «كوفيد الطويل الأمد» يقترب من 1 في المائة إلى 2 في المائة من الأطفال الذين أصيبوا بـ«كوفيد». من جهته يشير الدكتور العلي إلى أن من المرجح أن يكون العدد عند البالغين أيضاً في خانة الآحاد. وقال الدكتور ستيفن فريدمان، أستاذ طب الأطفال وطب الطوارئ في كلية الطب بجامعة كالغاري كومينغ: «بشكل عام، لا ينبغي أن يشعر معظم الآباء بالقلق من إصابة أطفالهم بـ(كوفيد الطويل الأمد)». وأضاف: «لا يسألني الآباء كثيراً، إن سُئلت على الإطلاق، عن: هل طفلي الآن معرض لخطر الإصابة بـ(كوفيد الطويل الأمد)؟ بعد تشخيص إصابته بعدوى حادة... وأعتقد أن هذا مناسب».

كيف يبدو فيروس «كورونا الطويل الأمد» عند الأطفال؟

قد يكون من الصعب دراسة مرض «كوفيد الطويل الأمد»، ويرجع ذلك جزئياً إلى صعوبة تشخيصه؛ لأن الأعراض واسعة النطاق للغاية. ربما يكون إجراء التشخيص أكثر صعوبة عند الأطفال؛ لأن الأعراض قد تظهر بشكل مختلف عما تظهر عند البالغين.

قد لا يكون لدى الأطفال الصغار أيضاً اللغة اللازمة لوصف ما يشعرون به، لذلك نصح الباحثون الآباء بالبحث عن التغييرات في السلوك.

أعراض «كوفيد الطويل الأمد»

ويعد الإرهاق وضباب الدماغ والصداع من بين الأعراض الأكثر شيوعاً لمرض «كوفيد الطويل الأمد» لدى الأطفال. في حين أن هذه المشكلات تكون أحياناً في الطرف المعتدل من الطيف، إلا أنها يمكن أن تمنع الأطفال من المشاركة الكاملة في الأنشطة المدرسية أو الترفيهية.

قد يتصرف الأطفال الصغار أيضاً عندما يشعرون بالإحباط؛ لأنهم لا يستطيعون فعل ما اعتادوا عليه بسهولة. ويقول الخبراء إن معظم الأعراض تتحسن خلال عام، ولكن بالنسبة لبعض الأطفال يمكن أن تستمر لفترة أطول. وقالت الدكتورة لورا مالون، مديرة عيادة إعادة تأهيل الأطفال بعد «كوفيد-19» في معهد كينيدي كريجر في بالتيمور، إنه لا يزال من غير الواضح ما هو التأثير طويل المدى لهذه الأعراض المطولة على نمو الأطفال.

أمراض واضطرابات مناعية بسبب «كوفيد»

في الحالات الشديدة، يعاني بعض الأطفال من مشكلات في الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية، بما في ذلك التهاب عضلة القلب. وقال الدكتور العلي إن مرض السكري واضطرابات المناعة الذاتية الأخرى يمكن أن تظهر أيضاً في أعقاب الإصابة بـ«كوفيد»، على الرغم من أن هذه «تميل إلى أن تكون أقل انتشاراً بكثير عند الأطفال» من الأعراض الخفيفة.

وقال الدكتور سيندهو مهندس، اختصاصي الأمراض المعدية في مستشفى الأطفال في لوس أنجليس، إن الأعراض المستمرة والشديدة يمكن أن تظهر حتى عند الأطفال المصابين بعدوى خفيفة.

حالة مَرَضية لفتى

وكان هذا هو الحال بالنسبة للوكاس دينولت الذي لم تتضمن إصابته الأولى بفيروس «كورونا» في عام 2021 ما هو أكثر من مجرد انسداد الأنف. تعافى لوكاس الذي كان يبلغ من العمر 15 عاماً، وعاد إلى المدرسة لمتابعة التدريبات واجتماعات مجلس الطلاب. ولكن بعد أشهر، بدأ يكافح من أجل السير في قاعات مدرسته الثانوية في ليتلستاون، بنسلفانيا.

كان رأسه وصدره يؤلمانه. شعر بالدوار والغثيان. قالت والدته كارين دينولت: «لقد كان سقوطاً سريعاً». لم يفكر لوكاس ولا والدته في أن مشكلاته يمكن أن تكون مرتبطة بنوبته القصيرة من فيروس «كورونا». ولكن بناءً على توصية أحد أقاربه، ذهب لإجراء تقييم في عيادة كنيدي كريجر في بالتيمور. وهناك، تم تشخيص حالته بأنه مصاب بـ«كوفيد الطويل الأمد» وبمتلازمة عدم انتظام دقات القلب الانتصابي الوضعي، وهي مجموعة من الأعراض التي تؤدي إلى التعب الشديد، ويمكن أن تحدث بين الأشخاص الذين يعانون من «كوفيد الطويل الأمد».

العلاجات المتاحة

ما العلاجات المتاحة؟ لا توجد أدوية معتمدة لعلاج فيروس «كورونا طويل الأمد»، لذلك يركز الأطباء على إدارة الأعراض ومساعدة المرضى على أداء وظائفهم، يوماً بعد يوم.

يصف بعض الأطباء أدوية لمعالجة مشكلات مثل الصداع وآلام العضلات. وقال الدكتور مهندس الذي شارك أيضاً في مراجعة البحث، إن كثيراً من العمل الذي قام به هو والأطباء الآخرون كان يدور حول التحقق من صحة المعاناة التي مر بها هؤلاء المرضى الصغار. وأضاف: «كان كثيرون منهم في السابق يتمتعون بصحة جيدة للغاية، لذا في كثير من الأحيان، يميل جميعهم إلى الشك في أعراضهم».

وقالت الدكتورة مالون إن المدارس يجب أن توفر أماكن إقامة للأطفال الذين يعانون، بما في ذلك فترات الراحة خلال النهار، ووقتاً إضافياً للاختبارات.

تغييرات لتحسين تدفق الدم

وقد ساعد إدخال بعض التغييرات الصغيرة مع الفتى لوكاس. على سبيل المثال، كان من الصعب عليه أن يدفع نفسه من السرير، لذلك بدأ ينام في وضع مستقيم لتسهيل الأمر. وبناءً على اقتراح طبيبه، كان أحياناً يضع قدميه متدليتين من السرير، ويكتب اسمه بأصابع قدميه لتحسين تدفق الدم. كما وصف طبيبه كثيراً من الأدوية، بما في ذلك دواء لضغط الدم، للمساعدة في إدارة الأعراض، مثل التعب وضباب الدماغ. أصبح لوكاس الآن طالباً جديداً في جامعة برينستون، وقد تحسنت معظم أعراضه. عندما كان يقوم بجولة في الكليات، كانت والدته تدفعه في كثير من الأحيان على كرسي متحرك. لكنها جاءت أخيراً إلى الحرم الجامعي لمشاهدته وهو يلعب كرة السلة في النادي.

* خدمة «نيويورك تايمز»

حقائق

بين 10 % و20 %

من الأطفال في الولايات المتحدة الذين أصيبوا بمرض «كوفيد-19» أصيبوا بـ«كوفيد الطويل الأمد» حسب المراجعة الأخيرة


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة
TT

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ابتكر أليكس ويلشكو، مؤسس شركة الذكاء الاصطناعي «أوسمو»، وفريقه نسخة «ألفا» من جهاز خيالي بحجم حقيبة الظهر مزودة بمستشعر شمّ يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد المنتجات المقلدة من خلال تحليل تركيبها الكيميائي.

وأقامت شركة «أوسمو» (Osmo) شراكة مع منصات إعادة بيع الأحذية الرياضية لإظهار أن اختبار الشم عالي التقنية قادر على تحديد المنتجات المزيفة بدرجة عالية من الدقة.

الجزيئات المتطايرة تحدد الرائحة

كل شيء في العالم له رائحة، من الملابس إلى السيارات إلى جسمك. هذه الروائح هي جزيئات متطايرة، أو كيمياء «تطير» من تلك الأشياء وتصل إلى أنوفنا لتخبرنا بالأشياء. ويختبر الإنسان ذلك بوعي ووضوح عندما يكون هناك شيء جديد قرب أنفه، مثل شم سيارة جديدة أو زوج من الأحذية الرياضية. لكن حتى عندما لا تلاحظ الروائح، فإن الجزيئات موجودة دائماً.

رائحة المنتجات المقلَّدة

الأحذية المقلدة لها رائحة مختلفة عن الأحذية الحقيقية. إذ لا تختلف الأحذية الرياضية الأصلية والمقلدة في المواد، فحسب، لكن في التركيب الكيميائي. حتى الآن، اعتمدت شركات مثل «استوكس» (StockX) على اختبارات الشم البشري والفحص البصري لتمييز الأصالة - وهي عملية تتطلب عمالة مكثفة ومكلفة. وتهدف التقنية الجديدة إلى تبسيط العملية.

خريطة تحليل الفوارق اللونية

تدريب الذكاء الاصطناعي على الاختلافات الجزيئية

ووفقاً لويلشكو، درَّب فريقه «الذكاء الاصطناعي باستخدام أجهزة استشعار شديدة الحساسية للتمييز بين هذه الاختلافات الجزيئية».

وستغير هذه التكنولوجيا كيفية إجراء عمليات التحقق من الأصالة في الصناعات التي تعتمد تقليدياً على التفتيش اليدوي والحدس. وتهدف إلى رقمنة هذه العملية، وإضافة الاتساق والسرعة والدقة.

20 ثانية للتمييز بين المزيف والحقيقي

ويضيف أن آلة «أوسمو» تستغرق الآن نحو 20 ثانية للتمييز بين المنتج المزيف والحقيقي. وقريباً، كما يقول، ستقل الفترة إلى خمس ثوانٍ فقط. وفي النهاية، ستكون فورية تقريباً.

تم بناء أساس التقنية على سنوات من العمل المخبري باستخدام أجهزة استشعار شديدة الحساسية، كما يصفها ويلشكو، «بحجم غسالة الأطباق»، ويضيف: «تم تصميم أجهزة الاستشعار هذه لتكون حساسة مثل أنف الكلب، وقادرة على اكتشاف أضعف البصمات الكيميائية».

وتعمل هذه المستشعرات على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وتجمع باستمرار البيانات حول التركيب الكيميائي لكل شيء من البرقوق والخوخ إلى المنتجات المصنعة»، كما يوضح ويلشكو.

خريطة الرائحة الرئيسية

تشكل البيانات التي تم جمعها العمود الفقري لعملية تدريب الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة، والتي تساعد في إنشاء فهم عالي الدقة للروائح المختلفة ومنحها موقعاً في نظام إحداثيات يسمى خريطة الرائحة الرئيسية.

إذا كنت على دراية بكيفية ترميز ألوان الصورة في الصور الرقمية، فان الطريقة تعمل بشكل مماثل. إذ تقريباً، يتوافق لون البكسل مع مكان على خريطة RGB، وهي نقطة في مساحة ثلاثية الأبعاد بها إحداثيات حمراء وخضراء وزرقاء.

تعمل خريطة الرائحة الرئيسية بشكل مشابه، باستثناء أن الإحداثيات في تلك المساحة تتنبأ بكيفية ورود رائحة مجموعات معينة من الجزيئات في العالم الحقيقي. يقول ويلشكو إن هذه الخريطة هي الصلصة السرية لشركة «أوسمو» لجعل الاختبار ممكناً في الوحدات المحمولة ذات أجهزة استشعار ذات دقة أقل وحساسة تقريباً مثل أنف الإنسان.

من المختبر إلى الأدوات اليومية

يقول ويلشكو إنه في حين أن أجهزة الاستشعار المحمولة أقل حساسية من وحدات المختبر، فإن البيانات المكثفة التي يتم جمعها باستخدام أجهزة الاستشعار عالية الدقة تجعل من الممكن إجراء اكتشاف فعال للرائحة. مثل الذكاء الاصطناعي لقياس الصورة القادر على استنتاج محتويات الصورة لإنشاء نسخة بدقة أعلى بناءً على مليارات الصور من نموذجه المدرب، فإن هذا يحدث بالطريقة نفسها مع الرائحة. تعدّ هذه القدرة على التكيف أمراً بالغ الأهمية للتطبيقات في العالم الحقيقي، حيث لا يكون نشر جهاز بحجم المختبر ممكناً.

من جهته، يشير روهينتون ميهتا، نائب الرئيس الأول للأجهزة والتصنيع في «أوسمو»، إلى أن مفتاح عملية التعريف لا يتعلق كثيراً بالروائح التي يمكننا إدراكها، لكن بالتركيب الكيميائي للكائن أو الشيء، وما يكمن تحته. ويقول: «الكثير من الأشياء التي نريد البحث عنها والتحقق من صحتها قد لا يكون لها حتى رائحة محسوسة. الأمر أشبه بمحاولة تحليل التركيب الكيميائي».

وهو يصف اختباراً تجريبياً أجرته الشركة مؤخراً مع شركة إعادة بيع أحذية رياضية كبيرة حقق معدل نجاح يزيد على 95 في المائة في التمييز بين الأحذية المزيفة والأحذية الحقيقية.

إلا أن الطريقة لا تعمل إلا مع الأشياء ذات الحجم الكبير، في الوقت الحالي. ولا يمكن للتكنولوجيا التحقق من صحة الأشياء النادرة جداً التي تم صنع ثلاثة منها فقط، مثلاً.

هذا لأنه، كما أخبرني ويلشكو، يتعلم الذكاء الاصطناعي باستخدام البيانات. لكي يتعلم رائحة طراز جديد معين من الأحذية، تحتاج إلى إعطائه نحو 10 أزواج من الأحذية الرياضية الحقيقية. في بعض الأحيان، تكون رائحة البصمة خافتة لدرجة أنه سيحتاج إلى 50 حذاءً رياضياً أصلياً ليتعلم الطراز الجديد.

خلق روائح جديدة

لا يشم مختبر «أوسمو» الأشياء التي صنعها آخرون فحسب، بل يخلق أيضاً روائح جديدة داخل الشركة باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات نفسها. أظهر علماء الشركة كيف يعمل هذا بطريقة عملية خلال تجربة أطلقوا عليها اسم مشروع نقل الرائحة. لقد التقطوا رائحة باستخدام مطياف الكتلة للتفريق اللوني الغازي (GCMS)، الذي يحللها إلى مكوناتها الجزيئية ويحمل البيانات إلى السحابة. أصبحت هذه البيانات الملتقطة إحداثيات على خريطة الرائحة الرئيسية. بمجرد رسم الخريطة، يتم توجيه روبوت التركيب في مكان آخر لخلط عناصر مختلفة وفقاً لوصفة الرائحة، وإعادة إنشاء الرائحة الأصلية بشكل فعال.

رائحة مصنّعة لتعريف المنتجات

باستخدام تقنية تصنيع الرائحة نفسها، يتخيل ويلشكو أن «أوسمو» يمكن أن تدمج جزيئات عديمة الرائحة مباشرة في المنتجات بصفتها معرفاتٍ فريدة؛ مما يخلق توقيعاً غير مرئي لن يكون لدى المزورين أي طريقة لاكتشافه أو تكراره. فكر في هذا باعتباره ختماً غير مرئي للأصالة.

وتعمل شركة «أوسمو» على تطوير هذه العلامات الفريدة لتُدمج في مواد مثل الغراء أو حتى في القماش نفسه؛ ما يوفر مؤشراً سرياً لا لبس فيه على الأصالة.

هناك فرصة كبيرة هنا. وكما أخبرني ويلشكو، فإن صناعة الرياضة هي سوق بمليارات الدولارات، حيث أعلنت شركة «نايكي» وحدها عن إيرادات بلغت 60 مليار دولار في العام الماضي. ومع ذلك، تنتشر النسخ المقلدة من منتجاتها على نطاق واسع، حيث أفادت التقارير بأن 20 مليار دولار من السلع المقلدة تقطع هذه الإيرادات. وقد صادرت الجمارك وحماية الحدود الأميركية سلعاً مقلدة بقيمة مليار دولار فقط في العام الماضي في جميع قطاعات الصناعة، وليس فقط السلع الرياضية. ومن الواضح أن تقنية الرائحة هذه يمكن أن تصبح سلاحاً حاسماً لمحاربة المنتجات المقلدة، خصوصاً في أصعب الحالات، حيث تفشل الأساليب التقليدية، مثل فحص العلامات المرئية.

الرائحة هي مفتاح المستقبل

يرى ويلشكو أن النظام جزء من استراتيجية أوسع لرقمنة حاسة الشم - وهو مفهوم بدأ العمل عليه عند عمله في قسم أبحاث «غوغل». إن أساس النظام يكمن في مفهوم يسمى العلاقة بين البنية والرائحة. وتتلخص هذه العلاقة في التنبؤ برائحة الجزيء بناءً على بنيته الكيميائية، وكان مفتاح حل هذه المشكلة هو استخدام الشبكات العصبية البيانية.

إمكانات طبية لرصد الأمراض

إن الإمكانات الطبية لهذه التقنية هي تحويلية بالقدر نفسه. ويتصور ويلشكو أن النظام يمكن استخدامه للكشف المبكر عن الأمراض - مثل السرطان أو السكري أو حتى الحالات العصبية مثل مرض باركنسون - من خلال تحليل التغييرات الدقيقة في رائحة الجسم التي تسبق الأعراض غالباً.

لكنه يقول إنه حذّر بشأن موعد حدوث هذا التقدم؛ لأنه يجب على العلماء أن يحددوا أولاً العلامات الجزيئية لهذه الروائح قبل أن تتمكن الآلة من اكتشاف أمراض مختلفة. وتعمل الشركة بالفعل مع عدد من الباحثين في هذا المجال.

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»