تقرير «هارفارد»: 9 خطوات لحماية العاملين في عصر الذكاء الاصطناعي

يطرح «نموذجاً استباقياً» لتشارُك العمال وأصحاب العمل

تقرير «هارفارد»: 9 خطوات لحماية العاملين في عصر الذكاء الاصطناعي
TT

تقرير «هارفارد»: 9 خطوات لحماية العاملين في عصر الذكاء الاصطناعي

تقرير «هارفارد»: 9 خطوات لحماية العاملين في عصر الذكاء الاصطناعي

يتتبع تقرير جديد صادر عن «مركز العمل والاقتصاد العادل» بكلية الحقوق بجامعة هارفارد، كيفية استخدام الشركات للذكاء الاصطناعي، ويطرح الخطوات التي ينبغي عليها اتخاذها لحماية العمال.

خوف العاملين من الذكاء الاصطناعي

يخشى الكثير من الموظفين الذكاء الاصطناعي، وذلك لسبب وجيه. يقول بعض الخبراء إن التكنولوجيا لديها القدرة على التأثير، إن لم يكن القضاء على المهام اليومية للموظفين، ووظائفهم، وخصوصيتهم.

وعندما استطلعت «فاست كومباني» مستخدمي «لنكدإن» LinkedIn حول ما يعتقدون أنه أهم قضية في مواقع العمل لعام 2024، قال 36 في المائة منهم إن مسألة «تكامل الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي» (داخل مواقع العمل) كانت همهم الأكبر.

تقرير «هارفارد»

أصدر مركز العمل والاقتصاد العادل (CLJE) التابع لكلية الحقوق بجامعة هارفارد،، حديثاً، تقريراً عن التحديات التي تواجه العمال في عصر الذكاء الاصطناعي. واستهلّ التقرير بالدفاع عن أن النتائج التي توصل إليها «لا تأتي من الخوف من التكنولوجيا أو استخداماتها التي لا تُعد ولا تحصى». وبدلاً من ذلك، يعرض التقرير بالتفصيل ظهور «أدوات الإدارة والإنتاج المتطورة والمدعومة بالتكنولوجيا لتتبع النشاط البشري»، كما يقدم خطوات قابلة للتنفيذ يمكن للقادة اتخاذها لبناء «نموذج استباقي لمشاركة العمال، يحمي قانون العمل وسياسة التكنولوجيا والسياسة العامة من المستقبل»، والديمقراطية.

خطوات وتوصيات

وفيما يلي توصيات التقرير حول كيفية حماية العمال في عصر الذكاء الاصطناعي:

1. تفويض شخص «مراقب تأثيرات الذكاء الاصطناعي» AI Impact Monitor المختار في كل مكان عمل يُستخدم فيه الذكاء الاصطناعي لمراقبة العمال أو تتبعهم أو تقييمهم. سيكون الهدف من ذلك ضمان حصول العاملين في كل مكان عمل على إمكانية الوصول إلى شخص مطّلع يمكنه تقديم معلومات دقيقة حول قضايا سلامة الذكاء الاصطناعي الموضوعية والحقوق القانونية؛ والمساعدة في إعداد تقارير العمال -الإبلاغ عن المخالفات المتعلقة بهذه القضايا؛ ويمثل مركزاً للمعلومات للعمال والمشرفين على التنظيم وأفراد الجمهور.

2. إنشاء لجان قطاعية تتألف من ممثلين عن العمل والإدارة، من شأنها التفاوض بشأن معايير سلامة الذكاء الاصطناعي الأساسية لجميع الشركات في هذا القطاع. وستكون هذه المعايير الأساسية بمثابة الحد الأدنى من المعايير عبر القطاع وستُنفَّذ من خلال مراقبي التأثير.

ضمان حقوق العاملين

3. تفويض الوصول إلى إنسان عندما تتخذ الخوارزمية قراراً يُغيّر حالة أيٍّ من العاملين مثل الطرد من الوظيفة.

4. منع أصحاب العمل من استخدام الذكاء الاصطناعي للدعوة ضد حقوق المفاوضة الجماعية، بما في ذلك حظر أصحاب العمل من تضمين رسائل حول ممارسة العمال حقوقهم في المفاوضة الجماعية أو النشاط المنسق في أي واجهة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتي يُطلب من العمال استخدامها لإنجاز مهام العمل.

5. المطالبة بالشفافية الهادفة والوصول إلى المعلومات حول التقنيات المستخدمة لرصد العمال وإدارتهم ومراقبتهم.

6. مطالبة «المجلس الوطني لعلاقات العمل» (الأميركي) بوضع عقوبات ذات مغزى من شأنها ردع أصحاب العمل عن إساءة استخدام تقنيات المراقبة.

«مساحات» اجتماعات رقمية

7. مطالبة الشركات بتوفير قناة اتصالات رقمية آمنة. وعلى وجه التحديد، نوصي بضمان إتاحة أي تقنية يستخدمها صاحب العمل للتواصل مع العمال، من أجل أنشطتهم التنظيمية الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، نوصي بأن يُلزم القانون أصحاب العمل بإنشاء مساحات اجتماعات رقمية (أي منتديات خاصة للاتصالات عبر الإنترنت).

8. تحديث تعريف «إدارة السلامة والصحة المهنية» إلى عبارة «مكان عمل آمن وصحي» ليشمل الحق في التحرر من الضرر الناجم عن الذكاء الاصطناعي.

9. تصنيف العمال بشكل مناسب حتى يتمكن العمال المستقلون من الوصول إلى حقوقهم في معالجة المظالم، والتنظيم حسب الحاجة، وطلب الحماية بموجب قانون العمل الحالي وأي وسائل حماية خاصة بالذكاء الاصطناعي.

مراقبة الذكاء الاصطناعي للموظفين

ووفقاً للتقرير، فإن الطرق الأكثر شيوعاً حالياً التي تستخدم بها الشركات الذكاء الاصطناعي تشمل:

- مراقبة المهام، إذ يتتبع الذكاء الاصطناعي أنشطة الموظفين ويوفر تحديثات في الوقت الفعلي.

- تتبع الوقت، إذ يراقب الذكاء الاصطناعي مقدار الوقت الذي يقضيه العمال في المهام ويتأكد من التزامهم المواعيد النهائية.

- توظيف الذكاء الاصطناعي لمراقبة الموظفين، إذ تراقب الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي كيفية تواصل الموظفين بعضهم مع بعض.

أمثلة لممارسات تتبُّع العاملين

ومثالاً على هذه التطبيقات الشائعة للذكاء الاصطناعي، يشير فريق «CLJE» في «هارفارد» إلى شركة «هيومنايز Humanyze»، وهي شركة تقنية زوّدت موظفيها بميكروفونات (تستمع إلى محادثات العمال)، وأجهزة استشعار تعمل بتقنية البلوتوث والأشعة تحت الحمراء (تراقب مكان وجود العمال)، ومقاييس التسارع (تسجل عندما يتحرك العمال، من خلال اهتزازاتهم).

كما أشار الباحثون أيضاً في التقرير إلى شركة «أمازون»، لافتين إلى أن الكثير من عمال المستودعات في «أمازون» يجري تتبع تحركاتهم وسرعة المهام والإنتاجية. ولكن في حين أن «أمازون» قد تستثمر في الذكاء الاصطناعي وتطبقه عبر القوى العاملة لديها، فقد أصرت الشركة سابقاً على أن هدفها ليس تقليل عدد الموظفين.

إلا أن ماري كيت باراديس، المتحدثة باسم «أمازون»، قالت لبافيثرا موهان من «فاست كومباني»: «نحن لا نرى الأتمتة والروبوتات وسيلةً للقضاء على الوظائف. لقد تضاعف حجم القوى العاملة لدينا منذ بداية عام 2019، إذ زاد عددها إلى أكثر من 1.5 مليون شخص على مستوى العالم -كل ذلك بينما وسّعنا استخدام الروبوتات في مرافق عملياتنا».

من جهته قال كريس سمولز، رئيس اتحاد العمال في «أمازون»، لموهان: «إذا كان بإمكان (أمازون) إنشاء (نظام) تساعد فيه الآلات على تقليل الإصابات، فأنا أؤيد ذلك». لكنّ سمولز يقول إنه يأمل أن يتمكن عمال «أمازون» من المشاركة في كيفية نشر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي... تنافس ونمو متسارع

تكنولوجيا  «ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة المستخدمين بلغة بسيطة باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)

منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي... تنافس ونمو متسارع

يستمر استخدام منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي من جانب عامة الناس في النمو بوتيرة متسارعة، على ما تظهر أحدث الأرقام لجهات فاعلة رئيسية في القطاع.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا يعد «GPT-4o mini» نموذج ذكاء اصطناعي صغيراً فعالاً من حيث تكلفة العملاء (شاترستوك)

200 مليون مستخدم نشط في «تشات جي بي تي» أسبوعياً

صرحت شركة «أوبن إيه آي (OpenAI)»،الناشئة للذكاء الاصطناعي، بأن روبوت الدردشة الخاص بها «تشات جي بي تي (ChatGPT)» لديه الآن أكثر من 200 مليون مستخدم نشط أسبوعيا.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد شخص يمشي أمام لافتة خارج مبنى مكتب «إنفيديا» في سانتا كلارا بكاليفورنيا (أ.ب)

انخفاض أسهم «إنفيديا» رغم تجاوز مبيعاتها القياسية الـ30 مليار دولار

فشلت «إنفيديا» في تلبية التوقعات العالية للمستثمرين الذين قادوا ارتفاعاً مذهلاً في أسهمها، حيث راهنوا بمليارات الدولارات على مستقبل الذكاء الاصطناعي التوليدي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا الوظيفة الأساسية لـ«دوِّن الملاحظات لي» هي تقديم ملخّص موجَز للنقاط الرئيسية في الاجتماع بدلاً من النسخ الحرفي (شاترستوك)

تفعيل ميزة تدوين الملاحظات عبر الذكاء الاصطناعي في «اجتماعات غوغل»

يمكن الوصول إليها من خلال أيقونة «Gemini AI» التي يمثّلها قلم رصاص لامع.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد منظر لشعار شركة «إنفيديا» في مقرها الرئيسي بتايبيه (رويترز)

الأنظار تتجه إلى «إنفيديا» و«وول ستريت» تترقب نتائجها المالية

قادت «إنفيديا» طفرة الذكاء الاصطناعي لتتحول إلى واحدة من كبرى الشركات في سوق الأسهم؛ إذ تستمر شركات التكنولوجيا العملاقة في الإنفاق بكثافة على رقائق الشركة.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس )

دراسة: قردة «بهيات الشعر» تمنح بعضها بعضاً أسماء مثل البشر

قرد القشة القزمة في حديقة حيوان سيمبيو في سيدني بأستراليا (أ.ف.ب - صفحة حديقة حيوان سيمبيو على «فيسبوك»)
قرد القشة القزمة في حديقة حيوان سيمبيو في سيدني بأستراليا (أ.ف.ب - صفحة حديقة حيوان سيمبيو على «فيسبوك»)
TT

دراسة: قردة «بهيات الشعر» تمنح بعضها بعضاً أسماء مثل البشر

قرد القشة القزمة في حديقة حيوان سيمبيو في سيدني بأستراليا (أ.ف.ب - صفحة حديقة حيوان سيمبيو على «فيسبوك»)
قرد القشة القزمة في حديقة حيوان سيمبيو في سيدني بأستراليا (أ.ف.ب - صفحة حديقة حيوان سيمبيو على «فيسبوك»)

يُعدّ منح الأسماء بين كائنات من الجنس نفسه مؤشراً إلى تطوّر كبير، وقد تمت ملاحظته في السابق لدى البشر وأنواع من الدلافين والفيلة الأفريقية فقط، لكنّ دراسة نُشرت، الخميس، في مجلة «ساينس» المرموقة، بيّنت أنّ القردة التي تُطلق عليها تسمية «بهيات الشعر» تنتمي أيضاً إلى هذه المجموعة المحدودة من الحيوانات.

وأظهرت الدراسة، التي أجراها فريق من الجامعة العبرية في القدس، أنّ هذه الرئيسيات الصغيرة تطلق صرخات عالية بنبرة حادة لمنح «ألقاب صوتية» لأنفسها.

وقال المعد الرئيسي للدراسة ديفيد عمر، في حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن مهتمون جداً بالسلوك الاجتماعي لاعتقادنا بأنّه هو ما يجعلنا كبشر كائنات مميزة مقارنة بالحيوانات الأخرى».

وأضاف: «نحن لا نركض بسرعة ولا نطير ولا نتفوق في أي شيء غير قدراتنا الاجتماعية، وبأنّ كل إنجازاتنا مجتمعية».

ورأى أنّ «بهيات الشعر» مثالية لدراسة تطور السلوك الاجتماعي واللغة لدى البشر؛ لأنّها تتمتع بخصائص مماثلة للبشر. وتعيش هذه القرود ضمن مجموعات عائلية صغيرة أحادية الزوج مؤلفة من ستة إلى ثمانية قرود تتولى معاً تربية صغارها.

وسجل الباحثون محادثات بين قردين من نوع «بهي الشعر» يفصل بينهما حاجز بصري، بالإضافة إلى التفاعلات بينهما ونظام حاسوبي يبث تسجيلات. وكان تحليل صرخاتهما ممكناً بفضل التقدم المُحرَز في مجال التعلم الآلي والقوة التي تتمتع بها الحوسبة.

ووجد الباحثون أنّ هذه القردة تستخدم صرخات عالية النبرة لمخاطبة بعضها بعضاً. وكانت هذه الرئيسيات قادرة بشكل ملحوظ على معرفة ما إذا كانت الصرخات موجهة إليها، وأظهرت إمكانية أكبر في الردّ عند مناداتها باسمها.

«تطور متقارب»

والقرود العشرة التي خضعت للاختبار متحدرة من ثلاث عائلات مختلفة. وأظهر الباحثون أنّ القردة المنتمية إلى المجموعة العائلية نفسها استخدمت خصائص صوتية متشابهة لأسماء مختلفة، تشبه إلى حد كبير اللهجات أو اللكنات عند البشر.

واعتمدت قرود أخرى بالغة انضمت إلى مجموعة من دون أن تكون مرتبطة بها مباشرة، الرموز الصوتية نفسها، مما يشير إلى إمكانية أن تتعلمها من قرود أخرى. ويعزو ديفيد عمر اكتساب القرود للمؤشرات الصوتية إلى «تطور متقارب»؛ أي إنها طوّرت سمات مماثلة خلال الاستجابة لتحديات بيئية مماثلة.

ويُعدّ منح الأسماء مسألة مهمة جداً لـ«بهي الشعر»، للحفاظ على الروابط الاجتماعية وتماسك المجموعة في الغابات الاستوائية الكثيفة في أميركا الجنوبية، حيث تكون الرؤية محدودة جداً.

أما مسألة متى وكيف بدأ البشر في الكلام، فهي موضع نقاش، ولكن حتى وقت قريب رفض عدد كبير من العلماء فكرة أنّ الرئيسيات توفّر عناصر للإجابات.

ويقول ديفيد عمر: «لا يزال بإمكاننا أن نتعلم الكثير من الرئيسيات غير البشرية بشأن تطور اللغة عند البشر». في المستقبل، يمكن أن تشكّل إحدى طرق البحث المضي قدماً في استخدام الذكاء الاصطناعي، لفك تشفير محتوى محادثات «بهيات الشعر» بشكل أفضل.