بيضة... من دون دجاجة

طُورت بطريقة التخمير الدقيق لإنتاج البروتينات

بيضة... من دون دجاجة
TT

بيضة... من دون دجاجة

بيضة... من دون دجاجة

طوّرت شركة التكنولوجيا الحيوية «إفري» Every نوعاً من البيضات باستخدام التخمير الدقيق.

وفي عشاء مميّز في مطعم «إلفين إديسون بارك» في نيويورك، الحائز على ثلاث نجوم من ميشلان الذي تحوّل إلى تقديم الطعام النباتي حصراً عام 2021، تناول الحاضرون أطباقاً تحتوي على هذا البيض. ولكنّ هذا الأمر لا يعني أنّ المطعم سيعود لتقديم الأطباق الحيوانية؛ لأنّ البيض المقدّم في هذا العشاء ليس من إنتاج الدجاج، بل مصنوع بالتخمير الدقيق.

بيوض مصنّعة

تعود هذه البيوض إلى شركة التكنولوجيا الحيوية «إفري» وليست فقط بديلاً مصنوعاً من مكوّنات نباتية، بل تحتوي على بروتينات ناتجة عن عملية التخمير الدقيق التي يُصار خلالها إلى إدخال سلالات الحمض النووي المسؤولة عن إنتاج البروتين الحيواني إلى الخميرة، ومن ثمّ تُغذّى الأخيرة بالسكّر. مع اختمار الخميرة في الخزان، يتحوّل السكّر إلى بروتين. وتعمد الشركة بعدها إلى إضافة المكوّنات النباتية التي تعزّز الطعم والبنية، وتعطي منتجاً مطابقاً للبيض الذي تنتجه الدجاجة وتشترونه من متجر البقالة.

في حديثٍ له عن هذه الخطوة التي تهدف إلى تحويل مطعمه إلى نباتي بالكامل، قال الشيف دانيال هام، مالك «إلفين إديسون بارك»، لموقع «إمباكت لاب»، إنّ العالم يحتاج إلى «الابتكار»؛ لأنّ الموارد بدأت تنفد منّا.

من جهته، قال أرتورو إليزوندو، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لـ«إفري»، إنّ «كشف النقاب عن (بيضة إفري) في لائحة طعام هو الأول من نوعه في واحد من أفضل المطاعم يُظهر بشكلٍ لا يقبل الشكّ أنّ التخمير الدقيق جاهزٌ للمرحلة».

غذاء بديل

تحوّل التخمير الدقيق إلى تقنية نامية في عالم الغذاء البديل. فقد استخدمت شركة «برفكت دايز» العملية لصناعة مواد لبنية غير حيوانية، وكذلك فعلت شركة «أوتيغو بايو» لصناعة بياض بيض من دون دجاج. وكانت «إفري» قد أطلقت في وقتٍ سابق بروتين بياض بيض من دون دجاج، يأتي منتجا «إفري» و«أوتيغو بايو» على شكل مسحوق يناسب أنظمة الصناعة الحالية لمنتجات كمتمّمات البروتين أو الحلويات.

تقول شركة «إفري» إنّ أحدث إطلاقاتها هو البيضة «السائلة» الأولى المصنوعة من دون دجاج، لافتةً إلى أنّ المكوّنات النباتية الإضافية المستخدمة لإضفاء الطعم والبنية تعني أنّها تحتوي على أكثر بكثير من بروتين الألبومين المتوفر بكثافة في البيض العادي.

يقول إليزوندو: «إنّ بيضة «إفري» تمثّل نقطة تحوّل للتخمير الدقيق والابتكار في عالم الطهي على حدّ سواء: إنّها المرّة الأولى التي يرى فيها العالم بيضة غير حيوانية لا يمكن تمييزها عن بيض الدجاج الطبيعي».

بيضة سائلة

تشبه بيضة «إفري» السائلة غيرها من البيض القابل للسكب الموجود في المتاجر، ويمكن استخدامها لصناعة البيض المخفوق، والعجّة، والكريمة، وغيرها من الأطباق الشهيرة التي يدخل البيض في صناعتها.

ابتُكرت هذه البيضة لتعطي نفس طعم وأداء البيض التقليدي، ولكنّ ملفها الغذائي مختلف؛ إذ تخلو بيضة «إفري» من الكوليسترول والدهون المشبعة، وتحتوي على 8 غرامات من البروتين (تتراوح كمية البروتين في البيض التقليدي بين 5 و8 غرامات، بحسب الحجم).

يستهلك البيض المخمّر بدقّة كمية أقلّ من التربة والمياه، وينتج انبعاثات أقلّ من الدجاج. علاوة على ذلك، يساعد هذا البيض المبتكر في تجاوز عدد من المسائل الأخلاقية - تتحدّر الكمية الأكبر من البيض المستخدم حول العالم، نحو 70 في المائة، من دجاج يمضي حياته في الأقفاص - فضلاً عن أنّه يساعد في ضمان استقرار سوق البيض في حالة المرض كإنفلونزا الطيور الذي قد يؤدّي إلى أزمة في توريد البيض، وينقل المرض إلى البشر.

جمعت شركة «إفري» أكثر من 233 مليون دولار منذ تأسيها عام 2015. وتجدر الإشارة إلى أنّ الشيف هام من مطعم «إلفين ماديسون بارك» صمّم لائحة طعام مميّزة ستستخدم بيضة «إفري» في أكثر من طبق، مثل العجّة، وحلوى الكريم بروليه، وحتّى الكوكتيلات، وبدأ العمل بها منذ 8 ديسمبر (كانون الأول).

يتوفر بروتين بياض البيض من «إفري» اليوم لصانعي المواد الغذائية، على أن تصبح البيضة السائلة متوفرة في بعض المطاعم العام المقبل.


مقالات ذات صلة

مرشحة ترمب لوزارة التعليم مُتهمة بـ«تمكين الاعتداء الجنسي على الأطفال»

الولايات المتحدة​ ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)

مرشحة ترمب لوزارة التعليم مُتهمة بـ«تمكين الاعتداء الجنسي على الأطفال»

لا تزال الاتهامات تلاحق الفريق الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب لتشكيل إدارته؛ حيث زعمت دعوى قضائية أن ليندا مكماهون سمحت بالاعتداء الجنسي على الأطفال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

أمر القاضي في قضية الاحتيال المالي ضد دونالد ترمب، الجمعة، بتأجيل النطق بالحكم إلى أجل غير مسمى، ما يمثل انتصاراً قانونياً للرئيس المنتخب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي آنذاك جون كينيدي يلوح بيده من سيارته في موكب سيارات قبل دقيقة واحدة تقريباً من إطلاق النار عليه، في 22 نوفمبر 1963 في دالاس، الولايات المتحدة (أ.ب)

ترمب يتعهد مجدداً برفع السرية عن وثائق اغتيال جون كينيدي

ينصح أولئك الذين فحصوا سجلات ملف اغتيال كينيدي التي تم الكشف عنها حتى الآن، بعدم توقع أي كشف صادم، حتى لو تم رفع السرية عن الملفات المتبقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟
TT

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟

ربما تتذكر وقتاً كنت فيه بحاجة إلى إجابة سريعة، لوصفة طبق للطعام، أو مشروع لتحسين بيتك.

من محرك «غوغل» إلى «جي بي تي»

قبل بضع سنوات، كانت غريزة معظم الناس الأولى هي البحث عن المعلومات على محرك «غوغل» للبحث، ومع ذلك، اليوم، مما كتب غاي يون تشونغ (*)، أصبح كثير من الناس أكثر ميلاً إلى استخدام «تشات جي بي تي (ChatGPT)»، أداة الذكاء الاصطناعي والمحادثة من شركة «أوبن إيه آي»، التي تغير الطريقة التي يبحث بها الناس عن المعلومات.

بدلاً من مجرد توفير قوائم بمواقع الويب، يُقدِّم «تشات جي بي تي» إجابات محادثة أكثر مباشرة.

مسألة الإبداع

ولكن هل يمكن لـ«تشات جي بي تي» أن يفعل أكثر من مجرد الإجابة عن الأسئلة المباشرة؟ هل يمكنه بالفعل مساعدة الناس على أن يكونوا أكثر إبداعاً؟

إني أدرس التقنيات الجديدة وتفاعل المستهلكين مع وسائل التواصل الاجتماعي، وقد شرعت أنا وزميلي بيونغ لي في استكشاف هذا السؤال: هل يمكن لـ«تشات جي بي تي» مساعدة الناس حقاً على حل المشكلات بشكل إبداعي، وهل يؤدي هذا بشكل أفضل من محركات البحث التقليدية مثل «غوغل»؟

عبر سلسلة من التجارب في دراسة نُشرت في مجلة «نتشر-السلوك البشري (Nature Human Behaviour)»، وجدنا أن «تشات جي بي تي» يعزز الإبداع، خصوصاً في المهام العملية اليومية.

وإليك ما تعلمناه عن كيفية تغيير هذه التقنية للطريقة التي يحلُّ بها الناس المشكلات، ويتبادلون بها الأفكار ويفكرون بشكل إبداعي.

«جي بي تي» مبدع

«تشات جي بي تي» والمهام الإبداعية. تخيل أنك تبحث عن فكرة هدية إبداعية لابنة أخت في سِنِّ المراهقة. في السابق، ربما كنت تبحث على «غوغل» عن «هدايا إبداعية للمراهقين»، ثم تتصفح المقالات حتى تجد شيئاً يناسبك.

الآن، إذا سألت «تشات جي بي تي»، فإنه يولِّد استجابةً مباشرةً بناءً على تحليله للأنماط عبر الويب. قد يقترح مشروعاً مخصصاً أو تجربةً فريدةً من نوعها، وصياغة الفكرة في الوقت الفعلي.

لاستكشاف ما إذا كان «تشات جي بي تي» يتفوق على «غوغل» في مهام التفكير الإبداعي، أجرينا 5 تجارب، تعامل فيها المشاركون مع مهام إبداعية مختلفة.

توليد الأفكار

على سبيل المثال، قمنا بتعيين المشاركين بشكل عشوائي، إما لاستخدام «تشات جي بي تي» للمساعدة، أو استخدام بحث «غوغل»، أو توليد الأفكار بأنفسهم.

بمجرد جمع الأفكار، قام الحكام الخارجيون، الذين لا يدركون الشروط المخصصة للمشاركين، بتقييم كل فكرة من حيث الإبداع. قمنا بوضع متوسط ل​​درجات الحكام؛ بهدف توفير تصنيف إبداعي عام.

كانت إحدى المهام تتضمَّن تبادل الأفكار حول طرق إعادة استخدام العناصر اليومية، مثل تحويل مضرب تنس قديم وخراطيم الحديقة إلى شيء جديد. وطُلبت مهمة أخرى من المشاركين تصميم طاولة طعام مبتكرة. وكان الهدف هو اختبار ما إذا كان «تشات جي بي تي» يمكن أن يساعد الناس على التوصل إلى حلول أكثر إبداعاً، مقارنة باستخدام محرك بحث على الويب أو مجرد خيالهم.

نتائج لصالح الذكاء التوليدي

وكانت النتائج واضحة: صنف الحكام الأفكار التي تم إنشاؤها بمساعدة «تشات جي بي تي» على أنها أكثر إبداعاً من تلك التي تم إنشاؤها باستخدام عمليات البحث على «غوغل» أو دون أي مساعدة. ومن المثير للاهتمام أن الأفكار التي تم إنشاؤها باستخدام «تشات جي بي تي» - حتى دون أي تعديل بشري - سجَّلت درجات أعلى في الإبداع من تلك التي تم إنشاؤها باستخدام «غوغل».

وكانت إحدى النتائج البارزة هي قدرة «تشات جي بي تي» على توليد أفكار إبداعية تدريجياً: تلك التي تعمل على تحسين أو البناء على ما هو موجود بالفعل. وفي حين أن الأفكار الجذرية حقاً قد لا تزال تشكل تحدياً للذكاء الاصطناعي، فقد تفوَّق «تشات جي بي تي» في اقتراح نهج عملي ومبتكر. على سبيل المثال، في تجربة تصميم الألعاب، توصَّل المشاركون الذين يستخدمون «تشات جي بي تي» إلى تصميمات خيالية، مثل تحويل مروحة متبقية وكيس ورقي إلى مروحة تعمل بطاقة الرياح.

حدود الإبداع في الذكاء الاصطناعي

تكمن قوة «تشات جي بي تي» في قدرته على الجمع بين المفاهيم غير ذات الصلة في استجابة متماسكة.

وعلى عكس «غوغل»، الذي يتطلب من المستخدمين غربلة الروابط وتجميع المعلومات معاً. يقدم «تشات جي بي تي» إجابةً متكاملةً تساعد المستخدمين على التعبير عن الأفكار وصقلها بتنسيق مصقول. وهذا يجعل «تشات جي بي تي» واعداً بوصفه أداةً إبداعيةً، خصوصاً للمهام التي تربط بين الأفكار المتباينة أو تولد مفاهيم جديدة.

من المهم ملاحظة، مع ذلك، أن «تشات جي بي تي» لا يولِّد أفكاراً جديدة حقاً. إنه يتعرَّف على الأنماط اللغوية ويجمعها من بيانات التدريب الخاصة به، وبالتالي يولِّد مخرجات بتسلسلات أكثر احتمالية بناءً على تدريبه. إذا كنت تبحث عن طريقة لتحسين فكرة موجودة أو تكييفها بطريقة جديدة، فيمكن أن يكون «تشات جي بي تي» مورداً مفيداً. ومع ذلك، بالنسبة لشيء مبتكر، لا يزال الإبداع والخيال البشري ضروريَّين.

بالإضافة إلى ذلك، في حين يمكن لـ«تشات جي بي تي» توليد اقتراحات إبداعية، فإنها ليست عملية دائماً أو قابلة للتطوير دون مدخلات الخبراء. تتطلب خطوات مثل الفحص، وفحص الجدوى، والتحقق من الحقائق، والتحقق من السوق خبرة بشرية. ونظراً لأن استجابات «تشات جي بي تي» قد تعكس تحيزات في بيانات التدريب الخاصة بها، فيجب على الأشخاص توخي الحذر في السياقات الحساسة مثل تلك التي تنطوي على العرق أو الجنس.

كما اختبرنا ما إذا كان «تشات جي بي تي» يمكن أن يساعد في المهام التي غالباً ما يُنظر إليها على أنها تتطلب التعاطف، مثل إعادة استخدام العناصر العزيزة على أحد الأحباء. ومن المدهش أن «تشات جي بي تي» عزَّز الإبداع حتى في هذه السيناريوهات، حيث أدى إلى توليد أفكار وجدها المستخدمون ذات صلة، ومدروسة.

وتتحدى هذه النتيجة الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه المساعدة على المهام التي تحركها العواطف.

مستقبل الذكاء الاصطناعي والإبداع

مع ازدياد إمكانية الوصول إلى «تشات جي بي تي» وأدوات الذكاء الاصطناعي المماثلة، فإنها تفتح إمكانات جديدة للمهام الإبداعية. سواء في مكان العمل أو في المنزل، يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في الشحذ الذهني وحل المشكلات وتعزيز المشروعات الإبداعية.

ومع ذلك، يشير بحثنا أيضاً إلى الحاجة إلى الحذر: في حين يمكن لـ«تشات جي بي تي» تعزيز الإبداع البشري، فإنه لا يحلُّ محلَّ القدرة البشرية الفريدة على التفكير الجذري حقاً خارج الإطار المألوف.

يمثل هذا التحول من البحث على «غوغل» إلى سؤال «تشات جي بي تي»، أكثرَ من مجرد طريقة جديدة للوصول إلى المعلومات. إنه يمثل تحولاً في كيفية تعاون الناس مع التكنولوجيا للتفكير والإبداع والابتكار.

* أستاذ مساعد في إدارة الأعمال بجامعة رايس الأميركية - مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً