كيف يمكن للتنفس أن يساعدكم على تخفيف التوتر؟

إعادة ضبط الجهاز العصبي تحتاج إلى 3 أنفاس عميقة

كيف يمكن للتنفس أن يساعدكم على تخفيف التوتر؟
TT

كيف يمكن للتنفس أن يساعدكم على تخفيف التوتر؟

كيف يمكن للتنفس أن يساعدكم على تخفيف التوتر؟

لديّ اعتراف: أنا أحبس نفَسي، ولا أعلم أنّني أفعل ذلك حتّى آخذ النفَس التالي وأُدرك أنّني لم أتنفّس منذ بعض الوقت. ولأنّني لا أحبس أنفاسي عن قصد، فقد كان من الصعب عليّ أن أكسر هذه العادة. لذا؛ تحدّثتُ مع ويل كادي، مؤلّف كتاب «طريق الشمال: بوصلة مبتكرة للصانعين، والمسوّقين، والصوفيين» عن رأيه، في حبس الأنفاس.

دورة اتصال الأنفاس والجسمأخبرني كادي عن «وجود دورة اتصال بين وضع النفَس ووضع كلّ شيء آخر. أحبس نفسي كثيراً عندما تفرغ رئتاي من الهواء؛ عندما أكون في وضع متعجّل، مثل وضع يتطلب إنهاء جميع المهام المطلوبة... إنها طريقة الجسم في إخفاء ما يقوم به الدماغ».

شعرتُ بأنّ هذا التفسير منطقي؛ ففي معظم الأحيان، أحبس أنفاسي خلال الكتابة، لا سيّما عندما أعمل على كتابة مقطع محدّد مثل هذه المقالة.

يقول كادي إنّ «النّاس يميلون إلى نسيان أنفاسهم عندما يغرقون في التوتّر. نحن لا نلاحظ كيف يبدو الشعور بالهدوء والسكينة من وجهة نظر التنفس. لذا تنطوي الممارسة اليومية لعمل؛ أي ضبط، التنفّس على أهميّة كبيرة في هذه المرحلة».

الأنفاس الثلاثةيقول كادي إنّ إعادة ضبط الجهاز العصبي تحتاج إلى 3 أنفاس عميقة. ويضيف: «ابدأوا بتخيّل آلة قياس تحتوي على عدّاد، وأنّ طرف العداد الأعلى هو شهيقكم الأعمق برئتين مليئتين، وأنّ طرفه الأدنى هو زفيركم الأعمق برئتين فارغتين. ولاحظوا أين تتنفّسون على هذا العداد... ما درجة عمق أو سطحية تنفسّكم؟».

بعدها؛ خذوا 3 أنفاس جديدة واستخدموا سعة رئتيكم الكاملة هذه المرّة، ولاحظوا الفرق في شعوركم.

يؤكّد كادي أنّه «لا أحد منّا يتنفّس بكامل طاقته طوال الوقت، وأنّنا دائماً ما نأخذ نفساً محدوداً. وعندما تقتربون من الشهيق في رأس ذلك العداد، فستشعرون بأنّكم أقرب إلى نوعٍ من الوفرة (في الأنفاس). وعندما تكونون قريبين من الطرف الأدنى، فستشعرون بأنّكم أقرب إلى إحساس بالنقص؛ الأمر في الواقع يرتبط بالملاحظة».

لقد أصبحت أكثر وعياً بذاتي بمجرّد إدراكي ميولي التنفسيّة. عندما ألاحظ أنّني حبست نفسي؛ آخذ استراحة لأشهق وأزفر 3 مرّات، مما يساعدني على تهدئة جسمي وعقلي على الفور. ولاحظتُ أيضاً أنّ بعض المواقف تدفعني إلى التنفّس بسطحية، وأنّني أستطيع استكشاف سبب شعوري بالتوتر.

طرق مطورة للتنفس* «تنفس 4-7-8»: يوصي كادي بتقنية تنفّس تُعرف بـ«تنفّس 4-7-8» التي طوّرها الدكتور آندرو ويل. تعتمد التقنية على الشهيق مع العدّ حتّى 4، وحبس النفس مع العدّ حتّى 7، ثمّ الزفير مع العدّ حتّى 8. وبعدها كرّروا الدورة.

يشرح كادي أنّ هذه التقنية «تتدخّل في الجهاز العصبي لإعادة ضبطه. نمضي كثيراً من الوقت في وضع الكرّ والفرّ؛ أي (الجهاز العصبي اللاودي). ولكنّ ضبط التنفّس يأخذنا إلى الراحة، والهضم، أي (الجهاز العصبي الودّي)، وهنا، ستفرجون عمّا يحبسه جسدكم».

وجدتُ هذا النوع من تمارين التنفّس مفيداً جداً في هذا الوقت. على سبيل المثال، كنتُ عالقةً في زحمة الأعياد داخل سيّارتي في ذلك اليوم، ولاحظتُ أنّ يديّ متوتّرتان وأنا ممسكة بعجلة القيادة. عند إحدى الإشارات، طبّقت تقنية «التنفس 4-7-8»، فذهب عنّي القلق.

يشرح كادي أنّ «الدماغ يبقي صاحبه عالقاً في قصّة معيّنة، كالضجيج والزحمة المسببان للتوتر في الأعياد»، مشيراً إلى أنّ «بضع جولات من التنفّس الواعي كفيلة بمعالجة هذا الأمر».

* «تنفس 8-8-8-8»: من التقنيات الأخرى التي يوصي بها كادي ما تُعرف بتقنية «تنفّس 8-8-8-8» الشبيهة بـ«تنفّس الصندوق»، والتي تستخدم التنفّس المتناسق. لتطبيقها؛ اشهقوا من الأنف؛ احبسوا النفس، ومن ثمّ ازفروا من الفم، وبعدها احبسوا النفس، مع العدّ حتّى 8 في كلّ مرّة.

ويشرح كادي: «خذوا أعمق نفس تأخذونه طوال اليوم؛ لأنّه سيمنحكم حالة نفسية فريدة. بعدها؛ احبسوا نفسكم في القمّة واستشعروا نبض القلب. يمكنكم أيضاً وضع أطراف أصابعكم بعضها على بعض لتشعروا بنبض القلب عبرها».

لاحظ كيف سيتغيّر نبض قلبك عندما تأخذ نفساً كاملاً من رئتيك، ومرّة أخرى عندما تُفرغ الرئتين. كرّر التقنية 3 مرّات على الأقلّ.

يقول كادي إنّ «ما يحدث؛ خصوصاً عندما تحبسون أنفاسكم في نهاية الزفير، يضع أجهزتكم العصبية أمام تحوّل شديد القوّة، ويُدخل أجسادكم في وضع حيث لا يهمّها شيء أكثر من الحصول على النفس التّالي. تُدخل هذه الحيلة (أجهزتكم العصبية الودّية) فوراً في حالة الراحة والهضم؛ لأنّها تعيد ضبط نبض القلب في وضع من التناسق مع الجسم والدماغ».

يضعكم استخدام مقاربة «تنفس 8-8-8-8» في مكان يجعلكم تعيدون ترتيب أولوياتكم بالكامل، فتحصلون على الراحة من الانزعاج.

التخلص من التوتر

يعدّ كادي أنّ «هذا الأمر منطقي بأشكالٍ عدّة. يجبركم عددٌ من وضعيات اليوغا على إدخال أنفسكم في أوضاع غير مريحة حتّى تتمكّنوا من تطبيق تلك المهارة في مجالات أخرى في حياتكم. الأمر نفسه يحصل عندما تجلسون برئتين فارغتين».

هذا النوع من التنفس كان الأقلّ تفضيلاً بالنسبة إليّ؛ لأنّني شعرتُ أنّ الشهيق بطيءٌ جداً لا سيّما بعد حبس نفسي على رئتين فارغتين مع العدّ حتّى 8. ومع ذلك، لا بدّ من الاعتراف بأنّني استعطتُ التخلّص من التوتر بجولة واحدة من هذه التقنية.

سواء أقرّرتم الاعتماد على ملاحظة التنفّس البسيطة، أم استخدام تقنيات التنفّس المذكورة أعلاه، فإننا نؤكّد لكم أنّ ضبط التنفس أداة فعّالة يمكنكم استخدامها في أيّ زمان ومكان.

وأخيراً؛ يختم كادي قائلاً: «إنّها طاقة مجّانية؛ إنّه الهواء. في تقنية الأنفاس الثلاثة المذكورة أعلاه، لاحظوا: كيف تتنفّسون... كيف تؤثر طريقة تنفسّكم على شعوركم... كيف يؤثر شعوركم على طريقة تفكيركم... كيف تؤثر طريقة تفكيركم على ما تفعلونه، وأخيراً؛ كيف يؤثر ما تفعلونه على طريقة تنفّسكم... كلّ شيء يبدأ بالنفس».

* مجلّة «فاست كومباني»

ـ خدمات «تريبيون ميديا»



«متلازمة الفم الحارق»: الأسباب والعلاج

«متلازمة الفم الحارق»: الأسباب والعلاج
TT

«متلازمة الفم الحارق»: الأسباب والعلاج

«متلازمة الفم الحارق»: الأسباب والعلاج

تُعدّ متلازمة الفم الحارق من الحالات الطبية الغامضة والمعقدة التي تُسبب إحساساً بالحرقان والألم في الفم وتغييراً في طعم الفم وخدراً في اللسان، بالإضافة إلى جفاف الفم، وقد تؤثر بشكل كبير على جودة حياة المصابين بها.

تُعرف هذه المتلازمة أيضاً بأسماء أخرى مثل «حرقة اللسان» أو «حرقة الشفاه»، وغالباً ما تكون الأسباب الدقيقة وراءها غير واضحة. وتشير أغلب الإحصائيات إلى أن معدل الإصابة بهذه المتلازمة يصل إلى ما بين 1 و15 في المائة بين السكان. كما تصيب هذه المتلازمة النساء أكثر من الرجال ويلعب العمر دوراً مهماً، حيث تكثر معدلات الإصابة بعد عمر الخمسين عاماً.

أسباب الفم الحارق

هناك أسباب محتملة عدة لمتلازمة الفم الحارق، التي يمكن تقسيمها إلى فئات رئيسية:

- الأسباب العصبية: قد تكون ناجمة عن تلف في الأعصاب التي تنقل الإحساس من الفم إلى الدماغ. ويُعتقد أن التغيرات في الجهاز العصبي المركزي والمحيطي تلعب دوراً كبيراً في ظهور الأعراض.

- الاضطرابات الهرمونية تشمل تغيرات هرمونية مثل انخفاض مستويات هرمون الاستروجين لدى النساء بعد انقطاع الطمث؛ ما يمكن أن يؤثر على صحة الفم.

- الالتهابات: يمكن لبعض الالتهابات الفطرية أو البكتيرية أن تُسبب أعراضاً مشابهة لمتلازمة الفم الحارق. وعلى سبيل المثال، فإن العدوى الفطرية مثل الكانديدا قد تكون سبباً محتملاً.

- العوامل النفسية: يلعب القلق والاكتئاب دوراً مهماً في زيادة شدة الأعراض، حيث يمكن أن تزيد هذه الحالات النفسية من التوتر العصبي وتفاقم الإحساس بالألم.

- نقص التغذية: يمكن أن يؤدي نقص فيتامين بي12 B12 أو الحديد إلى ظهور الأعراض. إذ إن الفيتامينات والمعادن (خصوصاً الزنك والحديد) ضرورية لصحة الأعصاب والأنسجة الفموية.

الأعراض والعلاج

تتميز متلازمة الفم الحارق بمجموعة من الأعراض التي قد تختلف في شدتها من شخص إلى آخر، وتشمل:

- الإحساس بالحرقان أو الوخز في اللسان أو الشفتين أو الحنك، الذي قد يكون مستمراً أو متقطعاً.

- جفاف الفم وزيادة العطش؛ مما يزيد من الإحساس بعدم الراحة.

- التغير في حاسة التذوق، مثل الطعم المعدني أو المر في الفم، الذي يمكن أن يؤثر على الشهية وتناول الطعام.

- الصعوبة في تناول الطعام أو التحدث بسبب الألم؛ مما يؤثر على الحياة اليومية والتفاعل الاجتماعي.

- الشعور بالخدر والتنميل في اللسان وقد تتغير أماكن الخدر من أسبوع إلى آخر.

أما العلاج، فيتطلب نهجاً متعدد الأوجه يشمل أساليب عدة:

- العلاج الدوائي: يشمل استخدام مسكنات الألم، مضادات الاكتئاب، أو أدوية أخرى تهدف إلى تخفيف الأعراض العصبية. يُمكن أن تُستخدم مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة أو مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورأدرينالين.

- العلاج السلوكي: يهدف إلى مساعدة المرضى في إدارة القلق أو الاكتئاب المرتبط بالأعراض، وذلك من خلال تقنيات مثل العلاج السلوكي المعرفي.

- التعديلات الغذائية: يُمكن أن تُساعد مكملات غذائية مثل فيتامين بي12 أو الحديد في تعويض النقص الغذائي وتحسين الأعراض. يُنصح باتباع نظام غذائي متوازن وصحي. وقد أثبتت دراسة من معهد ايستمان لطب الأسنان نُشرت في عام 2023 في مجلة «طب الأسنان» البريطانية، أن تناول الزنك بصفته مكملاً غذائياً يومياً يمكن أن يخفف كثيراً من أعراض هذه المتلازمة.

- العلاجات البديلة: تشمل تقنيات مثل العلاج بالإبر الصينية أو العلاج بالروائح، التي يُمكن أن تُساهم في تخفيف الألم وتحسين حالة المريض العامة.

وتعدّ متلازمة الفم الحارق تحدياً طبياً للعديد من الأطباء والمرضى بسبب غموض أسبابها وتنوع أعراضها. لكن من خلال الفهم العميق للأسباب المحتملة واتباع نهج علاج متكامل يشمل العلاجات الدوائية والسلوكية والغذائية، يمكن تحسين جودة حياة المصابين بشكل كبير. علاوة على ذلك، يُظهر الذكاء الاصطناعي إمكانيات واعدة في تحسين دقة التشخيص وتطوير خطط علاج مخصصة؛ ما يمنح الأمل في تحقيق نتائج أفضل للمصابين بهذه المتلازمة الغامضة.