محاذير استخدام التلاميذ «تشات جي بي تي» في الواجبات المدرسية

نصائح للآباء والأمهات حول التعامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي

محاذير استخدام التلاميذ «تشات جي بي تي» في الواجبات المدرسية
TT

محاذير استخدام التلاميذ «تشات جي بي تي» في الواجبات المدرسية

محاذير استخدام التلاميذ «تشات جي بي تي» في الواجبات المدرسية

تقوم تطبيقات الذكاء الاصطناعي بأمورٍ رائعة، ولكنّها في الوقت نفسه قد تقود الأولاد إلى كثير من المتاعب، لا سيّما أنّ معظم الطلبة الصغار باتوا يستخدمونها.

لا داعي لأن تكونوا خبراء في الذكاء الاصطناعي لتتحدّثوا مع أولادكم عنه، كما يقول جيفري إي. فاولر المحلل التقني الأميركي، إذ كشفت مراجعات أخيرة بعض الحقائق غير المريحة عن وضع الذكاء الاصطناعي الحالي.

الذكاء الاصطناعي والعائلات

لمساعدة العائلات في خوض المحادثة الصحيحة في هذا الموضوع، أورد المحلل رأي الخبيرة ترايسي بيتزو فراي من مجموعة «كومن سينس» المعنية بشؤون العائلة.

تشعر فراي وفريقها، كأيّ أب وأمّ، بالقلق من التأثير السلبي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأولاد، واستباحتها خصوصيتهم، وشحنها للتنمّر، خصوصاً بعد النتائج الصادمة التي حصل فريقها عليها بعد تقييمه «تشات جي بي تي (ChatGPT)»، الروبوت الشهير الذي يمكنكم سؤاله عن أيّ شيء، والذي حصل على تقييم 3 نجوم من أصل 5، (حصل تطبيق «ماي إي آي (My AI)» من «سنابشات» على نجمتين فقط).

شيءٌ أساسي على الأهل جميعاً معرفته: يستخدم اليافعون الذكاء الاصطناعي لأنّهم يرونه كالسحر، فقد صرّح ثلثا المراهقين الأميركيين أنّهم سمعوا عن «تشات جي بي تي». وأظهرت بيانات حديثة من مركز بيو للأبحاث أنّ واحداً من كلّ 5 مراهقين يستخدمه في الفروض المدرسية.

يشكل الأولاد هدفاً سوقياً ترويجياً لشركات الذكاء الاصطناعي، رغم أنّ كثيراً منها تصف منتجاتها بأنها قيد التطوير. أعلنت شركة «غوغل» هذا الأسبوع عن إطلاق إصدار تجريبي خاص بالمراهقين من روبوت المحادثة «بارد». وتجدر الإشارة إلى أنّ استخدام الأولاد «تشات جي بي تي» يحتاج إلى إذن من الأهل، لكن الصغار يتحايلون على هذا الأمر بالنقر على «تابع».

إجابات خطأ وحماية قليلة

المشكلة في الحقيقة هي أنّ الذكاء الاصطناعي ليس سحراً، إذ إنّ تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي المنتشرة اليوم تنطوي على محدوديات كثيرة، وتحتوي على إجراءات حماية غير كافية للأولاد. تتعدّد مشكلات هذه التطبيقات، وغالباً ما تكون سخيفة، كصناعة صور لأشخاص بأصابع إضافية، إلّا أنّ بعضها قد يكون خطيراً جداً.

وقد تبيّن في اختباراتنا أن بعض هذه التطبيقات يعطي إجابات خطأً، ويروّج لأفكار مختلّة كمدح الاضطرابات الغذائية. ورأينا ذكاءً صناعياً يدّعي أنّه صديق، ويعطي نصائح مريعة، ولاحظنا بساطة صناعة الذكاء الاصطناعي صوراً مزيّفة يمكن استخدامها للتضليل أو التنمّر، ورأينا أيضاً معلّمين يسيئون فهم الذكاء الاصطناعي، ويتّهمون الطلّاب خطأً باستخدامه للغشّ.

ورأت فراي أنّ «التحدّث مع الأولاد عن هذه الأمور مهمّ جداً لمساعدتهم في فهم محدودية هذه الأدوات، حتّى لو بدت لهم سحرية، مع أنّها ليست كذلك».

الأكيد أنّ الذكاء الاصطناعي باقٍ ولن يذهب إلى أي مكان، وهذا يعني أن منع استخدامه لن يحضّر الشباب لمستقبل سيحتاجون فيه إلى إتقان استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للعمل.

3 دروس للآباء والأمهات

نستعرض لكم في اللائحة التالية الدروس التي يجب على الأهل معرفتها عن الذكاء الاصطناعي حتّى يتمكّنوا من التحدّث عنه مع أولادهم بطريقة مفيدة:

1. الذكاء الاصطناعي مفيد للخيال وليس للحقائق. الحقيقة الصعبة: لا يمكنكم الاعتماد على روبوتات المحادثة الواسعة المعرفة للقيام بالأمور بالطريقة الصحيحة.

ولكن ماذا عن كلّ المرّات التي يصيب فيها «تشات جي بي تي» و«بارد»؟ تشرح فراي أنّ «دقّة هذه الروبوتات تعود ببساطة لكميّة البيانات الهائلة التي استخدمت في تدريبها، إلّا أنّ تصميم هذه الأدوات في الواقع لا يضمّ مراجعة للحقيقة والدقّة».

نصيحة للآباء: الذكاء الاصطناعي مفيد للخيال وليس للحقائق

توجد أمثلة لا تُعدّ ولا تُحصى عن الأخطاء الفاضحة التي ترتكبها هذه الروبوتات، وهذا هو سبب حصولها على تصنيفات أقلّ من متوسطة من جمعية «كومن سينس». عملياً، يعد الذكاء الاصطناعي التوليدي مجرّد أداة تتوقع الكلمات في محاولة إنهاء الجمل بناءً على أنماط رأتها في بيانات تدريبها.

وكان متحدّث من «أوبن إي آي»، الشركة المطوّرة لـ«تشات جي بي تي»، قد قال: «حرصنا على أن يُنتج (جي بي تي -4)، الذي يشغّل (تشات جي بي تي)، إجابات مبنية على حقائق. تُظهر التقييمات المستقلّة أنّ نسبة دقّة (جي بي تي -4) تصل إلى 97 في المائة). ومن جهتها، قالت شركة «غوغل» إنّ مراجعة «كومن سينس» «فشلت في أخذ عناصر الحماية والمزايا التي ضمنّاها في تصميم (بارد) في الحسبان».

نفهم أنّ كثيراً من الطلّاب يستخدمون «تشات جي بي تي» بوصفه أداة مساعدة في فروضهم لإعادة صياغة مادّة معقّدة بلغة يستطيعون فهمها بشكلٍ أفضل، ولكنّ فراي توصي الطلّاب بالتحقّق من دقّة أيّ شيء سيستخدمونه في واجب أو قد يُسألون عنه في اختبار.

ومع ذلك، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي لا تعاني من مشكلات الدقّة هذه، حيث إنّ بعضها يتمتّع بالموثوقية؛ لأنّه لا يستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل روبوتات المحادثة، وصُمّم بطرائق تقلّل المخاطر، مثل أداتي التعلّم الخاص «إلّو» و«كايرون» اللتين حصلتا على أعلى النتائج في مراجعات «كومن سينس».

علاوةً على ذلك، يمكن استعمال الذكاء الاصطناعي التوليدي المتعدّد الاستخدامات مثل أداة ابتكار رائعة للشحذ الذهني وابتداع الأفكار.

ذكاء وصداقة وانحياز

2. الذكاء الاصطناعي ليس صديقاً. قد تتعامل معكم تطبيقات الذكاء الاصطناعي على أنّها صديق، ولكنّ الأمر ليس حقيقياً. فعلى الرغم ممّا شاهدناه في إنتاجات الخيال العلمي، فإن الذكاء الاصطناعي ليس حتّى قريباً من الحياة، ولا يميّز الصحيح من الخطأ، وهذا يعني أنّ التعامل معه على أنّه «شخص» قد يضرّ بالأولاد ونموّهم العاطفي.

تزداد التقارير التي تتحدّث عن استخدام الأطفال الذكاء الاصطناعي في التخالط الاجتماعي، والأشخاص الذين يتحدّثون مع «تشات جي بي تي» ساعات.

تسعى الشركات بشكلٍ مستمرّ لتطوير أصدقاء مدعومين بالذكاء الاصطناعي مثل روبوتات المحادثة الجديدة من «ميتا» التي يرتكز تصميمها على مشاهير مثل كيندال جينر وتوم برايدي. وبدوره، يملك روبوت «ماي إي آي» من «سنابشات» صفحته الشخصية الخاصة، ويقبع في لائحة أصدقائكم، ويبدي استعداده الدائم للمحادثة حتّى عندما لا يكون الأصدقاء البشر مستعدّين.

تعد فراي هذا الأمر «مضراً جداً خصوصاً للعقول السريعة والسهلة التأثّر».

تصميم هذه الأدوات الذكية لا يتضمن مراجعة للحقيقة والدقّة

الجزء الآخر من المشكلة: لا يزال الذكاء الاصطناعي سيئاً جداً في فهم السياق الكامل الذي يفهمه الصديق البشري.

3. الذكاء الاصطناعي والانحياز الخفيّ. مع اتساع مساحتها في حياتنا، تجلب تطبيقات الذكاء الاصطناعي والوسائط معها كثيراً من القيم الخفيّة، وغالباً ما تشمل العنصرية، والتحيّز الجنسي، وغيرها من أنواع التمييز.

وجد مراجعو «كومن سينس» انحيازاً واضحاً في روبوتات المحادثة. ففي إحدى إجاباته، قال «ماي إي آي» إنّ الأشخاص الذين يحملون أسماءً أنثوية نمطية لا يمكن أن يعملوا مهندسين، «ولا يبرعون فعلاً في الأمور التقنية»، ولكنّ الأمثلة الأكثر استفزازاً ظهرت في تطبيقات تحويل النص إلى صورة؛ فعندما طُلب من تطبيق «ستيبل ديفيوجن» صناعة صور «لرجل أبيض فقير»، أصرّ على توليد صورٍ لرجال سود البشرة.

تشدّد فراي على أنّ «فهم قدرة هذه الأدوات على تشكيل صورة أولادنا عن العالم ضروريّ جداً؛ لأنّها جزء من المعزوفة المتكرّرة التي ترى (مهندسي البرمجة) رجالًا، أو (الشخص الجذّاب) على أنّه أبيض البشرة وامرأة».

تكمن المشكلة الحقيقية هنا في شيء لا يستطيع المستخدم رؤيته: الطريقة التي دُرّب بها الذكاء الاصطناعي. فإذا التهمت هذه الأدوات معلومات من جميع زوايا الإنترنت من دون حكمٍ بشريّ وافٍ، سينتهي بها الأمر «بتعلّم» أمورٍ مضطربة حقاً من زوايا الشبكة السوداء التي يجب ألّا يصل إليها الأولاد.

تحاول غالبية تطبيقات الذكاء الاصطناعي التعامل مع الانحياز غير المرغوب بوضع أنظمة تصحّح مخرجاتها بمنع كلمات أو صورٍ محدّدة، ولكنّ فراي تصف هذه الحلول «بالضمادّات»؛ لأنّ استخدامها غالباً ما يفشل في العالم الحقيقي.


مقالات ذات صلة

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

إطلاق أكبر مشروع للأمن الرقمي بتاريخ البشرية لمواجهة أكثر من 7000 هجمة في الثانية.

خلدون غسان سعيد (جدة)
الاقتصاد علم شركة «إنفيديا» على الحرم الجامعي في سانتا كلارا بكاليفورنيا (إ.ب.أ)

بالأرقام... كيف أصبحت «إنفيديا» الشركة الأكثر قيمة في العالم؟

حققت «إنفيديا» مرة أخرى نتائج ربع سنوية تجاوزت توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

جدل أخلاقي حول «تحرير الجينوم البشري» لإنجاب أطفال معدّلين وراثياً

gettyimages
gettyimages
TT

جدل أخلاقي حول «تحرير الجينوم البشري» لإنجاب أطفال معدّلين وراثياً

gettyimages
gettyimages

أثار التغيير الأخير في إرشادات البحث الصحي الوطنية بجنوب أفريقيا الذي صدر في مايو (أيار) 2024 موجة من الجدل الأخلاقي، إذ يبدو أنه يفتح الطريق أمام استخدام تقنية تحرير الجينوم لإنجاب أطفال معدلين وراثياً مما يجعل جنوب أفريقيا أول دولة تتبنى هذ ا التوجه بشكل علني.

القصّ الجيني

ويعود السبب في الخلاف الحاد حول تحرير الجينوم البشري الوراثي (الفصّ الجيني) إلى تأثيراته الاجتماعية وإمكانياته المتعلقة بالانتقاء الجيني، ويعدُّ هذا التوجه مثيراً للاستغراب نظراً للمخاطر العالية التي تحيط بهذه التقنية.

وقد لفتت الانتباه إلى أن جنوب أفريقيا بصدد تسهيل هذا النوع من الأبحاث، كما ذكرت كاتي هاسون المديرة المساعدة في مركز علم الوراثة والمجتمع المشاركة في تأليف مقالة نشرت في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 في مجلة The Conversation.

وكان عام 2018 شهد قضية عالم صيني قام بتعديل جينات أطفال باستخدام تقنية «كريسبر» CRISPR لحمايتهم من فيروس نقص المناعة البشرية، مما أثار استنكاراً عالمياً وانتقادات من العلماء والمجتمع الدولي الذين رأوا أن هذا الاستخدام غير مبرر. وانتقد البعض سرية الطريقة، في حين شدد آخرون على ضرورة توفير رقابة عامة صارمة حول هذه التقنية ذات الأثر الاجتماعي الكبير.

معايير جديدة

ومع ذلك يبدو أن جنوب أفريقيا قد عدلت توجيهاتها للأبحاث في الصحة لتشمل معايير محددة لأبحاث تحرير الجينوم الوراثي لكنها تفتقر إلى قواعد صارمة تتعلق بالموافقة المجتمعية رغم أن التوجيهات تنص على ضرورة تبرير البحث من الناحية العلمية والطبية مع وضع ضوابط أخلاقية صارمة وضمان السلامة والفعالية. إلا أن هذه المعايير ما زالت أقل تشدداً من توصيات منظمة الصحة العالمية.

* التوافق مع القانون. وتأتي هذه الخطوة وسط انقسام في القانون بجنوب أفريقيا حيث يحظر قانون الصحة الوطني لعام 2004 التلاعب بالمواد الوراثية في الأجنة لأغراض الاستنساخ البشري. ورغم أن القانون لا يذكر تقنيات تعديل الجينات الحديثة مثل «كريسبر» فإن نصوصه تشمل منع تعديل المادة الوراثية البشرية ما يُلقي بتساؤلات حول التوافق بين القانون والتوجيهات الأخلاقية.

* المخاوف الأخلاقية. ويثير هذا التطور مخاوف واسعة بما في ذلك تأثيرات تقنية كريسبر على النساء والآباء المستقبليين والأطفال والمجتمع والنظام الجيني البشري ككل. وأثيرت تساؤلات حول إمكانية أن تكون جنوب أفريقيا مهيأة لاستقطاب «سياحة علمية»، حيث قد تنجذب مختبرات علمية من دول أخرى للاستفادة من قوانينها الميسرة.

استخدام تقنية «كريسبر»

وفي سابقة هي الأولى من نوعها في العالم وافقت الجهات التنظيمية الطبية في المملكة المتحدة العام الماضي على علاج جيني لاضطرابين في الدم.

ويعد علاج مرض «فقر الدم المنجلي» و«بيتا ثلاسيميا» أول علاج يتم ترخيصه باستخدام أداة تحرير الجينات المعروفة باسم كريسبر. ويعد هذا تقدماً ثورياً لعلاج حالتين وراثيتين في الدم وكلاهما ناتج عن أخطاء في جين الهيموغلوبين، حيث ينتج الأشخاص المصابون بمرض فقر الدم المنجلي خلايا دم حمراء ذات شكل غير عادي يمكن أن تسبب مشكلات لأنها لا تعيش طويلاً مثل خلايا الدم السليمة، ويمكن أن تسد الأوعية الدموية مما يسبب الألم والالتهابات التي تهدد الحياة.

وفي حالة المصابين ببيتا ثلاسيميا فإنهم لا ينتجون ما يكفي من الهيموغلوبين الذي تستخدمه خلايا الدم الحمراء لحمل الأكسجين في جميع أنحاء الجسم، وغالباً ما يحتاج مرضى بيتا ثلاسيميا إلى نقل دم كل بضعة أسابيع طوال حياتهم

علاج واعد لاضطرابات الدم

الموافقة عليه أخيراً في المملكة المتحدة على تحرير الجينات باستخدام طريقة مطورة من تقنية «كريسبر - كاس 9» CRISPR - Cas 9 لعلاج مرض فقر الدم المنجلي ومرض بيتا ثلاسيميا، من خلال تعديل الحمض النووي «دي إن إيه» بدقة حيث يتم أخذ الخلايا الجذعية من نخاع العظم وهي الخلايا المكونة للدم في الجسم من دم المريض.

ويتم تحرير الجينات باستخدام مقصات «كريسبر» الجزيئية بإجراء قطع دقيقة في الحمض النووي لهذه الخلايا المستخرجة واستهداف الجين المعيب المسؤول عن إنتاج الهيموغلوبين المعيب. ويؤدي هذا إلى تعطيل «الجين - المشكلة» وإزالة مصدر الاضطراب بشكل فعال ثم يعاد إدخال الخلايا المعدلة إلى مجرى دم المريض. ومع اندماج هذه الخلايا الجذعية المعدلة في نخاع العظم تبدأ في إنتاج خلايا الدم الحمراء الصحية القادرة على العمل بشكل طبيعي حيث يصبح الجسم الآن قادراً على توليد الهيموغلوبين المناسب.

وقد أظهرت هذه العملية نتائج واعدة في التجارب السريرية فقد تم تخفيف الألم الشديد لدى جميع مرضى فقر الدم المنجلي تقريباً (28 من 29 مريضاً) ولم يعد 93 في المائة من مرضى ثلاسيميا بيتا (39 من 42 مريضاً) بحاجة إلى نقل الدم لمدة عام على الأقل. ويشعر الخبراء بالتفاؤل بأن هذا قد يوفرعلاجاً طويل الأمد وربما مدى الحياة.

ويقود البروفسور جوسو دي لا فوينتي من مؤسسة إمبريال كوليدج للرعاية الصحية التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية، التجارب في المملكة المتحدة لهذا العلاج لكل من البالغين والأطفال، ويصفه بأنه اختراق تحويلي مع وجود نحو 15 ألف شخص في المملكة المتحدة مصابين بمرض فقر الدم المنجلي ونحو ألف مصابين بالثلاسيميا، إذ يمكن أن يحسن «كاسجيفي» نوعية الحياة بشكل كبير، وخاصة بالنسبة لأولئك الذين يواجهون نطاق علاج محدود.

وتُعد «كريسبر - كاس 9» واحدة من الابتكارات الرائدة التي أحدثت تحولاً في الأبحاث الطبية والأدوية رغم أن استخدامها يثير جدلاً أخلاقياً، نظراً لاحتمالية تأثير تعديل الجينات على الأجيال المقبلة. وقد مُنحت جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2020 لجنيفر دودنا وإيمانويل شاربنتييه لمساهمتهما الأساسية في اكتشاف طريقة فعالة لتحرير الجينات، أي التدخل الدقيق الذي يسمح بإدخال التعديلات المطلوبة داخل الحمض النووي بطريقة بسيطة بكفاءة وسريعة واقتصادية.