منصة عائمة لبكتيريا تتخلص من السموم البيئية

نظام مبتكر لتنظيف المحيطات

منصة عائمة لبكتيريا تتخلص من السموم البيئية
TT

منصة عائمة لبكتيريا تتخلص من السموم البيئية

منصة عائمة لبكتيريا تتخلص من السموم البيئية

طوّر طلّاب في «جامعة هارفارد» الأميركية منصّة «تينا» المطبوعة بالأبعاد الثلاثية؛ لإزالة المعادن الثقيلة من البيئات الملوّثة.

بكتيريا تزيل السموم

في إطار برنامج «هارفارد» للماجستير في هندسة التصميم، تعاون رياض الصوفي مع زميلته كوني وانغ؛ لتطوير تصميمٍ بتقنية متواضعة يستكشف إمكانات المعالجة الحيوية، وهي عبارة عن عملية عضوية تعمل فيها المادّة الحيّة كالبكتيريا على التخلّص من السموم، وتفكيكها في البيئة المحيطة بشكلٍ طبيعي.

والمعروف أن التنقيب، وبقايا المبيدات الحشرية، والتلوّث الاصطناعي، تساهم في تلويث نحو 40 في المائة من البحيرات والأنهار حول العالم، دون أن ننسى أنّ التغيّر المناخي يُفاقم هذه الظاهرة.

وجاءت نتيجة جهود الفريق مؤخراً على شكل «تينا» TINA، منصّة خاصة لبكتيريا «بـ. بوتيدا» P. Putida (نوع من البكتيريا تتبع جنس الزائفة من فصيلة الزوائف)، حيث تنمو في ظروف مختبرية تحاكي مصبّ النهر، بفضل عيّنات المياه الحقيقية التي أُخذت من شاطئي «رومني مارش» و«ريفيري» في ماساتشوستس.

تستطيع هذه البكتيريا سحب المنغنيز من أيّ بيئة، وفصل المعدن بواسطة مرشح، ليُسحب لاحقاً ويُعاد تصميمه واستخدامه في بطاريات الأيون ليثيوم.

منصة عائمة للبكتيريا والنباتات

تتخذ «تينا» شكل الجزيرة العائمة، وتستقرّ أعلاها نباتات محليّة غير دخيلة، بعضها لا يشارك في عمليّة المعالجة الحيوية فحسب، بل يعيش في حالٍ من التكافل مع «بـ. بوتيدا».

وجدت إحدى الأوراق البحثية أنّ البكتيريا المذكورة، قوّت نبتة أرُز من نوع «أوريزا ساتيفا» بحمايتها من الأمراض الشائعة. تعيش «بـ. بوتيدا» في داخل المنصّة، حيث تنمو على ستار مصنوع من أسطح دورية ثلاثية مطبوعة. قد يبدو لكم الاسم معقّداً بعض الشيء، إلّا أنّ هذه الهياكل مهمّتها الأساسية تقليص مساحة السطح لبقعة معيّنة، ما يعزّز ازدهار البكتيريا وإنتاجها لغشاء بيولوجي رقيق.

تقول وانغ: «لقد تعلّمنا أنّ البكتيريا تحبّ النموّ في المساحات المسطّحة والطولية، وليس في الحوافّ والزوايا»، شارحةً أنّ هذه الهياكل كانت ضرورية جداً لتعزيز نمو «بـ. بوتيدا» في الوقت القصير الذي كانت تملكه وفريقها للاختبار.

بعدها، يسحب الغشاء الذي أنتجته «بـ. بوتيدا» المنغنيز من بيئته عن طريق الشفط، بعد استنفاد الغشاء البيولوجي للمساحة المتوفرة على الستار؛ ولحماية باقي المخلوقات البحرية من استهلاك الطحالب المتراكمة بفعل البكتيريا، وما تحتويه من تركيزات عالية ومضرّة من المعادن، استخدم الباحثون شبكات تحيط بالستار المطبوع.

وأوضح الفريق المطور لـ«تينا» أنّ الجهاز جاء ببساطة؛ ليسهّل عملية تحصل في الطبيعة أصلاً.

تصميم مبتكر

من جهته، قال أحد الباحثين المشاركين في الدراسة: «بالنسبة لنا، لم يكن الأمر مجرّد تفكير فيما سنستخدمه في التصميم الذي نبتكره، بل أيضاً في كيفية استخدام هذه الأنظمة الطبيعية القائمة أصلاً، وتسخيرها بطريقة تجعلها تعمل بشكلٍ توليدي».

وتجدر الإشارة إلى أنّ أعضاء الفريق ليسوا علماء، بل تعاونوا مع فريق من موظفي المختبر البيئي في «جامعة هارفارد» لتعلّم وسائل علمية عادية تتناسب مع وقت تجربتهم الضيّق؛ ولهذا السبب، اختُبرت منصّة «تينا» «بعقلية تركّز أكثر على المنتج والتقنية، حيث يُفضّل أن تكون محقاً بعض الشيء على أن تكون مخطئاً بالكامل»، على حدّ تعبير وانغ.

وقد أراد الفريق نتائج ملموسة لتقديمها، في نهاية فترة مشروعهم التي حصلوا خلالها على 12 أسبوعاً فقط، لقياس فعالية «تينا». أقرّ الباحثون المشاركون بأنّ أجزاء من العملية، وتحديداً الجزء المتعلّق بسحب المعدن من البيئة، ستخضع إلى مزيد من الاختبار، إلّا أنّهم شدّدوا أيضاً على أنّ «تينا» استفادت من التعاطي معها على أنها مشروع تصميمي، وليس تجربة علمية.

وختمت وانغ: «نحن لا ننفي الحاجة إلى المسار العلمي؛ لأنّه ذو قيمة عالية، من دون شكّ، ولكن أعتقد أنّ مزيدا من المرونة، يضفي قيمة أكبر على أنواع معيّنة من التصميم أو المشاريع الهندسية».

وأخيراً، صحيحٌ أنّ «تينا» اختُبرت في بيئة مختبرية استخدمت نوعاً محدّداً من البكتيريا لسحب نوعٍ محدّد من المعدن من بيئة محدّدة، ولكنّ المنصّة نفسها مصمّمة للعمل حتّى بعد تعديل هذه المتغيّرات.

* «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

يوميات الشرق أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست» ببريطانيا، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزيرة البيئة الأوكرانية تلقي كلمة في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 29) في أذربيجان 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

أوكرانيا تُقدّر الضرر البيئي نتيجة الحرب بـ71 مليار دولار

قالت وزيرة البيئة الأوكرانية إن الضرر البيئي بسبب العمليات العسكرية جراء الغزو الروسي لأوكرانيا منذ فبراير 2022 يقدّر بـ71 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (كييف)
خاص قام أفراد المجتمع بزراعة أكثر من مليون شجيرة في متنزه ثادق السعودي لإصلاح الأراضي المتدهورة ومعالجة التصحر (برنامج الأمم المتحدة للبيئة)

خاص ثياو قبل «كوب 16»: العالم يحتاج 355 مليار دولار سنوياً لمكافحة التصحر

مع اقتراب انعقاد «كوب 16» يترقّب العالم خطوات حاسمة في معالجة أكبر التحديات البيئية التي تواجه كوكب الأرض.

آيات نور (الرياض)
بيئة ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية (أرشيفية - رويترز)

ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية يُهدد خطط المناخ

أظهرت أوراق بحثية أن الأراضي الرطبة الاستوائية حول العالم بات نبعث منها كميات من غاز الميثان أكبر من أي وقت مضى.

«الشرق الأوسط» (باكو)

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.