ثورة في تشخيص الملاريا باستخدام الذكاء الاصطناعي

مجهر يرصد طفيليات المرض ويعد كرات الدم البيضاء

 البروفسور سيد أحمد شريف محمود - مجهر مبتكر يعمل بالذكاء الاصطناعي (الشرق الأوسط)
البروفسور سيد أحمد شريف محمود - مجهر مبتكر يعمل بالذكاء الاصطناعي (الشرق الأوسط)
TT

ثورة في تشخيص الملاريا باستخدام الذكاء الاصطناعي

 البروفسور سيد أحمد شريف محمود - مجهر مبتكر يعمل بالذكاء الاصطناعي (الشرق الأوسط)
البروفسور سيد أحمد شريف محمود - مجهر مبتكر يعمل بالذكاء الاصطناعي (الشرق الأوسط)

في تطور رائد، كشف فريق من الباحثين اللامعين بجامعة شانتو في الصين، بقيادة البروفسور سيد أحمد شريف محمود، والبروفسور تشيانغ فانغ، من قسم الهندسة الطبية الحيوية، النقاب عن مجهر مبتكر يعمل بالذكاء الاصطناعي. ويرمي المجهر إلى إحداث تحول بمجال تشخيص الملاريا داخل المناطق التي تتسم بمحدودية الموارد في أفريقيا وآسيا.

وجدير بالذكر أن الأسلوب التقليدي لتشخيص الملاريا يتطلب خبراء مهرة لإجراء عد يدوي للطفيليات وخلايا الدم البيضاء، الأمر الذي لطالما شكل تحدياً داخل مثل هذه المناطق.

وحسبما ذكره البروفسور سيد أحمد شريف محمود في حديث مع «الشرق الأوسط»، يتيح المجهر المبتكر حديثاً والقائم على الذكاء الاصطناعي، حلاً ثورياً لهذه المشكلة. ومن خلال الاستعانة بقوة الهواتف الذكية، تعمل هذه التكنولوجيا المتطورة على دمج خوارزمية ترتبط بالوقت الفعلي، قادرة على رصد طفيليات الملاريا على نحو تلقائي، وعدّ كرات الدم البيضاء.

وقد نال هذا الإنجاز الرائد تقديراً واسع النطاق داخل المجتمع الأكاديمي؛ بلغ ذروته في قبول نشره بدورية الهندسة بمجالي الطب والأحياء، الصادرة عن معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات. ويشكل هذا الإنجاز قفزة كبرى نحو تشخيص يسير ودقيق للملاريا؛ خصوصاً داخل المناطق التي تعاني محدودية الموارد.

من جهته، أسهم البروفسور سيد أحمد شريف محمود، مدير شؤون التعاون الدولي بقسم الهندسة الطبية الحيوية، في جامعة شانتو، بثروة كبيرة من الخبرة في هذا المشروع. يحظى البروفسور بخبرة تتجاوز 20 عاماً بمجال الأبحاث الأكاديمية المعنية بتطوير الهندسة الكهربائية والإلكترونية والطبية الحيوية، وسبق له الإسهام بالفعل في مجالات متنوعة.

وأثمرت أبحاثه المبتكرة بمجال معالجة الإشارات لأغراض الهندسة الطبية الحيوية وبناء أجهزة استشعار بالألياف الضوئية، براءة اختراع صينية، بالإضافة إلى جوائز وطنية وإقليمية في الصين.

بجانب ذلك، تمخضت جهود البروفسور محمود الرائدة بمجال التعلم الآلي لأنظمة كشف التسلل المحيطي، عن 3 براءات اختراع دولية، مما عزز سمعته باعتباره رائداً في هذا المجال.

ويذكر أن البروفسور محمود (وهو من أصول سودانية)، شارك في كثير من المشروعات البحثية والأوراق العلمية والكتب، ونال كثيراً من براءات الاختراع، ما يؤكد التزامه بتعزيز المعرفة العلمية. كما شارك في هيئة تحرير دورية علوم الكومبيوتر (جيه إس سي)، ويتولى مراجعة كثير من الدوريات البارزة. إضافة لذلك، البروفسور محمود عضو بارز في معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات. ولا تزال إسهاماته مستمرة في صياغة المشهد العام للأبحاث والابتكارات المتطورة.

ويأتي ابتكار المجهر سالف الذكر المعتمد على الذكاء الاصطناعي، بمثابة شهادة على الإمكانات الكبرى الكامنة في هذه التكنولوجيا بمجال الرعاية الصحية. ومن خلال هذا الابتكار، يقود البروفسور محمود وفريقه ثورة بمجال تشخيص الملاريا، ويمهدون كذلك الطريق أمام مستقبل أكثر إشراقاً وصحة للمجتمعات التي تحتاج المساعدة.


مقالات ذات صلة

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

يوميات الشرق إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا  الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

طلبت الحكومة الأميركية، الأربعاء، من القضاء إجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»، في إجراء يهدف لمكافحة الممارسات الاحتكارية المتّهم بارتكابها عملاق التكنولوجيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك بهدف تكوين صورة بصرية ذات معنى لمشهد ما تقوم أعيننا بسلسلة من الحركات السريعة المنسقة (رويترز)

خلل بسيط في حركة العين قد يشير إلى إصابتك بألزهايمر

تبرز مؤخراً طريقة جديدة للكشف المبكر عن مرض ألزهايمر ترتبط بالاستماع إلى حركة عيون المرضى عبر ميكروفونات في آذانهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.